
بعد عقود من التحديات... خامنئي أمام اختباره الأصعب
تجاوز المرشد الإيراني علي خامنئي خلال العقود الثلاثة الأخيرة سلسلةً من التحديات، إلا أن الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة قد تكون أكثر هذه الأزمات خطورة على استمرار النظام الإيراني وعلى سلامته الشخصية.
اضافة اعلان
منذ أن خلف المرشد الأول(الخميني) بعد وفاته عام 1989، قاد خامنئي، إيران، عبر عقوبات شديدة وتوتر شبه متواصل مع العالم، كما واجه احتجاجات قُوبلت بقمع شديد، وكان آخرها الحراك «امرأة، حياة، حرية» في 2022 - 2023.
وكانت مسألة خلافة خامنئي البالغ (86 عاماً) مطروحة بالأساس في إيران، غير أن القرارات التي سيتخذها الآن في ظل الظروف الصعبة الراهنة سيكون لها تأثير حاسم على مستقبل السلطة التي كان من ركائزها منذ الثورة التي أطاحت بالشاه في 1979.
وقد تكون سلامته الشخصية على المحك الآن، وقد كشف مسؤول أميركي كبير، الأحد، أن الرئيس دونالد ترمب عارض خطة إسرائيلية لاغتياله، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الاثنين، أن اغتيال المرشد الإيراني من شأنه أن «يضع حداً للنزاع».
كما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الاثنين، «سنضرب الديكتاتور الإيراني أينما كان».
«معضلة افتعلها بنفسه»
أظهر نجاح إسرائيل في قتل شخصيات إيرانية أساسية، لا سيما رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة وقائد الحرس الثوري، قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على تتبع القادة الإيرانيين، وطرح تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن أن يوجه نتنياهو فعلاً الأمر بقتل خامنئي.
وتحيط تدابير أمنية مشددة وسرية كاملة بتحركات المرشد الإيراني الذي لم يغادر إيران منذ تولى مهامه، وتعود آخر رحلة قام بها إلى الخارج إلى عام 1989 حين زار كوريا الشمالية في وقت كان رئيساً لإيران.
ورأى كريم سجادبور، الباحث في معهد «كارنيغي» للسلام الدولي، أن خامنئي يواجه «معضلة افتعلها بنفسه»، وهو بات يفتقر إلى «البصيرة الجسدية والمعرفية لقيادة إيران في حرب تكنولوجية متطورة».
ولفت النظر إلى أن «الرد على إسرائيل إذا كان ضعيفاً فسيمعن في تقويض سلطته، وإذا كان قوياً فقد يعرض استمراريته واستمرارية نظامه لمزيد من الخطر».
«خطأ في الحسابات»
وفيما حافظ خامنئي على خطاب المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، واصل دعم أذرع إيران ووكلائها في المنطقة مثل «حزب الله» في لبنان، مبقياً إيران بمنأى عن أي مواجهة مباشرة مع أعدائها.
غير أن المنحى الذي تتخذه التطورات الأخيرة يشير إلى أن هذه الاستراتيجية وصلت إلى نهايتها.
وقال جايسون برودسكي مدير السياسات في منظمة «متحدون ضد إيران نووية»، ومقرها في الولايات المتحدة، إن خامنئي «اعتد بإبقاء النزاعات بعيداً عن حدود إيران منذ توليه القيادة العليا عام 1989»، مضيفاً: «إذا فإن خامنئي أخطأ بشكل فادح في حساباته».
ورأى برودسكي أن أقرب تشبيه ممكن للوضع الحالي هو الاضطرابات التي شهدتها إيران في أوائل الثمانينات، ونسبتها إلى فصائل معارضة، حين وقعت هجمات على عدد من القادة أسفرت عن قتل الرئيس وإصابة خامنئي نفسه في محاولة اغتيال في 1981.
وقال برودسكي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ستكون هذه تجربة يسترشد بها خامنئي حتماً في الأوضاع الحالية».
لكنه لفت النظر إلى أن «ما نشهده اليوم هو بحجم مختلف تماماً، ويحصل بوتيرة تهدد بتخطي قدرة طهران تماماً».
باغت حجم الهجمات الإسرائيلية، ليل الخميس الجمعة، القيادة الإيرانية، لا سيما وأنها وقعت قبل يوم من جولة جديدة مقررة من المحادثات الإيرانية الأميركية حول برنامج طهران النووي، وذلك في وقت كانت تترصد أي احتجاجات جديدة وسط الأوضاع الاقتصادية المتردية.
«نفعل ما علينا»
وألمح نتنياهو، في مقابلة أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز» إلى أن الضربات الإسرائيلية قد تؤدي إلى «تغيير النظام»، مشدداً في الوقت نفسه على أن الشعب الإيراني هو الذي ينبغي أن يفعل ذلك.
وأضاف: «قد تكون هذه النتيجة بالتأكيد، لأن النظام الإيراني ضعيف جداً»، معتبراً أن «80 بالمائة من الشعب سيطردون (الأوغاد)».
وسئل عما إذا كان هناك فعلاً خطة إسرائيلية لقتل خامنئي عارضتها واشنطن، فأجاب: «نفعل ما علينا أن نفعل، وسنفعل ما علينا أن نفعل وأعتقد أن الولايات المتحدة تعلم أن هذا جيد للولايات المتحدة».
غير أنه لم ترد حتى الآن أي أنباء عن احتجاجات حاشدة، ولو أن بعض قنوات التلفزيون الناطقة بالفارسية خارج إيران بثت مشاهد لمجموعات تهتف شعارات معادية لخامنئي.
وقالت هولي داغريس الباحثة في معهد واشنطن: «الواقع أن الضربات أججت توترات قائمة، وكان العديد من الإيرانيين يريدون زوال النظام. لكن معظمهم لا يريدون أن يكون ثمن تحقيق ذلك إراقة الدماء والحرب، وهذه نقطة أساسية».-(وكالات)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
إسرائيل تتوعد بتدمير كل البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن بلاده تمكنت من تدمير الموقع المركزي في منشأة نطنز النووية الإيرانية. وأضاف كاتس، في تصريحات اليوم الثلاثاء، 'نعمل على تدمير كل البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني'، مؤكدًا أن 'كل محاولة لتجديد البرنامج النووي الإيراني سترد عليها إسرائيل'. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن تل أبيب ستواصل استهداف القادة العسكريين الإيرانيين والمنظومة الصاروخية والبرنامج النووي لإيران، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تساعد إسرائيل 'في الدفاع عن أرضنا ولا تشارك في هجماتنا على إيران'. وكان مسؤول عسكري إسرائيلي أعلن، اليوم الثلاثاء، مقتل ما لا يقل عن 10 علماء إيرانيين أساسيين للبرنامج النووي في الهجمات التي شنتها تل أبيب على إيران. وقال المسؤول الإسرائيلي إن بلاده لا تريد أن تتسبب ضرباتها لإيران بكارثة نووية، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تنفذ أي عملية ضد منشأة فوردو النووية الإيرانية بعد، 'لكن هذا لا يعني أننا لن نفعل'.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
الفايز: خطاب الملك في البرلمان الأوروبي يعبر عن ضمير الأردنيين والعرب
عبر رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز عن اعتزاز المجلس بالجهود الكبيرة التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني على كافة المستويات الإقليمية والعربية والدولية، من اجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، ووقف العدوان الإسرائيلي البشع الذي يتعرض له، إضافة إلى نشر قيم المحبة والتسامح، وبناء مجتمع انساني قائم على التعاون وخال من العنف والكراهية . وقال، ان خطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي اليوم الثلاثاء في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، حمل مضامين عبرت عن ضمير الأردنيين وأمتنا العربية في سعيها لبناء السلام الحقيقي في المنطقة، الذي يستند الى العدالة والشرعية الدولية والمواثيق الأخلاقية والإنسانية والقانون الدولي الإنساني، ويشكل رسالة واضحة للعالم بأسره. وقال: لقد اطل علينا اليوم جلالة الملك من مقر البرلمان الاوروبي، مدافعا قويا صلبا عن قضايا امتنا العادلة، واضعا المجتمع الدولي امام مسؤولياته الاخلاقية والقانونية، في السعي الجاد من اجل احلال السلام والعدل في المنطقة، وتمكين شعوبها من الحياة الحرة الكريمة، مؤكدا جلالته ان الجميع مسؤول، عن حالة الفوضى والدمار التي تعيشها منطقتنا، وان الجميع مسؤول عن انهاء هذه الفوضى. وأضاف: وضع جلالته في خطابه المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية والقيمية، تجاه استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والأزمة الإنسانية في فلسطين، حيث تحدث بقوة ووضوح حول المخاطر الراهنة في المنطقة، مسلطًا الضوء على الممارسات الإسرائيلية وسياساتها العدوانية والتوسعية ، وما ينتج عنها من تصعيد يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، حيث قال جلالته أن الحرب التي تشهدها غزة 'حرب قاسية' في ظل اضطرابات سياسية واقتصادية شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وان العالم يتجه نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة، يتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها. وقال، ان جلالته حذر من المخاطر التي تنتظر عالمنا اليوم ، حين قال 'نحن على مفترق طرق آخر حاسم في تاريخنا؛ مفترق طرق يتطلب الاختيار بين السلطة والمبدأ، بين حكم القانون أو حكم القوة، بين التراجع أو التجديد، لأن كل هذا على المحك بالنسبة للجميع، والأمر لا ينطبق على غزة فحسب، فهذه ليست مجرد لحظة سياسية أخرى لتسجيل المواقف، بل إنه صراع حول هويتنا كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل'، ولفت جلالته الى ما يحدث في غزة اليوم والذي يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية ، والوضع الإنساني فيها يزداد سوءا يوما بعد يوم . وبين الفايز ان جلالة الملك حذر من الانحدار في القيم الأخلاقية والإنسانية ، حينما خاطب برلمانيي اوروبا بقوله 'ان العالم يتجه اليوم نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة، يتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها' . وقال، ان جلالته أشار الى العديد من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية التي شهدها العالم ، وابرز هذه الاضطرابات تتمثل في جائحة كورونا، والتهديدات الأمنية، وصولا إلى الحرب في أوكرانيا، وحرب قاسية على غزة، وأخيرا الهجمات الإسرائيلية على إيران، والتي تهدد بتصعيد خطير في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، مشيرا جلالته ان عالم اليوم يسوده الانفلات، وكأنه فقد بوصلته الأخلاقية ، حيث قال جلالته ' القواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة والقيم العالمية تتراجع أمام التطرف الأيديولوجي ، وان قيم الاحترام والمسؤولية والنوايا الحسنة ، هي التي تقود الى التعاون، وترشد الجميع حول كيفية الاستجابة لتحديات هذا العصر ' . وأشار الفايز الى ان جلالة الملك، اكد إيمان الأردن الراسخ، بكافة القيم النبيلة المشتركة بين جميع الأديان السماوية وان هذه القيم انها متجذرة في تاريخنا وتراثنا الأردني، مؤكدا وأننا كأردنيين نفخر بكوننا موطنا لموقع عُمّاد السيد المسيح عليه السلام (المغطس)، وان الأردن البلد المسلم هو موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، وجميع المواطنين فيه يتشاركون في بنائه ونهضته. وبين ان قضية حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف وإعمارها ومنع تهويدها لم تغب عن بال جلالته حين أشار في خطابه، بأن قيم المحبة والتسامح تقع في صلب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تعهدنا بحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي اعتداء. ولفت الفايز إلى أن جلالة الملك أكد أيضًا ضرورة إعادة الثقة للنظام الدولي ومبادئ الأمم المتحدة التي تراجعت بفعل السياسات المنحازة التي تتجاهل حقوق الشعوب المظلومة، وعدم القدرة على فرض العدالة الدولية ، التي باتت تقاس بمكيالين ومعايير مختلفة ومزاجية، موضحا أن جلالة الملك أشار بوضوح إلى الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، فيما المجتمع الدولي يشاهد الظلم الذي يمارس ضد الفلسطينيين ، من خلال القصف والتدمير والقتل اليومي ، وسياسة التجويع والحصار الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزه . وقال: قدم جلالته خطابا مسؤولا عبر فيه عن أوجاع الأمة، محجما كل دعاة الظلم والبطش، وقدم جلالته قراءة واقعية لأسباب الصراعات في المنطقة ، المتمثلة بدولة الاحتلال الإسرائيلي وسياساتها العدوانية وسعيها الدائم إلى توسيع دائرة الصراعات في المنطقة، بسبب عجز المجتمع الدولي عن فرض قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة. واكد الفايز ان مجلس الاعيان سيبقى على الدوام سندا قويا لجلالة الملك في دفاع جلالته عن امننا واستقرارنا وثوابتنا الوطنية ، وعن قضايا امتنا العربية العادلة ، في مقدمتها القضية الفلسطينية.


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
المواجهة الإسرائيلية الإيرانية تضعنا أمام السؤال الصعب
تخيم أجواء القلق والترقب على المنطقة بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع إيرانية حساسة، ضمن عملية حملت اسم «الأسد الصاعد»، وهو اسم توراتي ينسب إلى «يهوذا المنتصر» في آخر الزمان، ما يضفي بعدا دينيا ورمزيا مدروسا، العملية التي أدت إلى اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين والعلماء النوويين، وتدمير منشآت عسكرية ونووية من بينها مجمع نطنز، مثلت ضربة إستراتيجية نوعية، لم تقتصر على الخسائر البشرية والمادية فحسب، بل كشفت أيضا عن ثغرات كبيرة في المنظومة الدفاعية الإيرانية التي بنت نظريتها الأمنية على فكرة الدفاع المتقدم، إذ تمكنت الطائرات والصواريخ الإسرائيلية من تنفيذ الهجوم بدقة متناهية وحرية حركة غير مسبوقة. اضافة اعلان الرد الإيراني لم يتأخر طويلا، فخلال أقل من عشر ساعات انطلقت صواريخ بالستية وفرط صوتية ومسيرات باتجاه أهداف إسرائيلية، في محاولة لإظهار الجاهزية وعدم السماح بتغيير قواعد الاشتباك، ورغم أن منظومة الدفاع الإسرائيلية نجحت في اعتراض نسبة كبيرة من هذه الصواريخ، إلا أن بعضها وصل إلى أهدافه، وأدى إلى أضرار تكتمت تل أبيب على تفاصيلها، وهو ما يفتح الباب للتكهنات حول حجم الخسائر الحقيقية، لكن المقارنة بين حجم الضربتين تكشف عن غياب واضح للتناظر في النتائج، ما يرجح كفة إسرائيل بشكل واضح ويعزز روايتها بأنها قادرة على المبادرة والحسم داخل العمق الإيراني، ومع ذلك ما يزال الطرفان يمارسان العمل العسكري في سياق التصعيد المنضبط، رغم محاولات إسرائيل جر الولايات المتحدة لهذه المواجهة. هذا التصعيد النوعي جاء في لحظة سياسية حرجة، حيث كانت إيران قد أبدت استعداداتها للعودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي، لكنها رفضت التخلي عن حقها في التخصيب، وهو الشرط الذي تصر عليه واشنطن وتل أبيب، ومع اقتراب نهاية المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران والمقدرة بستين يوما، بات الخيار العسكري مطروحا بقوة، وزاد تقرير مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطين بلة، إذ اتهم إيران بانتهاك بنود الاتفاق النووي المتعلقة بالشفافية والإفصاح، مما دفع الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) إلى التلويح بالعودة إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية «السناب باك» التي تسمح بإعادة فرض العقوبات تلقائياً، وهو ما من شأنه أن يُفاقم من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إيران ويزيد من عزلتها الإقليمية والدولية. الخطأ الأكبر، بحسب مراقبين، تمثل في اعتماد إيران المفرط على ما اعتبرته رسائل تهدئة أميركية، وثقتها المبالغ بها في أن إدارة ترامب قادرة على كبح جماح إسرائيل، فقد علقت آمالا على لقاء مرتقب في مسقط لمناقشة الملف النووي وقضية الرهائن، وفسرت تصريحات ترامب الداعية إلى الانفتاح الإيراني بأنها مؤشر على رغبة حقيقية في التسوية، فيما كانت القيادة الإسرائيلية، وعلى وجه التحديد «الكابنيت»، تصادق بسرية تامة على تنفيذ الضربة، بعد فرض العزل الإعلامي الكامل على أعضائه لتجنب أي تسريبات، هذه القراءة الإيرانية الخاطئة للمشهد، واطمئنانها إلى معادلة الردع التقليدية، أدت إلى مفاجأتها بشكل قاسٍ، إذ جاءت الضربة لتؤكد أن تل أبيب تكتفي فقط بإخطار أميركا عندما يتعلّق الأمر بما تعتبره تهديداً وجودياً. النتائج حتى الآن تشير إلى أن إيران، التي طالما أتقنت اللعب على حافة الهاوية، وجدت نفسها هذه المرة تترنح مع ميل للسقوط، دون قدرة على استعادة التوازن سريعاً، الأذرع الإقليمية التي بنتها طهران في المنطقة تعرضت لضربات متتالية خلال الشهور الماضية، وها هو الرأس نفسه يوضع على مقصلة خصومه، في لحظة مفصلية ربما تمثل بداية نهاية مرحلة إستراتيجية بالكامل في الإقليم، إسرائيل، من جهتها، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق مشروع الهيمنة الإقليمية، بعد أن صالت وجالت في أجواء المنطقة دون رادع حقيقي خلال العشرين شهراً الماضية، ويبدو أنها باتت على بعد خطوات من تحقيق هدفها السياسي النهائي: احتكار القرار العسكري والأمني في الإقليم، وفرض توازن ردع أحادي القطب. صحيح أن العالم كله بحالة خوف من توسع المواجهة وانتقالها من صراع منضبط بين طرفين الى صراع إقليمي أو ربما دولي وهذا ما تريده إسرائيل، على عكس إيران التي تريد ضبط الصراع عند حدود الاستنزاف في رهان واضح على تململ الداخل الإسرائيلي. كل ذلك يضعنا في مواجهة السؤال الكبير: هل نحن أمام لحظة تصفية كبرى في المنطقة ؟ هل نشهد انزياحاً جيواستراتيجيا كاملا تخرج منه إسرائيل كلاعب مركزي أوحد؟ مهما تكن الإجابة، فإن من المؤكد أن الشرق الأوسط اليوم أمام منعطف تاريخي ستكون له تداعيات عميقة على المشهد الإقليمي والدولي لعقود قادمة، والسؤال هل نحن والمنطقة برمتها مستعدون للمضي بصمت أمام واقع تفرضه وتقرره إسرائيل؟ للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا