
موجة استنكار عالمية لرسوم ترامب الجمركية.. والأسواق تهتز
مشاهدات
هزّت الرسوم الجمركية المتبادلة الشاملة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء أسواق المال العالمية اليوم الخميس، مشعلة موجة استنكار عالمية. وفور الكشف عن تفاصيل الرسوم الجمركية التي سرت فوراً على واردات الولايات المتحدة من دول العالم أجمع، لا سيما من الصين والاتحاد الأوروبي، صدرت مواقف من دول وكيانات عديدة منددة بالخطوة، فيما برز تحذير من وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت لدول العالم أجمع من الردّ على رسوم ترامب "تحت طائلة "التصعيد"، وقال الوزير مخاطباً قادة الدول: "استرخوا، تحمّلوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطوّر الوضع، لأنّه إذا ردّيتم فسيكون هناك تصعيد".
وفي هذا الصدد، تعهّد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أمس، بالردّ على رسوم ترامب، معتبراً أنها "ستغيّر جذرياً" التجارة الدولية. وقال كارني في أوتاوا: "سنتصدى لهذه الرسوم الجمركية بإجراءات مضادة"، معتبراً أن الرسوم على الصلب والألومنيوم والسيارات "ستؤثر مباشرة على ملايين الكنديين".
كما دعت صناعة الكيميائيات الألمانية، التي تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مستورد لمنتجاتها، الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالهدوء" في ردّه على رسوم ترامب، مؤكّدة أنّ "التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الضرر". وقال اتحاد الصناعات الكيميائية الألمانية "في آي سي" الذي يضمّ خصوصا شركتي باير وباسف العملاقتين: "نأسف لقرار الحكومة الأميركية. من المهمّ الآن لكل الأطراف المعنية التحلّي بالهدوء".
وندّد اتّحاد صناعة السيارات الألماني (في دي إيه) بالرسوم الجمركية مطالباً الاتحاد الأوروبي بالردّ عليها بقوة كونها "ستُسبّب خسائر فادحة" ومناشداً إياه في الوقت نفسه "الاستمرار في التعبير عن استعداده للتفاوض". كما حذّر الاتّحاد من أنّ الخسارة لن تقتصر على ألمانيا بل ستطاول المستهلك الأميركي وصناعة السيارات الأميرككية نفسها. وناشد الاتّحاد بروكسل إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة "مع أكبر عدد ممكن من المناطق في العالم" لكي يصبح الاتحاد الأوروبي "بطلاً للتجارة العالمية الحرة والعادلة".
ومن روما، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنّ رسوم ترامب "إجراء سيّئ"، محذّرة من أنّ اندلاع حرب تجارية لن يؤدّي إلا إلى إضعاف الغرب. وقالت ميلوني في بيان إنّ "فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الاتحاد الأوروبي إجراء أعتبره خاطئاً ولا يصبّ في مصلحة أيّ من الطرفين. سنبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية ستؤدّي حتماً لإضعاف الغرب لصالح جهات فاعلة عالمية أخرى".
اقتصاد دولي
ترامب يقرّ الرسوم الجمركية المتبادلة في "يوم التحرير" و"الاستقلال"
أما بريطانيا، فقد اعترف رئيس وزرائها كير ستارمر، الخميس، خلال اجتماع مع قادة الأعمال في داونينغ ستريت، بأن الرسوم الجمركية الأميركية التي أقرّها ترامب الأربعاء سيكون لها "تأثير" على الاقتصاد البريطاني. وقال زعيم حزب العمال إن "من الواضح أن القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة سيكون لها تأثير اقتصادي، على الصعيدَين المحلي والعالمي. لكنني أريد أن أكون واضحاً: "نحن مستعدون، لأن إحدى نقاط القوة التي يتميز بها بلدنا هي قدرتنا على الحفاظ على الهدوء".
بدوره، أعلن وزير تجارتها جوناثان رينولدز أنّ المملكة المتّحدة ما زالت ملتزمة بالتوصّل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة "لتخفيف" تأثير الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، مشدّداً على أنّ لندن لا تعتزم اتّخاذ إجراءات انتقامية في الحال. بدورها، ندّدت جماعة الضغط المعنيّة بالتصنيع "ميك يو كي" بقرار ترامب مؤكدة في بيان أنّ هذه الرسوم "مدمّرة" و"ستقضي على عقود من سلاسل التوريد المتكاملة التي تربط المملكة المتحدة بالولايات المتحدة من خلال شركاء تجاريين آخرين". كذلك، ندّدت بقرار ترامب جمعية مصنّعي وتجار السيارات في المملكة المتحدة، معتبرة إياه "إجراء مخيبا للآمال وربّما ضاراً".
كما أقرّ البرلمان البرازيلي قانوناً يجيز للحكومة اتّخاذ إجراءات للردّ على أيّ قيود تجارية تعرقل صادرات البلاد، بينما قالت حكومة الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا: "نأسف للقرار الذي اتّخذته الحكومة الأميركية اليوم بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على كلّ الصادرات البرازيلية". وأضافت أنّها "بصدد تقييم كلّ الإجراءات الممكنة لضمان المعاملة بالمثل في التجارة الثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية".
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أنّ رسوم ترامب "غير مبرّرة بتاتاً" ومن شأنها أن تغيّر علاقة بلاده بالولايات المتّحدة. وبعد أن فرض ترامب رسوماً جمركية بنسب مختلفة على سائر شركاء بلاده التجاريين، ومن بينها أستراليا التي بلغت نسبة الرسوم على صادراتها إلى الولايات المتحدة 10%، قال ألبانيزي إنّ "هذه الرسوم ليست غير متوقعة، لكن دعونا نكون واضحين: إنّها غير مبررة بتاتاً"، مشدّداً على أنّ هذه الرسوم "ستكون لها عواقب على نظرة الأستراليين لهذه العلاقة".
كذلك، أعرب رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن عن "أسفه الشديد" لفرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 20% على واردات بلاده من الاتّحاد الأوروبي، داعياً الدول الـ27 الأعضاء في التكتّل إلى الردّ على واشنطن بطريقة "متناسبة". واعتبر الرئيس الكولومبي غوستافو بترو أنّ "الحكومة الأميركية تعتقد أنّ زيادة الرسوم الجمركية على وارداتها عموماً قد تزيد الإنتاج والثروة والعمالة. برأيي، قد يكون هذا خطأ فادحاً".
وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن إنّ "الجميع استفادوا من التجارة العالمية (...) لا أفهم لماذا تريد الولايات المتحدة شنّ حرب تجارية على أوروبا. لا أحد ينتصر، الجميع خاسرون"، مؤكداً أنّ "أوروبا ستبقى موحّدة. أوروبا ستقدّم ردوداً قوية ومتناسبة".
وأكدت رئيسة الاتحاد السويسري كارين كيلر-سوتر التي فرض ترامب على بلادها رسوماً جمركية بنسبة 31% أنّ "المصالح الاقتصادية طويلة الأمد للبلاد تشكّل الأولوية". وإذ أشارت الرئيسة إلى أنّ "احترام القانون الدولي والتجارة الحرة أمران أساسيان"، لفتت إلى أنّ برن "ستحدّد بسرعة ما سيأتي بعد ذلك".
وفي بكين، أعلنت الصين، الخميس، أنها "تعارض بشدة" الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على صادراتها، متعهدة اتخاذ "تدابير مضادة لحماية حقوقها ومصالحها". وقالت وزارة التجارة في بكين في بيان إن الرسوم الجمركية الأميركية "لا تتوافق مع قواعد التجارة الدولية وتضر بشكل خطير بحقوق الأطراف المعنية وبمصالحها المشروعة". وطالبت وزارة التجارة الصينية، الخميس، واشنطن بأن "تلغي فوراً" الرسوم الجمركية التي فرضها لتوّه الرئيس دونالد ترامب على دول العالم أجمع، محذّرة من أنّ هذه التعرفات "تُعرّض التنمية الاقتصادية العالمية للخطر" وتضرّ بالمصالح الأميركية وبسلاسل التوريد الدولية. وقالت الوزارة في بيان إنّ "الصين تحضّ الولايات المتّحدة على أن تلغي فوراً إجراءات الرسوم الجمركية الأحادية، وأن تحلّ الخلافات مع شركائها التجاريين على نحو سليم من خلال حوار متكافئ"، مشدّدة على أنّ "لا رابح في حرب تجارية، ولا مخرج من الحمائية".
كما حذّرت اليابان، الخميس، من أنّ الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب قد تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين البلدين. وأعلن وزير التجارة والصناعة الياباني يوجي موتو، الخميس، أنّ طوكيو أبلغت واشنطن بأنّ الرسوم الجمركية هي إجراء "مؤسف جداً". وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيماسا هاياشي للصحافيين: "لدينا مخاوف جدية بشأن مدى توافقها مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين اليابان والولايات المتحدة".
واعتبرت تايبيه، الخميس، أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على تايوان "غير معقولة"، وقالت إن الحكومة تخطط لإجراء "مفاوضات جادة" مع واشنطن. وقالت الناطقة باسم الحكومة ميشيل لي، بعدما أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 32% على المنتجات التايوانية، إن تايوان "تعتبر هذا القرار غير معقول (...) وستبدأ مفاوضات جادة مع الولايات المتحدة". ويُعد الفائض التجاري لتايوان مع الولايات المتحدة سابع أعلى فائض مقارنة بالدول الأخرى، وقد وصل إلى 73.9 مليار دولار عام 2024. وتمثّل منتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما فيها رقائق أشباه الموصلات، نحو 60% من صادرات تايوان إلى الولايات المتحدة. وقد أعفيت رقائق أشباه الموصلات، وهي صناعة تهيمن عليها تايوان وكانت مصدر توتر بين واشنطن وتايبيه، من الرسوم. لكنّ محللين حذروا من أن الرسوم الجمركية على المكونات قد يكون لها تأثير سلبي على قطاع صناعة الرقائق الحيوي.
اقتصاد دولي
هكذا يتفاعل العالم مع الرسوم الجمركية.. إليك أبرز المواقف
بدوره، أعلن رئيس الوزراء التايلاندي بايتونغتارن شيناواترا، الخميس، أنّ بلاده لديها "خطة قوية" للتعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على صادراتها إلى الولايات المتّحدة، مؤكداً أنّ بانكوك تأمل أن تنجح عبر التفاوض في خفض هذه التعرفات الباهظة البالغة نسبتها 36%.
من جهتها، رئيسة المفوضية الأوروبية فون ديرلاين قالت إن الأوروبيين "مستعدون للرد" على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة التي تشكل، برأيها، "ضربة كبيرة" للاقتصاد العالمي، وستكون لها عواقب وخيمة على الملايين حول العالم، معلنة في الوقت نفسه استعداد الاتحاد الأوروبي دوماً للتفاوض مع أميركا. وفي سيول، أعرب الرئيس بالإنابة هان داك سو عن أسفه لأن "حرب الرسوم الجمركية العالمية أصبحت حقيقة"، متعهداً بـ"استخدام جميع موارد الحكومة للتغلب على الأزمة التجارية".
الأسواق المالية تدفع ثمن الرسوم الجمركية الأميركية
وغداة إعلان ترامب الرسوم الجمركية الشاملة وتزامناً مع دخول رسوم السيارات حيز التنفيذ، انهارت أسواق آسيا والعقود الآجلة الأميركية اليوم الخميس، حيث أغلقت بورصة طوكيو على هبوط بنسبة 3% تقريباً الخميس، بعدما هز قرار ترامب فرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية السوق اليابانية والأسواق العالمية الأخرى، وقال إنه فرض "رسوماً جمركية متبادلة" بنسبة 24% على اليابان التي تُعد واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة. وانخفض مؤشر نيكاي الرئيسي 2.77% إلى 34735 نقطة، كما انخفض مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 3.08% إلى 2568 نقطة.
كما تعرضت كوريا الجنوبية، وهي أيضاً حليف للولايات المتحدة، لرسوم جمركية بنسبة 25%، ما أدى إلى هبوط مؤشر كوسبي المرجعي بنسبة 1.9% بعد الافتتاح مسجلاً 2459.3. وفي أستراليا، تراجع مؤشر إس أند بي/إيه إس إكس 200 بنسبة 1.8% إلى 7793.1.
وفيما تراجعت بورصة هونغ كونغ بأكثر من 2% في مستهل التعاملات مدفوعة برسوم ترامب، هوَت بورصة هانوي بأكثر من 5% صباح الخميس، مع فرض ترامب رسوماً جمركية تصل إلى 46% على الواردات من منتجات فيتنام التي تعتبر مركزاً رئيسيا للتصنيع. وقرابة الساعة الثالثة بتوقيت غرينتش، انخفض مؤشّر "في إن" الرئيسي لبورصة هانوي بنسبة 5.13% ليبلغ 1250 نقطة، متأثراً بانهيار أسهم شركات المقاولة من الباطن في قطاع النسيج (التي تورّد بشكل خاص لشركة نايكي وغيرها من المجموعات الأميركية) وقطاع التكنولوجيا.
كما تراجعت أسواق الأسهم الأوروبية في بداية التعاملات الخميس، وكان مؤشر داكس في فرانكفورت الأكثر انخفاضاً بنسبة 2.2%، بينما تراجع مؤشر كاك 40 في باريس 2%. وخارج الاتحاد الأوروبي، انخفض مؤشر فاينانشال تايمز 100 في لندن بنسبة 1.2% بعدما كان تأثير قرار ترامب على بريطانيا أقل حدة منه على الاتحاد الأوروبي.
أما العقود المستقبلية لمؤشر ستاندرد أند بورز 500 الأميركي، فقد فانخفضت بنسبة 3%، بينما فقدت العقود المستقبلية لمؤشر داو جونز الصناعي 2%، ما ينذر بخسائر محتملة عندما تعود الأسواق الأميركية إلى العمل في وقت لاحق اليوم الخميس، بعدما كانت الأسهم الأميركية قد شهدت يوماً مضطرباً آخر أمس الأربعاء، قبل إعلان ترامب عن رسومه الجمركية في "يوم التحرير" و"الاستقلال الاقتصادي".
عقود النفط تخسر أكثر 2.6% بعد رسوم ترامب
إلى ذلك، هبطت العقود الآجلة لخام برنت 1.97 دولار أو 2.63% إلى 72.98 دولاراً بحلول الساعة 00:33 بتوقيت غرينتش اليوم الخميس. كما نزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.98 دولار أو 2.76% إلى 69.73 دولاراً. وسجل الخامان ارتفاعاً عند التسوية في جلسة الأربعاء، لكنهما تحولا إلى الانخفاض خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده ترامب وأعلن فيه عن فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة وزيادة الرسوم الجمركية على العشرات من أكبر الشركاء التجاريين للبلاد.
ونقلت رويترز عن كبير محللي السلع لدى مجموعة إس.إي.بي بيارني شيلدروب قوله: "ندرك أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على التجارة والنمو الاقتصادي، وبالتالي على نمو الطلب على النفط. لكننا لا نعرف مدى فداحة ذلك، إذ إن آثاره ستظهر تدريجياً في المستقبل".
وقال البيت الأبيض، أمس الأربعاء، إن واردات النفط والغاز والمنتجات المكررة ستكون معفاة من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب. وقد تؤدي سياسات ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية إلى مفاقمة التضخم وإبطاء النمو الاقتصادي وزيادة النزاعات التجارية، وهي احتمالات أثرت سلباً على أسعار النفط. ودعمت بياانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة أمس الأربعاء الاتجاه الهبوطي، بعدما أظهرت ارتفاعاً كبيراً بشكل مفاجئ في مخزونات الخام الأميركية بلغ 6.2 ملايين برميل الأسبوع الماضي، مقابل توقعات المحللين بانخفاض قدره 2.1 مليون برميل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


26 سبتمبر نيت
منذ ساعة واحدة
- 26 سبتمبر نيت
601 يوم من الدمار فك شفرة التواطؤ الاقتصادي الأوروبي مع الكيان الإسرائيلي:
أوروبا وشراكة الدم: 42٫6 مليار يورو تُغذي آلة الحرب الإسرائيلية وبريطانيا تتصدر "الخطيئة الكبرى" بينما تُكمل غزة يومها الـ601 وهي تلفظ أنفاسها تحت وطأة عدوان إسرائيلي يفوق كل وصف، لا يقتصر على كونه "حرب إبادة جماعية" فحسب، بل هو نزيف بشري مستمر يلطخ ضمير العالم. في هذا المشهد المروع، تتعالى صيحات التساؤل، ممزوجة بمرارة الغضب، حول الدور المريب لتلك الدول التي تتشدق بالإنسانية وحقوق الإنسان، بينما تُبرم في الخفاء صفقات تجارية ضخمة مع كيان يرتكب أبشع الفظائع. فهل بيانات التنديد الغربية، تلك التي تخرج خجولة ومتأخرة، ليست سوى ستائر دخان رقيقة تحاول عبثًا التغطية على تواطؤ عميق ومُدان في هذه الجرائم البشعة؟ هل أصبحت دماء الأبرياء سلعة رخيصة في سوق المصالح؟ يحيى الربيعي كشفت تقارير إعلامية عربية ودولية، نقلاً عن مصادر عبرية بتاريخ 23 مايو 2025م، عن مفارقة صادمة: الدول التي أعلنت مؤخراً تنديدها بالعدوان الإسرائيلي ودعت لرفع الحصار – ألمانيا، بريطانيا، إسبانيا، النرويج، آيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، سلوفينيا، فرنسا، كندا، إيطاليا، سويسرا، واليونان – هي ذاتها التي تُشكل الشريان الاقتصادي للكيان المحتل. التهديدات الأوروبية بإعادة تقييم اتفاق التجارة الحرة مع إسرائيل، الذي يُعد عصب العلاقات الاقتصادية، لم تُقابل إلا بالسخرية. فالمحللون يرون فيها مجرد مناورات سياسية عقيمة، لأن تحقيق إجماع أوروبي على مثل هذا الإجراء ضرب من المستحيل. وتأكيد "حكومة" الاحتلال على عدم تراجعها عن "الدفاع عن وجود إسرائيل وأمنها" وعدم اكتراثها بـ"الضغوط الخارجية"، يُظهر بوضوح أن هذه الدول لا تملك الشجاعة الحقيقية لانتشال الشعب الفلسطيني من براثن الظلم. مع نسبة 40% من تجارة الكيان الإسرائيلي مع أوروبا، تملك القارة العجوز ورقة ضغط اقتصادية هائلة. لكن المواقف الغربية لم تولد من قرار سياسي شجاع أو يقظة أخلاقية مفاجئة، بل هي مجرد "موجة غضب ظرفية سرعان ما تنكفئ بعد أن تمتص جزءاً كبيراً من السخط العالمي". بريطانيا.. "الخطيئة الكبرى" وسلاح التجارة تتصدر بريطانيا المشهد كـ "صاحبة الخطيئة الكبرى"، تلك الدولة التي منحت ما لا تملك لمن لا يستحق. فإلى جانب دورها التاريخي في زرع بذور المأساة الفلسطينية، لا تزال بريطانيا تُغذي آلة الحرب الإسرائيلية بـ "أفتك الأسلحة". ورغم إعلانها الأخير عن تجميد مفاوضات الاتفاق التجاري مع إسرائيل، يرى المحللون أن هذا الإجراء لا يمثل سوى قطرة في بحر الشراكة الاقتصادية المتنامية. البيانات تكشف عن حجم هائل لهذه الشراكة: بريطانيا هي الشريك الاستيرادي رقم 11 لإسرائيل في عام 2024م، ورغم تراجع قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى السوق البريطانية إلى 1.28 مليار دولار في عام 2024م (بانخفاض تجاوز 30% عن 2023م)، إلا أن واردات إسرائيل من بريطانيا بلغت 2.5 مليار دولار سنوياً، أي ضعف ما تصدره، مما أدى إلى عجز تجاري بـ1.3 مليار دولار في 2024م، إنها أرقام تصرخ بإمكانية التأثير البريطاني لو توافرت الإرادة. عمالقة التجارة وشراكة مثيرة للجدل يُعد الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري للكيان الإسرائيلي بعد الولايات المتحدة، حيث استحوذ على 32% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية في عام 2024م، وبلغت واردات الاتحاد من إسرائيل 15.9 مليار يورو، مقابل صادرات أوروبية لإسرائيل بـ 26.7 مليار يورو. وتبرز أيرلندا كأحد اللاعبين الرئيسيين، حيث استوردت 3.2 مليارات دولار من إسرائيل في 2024م، وكانت أكبر مشترٍ للدوائر المتكاملة الإسرائيلية بقيمة 3 مليارات دولار. أما ألمانيا، فقد شهدت علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل نمواً صاروخياً، لتصل قيمة التبادل التجاري بينهما إلى 7.4 مليارات دولار حالياً، بعد أن كانت 100 مليون دولار فقط في عام 1960م، ألمانيا هي الشريك التجاري الثالث لإسرائيل بعد أمريكا والصين، بينما تعد إسرائيل ثاني أكبر شركاء ألمانيا التجاريين في "الشرق الأوسط" وشمال أفريقيا. وتُعزز اتفاقيات التجارة الحرة وإزالة العقبات الجمركية الموقعة عام 1995م هذه الشراكة. تفنيد مزاعم القلق الغربي يُفنّد المحللون الاقتصاديون والسياسيون المزاعم الغربية بشأن القلق الإنساني تجاه ما يجري في غزة. فالمقال المنشور في "ميدل إيست آي" يكشف بوضوح أن التحول المفاجئ في لهجة الحكومات الغربية ليس سوى "حملة علاقات عامة مدروسة" تهدف إلى تبرئة هذه الحكومات من تواطؤها السابق وتخفيف الضغط الشعبي المتزايد. إن هذا القلق المفرط هو مجرد "حيلة أخرى" تهدف إلى منح إسرائيل الوقت لاستكمال "الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة". فالمملكة المتحدة وأوروبا تملكان القدرة على وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة، ولكن الإرادة السياسية غائبة. فبريطانيا، على سبيل المثال، زادت من صادرات الأسلحة لإسرائيل بعد وعد رئيس وزرائها بخفضها. يطالب المحللون السياسيون والنشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بريطانيا باتخاذ "إجراءات ملموسة" وحاسمة: وقف نقل أسلحة الدول الأخرى، التوقف عن تنفيذ رحلات استطلاعية فوق غزة لصالح إسرائيل، الاعتراف بدولة فلسطين، فرض عقوبات على "وزراء" الحكومة الإسرائيلية، الاستعداد لاعتقال نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب إذا زار بريطانيا، منع إسرائيل من حضور الفعاليات الرياضية، وفرض عقوبات اقتصادية شاملة عليها. كل هذه "الإجراءات الملموسة" ممكنة وسهلة التنفيذ، لكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية. فكل ما نشهده الآن هو "رغبة في تحسين العلاقات العامة وإخفاء تواطؤ بريطانيا في إبادة جماعية لم يعد من الممكن إخفاؤها". فهل ستصحو الدول الغربية من سباتها الاقتصادي وتتخذ موقفاً أخلاقياً حازماً، أم ستظل التجارة أعمى من دموع غزة؟ هذا ما ستفصح عنه الأيام القادمة خاصة مع بشاعة التصعيد الإجرامي الصهيوامريكي في غزة.


26 سبتمبر نيت
منذ 2 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
كم انت عظيمة يا غزة !!
ان يدعو النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي راندي فاين الى قصف قطاع غزة بقنابل نووية، أسوة بما فعلته بلاده في هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية، ويجد من يصفق له في إدارة الرئيس دونالد ترامب، فهذا هو قمة الإرهاب، واللاإنسانية، والتعطش لسفك الدماء في دولة تدعي انها زعيمة العالم الحر والأكثر حرصا على حقوق الانسان وقيم العدالة. اللافت ان هذه الدعوة صدرت عن نائب جمهوري دعم الرئيس ترامب حملته الانتخابية، وأيده أيضا بعض المصوتين العرب للأسف في ولاية 'ميشيغان'، وتزامنت هذه الدعوة النووية مع عودة ترامب، من جولته في ثلاث دول عربية، استطاع خلالها ابتزاز خمسة تريليونات دولار، وفوقها طائرة جامبو رئاسية كهدية يصل ثمنها، وبعد تجهيزها، ما يقرب من نصف مليار دولار. *** هذا النائب العنصري الدموي الصهيوني لا يعرف ان اعداد ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها بنيامين نتنياهو، قدوته في النازية الجديدة تبلغ اضعاف اعداد ضحايا القنبلتين النوويتين اللتين القيتا على المدينتين اليابانيتين، بالمقارنة بين عدد سكان قطاع غزة الذي لا يزيد عن المليونين، وسكان اليابان الذي يقدر بحوالي 124 مليون نسمة. هناك فارق آخر يؤكد جهل وغباء هذا النائب الى جانب دمويته، وهو ان اليابان كانت في حالة حرب مع الولايات المتحدة اثناء الحرب العالمية الثانية، وجاء قصفها النووي، وغير الإنساني، والاجرامي، كرد على هجوم الطيارين اليابانيين الانتحاريين على ميناء بيرل هاربور والقاعدة الجوية البحرية فيه، فهل شن قطاع غزة هجوما بالطائرات الانتحارية على الولايات المتحدة، وهل اهل غزة العزل الأبرياء في حالة حرب مع الولايات المتحدة الامريكية الدولة العظمى؟ فحتى الأسير الأمريكي الإسرائيلي الكسندر عيدان جرى اطلاق سراحه مجانا اكراما لترامب. سقط حتى الآن اكثر من 60 الف شهيد فلسطيني من أبناء القطاع 30 الفا منهم اطفال، وأصيب اكثر من مأتي الف، حسب احصاءات مجلة 'لانست' الطبية البريطانية التي تحظى بسمعة ممتازة لموضوعية ابحاثها عالميا، سقطوا بالقنابل الامريكية العملاقة التي يبلغ وزنها 2000 رطل ويستخدمها الجيش الإسرائيلي في حرب إبادته واغتيالاته، وبدعم مباشر من ترامب صديق العرب الحميم، فما الحاجة الى القنابل النووية في قطاع غزة التي لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا، غير الحقد العنصري، ونزعات دموية، وتعطش للدماء. والأخطر من ذلك ان عمليات الإبادة الإسرائيلية مستمرة، واليوم بدأ الجيش استعداداته لإقتحام القطاع، واحتلاله بالكامل، حاشدا اكثر من 200 الف جندي مدعومين بالدبابات، وحاملات الجنود والصواريخ، والطائرات الحربية والمسيرّة، علاوة على اكثر من 50 الف جندي من الاحتياط، حتى لكأن غزة هي الاتحاد السوفيتي في اقوى حالاته، او المانيا النازية في ذروة عنفوانها، التي حرقت اليهود في افرانها، ومن المؤكد ان هذا الاجتياح سيؤدي الى قتل عشرات الآلاف، ان لم يكن اكثر، من أبناء القطاع الذين ما زالوا على قيد الحياة، وتدمير ما تبقى من منازل ما زالت واقفة بكبرياء، ولم تدمر وهي لا يزيد تعدادها عن واحد في المئة فقط، اما الرئيس ترامب رجل السلام ما زال مشغولا في عدّ تريليوناته العربية التي إبتزها من أصدقائه العرب، ويدر وجهه على الناحية الاخرى، ولا يريد ان يعرف، فقنابله وطائراته الشبح تقوم بالواجب واكثر. اليوم فقد نقلت الينا وكالات الانباء خبرا عن سرقة الجيش الإسرائيلي 23 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، وبعض الطعام، كانت في طريقها الى الجوعى في قطاع غزة، ومن ومنّ؟ دولة الامارات العربية الدولة الأكثر تطبيعا في العالم العربي، وجاءت المكافأة الإسرائيلية على شكل سرقة هذه المساعدات في وضح النهار، ولمنع وصولها الى الجوعى من الأطفال الذين استشهدوا جوعا من انعدام التغذية وبلغ تعدادهم 242 طفلا ومسنا حتى الآن والارقام تتصاعد. *** نختم بقصة الدكتورة آلاء النجار التي تعمل في مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجرحى والمصابين، فالدكتورة آلاء، فوجئت وهي تقوم بواجبها الإنساني ان من بين الشهداء تسعة من اطفالها 'تفحموا' من جراء قصفهم بصاروخ إسرائيلي وبشكل متعمد، وبعد التأكد من وجودهم ووالدهم مع شقيقهم العاشر (في غرفة الإنعاش) في البيت، وتتراوح أعمارهم بين ستة اشهر و12 عاما. لن نستنجد بالعرب، ولا بالمسلمين، كبرت جيشوهم او صغرت، ولن نطلب أي مقابل أخلاقي او انساني من ترامب للتريليونات التي ابتزها، ولن نذكّر ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظماته بهذه المجازر المأساوية، مثلما فعلنا طوال الـ19 شهرا منذ بدء حرب الإبادة، فلا فائدة ترجى، ولا حياة لمن تنادي، وعزاؤنا الوحيد ان هناك عربا يملكون الكرامة وعزة النفس، والرجولة والاخلاق ويقصفون مطار اللد ومدينة يافا المحتلة، وموانئ حيفا واسدود وام الرشراش (ايلات) يوميا، ويؤكدون انهم لن يتخلون عن قطاع غزة مهما تضاعفت اعداد شهدائهم وجرحاهم الذين يسقطون يوميا بقصف الاسرائيليين وحلفائهم.. عن أهلنا في اليمن نتحدث. *رأي اليوم


وكالة الصحافة اليمنية
منذ 10 ساعات
- وكالة الصحافة اليمنية
عائلة رجل أعمال بريطاني معتقل في أبوظبي تناشد الاتحاد الأوروبي إطلاق سراحه
بروكسل/وكالة الصحافة اليمنية// ناشدت عائلة رجل الأعمال البريطاني ريان كورنيليوس، الذي قضى 17 عامًا في سجون الإمارات بتهمة احتيال مصرفي، أعضاء البرلمان الأوروبي ومسؤولي الاتحاد الأوروبي خلال زيارتهم إلى بروكسل، لدعم حملتهم الرامية للإفراج عنه، بعد أن صنفته الأمم المتحدة كـ'معتقل تعسفيًا'. ووصلت هيذر كورنيليوس (زوجة ريان ذات الجنسية الأيرلندية) وكريس باجيت (صهره)، إلى العاصمة البلجيكية هذا الأسبوع، حيث عقدا سلسلة لقاءات مع نواب ومسؤولين أوروبيين، في محاولة لحشد ضغط دولي على الإمارات. وجاءت هذه الخطوة بعدما أعلنت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة عام 2022 أن محاكمة كورنيليوس 'انتهكت 8 مواد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان'، ودعت إلى إطلاق سراحه الفوري. اعتقل كورنيليوس (مطور عقاري بريطاني) عام 2008 إثر اتهامه بالاحتيال في قضية قرض مصرفي بقيمة 501 مليون دولار من بنك دبي الإسلامي (DIB)، تم الحصول عليه لتمويل مشاريع استثمارية. رغم تسوية القضية لاحقًا عبر اتفاقية سداد جديدة ورهن ممتلكاته كضمان، حُكم عليه بالسجن 10 سنوات، ثم مُددت إلى 20 عامًا إضافية في 2018. جهود دولية ودعم حقوقي وأشارت هيذر في حديث لتلفزيون'يورونيوز' إلى تدهور ظروف زوجها الصحية داخل السجن، وحرمانه من أبسط الحقوق، مثل الخروج إلى الهواء الطلق مرتين شهريًا فقط، وتلقيه وجبات 'رديئة' بشكل متكرر. وعلى الرغم من تأكيد الحكومة البريطانية عبر متحدث رسمي أنها تقدم 'دعمًا قنصليًا' لكورنيليوس، وأنها تناولت القضية مع المسؤولين الإماراتيين في ديسمبر الماضي، انتقد عائلته تقاعس لندن، واصفين موقفها بـ'الإساءة الجسيمة'، ومرجحين أن السبب يعود لرغبة بريطانيا في 'حماية العلاقات التجارية مع الإمارات'. تعتمد العائلة على التحرك الأوروبي كـ'مسار أخير' بعد استنفاد الخيارات البريطانية، بينما تواصل أبوظبي التزام الصمت الرسمي حيال القضية. وتظل الأمل الوحيد لهيذر وأبنائها الثلاثة هو أن تنجح الضغوط الدولية في إنهاء '17 عامًا من المعاناة في السجون المظلمة لأبوظبي.