
العراق يعيد مئات العائلات من مخيم الهول وسط مخاوف أمنية واجتماعية
أفاد مصدر أمني في صلاح الدين، يوم الأربعاء، بأن نحو 500 عائلة من عوائل تنظيم "داعش" عادت إلى مناطق سكناها الأصلية في المحافظة منذ بداية شهر تموز/ يوليو الجاري، وذلك بعد نقلهم من مخيم الهول شمال شرقي سوريا إلى مخيم الجدعة في الموصل لإعادة تأهيلهم، ضمن خطة حكومية تهدف إلى إعادة دمج العائلات النازحة في مجتمعاتها الأصلية.
وأوضح المصدر لوكالة شفق نيوز أن "هذه العائلات نُقلت على مراحل بعد خضوعها لإجراءات أمنية مشددة وبرامج تأهيل أولية في (مخيم الجدعة) جنوب الموصل، وتوزعت على أقضية بيجي، والشرقاط، وتكريت، والضلوعية، وسامراء، وبلد، بإشراف من قيادة عمليات صلاح الدين والقوات الأمنية المحلية".
يأتي هذا في وقت يستعد العراق غداً الخميس لاستقبال الوجبة 28 من العوائل المقيمة في مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى، بحسب ما أبلغ به مصدر أمني وكالة شفق نيوز، موضحاً أن "عدد العوائل المتوقع وصولها يبلغ نحو 230 عائلة"، مشيراً إلى أن "العوائل ستخضع لبرنامج تأهيلي نفسي واجتماعي داخل مخيم الجدعة قبل إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية".
تحذيرات أمنية
وفي هذا السياق، عبّر الخبير الأمني والباحث الأكاديمي، خليل الجبوري عن مخاوفه من أن تؤدي هذه العودة إلى نتائج عكسية في حال عدم وجود برامج تأهيل حقيقية تراعي الأبعاد النفسية والاجتماعية والأمنية لهذه العائلات.
وقال الجبوري لوكالة شفق نيوز، إن "دمج عوائل تنظيم داعش في المجتمع العراقي يمثل تحدياً كبيراً، خصوصاً في مناطق ما تزال تعاني من آثار الحرب والصراعات الطائفية والنزاعات العشائرية"، مشيراً إلى أن "البرامج التي كانت تُنفّذ سابقاً بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تعطّلت بشكل كبير بعد قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقطع التمويل عنها".
وأضاف أن "هذا القرار أضعف قدرة الدولة العراقية على تنفيذ خطط تأهيل حقيقية للعائدين، ما يخلق بيئة هشة قد تُستغل لاحقاً لإعادة إنتاج التطرف، خاصة مع غياب الدعم النفسي والتعليمي المناسب، وغياب المتابعة المستدامة".
رفض شعبي
من جانبه، قال الشيخ سعدون الدليمي، أحد وجهاء محافظة صلاح الدين، إن "عودة العوائل من مخيم الهول أثارت مخاوف حقيقية لدى سكان المناطق التي عادت إليها، وخصوصاً تلك التي كانت قد تعرضت لهجمات مباشرة من داعش خلال سنوات النزاع".
وأضاف الدليمي لوكالة شفق نيوز، أن "العفو أو التسامح لا يمكن أن يُفرض بالقوة أو الإجراءات الإدارية، فهناك جروح ما تزال مفتوحة، وعائلات فقدت أبناءها على يد عناصر التنظيم، ولا يمكن تجاوز هذه المآسي من دون مصالحة مجتمعية حقيقية وضمانات أمنية ومراقبة دائمة".
وأكد أن المجتمعات المحلية بحاجة إلى أن تشعر بالأمان والثقة قبل أي خطوة لإعادة دمج هذه العائلات، محذراً من أن "التسرع في مثل هذه الخطوات قد يؤدي إلى احتقان اجتماعي أو حتى صدامات مستقبلية".
دور المجتمع المدني
بدوره، شدد الناشط في منظمات المجتمع المدني، حسين عبد الله، على أهمية إشراك المجتمع المحلي بشكل فعّال في هذه العمليات، مبيناً أن "التحدي لا يقتصر على عودة هذه العائلات فقط، بل في ضمان عدم عزلها أو تهميشها مجدداً، لأن ذلك قد يدفع بعضها للانغلاق أو حتى التطرف من جديد".
وأضاف لوكالة شفق نيوز أن هناك جهوداً كثيرة بُذلت من قبل منظمات مدنية لتعزيز التماسك المجتمعي، لكنها بحاجة إلى دعم حكومي ودولي حقيقي كي تكون فعّالة ومؤثرة على أرض الواقع.
"قنبلة موقوتة"
ويُعد مخيم الهول من أكثر المخيمات تعقيداً في العالم، حيث يضم نحو 50 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، بينهم آلاف العراقيين.
وتحذر تقارير أممية من أن المخيم بات "قنبلة موقوتة"، إذ يُستخدم كأرضٍ خصبة للتجنيد ونشر الفكر المتطرف، في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية والإنسانية فيه.
وبحسب بيانات رسمية، فإن العراق أعاد حتى منتصف 2025 أكثر من 5 آلاف فرد من المخيم، في إطار خطة لإنهاء ملف النازحين المرتبطين بداعش، إلا أن الطريق ما يزال طويلاً، في ظل استمرار التحديات الأمنية والمجتمعية والسياسية المحيطة بهذا الملف الحساس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 7 ساعات
- شفق نيوز
نزاع حدودي.. هل استسلم العراق للكويت بملف خور عبدالله؟
شفق نيوز- ترجمة خاصة سلط موقع "ذا ناشيونال" الصادر بالإنجليزية، الضوء على تعقديات قضية ممر خور عبدالله المائي بين العراق والكويت، في ظل الجدل القانوني والسياسي الدائر في بغداد، والانتقادات المسيسة او الشعبية بحق الاتفاق الذي كانت المحكمة العليا الغته في العام 2023، في حين لا يزال من غير الواضح ما اذا كان مجلس النواب سيصادق على الاتفاق او ما اذا كان سيتركه للدورة النيابية الجديدة، بعد الانتخابات المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وفي حين اشار تقرير الصحيفة الصادرة في ابوظبي، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى الانتقادات بين العراقيين للاتفاق باعتبار انه ينتهك الحدود البحرية ويشكل مساسا بالسيادة الوطنية، لفت الى ان بعض المعارضين يطالبون بالغاء الصفقة، في حين يؤيد اخرون اعادة التفاوض لحماية حقوق العراق. وتابع التقرير، أن الكويت تؤكد ان حدودها البحرية مع العراق، بما في ذلك الحقوق الملاحية في خور عبد الله، تستند على القانون الدولي، وبالتالي يقول المسؤولون الكويتيون ان اي محاولة لالغاء هذا الاتفاق من جانب واحد ليست مقبولة، ولهذا، فان وزارة الخارجية الكويتية قدمت احتجاجات رسمية ودعت بغداد الى الوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدات الدولية وما تعتبره حقها في الملاحة المشتركة في خور عبد الله. لكن التقرير أشار إلى أن قضية الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت تعتبر حساسة بين العراقيين، اذ ينظر كثيرون الى ترسيم الحدود بان مجلس الامن فرضه بشكل غير عادل بعد طرد جيش صدام حسين من الكويت في العام 1991، مضيفا ان القضية حساسة ايضا بالنسبة للكويتيين من وجهة نظرهم بسبب ذلك الغزو. وبحسب التقرير، فان هذا الجدل وضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضد عامة العراقيين، وانه بينما اتهمه معارضون بالمساس بحقوق البلد لتأمين الدعم الاقليمي لنفسه حيث يتطلع الى ولاية ثانية في منصبه في انتخابات تشرين الثاني المقبل، فان البعض الاخر ذهب الى حد اتهام المسؤولين العراقيين المشاركين في مفاوضات الحدود بتلقي رشاوى من الكويت، وانما دون تقديم ادلة على ذلك. وفي حين لفت التقرير، إلى أن العراقيين يقولون ان الممر المائي سمي على اسم صياد البصرة الشهير عبد الله التميمي، فان الكويتيين يقولون ان اسم الممر مشتق من الحاكم الثاني للكويت، عبد الله بن صباح، الذي حكم من العام 1762 الى العام 1814. وذكر التقرير بانه بعد مرور 3 سنوات من غزو العراق للكويت في العام 1990، اصدر مجلس الامن التابع للامم المتحدة القرار 833، الذي قام بتحديد الحدود البرية بين الاثنين، إلا أن ترسيم الحدود ترك للبلدين للقيام بذلك. واضاف أن بغداد والكويت وقعتا في العام 2012، الاتفاقية وصادق عليها مجلس النواب في بغداد العام 2013، وذلك بهدف تنظيم حركة المرور البحرية وحماية البيئة والسلامة داخل المصب الذي يشكل بوابة العراق الوحيدة الى الخليج. ولفت التقرير إلى أن الاتفاق يمنح كل بلد الحق في التحكم في الملاحة وتطبيق السلامة الملاحية، حيث ان الاتفاقية "ستظل سارية المفعول الى اجل غير مسمى"، إلا انه بالامكان انهائها بشكل متبادل من خلال اشعار مسبق مدته 6 شهور، وهو ما ينطبق ايضا على تعديله. وقال أيضا، إن منتقدين للاتفاق، وخصوصا من المشرعين والسياسيين المستقلين والخبراء، بينوا أن شروط الاتفاق ترسم حدوده ضمنا، محذرين من انها يمكن ان تلحق الضرر بمفاوضات الحدود البحرية المستقبلية وتفرض ضوابط الدخول على السفن العراقية، مما يتطلب موافقة ورسوم كويتية. وتابع التقرير، أن وزير النقل العراقي السابق امير عبدالجبار (تولى منصبه بين العام 2008 الى العام 2010) ويعتبر من اقوى المعارضين للاتفاقية، يقول ان الاتفاق هدفه تحديد حدود بحرية بدلا من تنظيم الملاحة. ونقل التقرير عن عبد الجبار قوله، انه برغم ان الاتفاق ينص على انه "لن يكون له اي تاثير على الحدود" بين العراق والكويت على النحو المحدد عملا بقرار مجلس الامن الدولي 833 في عام 1993 في الخور، الا انه يمنح الكويت سيطرة اكبر تتخطى ذلك في عمق الخليج. وبحسب عبدالجبار، فان المادة 2 من الاتفاقية توضح مصطلح "الممر المائي" على انه المنطقة من النقطة التي تلتقي فيها القناة البحرية في خور عبد الله بالحدود الدولية بين النقطتين 156 و157 المتجهة جنوبا الى النقطة 162 التي حددها القرار 833 "ثم الى بداية القناة البحرية عند مدخل خور عبد الله". ونقل التقرير عن الوزير السابق قوله انه "لذلك، فان تعريف الممر المائي في الاتفاق لم يتوقف عند النقطة 162، وهي النقطة التي حددها قرار الامن العام للامم المتحدة"، مضيفا ان المادة 4 تنص على ان "كل طرف يمارس سيادته على ذلك الجزء من الممر المائي الذي يقع داخل مياهه الاقليمية". وبحسب عبد الجبار "نحن لا نعترض على القرار 833 على الرغم من انه غير عادل، ولكن الحكومة والبرلمان 2012-2013 جلبا كارثة جديدة (بتوقيع هذه الصفقة)"، محذرا من ان العراق قد يخسر استحقاقه البحري في المستقبل لمياه الخليج الاعمق ومواردها الطبيعية المعروفة باسم المنطقة الاقتصادية الخالصة. ولفت التقرير الى ان عبد الجبار رفع دعوى قضائية ضد السوداني بسبب "منع حكم المحكمة" برفض ايداع نسخ منه في الامم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية. واستعاد التقرير ما جرى، حيث انه في ايلول/سبتمبر 2023، قامت المحكمة الاتحادية العراقية العليا بالغاء قانون التصديق على الاتفاقية، وقضت بانه ينتهك الدستور من خلال عدم وجود اغلبية الثلثين البرلمانية المطلوبة للمعاهدات الدولية، حيث ان مجلس النواب اقرها بالاغلبية البسيطة فقط. وتابع التقرير انه جرى مؤخرا اعادة الاتفاق الى مجلس النواب للموافقة عليه باغلبية الثلثين. ورأى التقرير ان معارضي الاتفاق يطالبون الان من نواب البرلمان الغاء الاتفاق، بينما يسعى اخرون الى اعادة التفاوض حوله مع فريق عراقي يضم خبراء، وليس فقط سياسيين. وتابع التقرير، أن الاحتجاجات ضد الاتفاق جرت في انحاء العراق، حيث من المقرر اطلاق حملة عامة لجمع التوقيعات على عريضة لمجلس الامن التابع للامم المتحدة. ونقل التقرير عن فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، قوله ان اتفاقية خور عبد الله تهدف الى تنظيم الملاحة ولا علاقة لها بترسيم الحدود، موضحا ان "الارض العراقية مقدسة، ولن يكون هناك تساهل او حل وسط على اي شبر منها تحت اي ذريعة"، معتبرا ان الحملات المعارضة للاتفاق "مدفوعة باجندات سياسية وانتخابية". وبحسب التقرير، فان العراقيين منقسمون حول الاتفاق، على الرغم من ان العديد من الاحزاب السياسية والجماعات المسلحة المدعومة من ايران تعبر عن موقف الحكومة. واشار في هذا الاطار الى زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي الذي قال في مقابلة مع قناة فضائية محلية في ايار/مايو، ان حزب البعث المحظور هو من سعى الى تشويه سمعة الاتفاق من خلال تصويره بانه "يتخلى عن حدود العراق مع الكويت"، مضيفا ان "صدام هو الذي باعها (الحدود) عندما اعترف بالقرار 833"، وهو اقتراح للامم المتحدة حدد الحدود البرية والبحرية. وخلص التقرير الى القول انه لا يزال من غير الواضح ما اذا كان مجلس النواب سيصدق على الاتفاق او ما اذا كان سيترك للمجلس المقبل بعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.


شفق نيوز
منذ 10 ساعات
- شفق نيوز
السوداني: الانتخابات ليست استجابة لظرف طارئ أو ضغوط خارجية
أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم السبت، أن الاستحقاق الانتخابي المقرر 11 تشرين الثاني المقبل، يأتي في وقته المحدد وليس بسبب ظرف طارئ أو إملاءات خارجية، لافتاً إلى أنه يأتي ضمن مبدأ "التداول السلمي" للسلطة. جاء ذلك خلال استقباله ثلاثة وفود تضم شيوخاً ووجهاء عشائر من أقضية ونواحٍ مختلفة في صلاح الدين ضمن زيارته إلى المحافظة لمتابعة وافتتاح وإطلاق العمل في عدد من المشاريع الخدمية. وأكد السوداني، في بيان لمكتبه ورد لوكالة فق نيوز، أن الحكومة ملتزمة بتهيئة متطلبات اجراء الانتخابات في موعدها المقرر، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للناخبين والمرشحين. ولفت رئيس الوزراء، إلى أن الحكومة تبنت مسيرة الإعمار والبناء والتنمية، ووضعتها في أولويات عملها، إذ يوجد اليوم واقع جديد للعراق للارتقاء الى وضع أفضل من خلال المشاريع الاستراتيجية، وفي مقدمتها مشروع طريق التنمية. وأعلن السوداني من صلاح الدين، عن مشاريع بنى تحتية جديدة في قضاء الدور، مردفاً: "سنزور سامراء لنعلن عن المشروع الأكبر للبنى التحتية، كما سيتم الإعلان عن مشروع جسر في تكريت، ومشروع ماء مكمل لمشروع ماء بيجي الذي اطلقنا العمل به اليوم، وسنوجه الوزارات لتنفيذ الإجراءات الخاصة بالمشاريع". وخلص رئيس الوزراء، إلى القول إن "صلاح الدين من المحافظات الرائدة بمجال الزراعة، وستطُلق هذا الأسبوع الوجبة الثالثة من مستحقات الفلاحين والمزراعين".


شفق نيوز
منذ 11 ساعات
- شفق نيوز
"العمالة الأجنبية المستهدفة".. الأنبار تتحول إلى بوابة للاتجار بالبشر
شفق نيوز- الأنبار في وقت تشهد فيه محافظة الأنبار نشاطاً تجارياً متزايداً عبر منافذها الحدودية الثلاثة، تبرز ظاهرة مقلقة تتمثل في تصاعد عمليات الاتجار بالبشر، خصوصاً بالعمالة الأجنبية القادمة من الدول الآسيوية والأفريقية، وسط غياب التشريعات الفاعلة، وتأخر العراق في التوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية هذه الفئة المستضعفة. وقال عمر العلواني، رئيس مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، لوكالة شفق نيوز، إن "هذا الملف بدأ يأخذ حيّزاً كبيراً من الاهتمام المحلي والدولي، ما دفع وزارة الداخلية إلى استحداث أقسام خاصة في مراكز الشرطة تُعنى حصرياً بملف الاتجار بالبشر، كجزء من مساعٍ للحد من هذه الظاهرة". وأضاف العلواني، أن "الاتجار بالبشر له أشكال عدة، لكن أكثرها انتشاراً في العراق هو الاتجار بالعمالة الأجنبية"، مستطرداً بالقول: "نلاحظ أن ما يجري بخصوص هذه الفئة هو أشبه بعملية بيع وشراء رسمي، حيث تُدفع فقط تأمينات مالية، وبعد إتمام عملية الشراء يصبح العامل أو العاملة بمثابة ملك لمن اشتراهم ويتم التحكم بجواز سفرهم وتُفرض الهيمنة الكاملة على مصيرهم". وأشار إلى أن "أسعار بعض هؤلاء العمال تصل إلى نحو 3000 دولار، وعند انتهاء الحاجة إليهم، تتم إعادتهم إلى الشركة التي جلبتهم، ليبدأ فصل جديد من المفاوضات عليهم، فيما تستمر عملية احتجاز جوازاتهم، في خرق واضح لحقوق الإنسان". ورغم تفاقم هذه الظاهرة، إلا أن العراق لم يُوقّع حتى الآن على الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العاملين الأجانب، ما يجعل الضحايا بلا مظلة قانونية داخلية تحميهم من عمليات البيع والشراء أو الاتجار، وفقاً للعلواني، الذي تابع قائلاً إن "هذه الثغرة القانونية تُسهّل انتشار الظاهرة، وتُعقّد عمليات المتابعة والمحاسبة". وأوضح أن "محافظة الأنبار، بحكم موقعها الجغرافي واحتوائها على ثلاثة منافذ حدودية، تُعد من المنافذ الأساسية لهذا النوع من التجارة، حيث يتم استغلال هذه المعابر في تهريب العمالة الأجنبية بشكل غير قانوني، ومن ثم إخضاعهم لسوق غير شرعي قائم على الاستغلال". تحذيرات بشأن الملف ومن جانبه، حذّر الناشط المدني طه الجنابي، من خطورة استمرار التغاضي عن هذا الملف، قائلاً: "نحن أمام أزمة إنسانية حقيقية، ما يحدث هو استعباد صريح، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان". وفي حديث للوكالة، أضاف الجنابي، أن "هذه الممارسات لا تختلف كثيراً عن العبودية، وتحوّل العراق إلى محطة سوداء في خارطة الاتجار بالبشر". وأوضح الجنابي، إلى أن "منظمات المجتمع المدني تبذل جهوداً كبيرة لرفع الوعي، وتقود حملات مناصرة تهدف إلى الضغط على الحكومة لتوقيع الاتفاقية الدولية، وسنّ قوانين وطنية تتعامل بجدية مع هذه الانتهاكات، ومعاقبة المتورطين فيها". وفي خطوة أولية لمعالجة هذه الظاهرة، خصصت وزارة الداخلية رقماً ساخناً لتلقي البلاغات المرتبطة بجرائم الاتجار بالبشر، في محاولة لفتح قنوات تواصل مع المواطنين والمجتمع المدني، وتشجيع الإبلاغ عن مثل هذه الحالات. وتبقى الحاجة الماسة لتفعيل الدورين الرسمي والمدني، وإخراج هذا الملف من دائرة الصمت، قبل أن يتحوّل إلى ظاهرة يصعب تفكيكها لاحقاً، خصوصاً في محافظات حدودية كبرى مثل الأنبار، التي باتت ممراً رئيسياً في خارطة الاتجار بالبشر، بحسب المراقبين.