
«التطبيقات»... أسلوب عصري غيّر معادلة العقار بيعاً وشراء
- عبدالله الصالح: تغير كامل في آلية تنفيذ الصفقات العقارية
- أحمد اللهيب: الفكر التقليدي الحاكم بتعاملات السوق العقاري تغير
في ظل القفزات التكنولوجية باستمرار وتوسع التحوّل الرقمي في الحياة اليومية، تصدرت التطبيقات المشهد العقاري الفترة الماضية، فبعد أن كان استخدامها مقتصراً على الشباب قبل جائحة كورونا، استقطبت شريحة عريضة من مستخدمي ومتعاملي العقار أخيراً، ليضم مع ذلك السوق المحلي تطبيقات عقارية متخصصة تتنافس في تقديم العروض من بيع وشراء وتأجير وتقييم وتمويل وإدارة وغير ذلك.
ويعمل في الكويت، نحو 10 تطبيقات عقارية، منها 3 متخصصة في البيع والشراء، و3 تقدم خدمات التقييم والإدارة، إضافة إلى تطبيقات شاملة لقطاعات أخرى ولكنها تقدم خدمات عقارية، ويصل عدد مستخدمي بعض التطبيقات المتخصصة 600 ألف، ويرتفع العدد في التطبيقات الشاملة، كما تحقق ملايين المشاهدات.
وأكد متخصصون أن التطبيقات العقارية أحدثت تغييراً كاملاً في آلية تنفيذ صفقات القطاع محلياً، لاسيما أن الطرق التقليدية في الاستفسار، كانت تؤدي إلى هدر كبير في الوقت والجهد لجميع أطراف الصفقة، كما أن البيانات لم تكن كاملة أمام المستثمر أو الباحث، كما زادت وعي مستخدميها من خلال معرفة قيمة عقاراتهم بشكل دقيق دون مبالغة أو نقصان، كما زادت وعي مستخدميها من خلال معرفة قيمة عقاراتهم بشكل دقيق من دون مبالغة أو بخس بالثمن.
ولفتوا إلى أن المنصات والتطبيقات الحكومية التي تم إطلاقها السنوات الأخيرة، أحدثت تغيراً كاملاً ليس في القطاع العقاري فقط ولكن في جميع القطاعات الآخرى والتي من أبرزها «سهل»، «هويتي»، و«Kuwait Finder»، موضحين أن هذه التطبيقات دعمت التطبيقات العقارية كثيراً، خصوصاً مع ربطها بها، إذ أعطت موثوقية لها.
وحول المعوقات التي تواجه استخدام الحلول الذكية في السوق العقاري، أكدوا أن أبرزها نقص التشريعات، وعدم وجود جهة واحدة تجمع البيانات الحكومية المتعلقة بالصفقات العقارية.
من ناحيته، قال المدير الشريك لشركة «الحسبة» العقارية والمقيّم العقاري المعتمد أحمد اللهيب، إن التطبيقات العقارية سهلت على المتعاملين في القطاع بشفافية مرجعية للأسعار، كما زادت وعي مستخدميها من خلال معرفة قيمة عقاراتهم بشكل دقيق دون مبالغة أو نقصان، موضحاً أن هذه التطبيقات قدم خدمات رقمية وحلول للقطاع، بعضها مبني على خوارزميات تستخدم المعايير الدولية للتقييم العقاري، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى المؤثرة في قيمة العقار، لافتاً إلى أن التطبيقات العقارية غيرت الفكر السائد الحاكم في تعاملات السوق العقاري السنوات الماضية، من بحث عشوائي لآخر يوفر قاعدة بيانات كافية لمتعاملي القطاع.
وأشار إلى أن هناك خدمات أخرى تقدمها التطبيقات، مثل عرض جميع المزادات العقارية بتواريخها وتوقيتاتها المختلفة وأماكنها وأسعارها قبل وبعد المزاد، كما توجد خدمة أخرى لاحتساب قيمة أقساط العقار، إضافة لخدمات إعلان بيع وإيجار العقارات والأخبار العقارية المحلية ومقالات عقارية مختارة، مؤكداً أن التطبيقات العقارية استطاعت تغيير ثقافة المستخدم، سواء كان بائعاً أو مشترياً، ففي السابق كان يتم الاكتفاء بمعلومات قليلة عن العقار محل الصفقة، لكن الآن باتت هناك رؤية كاملة عنه، حيث قد يتضمن العقار 13 وصفاً، تشكل رؤية متكاملة، تؤثر كثيراً في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.
وأكد أن استخدام التطبيقات بعد «كورنا» كما يتم حالياً، أصبح توجهاً للجهات سواء كانت حكومية أو قطاعاً خاصاً، مستدلاً عقارياً بتطبيق Kuwait Finder «الذي أحدث نقلة نوعية للقطاع العقاري في الكويت حيث يقدم معلومات وصوراً عن المباني والوحدات السكنية والجهات الحكومية والخاصة.
وحول المعوقات التي تواجه استخدام الحلول الذكية في السوق العقاري، أوضح اللهيب أن أبرزها نقص التشريعات، فهناك أطراف عدّة تدخل في عملية الشراء والبيع العقاري، مثل وزارة العدل، بلدية الكويت، الإطفاء، مطالباً بوجود منصة ذكية تربط كل هذه الأطراف، فيما أوضح أن كثرة الأطراف تقلل شفافية العملية وتجعل هناك العديد من البيانات غير متوافرة ما يؤثر على اتخاذ القرار.
وأضاف أن هناك العديد من الخدمات الرقمية التي قد تساعد في تسهيل وتسريع إجراءات التداول العقاري، إلا أنها مؤجلة حتي تصدر تشريعات بها، لافتاً إلى أن فكرة الدفتر الإلكتروني تم طرحها منذ سنوات، وتم تفعيلها الفترة القصيرة الماضية إلا أنها لاتزال بحاجة إلى تطويرات إضافية لضمان تشغيلها بالشكل الصحيح.
آلية التنفيذ
من ناحيته، قال الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس في منصة سكن المهندس عبدالله الصالح، إن التطبيقات العقارية أحدثت تغييراً كاملاً في آلية تنفيذ صفقات القطاع محلياً، موضحاً أنه في السابق كان يتم استخدام الطرق التقليدية في الاستفسار عن العقار، كما أنه كان هناك نقص في البيانات العقارية.
وأوضح الصالح أن بعض التطبيقات ساعدت متعاملي العقار ليجدوا الذي يناسبهم من حيث السعر والمنطقة والمواصفات بسهولة، حيث تم ربطها، فأصبح اليوم يأتي للمالك أو الوسيط طلب شراء أو استئجار موثق، عن طريق «هويتي» ما زاد موثوقية الخدمات المقدمة عبر هذه التطبيقات.
وأكد أن المنصات العقارية توفر صوراً لمخطط العقار من الداخل والخارج، بما يتيح للباحث أو المستخدم أخذ فكرة كاملة عن حالة العقار لمساعدته، موضحاً أن هذه الخدمات لم تكن تقدم بالطرق القديمة، الأمر الذي أحدث طفرة في آلية البيع والشراء.
وبين أن عملية أتمتة الصفقات العقارية عبر التطبيقات حققت لكل طرف في الصفقة ما يريده بأسرع وأسهل الطرق، فالباحث عن العقار يجده سريعاً والمعلومات التفصيلية متوافرة، مشيراً إلى زيادة الإقبال على التطبيق من المتعاملين خصوصاً من الفئات العمرية الشبابية والمتوسطة.
وحول المعوقات التي تواجه أتمتة الصفقات العقارية، شدد الصالح على ضرورة توفير المعلومات والبيانات الحكومية عبر طرف واحد مثل «هيئة عقار» وربطها مع السوق، أسوة بما هو متبع خليجياً مثل السعودية وقطر، مؤكداً أنه في حالة تنفيذ هذا الربط، يستطيع القطاع الخاص تقديم ما لديه من بيانات تستفيد منها الجهات الحكومية في الإحصاء والتخطيط واتخاذ القرارات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 6 ساعات
- الرأي
«التطبيقات»... أسلوب عصري غيّر معادلة العقار بيعاً وشراء
- عبدالله الصالح: تغير كامل في آلية تنفيذ الصفقات العقارية - أحمد اللهيب: الفكر التقليدي الحاكم بتعاملات السوق العقاري تغير في ظل القفزات التكنولوجية باستمرار وتوسع التحوّل الرقمي في الحياة اليومية، تصدرت التطبيقات المشهد العقاري الفترة الماضية، فبعد أن كان استخدامها مقتصراً على الشباب قبل جائحة كورونا، استقطبت شريحة عريضة من مستخدمي ومتعاملي العقار أخيراً، ليضم مع ذلك السوق المحلي تطبيقات عقارية متخصصة تتنافس في تقديم العروض من بيع وشراء وتأجير وتقييم وتمويل وإدارة وغير ذلك. ويعمل في الكويت، نحو 10 تطبيقات عقارية، منها 3 متخصصة في البيع والشراء، و3 تقدم خدمات التقييم والإدارة، إضافة إلى تطبيقات شاملة لقطاعات أخرى ولكنها تقدم خدمات عقارية، ويصل عدد مستخدمي بعض التطبيقات المتخصصة 600 ألف، ويرتفع العدد في التطبيقات الشاملة، كما تحقق ملايين المشاهدات. وأكد متخصصون أن التطبيقات العقارية أحدثت تغييراً كاملاً في آلية تنفيذ صفقات القطاع محلياً، لاسيما أن الطرق التقليدية في الاستفسار، كانت تؤدي إلى هدر كبير في الوقت والجهد لجميع أطراف الصفقة، كما أن البيانات لم تكن كاملة أمام المستثمر أو الباحث، كما زادت وعي مستخدميها من خلال معرفة قيمة عقاراتهم بشكل دقيق دون مبالغة أو نقصان، كما زادت وعي مستخدميها من خلال معرفة قيمة عقاراتهم بشكل دقيق من دون مبالغة أو بخس بالثمن. ولفتوا إلى أن المنصات والتطبيقات الحكومية التي تم إطلاقها السنوات الأخيرة، أحدثت تغيراً كاملاً ليس في القطاع العقاري فقط ولكن في جميع القطاعات الآخرى والتي من أبرزها «سهل»، «هويتي»، و«Kuwait Finder»، موضحين أن هذه التطبيقات دعمت التطبيقات العقارية كثيراً، خصوصاً مع ربطها بها، إذ أعطت موثوقية لها. وحول المعوقات التي تواجه استخدام الحلول الذكية في السوق العقاري، أكدوا أن أبرزها نقص التشريعات، وعدم وجود جهة واحدة تجمع البيانات الحكومية المتعلقة بالصفقات العقارية. من ناحيته، قال المدير الشريك لشركة «الحسبة» العقارية والمقيّم العقاري المعتمد أحمد اللهيب، إن التطبيقات العقارية سهلت على المتعاملين في القطاع بشفافية مرجعية للأسعار، كما زادت وعي مستخدميها من خلال معرفة قيمة عقاراتهم بشكل دقيق دون مبالغة أو نقصان، موضحاً أن هذه التطبيقات قدم خدمات رقمية وحلول للقطاع، بعضها مبني على خوارزميات تستخدم المعايير الدولية للتقييم العقاري، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى المؤثرة في قيمة العقار، لافتاً إلى أن التطبيقات العقارية غيرت الفكر السائد الحاكم في تعاملات السوق العقاري السنوات الماضية، من بحث عشوائي لآخر يوفر قاعدة بيانات كافية لمتعاملي القطاع. وأشار إلى أن هناك خدمات أخرى تقدمها التطبيقات، مثل عرض جميع المزادات العقارية بتواريخها وتوقيتاتها المختلفة وأماكنها وأسعارها قبل وبعد المزاد، كما توجد خدمة أخرى لاحتساب قيمة أقساط العقار، إضافة لخدمات إعلان بيع وإيجار العقارات والأخبار العقارية المحلية ومقالات عقارية مختارة، مؤكداً أن التطبيقات العقارية استطاعت تغيير ثقافة المستخدم، سواء كان بائعاً أو مشترياً، ففي السابق كان يتم الاكتفاء بمعلومات قليلة عن العقار محل الصفقة، لكن الآن باتت هناك رؤية كاملة عنه، حيث قد يتضمن العقار 13 وصفاً، تشكل رؤية متكاملة، تؤثر كثيراً في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه. وأكد أن استخدام التطبيقات بعد «كورنا» كما يتم حالياً، أصبح توجهاً للجهات سواء كانت حكومية أو قطاعاً خاصاً، مستدلاً عقارياً بتطبيق Kuwait Finder «الذي أحدث نقلة نوعية للقطاع العقاري في الكويت حيث يقدم معلومات وصوراً عن المباني والوحدات السكنية والجهات الحكومية والخاصة. وحول المعوقات التي تواجه استخدام الحلول الذكية في السوق العقاري، أوضح اللهيب أن أبرزها نقص التشريعات، فهناك أطراف عدّة تدخل في عملية الشراء والبيع العقاري، مثل وزارة العدل، بلدية الكويت، الإطفاء، مطالباً بوجود منصة ذكية تربط كل هذه الأطراف، فيما أوضح أن كثرة الأطراف تقلل شفافية العملية وتجعل هناك العديد من البيانات غير متوافرة ما يؤثر على اتخاذ القرار. وأضاف أن هناك العديد من الخدمات الرقمية التي قد تساعد في تسهيل وتسريع إجراءات التداول العقاري، إلا أنها مؤجلة حتي تصدر تشريعات بها، لافتاً إلى أن فكرة الدفتر الإلكتروني تم طرحها منذ سنوات، وتم تفعيلها الفترة القصيرة الماضية إلا أنها لاتزال بحاجة إلى تطويرات إضافية لضمان تشغيلها بالشكل الصحيح. آلية التنفيذ من ناحيته، قال الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس في منصة سكن المهندس عبدالله الصالح، إن التطبيقات العقارية أحدثت تغييراً كاملاً في آلية تنفيذ صفقات القطاع محلياً، موضحاً أنه في السابق كان يتم استخدام الطرق التقليدية في الاستفسار عن العقار، كما أنه كان هناك نقص في البيانات العقارية. وأوضح الصالح أن بعض التطبيقات ساعدت متعاملي العقار ليجدوا الذي يناسبهم من حيث السعر والمنطقة والمواصفات بسهولة، حيث تم ربطها، فأصبح اليوم يأتي للمالك أو الوسيط طلب شراء أو استئجار موثق، عن طريق «هويتي» ما زاد موثوقية الخدمات المقدمة عبر هذه التطبيقات. وأكد أن المنصات العقارية توفر صوراً لمخطط العقار من الداخل والخارج، بما يتيح للباحث أو المستخدم أخذ فكرة كاملة عن حالة العقار لمساعدته، موضحاً أن هذه الخدمات لم تكن تقدم بالطرق القديمة، الأمر الذي أحدث طفرة في آلية البيع والشراء. وبين أن عملية أتمتة الصفقات العقارية عبر التطبيقات حققت لكل طرف في الصفقة ما يريده بأسرع وأسهل الطرق، فالباحث عن العقار يجده سريعاً والمعلومات التفصيلية متوافرة، مشيراً إلى زيادة الإقبال على التطبيق من المتعاملين خصوصاً من الفئات العمرية الشبابية والمتوسطة. وحول المعوقات التي تواجه أتمتة الصفقات العقارية، شدد الصالح على ضرورة توفير المعلومات والبيانات الحكومية عبر طرف واحد مثل «هيئة عقار» وربطها مع السوق، أسوة بما هو متبع خليجياً مثل السعودية وقطر، مؤكداً أنه في حالة تنفيذ هذا الربط، يستطيع القطاع الخاص تقديم ما لديه من بيانات تستفيد منها الجهات الحكومية في الإحصاء والتخطيط واتخاذ القرارات.


الوطن الخليجية
منذ 4 أيام
- الوطن الخليجية
الذهب أداة قطرية للتحوّط وتعظيم الأرباح في عالم مضطرب
في خضم عالم مالي يشهد تقلّبات جذرية، وبينما تواجه البنوك المركزية ضغوطات ناجمة عن أسعار الفائدة المنخفضة، اتجهت قطر إلى خيار استراتيجي مختلف: الاستثمار المكثف في الذهب. خلال السنوات الخمس الماضية، لم تكتف الدوحة بزيادة مخزونها من هذا المعدن الثمين فحسب، بل جعلت منه أحد أعمدة سياستها النقدية، لتحقق بذلك أرباحاً معتبرة وتتفوق خليجياً وعربياً في نسبته من إجمالي الاحتياطي النقدي. تحوّل استراتيجي في السياسة النقدية حتى عام 2006، لم يكن للذهب حضور يُذكر في محفظة الاحتياطي النقدي القطري. لكن مع بداية 2007، بدأت السياسة النقدية تنحو منحى جديداً. لم يكن هذا التحوّل اعتباطياً، بل جاء استجابة لمتغيرات عالمية شملت أزمات مالية وصراعات جيوسياسية وضغوطاً على العملات، وأدى إلى قناعة مفادها أن التنويع هو أفضل وسيلة للتحصين. اليوم، يشكل الذهب نحو 13.2% من احتياطي قطر النقدي – وهي أعلى نسبة في الخليج – بعدما قفز المخزون من أقل من طن واحد إلى ما يزيد على 110 أطنان حتى نهاية 2024. هذا التحول ليس مجرد تعديل فني، بل يعكس فلسفة اقتصادية تتطلع إلى الاستقرار طويل الأمد والربحية في آن واحد. لجنة الاستثمار والبنية التنظيمية يقود هذا التحول لجنة الاستثمار التابعة لمصرف قطر المركزي، وهي الجهة المسؤولة عن رسم سياسة إدارة الاحتياطي وتوزيعها على إدارات متخصصة. تقوم إدارة المخاطر بترشيح الأصول الآمنة، بينما تضبط إدارة عمليات الاستثمار توقيتات الشراء، وتتابع إدارة الاستثمار أسعار صرف الريال، في تنسيق يعكس احترافية مؤسسية تندر في المنطقة. أهداف السياسة القطرية في هذا الإطار ثلاثية الأبعاد: حماية سعر صرف الريال، تأمين العملات الأجنبية اللازمة للنظام المالي، وتحقيق عائد على الاحتياطيات من خلال أدوات متنوعة تتضمن الذهب، السندات، الأسهم، والودائع. مكاسب الذهب مقابل تراجع العملات في الوقت الذي كانت فيه أسعار الفائدة تتراجع عالمياً، وتحديداً منذ جائحة كورونا، حافظ الذهب على مسار صاعد. بين 2020 و2024، ارتفع سعر الأونصة بنسبة تقارب 80%، مدفوعاً بعوامل أبرزها الحروب، العقوبات الدولية، سياسات الحمائية التجارية، وتخفيضات أسعار الفائدة التي قادتها الولايات المتحدة وأوروبا. قطر استغلت هذا الاتجاه بذكاء. فبدلاً من إبقاء احتياطياتها في ودائع منخفضة العائد، حولت جزءاً منها إلى ذهب، فارتفعت قيمة المعدن المملوك للمصرف المركزي القطري من نحو 757 مليون دولار في 2015 إلى أكثر من 9.2 مليار دولار بنهاية 2024. في المقابل، تراجعت نسبة العملات الأجنبية من إجمالي الاحتياطي من أكثر من 50% عام 2015 إلى أقل من 35% في 2024. هذا التحول لم يكن مجرد استجابة آنية، بل يعكس تصوراً جديداً لدور الذهب كأصل استراتيجي لا يتآكل بفعل التضخم أو تقلبات السوق. قطر في الصدارة خليجياً لا توجد دولة خليجية أخرى بادرت إلى شراء الذهب منذ عقود. السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعُمان حافظت على احتياطياتها القديمة دون تحديث يُذكر، ويُحتسب الذهب لديها بقيمته التاريخية لا السوقية. هذا يعني أن احتياطياتها الثمينة تبقى 'راكدة' من حيث القيمة المحاسبية، ولا تعكس الارتفاع الفعلي في أسعار الذهب. قطر، على النقيض، تنتهج سياسة تقييم الذهب بسعر السوق، ما يجعل أرقامها أكثر شفافية ويعزز من قدرتها على رصد الأداء الحقيقي لاستثماراتها. تقديرات للأرباح بالرغم من غياب بيانات رسمية مفصلة عن أرباح الاستثمار في الذهب، إلا أن التقديرات تشير إلى أرقام معتبرة. في عام واحد فقط (بين نهاية 2023 ونهاية 2024)، اشترت قطر نحو 9.9 أطنان من الذهب، ارتفع خلالها سعر الأونصة من 2050 إلى 2617 دولاراً. هذه العملية وحدها قد تكون قد حققت أرباحاً تقدر بـ197 مليون دولار تقريباً. ومنذ عام 2020، ارتفع إجمالي الذهب الذي تمتلكه قطر من نحو 56 طناً إلى أكثر من 112 طناً، ما يعني أن الأرباح المتراكمة على مدى خمس سنوات قد تكون مضاعفة بعدة مرات. الذهب كملاذ في أوقات الأزمات التوجه نحو الذهب يتجاوز الحسابات الربحية قصيرة الأجل. فالذهب يُعتبر ملاذاً آمناً في أوقات التوتر العالمي. وقد أسهمت أحداث مثل الحرب الروسية الأوكرانية، العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، والتوتر في مضيق تايوان، في تغذية الطلب عليه. كما أن الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والعقوبات المتزايدة على قوى إقليمية، أدت إلى فقدان الثقة بالدولار واليورو، وهو ما دفع البنوك المركزية – ومنها القطرية – إلى رفع حيازتها من الذهب بشكل غير مسبوق. دروس للدول الأخرى اللافت أن دولاً عربية ذات احتياطيات نقدية متواضعة مقارنة بقطر، مثل لبنان والأردن ومصر، تمتلك نسباً أعلى من الذهب في احتياطاتها. إذ تصل النسبة إلى أكثر من 50% في لبنان و23% في مصر، ما يعكس إدراكاً مبكراً لأهمية هذا المعدن في تحصين الاقتصاد. لكن ما يميز قطر أنها تدخلت في التوقيت المناسب واستفادت من طفرة الأسعار، بينما بقيت دول الخليج الأخرى على هامش هذا التحول. آفاق المستقبل من المتوقع أن يستمر الطلب على الذهب في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والغموض الاقتصادي العالمي. ويبدو أن الدوحة تدرك ذلك جيداً، فقد واصلت الشراء حتى فبراير 2025 بإضافة طنين آخر إلى مخزونها. إذا واصلت قطر هذه السياسة، فقد تكون على موعد مع المزيد من المكاسب، خصوصاً إذا تسارعت الأزمات العالمية أو استمرت أسعار الفائدة بالانخفاض. وفي غياب مبادرات مماثلة من دول الخليج الأخرى، تبقى قطر المثال الخليجي الوحيد على توظيف الذهب كأداة فعالة للتحوط وتعظيم الأرباح في عالم لا يمكن التنبؤ به.


المدى
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- المدى
لبنان يستنفر لإطلاق موسم سياحي واعد
بولا أسطيح – الشرق الأوسط يعيش لبنان، حكومة وقطاعات، حالة من الاستنفار استعداداً لإطلاق موسم سياحي واعد بعد سنوات طويلة من الركود الذي شلّ السياحة نتيجة الأزمات السياسية والأمنية الكبيرة التي عصفت بالبلاد. فهذا القطاع الذي اعتاد أن يكون العمود الفقري للاقتصاد اللبناني ويُدخل أكثر من 8 مليارات دولار سنوياً إلى البلاد قبل عام 2011، مساهماً بنسبة تقارب 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، تأثر بشكل أساسي باندلاع الحرب السورية وتبعاتها، مما أدى إلى انقطاع الطرق البرية مع دول الخليج وتراجع أعداد السياح الخليجيين، قبل أن تنطلق موجة من التفجيرات الانتحارية عام 2014، وصولاً لانفجار الأزمة الاقتصادية والمالية في البلد عام 2019، فتفشي جائحة «كورونا» عام 2020، ما أدى لتوقف شبه كامل للسياحة، مع إغلاق الفنادق والمطاعم وتوقف الرحلات الجوية. وبعد أن حاول القطاع التقاط أنفاسه في السنوات القليلة التي تلت، أدى انخراط «حزب الله» بحرب غزة عام 2023 وما تلاه من حرب إسرائيلية موسعة على لبنان الصيف الماضي، إلى أزمة أصابت القطاع ووضعته تحت خسائر طائلة. خطط الحكومة واليوم، وعلى أبواب موسم الاصطياف، يعول لبنان على أن يستعيد أمجاده السياحية الماضية، خاصة مع إعلان وزارة الخارجية الإماراتية مؤخراً إلغاء قرار منع سفر مواطنيها إلى لبنان، وترقب أن يكون هناك موقف مماثل لدول مجلس التعاون الخليجي الذي اجتمع سفراؤه برئيس الحكومة نواف سلام وتلقوا منه تعهدات بتنفيذ كل ما هو مطلوب أمنياً ولوجيستياً، وعلى كل المستويات للسماح لمواطني المجلس بالعودة إلى لبنان. وتتجه الحكومة لإقامة غرفة عمليات سياحية وتخصيص خط ساخن يسمح بالاتصال مباشرة بهذه الغرفة لتذليل أي مشاكل يمكن أن تواجه السياح. وبدأت تنفيذ خطة أمنية تطال المطار كما الطرق المؤدية إليه إضافة لتفعيل عمل الشرطة السياحية. خطة وزارة السياحة أما خطة وزارة السياحة فتشمل، بحسب وزيرة السياحة اللبنانية، لورا الخازن لحود، عدة محاور يتم العمل عليها بشكل متوازٍ؛ «تبدأ من داخل الوزارة، من تأهيلٍ للموظفين والكوادر والشرطة السياحية والمفتشين في المناطق، تمر بجعل لبنان تجربة سياحية متميزة وفريدة في كل المناطق وعلى امتداد أشهر السنة، وذلك عبر تشجيع المبادرات الخاصة وتنويع السياحة بين سياحة بيئية ودينية وطبية ورياضية وثقافية وغيرها، وصولاً إلى مراقبة الأسعار وضبطها، والتأكيد على شفافيتها وتنافسيتها بالتعاون مع النقابات السياحية المختصة والهيئات الاقتصادية، ودعم المهرجانات، والتحضير لحملة ترويجية متكاملة تخرج قطاع السياحة من الطابع الموسمي الضيق، فلا يقتصر فقط على مواسم أو أعياد معينة، ليتحول بكل فعالياته ومناطقه جبلاً، وساحلاً ودروباً، إلى تجربة فريدة على مدار السنة لكل الزوار». وتشير لحود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن خطتها تلحظ أيضاً وبشكل أساسي «المغتربين اللبنانيين وتشجيعهم على الاستثمار ولعب دور فعال في هذا القطاع من خلال الابتكارات والمبادرات الجديدة»، لافتة إلى أن «رفع الحظر على السفر إلى لبنان من الإمارات العربية المتحدة يشكل بدوره نقطة تحول مهمة في هذا الشأن على أمل أن يتبع ذلك مبادرة مماثلة من كافة دول مجلس التعاون الخليجي الذين يشكلون جزءاً كبيراً من الحركة السياحية في لبنان». وتتوقع لحود وصول «أعداد كبيرة من السياح خلال هذا الصيف، وأن تكون الحركة السياحية ناشطة جدّاً، وذلك انطلاقاً من عمل الحكومة بشكل عام، وعمل الوزارات المعنية بشكل خاص، لتطبيق جميع الإصلاحات المطلوبة، وخصوصاً ورقة العمل التي قدمتها وزارة السياحة، ويجري العمل لتطبيقها بشكل سريع وفعال لنكون على جهوزية تامة لموسم سياحي واعد». زمن «سويسرا الشرق» ويشير مارون خاطر، الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة إلى أن السياحة اللبنانيَّة «عاشت عَصرها الذَّهبي في خَمسينات وستينات القرن الماضي، تحديداً بين أواخر الأربعينيات وبِداية الحَرب الأهلية عام 1975. فعُرَفَ لبنان خلال هذه الفَترة بـ«سويسرا الشَّرق» بفضل ازدهار السياحة والقطاع المَصرفي. وبَلَغَت مُساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة نحو 20 في المائة، مما جعلها رَكيزةً أساسية في الاقتصاد الوَطني»، موضحاً أنه «في عام 1974، وقَبلَ سنة من اندلاع الحَرب الأهلية، استقبل لبنان نحو 1.4 مليون سائح، وهو رقم قياسي في ذلك الوقت. وقد كانت السياحة مصدراً أساسياً للعملات الأجنبية وكان لها انعكاس مباشر على الميزان التجاري وعلى تعزيز مركز لبنان ومَكانته المَاليَّة والخَدماتيَّة. كما أنه وقبل الأزمات السياسية، كان السياح العرب يشكلون النسبة الأعلى من الوافدين يُضاف إليهم السياح الأوروبيون والأجانب». انعكاس الأزمات على القطاع ويشرح خاطر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ اندلاع الحرب اللبنانية إلى اليوم، عاش لبنان غياباً مستداماً للاستقرار السياسي والأمني وسلسلةً لا تنتهي من الأزمات المُتَقَطعَة والبَاردة. وقد تَسببت الحرَب وفترات عدم الاستقرار بتضرر البنية التحتية وغِياب الاستثمارات وبتراجع سمعة لبنان السياحية. تزامناً، أدى تدهور العلاقة مع الدول العربية إلى تفاقم هذه الأزمة مما وضع القطاع السياحي أمام تحديات كبيرة. إلا أنه وخلال هذه السنوات شَكَّل المُغتربون اللبنانيون الرَّكيزة المُستدامة والرافعة الأساسية للقطاع السياحي وللاقتصاد على الرغم من الأخطار وارتفاع الأكلاف». ويضيف: «بعد انتهاء جائحة (كورونا) انتَعَشَت السياحة على الرغم مِن استمرار الأزمة الاقتصادية غير المَسبوقة. وبَلَغَت الإيرادات السياحيَّة 5.41 مليار دولار في عام 2023، وشكَّلت نحو ثلث الناتج المحلي المُتدهور بِفعل الأزمة، في حين بلغت العَائِدات السياحيَّة 1.72 مليار دولار واستقبل لبنان في هذا العام نحو 1.67 مليون زائر… إلا أن هذا الوضع لم يُكتب له الاستمرار مع اندِلاع حَرب غَزَّة، ومن بَعدِها الحرب بين (حِزب الله) وإسرائيل في جَنوب لبنان». ويعتبر خاطر أنه «بَعد عَودة لُبنان إلى الخريطة السياسيَّة على إثر التَّحولات الجيوسياسيَّة في الشرق الأوسَط، ومع انطلاق العَهد الجَديد تَجَدَّدَ الأمل في إرساء استقرار سياسي مستدام يشكل منطلقاً المُنطلق للتعافي الاقتصادي والنَّقدي، ويؤدي إلى ازدهار القطاع السياحي رغم بعض العقبات وأبرزها تحدي إعادة الأعمار. فبالإضافة إلى الحاجة المُلِحة للاستثمار في البنية التحتية، بات البلد أمام مُعضلة اقتصاديَّة أكثر تعقيداً. وبالتزامن، لا يَزال الوضع في الجنوب مَفتوحاً على كل الخيارات».