
هل تجرؤ على تذوق حلويات عمرها 200 سنة؟
الحلويات ليست مجرد مذاقات تشعرنا بالسعادة، بل هي أعمال فنية وتاريخية تروي قصص حضارات وتاريخ الشعوب. صنعت وصفتها وفقاً لما توفّر لديها من خامات وابتكارات ذكية من حرفيين وطهاة، مما عكس على مدى العصور المكانة الاجتماعية التي تتمتع بها العائلات المترفة، إلى جانب سرد القصص التاريخية حول الأحداث والأشخاص الذين صنعوها. فمن منا لا يذكر المقولة المنسوبة للملكة «ماري أنطوانيت»: «فليأكلوا جاتوه»، وهي في الواقع غير صحيحة، حيث إن العبارة الأصلية هي «فليأكلوا البريوش». البريوش هو نوع من الخبز الفرنسي الفاخر، وقد قيلت هذه العبارة عندما اشتكى الشعب من عدم وجود خبز. ومع ذلك، فإن عامة الشعب لم يتذوقوا «البريوش»، فخلطوا بينه وبين «الجاتوه».
300 قطعة
حول الأهمية التاريخية للحلويات وارتباطها بثقافة الشعوب، يتيح معرض «تراث الحلويات الهولندية» للزوار فرصة فريدة لاستعادة جزء من التاريخ من خلال تذوق حلويات قديمة بوصفات خاصة تعود إلى 200 عام، وما زالت صالحة للأكل حتى اليوم. ويضم المعرض أكثر من 300 قطعة من الحلويات القديمة، بالإضافة إلى أكثر من 50 عملاً فنياً وحرفياً، من لوحات وتماثيل وقوالب وأعمال زخرفية، كلها تبرز تطور صناعة الحلويات عبر القرون.
كما يقدّم المعرض تجربة فريدة من نوعها، إذ يُشجع الزوار على التفاعل مع الأعمال التي يمكن أكلها، والتي صُممت بعناية فائقة باستخدام مهارات حرفية وتقنيات قديمة. تُعرض هذه الأعمال بطريقة فنية مذهلة تعكس ذوق تلك الفترات الرفيعة. مع التركيز على تقديم قراءة تاريخية عميقة، حيث استعرض كيف تطورت الحلويات من مجرد أطعمة بسيطة إلى رموز للثراء والترف، واستخدمت في المناسبات الرسمية والاحتفالات الملكية.
تجارة السكر
والجدير بالذكر أن تجارة السكر كانت في رواج أصناف مختلفة من الحلويات التي انتشرت عالمياً كصناعة محلية انتقلت عبر سفن التجارة وطرق الملاحة في القرن السابع عشر. وكانت هولندا واحدة من أكبر الدول الأوروبية في تجارة السكر، حيث استوردت من آسيا وأفريقيا عبر شركات مثل شركة الهند الشرقية، التي أسست شبكة تجارية ضخمة لشراء وتوزيع السكر. وكان حجم وارداتها يتجاوز مئات الآلاف من الأطنان سنوياً، مما أسهم بشكل كبير في ازدهار صناعة الحلويات وتطورها في البلاد.
اهتم المعرض كثيراً بتسليط الضوء على الأحداث التاريخية التي صنعت فرقاً في الابتكار والجودة، وكيف كانت تُعد، ومن قام بصناعتها، وما هي المناسبات التي كانت تُقدم فيها. على سبيل المثال، يُعرض في المعرض كعكة المارزبان التي صنعت عام 1920، وكانت تُعد من الحلويات الفاخرة التي تُقدم في المناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد والزفاف. كان يُزيّنها حرفيون محترفون باستخدام تقنيات قديمة لتعكس ذوق تلك الفترة الرفيع. أما الجيلي من القرن السابع عشر، فكان يُصنع استناداً إلى وصفات تقليدية، غالباً في القصور الملكية والنبلاء، حيث كانت تُستخدم قوالب من الحديد أو السيراميك لصنع أشكال مزخرفة ومعقدة. وكانت تُقدم في المناسبات الرسمية، أما الحلويات التي تحمل رمزية خاصة وتُصنع خصيصاً للمناسبات، فكانت تُعد من رموز الثراء والفخامة. ففي القرن الثامن عشر، كانت هناك التماثيل السكرية التي تُستخدم كزينة على موائد الحفلات الكبرى، وتُبدع بواسطة خبراء نحت السكر، لتعكس ثراء الدولة وفخامة الاحتفالات، وتُعد من أقدم أنواع الحلويات التي لا تزال تُعرض حتى اليوم.
بسكويت «سبيكولاس»
مع مطلع القرن التاسع عشر، بات البسكويت التقليدي «سبيكولاس» يُخبز يدوياً في المنازل، وغالباً في المناسبات الدينية مثل عيد الميلاد. يتم تحضيره في المخابز التقليدية بواسطة خبراء محترفين، باستخدام وصفات سرية تنتقل عبر الأجيال، وكانت تُزين بشكل فني يعكس مستوى المهارة العالية في صناعة الحلويات المنزلية. ومع بداية القرن العشرين، كانت الحلويات تُصنع خصيصاً للاحتفالات الكبرى، خاصة احتفالات العرش، وتُزين غالباً برموز وطنية أو صور للملك أو الملكة، وتُعد من الحلويات التي تُظهر مدى تطور فن التزيين في تلك الفترة.
ويُذكر أن بداية تجارة التوليب في هولندا كانت عام 1637، حين شهدت سوق الزهور انفجاراً في الطلب، ووصلت قيمة سوق التوليب آنذاك إلى أكثر من 100 مليون فلورن هولندي، وهو رقم يعكس مدى أهمية الزهور والحلويات ذات الصلة كشواهد على الثراء والتطور الاقتصادي. وقد أدى هذا التداخل بين التجارة والفن إلى ظهور العديد من الأعمال الفنية التي تصور تلك الزهور، وتُستخدم في صناعة الحلويات، مثل زهور التوليب المصنوعة من عجينة السكر، التي تعود أصولها إلى القرن الثامن عشر، وتُصنع بدقة عالية لتعكس الجمال الطبيعي والزهو بالمناسبات.
حلويات المستعمرات
من جانب آخر، سلط المعرض الضوء على حلويات المستعمرات في القرن السابع عشر، والتي تُعد من الحلويات الفاخرة المستوردة من آسيا وأفريقيا، وتُعبر عن الثروة والتبادل الثقافي وحجم الطلب، والتقنيات المتقدمة، والأثر الاقتصادي الكبير الذي تتركه تجارة الحلويات على المجتمع الهولندي. ومن أبرز الأعمال التي عُرضت، لوحة من القرن الثامن عشر مستعارة من متحف موريتشهاوس، تصور مشهداً من حياة التجار، وتصف رجلاً يطلب البسكويت من تاجر جملة، وهو عمل يُعدّ شهادة على ازدهار تجارة الحلويات في تلك الفترة. ويُذكر أن حجم صادرات الحلويات الهولندية في بداية القرن العشرين بلغ أكثر من 200 مليون يورو سنوياً، مما يعكس مكانة هولندا كمصدر رئيسي للحلويات عالية الجودة على مستوى العالم، خاصة مع بداية تصدير الحلويات إلى أمريكا وأوروبا وآسيا.
1914
أما على مستوى الأعمال الفنية المعاصرة، فقد أُعرضت لوحة لبييت موندريان، من عام 1914، بجانب نسخة فنية لمجسم «جاتو المارزيبان»، الذي أُنشئ باستخدام تقنيات حديثة. تُظهر هذه الأعمال كيف يمكن للحلويات أن تتداخل مع مفاهيم الفن الحديث، وتُبرز مهارات الفنانين في تحويل المواد إلى لوحات فنية حية، بواسطة أدوات معقدة لصناعة التماثيل والديكورات من السكر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 6 ساعات
- البيان
كيف غيرت «لايكا» الصغيرة مستقبل الصورة إلى الأبد؟
هل تتخيل أن كاميرا صغيرة من طراز 1925، غيّرت وجه التصوير الصحفي، على امتداد 100 عام، واستطاعت أن تترك بصمة لا تمحى في التاريخ البصري، كانت كاميرا لايكا الأولى (أ) أول كاميرا 35 مم متاحة تجارياً. ونقطة انطلاق حقيقة لثورة التصوير المستقلة، الرحلة نحو ابتكارها لا تنفصل عن عبقرية المخترع والمبتكر أوسكار بارناك، الذي كان يمتلك شغفاً حقيقياًً بعالمية التصوير ورؤية مستقبلية لابتكار جهاز يغير قواعد فن الفوتوغرافيا وبتصميمها الحديث، أنجزت ما لم تستطع الكاميرات الثقيلة ذات الألواح الضخمة أن تفعله من قبل، وأطلقت عهداً جديداً في التصوير المحمول. كاميرا الجيب كان بارناك، الذي قاد قسم الاختبار في شركة «إرنست لاييت ويرك»، يحمل حلماً كبيراً، وفكرته بدأت تتبلور قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى وتحديداً في عام 1911. لقد صمم وبنى ما يُعرف بـ«أور-لايكا»، وهو جهاز يعتمد على استخدام فيلم سينمائي قياسي بقياس 35 ملم مع ثقوب، ليُستخدم في التصوير الفوتوغرافي الثابت. كانت فكرته بسيطة بأناقة، ولكنها عميقة التأثير، إذ كانت تتلخص في إنشاء كاميرا صغيرة الحجم، يمكن وضعها في جيب جاكيت، ومع ذلك تتيح إنتاج صور سلبية عالية الجودة يمكن تكبيرها بسهولة يمكن للمحترفين والمصورين الهواة على حد سواء استخدامها لتوثيق كل تفاصيل الحياة، من أبسط اللحظات إلى الأحداث الكبرى. رغم أن «أور-لايكا» بقيت في البداية جهازاً شخصياً يملكه بارناك، إلا أن تصميمها الرائد وضع الأساس المباشر لنجاح كاميرا «لايكا» الأولى (أ) التي كشف عن تفاصيلها ضمن معرض «لايبزيغ»، وذلك قبل أن تدخل ضمن عجلة الإنتاج الرسمي في عام 1925، قامت شركة «إرنست لاييت ويرك» بتصنيع مجموعة صغيرة من النماذج التجريبية المعروفة باسم سلسلة «0»، حيث حملت أرقام تسلسل من 101 حتى حوالي 125، لم تكن هذه النماذج موجهة للبيع التجاري في البداية، بل كانت تستخدم لاختبار السوق وتطوير التصميم الذي سيغير عالم التصوير تماماً، كأدوات حاسمة ساهمت في إرساء دعائم عصر صحافة الصور، جعلتها تتصدر قائمة المجموعات النادرة والمحفوظة في المتاحف حول العالم، وتُعد حلم كل جامع ومتحف، لما تحمله من تاريخ وإنجازات غير مسبوقة. وفي السنوات التي تلت، أصبحت لايكا رمزاً حقيقياً للثورة في عالم التصوير الصحفي والوثائقي. لم تكن مجرد أداة، بل كانت شريكاً في خلق صور عفوية، صادقة، تلتقط اللحظة بدقة متناهية، وتعبّر عن روح المجتمع والأحداث التاريخية بشكل لم يكن ممكناً من قبل، حملها العديد من كبار المصورين من هنري كيرتير بريسون إلى وولكر إيفانز، وكل منهما استثمر في قدرتها على إظهار التفاصيل الدقيقة والعفوية. وفي عام 2025، تحتفل شركة لايكا بمئوية إطلاقها لأول نموذج من سلسلة «لايكا» الأولى (أ) عبر تنظيم معارض في 29 مدينة حول العالم، مع عرض نموذج من سلسلة لايكا-0، وهو واحد من 22 نموذجاً أولياً تم تصنيعه تحت إشراف بارناك، للمزاد العلني. ولعل خير دليل على ذلك هو استعراض مجموعة من الصور التي صنعت التاريخ وتركت أثراً لا يمحى. ففي عام 1945، وفي لحظة حاسمة من تاريخ العالم، كانت صورة ألفريد آيزنستايدت، التي التقطها في احتفالات نهاية الحرب العالمية الثانية في تايمز سكوير، واحدة من أشهر الصور التي تعبر عن فرحة النصر. وبيعت مقابل مبلغ كبير في مزاد علني عام 2019، حيث بيعت مقابل 114 ألف يورو. أما المصورة الألمانية إيلزه بينغ، فقد كانت من أوائل من أدركن قوة الكاميرا الصغيرة، فانتقلت إلى باريس عام 1930، حيث بدأت تتلقى مهام تجارية، وطورت رؤيتها الفنية عبر تصوير مشاهد المدينة، كما التقطت صورتها الذاتية الشهيرة في عام 1931، التي تظهر انعكاسات متعددة في مرآة واحدة، معبرة عن رؤيتها الفريدة للواقع والذات. وفي الخمسينيات، التقى المصور الأمريكي دينيس ستوك بالممثل الشاب جيمس دين، وتطورت بينهما علاقة عمل وصداقة، حيث قام ستوك بتوثيق حياة النجم في نيويورك، والتقط صوراً عفوية، تعبر عن شخصيته الحقيقية، وتُعد من أكثر الصور التي تعبر عن روح الشباب والتمرد. واحدة من هذه الصور، التي تظهر دين وهو يرتدي ملابس دافئة، أصبحت أيقونة وألهمت فيلماً سينمائياً في عام 2015. هندسة بصرية ومن جانب آخر كان المصور العالمي هنري كارتيه بريسون دائم السعي وراء ما أسماه «اللحظة الحاسمة»، ويُبرز تنظيم الأشكال بطريقة تعبر عن جوهره، فصورته الشهيرة في عام 1938 على ضفاف نهر مارن، تصور مشهداً هادئاً لمجموعة من الأصدقاء في نزهة وتظهر حسّه الهندسي وفهمه العميق للهندسة البصرية، وتؤكد أن التصوير هو فن حبس اللحظة، واحتضان الصمت في لقطة. ومن الطبيعة إلى عوالم الطبيعة كان توماس هوبركر من أوائل من وثقوا حياة الملاكم الأسطوري محمد علي، حيث التقط صوراً له خلال تدريباته ومبارياته، وخصوصاً صورة عام 1966، التي تظهر علي وهو يرفع يديه في لحظة انتصار، وتُعبر عن روح التحدي والثقة. كانت الصور عفوية، غير مصطنعة، لأنها لم تكن تتطلب من علي أن يتظاهر، بل كانت لحظات طبيعية، تحتاج فقط إلى عين يقظة ومستعدّة لاقتناصها في الوقت المناسب. لحظات حاسمة وفي قلب الثورة، كانت صورة تشي غيفارا التي التقطها المصور الكوبي ألبرتو كوردا في عام 1960، خلال جنازة ضحايا انفجار ميناء هافانا، واحدة من أكثر الصور رمزية في التاريخ. إذ يظهر غيفارا، بعباءة بيريّة topped بخمسة نجوم، يقف بثبات وبتعبير من «اللامبالاة المطلقة»، وهو يحمل علماً مَخيطاً يدوياً، لتصبح الصورة رمزاً للتمرد والثورة. رغم أن كوردا لم يتلقَ مقابلاً مادياً على عمله، إلا أن صورته أصبحت بمثابة شعار عالمي للثورة، ومصدر إلهام للأجيال، وشهادة على قوة الصورة في التعبير عن روح التغيير والتمرد. تلك الصور التي صنعت التاريخ، وأثرت في الوعي الجمعي، تؤكد أن الصورة ليست مجرد لحظة عابرة، بل هي شهادة حية على الأحداث، وأداة قادرة على توثيق الإنسان وقضاياه، وتخليد اللحظات الحاسمة التي غيّرت مجرى التاريخ. فكل صورة، مهما كانت صغيرة، تحمل في طياتها قوة لا تضاهى، وتذكرنا بأن اللحظة التي نلتقطها يمكن أن تكون أبدية، وأن الكاميرا ليست إلا أداة لنقل الحقيقة، وحبس الزمن في إطار لا يُنسى.


البيان
منذ 8 ساعات
- البيان
هل تجرؤ على تذوق حلويات عمرها 200 سنة؟
الحلويات ليست مجرد مذاقات تشعرنا بالسعادة، بل هي أعمال فنية وتاريخية تروي قصص حضارات وتاريخ الشعوب. صنعت وصفتها وفقاً لما توفّر لديها من خامات وابتكارات ذكية من حرفيين وطهاة، مما عكس على مدى العصور المكانة الاجتماعية التي تتمتع بها العائلات المترفة، إلى جانب سرد القصص التاريخية حول الأحداث والأشخاص الذين صنعوها. فمن منا لا يذكر المقولة المنسوبة للملكة «ماري أنطوانيت»: «فليأكلوا جاتوه»، وهي في الواقع غير صحيحة، حيث إن العبارة الأصلية هي «فليأكلوا البريوش». البريوش هو نوع من الخبز الفرنسي الفاخر، وقد قيلت هذه العبارة عندما اشتكى الشعب من عدم وجود خبز. ومع ذلك، فإن عامة الشعب لم يتذوقوا «البريوش»، فخلطوا بينه وبين «الجاتوه». 300 قطعة حول الأهمية التاريخية للحلويات وارتباطها بثقافة الشعوب، يتيح معرض «تراث الحلويات الهولندية» للزوار فرصة فريدة لاستعادة جزء من التاريخ من خلال تذوق حلويات قديمة بوصفات خاصة تعود إلى 200 عام، وما زالت صالحة للأكل حتى اليوم. ويضم المعرض أكثر من 300 قطعة من الحلويات القديمة، بالإضافة إلى أكثر من 50 عملاً فنياً وحرفياً، من لوحات وتماثيل وقوالب وأعمال زخرفية، كلها تبرز تطور صناعة الحلويات عبر القرون. كما يقدّم المعرض تجربة فريدة من نوعها، إذ يُشجع الزوار على التفاعل مع الأعمال التي يمكن أكلها، والتي صُممت بعناية فائقة باستخدام مهارات حرفية وتقنيات قديمة. تُعرض هذه الأعمال بطريقة فنية مذهلة تعكس ذوق تلك الفترات الرفيعة. مع التركيز على تقديم قراءة تاريخية عميقة، حيث استعرض كيف تطورت الحلويات من مجرد أطعمة بسيطة إلى رموز للثراء والترف، واستخدمت في المناسبات الرسمية والاحتفالات الملكية. تجارة السكر والجدير بالذكر أن تجارة السكر كانت في رواج أصناف مختلفة من الحلويات التي انتشرت عالمياً كصناعة محلية انتقلت عبر سفن التجارة وطرق الملاحة في القرن السابع عشر. وكانت هولندا واحدة من أكبر الدول الأوروبية في تجارة السكر، حيث استوردت من آسيا وأفريقيا عبر شركات مثل شركة الهند الشرقية، التي أسست شبكة تجارية ضخمة لشراء وتوزيع السكر. وكان حجم وارداتها يتجاوز مئات الآلاف من الأطنان سنوياً، مما أسهم بشكل كبير في ازدهار صناعة الحلويات وتطورها في البلاد. اهتم المعرض كثيراً بتسليط الضوء على الأحداث التاريخية التي صنعت فرقاً في الابتكار والجودة، وكيف كانت تُعد، ومن قام بصناعتها، وما هي المناسبات التي كانت تُقدم فيها. على سبيل المثال، يُعرض في المعرض كعكة المارزبان التي صنعت عام 1920، وكانت تُعد من الحلويات الفاخرة التي تُقدم في المناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد والزفاف. كان يُزيّنها حرفيون محترفون باستخدام تقنيات قديمة لتعكس ذوق تلك الفترة الرفيع. أما الجيلي من القرن السابع عشر، فكان يُصنع استناداً إلى وصفات تقليدية، غالباً في القصور الملكية والنبلاء، حيث كانت تُستخدم قوالب من الحديد أو السيراميك لصنع أشكال مزخرفة ومعقدة. وكانت تُقدم في المناسبات الرسمية، أما الحلويات التي تحمل رمزية خاصة وتُصنع خصيصاً للمناسبات، فكانت تُعد من رموز الثراء والفخامة. ففي القرن الثامن عشر، كانت هناك التماثيل السكرية التي تُستخدم كزينة على موائد الحفلات الكبرى، وتُبدع بواسطة خبراء نحت السكر، لتعكس ثراء الدولة وفخامة الاحتفالات، وتُعد من أقدم أنواع الحلويات التي لا تزال تُعرض حتى اليوم. بسكويت «سبيكولاس» مع مطلع القرن التاسع عشر، بات البسكويت التقليدي «سبيكولاس» يُخبز يدوياً في المنازل، وغالباً في المناسبات الدينية مثل عيد الميلاد. يتم تحضيره في المخابز التقليدية بواسطة خبراء محترفين، باستخدام وصفات سرية تنتقل عبر الأجيال، وكانت تُزين بشكل فني يعكس مستوى المهارة العالية في صناعة الحلويات المنزلية. ومع بداية القرن العشرين، كانت الحلويات تُصنع خصيصاً للاحتفالات الكبرى، خاصة احتفالات العرش، وتُزين غالباً برموز وطنية أو صور للملك أو الملكة، وتُعد من الحلويات التي تُظهر مدى تطور فن التزيين في تلك الفترة. ويُذكر أن بداية تجارة التوليب في هولندا كانت عام 1637، حين شهدت سوق الزهور انفجاراً في الطلب، ووصلت قيمة سوق التوليب آنذاك إلى أكثر من 100 مليون فلورن هولندي، وهو رقم يعكس مدى أهمية الزهور والحلويات ذات الصلة كشواهد على الثراء والتطور الاقتصادي. وقد أدى هذا التداخل بين التجارة والفن إلى ظهور العديد من الأعمال الفنية التي تصور تلك الزهور، وتُستخدم في صناعة الحلويات، مثل زهور التوليب المصنوعة من عجينة السكر، التي تعود أصولها إلى القرن الثامن عشر، وتُصنع بدقة عالية لتعكس الجمال الطبيعي والزهو بالمناسبات. حلويات المستعمرات من جانب آخر، سلط المعرض الضوء على حلويات المستعمرات في القرن السابع عشر، والتي تُعد من الحلويات الفاخرة المستوردة من آسيا وأفريقيا، وتُعبر عن الثروة والتبادل الثقافي وحجم الطلب، والتقنيات المتقدمة، والأثر الاقتصادي الكبير الذي تتركه تجارة الحلويات على المجتمع الهولندي. ومن أبرز الأعمال التي عُرضت، لوحة من القرن الثامن عشر مستعارة من متحف موريتشهاوس، تصور مشهداً من حياة التجار، وتصف رجلاً يطلب البسكويت من تاجر جملة، وهو عمل يُعدّ شهادة على ازدهار تجارة الحلويات في تلك الفترة. ويُذكر أن حجم صادرات الحلويات الهولندية في بداية القرن العشرين بلغ أكثر من 200 مليون يورو سنوياً، مما يعكس مكانة هولندا كمصدر رئيسي للحلويات عالية الجودة على مستوى العالم، خاصة مع بداية تصدير الحلويات إلى أمريكا وأوروبا وآسيا. 1914 أما على مستوى الأعمال الفنية المعاصرة، فقد أُعرضت لوحة لبييت موندريان، من عام 1914، بجانب نسخة فنية لمجسم «جاتو المارزيبان»، الذي أُنشئ باستخدام تقنيات حديثة. تُظهر هذه الأعمال كيف يمكن للحلويات أن تتداخل مع مفاهيم الفن الحديث، وتُبرز مهارات الفنانين في تحويل المواد إلى لوحات فنية حية، بواسطة أدوات معقدة لصناعة التماثيل والديكورات من السكر.


الإمارات اليوم
منذ 8 ساعات
- الإمارات اليوم
بشعار «غودولفين».. «أمبودزمان» بطلاً في مهرجان «رويال أسكوت»
فاز المهر "أمبودزمان" بشعار "غودولفين" وإشراف المدربين جون وثيدي غوسدن، بلقب سباق "برينس أوف ويلز" المخصص للخيول المهجنة الأصيلة للفئة الأولى "جروب1"، وجرى اليوم الأربعاء، في الشوط الرئيس في ثاني أيام مهرجان "رويال آسكوت" البريطاني العريق، الممتد حتى السبت المقبل، ويعد درة موسم السباقات العشبية على الساحة الدولية. وأكد أبن الفحل "نايت أوف ثندر" مكانته كأحد أقوى مسافات 2000 متر الشعبي، بعد أنهى موسم 2024 دون هزيمة، ليواصل الارتقاء بمستوى الإنجازات في موسمه الحالي، وتوجها بلقب "برنس أوف ويلز" الذي دشن من خلاله المهر "أمبودزمان" أولى انتصاراته على صعيد سباقات "جروب1" الأعلى تصنيفاً عالمياً. وأهدى "أمبودزمان" فريق "غودولفين" اللقب السادس تاريخياً في سباق "برينس أوف ويلز"، منذ تتويج الجواد "فايثفول صن" بنسخة العام 1998، في سجلٍ انتصارات يضم أيضاً بالشعار "الأزرق الملكي" الأسطورة "دبي ميلينيوم" المتوج باللقب في العام 2000. ونجح الفارس وليام بيوك في تخطي عقبة الانطلاق من البوابة الأولى، وقيادة "أمبودزمان" للحاق بكوكبة خيول الصدارة، والحفاظ على قدراته حتى دخول المنعطف الأخير، قبل إطلاق العنان له للتقدم من الخطوط الخلفية، وتجاوز منافسيه نحو القبض على الصدارة، وقطع خط النهاية بالمركز الأول، محققاً زمناً بلغ دقيقتين، وثانيتين، و51 جزء من الثانية، بفارق الطولين ممثل فريق "شادويل" الجواد "أنماط" بإشراف المدرب أوين بوراس، وقاده الفارس جيم كراولي للحلول بالمركز الثاني.