
النفط يرتفع والدينار يسقط.. بغداد في مواجهة ارتدادات صواريخ اسرائيلية- إيرانية
شفق نيوز/ رغم أنه خارج دائرة الصراع المباشر، إلا أن العراق يبدو كمن يقف في عين العاصفة. موقعه الجغرافي، واعتماده شبه المطلق على النفط، وربط اقتصاده بسعر صرف الدولار، كل ذلك يجعله هشاً أمام كل صدمة جيوسياسية في المنطقة. فبينما تتبادل إسرائيل وإيران الضربات الجوية والتصريحات النارية، يتكفل السوق العراقي بترجمة تلك النيران إلى أزمات ملموسة: ارتفاع بأسعار المواد الغذائية، تقلب في سعر الدولار، وتخوف من تباطؤ في تدفق البضائع عبر الموانئ والحدود.
ما أن تصاعدت وتيرة الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران، حتى بدأ الدينار العراقي بالانزلاق. هذا التدهور ليس فقط نتيجة فنية لتغيرات في أسواق العملات، بل هو تعبير عن فزع عام وقلق عميق من تداعيات سياسية وأمنية قد لا يُحسن العراق احتواءها. فالتعامل مع الدولار الأميركي لم يعد مسألة اقتصادية فحسب، بل أصبح محكوماً بحساسية سياسية شديدة، خاصة مع وجود أنظمة رقابة صارمة من وزارة الخزانة الأميركية على آليات التحويل والتمويل داخل العراق.
في يوم الجمعة الذي أعقب الغارات الإسرائيلية غير المسبوقة على منشآت إيرانية، قفزت أسعار النفط بنسبة 5٪ تقريباً، بينما تراجع الدينار العراقي بشكل مفاجئ أمام الدولار، متجاوزًا حاجز 146 ألف دينار مقابل كل 100 دولار في بعض الأسواق المحلية، وهو أدنى مستوى له منذ شهور.
وعلى الشق الموازي تشهد الأسواق العالمية للنفط اضطراباً كبيراً، فيما حذر بنك "جيه بي مورغان" من أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 120 دولاراً للبرميل إذا تفاقمت التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بشكل أكبر.
وارتفعت أسعار النفط عالمياً، ليغلق خام برنت على 74.23 دولاراً بارتفاع بلغ 4.87٪، كما أغلق الخام الأمريكي على ارتفاع أيضاً بلغ 72.98 دولاراً بنسبة 4.94٪.
الدينار أول المتأثرين
"ما يجري في طهران، نلمسه مباشرة في أسواق الرصافة والكرخ"، يقول أحمد عيد، الباحث في الشأن الاقتصادي، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين الاستقرار الإقليمي ووضع العملة المحلية.
ويضيف في حديثه لشفق نيوز: "الارتفاع المفاجئ في سعر الدولار يعكس حالة ذعر حقيقية، ليس فقط من تطورات الصراع، بل من تداعياته المالية المحتملة، خاصة إذا لجأت الولايات المتحدة إلى تشديد الرقابة على التحويلات من الفيدرالي الأميركي، أو فرض قيود مصرفية جديدة."
ويحذر عيد من أنّ استمرار تهريب الدولار من العراق إلى إيران يغذي حالة عدم الاستقرار النقدي، قائلاً: "الاقتصاد العراقي مرتهن للتوازن الخارجي. نحن لا ننتج، بل نشتري كل شيء من الخارج، ومع كل هزة في الإقليم، نكون أول من ينكسر."
الذهب الأسود.. مكسب مؤقت أم ورطة قادمة؟
للوهلة الأولى، تبدو أسعار النفط المرتفعة فرصة لإنعاش خزينة الدولة العراقية، خصوصاً في ظل اعتماد موازنتها بنسبة تفوق 90٪ على عائدات النفط الخام. لكن التهديدات المتكررة لممرات الطاقة، وعلى رأسها مضيق هرمز، تكشف عن هشاشة هذا "الربح". فكل برميل إضافي يُباع اليوم قد لا يجد طريقاً آمناً غداً. والأدهى أن البدائل المطروحة، مثل خط جيهان التركي، لا توفر أكثر من تغطية جزئية، وسط تحديات لوجستية وسياسية مستمرة.
ويرى صفوان قصي، الخبير الاقتصادي، أن هذا "الربح قصير المدى لا يخفي الخطر الحقيقي".
"أي تهديد لمضيق هرمز يعني أن أكثر من 3 ملايين برميل نفط عراقي يومياً ستكون في مهب الريح"، يقول قصي. "وحتى إن تم تفعيل خط جيهان التركي كممر بديل، فهو لا يغطي سوى ثلث الصادرات، وبتكاليف لوجستية مرهقة تتطلب آلاف الشاحنات."
ويمر عبر مضيق هرمز نحو خُمس تجارة النفط في العالم، أي ما بين 18 إلى 19 مليون برميل يوميًا. وأي تصعيد عسكري يطال هذا الشريان الحيوي يعني ليس فقط أزمة نفط عراقية، بل ضغوطاً هائلة على الأسعار والتدفقات النقدية.
أما التداعيات غير المباشرة، فتبدو أكثر ضبابية. توقف الرحلات الجوية، تعقيد سلاسل الإمداد، واحتمالات نزوح إيرانيين أو عودة طلبة وعاملين عراقيين من إيران، كلها عناصر تضيف عبئاً جديداً على الدولة العراقية.
ويؤكد محمود داغر، الخبير المالي لوكالة شفق نيوز، أن العراق لا يزال في مرحلة "التحمل الاقتصادي"، مستفيداً من أسعار النفط المرتفعة، لكن الباب مفتوح على احتمالات أكثر قسوة.
"أسوأ سيناريو هو إغلاق المضائق، سواء في الخليج العربي أو البحر الأحمر، وهي ورقة قد تلعبها طهران أو حلفاؤها في اليمن"، يقول داغر، مضيفًا أن "ذلك سيكون الضربة التي يصعب احتواؤها، لا لحكومة بغداد فحسب، بل لكل اقتصاد الشرق الأوسط."
لا يبدو أن العراق يملك هامش المناورة الكافي في هذه الأزمة. فبين اعتماد شبه كامل على النفط، وضعف الإنتاج المحلي، واستيراد معظم المواد الأساسية من الخارج، يصبح أي اضطراب إقليمي مسألة حياة يومية للمواطن العراقي. ومع استمرار الأزمة بين إسرائيل وإيران، تتجه الأنظار ليس إلى الجبهات العسكرية فقط، بل إلى أسواق بغداد، حيث تقرر العملات والسلع والخوف مصير الملايين.
في ظل غياب بنية إنتاج محلية حقيقية، يتحول الاقتصاد العراقي إلى ما يشبه العربة المرتبطة بالكامل بقاطرة الإقليم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 37 دقائق
- شفق نيوز
"الحرب" تربك أسواق السليمانية.. الذهب يقفز والدولار يشتعل
شفق نيوز/ تشهد أسواق مدينة السليمانية حالة من الركود والقلق الاقتصادي في أعقاب اندلاع القصف الجوي المتبادل بين إيران وإسرائيل، ما انعكس بشكل مباشر على ارتفاع أسعار الذهب والدولار، وسط مخاوف متزايدة بين المواطنين في ظل استمرار أزمة الرواتب وتدهور العلاقة بين بغداد وأربيل. وقال سالار عمر، ممثل سوق الذهب في السليمانية، لوكالة شفق نيوز، إن أسعار الذهب شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام الأخيرة بسبب تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى أن سعر المثقال الواحد من الذهب عيار 21 وصل إلى 700 ألف دينار، وهو أعلى مستوى يسجله السوق منذ أشهر. وأوضح عمر أن "الطلب على الذهب ازداد مع تصاعد التوترات الإقليمية، حيث يتجه المواطنون إلى شراء المعدن الأصفر كملاذ آمن للحفاظ على قيمة مدخراتهم وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرب وتأثيرها على الدينار العراقي". وتوقع عمر، ارتفاع الذهب أكثر اذا ما استمرت الحرب و التوترات مشيرا الى استقرار سعر الذهب يتطلب وقت طويل خصوصا وان سعر الدولار والنفط ارتفاعا بالتزامن مع الحرب. من جانبه، أكد كوران جبار، المتحدث باسم سوق البورصة في السليمانية، لوكالة شفق نيوز، أن سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي سجل ارتفاعًا ملحوظًا، موضحًا أن "عدم الاستقرار الإقليمي وتوقف بعض التحويلات المالية الخارجية أثرا بشكل مباشر على سوق الصرف، وسط تراجع حجم التداول العام في البورصة المحلية". وأضاف جبار أن "الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة دائمًا ما تؤثر بسرعة على الأسواق في كوردستان، لكونها تعتمد بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي في تعاملاتها التجارية والمالية". أما على مستوى الشارع، فيصف المواطن مروان أحمد الوضع بأنه "مقلق بدرجة غير مسبوقة"، وقال في حديثه لوكالة شفق نيوز، "نعيش اليوم بين نارين؛ من جهةٍ هناك الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل والتي نجهل إلى أين يمكن أن تصل، ومن جهةٍ أخرى نحن محاصرون بأزمات داخلية مزمنة، أبرزها أزمة الرواتب التي لم تُحل منذ شهور، وانخفاض القدرة الشرائية التي جعلت كل شيء يبدو أغلى حتى لو بقي سعره نفسه". وأضاف، أن "أسعار المواد الغذائية ترتفع يومًا بعد يوم، والناس في حالة ترقّب وخوف، لم نعد نفكر في تحسين مستوى المعيشة، بل فقط كيف نغطي احتياجاتنا الأساسية"، مبين أن "الحرب جعلت التجار يرفعون الأسعار بدافع الخوف أو الاستغلال، والدينار يتراجع أمام الدولار، والناس بلا أمل حقيقي". وتابع مروان، أن "الحكومة في الإقليم لا تبدو قادرة على التخفيف من هذه الأزمات، والمركز من جهته يتعامل معنا وكأننا خارج الحدود، كل هذا يجعلنا نشعر أننا نعيش في عزلة اقتصادية ونفسية تامة". ويرى مراقبون أن القصف المتبادل الذي اندلع مؤخراً بين إيران وإسرائيل والذي أثار موجة من التوتر في عموم المنطقة، قد انعكس آثاره بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي، ولا سيما في إقليم كوردستان الذي يرتبط بشكل وثيق بالأسواق الإيرانية من جهة، وبالتقلبات السياسية مع بغداد من جهة أخرى. ويعاني الإقليم أصلًا من أزمة مالية خانقة نتيجة تأخر صرف الرواتب وغياب اتفاقات مالية مستقرة مع الحكومة الاتحادية في بغداد، ما يجعل أي أزمة إقليمية ذات أثر مضاعف على الحياة الاقتصادية في محافظاته. وبينما يتابع المواطنون بقلق تصاعد التوترات الإقليمية وانعكاساتها على السوق المحلية، تبقى المطالبات ملحة بضرورة إيجاد حلول اقتصادية عاجلة، وتفعيل التنسيق بين أربيل وبغداد لتحصين الإقليم من تأثيرات الأزمات الدولية والحدّ من تقلبات الأسواق التي تزيد من معاناة السكان في كوردستان.


شفق نيوز
منذ 37 دقائق
- شفق نيوز
بعد الارتفاع الكبير .. انخفاض أسعار الدولار في بغداد واربيل
شفق نيوز/ انخفضت أسعار صرف الدولار الأمريكي، صباح اليوم الأحد، في أسواق بغداد، و في اربيل عاصمة اقليم كوردستان بعد الصعود الكبير الذي شهدته في بداية الأسبوع الجاري بفعل المواجهات العسكرية بين اسرائيل وإيران. وقال مراسل وكالة شفق نيوز ان، اسعار الدولار انخفضت في بورصتي الكفاح و الحارثية لتسجل 14.4400 دينار عراقي مقابل 100 دولار، فيما سجلت صباح أمس السبت 145000 دينار مقابل 100 دولار. وأشار مراسلنا إلى أن اسعار البيع في مجال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد انخفضت حيث بلغ سعر البيع 145500 دينار عراقي مقابل 100 دولار، وبلغ الشراء 143500 دينار مقابل 100 دولار. اما في اربيل فان الدولار سجل انخفاضا ايضا حيث بلغ سعر البيع 144500 دينار لكل 100 دولار، وسعر الشراء 144200 مقابل 100 دولار.


الرأي العام
منذ ساعة واحدة
- الرأي العام
'الحرب' ترفع اسعار الذهب والدولار يشتعل في السليمانية
تشهد أسواق مدينة السليمانية حالة من الركود والقلق الاقتصادي في أعقاب اندلاع القصف الجوي المتبادل بين إيران وإسرائيل، ما انعكس بشكل مباشر على ارتفاع أسعار الذهب والدولار، وسط مخاوف متزايدة بين المواطنين في ظل استمرار أزمة الرواتب وتدهور العلاقة بين بغداد وأربيل. وقال سالار عمر، ممثل سوق الذهب في السليمانية ، إن أسعار الذهب شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام الأخيرة بسبب تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى أن سعر المثقال الواحد من الذهب عيار 21 وصل إلى 700 ألف دينار، وهو أعلى مستوى يسجله السوق منذ أشهر. وأوضح عمر أن 'الطلب على الذهب ازداد مع تصاعد التوترات الإقليمية، حيث يتجه المواطنون إلى شراء المعدن الأصفر كملاذ آمن للحفاظ على قيمة مدخراتهم وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرب وتأثيرها على الدينار العراقي'. وتوقع عمر، ارتفاع الذهب أكثر اذا ما استمرت الحرب و التوترات مشيرا الى استقرار سعر الذهب يتطلب وقت طويل خصوصا وان سعر الدولار والنفط ارتفاعا بالتزامن مع الحرب.