
في يوم تشييعه.. ما هي العلاقة بين نصر الله واليمن نصر الله
يحتل حزب الله وأمينه العام الشهيد السيد حسن نصر الله مكانة عظيمة في قلوب اليمنيين، لا تدانيها مكانة، وهي مكانة ضاربة في التاريخ، لا تستوعبها الأقلام، ولا الدفاتر، بل تكاد لا تدركها العقول، ولا تسعها القلوب، هي مكانة الوفاء من الصدق، والتضحية من الفداء، لا تستطيع التفرقة بينها، لم تنشأ فجأة، ولم تأت من فراغ، كما أنها لم تولد من غير والد، أو تنْمُ من غير رعاية.
عين اليمنيين وسمعهم وبصرهم، كما كل شعوب أمتنا، كانت ترقب وتنتظر، وتبحث وتتلهف، إلى من ترى فيه أملها لتحقيق تطلعها، وانعكاس رجائها، فجاءت اللحظة التاريخية لتشير بإصبعها باتجاه هذا السيد الشاب وهو يتلقف قيادة حزب الله، ويسير بالمقاومة في طريق النصر.
الظرف التاريخي الحساس، والمفعم بالمخاضات، والهزات، والمثقل بالنكسات والنكبات، كان مناسبا وعلى درجة عالية من الملاءمة، لظهور قائد بحجم السيد حسن نصر الله وثقله وهيبته وصدقه وإيمانه.
لذلك لم تخطئه العيون، ولم تسد لخطابه الآذان، وانفتحت له القلوب بكل أبوابها، فملأ العيون قيادة، وأشبع الآذان ثقة وإيمانا، وشحن القلوب حبا ووفاء وأملا بالنصر القريب.
لم يكن الشعب اليمني استثناءً بين شعوب أمتنا، الذي تابع بكل فخر واعتزاز انتصارات حزب الله بقيادة السيد نصرالله، ورأى فيه القيادة المنتظرة للأمة، فقد كانت كل شعوب أمتنا بلا استثناء تراه كذلك، ولا عبرة بالمنافقين هنا، الذين قد يشوش الإشارة إليهم طبيعة الموقف العظيم في تلاقي الأمة عند صدق القائد وفخرها بخطاباته وحضوره الذي كان عنوانا لعز الأمة القادم.
من هناك من بنت جبيل، سمع اليمنيون وكل الأمة، ذلك القائد وهو يتحدث عن النصر، نصر لم يسمع به العرب طوال عقود مضت، على عدو كان قد تسرب إلى نفوس الكثيرين أنه لن يهزم، ولن يهتز، ودفع البعض للاستسلام، لا سيما بعد تطبيع أقرب دولتين وأكثرها مواجهة مباشرة معه، مصر والأردن، والأهم للأسف الشديد السلطة الفلسطينية نفسها، لتنكسر كل تلك الخيبات، بإعلان نصر أول على هذا العدو إجباره على الانسحاب من كل جنوب لبنان عام 2000، دون قيد أو شرط، وفي ذلك الخطاب وصف السيد نصر الله كيان العدو الإسرائيلي بأنه أوهى من بيت العنكبوت.
وافق ذلك الوصف رغبة في نفوس الأمة، ودق على وتر الانتصارات التي عزفت في قلوبها، وأعادت إليها أمل تحرير فلسطين، والقضاء على هذا الكيان، لم تكن عبارة بيت العنكبوت، مجرد حروف وكلمات، بل كانت سلاحا فتاكا، أذاق العدو ويلات الانكسار، التي ظلت ترافقه طوال مراحلها اللاحقة، كما كانت جرعة كبيرة من الإيمان، والوعي الذي ارتفع حتى عانق السحاب.
أخيرا.. بعد عقود، هاهو قائد يتحدث بكل ثقة، ليعيد مجد الأمة المفقود، وأملها المنكسر، وهيبتها المهدرة، لقد كان هو السيد الشاب القائد الكبير حسن نصر الله، فارتفعت حينها راية حزب الله في كل مدينة وقرية وعلقت صور هذا القائد في كل بيت، فزمن الهزائم قد ولى.
جاءت حرب تموز، لتؤكد مجددا أن هذا هو زمن الانتصارات، وعلى يد هذا القائد وإخوانه المجاهدين، وأولئك الشباب الصادقين في حزب الله، لن ترى الأمة إلا النصر، وجاءت عبارة: (كما وعدتكم بالنصر دائما، أعدكم بالنصر مجددا)، وما هي إلا أيام، حتى انقشع غبار تموز، عن النصر المؤكد فعلا، ومرة أخرى تظهر 'إسرائيل' و'جيشها' الذي يعد خلاصة جيوش الغرب وخبراته، ومعداته وسلاحه، أوهن من بيت العنكبوت، لتلاحق تلك العبارة قادة العدو وتمرغ أنوفهم بالتراب.
خرج حزب الله منتصرا، وظهر القائد بخطاب النصر مجددا، فهز الدنيا، زلزالا تحت أقدام العدو، وفرحا في قلوب المحبين المؤمنين بخيار المقاومة والجهاد، ومهما نسي العالم فلن ينسى تلك اللحظات على الهواء مباشرة، وفاتح زمن الانتصارات يتحدث بهدوء، قائلا : انظروا إليها تحترق، كان يتحدث عن السفينة الإسرائيلية ساعر، التي أصابها صاروخ حزب الله على مرأى ومسمع العالم.
هكذا إذاً بدأنا نشعر بطعم النصر، في اليمن والأمة الإسلامية والعربية، وكان ذلك بيد السيد المجاهد حسن نصرالله، الذي أطعمنا النصر بملاعق الجهاد والتضحية الذهبية، تذوقت الأمة نصرا، أشهى من العسل، وأوضح من عين الشمس، وأبهى من نور القمر في ليلة صافية.
إذا كان نصر 2000 إنعاشا لقلب الأمة المنكسر، فقد كان نصر 2006 إكسير حياة للعزة والكرامة تلقته صدور الشباب في الأمة، فانطلقت بكل شموخ وعزة وكرامة، وعادت لها الثقة بذاتها، ونفضت الغبار عن خط سيرها الذي ارتضاه الله لها، واضح الجادة، جلي الطريق، في صراط مستقيم غير ذي عوج.
بين النصرين، أراد الله لليمن أن تنهض على يد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، فعمل على أن يكون السيد نصرالله نموذجه المشرق في الجهاد والصدق والثبات، ودليلا على وعد الله تعالى للامة بالنصر، وقد حملت محاضراته الكثير من المواضع في هذا الصدد، لعل أبرزها حين جعل هذا القائد مصداقا لقول الله تعالى: (وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون)، ويقول رضوان الله عليه: 'ولهذا، الأشخاص الذين يثقون بالله يتكلمون بملئ أفواههم بكل تحدي لإسرائيل عند رأسها، حسن نصر الله، وأمثاله، بكل صراحة، وبكل قوة، من منطلق ثقته بصدق القرآن، أن هؤلاء أجبن من أن يقفوا في ميدان القتال صامدين، وجربوهم فعلاً، جربوهم في جنوب لبنان، كيف كانوا جبناء، يهربون، جندي واحد يرد قافلة، ورتلا من الدبابات، الشاحنات العسكرية. أرعبوهم حتى أصبح اليهود متى ما خرج اليهودي من جنوب لبنان إلى داخل فلسطين يبكي من الفرح، ويقبِّل أسرته، خرج من بين غمار الموت'.
في موضع آخر، فإن السيد حسين بدر الدين الحوثي، يقدم السيد نصرالله نموذجا، للمؤمن الذي مُلئ قلبه بالإيمان، ويقارن بينه وبين بقية الزعماء العرب: 'هل أحد منكم شاهد [السيد حسن نصر الله] في التلفزيون وهو يتكلم بملء فمه، وبكل قوة وبعبارات تهز إسرائيل. ماهي عبارات مثلما يتكلم زعماء العرب الآخرين' ويستطرد بوصف تلك الكلمات: 'كلمات مجاهد، كلمات شجاع، كلمات تحتها جيش من الشباب المجاهدين الأبطال، يتكلم كلمات حقيقية مؤثرة، وهو بجوارهم، وهو يعلم أن معهم قنابل ذَرِّيّة، وأن معهم صواريخ ومعهم دبابات، ومعهم كل شيء، لكن قلبه من القلوب المملوءة بتولّي الله ورسوله والذين آمنوا فأصبحوا حزب الله، وحزب الله هم الغالبون، كما سيأتي عندما نصل إلى عند هذه الآية'.
ولم يترك السيد حسين بدر الدين الحوثي الاستشهاد بكلام السيد نصرالله في تحليل موقف أمريكا من الأمة: 'وما أجمل ما قال السيد حسن نصر الله – في تحليل هذه المسألة – قال: [إن أولئك عندما يتحركون ليس من أجل أموالهم ومصالحهم، فأموالهم ومصالحهم في المنطقة مأمونة وهناك قواعد تحميها، وهناك أنظمة تحميها، وليس من أجل خيرات معينة، هم من تصب خيرات الشعوب العربية في بنوكهم، إنه تحرك – قال – لضرب الإسلام'.
كان مؤشر العلاقة بين اليمن والسيد نصر الله قد وصل إلى أعلى درجة، فجاء العدوان على اليمن، وموقف السيد نصر الله الرافض والمدين لهذا العدوان، ليكسر شوكة المؤشر، ويدمج بين اليمنيين وهذا الرجل الصادق والقائد الشجاع، والوفي، والمؤمن، الذي لا يخاف في الله لومة لائم، لم يعد هناك فرق، لنتحدث عن علاقة، لم يعد هناك بين، لنتحدث عن مكانة، فقد أصبح السيد نصرالله يمنيا، وأصبح اليمنيون حزب الله، فقد بادر بالموقف حيث احجم البعض وانضم البعض إلى تحالف العدوان، أعلن موقفه الرافض يوم سكت الناس، بل وصل حد أن يصف ذلك الموقف بأنه أشرف موقف اتخذه في حياته الشريفة، فكانت كلماته بلسما لجراح الأطفال ونساء اليمن، وكانت عباراته دواء لقلوب منكسرة من ظلم القريب، وجفاء الصديق، ووحشية الجار اللصيق. كانت حشرجة صوته، علاج غربة شعب اليمن بين الأمة، وكان لصرخته القوية، مفعول الترياق.
هنا، أصبحت صورته وصوته، علامة على أن الأرض التي مُلِأت جورا، لا تزال تنبض بالحق والعدل، فقد أنصفنا حين ظلمنا الناس، وواسانا حين اعتدى علينا الناس، ووقف إلى جانبنا، يوم خذلنا الناس، وتحمل في سبيل ذلك الموقف كل ضغط، ورغم ذلك استمر في موقفه، وقدم كل ما يستطيع، لم يبخل على اليمن بشيء أبدا، وسيأتي اليوم الذي ينكشف فيه للناس عظيم ما قدم.
لن تكون شهادة السيد حسن نصر الله آخر المطاف في مكانته بين اليمنيين، وإنما مرحلة من المراحل التي يصنع فيها القائد القدوة، ليكون مشعل هداية في طريق الأمة عموما، واليمنيين خصوصا. ولأن الشهادة حياة كما وصفها الله تعالى، فليست فراقا، بل هي اللقاء في عالم الروح، وعالم الحقيقة، وستظل فينا روحه ومبادئه وصدقه وجهاده وتضحيته، أبرز معالم الطريق إلى الملتقى في جنات عدن مع رسول الله وآله، ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
ــــــــ
موقع أنصار الله . تقرير | علي الدرواني

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
اتهام مغني راب بريطاني بجريمة إرهابية
أعلنت شرطة العاصمة البريطانية، الأربعاء، توجيه تهمة ارتكاب جريمة إرهابية إلى مغني الراب ليام أوهانا، عضو فرقة "نيكاب" القادمة من إيرلندا الشمالية، بعد أن لوّح بعلم "حزب الله" خلال عرض موسيقي أقيم في قاعة O2 الشهيرة بلندن في نوفمبر الماضي. ووفقاً لبيان الشرطة، فإن أوهانا، المعروف باسمه الفني "مو شارا"، "رفع علماً بطريقة أو في ظروف تثير شكوكا منطقية بأنه يُظهر دعماً لمنظمة محظورة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000، وهي حزب الله". ومن المقرر أن يمثل أوهانا أمام محكمة في لندن بتاريخ 18 يونيو المقبل، وسط اهتمام إعلامي وشعبي بالقضية التي تفتح الباب مجدداً للنقاش حول حدود حرية التعبير في العروض الفنية، وتطبيق قوانين الإرهاب في بريطانيا. يُذكر أن المملكة المتحدة أدرجت الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية منذ عام 2019.


اليمن الآن
منذ 17 ساعات
- اليمن الآن
لتحليل بيانات أجهزة عناصرها .. عصابة الحوثي تستورد أجهزة وانظمة الكترونية حديثة
لتحليل بيانات أجهزة عناصرها .. عصابة الحوثي تستورد أجهزة وانظمة الكترونية حديثة كشفت تقارير تقتية مسرَّبة، عن قيام عصابة الحوثي الإيرانية، باستيراد أجهزة وأنظمة إلكترونية حديثة، لتعزيز قدراتها على تحليل البيانات ومراقبة عناصرها وقادتها، الذين تدور حولهم شكوك بالتخابر مع الخارج، تفاديًا لمصير حزب الله اللبناني . وحسب التقارير والمعلومات، فقد سعت العصابة الحوثية لاستيراد معدات متقدمة من الصين وروسيا وبلدان أخرى، لتعزيز قدرتها على مراقبة وتحليل السجلات الالكترونية لأجهزة الجهات والعناصر والأشخاص الذين يتم اعتقالهم او تدور حولهم شكوك التخابر مع ما يطلقون عليه "العدو". وقال الخبير اليمني في أمن المعلومات المهندس فهمي الباحث في تصريح لقناة "العربية الحدث" رصده محرر "المنتصف"، ان ما يتم الحديث حوله بشان استيراد شبكة اتصالات حديثة من قبل الحوثيين لاستبدالها بدلًا عن الموجودة اليهم ليس صحيحًا، هنا نحب ان نوضح بأنهم لم يستوردوا شبكة اتصالات جديدة، بل أجهزة تعزز القدرات الموجودة لديهم. وأشار الباحث، الى ان عصابة الحوثي كانت تفتقر بشكل كبير للأجهزة والأدوات والبرمجيات، والانظمة التي تساعدهم على تحليل الأجهزة الإلكترونية المتواجدة لديهم. ومن تلك الأجهزة التي استوردتها العصابة الحوثية، أجهزة تفريغ البيانات، وهي عبارة عن أجهزة وأنظمة إلكترونية تقوم باستخراج واستخلاص ونسخ البيانات، من الأجهزة المتواجدة لديهم، وهذه الأجهزة اما تكون لاتباعهم الذين قد يكونون محل شك، او لتحليل الأجهزة التي يتم مصادرتها من أطراف او اشخاص معادين لهم، ممن يتم اعتقالهم، وغالبا ما تستخدم هذه الاجهزة في نقاط التفتيش، حيث تقوم تلك الأجهزة باستخراج البيانات وعمل تقرير مفصل، حول طبيعة المعلومات للأجهزة التي تصادرها، مثل سجل الاتصالات والرسائل والازمنة التي جرت فيها وكذلك الصور ، كل الأشياء التي تحويها تقريبًا. وتابع: "الأخطر من ذلك يتم الحصول من خلالها على المواقع الجغرافية وسجلات ال "جي بي اس"، التي قد يكون استخدمها كبحث عما يمكن استخدامه أدلة رقمية يمكنهم من خلالها توجيه تهم للمعتقلين او اتباعهم المشتبه بهم". وأوضح بأن تلك البيانات من الصعوبة الحصول عليها، بدون اجهزة تحليل البيانات. وكانت تقارير نشرت مؤخرًا أفادت بأن عصابة الحوثي سعت لاستبدال شبكة الاتصالات الايرانية التي تستخدمها منذ سنوات خوفًا من أن تلاقي مصير حزب الله اللبناني، وما عرف بعمليات البيجر. يُذكر أن عصابة الحوثي تعيش حالة من الشك والريبة وتبادل الاتهامات بالتجسس بين قادتها، على خلفية دقة الإصابات التي طالت مواقعها السرية من قبل المقاتلات الأمريكية مؤخرًا.


اليمن الآن
منذ يوم واحد
- اليمن الآن
تعرف على القيادي في حـ.ـزب الله اللبناني الذي زود إسـ.ـرائيل بإحداثيات أدت إلى مقـ.ـتل نصـ.ـرالله وقيادات بارزة
كشف موقع "أساس ميديا" اللبناني عن تورط قائد كبير في حزب الله اللبناني، في تزويد الاحتلال الإسرائيلي، بمعلومات أدت إلى اغتيال وتصفية قياداته، بمن فيهم زعيم الحزب حسن نصرالله، وخليفته هاشم صفي الدين. وأوضح الموقع اللبناني، في تقرير له أن التحقيق الداخلي الذي أطلقه حزب الله بعد الاختراق الإسرائيلي غير المسبوق الذي كبّد الجماعة خسائر بشرية فادحة بدءا من تفجيرات البيجر وصولا إلى اغتيال أمينها العام حسن نصرالله وخليفة المتحمل هاشم صفي الدين وأبرز قياداته، بيّن أن مسؤولا كبيرا في الحزب قدّم لإسرائيل كافة المعلومات عن الأمكنة التي تتواجد فيها قيادات الجماعة والمقرات الاحتياطية، كما كشف المصدر نفسه عن اختفاء غامض لعدد من المسؤولين في الجماعة اللبنانية بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي. وأفاد خبير أمني مطلع على هيكلة الحزب المدعوم من إيران أن المسؤول عن وحدة الأمكنة ويدعى الحاج حمزة السبلاني سلّم إسرائيل قاعدة بيانات تتضمن مواقع المنشآت القيادية والعسكرية السرية التي تحتضن الاجتماعات، بحسب "ميدل إيست أونلاين". وبحسب المصدر نفسه فقد بدأ الحزب في إماطة اللثام عن بعض الأطراف التي تقف وراء أكبر اختراق إسرائيلي تعرضت له الجماعة اللبنانية في تاريخها وهو ما أقر به أمينها العام الراحل حسن نصر الله بعد أيام قليلة من تفجيرات البيجر وأجهزة الاتصالات التي أسفرت عن عشرات القتلى وخلفت نحو 3 آلاف مصاب. وكشف التحقيق الداخلي الذي أطلقه الحزب عن تعرض هيكاله لاختراقات وصفها بـ"الهائلة"، مشيرا إلى أنها "أدت إلى انكشاف قياداته ومقاتليه ومنشآت تصنيع وتخزين أنواع معيّنة من الصّواريخ والذّخائر في الجنوب والبقاع والضّاحية الجنوبيّة لبيروت"، وفق المصدر نفسه. وأشار الخبير الأمني إلى أن مسؤول وحدة الاتصالات في حزب الله فرّ إلى إسرائيل بالتزامن مع تصاعد الغارات على لبنان، بينما اختفت مجموعة من القيادات والعناصر في الفترة نفسها ومن بينهم "الحاج حمزة" الذي تبين لاحقا أنه سافر باريس. وتعد وحدة الأمكنة من أكثر الوحدات سرية وتعرف أيضا بوحدة الأماكن ويرأسها محمد علي بحسون ويُكنّى بـ"الحاج عادل" وكان من بين قتلى الغارة الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل هاشم صفي الخليفة المحتمل لحسن نصر الله. وتتولى هذه الوحدة مهمة بناء وصيانة المراكز والمكاتب الآمنة لقيادة الحزب والمنشآت الإستراتيجية بما فيها القواعد والمنشآت العسكرية. وتعمل وحدة الأماكن في كنف السرية بشكل يحول دون اطلاع قادة الوحدات الأخرى على الأمكنة التي لا تشمل اختصاصاتهم، من ذلك أن إبراهيم عقيل الذي أسس وقاد وحدة الرضوان وقتلته إسرائيل في غارة في 20 سبتمبر/أيلول الماضي لم تكن له أي دراية بأماكن وحدة النصر. وتضم قائمة المطلعين على هذه المعلومات السرية كلا من الأمين العام الراحل حسن نصر الله ومدير مكتبه وأمين سره توفيق ديب ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين والمسؤول عن وحدة الأماكن "الحاج عادل" وعدد محدود من مسؤوليها. وبحسب المصدر نفسه فقد كانت المعلومة محفوظة في خوادم توجد في مقرّ الأمانة العامّة للحزب الذي قصفته إسرائيل في 27 سبتمبر/أيلول في أحد أعنف غاراتها على الضاحية الجنوبية وأسفرت عن مقتل حسن نصر الله وعدد من قيادات الحزب، ما يشير إلى أن إسرائيل كانت على علم مسبق بالاجتماع والمشاركين فيه ومكانه. وكشف موقع "أساس" أن المسؤول في حزب الله محمد سليم وكنيته "أبوعبدو" والذي فر إلى إسرائيل في العام 2010 كان مكلفا بتركيب وصيانة فتحات التهوئة في المراكز والمقرّات القياديّة والعسكريّة، مرجحا أن يكون قد سلم الاستخبارات الإسرائيلية الخرائط التي كانت بحوزته. وسلط التقرير الضوء على الاختراق الإسرائيلي لشبكة الاتصالات الداخلية للحزب، بينما لم تتمكن الجماعة بعد من الكشف عن الطرف الذي يقف وراء هذا الأمر، بينما لم يستبعد أن يكون قد هرب إلى إسرائيل. وكان مسؤول الأمن الوقائي في حزب الله نبيل قاووق قد وجه بتجنب استخدام شبكة الاتصالات إلا للضرورة القصوى بعد التأكد من اختراقها قبل أن تغتاله إسرائيل في غارة استهدفت شقته في الضاحية الجنوبية بعد يومين من مقتل نصر الله وأبرز قيادات الجماعة. وقبل أيام، كشفت مصادر لبنانية، عن تورط منشد في حزب الله، يدعى محمد هادي صالح، في تزويد الاحتلال بمعلومات أدت إلى تصفية قيادات بارزة في الحزب، مقابل 23 ألف دولار.