
ترامب والغزواني: "إذلال ما بعده إذلال"
في لقاء بالبيت الأبيض، ترامب يقاطع رئيس موريتانيا خلال مداخلته، مثيراً ردود فعل متباينة.
في قمة مصغّرة جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخمسة من قادة دول أفريقية في البيت الأبيض، تحوّلت لحظة دبلوماسية إلى مشهد مربك ومشحون بالدلالات.
قاطع ترامب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أثناء حديثه، قائلاً: "ربما علينا أن نُسرع قليلاً... فقط قل لنا اسمك وبلدك".
ولم تكن هذه المداخلة الوحيدة من نوعها؛ إذ توجّه ترامب إلى رئيس غينيا بيساو بنفس الطلب، وسأل نظيره الليبيري قائلاً: "أين تعلمت الإنجليزية؟"، مبدياً دهشته من إتقانه للغة، رغم أن الإنجليزية هي اللغة الرسمية لبلاده.
وأثارت تعليقات ترامب عاصفة من ردود الفعل، وانتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي.
"إذلال دبلوماسي" وغضب شعبي
BBC
ترامب يعلّق على طول مداخلات قادة أفارقة خلال قمة في البيت الأبيض.
العديد من الأصوات الموريتانية والعربية عبّرت عن غضبها مما وصفته بالإهانة العلنية لرئيس دولة ذات سيادة.
رين السبع قالت إن المشهد بدا وكأنه استدعاء أمام معلم، فكتبت: "خلال القمة بالبيت الأبيض اليوم قاطع الرئيس الأمريكي ترامب رئيس موريتانيا أثناء كلمته داعيًا إياه والقادة الأفارقة الحاضرين إلى تسريع مداخلاتهم والاكتفاء بذكر أسمائهم وبلدانهم، مثل تلاميذ في القسم. إذلال ما بعده إذلال".
أما الدكتور مراد علي، فاعتبر ما جرى امتداداً لنزعة استعمارية، قائلاً: "لم يُخفِ الرئيس ترامب نزعته العنصرية ولا تعامله الفوقي المتجذر".
في الصورة التي التُقطت داخل المكتب البيضاوي، يظهر دونالد ترامب جالساً خلف مكتبه، محاطاً بخمسة من رؤساء دول غرب أفريقيا، يقفون إلى جانبه بوجوه رسمية متجهمة. تمركز ترامب في منتصف المشهد، مع قبعته الحمراء الشهيرة على الطاولة، أثار ردود فعل على المنصات، حيث رأى البعض أن الصورة تعكس توازناً رمزياً مختلاً في هذا اللقاء البروتوكولي.
صاحب حساب "حلم فريد" علّق بالقول: "في هذه الصورة، لا يظهر ترامب فقط جالساً خلف مكتبه، بل يبدو كمن جلس على كرامة ضيوفه أيضاً".
السخرية كوسيلة للمقاومة
في المقابل، اختار آخرون التعبير عن غضبهم بسخرية، ومنهم من حمل الرئيس الموريتاني مسؤولية هذا الموقف معتبرين أنه بدأ يتحدث عن بلاده وخيراتها وكأنها سلعة يبيعها في احد الأسواق، مثل وردة التي سخرت من طريقة الخطاب الموجهة إلى ترامب وكتبت: "مزيانة ليه! باش يتعلم! حيت راه حاس براسو! عندما أعطاه ترامب الكلمة بدأ يسرد عليه خيرات موريتانيا وكأنّه في سوق يبيع سلعته! ما هكذا ترود الإبل".
فيما كتب حساب ساخر يحمل اسم الرئيس الموريتاني: "سعدت بلقاء الرئيس ترامب اليوم، يبدو أنّه تمت مقاطعة خطابي الطويل، وهذا مُتفهم جداً. أعتذر عن لغتي الفرنسية الركيكة، لقد أصابتني 'كارما' الدستور الذي ينص على أن لغة بلدي هي العربية".
الصحافي محمد عبد المؤمن وصف ما جرى بأنه يتجاوز الفضيحة إلى "الاستصغار والاحتقار"، داعياً القادة الأفارقة إلى التعلم من رئيس أوكرانيا "كيف تدافعون عن كرامتكم".
قراءات متباينة وتفسيرات متضاربة
BBC
بين الاتهام والنفي... موريتانيون يرون أن كلام ترامب لم يكن موجّهاً إلى الغزواني.
بعض المعلقين رفضوا رواية الإهانة من أساسها. كتب لعزيز بن عبد الرحمن: "الكلام لم يكن موجّهاً إلى رئيس موريتانيا، بل كان موجّهاً إلى الرئيس الذي يجلس بجانبه"، مشيداً بما وصفه بـ"رقيّ" الدبلوماسية الموريتانية.
واعتبر عبدالله عبد الرحمن أن ما يحكى عن إهانة لرئيس موريتانيا هو "كذب" وأضاف: "الغزواني أنهى كلامه الذي استغرق 10 دقائق، وترامب شكره قبل أن يتوجّه للرئيس الآخر".
ممود علي أيضاً خالف الرواية الشائعة، قائلاً: "غير صحيح، الرئيس الموريتاني أكمل خطابه وأظهر له ترامب الكثير من الإعجاب".
انقسام داخلي بين الدفاع والنقد الذاتي
وسط السجال، برزت أصوات حملت لوماً للرئيس الموريتاني. عزوز بن صالح ربط بين الموقف وملف التطبيع، مدوناً: "من يهن، يسهل الهوان عليه. رئيس موريتانيا، المرشح الأبرز للعودة للتطبيع مع إسرائيل، يتعرض للإهانة من قبل ترامب."
بينما قدّم أحمد مجدي قراءة معاكسة، قائلاً: "فخورين بموقف الرئيس الغزواني اليوم في البيت الأبيض. أعلن دعم موريتانيا لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام... صوت واثق يمثلنا بكل قوة".
الدكتور عامر فاخوري اختصر الموقف وتوجه الى الرئيس ترامب بالقول: "البروتوكول الدبلوماسي ليس رفاهية… بل احترام متبادل بين الدول. حتى القوة تحتاج إلى لياقة".
خلفية اللقاء وسياقه البروتوكولي
Getty Images
الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال اجتماع مع قادة أفارقة في قاعة الطعام الرسمية بالبيت الأبيض.
اللقاء الذي جمع ترامب برؤساء موريتانيا، ليبيريا، السنغال، غينيا بيساو والغابون، كان مخصصاً لبحث الفرص التجارية ومسائل الأمن الإقليمي. لكن وفق الصحافية مريم الصمد، فإن ترامب قاطع الغزواني بعد سبع دقائق من مداخلته، قائلاً له: "علينا أن نكون أسرع قليلاً... لدينا جدول أعمال ممتلئ"، ثم طلب من الرئيس المجاور أن يكتفي بذكر اسمه وبلده.
ناريمان ناجي أضافت تفاصيل أخرى: "ترامب لرئيس ليبيريا: أنت اتعلمت إنجليزي فين؟ ترامب لرئيس موريتانيا: جميل ما تقوله لكن عليك أن تنجز! ترامب لرئيس غينيا بيساو: اسمك واسم بلدك!".
بسام بونني علّق على احتفاء ترامب بإتقان رئيس ليبيريا للإنجليزية: "مقاطعة ترامب لرئيس موريتانيا وسؤاله عن اسمه وبلده يدينه هو لا ضيفه".
الغزواني: الخلفية السياسية والعسكرية
Getty Images
الغزواني، رئيس موريتانيا وقائد سابق للأركان.
ولد محمد الشيخ الغزواني عام 1956، وتخرّج من الأكاديمية العسكرية في المغرب، قبل أن يصعد تدريجياً في الرتب حتى أصبح قائداً للأركان، ووزيراً للدفاع، ثم رئيساً للجمهورية عام 2019 بنسبة 52 بالمئة. أُعيد انتخابه عام 2024 بـ56 بالمئة من الأصوات، في انتخابات اعتبرها البعض استمراراً لتقاليد عسكرية رغم المظهر المدني.
الغزواني كان حليفاً مقرّباً من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وشاركه في انقلابَي 2005 و2008. لكن العلاقة بينهما توترت لاحقاً، وانتهت بمحاكمة ولد عبد العزيز وسجنه بتهم فساد.
في ولايته الأولى، حافظ الغزواني على استقرار أمني نسبي في بلد يشهد فقرًا وتحديات هيكلية. كما حاول تقديم موريتانيا كشريك غربي في منطقة الساحل المضطربة، مع الحفاظ على علاقات مع جيرانها العسكريين المتحولين إلى روسيا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 6 ساعات
- أخبار ليبيا
فركاش: شراكة الـ70 مليار دولار بين ليبيا وأمريكا مجرد عرض من حكومة الدبيبة
قال المحلل السياسي، فرج فركاش، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتمد على مستشاره للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، بحكم القرب العائلي كون نجل بولس متزوج من نجلة ترامب. وأضاف في تصريحات تلفزيونية، أن اعتماد ترامب أيضا على بولس بسبب الخلفية التجارية مما شجعه على اتخاذ قرار التعيين. ذكر، أن ترامب اعتمد على بولس ليس فقط للشؤون الإفريقية ولكنه تداخل أيضًا على اختصاصات ويتكوف المعنية بالشرق الأوسط وأصبح له دور عربي. وذكر أن المذكرات الموقعة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إكسون الأمريكية، والشراكة الاقتصادية الليبية الأمريكية بقيمة 70 مليار دولار التي تحدث عنها رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، عبدالحميد الدبيبة، ما هي إلا عرض من حكومة الدبيبة ولا نعلم حتى الآن رد الفعل الأمريكي. وتابع: 'ترامب يسيل لعابه دائمًا عند الحديث عن المال في صالح أمريكا ويقدمه كأنجاز'، مردفًا: 'هذه الصفقات لا نستطيع الحكم عليها، ولكن الشراكة النفطية موجودة من قبل وليست جديدة'. وشدد على أن الجديد حاليا تركيز بولس على إنجاز صفقات تجارية، ربما سيستخدمها ترامب كنصر له أمام الرأي العام الأمريكي.


الساعة 24
منذ 6 ساعات
- الساعة 24
فركاش: شراكة الـ70 مليار دولار بين ليبيا وأمريكا مجرد عرض من حكومة الدبيبة
قال المحلل السياسي، فرج فركاش، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتمد على مستشاره للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، بحكم القرب العائلي كون نجل بولس متزوج من نجلة ترامب. وأضاف في تصريحات تلفزيونية، أن اعتماد ترامب أيضا على بولس بسبب الخلفية التجارية مما شجعه على اتخاذ قرار التعيين. ذكر، أن ترامب اعتمد على بولس ليس فقط للشؤون الإفريقية ولكنه تداخل أيضًا على اختصاصات ويتكوف المعنية بالشرق الأوسط وأصبح له دور عربي. وذكر أن المذكرات الموقعة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إكسون الأمريكية، والشراكة الاقتصادية الليبية الأمريكية بقيمة 70 مليار دولار التي تحدث عنها رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، عبدالحميد الدبيبة، ما هي إلا عرض من حكومة الدبيبة ولا نعلم حتى الآن رد الفعل الأمريكي. وتابع: 'ترامب يسيل لعابه دائمًا عند الحديث عن المال في صالح أمريكا ويقدمه كأنجاز'، مردفًا: 'هذه الصفقات لا نستطيع الحكم عليها، ولكن الشراكة النفطية موجودة من قبل وليست جديدة'. وشدد على أن الجديد حاليا تركيز بولس على إنجاز صفقات تجارية، ربما سيستخدمها ترامب كنصر له أمام الرأي العام الأمريكي.


أخبار ليبيا
منذ 8 ساعات
- أخبار ليبيا
من أين سيأتي بالمال؟ الدبيبة يقدّم عرضًا خياليًّا لواشنطن يُثير الجدل
الدبيبة يعرض 70 مليار دولار لأميركا وسط تشكيك في قدرته على تمويلها ليبيا – سلطت صحيفتا 'ذا تنزانيان تايمز' التنزانية و'العرب' اللندنية، الضوء على عرض مالي 'ضخم' قدمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة طرابلس، خلال لقائه مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مسعد بولس، بهدف استقطاب واشنطن نحو شراكة استراتيجية في ليبيا. عرض استثماري بقيمة 70 مليار دولار أكد التقريران أن الدبيبة قدم عرضًا يتضمن مشاريع جاهزة بقيمة تقارب 70 مليار دولار، تغطي قطاعات حيوية مثل الطاقة، والمعادن، والكهرباء، والبنية التحتية، والاتصالات، وهي خطوة وُصفت بأنها 'محاولة جريئة' لجذب مشاركة أميركية كبيرة في جهود إعادة الإعمار داخل ليبيا، خاصة في الجنوب. تشكيك في مصادر التمويل نقل التقريران عن متابعين للشأن الليبي تشكيكهم في قدرة الدبيبة على توفير هذا التمويل، معتبرين أن رئيس الحكومة لا يعرف أصلًا من أين سيأتي بهذه الأموال، ما يجعل العرض أقرب إلى محاولة سياسية للفت انتباه إدارة ترامب، واستنساخ تجربة خليجية مماثلة. مناورة سياسية أم تحول استراتيجي؟ ورجّح المراقبون أن العرض يمثل مناورة لتحسين موقع الدبيبة أمام الولايات المتحدة، أكثر من كونه التزامًا فعليًا بمشاريع قابلة للتنفيذ، خاصة في ظل الغموض المحيط بالمصادر المحتملة لهذا التمويل، وغياب رؤية اقتصادية واضحة لدى حكومته. المرصد – متابعات