logo
خيارات بوتين بعد الضربة الأوكرانية

خيارات بوتين بعد الضربة الأوكرانية

جريدة الوطنمنذ 3 أيام

استيقظ العالم صباح الأحد، 1 يونيو/‏ حزيران 2025، على عمل عسكري أوكراني، ضد روسيا ـ ثاني أعظم قوة عسكرية في العالم ـ يكاد يتطابق، تقريبا، مع معركة بيرل هاربر في 7 ديسمبر/‏ كانون الأول 1941، عندما باغتت البحرية الإمبراطورية اليابانية، بـ 353 طائرة حربية، الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ، وهو الهجوم الذي غير مجرى التاريخ، وحمل واشنطن على التورط في الحرب العالمية الثانية.
صحيح أن الهجوم الأوكراني قد يكون «نسخة» من بيرل هاربر، في مغامرته وجرأته، و«جنونه» إذا جاز التعبير، ولكنه يستنطق المساحات المسكوت عنها، حول حصانة الجيش الروسي أمنيًا من جهة، وقدرته على «الثأر» عسكريا، من جهة أخرى. على نحو ما أقدمت عليه الإدارة الأميركية، ضد اليابان، وتجردها من إنسانيتها، حين ذهبت إلى أبعد نقطة من الانتقام، بغض النظر عن مآلاته على المستويين: الأخلاقي، والإنساني.
باغت الأوكرانيون ـ يوم الأحد الماضي ـ الجيش الروسي، بـ 117 طائرة مسيرة مهربة إلى داخل روسيا، في عملية أطلق عليها الأوكرانيون «شبكة العنكبوت»، دمرت خلالها 40 طائرة روسية في أربع قواعد عسكرية، ما أسفر عن تدمير 34 % من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية الروسية.
ومن بين المفاجآت أو الصدمات المتلاحقة والمترتبة على العملية، ولعلها تحمل حزمة من الأسئلة التي من شأنها فتح ما استغلق على الرأي العام الروسي المصدوم والغاضب، أن أربع قواعد جوية روسية – منها اثنتان تبعدان آلاف الأميال عن أوكرانيا – قد تضررت بشكل كامل أو جزئي، وهي: بيلايا في منطقة إيركوتسك، سيبيريا، أولينيا في منطقة مورمانسك، أقصى شمال غرب روسيا، دياجليفو في منطقة ريازان الوسطى، وإيفانوفو في منطقة إيفانوفو الوسطى.
وتقول التقديرات الأولية، إن الأضرار التي لحقت بالطيران الإستراتيجي الروسي تجاوزت الـ 7 مليارات دولار.
العملية ـ بحسب إفادات الاستخبارات الأوكرانية ـ جرى التحضير لها بسريّة تامة، حيث استغرقت عاما ونصف العام، أي 18 شهرا، ولم يعلم عنها الروس شيئا!
التفاصيل ـ هنا ـ شديدة الأهمية، لجمع أجزاء الصورة المبعثرة، بشأن ثاني أكبر عملية عسكرية بعد بيرل هاربر تقريبا، وما إذا كانت قد تمت، بخبرات أوكرانية محضة، أم بخبرات أمنية مشتركة مع الناتو، وما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان مطّلعا على الخطط؛ بهدف تليين موقف بوتين المتصلّب وكسر شوكته، وحمله على القبول بأن ينزل عند التصور الأميركي بشأن تسوية سلمية تنهي الحرب.
فبحسب السردية الأمنية الأوكرانية، والتي لم تكذبها روسيا الرسمية، فإن الطائرات بدون طيار، كانت مخبأة في كبائن خشبية متنقلة، مزودة بأسقف يتم التحكم بها عن بُعد على شاحنات، تم جلبها بالقرب من القواعد الجوية ثم إطلاقها في الوقت المناسب.
بيدَ أن المفاجأة «المدوية» التي ربما زلزلت، صنّاع القرارَين: الأمني، والعسكري في موسكو، هو ما صرّح به الرئيس الأوكراني زيلينسكي حين قال: «الأمر الأكثر إثارة للاهتمام – ويمكننا أن نعلن ذلك علنا – هو أن غرفة عمليتنا على الأراضي الروسية كانت تقع بجوار جهاز الأمن الفدرالي الروسي في إحدى مناطقه»، مؤكدا أيضا أن جميع الأشخاص المشاركين في العملية قد نُقلوا بأمان من روسيا قبل الغارات.
تصريحات زيلينسكي، تعمدت زعزعة ثقة بوتين في جيشه، وإبراق رسالة إلى الكرملين تفيد بأن الأمن القومي الروسي، بات مكشوفا أكثر من أي وقت مضى، ما سهل على الأوكرانيين، تنفيذ عملية عسكرية ضخمة ومجنونة، ولكنها ـ في الوقت ذاته ـ تشبه النزهة في اصطياد الأرانب البرية.
في السياق، فقد كشفت العملية، مدى ضعف روسيا أمام الهجمات الأوكرانية غير التقليدية، وقد تجلى هذا في الهجوم المضاد الناجح لأوكرانيا عام 2022، واجتياح البحرية الروسية من وسط وغرب البحر الأسود، وهجوم كورسك العام الماضي.
وبينما يُمثل تدمير الطائرات ضربة موجعة لسلاح الجو الروسي وهيبة بوتين، فإنه لا يُقارن في أهميته بالهجوم الأوكراني المضاد في خريف عام 2022.
حتى اليوم، لم يُعلن البيت الأبيض سوى أن كييف لم تُعلمه بالعملية مُسبقا، في حين وقع الهجوم بعد أيام قليلة من زيارة السيناتورين: ليندسي غراهام، وريتشارد بلومنثال إلى أوكرانيا، وأيا ما كان الأمر، فإن إدارة ترامب، ليس بوسعها غير استثمار الهجوم الأوكراني الذي فتّ ـ بلا شك ـ في عضد التشكيلات الصلبة والإستراتيجية داخل الجيش الروسي.
وعليه فقد يُرسل ترامب رسالة مفادها أنه إذا لم يستطع بوتين قبول وقف إطلاق النار، فستُفرض عقوبات جديدة كبيرة. مستغلا النجاح الأوكراني الأخير في ساحة المعركة لتحقيق هدف ترامب نفسه: سلام دائم في أوكرانيا.
بالنظر إلى تطوّرات المشهد العسكري والسياسي، لا يمكن الجزم بأن بوتين قد هُزم فعليا، وإن كانت الضربات الأوكرانية المتكررة داخل العمق الروسي توحي بتحوّل في معادلات الردع التقليدية. فبوتين لا يزال يحتفظ بمفاتيح القوة العسكرية والنووية، وبسيطرته على أجهزة الدولة ووسائل الإعلام، ويواصل تأطير الحرب على أنها «معركة وجودية» ضد الغرب.
ومع ذلك، فإن اتساع نطاق الضربات، وتزايد التململ الداخلي، وتآكل ثقة الشركاء الدوليين التقليديين، كلها مؤشرات على أن الكرملين يواجه تحديات غير مسبوقة. فالهزيمة، في السياق الروسي، ليست دائما سقوطا عسكريا مباشرا، بل يمكن أن تبدأ من الشرخ في صورة «القائد الذي لا يُهزم».
وفي هذا السياق، قد تكون الهزيمة الأخطر هي تلك التي لا يعلنها بوتين، بل تفرضها وقائع الداخل والضغوط المتراكمة من الخارج.الجزيرة نت

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى؟
هل روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى؟

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

هل روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى؟

شهدت روسيا هجوما واسع النطاق ب الطائرات المسيّرة استهدف قاذفاتها الإستراتيجية، في تصعيد نوعي من جانب أوكرانيا ، ورغم الخسائر فإن روسيا على ما يبدو قادرة على استعادة قوتها بسرعة. ويقول المحلل العسكري الأميركي براندون وايكيرت -في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست الأميركية- إنه بينما تتفاخر وسائل الإعلام الغربية وتحتفل بـ"هدف الانتصار" في أعقاب الهجوم المفاجئ واللافت الذي شنته أوكرانيا على أسطول القاذفات الإستراتيجية الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية بعيدة المدى فإن من المهم الحصول على تقييم أكثر دقة لحجم الأضرار. وحتى الآن، ركزت معظم التقارير -التي غالبا ما تستند إلى مصادر أوكرانية- على إبراز تراجع القدرة التشغيلية الفعلية لأسطول القاذفات بعيدة المدى لدى روسيا. ويرى وايكيرت أنه لا شك في أن الضربة ستخلف أضرارا حقيقية ودائمة، ولكن قل من أشار إلى أن ما تبقى لدى روسيا من قدرات في مجال القاذفات الإستراتيجية لا يزال يشكل خطرا بالغا، فضلا عن امتلاك الكرملين قدرات ضاربة بعيدة المدى من البر والبحر تساهم في استكمال عناصر "ثالوثه النووي". وفيما يتعلق بالهجوم نفسه، تقدّر أوكرانيا أنها ألحقت أضرارا بما يصل إلى 30% من أسطول القاذفات الإستراتيجية النشطة لدى روسيا والقادرة على حمل رؤوس نووية، أما التأثيرات طويلة المدى لتلك الضربة فلا تزال غير واضحة. مخزون كبير ومع ذلك، يشار إلى أن روسيا لا تزال تحتفظ بعدد كبير من الأنظمة المماثلة في المخازن الباردة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وبالتأكيد، تعد هذه الهياكل الجوية عتيقة وفقا للمعايير الحديثة، لكن، كما هو الحال مع دبابات القتال الرئيسية "تي 72″ و"تي 90" فقد أثبتت موسكو بالفعل قدرتها العالية على تحديث الأنظمة القديمة وتحويلها إلى أدوات فعالة في ميادين المعارك الحديثة، فلماذا يفترض أن الوضع سيكون مختلفا بالنسبة لقاذفاتها الإستراتيجية الموجودة في المخازن وغير المستخدمة حاليا؟ يشار أيضا إلى أن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية تعمل حاليا بمستويات من الكفاءة لم يشهدها أحد منذ أوج الاتحاد السوفياتي في حقبة الحرب الباردة ، وإذا أرادت روسيا إعادة القاذفات المخزنة إلى الخدمة فإنها على الأرجح ستكون قادرة على فعل ذلك خلال فترة قصيرة. ويقول وايكيرت إنه يجب على حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن يدرك الواقع الذي يواجهه فيما يخص القدرات الروسية، وإذا تبنى الحلف دون تمحيص كل ما يقوله النظام الأوكراني خلال زمن الحرب فإنه سيكون عرضة لارتكاب أخطاء إستراتيجية جسيمة. واستهدفت الهجمات المفاجئة بالطائرات المسيّرة الأوكرانية قواعد عسكرية إستراتيجية روسية رئيسية تقع في عمق سيبيريا مركزة على قاذفات "تي يو 95″ و"تي يو 22 إم" بالأساس، وبوضوح تظهر الأدلة المصورة للهجمات وما تلاها وجود عدد من القاذفات وهي مشتعلة على مدارج القاعدتين. ومقارنة بذروة قوة القوات الجوية السوفياتية خلال الحرب الباردة يعتبر أسطول القاذفات العملياتي الروسي اليوم صغيرا نسبيا، ولذلك فقد ألحقت الهجمات الأوكرانية أضرارا، على الأقل على المدى القريب. وقبل الهجوم الأوكراني على روسيا كان يعتقد أن لدى الروس ما بين 50 إلى 60 طائرة من طراز "تي يو 95" في الخدمة الفعلية، مع وجود هياكل جوية إضافية في الاحتياط أو المخازن، وخضع أسطول "تي يو 95" لعمليات تحديث على مر السنوات، مثل النسخة "تي يو 95 إم إس إم". إعلان أما الطرازات الأقدم مثل "تي يو 95 كيه" و"تي يو 95 إم" فمن المرجح أنها محفوظة في المخازن كاحتياطي إستراتيجي. وتشير بعض التقديرات إلى أن روسيا قد تمتلك ما بين 20 إلى 30 طائرة إضافية من طراز "تي يو 95" في المخازن على الرغم من أن صلاحيتها للطيران تختلف من طائرة إلى أخرى. وقبل الهجوم الأوكراني في الأول من يونيو/حزيران كان لدى الروس نحو 60 إلى 70 طائرة من طراز "تي يو 22 إم" في الخدمة الفعلية، ويعتقد أن روسيا تمتلك ما بين 50 إلى 100 هيكل طائرة إضافي من هذا الطراز في المخازن. "مقابر الطائرات" وتشير تقارير غير مؤكدة إلى أن جزءا كبيرا من هذه الطائرات المخزنة غير صالحة للطيران في حالتها الراهنة. ومع ذلك، ونظرا لكفاءة القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية -كما اعترف بذلك قادة الناتو على مضض- فإن موسكو ستكون قادرة على الأرجح على إعادة عدد كبير من هذه الطائرات إلى حالة قتالية خلال فترة زمنية مضغوطة نسبيا إذا اقتضت الحاجة. وعلى غرار الولايات المتحدة حافظت القوات المسلحة الروسية على ما تعرف بـ"مقابر الطائرات"، في إشارة إلى ساحات لتخزين الطائرات غير المستخدمة، خصوصا في قواعدها الجوية الداخلية مثل تشيبينكي وإنغلز. وتضم هذه "المقابر" النماذج التي جرى الحديث عنها من القاذفات، وهي ليست في الخدمة الفعلية، لكن يحتفظ بها في القواعد الجوية باعتبارها احتياطيا إستراتيجيا كإجراء وقائي، تحسبا لتصعيد مفاجئ من النوع الذي تواجهه موسكو حاليا. ورغم النجاح الذي حققته روسيا في تجهيز قاعدتها الصناعية الدفاعية للصراع بين القوى العظمى في العصر الحديث فإنها تعاني من "عنق زجاجة" في مجال أنظمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام. وببساطة، فإن روسيا ليست جيدة في تصنيع الإلكترونيات، خاصة تلك المطلوبة لأنظمة الدفاع قصيرة المدى التي كان من الممكن أن تحمي قواعدها الجوية من هجمات المسيّرات الأوكرانية. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأنظمة الإلكترونية مزدوجة الاستخدام تعد ضرورية أيضا لتطوير مكونات الطائرات المقاتلة والقاذفات المطورة. تأخر إلكتروني ومن اللافت أن هذه المعضلة المتعلقة بالإلكترونيات مزدوجة الاستخدام -والتي لا تزال تعقد القدرة الإنتاجية الكثيفة والموثوقة للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية- ليست مشكلة جديدة على الكرملين، بل تعود إلى الحقبة السوفياتية عندما خسر الاتحاد السوفياتي الحرب الباردة إلى حد كبير بسبب عجزه عن مجاراة الولايات المتحدة في هذا المجال الحاسم. وفي حين أن الصين بصفتها مركزا عالميا للتصنيع المتقدم تمكنت من تعلم كيفية إنتاج مثل هذه الأنظمة الحيوية لا تزال روسيا متأخرة بشكل كبير عن كل من الولايات المتحدة والصين رغم امتلاكها قاعدة هندسية وعلمية ذات كفاءة. ومع ذلك، فإن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية مهيأة بشكل جيد لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد من النوع الذي تخوضه حاليا ضد أوكرانيا. ويقول وايكيرت إنه لا شك أن أزمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام ستشكل عامل تعقيد في جهود روسيا لإعادة تأهيل أسطول قاذفاتها. ومع ذلك، فإن قواتها العسكرية لم تتعرض لضرر بالغ كما يزعم بعض المعلقين المؤيدين لأوكرانيا، بل إن احتمالية تعافيها من هذا الهجوم خلال فترة قصيرة تعد مرتفعة. ولا تزال الحقائق الأساسية لهذا الصراع تميل ضد أوكرانيا وحلف الناتو، فروسيا أكبر بكثير وتمتلك قاعدة صناعية دفاعية أكثر تطورا، وأي مشكلات واجهها جيشها في الأسابيع الأولى من الصراع تم تجاوزها إلى حد بعيد. أما الضربة التي استهدفت أسطول قاذفاتها -رغم جرأتها- فهي لا تغير من هذه الحقائق الجوهرية كثيرا. وخلص المحلل العسكري الأميركي إلى أن الحل التفاوضي يبقى هو المسار الأفضل لإنهاء هذه الحرب، فإن لم يحدث ذلك فإنه من المؤكد تقريبا أن روسيا ستفوز إن عاجلا أو آجلا.

لماذا يتجنب بوتين إطلاق المارد النووي على أوكرانيا؟
لماذا يتجنب بوتين إطلاق المارد النووي على أوكرانيا؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

لماذا يتجنب بوتين إطلاق المارد النووي على أوكرانيا؟

في أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول 2022 حل الصمت في غرف العمليات الغربية، في حين رصدت الأقمار الصناعية الأميركية ما وصفه مسؤولون بـ"النشاط المريب" في منشآت الصواريخ الروسية جنوب البلاد. لم يبدُ الأمر تدريبا روتينيا، فقد تزامن مع مؤشرات أخرى عدة جعلت التقييم الاستخباري الأميركي يتوقع استعداد روسيا لتوجيه ضربة نووية لأوكرانيا. وفي تلك الأثناء، كان قد بدأ الهجوم الأوكراني المضاد يأخذ شكلا أكثر فعالية عندما استعادت القوات المسلحة الأوكرانية السيطرة على معظم منطقة خاركيف ومدينة خيرسون. واعتقد المحللون الأميركيون أن بوتين يمكن أن يعتبر فقدان هذه الأراضي "تهديدا وجوديا للدولة الروسية"، مما يستدعي ردا نوويا طبقا للعقيدة النووية لروسيا. كما تزامن مع اتهام مفاجئ من الكرملين لكييف بأنها تخطط لتفجير "قنبلة قذرة"، مما فُهم في واشنطن على أنه قد يكون تمهيدا نفسيا لتبرير الضربة النووية. وردا على ذلك عملت الولايات المتحدة مع حلفائها على تطوير خطة طوارئ للهجوم النووي، كما أطلقت حملة اتصالات دبلوماسية لوقف التصعيد شارك فيها كل من الزعيم الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بفعالية. ووصف تقرير "سي إن إن" تلك اللحظة بأنها "أقرب نقطة اقترب فيها العالم من استخدام السلاح النووي منذ أزمة الصواريخ الكوبية"، لكن الضربة لم تأتِ، ولم تُطلَق الصواريخ، والذي حدث أن موسكو أرادت للعالم أن يراها على حافة الزناد، لكنها لم تضغط. ولم تكن تلك المرة الأولى التي تلوّح فيها روسيا بالسلاح النووي، ومن المؤكد أنها لن تكون الأخيرة. ومع كل تهديد غربي أو تصعيد أوكراني يعود السؤال ذاته ليطرح نفسه بإلحاح: لماذا لم تستخدم موسكو سلاحها الأكثر فتكا رغم الخسائر والضغوط ورغم تهديدات بوتين المتكررة؟ وهل يمكن لموسكو أن تستمر في نقل خطوطها الحمراء دون انهيار مصداقية قدرتها على الردع؟ كيف تلاعبت موسكو بالعتبة النووية؟ منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا لم يكن التهديد النووي عنصرا عرضيا في خطاب الكرملين، بل كان أداة رئيسية لإدارة التصعيد والردع، ففي 24 فبراير/شباط 2022 افتتح فلاديمير بوتين تدشين الحرب بخطاب تلفزيوني وجّه فيه تهديدا غير مسبوق إلى خصومه الغربيين، قائلا "من يحاول عرقلتنا سيواجه ردا فوريا، وستكون عواقبه غير مسبوقة في التاريخ"، واعتُبر ذلك تلميحا رسميا إلى استعداد روسيا لاستخدام السلاح النووي إن تعرضت مصالحها الإستراتيجية للضغط. وبعد أيام قليلة -وتحديدا في 27 فبراير/شباط الماضي- أمر بوتين بوضع قوات الردع النووي في "وضع القتال الخاص"، وهي خطوة تعني تقنيا تفعيل قنوات القيادة والسيطرة التي تسمح بإيصال أوامر إطلاق الصواريخ النووية فعليا إلى وحدات التشغيل، ووفق تحليل "تشاتام هاوس"، فإن هذا الإجراء لا يشير فقط إلى تهديد، بل إلى وضعية استعداد حقيقي. ولاحقا، مع اتساع نطاق الخسائر الميدانية الروسية -خاصة بعد الانسحابات القسرية من خاركيف وخيرسون- تطور الخطاب النووي الروسي في سبتمبر/أيلول 2022 ليشمل تهديدا بالرد النووي على أي مساس بـ"وحدة الأراضي الروسية" بدلا من "تعريض روسيا لخطر وجودي"، مما يفتح الباب لاعتبار تهديد الأراضي التي ضمتها حديثا مثل خيرسون أو زاباروجيا إلى عتبة التهديد النووي، هذه الصيغة الفضفاضة مكنت موسكو من التلويح بالسلاح النووي تحت غطاء قانوني وعقائدي أوسع. أما التحول النوعي الأكبر فقد جاء في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 حين أعلنت موسكو تحديثا شاملا لـ"مبادئ السياسة النووية الأساسية"، لتشمل لأول مرة إمكانية استخدام السلاح النووي في حال وقوع هجوم تقليدي واسع على روسيا أو حتى بيلاروسيا حليفتها الوثيقة. والأكثر إثارة هو ما كشفه نص الوثيقة من توسيع في تعريف الأسلحة التقليدية التي يمكن اعتبارها مهددة للسيادة، حيث شملت "الإطلاق المكثف للطائرات وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة"، مما يجعل أي حملة جوية غربية أو أوكرانية واسعة مدخلا محتملا إلى سيناريو الردع النووي. وبهذا الشكل، لم تعد العقيدة الروسية تحصر استخدام السلاح النووي في حالات وجودية فقط، بل جعلت منه أداة سياسية وعسكرية مرنة وظيفتها خلق "مظلة رعب متحركة" تمكّن موسكو من المناورة والتلويح، دون الحاجة للضغط على الزر فعليا. ويتسق هذا مع التعريف الإستراتيجي لمفهوم الردع عند الروس، ففي حين ينظر الغرب إلى الردع النووي باعتباره حالة استقرار ثابتة (توازن رعب دائم يقوم على الوضوح والشفافية والقدرة المؤكدة على الرد) تتعامل موسكو مع الردع كأداة ديناميكية متغيرة ومصممة لتخدم المصلحة الجيوسياسية لروسيا في كل لحظة. وهذا ما يُعرف في العقيدة الروسية بـ"الدرع المرن" أو "الردع النشط"، وهو مفهوم يقوم على المزج بين الغموض الإستراتيجي، والتدرج في التهديد، مع الاستعداد لإعادة تعريف العتبة النووية بحسب مجريات الحرب. لذا، فقد أبقت روسيا عمدا خطها الأحمر فضفاضا يتراوح بين "تهديد وجود الدولة" و"المساس بوحدة الأراضي" أو حتى "عدوان تقليدي واسع على بيلاروسيا". كما أن "الدرع المرن" الروسي يشمل أيضا تهيئة بيئة معلوماتية ملبدة مليئة بالإشارات المتناقضة والتدريبات النووية الاستعراضية كما في حالة تدريبات "غروم 2022". في المقابل، تعتمد العقيدة النووية الأميركية على مفاهيم ثابتة وواضحة، إذ تركز بصورة محددة على عدم البدء في استخدامه إلا في ظروف في غاية الخطورة. وبحسب وثيقة "مراجعة الوضع النووي" الصادرة عن البنتاغون عام 2022، تلتزم واشنطن باستخدام السلاح النووي فقط في حالتين، هما: الرد على هجوم نووي، أو في حال الرد على هجوم يشكل تهديدا استثنائيا لبقاء الدولة أو حلفائها، سواء جرى باستخدام أسلحة دمار شامل أو هجمات تقليدية ضخمة، وهذا ما يُعرف بـ"الردع الممدد"، حيث يشمل حماية الحلفاء وفق إطار محدد وواضح. وبعكس النموذج الروسي القائم على الغموض والتدرج في التصعيد فإن العتبة النووية الأميركية تستبعد الهجوم الاستباقي، كما تنصّ صراحة على ألا تُستخدم الأسلحة النووية ضد دول غير نووية موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي وتلتزم بها. ومع ذلك، تحتفظ واشنطن بخيارات محدودة "للردع المرن" باستخدام رؤوس نووية منخفضة القدرة، لكنها تظل ضمن بنية الردع وليس الهجوم الفعلي. لكن مع تكرار التهديدات الروسية بالتصعيد النووي دون اقترانها بخطوات تنفيذية بدأ خصوم موسكو في كييف وواشنطن بالتشكيك في جدية هذه التهديدات، وهنا تظهر المعضلة: غموض الخط الأحمر الذي يفترض أن يربك العدو قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، إذ يُضعف المصداقية ويشجع على المجازفة. كما أن تأثير السلاح النووي يتآكل مع مرور الوقت، وينتقل الردع من أداة ضغط إلى عبء نفسي على صانع القرار الروسي ذاته الذي سيصبح مترددا في التمسك بالعتبة خوفا من التصعيد الشامل بعدما أصبح لديه الاستعداد النفسي لتجاوزها بالفعل مرات متكررة. حسابات أخرى واقعية لبوتين لكن، ثمة جانب آخر من تعقيد حسابات بوتين لا يمكن إغفاله، فبصرف النظر عن تعمد الغموض فإن الواقع الميداني والبيئي يعكس حسابات أكثر تعقيدا تكشف عن معوقات عملية تحول دون استخدام السلاح النووي في أوكرانيا المتداخلة جغرافيا والمفتوحة بيئيا. وأحد أبرز هذه الاعتبارات يتعلق بحركة الرياح في شرق أوروبا، فكما يلاحظ محللون مثل جورج فريدمان فإن الرياح في أوكرانيا متقلبة، وتحديدا في المناطق الشرقية، حيث تميل إلى الاتجاه نحو الشمال الشرقي -أي مباشرة نحو العمق الروسي، بما في ذلك مدن إستراتيجية مثل فورونيج- وهذا يعني أن أي تفجير نووي -خصوصا من النوع الإستراتيجي عالي القوة- قد ينقلب أثره على السكان الروس أنفسهم بسبب الامتداد الإشعاعي الناتج عن السحابة النووية. يضاف إلى ذلك الطبيعة المتداخلة للجبهات، فالخطوط القتالية بين الروس والأوكرانيين ليست ثابتة بل متحركة، وغالبا ما توجد قوات روسية وقواعد لوجستية على مسافات قريبة من ساحة الاشتباك، مما يعقد استخدام أي سلاح إشعاعي دون التسبب بأضرار جانبية للقوات الروسية نفسها. كما أن انتشار القوات الأوكرانية بأسلوب مرن ومفتت يقلل فعالية الضربات النووية التكتيكية التي تفترض أهدافا أكثر تمركزا لتحقيق أثر حاسم. والجغرافيا الأوكرانية نفسها لا تناسب الاستخدام النووي التكتيكي، فالمدن الرئيسية والمراكز اللوجستية الكبرى تقع غالبا بالقرب من مناطق روسية أو موالية لموسكو، مما يجعل استخدامها محفوفا بمخاطر سياسية وإنسانية لا تقل عن المخاطر العسكرية. باختصار، وعلى عكس الصورة النمطية عن الجاهزية النووية الروسية فإن العوامل الجغرافية والبيئية تشكل حاجزا ماديا حقيقيا أمام خيار السلاح النووي في أوكرانيا تحديدا، وتبقيه في دائرة الردع النفسي بدلا من التنفيذ الفعلي. حين يفقد الغموض قيمته.. مأزق الردع الروسي المتآكل تملك روسيا اليوم أكبر ترسانة نووية في العالم من حيث عدد الرؤوس الحربية، إذ تقدّر بنحو 5580 رأسا نوويا، بينها 1710 رأسا إستراتيجيا منتشرا بالفعل وجاهزا للإطلاق، وقرابة 2670 رأسا في المخازن غير منتشر، بالإضافة إلى نحو 1200 رأس قيد التفكيك بحسب تقديرات اتحاد العلماء الأميركيين لعام 2025. لدى موسكو 3 وسائط جاهزة ومتقدمة لحمل الرؤوس النووية، وهي: صواريخ باليستية عابرة للقارات، بعضها منصوب على شاحنات متحركة وأخرى داخل صوامع أرضية محصنة، وغواصات نووية إستراتيجية قادرة على المناورة والانطلاق من أعماق المحيط، وقاذفات إستراتيجية قادرة على حمل صواريخ كروز نووية بعيدة المدى. وإلى جانب الأسلحة الإستراتيجية، تمتلك روسيا نحو ألف رأس نووي تكتيكي منخفض القدرة، مخصص للاستخدام في ساحات المعركة لتحقيق أهداف جزئية دون إبادة شاملة للخصم، وهذه تخزن في قواعد منتشرة، وتُحمل على قذائف مدفعية أو صواريخ أو قنابل جوية. ورغم هذه الترسانة الضخمة فإن الغموض الذي أحاطت به موسكو عتبتها النووية -والذي جعل من كل خطوة غربية تجاه أوكرانيا محفوفة بالريبة- بدأ بمرور الوقت يفقد بريقه الردعي، فمنذ تهديد بوتين العنيف في 24 فبراير/شباط 2022 باستخدام جملة "عواقب غير مسبوقة في التاريخ"، مرورا برفع حالة التأهب النووي، وحتى تهديداته في سبتمبر/أيلول 2022 و2024 لم تُترجم أي من هذه التحذيرات إلى استخدام فعلي. ومع كل تصعيد لم يتبعه فعل باتت الدول الغربية أكثر جرأة، ففي صيف 2022 ظهرت أنظمة "هيمارس" الأميركية لأول مرة في جبهة دونباس، مما أتاح لأوكرانيا ضرب مستودعات ذخيرة روسية حساسة. بعد ذلك، تسلمت كييف صواريخ بريطانية بعيدة المدى من طراز "ستورم شادو"، ثم صواريخ "أتاكمز" الأميركية القادرة على ضرب المطارات والقواعد داخل الأراضي التي تحتلها روسيا. وأخيرا، فقد امتد ذلك لأن تشن أوكرانيا هجوما قويا وحساسا استهدف القاذفات الإستراتيجية الروسية في عمق الأراضي الروسية نفسها كما حدث في عمليات المسيّرات الأوكرانية الضخمة مؤخرا، كل هذا دون أن تضغط موسكو على الزر المرتقب. هذه الفجوة بين التهديد والتنفيذ تنذر بتآكل فعالية العقيدة الروسية، وإذا ما اقتنع الخصم بأن التهديد ليس سوى أداة ضغط دبلوماسي فإنه سوف يختبره تدريجيا، وهو ما يحدث الآن بالفعل. وبصورة ما، أصبحت الخطوط الحمراء الروسية قابلة للدعس أو القضم التدريجي، في انتظار كلمة أخرى للرئيس بوتين، وفعلا مباشرا لجيشه.

خبيران: أوروبا أمام فرصة تاريخية للاستقلال العسكري والخروج من عباءة أميركا
خبيران: أوروبا أمام فرصة تاريخية للاستقلال العسكري والخروج من عباءة أميركا

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

خبيران: أوروبا أمام فرصة تاريخية للاستقلال العسكري والخروج من عباءة أميركا

اتفق خبيران في العلاقات الدولية على أن القارة الأوروبية تواجه تحدياً إستراتيجياً كبيراً في ظل سياسات واشنطن الجديدة، لكنها تملك فرصة تاريخية حقيقية لبناء قدراتها الدفاعية المستقلة إذا استطاعت استغلال هذه الضغوط إيجابيا. فقد أجمع كل من أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حسني عبيدي والكاتب المتخصص في الشأن الأميركي محمد المنشاوي على أن أوروبا تفتقد حالياً إلى القوة العسكرية الكافية للاستغناء عن الحماية الأميركية. وأكد عبيدي، أن الدول الأوروبية تفتقد القوة العسكرية الكافية للتخلي عن الحماية الأميركية، خاصة من ناحية العدد، حيث وصف الإمكانيات الأوروبية في هذا الصدد بأنها ضعيفة جداً، وكذلك ضعفها الكبير في التأمين الجوي وهو ما وصفه بأنه "كارثة كبيرة". ويتوافق هذا التقييم مع رؤية المنشاوي الذي يؤكد ضرورة الاستثمار في الدفاعات الجوية كما يريد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته. وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد نقلت عن مصادر مطلعة "إن الحلف يوافق على أضخم برنامج لإعادة التسلح منذ انتهاء الحرب الباردة". وعقد وزراء الدفاع في دول الحلف اليوم الخميس، اجتماعاً بغرض التوصل إلى اتفاق بشأن أهداف القدرات الجديدة للتحالف. وقال الأمين العام للحلف من بروكسل، إن الحلف سيزيد إنفاقه العسكري، وسيعزز إنتاجه من الأسلحة ودعمه لأوكرانيا. وفي تصريحات قبيل اجتماع وزراء دفاع الحلف، أضاف روته، أنه يتعين على الحلف الاستثمار في الدفاع الجوي والصواريخ طويلة المدى ونظم التحكم لتأمين سلامة نحو مليار شخص يعيشون داخل حدود الحلف، وتوقع أن يتم الاتفاق اليوم على أهداف قدرات الحلف الجديدة. فرص سابقة وأجمع الخبيران على أن أوروبا أضاعت فرصة ذهبية للتحضير خلال العقد الماضي، حيث أوضح المنشاوي، أن الرئيس دونالد ترامب وخطابه المعادي لحلف الناتو ظهر منذ عام 2015، منذ 10 سنوات، وهو يهدد ويرى أن الحلف ليس له قيمة للولايات المتحدة. وأضاف أن القارة الأوروبية كان لديها 10 سنوات كاملة لكي تعدل من وضعها الدفاعي وأن تزيد من ميزانيتها العسكرية. وفي نفس السياق، أكد عبيدي أنه كان يفترض بأوروبا منذ 3 سنوات ومن بداية حرب أوكرانيا أن تفكر في مرحلة ما بعد الرئيس الأميركي جو بايدن. ورغم هذا التقصير، أجمع الخبيران على أن أوروبا تملك الإمكانيات التقنية والصناعية اللازمة لبناء قدراتها الدفاعية. فقد أشار المنشاوي إلى أن القارة الأوروبية قارة متقدمة صناعياً، لديها كثير من التكنولوجيات والمهارات البشرية والبنية التحتية للتصنيع، لكنها لا تستغل ذلك بالشكل الأمثل. وهذا ما أكده عبيدي عندما تحدث عن قدرة دول، مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا على أن تكون في المقدمة إذا قررت الاستثمار بجدية في قطاع الدفاع، ويمكن أن تشكل الأساس الذي يمكن البناء عليه لتحقيق الاستقلال العسكري المنشود. كما اتفق الخبيران على أن الضغط الأميركي، قد يكون مفيداً لدفع أوروبا نحو الاستقلال العسكري. واعتبر المنشاوي، أن الضغط من الرئيس ترامب ووزير دفاعه بيت هيغسيث على الجهات الأوروبية إيجابي في دفعهم إلى رفع هذا المعدل الإنفاقي في الدفاع. إعلان وأضاف أن تكرار ترامب لهذه المطالب علناً يهيئ الرأي العام الأوروبي أيضاً ويسهل من مهمة القادة الأوروبيين في إقناع شعوبهم لتعزيز الاستثمار في المجال الدفاعي. من جانبه، أكد عبيدي أن على أوروبا أن تشكر الرئيس ترامب بسبب موقفه المعادي للحلف، لأنها دعوة لها لأن تعتمد على نفسها. وأكد المنشاوي، أن إدارة ترامب تتعامل مع الأمن الأوروبي وفق منطق تجاري بحت، حيث أوضح أن ترامب رجل صفقات يتعامل مع كل القضايا العالمية والقضايا الخاصة للولايات المتحدة كصفقة تجارية. واتفق المنشاوي وعبيدي على أن الولايات المتحدة لا تعتبر روسيا التهديد الأكبر، بل تركز على الصين. وبحسب المنشاوي فإن الولايات المتحدة ترى روسيا دولة متراجعة عسكرياً وتكنولوجياً، ولذلك فإن الأولوية لدى إدارة ترامب هو التركيز على الصين. وأضاف أن اقتصاد روسيا بالنسبة للولايات المتحدة لا يتعدى اقتصاد ولاية أوهايو أو إنديانا، فهي دولة متوسطة الحجم. وهذا ما أكده عبيدي عندما تحدث عن رغبة أميركا في توحيد أوروبا ضد ما تصفه بـ"الخطر الصيني". كما أجمع الخبيران على أهمية قمة لاهاي المقبلة كنقطة تحول محتملة، وتوقع المنشاوي، أن يحضر الرئيس ترامب القمة على عكس التوقعات، ولم يستبعد أن يوجه ترامب خلال القمة رسائل قوية جداً للقادة الأوروبيين. ومن جانبه، رجح عبيدي أن تقدم أوروبا عرضاً كبيراً أو عرضاً مغرياً للإدارة الأميركية، وأن تقوم كذلك بثورة عسكرية بتبني سياسات طموحة جداً، واعتبر أن هذه القمة ستكون بمثابة اختبار حقيقي لجدية الالتزامات الأوروبية الجديدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store