
الوحدة في الاختلاف والتعددية
"التعددية" كقيمة، وفي بُعدها الحقوقي والسياسي والاجتماعي، تعني "مشروعية التعدد"، أي حق الجميع في التعايش السلمي، والاختلاف الفكري والثقافي والعقائدي، والتعبير عن ذلك دون خوف من الآخر. أما نقيضها فهو الإقصاء، وجوهره رفض الآخر وتهميشه.
اضافة اعلان
هذا المفهوم، كما هو مُعرَّف، مكفول دستوريًا؛ حيث يضمن الدستور حقوق المواطنين في الاعتقاد والتعبير والمشاركة السياسية، ويعترف بالتنوع الثقافي والاجتماعي كجزء من الهوية الوطنية. لكن، على أرض الواقع، يتعرض هذا المفهوم للتأويل أو التوظيف السياسي، وأحيانا للتشويه المقصود، يقابله أيضا ضعف في "إدارة التعددية" من قبل صانع القرار في الدولة.
المؤسف حقا أن "التعددية" تُركت لفترة طويلة، من قبل الأطراف الفاعلة سياسيًا وحقوقيًا ومدنيًا في المجتمع، دون دفاع حقيقي ومبدئي عنها، في الوقت الذي أصرّت فيه القوى التقليدية على معاملة "التعددية" على أنها تهديد للأصالة والهوية الوطنية.
وللأمانة، فإن بعضًا من هذا التخوف مفهوم، ولم يأتِ من فراغ؛ بل تأثر بالموجات الأيديولوجية العالمية التي حاولت أسقاط مفاهيم مرتبطة بالتعددية على المجتمعات العربية، دون مراعاة للسياقات الدينية والثقافية والاجتماعية.
إلى جانب ذلك، لا شك أن التغيرات الإقليمية المتسارعة، ومخططات التهجير، ساهمت في خلق توتر واستنفار لدى العديد من التيارات الوطنية، تخوفًا على استقرار الثوابت أو محاولات المساس بالهوية الوطنية، والاستقرار السياسي للبلد.
كل هذه المخاوف، وإن كانت مشروعة، لا تبرر تأجيل فتح النقاش حول "التعددية"، بمفهومها الثقافي والسياسي والاجتماعي، وأهمية الدفاع عنها ورفض تغوّل أي تيار على الآخر، أو ممارسة الإقصاء داخل المجتمع، كواحدة من أهم مفاصل الإصلاح في الدولة.
ثقافيًا واجتماعيًا، الوصفة السحرية للدفاع عن الهوية الوطنية وتعزيز أصالتها موجودة أمامنا؛ فلا نحتاج أكثر من التشبث بإرثنا الثقافي والحضاري، واستثمار التنوع الثقافي والجغرافي والعرقي، للتأكيد على أصالة هويتنا الوطنية وامتدادها التاريخي وعمق جذورها في هذه المنطقة.
أما سياسيا، فلنعترف إننا كنا رهينة لاختزال مفهوم التنوع السياسي في ثنائية "إسلاميين" و"غير إسلاميين"، حيث أُبعِد مفهوم التعددية كمساحة شاملة للتوجهات السياسية المختلفة، واستمر الصراع في صورة مواجهة بين تيارات محافظة وإسلامية، دون أن تترك الساحة لتبلور مشروع وطني ديمقراطي واضح، يساهم في تعزيز مفهوم التعددية السياسية بالمعنى الواسع.
وإذا كنا نتحدث عن التعددية السياسية، فما الذي يمنع أن تنشط لدينا أحزاب خارج هذه الثنائية لملء الفراغ الموجود؟ كالأحزاب السياسية ذات القضية الواحدة (Single-Issue Parties)، التي تركز في برامجها السياسية على قضية محددة واحدة، تعتبرها محور نشاطها السياسي. لدينا في الأردن ما يكفي من القضايا الشائكة؛ كالدفاع عن الحريات، والبطالة، وشح المياه، وسوء التخطيط الحضري للمدن، والتغول على الأراضي الزراعية، والتعدي على الغابات، وتدني مستوى خدمات التعليم والصحة. هذه القضايا، رغم عدم تصدرها المشهد الأيديولوجي، تبقى ملفات ملحة تتطلب حضورا سياسيا حقيقيا يعبر عنها.
ضعف الإدارة المتعلق بالتعددية، أو غيابها في هذا التوقيت بالذات، وترك الفراغ الحاصل الذي ليفاقم التأويل والتوظيف، ويضعف فرص تبلور حياة سياسية قائمة على التنوع والاختلاف، لن يقتصر أثره على المشهد السياسي فحسب، بل سيمتد إلى البعد الثقافي والاجتماعي، مهددًا النسيج المجتمعي بتعميق الاستقطاب وتعزيز ثقافة الإقصاء، مما يجعل أي حديث عن الإصلاح خارج التاريخ.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 22 دقائق
- الغد
لا يليق بدولة عاقلة.. غولان يستنكر قتل أطفال غزة كهواية
استنكر زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي يائير غولان الممارسات التي ترتكبها بلاده خلال "الإبادة" بقطاع غزة، معتبرا أن الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية ولا تنتهج سياسة التهجير. اضافة اعلان تصريحات غولان جاءت خلال مقابلة أجرتها معه هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، وأثارت موجة انتقادات له من جانب أصوات في الحكومة والمعارضة. وقال غولان، وهو نائب أسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي: "الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها أهدافا مثل تهجير السكان". وأضاف محذرا: "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم. مثل جنوب إفريقيا في الماضي إذا لم تعد وتعمل كبلد عاقل". وانتقد غولان الحكومة الإسرائيلية، معتبرا أنها مليئة بأشخاص تتملكهم مشاعر الانتقام ولا أخلاق لديهم وهي عاجزة وتشكل خطرا على وجود إسرائيل. ويوم أمس دعا غولان إلى إنقاذ إسرائيل من الحكومة الحالية لأن ذلك بات "ضرورة ملحة". وبحسب غولان، فإن إسرائيل تتجه نحو العزلة والانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتفقد قدرتها على توفير الأمان لمواطنيها، مضيفا أن المنطقة تتقدم إلى الأمام، في حين تظل إسرائيل عالقة وتتحمل وحدها التبعات. وأضاف أنه قد حان الوقت لندافع عن قيمنا كدولة صهيونية ويهودية وديمقراطية. وبين أنه "يجب أن تنتهي الحرب ويعود المختطفون وتعود إسرائيل إلى وضعها الطبيعي". وهاجم زعيم حزب "الديمقراطيين" في إسرائيل وعضو الكنيست يائير جولان سياسة إسرائيل في قطاع غزة. وقال في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء، انه حذر من أن إسرائيل قد تشبه جنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري. وبحسب قوله، "إذا لم تعد إسرائيل إلى التصرف كدولة عاقلة، فإنها ستجد نفسها معزولة على الساحة الدولية". وأضاف جولان، أن الدولة العاقلة لا تتحرك ضد المدنيين ولا تقتل الأطفال الفلسطينيين من باب التهور ومن باب الهواية، ولا تضع لنفسها هدف ترحيل السكان. كما أضاف إن "الحكومة الإسرائيلية الحالية تتكون من أشخاص مدفوعين بالانتقام، ويفتقرون إلى الأخلاق ولا يملكون الأدوات اللازمة لإدارة حالة الطوارئ". وبين أن الجيش الإسرائيلي أخلاقي والشعب مستقيم والحكومة فاسدة.-(وكالات)


الغد
منذ 23 دقائق
- الغد
وزير خارجية فرنسا: باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين
أكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الثلاثاء، إن باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدا أن ذلك يصب في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. اضافة اعلان وقال بارو لإذاعة فرانس إنتر "لا يمكننا أن نترك لأطفال غزة إرثا من العنف والكراهية. لذلك، يجب أن يتوقف كل هذا، ولهذا السبب نحن عازمون على الاعتراف بدولة فلسطين". وأضاف "وأنا أعمل على هذا بفاعلية لأننا نريد المساهمة في التوصل إلى حل سياسي يصب في مصلحة الفلسطينيين ولكن أيضا في صالح أمن إسرائيل". من المتوقع أن تعلن فرنسا اعترافها بدولة فلسطين خلال المؤتمر الدولي الذي ترأسه مع السعودية لإحياء الحل السلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين، والذي سيعقد في الفترة من 17 إلى 20 حزيران المقبل. وأكد الوزير الفرنسي أن الوضع في غزة "لا يحتمل لأن العنف الأعمى ومنع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية حوَّل غزة إلى مكان يحتضر فيه الناس حتى لا نقول إلى مقبرة... هذا انتهاك بالمطلق لكل قواعد القانون الدولي... وهذا يتعارض مع أمن إسرائيل الذي تحرص عليه فرنسا، لأن من يزرع العنف يحصد العنف". وكرر الوزير دعوة إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية "بكميات كبيرة" ومن "دون عوائق". من جانبه، قال رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسل للإذاعة نفسها إن الحزب "سيستقبل وفدا كبيرا من منظمة التحرير الفلسطينية في الرابع من حزيران لإطلاق حملة أوروبية للاعتراف بدولة فلسطين". وافقت إسرائيل على إدخال كمية محدودة من المساعدات الإنسانية بعد أكثر من شهرين ونصف من الحصار الكامل على القطاع الذي يواجه وضعا إنسانيا كارثيا، فيما يشن جيشها هجوما واسع النطاق قال؛ إن هدفه السيطرة على غزة والقضاء على حماس واستعادة المحتجزين. أ ف ب


رؤيا نيوز
منذ 37 دقائق
- رؤيا نيوز
الخلايلة لبعثة الحج الإعلامية: نريد نقل قيم المحبة التي يحملها الحاج الأردني
التقى وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الدكتور محمد الخلايلة، اليوم الثلاثاء، ببعثة الحج الإعلامية، بحضور رئيسها لموسم الحج الحالي الزميل راشد الرواشدة، ومدير إدارة الحج والعمرة في الوزارة مجدي البطوش. وأكد الخلايلة، أهمية الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في نقل الصورة الحقيقية لموسم الحج، مشددا على أن الإعلام شريك أساسي في إبراز الجهود الوطنية التي تبذل لخدمة الحجاج. وقال: 'نعول عليكم كثيرا في توثيق الإنجازات، وإبراز الصورة المشرقة للأردن، والرسالة السامية التي يحملها موسم الحج'. وأضاف الخلايلة 'نريد منكم أن تنقلوا للعالم قيم المحبة والتسامح التي يحملها الحاج الأردني، ونؤكد قدرتكم على تمثيل الإعلام الأردني بأعلى درجات المهنية والمسؤولية'. من جانبه، أكد الزميل الرواشدة عزم البعثة الإعلامية على تقديم تغطية مهنية ومسؤولة تبرز الأبعاد الروحية والتنظيمية لهذا الموسم المبارك، وتعكس الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المعنية في خدمة ورعاية الحجاج الأردنيين. وأشار إلى أن نقابة الصحفيين، وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، أنهت الترتيبات اللازمة التي من شأنها تمكين الزملاء الصحفيين من أداء مهامهم بكل موضوعية وحيادية، وبما يليق بمكانة الإعلام الأردني ودوره في خدمة قضايا الوطن.