
التنافس التكنولوجي.. هل تفرض الصين واقعاً جديداً في الـ AI؟
من خلال الجمع بين الأداء العالي والتكلفة المنخفضة، تعيد الشركات الصينية رسم ملامح المنافسة في هذا القطاع الحيوي، مما يدفع اللاعبين التقليديين إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم لمواكبة هذا الزخم المتزايد.
في هذا السياق، يشير تقرير لموقع "بيزنس إنسايدر" اطلع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" عليه، إلى إطلاق شركة " بايدو" التكنولوجية الصينية متعددة الجنسيات والمتخصصة في خدمات الإنترنت والذكاء الاصطناعي، نموذجها Ernie X1، والذي تقول إنه "يوفر أداءً على قدم المساواة مع DeepSeek R1 بنصف التكلفة فقط".
كما أطلقت الشركة نموذجاً أساسياً متعدد الوسائط يعرف بـ Ernie 4.5 والذي تقول عنه إنه "يتفوق على GPT-4.5 في معايير متعددة، كما يبلغ سعره 1% فقط من GPT-4.5.
بحسب الشركة، فإنها ستجعل روبوت المحادثة الخاص بها، إيرني بوت، متاحاً مجاناً للعامة في الأول من أبريل المقبل، قبل الموعد المحدد سابقاً. كما أعلنت عن أنها ستقوم "بدمج" Ernie 4.5 وX1 بشكل تدريجي في نظامها البيئي للمنتجات، بما في ذلك محرك البحث المهيمن في بكين Baidu Search .
تأتي الإصدارات الجديدة لشركة بايدو في الوقت الذي تحسب فيه وادي السيليكون تكلفة نماذج الذكاء الاصطناعي، والتي حفزتها إلى حد كبير الإصدارات الأخيرة من شركة"ديب سيك" .
في ديسمبر، أصدرت "ديب سيك" الصينية نموذجاً لغوياً ضخمًا يُسمى V3.. وفي شهر يناير، كشفت عن نموذج استدلال R1 .
تُعتبر هذه النماذج جيدة أو أفضل من نماذج مماثلة من OpenAI، لكن أسعارها "أرخص بما يتراوح بين 20 و40 ضعفاً"، بحسب تحليل أجرته شركة Bernstein Research .
تظهر أحدث نماذج بايدو ليس فقط المنافسة المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين في سباق الذكاء الاصطناعي ، بل وأيضاً تبني الصين المتزايد للنماذج مفتوحة المصدر.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة بايدو، روبن لي، في مؤتمر أرباح في فبراير: "من الدروس التي تعلمناها من ديب سيك أن إتاحة أفضل النماذج مفتوحة المصدر تُسهم بشكل كبير في تبنيها.. فعندما يكون النموذج مفتوح المصدر، يرغب الناس بطبيعة الحال في تجربته بدافع الفضول، مما يُسهم في توسيع نطاق تبنيه".
من جانبه، يقول المستشار الأكاديمي في جامعة "سان خوسيه" الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
يأتي هذا التطور في إطار سعي الصين لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية وتعزيز مكانتها كمنافس رئيسي في هذا المجال، خاصة في مواجهة الشركات الأميركية التي تهيمن حالياً على المشهد مثل OpenAI وGoogle.
يشكل هذا الإعلان تحدياً مباشراً للنماذج المتقدمة التي طورتها شركات مثل OpenAI، حيث تشير التقييمات الأولية إلى أن Ernie 4.5 يقترب من مستوى GPT-4 Turbo في الأداء.
تأتي هذه الخطوة في وقت تتصاعد فيه التوترات التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة، لا سيما بعد القيود المفروضة على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة إلى بكين ، والتي تهدف إلى الحد من تقدمها في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة.
مع تسارع الابتكار الصيني، تواجه الشركات الأميركية ضغوطاً متزايدة للبقاء في المقدمة، سواء من خلال تحسين تقنياتها أو تبني استراتيجيات جديدة مثل فتح بعض نماذجها للمطورين، في محاولة للحفاظ على نفوذها.
ويضيف: من المتوقع أن يكون لهذا التطور تأثير واضح على الأسواق الدولية، حيث قد تجذب النماذج الصينية اهتمام الدول التي تبحث عن بدائل للنماذج الأميركية، خاصة في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. كما أن تركيز Baidu على تطوير نماذج تفهم اللغات الآسيوية بشكل أكثر دقة قد يمنحها ميزة في الأسواق التي تعاني من ضعف التمثيل اللغوي في النماذج الغربية.
ويوضح أن Ernie X1 يأتي كنموذج مفتوح المصدر، مما يعني أنه سيكون متاحاً للمطورين والشركات لتعديله واستخدامه بحرية. وهذه الخطوة قد تغير توازن القوى في السوق، حيث قد يفضل العديد من المطورين والمبتكرين هذا النهج على النماذج المغلقة التي تفرض قيودًا صارمة على الاستخدام والتخصيص.
وفي تقدير بانافع، فإن "هذه التطورات تعكس اتجاهاً متزايداً نحو انقسام عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسير الولايات المتحدة والصين في مسارين مختلفين، كل منهما يحاول فرض هيمنته على المشهد التكنولوجي".
ومع استمرار الصين في تطوير بدائلها الخاصة، يبقى السؤال الأهم: كيف سترد الشركات الأميركية على هذا التحدي؟ وهل ستتجه نحو مزيد من الانفتاح، أم ستواصل تعزيز نماذجها المغلقة للحفاظ على تفوقها في هذا السباق التكنولوجي المحتدم؟
ويقول تقرير لـ "فرنس 24" إلى أن شركات التكنولوجيا في الصين تبذل جهودا حثيثة لإطلاق منصات ذكاء اصطناعي محسنة منذ أن صدمت شركة "ديب سيك" الناشئة منافسيها بنموذجها مفتوح المصدر والفعال للغاية من حيث التكلفة في يناير، مشيرة إلى إعلان Baidu عن إطلاق أحدث نماذجها.
ويلفت التقرير إلى المنافسة الشديدة التي تواجهها الشركة في قطاع الذكاء الاصطناعي الموجه للمستهلك، حيث هزت شركة DeepSeek الناشئة الصناعة في الداخل والخارج بنموذج حقق أداءً مماثلاً للمنافسين مثل ChatGPT المصنوع في الولايات المتحدة، لكن تكلفة تطويره أقل بكثير.
ومنذ ذلك الحين، سارعت الشركات الصينية والوكالات الحكومية المحلية إلى دمج نموذج DeepSeek مفتوح المصدر في عملها، في حين كانت شركات التكنولوجيا الأخرى تحاول اللحاق بالركب.
قامت شركة Baidu نفسها بدمج نموذج التفكير R1 الخاص بـ DeepSeek في محرك البحث الخاص بها.
في فبراير، أصدرت شركة Tencent، المالكة لتطبيق WeChat، نموذج ذكاء اصطناعي جديد زعمت أنه يجيب على الاستفسارات بشكل أسرع من DeepSeek، حتى مع دمج تقنية منافستها في منصة المراسلة الخاصة بها.
في الشهر نفسه، أعلنت شركة علي بابا، التي دخلت في شراكة مع شركة أبل لتطوير الذكاء الاصطناعي لهواتف الشركة الأميركية في الصين، أنها ستستثمر 380 مليار يوان (52 مليار دولار) في الذكاء الاصطناعي و الحوسبة السحابية على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
كما أطلقت شركة علي بابا هذا الشهر أيضاً نسخة جديدة من تطبيق المساعد الذكي الخاص بها والذي يعتمد على نموذج Qwen المنطقي مفتوح المصدر.
بدوره، أكد استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات، عاصم جلال، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:
قطاع الذكاء الاصطناعي يشهد تطوراً متسارعاً مع تدفق العديد من النماذج الذكية الصينية الجديدة، مثل نموذج Qwen QWQ ونموذج Manus، الذي أثار اهتماماً واسعاً بفضل قدرته المتقدمة، ليس فقط على توليد النصوص، ولكن أيضاً على التفاعل المباشر مع الحاسب الشخصي. حيث يتمتع بميزة تشغيل المتصفح، وحجز رحلات الطيران، وتنفيذ العديد من العمليات التي تسهّل الأتمتة الشخصية والمهنية للمستخدمين.
الطلب على نموذج Manus بلغ مستويات غير مسبوقة، حيث وصلت قائمة الانتظار إلى حوالي مليوني مستخدم ينتظرون الحصول على إذن لاستخدامه، مما يعكس الإقبال الكبير على هذه التقنيات.
وفي سياق المنافسة العالمية، يلفت جلال إلى أن شركات أميركية ترغب في فرض إدارة ترامب حظر على النماذج الذكية الصينية في الولايات المتحدة، مبررة ذلك بالتنافس الشديد، ورغبتها في منح الأولوية لصناعة الذكاء الاصطناعي الأميركية في مواجهة الصين.
ويوضح أن المنافسة المتزايدة لا تقتصر على النصوص، بل تمتد أيضاً إلى مجالات توليد الصور والفيديوهات، حيث بدأت الشركات الصينية في تحقيق الريادة رغم القيود المفروضة عليها، بل وطرحت نماذج مفتوحة المصدر يمكن للمستخدمين خارج الصين والولايات المتحدة، بما في ذلك المستخدمين العرب، الاستفادة منها وتطوير استخدامها.
ويوضح أن هذه النماذج توفر فرصة ذهبية للمطورين لتبنيها وتكييفها مع البيئات المحلية، مما قد يسهم في بناء بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي تدعم اللغات والثقافات المختلفة، مما يعزز من فرص الابتكار والتطوير التقني، بما في ذلك في المنطقة العربية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة العربية للأخبار التقنية
منذ 4 ساعات
- البوابة العربية للأخبار التقنية
'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي
في خطوة تاريخية تُعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والتعاون التكنولوجي، أطلقت مجموعة من الشركات التكنولوجية الرائدة عالميًا مشروع (ستارجيت الإمارات) Stargate UAE، ضمن مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي تبلغ طاقته التشغيلية 5 جيجاواط، ليكون مركزًا دوليًا للبنية التحتية المتقدمة في هذا المجال. ويمثل هذا المشروع المشترك، الذي يضم عمالقة مثل: (جي 42) الإماراتية، و(OpenAI)، وأوراكل، وإنفيديا، ومجموعة سوفت بنك، وسيسكو، مجمع حوسبة ضخم متطور للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تسريع الابتكار وتعميق التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي. تفاصيل مشروع (ستارجيت الإمارات): يُعدّ مشروع (ستارجيت الإمارات) مجمع حوسبة ضخم للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي يتميز بسعة أولية تبلغ 1 جيجاواط، وسيُقام هذا المشروع في مقر مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي، الذي من المخطط أن تصل سعته الإجمالية إلى 5 جيجاواط. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع الضخم في دفع عجلة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي، ويوفر القدرات الحاسوبية الضخمة اللازمة لتطوير ونشر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة. الأطراف المشاركة وأدوارها: ستتولى شركة (جي 42) الإماراتية مسؤولية بناء مشروع (ستارجيت الإمارات) الضخم، في حين ستتولى شركتا (OpenAI) وأوراكل إدارة تشغيل المشروع. وستشارك شركة (سيسكو) بتوفير أنظمة الأمان ذات الثقة الصفرية (Zero Trust Security) وبنية الاتصال الداعمة للذكاء الاصطناعي، وستزود شركة إنفيديا المشروع بأحدث أنظمتها من طراز (Grace Blackwell GB200)، التي تُعدّ من أقوى حلول الحوسبة للذكاء الاصطناعي في العالم، لضمان أعلى مستويات الأداء. وتُسهم مجموعة سوفت بنك كشريك فاعل في المبادرة. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول تجمع حوسبي ضمن مشروع (ستارجيت الإمارات) بقدرة تبلغ 200 ميجاواط في عام 2026، مما يمثل خطوة أولى نحو تحقيق السعة الإجمالية المخطط لها التي تصل إلى 5 جيجاواط في مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي. 'ستارجيت الإمارات'.. قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي تدفع الاكتشافات والنمو الاقتصادي: يهدف مشروع (ستارجيت الإمارات) الطموح إلى توفير بنية تحتية متطورة وقدرات حوسبة فائقة على مستوى الدولة، مع التركيز في تقليل زمن معالجة البيانات بنحو كبير. وستمكّن هذه القدرات من تقديم حلول ذكاء اصطناعي تلبي المتطلبات المتزايدة لعالم يشهد نموًا متسارعًا في هذا المجال. كما يؤسس هذا المشروع قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي، تتميز بقدرتها على التوسع والموثوقية العالية، ومن خلال هذه القاعدة، سيسرع المشروع من وتيرة الاكتشافات العلمية ويدفع عجلة الابتكار عبر العديد من القطاعات الحيوية، التي تشمل: الرعاية الصحية والطاقة والمالية والنقل. وستسهم هذه الأهداف في تعزيز النمو الاقتصادي المستقبلي والتنمية الوطنية لدولة الإمارات، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والابتكار. شراكة إماراتية أمريكية لتسريع الذكاء الاصطناعي: يأتي مشروع (ستارجيت الإمارات) في إطار شراكة إستراتيجية جديدة بين حكومتي دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، تحت اسم (شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات). وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، لتطوير ذكاء اصطناعي آمن وموثوق ومسؤول يعود بفوائد طويلة الأمد على الإنسانية. وقد أُطلقت المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي وُصف بأنه الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة الأمريكية، والذي سيحتضن مشروع (ستارجيت الإمارات)، خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للإمارات خلال شهر مايو الجاري. ويمتد هذا المجمع الجديد على مساحة تبلغ 10 أميال مربعة، مما يجعله أكبر منشأة من نوعها خارج الولايات المتحدة، وسيزوّد المجمع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وموارد الحوسبة الإقليمية بقدرة تصل إلى 5 جيجاواط. كما سيعمل هذا المجمع باستخدام مزيج من الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، والغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات الكربونية. وسيضم المجمع منتزهًا علميًا يهدف إلى تعزيز الابتكار، وتطوير المواهب، وبناء بنية تحتية مستدامة للحوسبة. وضمن هذا الإطار، ستقوم الجهات الإماراتية أيضًا بتوسيع استثماراتها في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، من خلال مشاريع مثل (ستارجيت الولايات المتحدة)، تماشياً مع سياسة أمريكا أولًا للاستثمار. نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي: يمثل إطلاق مشروع (ستارجيت الإمارات) نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي لدولة الإمارات والمنطقة بأكملها، ويعكس طموح الإمارات المتزايد لتكون في طليعة الثورة الصناعية الرابعة. فمن خلال هذا المجمع العملاق والشراكة مع نخبة من شركات التكنولوجيا العالمية، لا تكتسب الإمارات قدرات حاسوبية ضخمة فحسب، بل ترسي أيضًا معايير جديدة للتعاون الدولي، والسيادة الرقمية، والتنمية المستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما سيُعزز هذا المشروع من قدرة الدولة على الابتكار، ودفع الاكتشافات العلمية، وتمكين التحول في قطاعات حيوية، مما يؤسس لمستقبل رقمي مزدهر ومسؤول يعود بالنفع على البشرية جمعاء.


العين الإخبارية
منذ 6 ساعات
- العين الإخبارية
صندوق ثروة سيادي مشترك بين أمريكا واليابان.. حل مبتكر لفض الاشتباك التجاري
اقترح مؤسس شركة سوفت بنك، ماسايوشي سون، فكرة إنشاء صندوق ثروة سيادي مشترك بين الولايات المتحدة واليابان، على أن يكون الهدف منه هو القيام باستثمارات واسعة النطاق في مجالي التكنولوجيا والبنية التحتية عبر الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن ثلاثة أشخاص مطلعين أنه تم طرح الفكرة على أعلى المستويات السياسية في واشنطن وطوكيو وقد تصبح نموذجًا لحكومات أخرى لتشكيل علاقات استثمارية أوثق مع الولايات المتحدة. والخطة، التي نوقشت مباشرة بين سون ووزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت وجرى عرضها على شخصيات حكومية بارزة أخرى في كلا البلدين، لم تتبلور بعد إلى اقتراح رسمي، وفقًا للمصادر. لكن فكرة الصندوق المشترك طُرحت عدة مرات في الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي يقترب فيه المفاوضون اليابانيون وإدارة ترامب من التوصل إلى اتفاق تجاري. وقد تمسكت اليابان بموقفها الذي يدعو إلى إلغاء الرسوم الجمركية بالكامل، بينما أوضحت الولايات المتحدة أنها لن تنزل عن "الحد الأدنى" للرسوم الجمركية وهو 10%. لكن بعد مكالمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يوم الجمعة، قال الأخير لوسائل الإعلام المحلية إنه يتوقع الآن أن يكون الاجتماع المخطط له بينهما على هامش قمة مجموعة السبع في كندا في منتصف يونيو/حزيران "نقطة تحول" في المفاوضات. الخطة وبموجب الهيكل المقترح لصندوق الثروة، ستكون وزارة الخزانة الأمريكية ووزارة المالية اليابانية مالكين ومشغلين مشتركين للصندوق، لكل منهما حصة كبيرة. ثم سيتم فتح المجال أمام مستثمرين آخرين كشركاء محدودين، وقد يُعرض على الأمريكيين واليابانيين العاديين فرصة لامتلاك حصة. وبحسب المصادر، فإن الصندوق، ليكون فعالًا في طموحاته الاستثمارية، يجب أن يكون "ضخمًا" — مع رأس مال ابتدائي محتمل قدره 300 مليار دولار، ثم يتم تعزيزه بالتمويل بالديون بشكل كبير. وستكمن جاذبية الصندوق المشترك في قدرته على توفير تدفق للإيرادات لكلا الحكومتين. وقال شخص مطلع على الوضع: "النظرية هي أن بيسنت يبحث عن مصادر إيرادات لوزارة الخزانة لا تتضمن رفع الضرائب، ومهما بدت فكرة الصندوق المشترك بعيدة، إلا أنها من الناحية النظرية توفر ذلك"، وأضاف أن الفكرة عُرضت كخطوة واضحة عن الاستراتيجيات السابقة. وأضاف الشخص أنه يعتقد أن بيسنت "يريد شيئًا يمكن أن يصبح نموذجًا أوليًا لهندسة مالية جديدة بين الدول، بينما تريد اليابان اتفاقية مُحكمة الحوكمة تحميها من القرارات الارتجالية للسياسة في المكتب البيضاوي." وفي الماضي، كانت الحكومة الأمريكية، أو الولاية الفردية، تقدم حوافز ضريبية للمستثمرين المباشرين الكبار لبناء مصانع أو مشاريع بنية تحتية. وكان التوقع من وراء تلك الاستراتيجية أن تحصل الحكومة في النهاية على ضرائب بشكل غير مباشر. لكن الاستثمار الذي يقوم به الصندوق المشترك المقترح سيحقق أرباحًا مباشرة تتناسب مع الاستثمار الأصلي. دور سون وسون مقرب من ترامب وكان زائرًا بارزًا لمنزل الرئيس المنتخب في مارالاغو في ديسمبر/كانون الأول. وقد كان محوريًا في اقتراح الصندوق المشترك، وفقًا للمصادر. وقد يأمل سون في النهاية أن يلعب دورًا في توجيه قرارات الاستثمار الخاصة بالصندوق. ورئيس سوفت بنك معتاد على القيام برهانات مالية ضخمة، وكان قد وقف إلى جانب ترامب في يناير/كانون الثاني للكشف عن خطة "ستارغيت" بقيمة 500 مليار دولار لبناء مراكز بيانات أمريكية وبنية تحتية للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع OpenAI وأوراكل. وقال أحد الأشخاص المطلعين إن هذا النوع من المشاريع يمكن أن يجذب استثمارًا من صندوق الثروة المقترح. aXA6IDg0LjMzLjMwLjgxIA== جزيرة ام اند امز IT


صحيفة الخليج
منذ يوم واحد
- صحيفة الخليج
الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة
يبدو أن المشهد العالمي يشهد تغيراً في موازين القوة بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم الشركات الكبرى الخوارزميات والبنى الرقمية لتوسيع سلطتها، وتفرض شروطها عبر احتكار البيانات واستثمار الموارد على نطاق واسع. ونجد أن عدداً محدوداً يتحكّم في توجيه هذه التكنولوجيا، ويعيد تعريف مفاهيم السيادة والمصلحة العامة. في هذا السياق، لا تُحدَّد مواقع القوة بالجغرافيا، بل بمن يمتلك البنية الرقمية. في كتابها (إمبراطورية الذكاء الاصطناعي: أحلام وكوابيس في شركة سام ألتمان «أوبن إيه آي»)، الصادر في مايو (أيار) 2025 عن دار «بينغوين برس»، تقدم الصحفية كارين هاو عرضاً موسّعاً ومفصّلاً لتاريخ وتحوّلات شركة (OpenAI)، التي تعدّ واحدة من أبرز الجهات الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال العقد الأخير. ينتمي هذا العمل إلى حقل الصحافة الاستقصائية، ويعتمد على مصادر داخلية ومعايشة مباشرة لمسار الشركة منذ بدايتها حتى لحظة تحوّلها إلى لاعب مركزي في سباق تقني عالمي شديد التعقيد. يبدأ الكتاب من نقطة تأسيس هذه الشركة كمؤسسة غير ربحية، ترفع شعار «السلامة أولاً» في تطوير الذكاء الاصطناعي، بقيادة سام ألتمان. هذا الطموح الأخلاقي شكّل في البداية إطاراً لتصورات مثالية عن التقنية بوصفها أداة لإنقاذ العالم من المخاطر، لا العكس. لكن المؤلفة، التي بدأت تغطيتها للشركة عام 2019، ترصد كيف أخذت هذه المؤسسة، شيئاً فشيئاً، تنجرف نحو منطق السوق والربح والتوسع، مدفوعة برؤوس أموال ضخمة، أبرزها استثمارات مايكروسوفت، وما تفرضه من تسارع وتنافس لا يترك مجالاً للحياد أو التباطؤ. يُظهر الكتاب البنية الفعلية للصناعة التي باتت تهيمن على جزء كبير من المشهد العالمي. فخلف واجهة البرامج المتقدمة والواجهات اللغوية المبهرة، توجد شبكات هائلة من الموارد البشرية والمادية: مراكز بيانات تستهلك كميات هائلة من الطاقة والمياه، وعمال في دول الجنوب العالمي يُستخدمون في «تنظيف البيانات» لقاء أجور زهيدة. هذه الحقائق التي تنقلها هاو من تجارب مهندسين في وادي السيليكون، وعمال بيانات في كينيا، ونشطاء بيئيين في تشيلي، تشكل مكونات ما تسميه الكاتبة «إمبراطورية جديدة»، لا تستند إلى الاحتلال أو القوة العسكرية، بل إلى الخوارزميات والسيرفرات والبنى التحتية الرقمية. لا يُركّز الكتاب على الجانب التقني بقدر ما يحاول تفكيك البُعد السياسي والاجتماعي للذكاء الاصطناعي، فبدلاً من الانشغال بفكرة «الوعي الاصطناعي» أو «التهديد الوجودي»، تدعو هاو القارئ إلى التأمل في تبعات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وعلى البيئة، وعلى التفاوت في توزيع الثروات والمصادر. يتناول جزء مهم من الكتاب حدثاً دراماتيكياً هزّ مجتمع التكنولوجيا في 2023: إقالة سام ألتمان المفاجئة من منصبه، ثم عودته السريعة إلى قيادة «أوبن إيه آي»، تقدم هاو سرداً لما جرى خلف الكواليس، بناءً على مصادر داخل الشركة، وتستعرض كيف يعكس ذلك الحدث طبيعة السلطة داخل الشركات التقنية الكبرى، حيث تتقاطع المصالح التجارية مع الطموحات الشخصية والرؤى المتضاربة حول مستقبل التكنولوجيا. يشير الكتاب إلى أن الذكاء الاصطناعي أداة سياسية بامتياز، تُعاد من خلالها صياغة موازين القوى بين الدول والشركات والمجتمعات، ويظهر كيف أن البعد السياسي يتمثل في إظهار كيف أن امتلاك القدرة على تطوير النماذج اللغوية الضخمة، والتحكم في البنى التحتية الحاسوبية، وتحليل البيانات الهائلة، أصبح يعادل في أهميته امتلاك الموارد الطبيعية أو النفوذ العسكري، فالدول التي لا تمتلك شركات قادرة على المنافسة في هذا الميدان تجد نفسها في موقع التبعية، ويزداد اعتمادها على منصات وواجهات أجنبية تُملي عليها شروطها التقنية والثقافية والاقتصادية. إلى جانب ذلك، يعرض الكتاب كيف يتم تطويع اللغة الخطابية لشركات الذكاء الاصطناعي الكبرى لتبرير الهيمنة تحت غطاء «الابتكار» و«الصالح العام»، فالشركات التي تقود هذا القطاع تُروّج لخطابات تتحدث عن «حماية البشرية» و«منع التهديدات الوجودية»، لكنها في الوقت ذاته تُمارس ضغوطاً على الجهات التنظيمية، وتسعى إلى احتكار البيانات والنماذج، وتقاوم أحياناً الجهود الرامية إلى فرض الشفافية أو المساءلة. وهكذا، تتحول المخاوف الأخلاقية إلى أدوات لإعادة تشكيل السياسات العامة بما يخدم مصالح فئة محددة من الفاعلين الاقتصاديين.