
هل تنجح صفقة إعادة المهاجرين بوقف قوارب العبور بين بريطانيا وفرنسا؟
وتحوم شكوك واسعة بشأن قدرة الاتفاق البريطاني الفرنسي على ردع المهاجرين عن عبور القنال الإنجليزي الذي يفصل بين بريطانيا و فرنسا ، ويزيد من حدة الخلافات الأوروبية بشأن تقاسم أعباء الهجرة وآليات توزيع المهاجرين بين دول الاتحاد الأوروبي.
وينص هذا الاتفاق على أن تستعيد فرنسا المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى السواحل البريطانية، مقابل قبول المملكة المتحدة العدد نفسه من طالبي اللجوء القادمين من فرنسا عبر مسار قانوني.
وبينما أكدت الداخلية البريطانية أن أعداد المهاجرين غير النظاميين -الذين وصلوا البلاد على متن القوارب المطاطية في غضون يومين فقط- بلغ حوالي 700 مهاجر، قال خفر السواحل إنه أجرى عمليات إنقاذ وتدخل سريع لاعتراض قوارب في المياه الإقليمية خلال الأيام الماضية.
ورغم إصرار ستارمر على وصف الاتفاق بـ"اللحظة الفارقة التي ستقلب الطاولة على شبكات المهربين" لم يخض المسؤولون البريطانيون في تفاصيل الصفقة، ورفضت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر تحديد أعداد المهاجرين الذين سيتم إبعادهم إلى فرنسا، مما دفع نواب معارضين لانتقاد الاتفاق بوصفه غامضا وغير قابل للتنفيذ.
وتهدد الداخلية البريطانية بأن أي مهاجر يصل البلاد وتتم إعادته إلى فرنسا -ويعيد الكرة ثانية- لن يحظى بفرصة طلب اللجوء، في محاولة لردع شبكات التهريب وتقليص فرص المهاجرين في الاستقرار بالبلاد.
وقد أشارت صحيفة لوموند -نقلا عن مسؤولين فرنسيين- أن العدد الأولي للمهاجرين الذين ستتم إعادتهم أسبوعيا من بريطانيا إلى البلاد سيبلغ 50 مهاجرا، في الوقت الذي يصل ما يقدر بحوالي 782 شخصا أسبوعيا على متن قوارب الهجرة التي تعبر القنال الإنجليزي بنجاح.
إعلان
وتواصل السلطات البريطانية تقديم المساعدات والتمويل لحرس الحدود الفرنسي بالقرب من مناطق العبور، وقد رحبَّت أيضا بموافقة السلطات الفرنسية على السماح لضباط الشرطة بدخول المياه الضحلة وإغراق القوارب ومنعها من المغادرة باتجاه المياه البريطانية.
ويعد ملف الهجرة مثار استقطاب حاد بين حكومة حزب العمال والمعارضين لسياساتها، سواء من الأحزاب اليمينية ك المحافظين وحزب الإصلاح أو الأصوات اليسارية المدافعة عن حقوق المهاجرين.
ولا يبدو أن صفقة تبادل المهاجرين -التي تردد الفرنسيون طويلا قبل إبرامها مع ستارمر- محل ترحيب لدى معارضي الحكومة العمالية، فلا ينظر إليها كإنجاز يقفز على واقع أرقام الداخلية البريطانية التي تشير إلى تجاوز أعداد المهاجرين غير النظاميين 21 ألفا منذ بداية 2025.
ويصر وزير الداخلية في حكومة الظل المعارضة كريس فيليب أن ستارمر أخطأ حين تخلى عن خطة حكومة المحافظين السابقة بترحيل كل طالبي اللجوء إلى رواندا إلى حين البت في طلباتهم، في حين تبدو حكومته عاجزة عن ابتداع سياسات ناجعة لوقف تدفق الهجرة غير النظامية.
وتُرجح ماريا ساراتيس الخبيرة بشؤون الهجرة بالوكالة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه بعد فشل خطة رواندا لترحيل اللاجئين خارج الحدود واستمرار تدفق المهاجرين لسواحل بريطانيا رغم كل القوانين الصارمة، فإن أي خطة مماثلة تعالج الهجرة كمسألة أمنية صرفة سيكون مصيرها الفشل أيضا.
وتوضح ساراتيس -بحديثها للجزيرة نت- أن السلطات البريطانية تواصل غض الطرف عن العوامل المركَّبة التي تدفع المهاجرين للمخاطرة بحياتهم ولا تقدم حلا متوازنا وشاملا، حيث يعمد المهربون والراغبون في الوصول إلى الضفة البريطانية للبحث عن مسالك جديدة للالتفاف على تلك الإجراءات.
ولم تترد إيمي بوب المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة -في حديث لصحيفة فايننشال تايمز- في مهاجمة المخطط البريطاني، وحذَّرت من أن هذه الإجراءات تطبق لأول مرة داخل الديمقراطيات الأوروبية، وقد تشكل خرقا محتملا للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وخلال تقديمه في مايو/أيار الماضي نظاما جديدا يفرض قوانين هجرة أكثر تشددا وصرامة، وصف ستارمر بريطانيا بأنها قد تحولت إلى "جزيرة للغرباء" متعهدا بمحاصرة أعداد المهاجرين الوافدين إلى أراضيها.
عقدة البريكست
وبينما كان الرئيس الفرنسي إلى جانب ستارمر يعلنان توصلهما لاتفاق لم تستطع حكومة المحافظين إبرامه خلال السنوات الماضية، حمَّل ماكرون اتفاق " بريكست" مسؤولية تفاقم أزمة الهجرة.
وأشار ماكرون إلى غياب ترتيب واضح بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لإدارة هذا الملف بعد الخروج من التكتل الأوروبي، قائلا إنه ساهم بتعقيد الوضع وتزايد أعداد العابرين.
وستواجه صفقة إعادة المهاجرين المبرمة بين بريطانيا وفرنسا تدقيقا قانونيا من الاتحاد الأوروبي، مما يثير توجس مناصري خروج بريطانيا من الاتحاد الذي يرون في التدخل مساً بعقيدة "بريكست" وخرقا لمبدأ إدارة شؤون البلاد بمعزل عن مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
إعلان
وقد انتقد نايجل فاراج زعيم حزب الإصلاح -الموصوف باليميني المتطرف- توقيع بريطانيا على اتفاق الهجرة مع فرنسا، واصفا ستارمر بأنه يتصرف كزعيم لدولة ضمن الاتحاد الأوروبي لا كبلد مستقل خارج على سيادة الكتلة الأوروبية.
ومن جهته، يرى نايك تورنبول أستاذ السياسات العامة بجامعة مانشستر -في حديث للجزيرة نت- أن تدبير ملف الهجرة ما زال يغذي انقساما حادا بصفوف النخب البريطانية منذ اتفاق بريكست. وبينما تحاول بعض الأطراف تبني سياسات حادة تجاه المهاجرين، يسعى ستارمر أن يجد لسياساته مكانا في المنتصف ويقدم الاتفاق على أنه خطوة براغماتية متوازنة لن تجلب متاعب حقوقية لحكومته.
وتعارض هذا المخطط دول أوروبية كإيطاليا واليونان وإسبانيا، وتحذر من أن المهاجرين الذين ستعيدهم بريطانيا إلى فرنسا من المحتمل أن يشقوا طريقهم باتجاه بلدان الجنوب الأوروبي مما يزيد الأعباء على هذه الدول.
ولكن الحكومة البريطانية تبدو متفائلة باحتمال موافقة الاتحاد الأوروبي على الخطة، حيث صرَّح متحدث باسمها أن المسؤولين البريطانيين واثقون من مواءمة الاتفاق المعلن -مع فرنسا- لالتزامات حقوق الإنسان الأوروبية، ما دامت بلدا آمنا يمكن ترحيل المهاجرين إليه وعضوا بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويحاول قانون الهجرة الجديد الذي تبنته حكومة ستارمر قطع الطريق على طالبي اللجوء وعرقلة احتكامهم للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وذلك للطعن بقرارات ترحيلهم أو منع لم شملهم بأسرهم. في وقت تتهمهم الحكومة بالالتفاف على القانون عبر إشهار بند "الظروف الخاصة" بالاتفاقية الأوروبية لإقناع القضاة بحقهم في البقاء بالبلاد.
ومن جانبها تشير سوزي أدينسون الباحثة في العلاقات الأوروبية بالمركز الأوروبي للسياسات الخارجية -للجزيرة نت- إلى أن التفاهمات البريطانية الفرنسية قد تمثل محرك دفع قويا لملفات عالقة بين بروكسل ولندن، وفي مقدمتها أزمة الهجرة غير النظامية، لكن يصعب أن تصبح بديلا عن اتفاقيات أشمل مع الاتحاد الأوروبي الذي يعد الإطار المرجعي لأي سياسات هجرة أوروبية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 33 دقائق
- الجزيرة
بريطانيا تُغلق الباب ببطء.. الطريق إلى الجنسية أصبح أطول وأقسى
لندن-"بريطانيا ليست مأوى للمهاجرين من أجل كسب المال، وليست فندقًا يقيمون فيه، إنها وطننا، ولا أحد سيحرص عليه مثلنا". بهذه الكلمات عبّرت كيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظين، عن موقفها المتشدد من الهجرة، في انسجام تام مع سياسة حزبها المعروفة بالتقييد والصرامة. لكن المفارقة جاءت من حيث لا يُتوقع، إذ فاجأ حزب العمال الجميع حين أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر ووزيرة الداخلية إيفيت كوبر عن تعديلات جذرية على قوانين الهجرة، وُصفت بأنها الأشد في تاريخ المملكة المتحدة. تضمنت التعديلات الواردة في الورقة البيضاء -وهو الوصف الذي يطلق على مسودة القانون- التي قدمتها الحكومة إلى البرلمان في منتصف شهر مايو/أيار الماضي، تمديد زمن الحصول على الإقامة الدائمة في المملكة المتحدة إلى 10 سنوات بدلا من 5 سنوات، ويشمل ذلك حاملي تأشيرات العمل، وتقليل فترة السماح بالإقامة للطلاب الدوليين بعد تخرجهم، والعديد من الفئات الأخرى. كما تضمنت قائمة التشديدات، التي نُشرت على الموقع الرسمي للحكومة البريطانية، بنودًا إضافية من بينها رفع مستوى إتقان اللغة الإنجليزية المطلوب للحصول على الإقامة، بهدف تعزيز الاندماج الفعّال داخل المجتمع، إلى جانب تشديد معايير استقدام العمالة لضمان جلب كفاءات أعلى تتماشى مع احتياجات سوق العمل البريطاني. كما شملت المقترحات تشديد شروط استقدام الشريك الزوجي، إلى جانب مراجعة نظام العمال المهرة، بهدف تقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية وإتاحة فرص العمل للمواطنين البريطانيين. وأوضحت الحكومة البريطانية أنها تعتزم المضي في مزيد من الإصلاحات خلال الفترة المقبلة، من بينها تعديلات مرتقبة على قواعد استقدام الأسرة، وذلك وفقًا لما ورد في منشورات مكتبة مجلس العموم البريطاني، مع توقعات بتنفيذ هذه التعديلات قبل نهاية العام الجاري. في حديثه لموقع الجزيرة نت، أوضح المستشار القانوني علي القدومي أن السبب الرئيسي وراء طرح الحكومة البريطانية لهذه التعديلات في الوقت الحالي هو الارتفاع الكبير في أعداد المهاجرين إلى المملكة المتحدة. فبحسب تقديرات عام 2023، تجاوز عدد الوافدين الجدد إلى البلاد 900 ألف شخص، جميعهم دخلوا بشكل قانوني، سواء كطلاب، أو عمال مهرة، أو أطباء، وغالبًا ما رافقتهم أسرهم. وترى الحكومة أن هذه الأعداد الكبيرة تشكّل عبئا متزايدا على قطاع الخدمات العامة، خصوصًا وزارة الصحة والبلديات وغيرها من المؤسسات الخدمية، مما دفعها للتفكير في اتخاذ إجراءات تحدّ من هذا الضغط. وبناءً عليه، تسعى حكومة حزب العمال إلى خفض أعداد المهاجرين القانونيين إلى ما بين 200 و250 ألف شخص سنويا. وأشار القدومي إلى أن ما يُعرف بـ"الورقة البيضاء" لا تزال في مرحلة النقاش والمداولات داخل وزارة الداخلية البريطانية (هوم أوفيس)، ولم تتخذ بعد صورتها النهائية، حيث يُتوقع أن يتم حسم ملامحها بحلول نهاية العام الجاري وطمأن القدومي اللاجئين بأنهم خارج هذه التعديلات، وفق تصريحات رئيس الوزراء في البرلمان والتي أعلن فيها استثناء اللاجئين والعائلات التابعين لتأشيرة الزوج من هذه اشتراطات مدة العشر سنوات التعسفية. وختم القدومي حديثه قائلا "أتوقع فور إقرار التعديلات أن تكون هناك طعون قانونية كثيرة، لأنها ستؤثر على ما يقارب من مليون ونصف شخص في المملكة المتحدة، وهذا غير عادل". مستقبل المهاجرين العرب في بريطانيا في ظل تصاعد القلق من التعديلات المرتقبة على قوانين الهجرة، نظّمت منصة "العرب في بريطانيا" ندوة حوارية بعنوان "مستقبلنا كمهاجرين في بريطانيا: الفرص، التحديات، والممكن فعله"، ناقشت خلالها سبل التعامل مع المرحلة القادمة. شارك في الندوة نخبة من المتخصصين في القانون والإعلام والعمل المجتمعي، وشهدت حضورًا لافتًا من أبناء الجالية العربية في بريطانيا. وتناول النقاش أبرز ما جاء في "الورقة البيضاء للهجرة"، وكيفية الاستجابة للتغييرات المقترحة، وأهمية تعزيز الاندماج الإيجابي كمسار فعّال للاستقرار والقبول المجتمعي. وخلال الندوة، تحدثت الدكتورة العراقية لانة الصميدعي عن أحد أبرز التحديات النفسية والثقافية التي تواجه المهاجرين العرب، مشيرة إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في النظرة الذاتية التي تجعلهم يشعرون بأنهم "مواطنون من الدرجة الثانية"، وهو ما يعيق اندماجهم الحقيقي في المجتمع. وأكدت الصميدعي أن على المهاجرين العرب الإيمان بأن لهم حقوقًا وواجبات متساوية، وعليهم التصرف بما يعكس الكفاءة والاحترام، ما يشجع الجهات الحكومية والمجتمعية على معاملتهم بما يليق، ويعزز من فرص حصولهم على الخدمات والدعم. المهاجرون أسهموا في تنمية بريطانيا في حين واجه بعض النواب في البرلمان هذه القرارات بالنقد والاعتراض، مثلما فعل النائب البريطاني جيرمي كوربن (المستقل حاليا والرئيس السابق لحزب العمال)، حينما وجه رسالة صارمة لقادة البلاد مستنكرا جحودهم تجاه إنجازات المهاجرين التي أسهمت في بناء المجتمع البريطاني، في مجالات التعليم والصحة والنقل والقطاعات الأخرى. وفي خطابه في البرلمان، هاجم كوربن الحكومة قائلا: "لماذا لا تنتقدون المهاجرين عندما تذهبون إليهم لعلاجكم في المستشفيات؟ أم أنكم مهتمون فقط بتشويه سمعتهم لأنهم وُلدوا يتحدثون لغة مختلفة ويبدون بشكل مختلف عنكم؟!". ورطة باهظة الثمن تقول ميرفت من تركيا "انتقلت مع أسرتي إلى هنا قبل عامين بتأشيرة عمل، وكانت خطتنا أن نقيم في بريطانيا لمدة ست سنوات، نحصل بعدها على الجنسية ثم ننتقل إلى بلد آخر. لكن بعد التعديلات الجديدة التي سمعنا عنها، أصبحنا مضطرين لإعادة النظر في كل ما كنا نخطط له، رغم التكاليف الباهظة التي أنفقناها من أجل الاستقرار هنا". وتابعت بمرارة: "لقد تورطنا. كنا نتصور أن المعادلة واضحة: خمس سنوات من العمل، والالتزام بالقوانين، ودفع الضرائب، ثم الجنسية. لكن ما جاء في الورقة البيضاء حطّم هذا التصور تماما، وتركنا نشعر بخيبة أمل كبيرة". وأضافت "كان زوجي يطمح في مواصلة دراسته الجامعية هنا، وربما الالتحاق ببعض الدورات المتقدمة، لكن الآن علينا أن نؤجل كل شيء وننتظر فترة أطول لا نعلم إلى متى". "أرض الله واسعة".. وصبر المهاجرين ليس بلا حدود عبّر طلال خالد، باحث دكتوراه في إحدى الجامعات البريطانية، عن استيائه من التعديلات الجديدة قائلا: "عندما تُفرض قيود طويلة الأمد كشرط الإقامة لعشر سنوات، يشعر المهاجر وكأنه مطالب على الدوام بإثبات أحقيته في البقاء. لا يُعامل كمواطن كامل الحقوق، بل كموظف مؤقت مرتبط بوظيفته ومهدد بفقدانها في أي لحظة." وأشار إلى أن هذه التعديلات لا تخلق سوى المزيد من القلق وحالة من اللايقين بين المهاجرين، الذين سيبقون لفترة طويلة في انتظار لا يُعرف إن كان سينتهي بالاستقرار أم بخيبة أمل جديدة، مما يؤثر على قراراتهم المهنية والعائلية وحتى النفسية. وختم طلال حديثه قائلا: "لا أستطيع الاستمرار في هذه الدوامة النفسية لعشر سنوات فقط من أجل الحصول على الإقامة الدائمة. الوضع الحالي خانق، لا يمكنك تغيير وظيفتك أو السعي لفرص أفضل خارج إطار التأشيرة الممنوحة لك. وهذا يعني التنازل عن كثير من الطموحات. لكن، في النهاية، أرض الله واسعة، وهناك أماكن أخرى تمنح الأمل أكثر من هذا الانتظار الطويل والمقيّد". حرب نفسية أم قانون صارم؟ شكت شيماء -وهي طبيبة مصرية تعمل في بريطانيا- نفس الشعور بالقلق الذي عبّر عنه كثير من المهاجرين، مؤكدة بأسف أنها ستضطر إلى ترك عملها في حال تم تطبيق التعديلات الجديدة، قائلة: "لا جدوى من تحمل سنوات طويلة من الانتظار دون أفق واضح للجنسية البريطانية". ورغم عملها مع وزارة الصحة البريطانية واستقدامها لأسرتها العام الماضي، إلا أنها تؤكد أنها اتخذت قرارها مسبقا، ولن تستمر إذا أصبحت الشروط الجديدة واقعا مفروضا. لكن حتى الآن، تبقى الأمور غير واضحة بالنسبة لها، وتختم حديثها بتساؤل يحمل مزيجا من الحيرة والتوتر: "هل ستتحول هذه المقترحات إلى قوانين ملزمة فعلًا؟ أم أنها مجرد حرب نفسية تهدف إلى ردع المهاجرين وثنيهم عن القدوم إلى المملكة المتحدة؟.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
فضيحة تسريب بريطاني عرّض 100 ألف حليف أفغاني للخطر
ضجت الصحافة البريطانية اليوم الأربعاء بواحدة من أخطر الفضائح الأمنية في تاريخ الحكومة البريطانية الحديث بعد الكشف عن تسريب بريطاني للبيانات عرّض حياة نحو 100 ألف أفغاني للخطر، واستدعى عملية إجلاء سرية واسعة النطاق من قبل الحكومة البريطانية. وقالت صحيفة تايمز في تقريرها إن مسؤولا دفاعيا سرب في 2022 عن طريق الخطأ قائمة ملفات المتقدمين لبرنامج توطين الأفغان الذين عملوا سابقا مع القوات البريطانية بعد صعود الحكومة التي تقودها حركة طالبان الحالية. وتضمنت القائمة بيانات شخصية لـ33 ألف شخص، أغلبهم خدموا مع القوات البريطانية في أفغانستان ، بينما كان آخرون مجرد متقدمين لبرامج اللجوء، وقدّرت وزارة الدفاع عدد المعرضين للخطر نتيجة التسريب بما يصل إلى 100 ألف شخص، يشملون مقدمي الطلبات وأسرهم، حسب التقرير. وفي خطوة لم تتخذها أي حكومة بريطانية سابقة، طلب وزير الدفاع البريطاني الأسبق بن والاس من المحكمة العليا أمر حظر نشر عالمي (ضد العالم بأسره) قبل أيام من استقالته. ولم يمنع الحظر الإعلام من الحديث عن الواقعة وحسب، بل جعل ذكر وجود الأمر القضائي نفسه جريمة، وأكدت تايمز أن الحظر كان الأطول من نوعه تاريخيا. ورفعت المحكمة العليا البريطانية الأمر أمس الثلاثاء بعد حرب قانونية قادتها تايمز لسنتين، أدت إلى مراجعة مستقلة خلصت إلى أن الخطر الحالي على حياة المتعاونين الأفغان أقل مما كان يُخشى في السابق. إجراءات غير مسبوقة وحسب تايمز، لم تكتشف الحكومة التسريب حتى أغسطس/آب 2023، وأطلقت عقب ذلك بسرعة عملية سرية باسم "روبيفيك" لاحتوائه وتعقّب من حصل على البيانات ومنع انتشارها إعلاميا. وأضافت صحيفة غارديان أن من اكتشف التسريب "ناشطة أفغانية" كانت تساعد الأفغان الذين عملوا مع القوات البريطانية، ونبهها أحد معارفها بأن عضوا مجهولا في مجموعة على فيسبوك قال إن بحوزته قاعدة بيانات سرية وهدد بنشرها كاملة، فاتصلت الناشطة على الفور بوزارة الدفاع. وأثار التسريب مخاوف بإعطاء طالبان "قائمة قتل" بكل من ساعد البريطانيين، واحتوت البيانات على أسماء وهواتف وعناوين بريد المتعاونين بجانب عناوين بريد مسؤولين من وزارة الدفاع البريطانية. ووفق تايمز، خصصت الحكومة ما يصل إلى 7 مليارات جنيه إسترليني (9.1 مليارات دولار) في السنة ذاتها لعملية سرية أخرى باسم "مسار الاستجابة الأفغاني" لإجلاء أكثر من 25 ألف أفغاني، وجدت أنهم الأكثر عرضة للخطر. تكتم سياسي وقانوني وبدورها، أكدت فايننشال تايمز أن ما حدث تجاوز كونه حادثة تسريب معلومات، وأسفر عن بناء نظام سري متكامل أتاح للحكومة اتخاذ قرارات مصيرية بعيدا عن أي رقابة برلمانية أو إعلامية، مع إخفاء التكاليف والأبعاد الأخلاقية والسياسية. ولمنع النواب من كشف التسريب، تم إخطار رؤساء مجلس العموم واللوردات بالأمر القضائي حتى يتمكنوا من منع طرح أسئلة برلمانية حساسة حول برنامج إعادة توطين الأفغان، حسب التقرير. ورفض خليفة والاس، غرانت شابس، إبلاغ المعارضة العمالية أو لجنتي الدفاع والاستخبارات في البرلمان بالمسألة، رغم توصيات رسمية بضرورة إبلاغهم. كما لم تظهر بيانات وزارة الداخلية أعداد الوافدين تحت الخطة السرية ضمن الإحصاءات الرسمية للهجرة لعامي 2023 و2024، حسب التقرير. وكانت نقطة التحول الشهر الماضي عندما خلصت مراجعة مستقلة أجراها بول ريمر (مسؤول استخبارات سابق) -بتكليف من وزير الدفاع هيلي- إلى أن الخطر على الأفغان أقل بكثير مما ادُعي، وأن حركة طالبان قد لا تحتاج أصلا لهذه البيانات نظرا لما تمتلكه من مصادر أخرى. المتضررون وذكر تقرير تايمز أن الحكومة أسكنت من تم إجلاؤهم حتى الآن (18 ألفا و500 أفغاني) في فنادق أو قواعد عسكرية. ومع إلغاء الخطة، تعهدت الحكومة باستقبال 5400 فرد حصلوا على دعوات مسبقة، ليصل العدد الإجمالي لمن تم إجلاؤهم 23 ألفا و900 شخص فقط. ووفق تايمز، فإن وزارة الدفاع لم تُبلغ الغالبية العظمى من المتضررين بخطورة التسريب، مما أثار انتقادات واسعة من نواب ومؤسسات حقوقية. وذكر التقرير أنه يجري الإعداد لدعوى قضائية تشمل حوالي ألف شخص من المتضررين في جميع أنحاء العالم ضد الحكومة، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفتها 250 مليون جنيه إسترليني (325 مليون دولار) على الأقل. كما ذكر التقرير أن بعض الأسماء الواردة في القوائم قد تم تداولها مقابل مبالغ مالية، وأن هناك مزاعم غير مؤكدة تفيد بأن طالبان بدأت فعلا باستهداف بعض الأفراد. ووفق تقرير غارديان، أظهرت أرقام وزارة الدفاع التي نُشرت يوم الثلاثاء أن إجمالي عدد الأفغان المشمولين في خطط التوطين المختلفة، سواء ممن وصلوا بالفعل إلى المملكة المتحدة أو ما زالوا في انتظار السفر، 56 ألفا و100 شخص. وتبلغ التكلفة الإجمالية المقدرة لـ3 برامج مختلفة لإعادة توطين الأفغان (منها الخطة السرية) من 5.5 مليارات جنيه إسترليني (7.15 مليارات دولار) إلى 6 مليارات جنيه إسترليني (7.8 مليارات دولار)، وهو أقل من التقديرات السابقة. إعلان ومن المتوقع أن يكلف مخطط إعادة التوطين السري الذي تم إنشاؤه خصيصا استجابة للتسريب 850 مليون جنيه إسترليني (1.1 مليار دولار). "خيانة" وقالت الكاتبة البريطانية المتخصصة بحقوق الإنسان ديان تايلور إن ما حدث يُعد خيانة جديدة للأفغان الذين تعاونوا مع القوات البريطانية، خاصة أن كثيرين منهم لا يعرفون حتى الآن ما إذا كانوا من المتضررين. وأضافت، في مقال نشرته غارديان، أن مراجعة ريمر لخطر التسريبات لن تطمئن الآلاف من الأفغان الذين باتوا في مواجهة الخطر، خصوصا أن أكثر من 24 ألفا تم إحضارهم إلى المملكة المتحدة أو سيأتون لاحقا دون علمهم التام بحقيقة ما تعرضوا له. وفي انتقاد مشابه، نقلت تايمز قول تان ديسي، رئيس لجنة الدفاع في حزب العمال البريطاني، لراديو تايمز إنه "من المخزي أن هؤلاء الأفغان الذين دعموا جيشنا بشجاعة أصبحوا الآن في خطر وقد يتعرضون لأعمال انتقامية أو اتهامات". وعبرت تايلور عن قلقها من أن الكثيرين ممن وردت أسماؤهم في قاعدة البيانات لا يزالون عالقين داخل أفغانستان أو في أوضاع غير مستقرة بدول الجوار مثل باكستان وإيران ، حيث جرى ترحيل بعضهم قسريا إلى وطنهم، ليواجهوا خطر الاغتيال أو الانتقام من طالبان، وفق مقال الكاتبة. ولفتت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تُسرّب فيها بيانات حساسة لأفغان عملوا مع القوات الأجنبية، مؤكدة أن المشكلة أكبر من مجرد تسريب، بل هي نتاج انسحاب فوضوي من أفغانستان ترك من تعاونوا مع الغرب عرضة للخطر. وذكرت أن آلاف الأفغان لا يزالون يسلكون طرقا غير نظامية إلى المملكة المتحدة لأن كل سبل الوصول القانونية أُغلقت، واصفة ما حدث بأنه "خيانة أخرى" بحق من خدموا الغرب لسنوات.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
أمام محكمة العدل الدولية.. نزاع بين غينيا الاستوائية وفرنسا على قصر فاخر
اتهمت غينيا الاستوائية فرنسا باتباع "نهج استعماري جديد"، وذلك خلال جلسة أمام محكمة العدل الدولية، على خلفية نزاع قانوني مستمر بشأن قصر فاخر في باريس تزيد قيمته على 100 مليون يورو، صادرته السلطات الفرنسية عقب إدانة نائب الرئيس تيودورين نغيما أوبيانغ مانغي بالفساد. وطالبت الحكومة الغينية المحكمة بإصدار أوامر عاجلة لمنع باريس من بيع العقار، الذي يضم تجهيزات فاخرة مثل صالة سينما، وحمّام تركي، وصنابير مياه مطلية بالذهب، مشيرة إلى أن الشرطة الفرنسية قامت مؤخرا بتغيير أقفال عدد من أبوابه دون إخطار رسمي. كما انتقد السفير الغيني لدى فرنسا، كارميلو نوفونو-نكا، ما وصفه بـ"الاحتقار للسيادة الوطنية"، قائلا إن فرنسا "لم تستوعب بعد أن الأفارقة لم يعودوا يقبلون التدخل في شؤونهم الداخلية". وأضاف أن بلاده تطالب بـ"وصول فوري وكامل وغير مقيّد إلى المبنى"، متهما باريس بعزمها على بيع القصر والتصرف بعائداته من جانب واحد. سياق قضائي متجدد يُذكر أن هذه القضية كانت محور نزاع سابق أمام المحكمة الدولية منذ عام 2016، حين حاولت غينيا الاستوائية إثبات أن المبنى يُستخدم كسفارة رسمية، إلا أن المحكمة قضت لصالح فرنسا، معتبرة أن المبنى لم يُصنّف كمقر دبلوماسي إلا بعد بدء التحقيقات، مشيرة إلى أن السفارة الرسمية للدولة تقع في موقع آخر بالعاصمة الفرنسية. من جهته، وصف دييغو كولاس، المستشار القانوني في الخارجية الفرنسية، الشكوى بأنها "لا أساس لها"، مشيرا إلى أن عملية البيع المحتملة للقصر "ما زالت بعيدة"، وأن زيارة الشرطة للمبنى كانت "لأغراض استطلاعية".