
هل تتحقق رؤية ترامب للهيمنة الأميركية في مجال الطاقة؟
الهيمنة في مجال الطاقة
توجهاً استراتيجياً للولايات المتحدة يهدف إلى تعزيز إنتاجها المحلي من مصادر الطاقة التقليدية، وتوسيع نفوذها العالمي من خلال تصدير الطاقة، واستخدامها أداةً للسياسة والاقتصاد. وتقول الدكتورة آنا بروغيل، خبيرة سياسات الطاقة المستدامة والأستاذة بجامعة جونز هوبكنز، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، إنه بينما يحمل نداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب للهيمنة في مجال الطاقة سوابق تاريخية، فإن ما تعنيه هذه الهيمنة بالنسبة لأميركا لا يزال غير محدد بدقة.
وتضيف أنه في اليوم الأول من رئاسته، أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في قطاع الطاقة، متعهداً بدفع قوي نحو الهيمنة في هذا المجال. وتستند خطوته إلى هدف تحقيق الاستقلالية في الطاقة، وهو هدف برز منذ
أزمة النفط في السبعينيات
، إلّا أن الطموح اليوم يتجاوز مجرد تحرير الولايات المتحدة من الاعتماد على النفط الأجنبي، ليتمثل في استخدام وفرة الطاقة الأميركية بوصفها أصلاً استراتيجياً.
مفهوم غير محدد بوضوح
مع كل هذا الخطاب، لا يزال المفهوم غير محدد بوضوح؛ فبدلاً من الاكتفاء الذاتي فحسب، تسعى الإدارة إلى جعل الطاقة موثوقة، وميسورة التكلفة، ووافرة ومن مصادر محلية قدر الإمكان. ومن هنا تبرز ركائز وفرة الطاقة التالية: ترسيخ القيادة الأميركية في إنتاج وتصدير الوقود الأحفوري، وإنعاش صناعات الفحم والطاقة النووية في الولايات المتحدة، والدفع نحو إزالة القيود التنظيمية وتأمين سلاسل الإمداد، والتخلي عن السعي الفيدرالي نحو إزالة الكربون. وتهدف هذه الأولويات إلى تقليل اعتماد الولايات المتحدة على الواردات الأجنبية وتحفيز النمو الاقتصادي ومعالجة تصاعد الدين الوطني والاختلالات في الموازنة.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
مشروع موازنة أميركية جديد في طريقه للكونغرس وسط انقسامات حزبية حادة
وبحسب بروغيل، تركز رؤية ترامب للهيمنة في مجال الطاقة على نقاط القوة الأميركية: النفط والغاز والفحم والطاقة النووية. وعلى النقيض تماماً من السبعينيات، أصبحت الولايات المتحدة اليوم لاعباً مؤثراً في الأسواق الدولية للطاقة، إذ تعد مُصدراً صافياً للغاز الطبيعي المُسال، ومن أبرز منتجي السوائل مثل النفط الخام والمكثفات وسوائل الغاز الطبيعي. ووفقاً لجمعية النفط والغاز في تكساس، فقد أنتجت الولايات المتحدة في عام 2024 كمية من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي توازي ما تستهلكه من حيث الحجم.
وفي هذا المجال، تكون الولايات المتحدة قد حققت أهدافها المتعلقة بالاستقلال في الطاقة؛ إذ يعمل المنتجون الأميركيون في بيئة اقتصادية قوية، وتظل العديد من حقول النفط الصخري مربحة حتى عند أسعار تقارب 70 دولاراً للبرميل، مما يمنحهم مرونة وقدرة تنافسية عبر دورات الإنتاج. وعلى الصعيد الجيوسياسي، ساهمت صادرات الغاز الطبيعي المُسال الأميركية في تقليص إيرادات الطاقة الروسية، كما عززت علاقات الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية والصين وتركيا، وهي من كبار مستوردي الغاز الأميركي.
ويُعد إلغاء القيود التنظيمية ركيزة أخرى من ركائز الهيمنة في مجال الطاقة، فبإزالة العقبات المتعلقة بتصاريح المشاريع والتراجع عن بعض القوانين البيئية، تهدف الإدارة إلى وقف الإغلاق المبكر لمحطات الفحم وتسريع بناء خطوط الأنابيب ومشاريع الغاز الطبيعي المُسال ومصافي التكرير. ويشمل ذلك عملياً إعادة النظر في بعض جوانب قوانين الهواء النظيف والمياه النظيفة وتخفيف متطلبات احتجاز الكربون، الأمر الذي يُتوقع أن تستفيد منه صناعة الفحم تحديداً.
كما تشمل الهيمنة في مجال الطاقة تعزيز سلاسل التوريد، لا سيّما للمعادن الحيوية مثل الليثيوم والجرافيت والمعادن الأرضية النادرة. ومع هيمنة الصين حالياً على إنتاج ومعالجة هذه المواد، بدأت الولايات المتحدة باتباع سياسة "الصداقة في التوطين" ، التي تقوم على نقل عمليات المعالجة إلى دول حليفة أو إلى الداخل الأميركي، بهدف السيطرة على سلسلة التوريد بأكملها، من الاستخراج إلى التصنيع.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
خدعة ترامب وسر البند 232.. مكاسب حرب الرسوم .. من سيدفع الثمن؟
التوسّع في الطاقة النووية على حساب المتجدّدة
وتركز الإدارة الأميركية على مصادر الطاقة القادرة على توفير كهرباء يمكن الاعتماد عليها باستمرار، أي ما يعرف بالطاقة "الجاهزة دائماً". وإلى جانب الوقود الأحفوري، تعد الطاقة النووية التقليدية والمفاعلات النووية الصغيرة المعيارية حلولاً قابلة للتوسع لتوفير الحمل الأساسي للطاقة. وإذا نجحت الولايات المتحدة في تصدير تصاميمها النووية المحلية، فإنها ستؤسس لتحالفات طويلة الأمد مع الدول التي تحصل على هذه التقنيات، وقد تمتد هذه العلاقات لقرن من الزمان، نظراً لعمر محطات الطاقة النووية الطويل.
وتلقى الطاقة النووية دعماً إضافياً بسبب الطلب المتزايد على الكهرباء من مراكز البيانات؛ فالهيمنة في مجال الطاقة من شأنها أن تساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على موقعها الريادي الحالي في سباق الذكاء الاصطناعي، وهو موقع تتحدى الصين الاحتفاظ به باستمرار. ومع ذلك، فإنّ طاقتي الرياح والشمس جرى تهميشهما على نحوٍ ملحوظ في سردية الهيمنة في مجال الطاقة، إذ لم تتطرق أولى الأوامر الوزارية التي أصدرها وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى هذه التقنيات على الإطلاق.
ورغم ما تتمتع به الولايات المتحدة من موارد ممتازة في مجال طاقتَي الرياح والشمس، لم يكن هناك تحرك اتحادي كبير لمنافسة الصين في مجال صناعة معدات الطاقة المتجددة أو سلاسل توريد بطاريات السيارات الكهربائية. ويبدو أن الولايات المتحدة راضية عن ترك زمام التحول نحو الطاقة النظيفة بيد الصين.
وتقول بروغيل إن الرئيس ترامب لا يخفي أن سياساته في مجال الطاقة لا تخضع لقيود انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن قطاع الطاقة. وهو بذلك ينحرف بوضوح عن أهداف جو بايدن الطموحة في مجالَي الطاقة الشمسية والرياح، فعلى سبيل المثال، فإنّ هدف الإدارة السابقة بتركيب 30 غيغاوات من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030 أصبح الآن غير قابل للتحقيق.
وتضيف بروغيل أن الهيمنة في مجال الطاقة ليست مجرد شعار، بل هي استراتيجية مدروسة ومتعددة الأوجه تشبه إلى حد كبير سياسة صناعية تركز على توسيع الحصة السوقية الأميركية والسيطرة على سلاسل التوريد. فالأمر لا يقتصر على اعتبار الطاقة سلعة فحسب، بل أداة من أدوات القوة الاقتصادية والدبلوماسية.
هل تنجح استراتيجة ترامب للهيمنة في مجال الطاقة؟
ولتحقيق الهيمنة الحقيقية، لا بدّ من استثمارات طويلة الأجل، وشراكات دولية مستدامة، وبيئة أعمال مستقرة توفر قدراً كبيراً من اليقين في السياسات الحكومية، إلى جانب استمرار التفوق التكنولوجي، واعتماد سياسة تجارية غير تصادمية تُبنى على أساس التحالفات. وقد تحقق الولايات المتحدة نفوذاً خارجياً ووقوداً أرخص في الداخل، إلّا أن النهج الحالي يرفع من احتمالات العزلة والصراعات التجارية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
غولدمان ساكس: ضغوط ومخاطر تهدد الدولار الأميركي
علاوة على ذلك، قد لا تتماشى الهيمنة في مجال الطاقة جيداً مع السياسات القائمة على فرض الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال، ترتبط شبكات الكهرباء الأميركية والكندية ببعضها، وقد تُحدث الرسوم الجمركية مشاكل في نقل الطاقة عبر الحدود.
ومع ذلك، تبدو الولايات المتحدة في الوقت الحالي في موقف قوي، إذ تمتلك مصادر وفيرة ورخيصة من الوقود الأحفوري، كما أنها تضم أكبر أسطول من محطات الطاقة النووية في العالم. لكن الهيمنة في مجال الطاقة ليست غاية نهائية، بل هي إعلان عن أولويات سياسية يجب أن تظل قابلة للتكيّف مع الأسواق المتغيرة والتحالفات الدولية المتبدلة، كما أن التفسير الحالي لمفهوم الهيمنة يستثني القيادة الأميركية في مجال الطاقة النظيفة، وهو ما قد لا يكون النهج الأفضل على المدى البعيد.
(أسوشييتد برس)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
حماس: إنكار ترامب للمجاعة في غزة غطاء إضافي لمواصلة الإبادة
علّق عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزّت الرشق، مساء الأحد، على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أنكر فيها وجود مجاعة في قطاع غزة، وكرّر خلالها مزاعم الاحتلال بشأن "سرقة المساعدات" من قبل حركة حماس ، مؤكدًا أن هذه التصريحات "تعكس تبنّيًا فجًّا لرواية الاحتلال، وتوفّر غطاءً لحرب الإبادة والتجويع المستمرة في القطاع". وقال الرشق، في بيان صحافي، إن تصريحات ترامب "تمثّل إنكارًا صارخًا لحقيقة المجاعة التي يشهد بها العالم، عبر تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والتي أسفرت عن استشهاد عشرات الأطفال بسبب الحصار ومنع الغذاء والدواء". وأضاف أن مزاعم سرقة المساعدات "باطلة ولا تستند لأي دليل"، مشيرًا إلى أن "تحقيقًا داخليًا أجرته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ونشرت نتائجه وكالة رويترز، أكد أن الخارجية الأميركية اتهمت حماس دون تقديم أدلة، وأنه لا توجد معطيات أو تقارير تشير إلى سرقة ممنهجة". واتهم الرشق جيش الاحتلال الإسرائيلي بتعمد استهداف عناصر الشرطة المكلّفين بحماية قوافل الإغاثة، ما يؤدي إلى فوضى ونهب للمساعدات من قبل عصابات "تحظى بغطاء مباشر من الاحتلال". ودعا الرشق الإدارة الأميركية إلى "التوقف عن ترديد دعاية الاحتلال المكشوفة، وأن تتحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يجري في غزة من حصار وتجويع وقتل ممنهج". أخبار التحديثات الحية خليل الحية: قدمنا مرونة في المفاوضات ولا معنى لاستمرارها تحت التجويع وجاءت تصريحات عزّت الرشق ردًا على مواقف أطلقها ترامب، خلال مؤتمر صحافي، أنكر فيها وجود مجاعة في قطاع غزة، معتبرًا أن ما يجري قد يكون "سوء تغذية"، وزاعمًا أن "حماس تسرق المساعدات"، وفق تعبيره. وأضاف ترامب أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة، وأن الولايات المتحدة قدمت مؤخرًا 60 مليون دولار لإيصال الأغذية، دون أن تتلقى "أي شكر"، كما قال، مطالبًا الدول الأخرى بالمساهمة في هذا الجهد. وقال الرئيس الأميركي: "سنقدم مزيدًا من المساعدات إلى غزة، لكن على بقية الدول المشاركة"، مضيفًا أن "على حماس إعادة الرهائن"، وأن "إسرائيل عليها أن تتخذ قرارًا بشأن غزة". من جهته، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الأحد، إن إسرائيل "خففت على ما يبدو بعض القيود المفروضة" على الحركة في قطاع غزة، وذلك بعد إعلانها دعم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية لمدة أسبوع. ونقلت وكالة "رويترز" عن فليتشر قوله إن "التقارير الأولية تشير إلى تجميع أكثر من 100 شاحنة محمّلة بالمساعدات عند المعابر، تمهيداً لنقلها إلى داخل القطاع"، مضيفاً: "هذا تقدم، لكنه غير كافٍ (...) هناك حاجة إلى كميات هائلة من المساعدات لدرء المجاعة والأزمة الصحية الكارثية". وشدد المسؤول الأممي على أن الوضع الإنساني في غزة "يتطلب أكثر من مجرد تعليق تكتيكي للعمليات العسكرية"، مؤكدًا: "نحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار، حتى نتمكن من إيصال المساعدات بشكل آمن ومستمر، ووضع حد لمعاناة المدنيين". (العربي الجديد)

العربي الجديد
منذ 13 ساعات
- العربي الجديد
واشنطن تضغط بروكسل بشأن الرسوم الجمركية: مهلة نهائية بانتظار صفقة "جيّدة"
في تصعيد جديد على جبهة العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي ، أعلن وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، اليوم الأحد، أن المهلة المحدّدة لبدء فرض الرسوم الجمركية المشدّدة بنسبة 30% على صادرات أوروبية إلى السوق الأميركية، والمقرّرة في الأول من أغسطس/ آب، "نهائية ولن تخضع لأي تمديد"، ما لم تُقدِم بروكسل على خطوات ملموسة لفتح أسواقها أمام الصادرات الأميركية. وقال لوتنيك، في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركية: "لا توجد تمديدات، ولا فترات سماح. الرسوم الجمركية محدّدة في الأول من أغسطس. ستُطبّق. ستبدأ الجمارك بجمع المال". وشدّد على أنّ القرار الأميركي "واضح وغير قابل للتأجيل"، في إشارة مباشرة إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن تقبل بالمماطلة الأوروبية، ما لم يجرِ تقديم "تنازلات مُجدية" تعزّز من فرص الشركات الأميركية في الأسواق الأوروبية. البيت الأبيض ينتظر "صفقة جيّدة بما يكفي" وأشار وزير التجارة الأميركي إلى أنّ ترامب شخصياً هو من سيتخذ القرار النهائي بشأن الرسوم، وأنه لا يزال منفتحاً على المفاوضات، لكنه لن يتراجع إلّا إذا تلقّى عرضاً تجارياً وصفه بـ"الجيّد بما يكفي"، وقال لوتنيك: "السؤال هو: هل يقدّمون للرئيس ترامب صفقة جيّدة بما يكفي لكي يتخلى عن الرسوم الجمركية البالغة 30% التي حددها؟"، مضيفاً أنّ ترامب يتطلع إلى زيادة صادرات الشركات الأميركية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتابع: "بروكسل تُظهر بوضوح رغبتها في التوصل إلى اتفاق، لكن الكرة الآن في ملعب الأوروبيين". فرص الاتفاق: 50% فقط بحسب لوتنيك، فإن ترامب يقدّر فرصة التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 50%، ما يعني أنّ احتمال المضي في فرض الرسوم الجمركية لا يزال قائماً بقوة، خاصّة إذا لم تتجاوب أوروبا مع المطالب الأميركية خلال الأيام القليلة المتبقية. يأتي هذا التصعيد في إطار توتر طويل الأمد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول الميزان التجاري، إذ تتهم واشنطن التكتّل بفرض حواجز تقنية وغير جمركية تُقيد دخول المنتجات الأميركية إلى السوق الأوروبية، في حين تتمتع الشركات الأوروبية بامتيازات نسبية في السوق الأميركية. وخلال عهد ترامب الأول، اندلعت نزاعات تجارية مشابهة عدّة، أبرزها فرض رسوم على الفولاذ والألمنيوم الأوروبيَين عام 2018، وردت بروكسل بفرض رسوم مضادة. ومع عودة ترامب إلى الساحة السياسية، تتبنى إدارته الحالية نهجاً مشابهاً يركز على "أميركا أولاً"، ويُعلي من مصالح المصدرين المحليين. اقتصاد دولي التحديثات الحية داخل أميركا... الرابحون والخاسرون من الرسوم الجمركية الأسواق تترقب مصير الرسوم الجمركية وبحسب محلّلين اقتصاديين، فإنّ فرض الرسوم الجمركية المرتقبة قد يفتح جبهة جديدة من التوتر التجاري بين الحليفَين التقليديَين، وهو ما قد يؤدي إلى إجراءات مضادّة من الاتحاد الأوروبي تطاول صادرات أميركية حساسة، مثل المنتجات الزراعية والطيران. ويحذّر خبراء من أن العودة إلى الحروب التجارية قد تضرّ بالتعافي الاقتصادي العالمي، لا سيّما في ظل ظروف اقتصادية هشّة، تتمثل في التضخم المرتفع، وارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو في اقتصادات كبرى عدّة. ومن المتوقع أن تؤثر هذه التطورات سلباً على ثقة المستثمرين، وتزيد من تقلبات الأسواق المالية، خصوصاً إذا فُرضت الرسوم بالفعل في بداية أغسطس. ومن المرجّح أن تشهد أسواق الأسهم والعملات تحركات حادة، خاصة في قطاعات التصدير الأوروبية مثل السيارات والتكنولوجيا، إلى جانب تراجع محتمل في قيمة اليورو أمام الدولار. وحتّى الآن، لم يصدر موقف رسمي نهائي من بروكسل بشأن تفاصيل الصفقة المقترحة، إلّا أن مصادر أوروبية نقلت لوسائل إعلام أن الاتحاد الأوروبي منفتح على الحوار، لكنه لن يقبل بـ"إملاءات" أميركية تمس بسيادته التجارية أو قوانينه التنظيمية. ويجري في الكواليس تنسيق بين المفوضية الأوروبية وعدد من العواصم الكبرى، خاصة برلين وباريس، لبلورة موقف موحد قبيل انقضاء المهلة الأميركية. اختبار جديد للعلاقات عبر الأطلسي تضع المهلة الأميركية المقبلة العلاقات التجارية عبر الأطلسي على مفترق طرق حساس. ففي حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، ستكون الأسواق أمام مواجهة جمركية جديدة بين أكبر كتلتَين اقتصاديتَين في العالم، ما من شأنه أن يعيد أجواء التوتر التي سادت في السنوات الأخيرة، ويضع ضغوطاً جديدة على الاقتصاد العالمي. ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح بروكسل في إقناع ترامب قبل الأول من أغسطس؟ أم أن الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ، معلنة عن جولة جديدة من الحرب التجارية؟ (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 15 ساعات
- العربي الجديد
حملة ترامب ضد الهجرة تزيد الطلب على السجون الخاصة
منذ عودته إلى البيت الأبيض ، يبذل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهوداً حثيثة للوفاء بوعده بتنفيذ أكبر عملية ترحيل لمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يثير استياء عدد من الأميركيين، في حين يستفيد آخرون من ازدياد الطلب على مراكز الاحتجاز الخاصة الآخذة في الازدهار. ف المهاجرون الذين يعتقلهم عناصر وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في الولايات المتحدة الأميركية يتعيّن وضعهم مؤقتاً في مراكز، من قبيل المنشأة التي تُجهَّز في مدينة كاليفورنيا سيتي غربي البلاد، قبل ترحيلهم. وقال رئيس بلدية كاليفورنيا سيتي ماركيت هوكينز: "عندما تتحدّث إلى السكان هنا، بغالبيتهم، تجد لديهم وجهة نظر إيجابية حيال هذا الأمر". وأردف: "ينظرون إلى الانعكاسات الاقتصادية، أليس كذلك؟". ومن المتوقّع أن يُفتَح في كاليفورنيا سيتي، التي تضمّ 15 ألف نسمة وتبعد 160 كيلومتراً إلى الشمال من لوس أنجليس، مركز احتجاز مترامي الأطراف تشغّله شركة "كورسيفيك"، إحدى أكبر شركات القطاع الخاص التي تملك وتدير سجوناً ومراكز احتجاز خاصة وكذلك تدير مراكز أخرى على أساس الامتياز. وتفيد الشركة، التي رفضت طلب وكالة فرانس برس إجراء مقابلة في هذا الخصوص، بأنّ المنشأة المنتظر فتح أبوابها سوف تخلق نحو 500 وظيفة وتدرّ مليونَي دولار أميركي من عوائد الضرائب على المدينة. وقد بيّن هوكينز لوكالة فرانس برس أنّ "كثيرين سكان المدينة وُظّفوا للعمل في هذه المنشأة". أضاف أنّ "أيّ مصدر دخل يمكن أن يساعد المدينة في إعادة بناء نفسها وإعادة تقديم صورتها سوف يكون موضع ترحيب ويُنظر إليه بإيجابية". وكانت حملة ترامب ضدّ الهجرة، مثل تلك التي أثارت احتجاجات في لوس أنجليس ، قد أسفرت عن احتجاز عدد قياسي من الأشخاص المعنيين بلغ 60 ألف شخص في يونيو/ حزيران الماضي، وفقاً لأرقام هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية. وتظهر تلك الأرقام أنّ لا أحكام صادرة بحقّ الغالبية العظمى من المحتجزين، علماً أنّ وعود حملة ترامب الانتخابية كانت قد لفتت إلى ملاحقة المجرمين الخطرين من بين الأجانب. Private ICE detention contractors, CoreCivic and GEO Group, donated nearly $2.8M to Trump's 2024 election efforts and inaugural fund. Now, Trump's budget bill is allocating $45 billion to increase ICE detention space. That's no coincidence. — Citizens for Ethics (@CREWcrew) July 26, 2025 ويقبع أكثر من 80% من المحتجزين في منشآت يديرها القطاع الخاص، بحسب مشروع "تراك" لدى جامعة "سيراكيوز" الأميركية. ومع تعليمات إدارة ترامب بزيادة عدد الاعتقالات اليومية ثلاثة أضعاف وتخصيص 45 مليار دولار لمراكز احتجاز جديدة، فإنّ القطاع يتطلّع إلى طفرة غير مسبوقة. يُذكر أنّ المدير التنفيذي لشركة "كورسيفيك" ديمون هينينغر كان قد قال، في مكالمة هاتفية مع مستثمرين في شهر مايو/ أيار الماضي، إنّه "لم يسبق في تاريخ شركتنا، الممتدّ على 42 عاماً، أن شهدنا هذا الحجم من النشاط والطلب على خدماتنا مثل الذي نشهده الآن". وعندما تولّى ترامب ولايته الرئاسية الثانية في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، كانت ثمّة 107 مراكز احتجاز عاملة. أمّا الآن، بعد ستّة أشهر، فإنّ العدد يُقدَّر بنحو 200. وبالنسبة إلى السياسيين الديموقراطيين، فإنّ هذه الزيادة مُتعمَّدة. وصرّحت عضو الكونغرس نورما توريس، لصحافيين أمام مركز احتجاز في مدينة أديلانتو جنوبي ولاية كاليفورنيا، بأنّ "شركات السجون الخاصة تستغلّ المعاناة الإنسانية والجمهوريين يسمحون لها بالاستمرار من دون رادع". وفي مطلع عام 2025، كان ثلاثة أشخاص محتجزين هناك. أمّا اليوم فثمّة مئات، وكلّ واحد منهم يدرّ على الشركة المشغّلة مخصّصات يومية من أموال دافعي الضرائب. ولم يُسمَح لتوريس بزيارة المنشأة التي تديرها مجموعة "جي إي أو" الخاصة، لأنّها لم تقدّم إشعاراً بذلك قبل سبعة أيام، وفقاً لما أوضحته. ومجموعة "جي إي أو" شركة مساهمة تستثمر في السجون الخاصة ومرافق الصحة النفسية في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، وتشمل مرافقها مراكز احتجاز مهاجرين ومراكز احتجاز ذات إجراءات أمنية مشدّدة ومرافق للصحة النفسية والعلاج السكني. أضافت توريس أنّ "حرمان أعضاء الكونغرس من الوصول إلى مرافق احتجاز خاصة مثل أديلانتو ليس مجرّد إهانة، بل إنّه أمر خطر وغير قانوني ومحاولة يائسة لإخفاء الانتهاكات التي يجرى التحدّث عنها خلف هذه الجدران". وتابعت توريس: "سمعنا قصصاً مروّعة عن محتجزين تعرّضوا للاعتقال العنيف، والحرمان من الرعاية الطبية الأساسية والعزل لأيام، وتُركوا مصابين من دون علاج". لجوء واغتراب التحديثات الحية "أليغاتور ألكاتراز".. مركز احتجاز مهاجرين يثير جدالاً في فلوريدا من جهتها، قالت المحامية لدى المركز القانوني للمدافعين عن المهاجرين في الولايات المتحدة الأميركية كريستين هنسبيرغر إنّ أحد موكّليها اشتكى من اضطراره إلى الانتظار "ستّ ساعات أو سبع للحصول على مياه نظيفة". أضافت أنّ المياه "غير نظيفة وبالتأكيد ليست... متوافقة مع حقوق الإنسان الأساسية". وأكدت هنسبيرغر، التي تمضي ساعات على الطريق متنقّلة من مركز إلى آخر للوصول إلى موكّليها، أنّ كثيرين حُرموا من الحصول على استشارة قانونية، وهو حقّ دستوري في الولايات المتحدة الأميركية. لكنّ مجموعة "جي إي أو"، الشركة المساهمة التي تستثمر في السجون الخاصة ومرافق الصحة النفسية في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، علماً أنّ مرافقها تشمل مراكز احتجاز المهاجرين ومراكز احتجاز ذات إجراءات أمنية مشدّدة ومرافق للصحة النفسية والعلاج السكني، وهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية نفتا الاتهامات بسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز. وقالت مساعدة وزيرة الأمن الداخلي تريشا ماكلولين إنّ "الادّعاءات بالاكتظاظ أو بظروف سيّئة في مرافق هيئة الهجرة والجمارك غير صحيحة بصورة قاطعة". أضافت المسؤولة في إدارة ترامب أنّ "المعتقلين جميعاً يحصلون على وجبات طعام مناسبة وعلاج طبي، وتُتاح لهم فرص التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم". في المقابل، يروي أقارب عدد من المعتقلين قصصاً مختلفة. وقالت المواطنة الأميركية أليخاندرا موراليس إنّ زوجها الذي لا يحمل وثائق احتُجز خمسة أيام في لوس أنجليس قبل نقله إلى أديلانتو. وبيّنت موراليس أنّه لا يُسمَح لهم في مركز الاحتجاز بلوس أنجليس "حتى بتنظيف أسنانهم ولا بالاستحمام، ولا بأيّ شيء"، مضيفةً أنّهم "يُجبَرون جميعاً على النوم أرضاً في زنزانة معاً". وأشارت هنسبيرغر إلى أنّ المعتقلين وأقاربهم يرون أنّ معاملتهم تبدو متعمّدة. أضافت أنّهم "بدأوا يشعرون بأنّها استراتيجية لاستنزاف الناس ووضعهم في هذه الظروف اللاإنسانية، ثمّ الضغط عليهم للتوقيع على شيء (وثائق) يوافقون من خلاله على ترحيلهم". (فرانس برس، العربي الجديد)