logo
تكتيكات ترمب لدفع الشركاء إلى إبرام اتفاقات تجارية تُظهر مخاطر على موقف أمريكا

تكتيكات ترمب لدفع الشركاء إلى إبرام اتفاقات تجارية تُظهر مخاطر على موقف أمريكا

الاقتصاديةمنذ 3 أيام
تبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سلسلة من التحركات التجارية المتقلبة والسريعة، مراهنا على أن إبقاء الدول الأخرى في حالة حيرة وعدم يقين بشأن خطوته التالية سيمنحه قدرة أكبر على فرض شروطه التفاوضية.
هذ التكتيك يسهل عليه في النهاية دفع الشركاء إلى الرضوخ لإرادته، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مساعدين وحلفاء للرئيس.
لكن المخاطر السلبية لهذا الرهان تجلت في الأيام الأخيرة، فميل ترمب إلى التراجع عن المواعيد النهائية يُهدد بإضعاف موقفه، كما أن استخدامه نظرية قانونية جديدة لتمرير جزء كبير من أجندته التجارية، فتح الباب أمام تحد قانوني قد يُعيد أجندته التجارية إلى نقطة الصفر.
الرئيس الأمريكي يقلب الطاولة
في الأسبوع الماضي، قلب ترمب محادثاته التجارية رأسا على عقب، بإرساله رسائل إلى دول عدة، مُحددا فيها الرسوم الجمركية التي سيدفعها المستوردون على سلعهم بعد الأول من أغسطس.
وقال إن الموعد النهائي لن يتغير، وإن رسومه الجمركية المرتفعة، التي تُسمى بـ "التبادلية"، ستدخل حيز التنفيذ في ذلك التاريخ، لكنه حث الدول على مواصلة التفاوض.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، فاجأ ترمب أيضا اثنين من أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وهما الاتحاد الأوروبي والمكسيك، بتهديدات بفرض رسوم جمركية إضافية، في وقت كانت وفود مكسيكية وأوروبية موجودة في واشنطن لإجراء محادثات
.
وأمس الاثنين، قال ترمب خلال اجتماع في البيت الأبيض إنه لا يبالي بعدم التوصل إلى أي اتفاقات تجارية على الإطلاق. وهي رسالة تتناقض مع ما يعلنه كبار مساعديه، من بينهم وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي كان يؤكد منذ أشهر أن سلسلة من الاتفاقيات التجارية على وشك أن تتم
.
ووجه الرئيس الأمريكي حديثه إلى بيسنت قائلا: "إنه يظهر على التلفزيون ويهدئ الأسواق، بينما أظهر أنا على التلفزيون وأثير قلقها". وتساءل: "هل أبرمت أي صفقات اليوم؟ لدينا صفقات كثيرة، لكن أفضل صفقة هي إرسال (خطاب الرسوم)".
ترمب يتبنى نهجا "سريعا ومباغتا"
يرى حلفاء ترمب أن هذه التصريحات، إلى جانب أخرى يظهر فيها عدم حرصه على إبرام اتفاقات، ليست إلا جزءا من أسلوبه التفاوضي. كما يفاخر الرئيس مرارا بالمبالغ التي تجنيها الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية.
جمعت واشنطن نحو 27 مليار دولار من الرسوم الشهر الماضي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما تم تحصيله في يونيو من العام الماضي
.
إيفريت آيسنستات، النائب السابق لمدير المجلس الاقتصادي الوطني السابق في ولاية ترمب الأولى، قال: "إن التحكم في التوقيت ميزة كبيرة في المفاوضات. إنه يتحكم في التوقيت والوتيرة والإيقاع والشروط ويُهيئ طاولة (المفاوضات)، ويتخذ القرار النهائي".
هذا النهج "السريع والمباغت" مستمد من دروس الفترة الرئاسية الأولى. في تلك الفترة، تبنت إدارة ترمب آنذاك أسلوبا أكثر منهجية وقانونية تجاه في الرسوم، لكن حلفاءه شعروا في النهاية أنهم لم يستغلوا الفرصة لإعادة تشكيل العلاقات التجارية الأميركية وتقليص العجز التجاري المزمن
.
المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي قال من جانبه "إن الأمريكيين لديهم الآن صانع صفقات في البيت الأبيض، ويمكنهم أن يطمئنوا أن الرئيس ترمب يستخدم كل أدوات السلطة التنفيذية لمواصلة تحقيق مزيد من الاتفاقات والفرص والانتصارات للولايات المتحدة
".
إستراتيجية تنطوي على مخاطر
تحمل هذه الإستراتيجية مخاطر أيضا، إذ خلق ترمب حالة من عدم اليقين بتأجيله فرض الرسوم المتبادلة مرتين. فبينما اعتمد الرئيس الأمريكي على نظرية قانونية لم تستخدم من قبل، تسمح له بتطبيق الرسوم متى يشاء، فقد تواجه هذه النظرية طعونا قانونية تلغيها.
ويشعر بعض أعضاء حزب ترمب بالقلق من أن تصريحاته المتناقضة قد تضعف موقف الولايات المتحدة في المفاوضات، خاصة عندما يختلف مع المستشارين الاقتصاديين المسؤولين عن هذه المفاوضات
.
يقر بعض حلفاء ترمب كذلك بأن النهج المتسارع في ملف التجارة قد أدى إلى بعض الأخطاء أو العثرات، حيث بدا الفريق غير متفق على ما يبدو.
"أحد الأمثلة على ذلك ما حدث في مايو، بعد يوم من توصل الولايات المتحدة والصين إلى هدنة جمركية في جنيف"، بحسب آيسنستات، الذي قال إن وزارة التجارة أصدرت آنذاك ضوابط تصديرية تحظر بيع الرقائق المتقدمة للصين، مشيرا إلى أن "وول ستريت جورنال" ذكرت أن هذه الخطوة فاجأت المسؤولين في مكتب الممثل التجاري الأمريكي ووزارة الخزانة وأرسلت "رسائل متضاربة" إلى الصينيين.
سوزان شواب، السفيرة الأميركية السابقة للتجارة، حذّرت أيضا من أن تناقض ترمب المتكرر مع فريقه المفاوض يضعف موقف الولايات المتحدة. وقالت إن الأضرار الناتجة عن حالة عدم اليقين التي تسببت بها هذه التناقضات المتكررة قد تكون تراكمية ولا يمكن إصلاحها مع مرور الوقت.
في المقابل، يرى حلفاء ترمب أن ضغط الرئيس من أجل تنازلات نهائية منطقي، ويعدُون أن رسائله ليست إلا تكتيكا لزيادة الضغط.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

2 مليار دولار لسجن ألكاتراز.. هل ينجح طموح ترمب؟
2 مليار دولار لسجن ألكاتراز.. هل ينجح طموح ترمب؟

عكاظ

timeمنذ 14 دقائق

  • عكاظ

2 مليار دولار لسجن ألكاتراز.. هل ينجح طموح ترمب؟

يُخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإعادة تحويل جزيرة ألكاتراز في خليج سان فرانسيسكو إلى سجن فيدرالي عالي الأمان، بتكلفة قد تصل إلى ملياري دولار، بحسب مصادر إدارية تحدثت إلى موقع «أكسيوس». ويأتي هذا المشروع في إطار رؤية ترمب الرمزية لتعزيز صورة القوة في التعامل مع الجريمة والهجرة، رغم انتقادات الديمقراطيين الذين وصفوا الخطة بـ«السخيفة». وأفادت المصادر بأن وزيرة العدل بام بوندي، ووزير الداخلية دوغ بورغوم قاما بزيارة الجزيرة أمس (الخميس) لدراسة المشروع. وتدير وزارة العدل مكتب السجون الفيدرالية الذي سيشرف على المنشأة، بينما تمتلك وزارة الداخلية الجزيرة التي تُعدّ حالياً وجهة سياحية تابعة لهيئة المتنزهات الوطنية منذ عام 1973. ووفقاً لمسؤولين في الإدارة، هناك 3 خيارات مطروحة: الأول: بناء سجن «سوبرماكس» بتكلفة تزيد على ملياري دولار، مع هدم جميع المنشآت القديمة وبناء منشأة جديدة بالكامل. الثاني: إنشاء سجن أصغر بنحو مليار دولار، يشغل جزءاً من الجزيرة. الثالت: طرح المشروع للشركات الخاصة لتشييده وتشغيله، وهو الخيار الأقل احتمالاً. ورغم اهتمام ترمب الشديد بالمشروع، أشار مسؤول إداري إلى أن التكلفة العالية وقيود الوقت قد تعيقان الخيار الأغلى، حيث يرغب ترمب في إنجاز المشروع خلال فترة ولايته. كما أن الجزيرة التي أُغلق سجنها عام 1963 بسبب ارتفاع تكاليف تشغيلها تواجه تحديات بيئية، بما في ذلك تأثير حركة القوارب على الحيتان في الخليج. ومن الناحية السياسية، يرى المقربون من ترمب أن المشروع يعكس رؤيته لفرض سياسات صارمة، خاصة في مجال الهجرة، حيث يهدف إلى ردع المهاجرين من خلال إبراز صورة القسوة. وقد دعم ترمب زيادة تمويل إنفاذ قوانين الهجرة، ما قد يوفر الدعم المالي للمشروع. في المقابل، استنكرت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، التي تُمثل المنطقة التي تضم ألكاتراز، هذا المقترح، واصفة إياه بـ«أسخف مبادرات إدارة ترمب»، معتبرة أنه مستوحى من أفلام هوليوود القديمة. فيما تؤكد زيارات المسؤولين الرفيعين جدية ترمب في تنفيذ الفكرة. أخبار ذات صلة

تنظيم العملات المستقرة يتطلب قانونا عبقريا حقا
تنظيم العملات المستقرة يتطلب قانونا عبقريا حقا

الاقتصادية

timeمنذ 30 دقائق

  • الاقتصادية

تنظيم العملات المستقرة يتطلب قانونا عبقريا حقا

التالي : إذا كان من المقرر أن تُذكر هذه الدورة التشريعية للكونجرس الأمريكي بشيء، فربما يكون بسبب تسميات قوانينها السيئة. أولاً، كان هناك "مشروع القانون الكبير والجميل"، الذي لم يكن كذلك فعلاً. والآن هناك "قانون العبقرية"، وهو أيضاً لا يرتقي إلى اسمه . " قانون التوجيه وإرساء الابتكار الوطني للعملات المستقرة الأمريكية"، المعروف اختصاراً بـ "Genius Act" الذي أقره الكونجرس هذا الأسبوع، سيعمل على تنظيم العملات المستقرة وتحويلها فعلياً من أوراق مالية إلى وسيلة دفع. ورغم الحاجة إلى بعض التنظيم، خاصة مع تفكير بعض تجار التجزئة في إصدار عملاتهم المستقرة الخاصة، فإن تعميم هذه العملات لا يبدو خطوة عبقرية . مخاطر محتملة على النظام المالي هذا القانون سيُدخل قدراً هائلاً من المخاطر إلى النظام المالي وإلى المستهلكين. ولماذا؟ فالولايات المتحدة تمتلك بالفعل وسيلة دفع تُدعى الدولار، وهي تؤدي وظيفتها بشكل جيد إلى حد بعيد . طوال معظم تاريخ (Tokenization) قد تسهم في تسريع وتحسين كفاءة عمليات الدفع، إلا أن المشكلة الكبرى كانت دائماً في التقلبات الحادة: العملات المشفرة لا تمثل مخزوناً مستقراً للقيمة، وبالتالي ليست وسيلة دفع موثوقة. تحاول العملات المستقرة معالجة هذه المشكلة من خلال السعي للحفاظ على ربطها بالدولار. ويمكن تحقيق هذا الربط بعدة طرق، وأكثرها شيوعاً هو استخدام أصول منخفضة المخاطر مثل أذون الخزانة كضمانات . لكن هذا لا يضمن ربطاً مثالياً بالدولار. فحتى سعر الصرف بين الدولار و . تشابه مع بنوك القرن الـ 19 تشبه الجهات المصدرة للعملات المشفرة إلى حد كبير البنوك في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، التي كانت تصدر عملاتها الخاصة وتنظمها الولايات. وبنفس الروح، ينص "قانون العبقرية" على أن الشركات التي تصدر عملات مستقرة بقيمة تقل عن 10 مليارات دولار ستخضع لتنظيم الولايات، في حين ستخضع الجهات الأكبر لتنظيم "الاحتياطي الفيدرالي". لكن الحقبة المالية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر كانت مليئة بالفوضى. فقد كانت الرقابة المستمرة ضرورية، لأن أي تلميح إلى انخفاض قيمة العملة كان يؤدي إلى تدافع على البنوك وانهيارها. وكانت الولايات تعتمد معايير مختلفة، وعدد منها لم يُحسن تنظيم بنوكه المحلية؛ مما أدى إلى فقدان الثقة في النظام المالي . في ذلك الوقت، لم يكن لدى المستهلكين خيارات، إذ لم تكن هناك عملة ورقية عالمية متاحة على نطاق واسع. أما اليوم، فالأمريكيون ببساطة يستخدمون الدولار. ولا يحتاج البائعون للقلق بشأن تقلب قيمته، ولا يحتاج حاملوه للقلق من انهياره. فالبنك المركزي يضمن استقراره. ورغم نوبات التضخم العرضية، فإن "الاحتياطي الفيدرالي" يملك سجلاً قوياً في هذا المجال . تعميم العملات المستقرة يحمل أيضاً مخاطر على النظام المالي، إذ إن مصدري العملات المستقرة أصبحوا بالفعل أحد مصادر الطلب الرئيسية على أذون الخزانة الأمريكية. فقد اشترت "تيذر" أكثر من 33 مليار دولار من هذه الأذون العام الماضي، وهي الآن تملك أكثر مما تملكه ألمانيا من هذه الأذون. وإذا توسعت السوق، فإن بعض البنوك تتوقع أن يُصبح مصدرو العملات المستقرة مشترين أساسيين لتريليونات الدولارات من أذون الخزانة . وربما يجد المسؤولون في الحكومة هذا الوضع جذاباً، لأنه يساعد على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة. لكن في المقابل، فإنه يضيف خطراً نظامياً. فإذا حدث تدافع على عملة مستقرة كبيرة، سيتعين بيع كل تلك الأذون بسرعة، ما قد يؤدي إلى أزمة مالية أو حتى يتطلب خطة إنقاذ . محدودية الفوائد الاقتصادية للقانون من المفيد التساؤل عما إذا كانت هناك فوائد حقيقية لـ"قانون العبقرية". صحيح أنه سيجعل المدفوعات أكثر كفاءة من النظام الحالي الذي يعتمد على البنوك وبطاقات الائتمان والخصم، والتي تفرض جميعها رسوماً غير بسيطة. لكن لكي تحقق شركات العملات المستقرة أرباحاً، سيتوجب عليها أيضاً فرض رسوم . حالياً، تعتمد هذه الشركات في معظم إيراداتها على العوائد من أصولها الاحتياطية. لكن من أجل الامتثال للتنظيم الفعال أو حتى لبناء الثقة، يجب أن تكون هذه الأصول مستقرة السعر (بالنسبة إلى الدولار) وسائلة تماماً. بعبارة أخرى، يجب أن تكون من النوع الذي لا يدرّ عائداً. والطريقة الوحيدة لتحقيق الأرباح مع تغطية تكاليف الامتثال هي فرض رسوم. ومن المرجح أن تكون هذه الرسوم غير أقل بكثير من تلك التي تفرضها شركات بطاقات الائتمان أو البنوك . وهناك أيضاً مخاوف محددة تتعلق بالقانون نفسه: فهناك نقص في التدقيق التنظيمي، ما يجعل الاستخدام غير المشروع ممكناً. كما أن أحكام الإفلاس والتنفيذ غير كافية. وتثار أيضاً مخاوف بشأن تضارب المصالح، ولا سيما مع الرئيس، الذي تُصدر عائلته عملاتها الخاصة . لكن السؤال الأكبر هو: لماذا تريد الحكومة تسهيل استخدام العملات المستقرة كوسيلة دفع؟ فإضافة إلى أنها تصنع مخاطر لا داعي لها، فإنها تقوض الدور الحكومي الأساسي في إصدار الدولار. لدى "بنك التسويات الدولية" اقتراح أفضل: للحصول على فوائد العملات المشفرة مع تقليل مخاطرها، ولدمج التكنولوجيا بشكل أفضل في العمل المصرفي المركزي، يكفي ببساطة ترميز الدولار . كاتبة في قسم الرأي بـ "بلومبرغ"، وزميلة بارزة في معهد مانهاتن خاص بـ "بلومبرغ"

هل انفجرت فقاعة الدولار؟
هل انفجرت فقاعة الدولار؟

الاقتصادية

timeمنذ 30 دقائق

  • الاقتصادية

هل انفجرت فقاعة الدولار؟

ربما يكون تقييم الدولار الأمريكي المُبالغ فيه، الشبيه بالفقاعة، قد انفجر بالفعل، لكن البعض يتساءل عما إذا كان هناك "فقاعة مضادة" بنفس القدر من الضعف قد حلت محلها . في خضم التقلبات الحادة التي شهدتها أسواق الأسهم والسندات الأمريكية خلال النصف الأول المضطرب من عام 2025، كانت هناك نتيجة واحدة واضحة لا لبس فيها: شهد الدولار أسوأ بداية له في أي عام خلال فترة سعر الصرف العائم . تصاعد التشاؤم المحيط باتجاه العملة الأمريكية، ما أربك العوامل الدافعة التقليدية مثل فروق أسعار الفائدة، وفرص الملاذ الآمن، أو حتى ارتباطات الأسهم والسلع. وساد إجماع ساحق على أن هناك مزيدا من الضعف في المستقبل. وتُستشهد بأسباب عديدة لتراجع الدولار. من أبرز هذه العوامل حالة عدم اليقين في السياسة الأمريكية، والأداء المتفوق للأسواق الخارجية بعد سنوات من الاستثنائية الأمريكية، إضافة إلى الرغبة الخفية لإدارة الرئيس دونالد ترمب في نزع فتيل العملة المبالغ في قيمتها كجزء من سعيها إلى تجارة "أكثر عدالة" وإعادة التصنيع في أمريكا . ولكن ربما أصبحت المشاعر والمواقف الاستثمارية متطرفة بنفس القدر نحو الانخفاض . يُسلط استطلاع بنك أوف أمريكا، الذي يحظى بمتابعة دقيقة، الضوء على هذا الأمر بوضوح . يوم الثلاثاء، أظهر الاستطلاع أن مديري صناديق الاستثمار العالمية يعتبرون الآن "الدولار الأمريكي على المكشوف" أكثر الصفقات ازدحامًا، وذلك لأول مرة منذ أن بدأ الاستطلاع طرح هذا السؤال قبل أكثر من 10 سنوات . كان استطلاع يونيو قد أظهر بالفعل أن مديري صناديق الاستثمار سجلوا أقل مراكزهم الاستثمارية انخفاضًا في الدولار منذ 25 عامًا. لكن تقرير هذا الشهر أظهر أيضًا أن صافي التعرض المفرط لليورو هو الآن عند أعلى مستوى له منذ أكثر من 20 عامًا، مع أكبر تحرك تراكمي مسجل نحو اليورو خلال 6 أشهر. سلوك فقاعيّ يعتقد بول ماكيل، رئيس قسم أبحاث العملات في بنك HSBC ، أننا قد نشهد تشكّل نوع من "الفقاعات المضادة"، أو تمركزًا متطرفًا قائمًا على سلبية مفرطة . في حين قد تكون هناك حجج وجيهة تُبرر استمرار انخفاض الدولار، يُجادل ماكيل، إلا أننا قد نشهد أيضًا "تحيزًا غير عقلاني"، حيث لا يتغير التفكير حتى مع تغير الحقائق على أرض الواقع . ومن الأمثلة على ذلك المخاوف المحيطة باحتمال تضمين المادة 899 المثيرة للجدل في مشروع قانون ترمب المالي، والمتعلقة بفرض ضرائب على المستثمرين الأجانب. ومع ذلك، لم يُغيّر حذفها الرواية السلبية للدولار . وكتب الخبير الإستراتيجي في بنك HSBC: " كان هناك هوسٌ بمدى انخفاض الدولار هذا العام، وإغراءٌ على ما يبدو لاستنتاج هذا الأداء الضعيف. هذا دليل على سلوكٍ "يشبه الفقاعات"، وهو أمرٌ لا يروق لنا". يعتقد ماكيل أيضًا أن العلاقات التقليدية للدولار مع أسواق أسعار الفائدة والأصول الأخرى - التي انهار الكثير منها في النصف الأول من العام الذي اتسم بالفوضى وعدم اليقين - قد تعيد تأكيد نفسها مع اتضاح تداعيات حرب التعريفات الجمركية وصورة السياسة تدريجيًا . وفي هذا الصدد، من الغريب أن انتعاش الدولار هذا الشهر - عندما استعاد ما يقرب من 2% من خسائر العام في أسبوعين فقط - قد تزامن مع ارتفاع بنحو 25 نقطة أساس في عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين و10 أعوام، والأهم من ذلك، ارتفاع بأكثر من 20 نقطة أساس في فجوة أسعار الفائدة عبر الأطلسي لمدة عامين . وهناك وجهة نظر بديلة، بالطبع، وهي أن حجم انخفاض الدولار هذا العام مبالغ فيه بسبب السرديات الإيجابية القوية بنفس القدر المحيطة بالدعم المالي لأوروبا وإعادة التفكير في أسواق الأصول الأرخص نسبيًا . وإذا كان الدولار في فقاعة على نطاق أوسع في بداية العام، فإن هذا التقييم المبالغ فيه يبدو بعيدًا عن الانعكاس. إذا كانت إدارة ترمب ترغب حقًا في رؤية ما تدعي أنه سعر صرف "أكثر عدالة"، فقد يكون أمام الدولار الأمريكي طريق طويل ليقطعه . لنأخذ في الاعتبار أن مؤشر الاحتياطي الفيدرالي لقيمة الدولار الحقيقية المرجحة تجاريًا قد ارتفع بنحو 40% خلال ما يزيد قليلًا على 10 سنوات حتى نهاية العام الماضي، وهي مستويات يعتقد عديد من الخبراء أنها مبالغ فيها بنسبة 10%-20% على الأقل عند أخذ الاتجاهات التاريخية، والأساسيات الاقتصادية، وفجوات ميزان المدفوعات في الاعتبار . انخفض هذا المؤشر بنسبة 6% فقط حتى يونيو . وإذا عادت العلاقة التقليدية بين الدولار وأسعار الفائدة للظهور في النصف الثاني من العام، فقد يحدث ذلك في الوقت الذي تستأنف فيه أسعار الفائدة الأمريكية انخفاضها، وتصل فيه أسعار الفائدة الأوروبية إلى أدنى مستوياتها . جميع الفقاعات تنكمش في النهاية، حتى لو لم تنفجر دائمًا، وقد ينطبق الأمر نفسه على "الفقاعات المضادة". لكنها قد تدوم أيضًا لفترة طويلة . كتاب اقتصادي محلل مالي في وكالة رويترز

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store