
هل تحولت فنادق المهاجرين في بريطانيا إلى ساحة تحريض اليمين على الأقليات؟
ولا يتأخر مئات من أنصار التيارات اليمينية الراديكالية منذ أسابيع في الالتفاف حول دعوات التظاهر في مدن بريطانية أمام فنادق حوَّلتها وزارة الداخلية البريطانية إلى مراكز إقامة مؤقتة لطالبي اللجوء، متهمين المهاجرين بتهديد نموذج العيش الأوروبي، وطمس الهوية الإنجليزية للبلاد، ورفع مستويات الجريمة في المناطق التي يستقرون فيها.
وفي وقت تستعد فيه الشرطة البريطانية لمواجهة موجة جديدة من الاحتجاجات نهاية هذا الأسبوع، واصلت على مدى الأيام الماضية الفصل بين أنصار اليمين المتطرف ومحتجين مؤيدين لحقوق المهاجرين، ينتمي أغلبهم إلى جمعيات حقوقية وتيارات يسارية.
شغب وتحريض
ويضع الحشد والحشد المضاد أمام فنادق اللجوء رجال الشرطة البريطانية على خط تماس حاد مع تيارات اليمين الشعبوي، حيث اعتقل أفرادها -نهاية الأسبوع الماضي- أكثر من 15 شخصا في مظاهرات خارج تلك الفنادق بأنحاء مختلفة من بريطانيا.
وانتقلت عدوى التخويف من فنادق اللجوء إلى الأحياء الراقية في العاصمة لندن ، بعد اندلاع احتجاجات مماثلة على مقربة من الحي المالي في المدينة.
ويعيد احتدام هذه الاحتجاجات إلى ذاكرة البريطانيين أعمال شغب غير مسبوقة -الصيف الماضي- هزَّت مناطق بريطانية عدة قادتها تيارات يمينية راديكالية، إثر تواتر معلومات حينها، اتضح زيفها لاحقا، عن طعن طالب لجوء مسلم ثلاث فتيات صغيرات.
ولم تخبُ الخطابات المعادية للمهاجرين على مدى الأشهر السابقة، قبل أن تستعر في الأسابيع الماضية، باتهام أحد طالبي اللجوء بالتحرش بفتاة قاصر بضواحي العاصمة لندن وتقديمه للمحاكمة، حيث شرع زعيم حزب الإصلاح المتطرف نايجل فاراج في التعبئة الإعلامية ضد المهاجرين وأطلق حملة بعنوان "بريطانيا خارج القانون" تسِمُهم بالإجرام والتطرف.
واتهم فاراج، في مؤتمر صحفي، الشرطة بمحاولة التستر على التجاوزات التي يرتكبها المهاجرون، محذرا من أن ثقافة المجتمعات التي يتحدرون منها تُمثِّل خطرا على المجتمع البريطاني.
وتحمل هذه المظاهرات الآخذة رقعتها في الاتساع نُذر توتر أشد، تحذر الحكومة العمالية كلفته الانتخابية، وتدرك أنه مبطن برسائل سياسية لا يتأخر تيار اليمين الشعبوي عن التلويح بها لمنافسيه، بعد عُلو سقف طموحه السياسي منذ تحقيقه نتائج غير مسبوقة خلال الانتخابات المحلية الأخيرة وحصده أعدادا متقدمة من مقاعد المجالس البلدية.
"خطابات كراهية"
ويشير أستاذ التطرف والعدالة الاجتماعية في جامعة برمنغهام البريطانية، طاهر عباس، إلى إن أقطاب اليمين الشعبوي يقودون حملة تضليل منظمة لتضخيم صورة الفنادق التي يقيم فيها طالبو اللجوء، وتقديمها على أنها أماكن فاخرة وتستنزف ميزانية دافعي الضرائب، ويحرصون على إشاعة نظريات "غزو المهاجرين" البلاد وتصويرهم على أنهم مجرمون.
ويضيف عباس للجزيرة نت، أن الوقائع تؤكد أن المهاجرين بلا وثائق وتؤويهم الحكومة في تلك الفنادق، ولا يُمثِّلون إلا نسبة ضئيلة جدا من إجمالي المهاجرين إلى بريطانيا، يواجهون داخل مراكز الإقامة المؤقتة ظروفا معيشية صعبة دون رعاية صحية أو تغذية لائقة، بينما تستغرق معالجة ملفاتهم أشهرا وسنوات.
ولكن خطابات الكراهية الرائجة هذه الأيام في الشوارع البريطانية، يشير عباس إلى أنها تطبخ في غرف وسائل التواصل الاجتماعي المغلقة، حيث تنشط التيارات اليمينية بشكل فعَّال في التحريض على النزول للشارع وإثارة التوترات، محذرا من أن هذه الأجواء تخلق تطبيعا متزايدا مع الإسلاموفوبيا وتشعر الأقليات في المقابل بعدم الأمان.
الحكومة ودورها
لا تبدو الحكومة العمالية عاجزة فقط عن ضبط الشارع الذي يتحرك على وقع التجييش، بل عالقة في تدبير أزمة الهجرة غير النظامية التي لا تكف الأرقام الرسمية عن إنذار المسؤولين ببلوغها مستويات غير مسبوقة.
وتصر وزارة الداخلية البريطانية، على أن عدد الفنادق التي يشغلها طالبو اللجوء انخفض من 400 فندق عام 2023 إلى أقل 210 فنادق، حسب آخر الإحصاءات الرسمية، بينما تخطط الحكومة لإنهاء استخدام الفنادق كمراكز إيواء للمهاجرين بحلول 2029.
لكن تجاوُز عدد المهاجرين القادمين إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة، منذ بداية العام الحالي، 25 ألف مهاجر غير نظامي، بحسب إحصاءات رسمية، يدفع الحكومة إلى مواصلة استخدام الفنادق كحل طارئ، في وقت كانت حكومات حزب المحافظين تلجأ إلى وضع اللاجئين في قواعد عسكرية سابقة أو على متن بوارج بحرية إلى حين النظر في ملفاتهم.
وقطعت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، وعدا بإعادة السيطرة على نظام اللجوء في بريطانيا، وقالت في تصريحات لوسائل إعلام بريطانية، إنها ستعمل على تشديد إجراءات استئناف طلبات اللجوء.
ومع دخول اتفاق إعادة المهاجرين مع فرنسا حيز التنفيذ بعد حصوله على ضوء أخضر من المفوضية الأوروبية ، يبدأ خفر السواحل البريطاني باحتجاز المهاجرين الذين يصلون في قوارب للسواحل البريطانية قبل إعادتهم إلى فرنسا أملا في ردعهم عن المحاولة مرة أخرى.
لكن سلوك الحكومة البريطانية في التعاطي مع سياسات الهجرة كان مثار توجس كثيرين، إذ لم يتردد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قبل بضعة أشهر في وصف بلاده بأنها قد أصبحت جزيرة من "الغرباء" خلال إعلانه عن نظام جديد للهجرة أكثر تشددا، يحد من قدرة طالبي اللجوء على الاستئناف لمصلحة طلباتهم المرفوضة لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ضحايا
وفي السياق، حذَّرت الباحثة المختصة في شؤون الهجرة في المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية، كيلي باتلو، من أن طالبي اللجوء أصبحوا ضحايا الاستقطاب والمزايدات السياسية وخطط هجرة معطوبة ومعطلة تعرضهم للمزيد من المخاطر وجرائم الكراهية، وتجعلهم في وضع أكثر هشاشة.
ونبَّهت في حديث للجزيرة نت، إلى أن سياسات الهجرة التي تتبناها الحكومة العمالية لا ترضي أحدا، ففي الوقت الذي يرغب أنصار حزب الإصلاح الشعبويون بنهج أكثر تطرفا وتشددا مع المهاجرين، ينحاز ناخبو اليسار والمستقلون إلى سياسات أكثر انفتاحا، بينما لا تبدو الحكومة قادرة على ابتداع حلول لأزمات الهجرة الجوهرية بعيدا عن أجواء الاستقطاب السياسي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 15 دقائق
- الجزيرة
أوروبا تتظاهر بـ42 ألف فعالية ضد العدوان الإسرائيلي على غزة
وثق المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال) نحو 42 ألف مظاهرة وفعالية مناصرة للقضية الفلسطينية في أكثر من 700 مدينة في 20 دولة أوروبية، وذلك بعد بلوغ حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ نحو 675 يوما. وبين "إيبال" أن هذه الفعاليات والمظاهرات شاركت فيها مختلف الجنسيات الأوروبية، بالإضافة إلى عدة أحزاب وسياسيين وأعضاء برلمانيين، مبينا أن جميعهم يعبرون عن رفضهم لحرب الإبادة الجماعية والمجازر التي ترتكبها إسرائيل. وعن تأثير هذه المظاهرات في توجهات السياسة الأوروبية، أوضح المركز الأوروبي الفلسطيني أن لهذه الفعاليات تأثير كبير داخل المجتمع الأوروبي، وذلك من حيث العزلة التي تعاني منها إسرائيل حاليا، سواء كانت ثقافية أو تعليمية، كما أنها تسهم في ارتفاع نسبة التأييد للقضية الفلسطينية وعدالتها على حساب السردية الإسرائيلية التي روجت لها طويلا. وعن تأثير هذه المظاهرات في توجهات السياسة الأوروبية، أوضح المركز الأوروبي الفلسطيني أن لهذه الفعاليات تأثير كبير داخل المجتمع الأوروبي، وذلك من حيث العزلة التي تعاني منها إسرائيل حاليا، سواء كانت ثقافية أو تعليمية، كما أنها تسهم في ارتفاع نسبة التأييد للقضية الفلسطينية وعدالتها على حساب السردية الإسرائيلية التي روجت لها طويلا. آلية التوثيق وأمام هذا العدد من المظاهرات والفعاليات في مختلف القارة الأوروبية، بيّن عضو الهيئة الإدارية بمركز "إيبال" ماهر حجازي أنهم يتبعون عدة آليات لتوثيق هذه الفعاليات، ومنها الاعتماد على جهود المراسلين والمتعاونين والمتطوعين الموجودين في مختلف المدن الأوروبية. وأضاف حجازي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أنهم يعتمدون كذلك على البث المباشر لهذه الفعاليات عبر منصات المركز المختلفة. وأكد عضو الهيئة الإدارية بإيبال أنهم تمكنوا من توثيق نحو 42 ألف مظاهرة وفعالية في 20 دولة أوروبية، خلال 675 يوما من الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. إعلان وقال إن "هذه الأصوات الهادرة في أوروبا تعكس دعمًا كبيرًا للقضية الفلسطينية ورفضًا لحرب الإبادة، كما تطالب الحكومات والدول بالضغط على الاحتلال لإيقاف عدوانه وإنهاء معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة". تأثير المظاهرات في أوروبا وعن النتائج والآثار التي انعكست على التضامن مع نحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، قال حجازي إننا في عملنا "نسعى لإيصال صوت هذه التظاهرات الرافضة لحرب الإبادة الإسرائيلية على شعبنا داخل غزة، ونقل رسالة الجماهير الداعمة والمساندة للشعب الفلسطيني". وأضاف أن "هذه التحركات والفعاليات ترفع شعارات مناهضة لتجويع غزة، وتدين السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى منع دخول المساعدات، واستهداف أبناء شعبنا بما يعرف بمصائد الموت في مراكز توزيع المساعدات". أما عن التأثير داخل المجتمعات الأوروبية نفسها، فقد بيّن المسؤول في مركز إيبال أنه بعد هذا العدد الكبير من الأنشطة والفعاليات المؤيدة لفلسطين باتت أصوات عديدة تعلو في أوروبا مطالبةً حكوماتها بممارسة ضغط حقيقي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب قضائيا لمحكمة العدل الدولية) لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني، وإنهاء الحرب، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وفي ما يتعلق بالثمار التي تجنيها القضية الفلسطينية الآن، أوضح حجازي أنه "في الأيام الأخيرة شهدنا تكثيفا واضحا لهذه الفعاليات المنددة بالجرائم الإسرائيلية ضد الصحفيين في قطاع غزة، خاصة جريمة اغتيال أنس الشريف ومحمد قريقع وغيرهما من شهداء قناة الجزيرة. ويعد المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال) مؤسسة تُعنى بالشأن الفلسطيني في أوروبا، وتأسس بجهود صحفيين وإعلاميين فلسطينيين في الدول الأوروبية، ويهدف إلى تقديم القضية الفلسطينية إلى الرأي العام الأوروبي بكافة أبعادها الإنسانية والثقافية والقانونية، وذلك عبر إنتاج مواد إعلامية والبث المباشر للفعاليات الفلسطينية في أوروبا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
واشنطن تقترح على كييف ضمانات أمنية دون انضمامها للناتو
اقترحت الولايات المتحدة على أوكرانيا ضمانات أمنية مستوحاة من تلك التي يقدمها حلف شمال الأطلسي، ولكن من دون الانضمام إلى الناتو ، حسب ما أفادت مصادر دبلوماسية السبت. وقال أحد المصادر إن "الجانب الأميركي اقترح ضمانة أمنية لأوكرانيا مستوحاة من المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي"، مضيفا "من المفترض أنه تمّ الاتفاق عليها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين" خلال قمته مع ترامب الجمعة في ألاسكا. وأكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أن الرئيس الأميركي طرح هذه الفكرة خلال مكالمة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين قبل أشهر، وقد أيدتها قبل. وأوضحت ميلوني، في بيان، أنه للشروع في ذلك يتعين تحديد "بند للأمن الجماعي يسمح لأوكرانيا بالحصول على دعم جميع شركائها، بمن فيهم الولايات المتحدة، ليكونوا مستعدين للتحرك إذا تعرضت للهجوم مجددا". وذكر المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن القادة الأوروبيين يسعون للحصول على توضيح بشأن نوع الدور الأميركي الذي قد ينطوي عليه ذلك، لكن لم تتوفر تفاصيل بعد. فكرة الحماية وأكد مصدر آخر مطلع، أنّ فكرة الحماية على غرار تلك التي يقدمها الناتو طُرحت خلال المكالمة. لكنه أشار إلى أنّ "لا أحد يعرف بالتفصيل كيف يمكن أن يتم ذلك، ولماذا يوافق بوتين عليها، إذا كان يعارض حلف شمال الأطلسي بشكل قاطع، كما يعارض بشكل واضح أي ضمانة فعّالة لسيادة أوكرانيا". وأوضح المصدر أنّ هذه المسألة قد تُطرح خلال اللقاء الذي سيُعقد بين ترامب وزيلينسكي في واشنطن الاثنين. ومن بين القضايا "العديدة" التي يفترض أن يتمّ التطرّق إليها، تنظيم لقاء ثلاثي محتمل بين بوتين وترامب وزيلينسكي، و"دور أوروبا" في عملية السلام، والضمانات الأمنية "وفعاليتها"، إضافة إلى قضية الأراضي الأوكرانية التي تحتلها موسكو. ووفق المصدر "نجح بوتين في دفع فكرة أن يتخلى الأوكرانيون عن إقليم دونباس" الواقع في شرق البلاد، الأمر الذي يعارضه زيلينسكي. وتسعى أوكرانيا منذ فترة طويلة للانضمام إلى الناتو، لكن ترامب رفض هذا الاحتمال بعد عودته إلى البيت الأبيض. وتطالب كييف بـ"ضمانات أمنية" قوية لمنع روسيا من مهاجمتها مجددا، بعد وقف إطلاق النار على الجبهة. من جهتها، تعارض موسكو انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي الذي تقول إنّه يشكل تهديدا وجوديا لأمنها. شروط بوتين وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز اليوم السبت أن بوتين طالب بانسحاب أوكرانيا من منطقة دونيتسك كشرط لإنهاء الحرب، لكنه أبلغ نظيره الأميركي بإمكانية تجميد بقية خط المواجهة إذا تمت الاستجابة لمطالبه الرئيسية. ونقلت الصحيفة عن 4 مصادر مطلعة القول إن بوتين قدّم هذا الطلب خلال اجتماعه مع ترامب في ولاية ألاسكا أمس الجمعة. وأضافت الصحيفة أن بوتين أعلن أنه سيجمد خطوط المواجهة في منطقتي خيرسون وزاباروجيا الجنوبيتين مقابل السيطرة على دونيتسك. ويعتمد الأمن المشترك في إطار حلف شمال الأطلسي على المادة الخامسة من معاهدته، والتي تنص على أنه "إذا تعرض أحد أعضاء الحلف لهجوم مسلح، فإن هذا العمل سيعتبر بمثابة هجوم ضد جميع الأعضاء وعليهم اتخاذ التدابير التي يرونها ضرورية لمساعدة الحليف الذي تعرض للهجوم"، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في الحلف العسكري 32.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
روسيا تستعد لمواجهة عملية "شبكة عنكبوت" أوكرانية أخرى
يوما بعد يوم يزداد تأثير الطائرات المسيّرة في مجريات الحرب الروسية الأوكرانية ، وتارة تشن أوكرانيا هجوما ساحقا بالمسيرات، وأخرى تميل الكفة لصالح المسيرات الروسية. ويقول الصحفي العسكري ستافروس أتلاماز أوغلو إنه بعد موجة من الهجمات البارزة وعالية المستوى والمميتة، يعمل الجيش الروسي جاهدا ليحد من فعالية الطائرات المسيّرة الأوكرانية. وقال أتلاماز أوغلو -وهو صحفي عسكري متخصص في العمليات الخاصة، وحاصل على بكالوريوس من جامعة جونز هوبكنز وماجستير من كلية الدراسات الدولية المتقدمة- إن أوكرانيا تحصل في الوقت نفسه على عشرات الآلاف من النظم الجوية المسيرة من شركائها الغربيين في الوقت الذي تتحول فيه الحرب في أوكرانيا على نحو متزايد إلى الوسائل التي يتم التحكم فيها عن بعد. وأضاف أتلاماز أوغلو -في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية- أنه عقب الهجمات الأوكرانية الأخيرة بالطائرات المسيرة داخل عمق الأراضي الروسية، خصصت القوات الروسية موارد هائلة للتعامل مع تهديد الطائرات المسيرة الأوكرانية. وردا على هجمات كييف -وبصفة خاصة عملية شبكة العنكبوت في شهر يونيو/حزيران، التي دمرت وألحقت الضرر بالعشرات من الطائرات القاذفة الروسية بعيدة المدى التي كانت بعيدة عن خطوط المواجهة- بدأت روسيا برنامجا يهدف إلى حماية القواعد الجوية والطائرات الرئيسية القريبة من الحدود الروسية الأوكرانية. ويقوم الجيش الروسي بتحصين القواعد الجوية، بما في ذلك ميلروفو، وكورسك فوستوشني، وهفارديسكي، بحظائر وملاجئ شديدة الصلابة. ووفقا لتقارير استخباراتية غربية، تتمتع حظائر الطائرات الروسية المحصنة الآن بأسطح على شكل قباب وأبواب سميكة لاحتواء الانفجارات. وبعض حظائر الطائرات مغطاة أيضا بالتراب كطبقة حماية إضافية. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية -في تحديث بشأن حرب الطائرات المسيرة في أوكرانيا- أن "تشييد هذه الملاجئ المحصنة للطائرات يُوفّر طبقة من الحماية للطائرات المنتشرة في القواعد الجوية الروسية ضد هجمات المنظومات الجوية المسيرة أحادية الاتجاه في المستقبل". ولكن مثل هذه التحصينات لا تعني بالضرورة أن الطائرات المسيرة لن تكون ذات فعالية ضد هذه القواعد الجوية. وللعلم، فإن قيمة الطائرة المسيرة تكون في صغر حجمها ومرونتها أكثر من قدراتها التفجيرية. وأضاف أتلاماز أوغلو أن الطائرات المسيرة تظهر فعاليتها المميتة لأنه يمكن توجيهها بدقة عالية. ويظهر الكثير من الفيديوهات مشغلي الطائرات المسيرة الأوكرانية وهم يوجهون طائرات مسيرة صغيرة إلى دبابات روسية، وعربات الجنود المدرعة، ومراكز قيادة وتحكم، وحتى المخابئ في الخنادق. وبمجرد تواجدها بالداخل، فإن الطائرات المسيرة يمكن أن تحدث تدميرا كبيرا. وتقوم روسيا أيضا بتجربة وسائل أخرى لوقف أسطول الطائرات المسيرة الأوكراني، الذي يتعاظم حجمه مع مرور الوقت. 100 ألف مسيّرة بريطانية ويزود الشركاء الدوليون لكييف الجيش وأجهزة الاستخبارات الأوكرانية بعشرات الآلاف من المنظومات الجوية المسيرة من كل الأنواع والأحجام. وعلى سبيل المثال، سلّمت المملكة المتحدة 50 ألف طائرة مسيرة فقط في الأشهر الستة الماضية. وجاء تسليم هذه الطائرات إضافة إلى قرابة 20 ألف طائرة مسيرة تم تقديمها لأوكرانيا في نفس الإطار الزمني من جانب تحالف الطائرات المسيرة الذي تقوده المملكة المتحدة ولاتفيا. ويعمل التحالف على نحو وثيق مع قطاع الصناعة لتسريع وتيرة مشتريات وتسليم المنظومات الجوية المسيرة للوحدات الأوكرانية على خطوط الجبهات. وعلى وجه العموم، تعهدت حكومة المملكة المتحدة بنحو 350 مليون جنيه إسترليني (465 مليون دولار) في عام 2025 لتسليم 100 ألف منظومة جوية مسيرة لأوكرانيا. وسوف يمثل هذا العدد زيادة بـ10 أضعاف عن الـ10آلاف طائرة مسيرة التي كانت لندن زودت بها أوكرانيا في عام 2024. وتظهر هذه الزيادة الفلكية التأكيد المتزايد للجيوش على حرب الطائرات المسيرة. واختتم أتلاماز أوغلو تقريره بالقول إنه قبل انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية، كانت كيانات حكومية وغير حكومية تستخدم الطائرات المسيرة على نحو متزايد ولمجموعة أوسع نطاقا من المهام. ومنذ أن بدأت الحرب، أصبحت الطائرات المسيرة ركيزة أساسية للصراع الحديث.