
ما هي خطة ترامب بشأن الرسوم الجمركية؟
تُعد التجارة أحد محركات التقدم، فهي تعزز الكفاءة والإنتاجية والنمو. وتعتبر التجارة العالمية، التي تدعمها التدفقات الفعلية عبر الحدود، ضرورية لتكامل جميع الأسواق الرئيسية، بما في ذلك أسواق السلع الاستهلاكية المادية، والسلع الرأسمالية، فضلاً عن المدخلات الأساسية، مثل المواد الخام والسلع الأولية. ولذلك، فإن أي شيء يهدد التدفقات التجارية أو يؤدي إلى تغييرات كبيرة فيها يحظى باهتمام صناع السياسات والمحللين والمستثمرين.
في الأسابيع الأخيرة، هيمن الرئيس الأمريكي دونالد جيه ترامب على عناوين الأخبار الرئيسية المرتبطة بالتجارة. وفي حين كان هناك ارتياح أولي بشأن موقفه تجاه التجارة بعد خطاب تنصيبه في العشرين من يناير، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً. ففي وقت سابق من هذا الشهر، بدأت أولى نزاعات 'الحرب التجارية' المتمثلة في التهديد المباشر بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كل من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10% على الصين. وأعقب ذلك مناقشات حول فرض 'رسوم جمركية شاملة' على جميع الدول والمنتجات، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم. وأدت هذه المناقشات مجتمعة إلى زيادة كبيرة في حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية.
وفقاً لمؤشر عدم اليقين بشأن السياسة التجارية، الذي يقيس وتيرة التكرار الشهري للمقالات التي تناقش عدم اليقين بشأن السياسة التجارية كحصة من إجمالي عدد المقالات الإخبارية في الصحف الأمريكية الكبرى، فإن عدم اليقين التجاري أعلى بالفعل مما كان عليه خلال ذروة 'الحرب التجارية' مع الصين خلال رئاسة ترامب الأولى (2017-2021).
وعلى سبيل المقارنة، ارتفع متوسط تعريفة الاستيراد الأمريكية خلال رئاسة ترامب الأولى من 1.5% إلى ما يقرب من 3%. وإذا ظلت التعريفات الجديدة المقترحة على أمريكا الشمالية والصين قائمة، فإن هذا المتوسط سيرتفع إلى 11%، وهي أعلى نسبة له منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي حين حصلت كندا والمكسيك على وقف مؤقت في تنفيذ التعريفات الجديدة، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين. ومن المقرر أن تبدأ المناقشات التجارية الجديدة مع شركاء آخرين أيضاً. ومن المتوقع أن يتم الإعلان قريباً عن الرسوم الجمركية المفروضة على الاتحاد الأوروبي والتعريفات الإضافية على الصين، مما يزيد من مخاطر الحمائية والحروب التجارية، خاصة مع ردود الفعل الانتقامية. وتعتبر البلدان والتكتلات التي لديها فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، مثل الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك وفيتنام واليابان، معرضة بشكل خاص للضغوط التجارية الأميركية.
تجدر الإشارة إلى أن التعريفات الجمركية لم تعد تعتبر مجرد أدوات مصممة لضبط الممارسات التجارية 'غير العادلة' أو تصحيح الاختلالات الثنائية الكبيرة المذكورة أعلاه، بل أصبحت تُستخدم أيضاً كتدابير مالية تهدف إلى توليد إيرادات جديدة تشتد الحاجة إليها من قبل الحكومة الأميركية، أي أن التعريفات الجمركية هي أدوات لزيادة الإيرادات للخزانة العامة الأميركية. وهذا مهم بشكل خاص في سياق يعتزم فيه فريق ترامب الاقتصادي الجديد إيجاد طرق مبتكرة لتمويل التخفيضات الضريبية وتقديم خطة جيدة لضبط الأوضاع المالية وتقليص العجز الحالي الذي يتجاوز 7% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028. بعبارة أخرى، أصبحت التعريفات الجمركية الآن جزءاً من مجموعة الأدوات المالية، حيث من المفترض أن توفر واردات الولايات المتحدة التي تبلغ 4.1 تريليون دولار أميركي سنوياً قاعدة ضريبية كبيرة للحكومة للاستفادة منها، مما يساعد في تضييق العجز المالي.
ومن ثم، فإن التعريفات الجمركية والنزاعات التجارية سوف تكون أكثر أهمية أثناء فترة رئاسة ترامب الثانية مقارنة برئاسته الأولى. في رأينا، ستزيد إدارة ترامب الجديدة التعريفات الجمركية بالفعل في النصف الأول من عام 2025، حيث سينتج عن ذلك العديد من الانعكاسات المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد الأمريكي. أولاً، على المدى القصير، ستؤدي التعريفات التجارية إلى صدمة تضخمية مؤقتة في السلع والخدمات المستوردة من قبل الولايات المتحدة، مما يؤثر سلباً على الدخل المتاح وبالتالي النمو. ومع ذلك، فإنها ستكون صدمة 'لمرة واحدة' من شأنها أن تتبدد على مدى بضعة أرباع، مع استقرار مستويات الأسعار الجديدة. ثانياً، على المدى القصير أيضاً، من المرجح أن يؤدي عدم اليقين التجاري إلى تعطيل خطط الانفاق الرأسمالي من قبل الشركات الكبرى والمستثمرين المباشرين الأجانب، حيث ينبغي إعادة تصميم سلاسل التوريد وإعادة تقدير هياكل التكلفة. وهذا من شأنه أن يقلل من تفاؤل الأسواق، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات. ثالثاً، على المدى المتوسط والطويل، من شأن زيادة التعريفات الجمركية أن تصب في صالح التصنيع والخدمات المحلية في الولايات المتحدة، ولكن هذا سيأتي على حساب الدخل المتاح للمستهلك، مما يزيد من عدم الكفاءة ومن المرجح أن يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي المحتمل.
إجمالاً، من المتوقع أن تشكل التعريفات الجمركية حجر الزاوية في أجندة ولاية ترامب الثانية، متجاوزة إلى حد كبير الدور الذي لعبته خلال ولايته الأولى. ومن المقرر أن تزيد التعريفات الجمركية بشكل كبير وفي فترة قصيرة نسبياً، في أعقاب الاستخدام المحتمل لتلك التعريفات كأدوات مالية. وعلى المدى القصير، قد يؤدي هذا إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة وتقليص الاستثمارات، في حين أنه من المفترض أن يدعم المنتجين المحليين على حساب المستهلكين على المدى الطويل.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
تعليقات
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تونسكوب
منذ 2 ساعات
- تونسكوب
أخبار سيئة لقبة ترامب الذهبية
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام عن رؤيته لمشروع "القبة الذهبية"، النظام الدفاعي الذي يهدف إلى حماية الولايات المتحدة من كافة الصواريخ. لكن ترامب أغفل تفصيلاً رئيسياً في خططه، وهو أنه لا يمكن بناء هذا المشروع دون مشاركة كندا. فحتى الآن، لم تعلن الجارة الشمالية عن رغبتها في الانضمام إلى هذا المشروع الذي قد تصل كلفته إلى 500 مليار دولار، وفقاً لصحيفة "بوليتيكو". ويلعب الجانب الكندي دوراً محورياً في توفير الرادارات والمجال الجوي الضروريين لتتبع الصواريخ القادمة من القطب الشمالي، حسبما أفاد مسؤولون وخبراء أميركيون. وفي حين يُصرّ ترامب على ضرورة مشاركة أوتاوا في المشروع، يظهر القادة الكنديون موقفاً أكثر برودة وتردداً تجاه الانضمام إلى هذه المبادرة الدفاعية.


Tunisien
منذ 4 ساعات
- Tunisien
نزار يعيش: تونس يُمكن أن تلعب دورا هاما بين أوروبا وأفريقيا كمنصة للتطوير في المجال التكنولوجي
أكد وزير المالية الأسبق محمد نزار يعيش خلال كلمة ألقاها في الدورة الـ26 لمنتدى الاقتصاديين المغاربيين الذي التئم خلال الأسبوع الجاري، أنه يجب إعطاء الأهمية الحاسمة للمحور شمال-جنوب فتونس بإمكانها أن تقترح مشروعا جديدا لتزويد أوروبا انطلاقا من تونس بالطاقة النظيفة بتكلفة أقل، مبرزا ضرورة أن تعزز بلادنا مكانتها في الأسواق الكلاسيكية على غرار زيت الزيتون. وقال الوزير إن تونس يُمكن أن تلعب دورا هاما بين أوروبا وأفريقيا كمنصة للتطوير والتنمية في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والبيانات . وعلى الصعيد العالمي، أبرز وزير المالية الأسبق أن بيانات الاقتصاد الكلي الأمريكي تُفسر جزءًا كبيرا مما يحصل اليوم، فضلا عن العدوانية الواضحة في الأفعال التي تقوم بها الإدارة الأمريكية وهي ليست إلا انعكاسا لفهمها لخطورة السيناريوهات التي يتم إعدادها. وكشف الوزير أن الولايات المتحدة لها اليوم ديون بلغت 36000 مليار دولار، وتزايدت خدمة الدين لديهم بشكل كبير فتجاوزت 80050 مليار دولار، موضحا بأن العديد من الدراسات والتحاليل تتوقع أن تصل الولايات المتحدة الأمريكية لمستوى ديون يبلغ بين 48 تريليون دولار و 53 تريليون دولار . وأفاد الوزير بأن الولايات المتحدة خسرت كثيرا في مجال الصناعة مقارنة بالصين التي تمثل 37 بالمائة من الصناعة العالمية وتعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، مضيفا بأن الصين تستعد إلى بلوغ 42 بالمائة خلال الخمس سنوات القادمة من الصناعة العالمية مع العلم وأنها أول بلد مصدر لبراءة الاختراع وتحتل 76 جامعة صينية تصنيف أحسن الجامعات في العالم . كما أشار الوزير إلى ضعف الكتلة العربية الإسلامية بالنظر لما يحصل في غزة فهي لم تكن قادرة حتى على الضغط فقط لإدخال المساعدات الإنسانية لمليوني محاصر لسنوات وليس من تاريخ 7 أكتوبر 2023، مشددا على أهمية العمل الجماعي المشترك كأفضل استراتيجية للتعاون . وقال الوزير بأن سنة 2024 هي أكبر سنة شهدت صراعا مسلحا في العالم منذ سنة 1945 ما أدى إلى الابتعاد عن الحديث عن عديد القضايا الإنسانية كالفقر المدقع والاحتباس الحراري والتغير الديمغرافي . وأكد الوزير أن هناك مسعى لإضعاف القوانين الدولية بما في ذلك القوانين الدولية الإنسانية ومنظمة الأمم المتحدة مع عدم الامتثال للقانون الجنائي الدولي. وردّا على تصريح الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون بخصوص وجود إبادة جماعة في غزة من عدمها، أكد الوزير أن الإجابة ستكون من القضاة ومن المحكمة الجنائية الدولية في أسرع وقت ممكن، مشددا على أننا بحاجة اليوم إلى شركاء يقولون الحقيقة لبعضهم البعض ويتبادلون الآراء على أسس متينة.


الصحفيين بصفاقس
منذ 6 ساعات
- الصحفيين بصفاقس
بعد تعثر المفاوضات: ترمب يوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي.
بعد تعثر المفاوضات: ترمب يوصي بفرض رسوم جمركية 50% على الاتحاد الأوروبي. 24 ماي، 08:30 أوصى الرئيس الأميركي دونالد ترمب،مساء أمس الجمعة، بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على البضائع المستوردة من الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى عدم إحراز تقدم في المفاوضات التجارية الجارية بين الجانبين. وكتب ترمب في منشور على منصة 'تروث سوشيال'، الجمعة: 'أوصي بفرض تعرفة جمركية مباشرة بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من مطلع يونيو المقبل. ولن تُفرض أي تعريفة على المنتجات المصنوعة داخل الولايات المتحدة'.وأضاف الرئيس الأميركي أن 'التعامل مع الاتحاد الأوروبي صعب للغاية'، متابعاً: 'الاتحاد الأوروبي، الذي شُكِّل أساساً لاستغلال الولايات المتحدة تجارياً، كان التعامل معه صعباً للغاية. حواجزه التجارية الجبارة، وضرائب القيمة المضافة، وعقوباته الباهظة على الشركات، وحواجزه التجارية غير النقدية، وتلاعباته النقدية، ودعاواه القضائية غير العادلة وغير المبررة ضد الشركات الأميركية، وغيرها، أدّت إلى عجز تجاري مع الولايات المتحدة'. وإخفضت مؤشرات أسواق الأسهم الأوروبية الرئيسية الثلاثة، بشكل حاد بعد منشور ترمب، إذ انخفض مؤشر داكس الألماني ومؤشر كاك الفرنسي بنسبة 2.6% و2.8% على التوالي خلال اليوم.وانخفض مؤشر فوتسي في لندن بنسبة 1.3%. كما تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، حيث انخفضت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر داو جونز بأكثر من 600 نقطة، أي بنسبة 1.7%.وجاء هذا الإعلان في وقت هدد فيه ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الأقل على شركة أبل إذا لم تبدأ الشركة بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة. وإنخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمبركية فور نشر المنشورات، التي أظهرت أن الرئيس الجمهوري يُهدد مجدداً بفرض ضرائب استيراد ضخمة، فيما تراجعت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 2%. ومن المتوقع أن يبلغ جرير مفوض التجارة الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، في اجتماع بأن 'أحدث تحركات بروكسل في محادثات التجارة الجارية لا ترقى إلى مستوى التوقعات الأميركية'، حسبما ذكرت صحيفة 'فاينانشيال تايمز'.ويضغط مفاوضو الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجاريون، على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية من جانب واحد على السلع الأميركية، قائلين إنه 'من دون تنازلات لن يحرز التكل تقدماً في المحادثات التجارية لتجنب رسوم مضادة إضافية بنسبة 20%'.وذكرت الصحيفة البريطانية، أن الولايات المتحدة تشعر بعدم الرّضا، لأن الاتحاد الأوروبي عرض فقط تخفيضات جمركية متبادلة، بدلاً من التعهد بخفض الرسوم الجمركية من طرف واحد، كما اقترح بعض الشركاء التجاريين الآخرين على واشنطن. كما أن الاتحاد الأوروبي لم يدرج الضريبة الرقمية المقترحة ضمن نقاط التفاوض، كما طالبت واشنطن. ولم يتم التوصل إلى اتفاق بعد، في ظل حالة من عدم اليقين تسود الأسواق، وتزايد المخاوف بشأن توقعات النمو الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، ومخاطر التضخم والركود المحتملة في أكبر اقتصاد في العالم.لا تقدم في المحادثاتوألقت التطورات التجارية التي تؤثر على الحليفين التاريخيين بظلالها على جهود الاتحاد الأوروبي لإصلاح سياساته المالية وتحفيز الإنفاق الدفاعي في إطار 'خطة إعادة تسليح أوروبا' التي وضعها الاتحاد.وفرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على السيارات والصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي، و20% على سلع أخرى من الاتحاد في أبريل. وخفضت بعد ذلك الرسوم البالغة 20% إلى النصف حتى الثامن من يوليو المقبل، لإتاحة الوقت للمحادثات. وأبقت على نسبة 25% على الصلب والألومنيوم وقطع غيار السيارات، ووعدت باتخاذ إجراءات مماثلة على الأدوية وأشباه الموصلات وغيرها من السلع.وبدأ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تبادل وثائق التفاوض، لكنهما لم يُحرزا تقدماً يُذكر على الصعيد الجوهري منذ أن أعلن ترمب عن فترة تفاوض مدتها 90 يوماً. وقال مسؤول ثالث مُطلع على تفاصيل المحادثات، إن المسؤولين الأوروبيين 'غير متفائلين بشأن إمكانية التوصل إلى أي اتفاق يتجنب الرسوم الأميركية على الواردات الأوروبية'. وأضاف: 'تبادل الرسائل ليس تقدماً حقيقياً'.