
كمال جاب الله : 'توياما' نموذج سحري لليوم التالي في غزة
'توياما' نموذج سحري لليوم التالي في غزة
كمال جاب الله
[email protected]
لتطابق أوجه الشبه فيما بينهما، من حيث الموقع الجغرافي، وحجم ما تعرضتا له من دمار شامل، بأيدي هولاكو العصر، ولثقتنا في النيات الخيرة لأصدقائنا ببلاد الشمس المشرقة، أقترح إعادة إعمار وتأهيل غزة لتصبح مثل 'توياما' اليابان.
ففي شهر نوفمبر الماضي، طالعت تصريحًا منسوبًا لرئيس مجلس وزراء اليابان، إيشيبا، جاء فيه نصًا: 'إنه لمن المحزن أن نرى بأن عدد القنابل التي أسقطها الكيان العنصري الصهيوني على غزة، يفوق العدد الذي أسقطته الغارات الجوية الأمريكية المكثفة على العاصمة اليابانية، طوكيو، خلال الحرب العالمية الثانية'.
الحقيقة لم تكن العاصمة اليابانية، طوكيو، وحدها هي التي سويت بالأرض نتيجة للغارات الأمريكية الشريرة، فقد لحق الدمار الشامل بباقي المدن الكبرى، وفي مقدمتها، 'توياما'، الواقعة على الساحل الغربي للأرخبيل، وقد جرى تدمير ما نسبته 99.5% من المدينة، لتصبح الأكثر تضررًا من القصف الأمريكي المروع.
تشير وثائق الحرب العالمية الثانية إلى أنه 'في ساعات الفجر الأولى من يوم 2 أغسطس عام 1945، شنت 182 قاذفة أمريكية هجومًا، وألقت 1400 طن من القنابل الحارقة على ضواحي توياما؛ مما أدى إلى حرق المدينة وتدميرها بالكامل'.
أيضًا، كانت هناك ضربات أمريكية مدمرة لمواقع أخرى، الأمر الذي دفع صحيفة نيويورك تايمز إلى وصف القصف الذي طال مدنًا يابانية أربعة كبرى، وقتها، بأنه أقوى ضربة جوية متزامنة وواحدة على الإطلاق ألحقت الدمار الشامل بكل من: ميتو بمحافظة إيباراكي، هاتشيوجي بطوكيو، ناجاوكا بنيجاتا، بالإضافة إلى توياما.
خسائر اليابان من الأرواح تجاوزت 3.1 مليون قتيل في الحرب العالمية الثانية، منهم 2.3 مليون من الجنود والعسكريين، والباقي من المدنيين، وفي الوقت نفسه، تسببت الحرب في سقوط ما بين 15 إلى 20 مليون قتيل في الصين وجنوب شرق آسيا.
تجدد الحديث هذه الأيام عن الدمار الشامل الذي لحق بمدينة توياما، يجري التذكير حاليًا بمدى فداحته، بمناسبة حلول الذكرى المؤلمة لمرور 80 عامًا على توقف الحرب العالمية الثانية، واستسلام اليابان، تحديدًا، بعد إسقاط قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي.
لا فرق مطلقًا بين صور الدمار الشامل البشعة، التي يجري بثها تباعًا ولحظيًا من غزة، وبين المشهد المؤلم بمدينة توياما اليابانية، مباشرة بعد قصفها بالقنابل الأمريكية الحارقة، في ذلك اليوم المشئوم من عام 1945، بالإضافة إلى مشاهد دامية أخرى، وردت ضمن تقرير بعنوان 'تاريخ لا ينسى'، نشره مؤخرًا الموقع الإخباري الياباني، نيبون دوت كوم، بقلم الصحفية اليابانية المستقلة، هامادا نامي.
في التقرير الوثائقي، الذي لا ينسى عن الدمار الشامل في توياما اليابانية، لم أقرأ أي إشارات أو دعوات صدرت وقت القصف أو فيما بعده لتهجير السكان إلى مناطق آمنة أو إلى دول مجاورة، إلى حين الانتهاء من إعادة تعمير وتأهيل توياما.
من المؤكد أن أهلنا الفلسطينيين بقطاع غزة يتسلحون بالمشاعر الوطنية الجارفة، نفسها، التي أظهرها السكان اليابانيون في توياما، وفي غيرها من المدن الكبرى التي لحق بها الدمار الشامل، إبان الحرب العالمية الثانية، ولم يغادروا موطنهم.
غزة التي تعرضت وتتعرض لعدوان صهيوني وحشي، على مدى عام ونصف العام، تقريبًا، أفشلت الهدف القديم للعدو، وحلمه المستحيل، بطرد السكان، منذ أن كان عددهم 300 ألف فقط إبان العدوان الثلاثي الغاشم على مصر في عام 1956، وألحقت كذلك الهزيمة بخطط التهجير الصهيونية، بعد حرب يونيو عام 1967.
اليوم، بعد كل ما تعرض ويتعرض له شعب غزة من جرائم الإبادة الجماعية للجنس البشري الفلسطيني، وبعد تقديم أكثر من 150 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، وانعدام كل صور الحياة وسبل العيش الممكنة، يرى الأشقاء الفلسطينيون أن قطاعهم المدمر أجمل من المنتجعات 'الوهمية' بريفيرا الفرنسية.
تلك المشاعر الفلسطينية الوطنية الجارفة رأيت بعيني مثيلًا لها باليابان، في أثناء زيارتين ميدانيتين، قمت بهما لمحافظة توياما العصرية الساحرة اليابانية (نوفمبر 2002 – أكتوبر 2003) حينما كنت وقتها مراسلًا لـ الأهرام ببلاد الشمس المشرقة.
وقتها، لم أقابل جنديًا أو مواطنًا أمريكيًا أو أجنبيًا واحدًا جرى توطينه بالمكان، بعد تهجير سكان توياما، كما يراد الآن فرضه، قسرًا وظلمًا، على الأشقاء الفلسطينيين بغزة، بل رأيت في المحافظة، وبمدنها وضواحيها وقراها وجبالها، العجب العجاب.
هذا هو بالضبط ما أتمنى أن أراه بعيني، أو قد تراه الأجيال المقبلة، حتى ولو بعد مرور 80 عامًا، من ارتكاب الصهاينة لجريمة الإبادة الجماعية تجاه أهلنا في قطاع غزة.
ولعل تحقيق تلك الأمنية الخالصة المخلصة يحظى بمباركة المجتمع الدولي، وفي المقدمة، توياما اليابانية، ضمن خطة إعادة التأهيل والتعمير العربية للقطاع.
تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
وزير الأوقاف يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه
قدّم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، خالص العزاء إلى المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية السابق، في وفاة شقيقه عادل منصور. وأعرب الوزير عن خالص مواساته لأسرة الفقيد ومحبيه، داعيًا الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويرزقه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.كما دعا الوزير أن يربط الله على قلوب أهله ومحبيه، وأن يجعل هذه الأيام بردًا وسلامًا عليهم، وأن يُلهمهم الصبر والاحتساب، وأن يُخلفهم في مصيبتهم خيرًا.


الأسبوع
منذ 2 ساعات
- الأسبوع
«الجبهة الوطنية» تُعيّن عمر وهبة أمينًا للشباب بمحافظة الغربية
عمر وهبة أمين شباب «الجبهة الوطنية» بالغربية أعلن حزب الجبهة الوطنية تعيين عمر وهبة، المدير التنفيذي لنادي «سبورتنج كاسل»، أمينًا للشباب بمحافظة الغربية، وذلك في إطار خطة الحزب لتعزيز دور الشباب وتمكينهم من المساهمة الفعالة في الحياة السياسية، دعمًا لبناء الجمهورية الجديدة، وتحقيق أهداف الحزب في خدمة الوطن والمواطن. ويأتي هذا في إطار رؤية الحزب لتفعيل دور الكوادر الشابة والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم في قيادة العمل الحزبي والمجتمعي على نحو يعزز من حضور الحزب في الشارع المصري. وأعرب عمر وهبة عن اعتزازه بهذا التكليف، مؤكدًا أن نيل ثقة قيادة الحزب مسؤولية كبيرة، وقال: «تشرفت بتعييني أمينًا للشباب بالغربية في حزب الجبهة الوطنية، وأسأل الله التوفيق والسداد وأن أكون عند حسن الظن». وأضاف وهبة: «أتوجه بالشكر والتقدير لمعالي الأمين أحمد الشرقاوي، الأمين العام للحزب بالغربية، على هذه الثقة الغالية»، مؤكدًا أن المنصب يمثل حافزًا قويًا لبذل مزيد من الجهد لخدمة شباب الغربية، والعمل على ترجمة رؤية الحزب إلى مبادرات ملموسة. وأشار إلى أن أمانة الشباب ستكون حلقة وصل فعالة بين المواطنين والجهات التنفيذية، متعهدًا بتسخير خبراته لخدمة قضايا الشباب، والعمل على فتح آفاق جديدة أمامهم خلال الفترة المقبلة. وأعلن الحزب مؤخرًا، اعتماد تشكيل أمانة الغربية برئاسة أحمد الشرقاوي، ضمن خطة الحزب لتفعيل هياكله التنظيمية وتعزيز وجوده الجماهيري في مختلف محافظات الجمهورية.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
وصفها بالابتزاز السياسي.. السودان يستنكر العقوبات الأمريكية بسبب اتهامات باستخدام "الكيماوي"
في أول رد رسمي بعد إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات على السودان، استنكر الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، الاتهامات والعقوبات الأمريكية، واصفًا إياها بأنها "نوع من الابتزاز السياسي" وتزيف للحقائق المتعلقة بالأوضاع في السودان. وأكد الإعيسر أن الولايات المتحدة اتبعت سياسات تعرقل جهود الشعب السوداني نحو تحقيق الاستقرار والسلام والازدهار. وأضاف: أن "هذه الإجراءات لن تثني الحكومة السودانية عن مواصلة مساعيها الوطنية"، حسب ما نقل موقع "السودان نيوز"، صباح الجمعة. عقوبات جديدة على السودان بعد اتهامات باستخدام أسلحة كيماوية جاء ذلك ردا على خطوة تصعيدية، حيث أعلنت الولايات المتحدة مساء الخميس فرض عقوبات اقتصادية جديدة على السودان، متهمة الحكومة باستخدام أسلحة كيماوية خلال الصراع مع مليشيا الدعم السريع في 2024. جاءت الخطوة في إطار القانون الأمريكي الخاص بمكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، في تصعيد واضح للضغط الدولي على الخرطوم للامتثال للقوانين الإنسانية الدولية ووقف الانتهاكات. تفاصيل العقوبات الأمريكية على السودان تشمل العقوبات حظرًا على صادرات الولايات المتحدة إلى السودان، إضافة إلى تجميد أصول وحظر سفر على شخصيات بارزة، من بينهم قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي". وصرحت وزارة الخزانة الأمريكية بأن هذه الإجراءات تستهدف المسؤولين المباشرين عن استخدام الغازات السامة، بما في ذلك غاز الكلور، الذي تم توثيقه استخدامه في معارك داخل البلاد. العقوبات الأمريكية السابقة وتأثيرها على السودان بدأت العقوبات الأمريكية على السودان منذ عام 1993 عندما أدرج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب. في عام 1997 فرضت إدارة الرئيس بيل كلينتون حظرًا تجاريًا شاملًا وجمدت أصول الحكومة السودانية، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد السوداني. وفي 2006، استهدفت العقوبات شخصيات مسؤولة عن النزاع في إقليم دارفور ضمن إطار جهود لمكافحة الانتهاكات ضد المدنيين. أدت هذه العقوبات إلى تدهور حاد في الاقتصاد السوداني، شمل انخفاض الاحتياطيات من العملات الأجنبية، ما صعّب استيراد السلع الأساسية مثل القمح. كما تسبب ذلك في تدهور البنية التحتية نتيجة نقص قطع الغيار والمعدات، وارتفاع تكاليف المعيشة، مما زاد من معاناة المدنيين في البلاد، وفق رويترز. وقال محللون أمريكيون إن العقوبات الجديدة تركز على منع وصول الحكومة السودانية إلى موارد تمكنها من تطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية، كما تهدف إلى عزل كبار القادة الذين يواصلون مسار العنف. ومع ذلك، أبدى بعض الخبراء قلقهم من أن العقوبات قد تزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان دون تحقيق تغيير سياسي جذري، خاصة مع استمرار الصراع الداخلي، حسب صحيفة نيويورك تايمز.