logo
العولمة وتأثيراتها على العلاقات الدبلوماسية الدولية

العولمة وتأثيراتها على العلاقات الدبلوماسية الدولية

الزمانمنذ 2 أيام
العولمة وتأثيراتها على العلاقات الدبلوماسية الدولية – فؤاد الصباغ
يعود تاريخ الدبلوماسية إلى الزمن البعيد تقريبا إلى العصر البرونزي أي قبل 3000 سنة من ميلاد المسيح، عندما كانت الشعوب تتبادل الهدايا السخية بينها كرمز للسلام وللمحبة والإستقرار. فتاريخ الدبلوماسية الدولية شهد العديد من التطورات مع مرور الزمن وذلك مواكبة لما عرفته البشرية من تغيرات جذرية في نمط حياتها ومعاملاتها اليومية مع بقية شعوب العالم. كما شهدت حقبة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم في الدول العربية نشاطا مكثفا للدبلوماسية بحيث كان يخاطب الأمم بمراسلات يرسلها عن طريق مرسول خاص، ولعل أبرزها تلك الرسالة التي وجهها إلى هيرقل عظيم الروم يدعوه فيها إلى السلام.
فمفهوم الدبلوماسية التقليدية بعد الحرب العالمية الثانية كان ينطبق بشكل أساسي على الجهات الفاعلة الحكومية، إلا أن نهاية الحرب الباردة ومع تقدم ظاهرة العولمة برزت أنواع جديدة من الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية والدبلوماسية نذكر أهمها المنظمات الاقتصادية متعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي والتي تعتبر من الفئة الأولى على الصعيد العالمي. فتلك المؤسسات المالية الدولية التي أنشأت من مخرجات قمة البريتن وودز أضحت تلعب دورا سياسيا موازيا إلى جانب دورها الإقصادي الدولي بحيث أصبحت تدافع عن مواقفها الخاصة وتدفع نحو تنفيذ برامج إصلاحات هيكلية وسياسات اقتصادية. أما الفئة الثانية تشمل المؤسسات التي كان من المفترض في الأصل أن تلعب دورًا استشاريًا، وإنتاج المعرفة وتبادل المعلومات، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا، وغرفة التجارة الدولية، إلا أن هذا النوع الثاني قد تأثر بشكل كبير بالجهات الفاعلة على غرار القطاع الخاص والشركات الدولية متعددة الجنسيات، كما أصبحت تلك الفئة الثانية من المؤسسات تقترح أيضًا تغييرات على الإطار الاقتصادي الدولي وتضع للدول الأعضاء برامج تنفيذية في صلب اقتصادياتها الوطنية.
الدبلوماسية الدولية والتطورات التكنولوجية
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ونشأة منظمة الأمم المتحدة عام 1945، اعتمدت الدبلوماسية الدولية على آلية هرمية، مُنظمة حسب الدول الأعضاء التي تنتمي إليها، والتي اعتبرها تلك الدول شرعية. إلا أنه في المقابل تُؤسس العديد من الدول الأعضاء سياساتها الخارجية دون موافقة الأمم المتحدة، ولا تُفكر في اللجوء إليها إلا في أوقات الأزمات الدبلوماسية. أما في مجال العلاقات الدولية، فقد ظهر مصطلح الدبلوماسية العامة في منتصف الستينيات وذلك لوصف إدارة السياسة الخارجية الموجهة إلى الشعوب الأجنبية، إما من خلال وسائل الإعلام التي تُبث بلغاتها وعلى أراضيها، أو من خلال شبكات ثقافية وإنسانية متنوعة داخل المناطق المعنية. فمنذ نشأة الدول القومية، اعتُبرت المؤسسات الرسمية والحكومية الفاعل الرئيسي في الدبلوماسية الدولية، وضمنت المؤسسات الدولية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وحدها شرعية الاتفاقيات بين مختلف الدول.
فعلى مدار تاريخ الدبلوماسية الدولية الحديثة، اقتصر دور الجهات الرسمية الحكومية على التفاوض بشأن السياسات الخارجية وتنفيذها، وذلك من خلال وزارات الخارجية وممثلي الدول بالخارج وتم توقيع جميع التدابير الرامية إلى تحسين تلك العلاقات بين الدول. أما اليوم فقد شهدت الدبلوماسية الدولية تغيرات عديدة ومتنوعة واكبتها بروز أجيال من التطورات التكنولوجية والتقدم في وسائل الاتصالات السمعية والبصرية. فالثورة التكنولوجية الحديثة خاصة من خلال بروز الإنترنت كوسيلة للتواصل والإتصال أصبحت بدورها تلعب دورًا حاسمًا في تطور استراتيجيات العلاقات الدبلوماسية الدولية بين مختلف دول العالم. فتلك التكنولوجيات الحديثة أدت إلى ظهور أطراف فاعلة جديدة وصعود قوى عظمى في العلاقات الدبلوماسية الدولية وإلى إحداث تغيير جذري في الأنماط الراسخة بين مختلف دول العالم.
الإنترنت والهاتف المحمول أو «السلاح» الدبلوماسي الجديد
يعتبر تاريخ الإنترنت حديثا نسبيًا، ومع ذلك يعتبره البعض ثورةً تكنولوجية واجتماعيةً جديدةً في حضارتنا. فمنذ سنة 1991 إلى غاية الآن استمر ازدهار العصر الرقمي والصناعة الرقمية وذلك من خلال تطور محتوى الشبكة الإلكترونية وظهور العديد من المواقع والبرامج في صلبها، وأيضا إنتشر إستعمال البريد الإلكتروني والمنتديات، والآن المدونات وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي.
فتطور تلك التكنولوجيات الحديثة ووسائل الإتصالات الرقمية باستمرار أدت بالنتيجة إلى ضرورة التواجد الدبلوماسي وخاصة إعلام وزارات الخارجية على شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسية. كذلك أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي لها تأثير على المفاوضات والعلاقات الدبلوماسية الدولية. أيضا من السمات الأخرى لتطور التقنيات الرقمية، وخاصة الإنتشار الكبير بين مستخدمين شبكة الإنترنت نجد نمو شبكات التمرد والاحتجاج التي ظهرت خلال فترة ما يعرف بالربيع العربي ولا شك أن أشهر تلك المجموعات هي «أنونيموس»، التي اخترقت العديد من المواقع الحكومية خلال الثورات العربية.
كما شهد نهاية القرن العشرين ظهور الهاتف المحمول بحيث يمتلك اليوم ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان العالم هواتف محمولة، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد المشتركين في جميع أنحاء العالم «قريبًا» عدد سكان العالم. كما تشير تلك الثورة التكنولوجية إلى تغييرات جوهرية في سلوك المواطنين، ويجب على الحكومات مراعاة تطور تلك التقنيات في تنفيذ سياستها الخارجية وتطبيق دبلوماسيتها الإقتصادية والثقافية. كما تسهل تلك الوسائل في الترويج للمنتجات الوطنية وربط قنوات تواصل مباشرة مع رجال الأعمال وتنظيم تظاهرات وفعاليات دولية.
العولمة الإقتصادية وتأثيراتها على المفاوضات الدولية
لم يعد اليوم هناك شك لدى مراقبي الساحة الدولية في أن الاقتصاد أصبح أحد المجالات الرئيسية للنشاط الدبلوماسي خاصة في ظل العولمة والتحرر الكلي للأسواق العالمية. فالعولمة الاقتصادية أحدثت اضطرابًا شاملًا في إطار العمل الخارجي للدول وفي العلاقات الدولية، إذ أصبحت تقلل من سلطة الدول لصالح الجهات الفاعلة الخاصة. كما أدت عولمة التجارة إلى زيادة المبادلات التجارية والاتفاقيات الدولية، وهكذا تطورت الدبلوماسية مواكبةً بذلك التطورات التجارية والتكنولوجية. وصولًا إلى يومنا هذا، حيث يلعب انتشار وسائل الاتصال دورًا حاسمًا في السياسة العالمية، مما خلق بدوره نشاطا مكثفا للدبلوماسية الإقتصادية والتي كان من أهم أسباب ظهورها هو إنتشار العولمة الإقتصادية وتزايد تأثيراتها على المفاوضات بين الدول وإبرام الصفقات والترويج للمنتجات والأهم في تشكل التكتلات الإقتصادية الكبرى.
الثقافة أداة استراتيجية محورية في العلاقات الدولية
برزت الدبلوماسية الثقافية كأداة استراتيجية محورية في العلاقات الدولية، لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة، عندما أصبحت الثقافة أداة للتنافس الجيوسياسي. ومع إنتشار العولمة والثورة الرقمية، اكتسبت الثقافة أهمية كبرى كوسيلة للتأثير (القوة الناعمة)، خاصة بعد اعتماد إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي سنة 2001. فالثقافة تستخدمها الدول اليوم لتعزيز صورتها بالخارج، وتعزيز جاذبيتها، والدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية. كما يشهد مجال الدبلوماسية الثقافية تحولاتٍ كبرى خاصة في ظل العولمة الرقمية وبروز تلك التكنولوجيات الحديثة التي تسهل من وصول المعلومات لكافة مستخدميها. فالعولمة وسرعة تداول المعرفة والنماذج الثقافية ونشرها، ودور وسائل الإعلام الجديدة واستخداماتها، والتزام شعوب العالم بالحفاظ على التنوع الثقافي تعتبر كلها تحدياتٌ تُواجه العمل الثقافي. فقد اعتُبرت الثقافة، إلى جانب الاقتصاد والبيئة والقضايا الاجتماعية، الركيزة الرابعة للتنمية في القمة العالمية للتنمية المستدامة في جوهانسبرغ سنة 2002، ولا يُمكن تفسيرها إلا من منظور عالمي في القرن الحادي والعشرين. فالعولمة، بمعناها الثقافي الأوسع تمثل عملية عالمية تساهم في سرعة وسهولة تداول الأفكار والمعلومات وفي توحيد أشكال الفنون والعادات الثقافية عبر مختلف المناطق الجغرافية الثقافية في العالم. كما تؤثر ظاهرة العولمة على جميع جوانب المجتمع الحديث. ومن أهم تحديات الدبلوماسية الثقافية في ظل العولمة يتلخص في مدى تكيف الدولة التي تدافع عن مصالحها مع جميع الاضطرابات التي تُهدد استدامة خصوصياتها الثقافية، وجاذبيتها، ونشرها من خلال وسائل تُسهّل استقبالها وفهمها، وتُعزز أيضًا الطلب عليها وتحدد هدفها. ففي هذا السياق، ومع أخذ ذلك في الاعتبار، اكتسبت القضايا المتعلقة بالأعراف والثقافة أهمية متزايدة في العلاقات الدولية وتحتل الشؤون الثقافية الآن مكانة غير مسبوقة في السياسة الخارجية لعدد كبير من الدول حول العالم، التي بدأت ترى في إبراز أعرافها الثقافية وسيلةً فعّالة لتعزيز نفوذها الدولي. فعلى سبيل المثال، وسّعت الولايات المتحدة بشكل كبير البعد الثقافي في سياستها الخارجية، وتعتمد بشكل متزايد على هذا البعد الجديد من دبلوماسيتها للحفاظ على مكانتها الدولية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أبناء الشهداء قلادة على جيد الزمن
أبناء الشهداء قلادة على جيد الزمن

الزمان

timeمنذ ساعة واحدة

  • الزمان

أبناء الشهداء قلادة على جيد الزمن

أبناء الشهداء قلادة على جيد الزمن – منير حداد ما زال أبناء الشهداء، أوفياء لقدسية الدم الذي إرتقى الى السماء إيماناً بالله وولاءً للعراق، يحملون رسالة أهلهم الذين إنفرط عقدهم في الدنيا وتلألأ في الجنة.. نشؤوا شهداء بالوراثة.. ورثة الشهادة أيتاماً تعاندهم لقمة العيش؛ فلا يطخون رأساً، إنما يرزقهم الله فضل مواقف ذويهم الذين إستأمنوهم الله، والله ولي المؤمنين. جسر الأئمة يدرك إبن الشهيد زخم التكليف الرباني الذي إختار أبيه شهيداً وأختاره إبن شهيد؛ لذلك يتصفون بالنزاهة والترفع عن الفساد.. فطرةً «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً»الآية 33 سورة الأحزاب. ثرامات الشعبة الخامسة، الواقعة يمين جسر الأئمة للنازل من الأعظمية الى الكاظمية، تناهشت كل مسامة وخلية في الجسد الطاهر للشهيد الذبيح نزار الشطري «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبِّه لهم» الآية 157 سورة النساء، ولأن الله.. سبحانه وتعالى يتساءل في محكم كتابه.. القرآن الكريم «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» فاء على علي الشطري.. نجل الشهيد نزار الشطري، بمنصب عن إستحقاق أكاديمي وميداني.. علماً وعملاً ونزاهة إجراءات موثوقة الإيمان بالله والولاء للعراق وخدمة الناس وتشريف المنصب والحفاظ على رفعة إرثه من الشهادة.. لا يشوبها فساد حاشى لله. إذ صوّت مجلس الوزراء على علي الشطري، مديراً عاماً لتسويق النفط.. سومو، في واحد من أدق القرارات صحة.. قرار صائب وضع رجلاً مناسباً في مكانه الصحيح؛ كي يسدد خطى المفصل النفطي الذي يشغله، فضلاً عما ينطوي عليه القرار من إحترام الدماء الزكية الـــــــــــتي صعدت الى السماء السابعة تشكو ظلم الإنسان للإنسان وبطش الطاغية المقبور.. قسوة ظنها تنكل بالمؤمنين في حين عجّلت لهم جنتهم وتركته طريداً ضاقت به الفيافي ولم يجد سوى حفرة تحت أديم ثرى ولايته تكريت التي لم تستقبله! بينما الشهداء في جنات الخلد.. أعناب وكواعب أتراب و… أبناء مباركون في الدنيا والآخرة. علي الشطري، بالإضافة الى والده الذي يتمه في القمائط دون السنتين، فقد عمه داخل التجاويف الظلماء.. أقبية معتقلات الطاغية المقبور؛ إذ أُعدِمَ شاباً في مقتل العمر.. والدته عانت من البعث وتوارت مع علي نزار الى أهلها تخبئه من ظلم وملاحقة الأمن، فكتب الله النجاة «وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ» الآية 9 سورة يس. جدية صارمة نشأ متوازناً على سراط الإيمان، في مجتمع يُجِلُّ قدسية دم والده ويحترم سمو أخلاقه «نفس عصام سودت عصامَ.. وعلمته الكر والإقدام» إذ تميز علي بجدية صارمة ضد البعثيين والسراق، ولسان حاله يقول: -اليزعل من الحق ما أريد رضاه بالباطل! رجل ملتزم عائلياً ووظيفياً، درس بأرقى الجامعات، التي تخرج فيها شخصية مهنية لا ينفذ لها الجهل أو العجز أو الباطل، نزيهاً مهما فسد الآخرون من حوله. فـ… مبارك للمنصب تبوئ علي الشطري نجل الشهيد نزار الشطري، إدارة سومو.. مبارك و.. موفق، سدد الله خطاك في تحويل تاريخ والدك وعمك الى مناهج عمل؛ لأن دم الشهداء فم!

صمود الأنصار في مواجهة الأخطار ومقاومة دول الإستكبار!زهراء اليمن
صمود الأنصار في مواجهة الأخطار ومقاومة دول الإستكبار!زهراء اليمن

ساحة التحرير

timeمنذ 9 ساعات

  • ساحة التحرير

صمود الأنصار في مواجهة الأخطار ومقاومة دول الإستكبار!زهراء اليمن

صمود الأنصار في مواجهة الأخطار ومقاومة دول الإستكبار! الكاتبة (زهراء_اليمن) أراد الله لليمن بأن تكون تلك الشعلة التي لا تنطفي والشمس التي لا تغيب عن هذا العالم المظلم. لقد كانت وما زالت صاحبة المركز الأول في مواجهة الأخطار ومقاومة الإستكبار والوقوف إلى جانب الحق ومناصرة أهله وتقديم الغالي والنفيس في سبيل نصرة المستضعفين والدفاع عن مظلومية وقضايا هذه الأمة منذ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا. كيف لا … وهو البلد الذي يمثل عنوان الكرامة ومنبر الحكمة ومحراب الشجاعة وقبلة الحرية ، وقد كان لأبناءه الكثير من المواقف المشرفة والثابتة في مواجهة الطغيان منذ القدم وهناك العديد من الشواهد التاريخية التي تؤكّـد استجابتهم للعديد من دعوات النصرة والمدد وتقديم العون والسند لكل من استعان بهم أَو استنصرهم وخُصُوصاً في سبيل نصرة هذا الدين والدفاع عن قضايا الأُمَّــة، ومن تلك المواقف التاريخية وقوفهم إلى جانب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ومناصرتهم له وجهادهم معه وتضحياتهم في سبيل هذه الدعوة منذ بدايتها، حَيثُ تميزوا دون غيرهم بصدق الولاء والعزيمة والثبات وكانوا لا يخافون في الله لومة لائم. وهاهو المشهد يتكرر والتأريخ يعيد نفسه في ظل ما يشهده العالم الإسلامي من فتن ومؤامرات ناهيكم عن تصاعد حدة الأزمات المقلقة والحروب الساخنة وما إلى ذلك من الأمور العالقة والأوضاع الشائكة التي أوصلت أمتنا إلى حالة بائسة من التمزق والشتات بسبب الأفكار الهدامة التي زرعها الأعداء في أوساطنا. ومن أعظم تلك المصائب مصيبة فلسطين التي لا تختلف كثيراً عن مظلومية كربلاء حيث أصبحت اليوم من أهم القضايا التي أبتليت بها أمتنا الإسلامية نتيجة السياسة الخاطئة التي باتت تنتهجها الكثير من أنظمة الخيانة والعمالة والتطبيع نعم هاهي غزة تذبح من الوريد إلى الوريد وتتعرض للتدمير والقتل والتهجير القسري والحصار والتجويع والإبادة الجماعية من قبل العدو الصهيوني في ظل تجاهل دولي واسع وصمت إسلامي فاضح وتخاذل مخزًٍ ومعيب من قبل الأنظمة العربية المطبِّعة والعميلة، والتي باتت تناصرُ الجلاد وتدين الضحية، وهو ما عزّز من قوة العدوّ ومكنه من التمادي في سفك الدماء متجاهلاً كُـلّ قوانين الأرض وشرائع السماء. ومن هذا المنطلق نناشد شعبنا اليمني خَاصَّة وشعوب أمتنا العربية والإسلامية عامة بالعودة إلى طريق الحق الذي أمرنا الله به وشيده لنا رسول الهدى والنور سيدنا -محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله – كما ندعوهم إلى التلاحم والتعاضد والوقوف صفاً واحداً في وجه هذا الطغيان الغاشم والعدوّ الظالم، وإيجاد أرضية مفتوحة للتفاهمات السياسية ومعالجة كافة الملفات الشائكة والعمل على لَمِّ الشمل وتوحيد الصف لمناصرة غزة وذلك من خلال التحرك السياسي والعسكري والإقتصادي وفتح أبواب الجهاد للمتطوعين بالإضافة إلى الهبة الشعبية والخروج بمسيرات واحتجاجات واسعة بعيدًا عن التمايز والتحزب ناشدة أُسلُـوب الوعي ومنهجية الدين، وليكن مسارنا واحدًا نتجاوز من خلاله كُـلّ العقبات التي أعاقت هذه الأُمَّــة عن تحقيق أهدافها المرجوة. ولا ننسى أن الطوفان البشري والحشد الجماهيري يُعد من أهم عوامل الضغط النفسي التي تجهض معنويات العدوّ وتضعف قوته وتجعله يظهر أمام العالم بصورة مهزومة ومنكسرة دون تحقيق أهدافه المرجوه التي كان يسعى لتحقيقها من خلال قوته العسكرية. وهذا أقل واجب نقدمه تجاه قضيتنا ونصرةً لإخواننا المظلومين في غزة _كما ندعوا قادة هذه الأمة وعظمائها من ملوك ورؤساء وزعماء وعلماء إلى إستخدام كافة أوراق الضغط على المجتمع الدولي ومطالبته بسرعة رفع الحصار وإنهاء الإحتلال والوقف الفوري لتلك المجازر والمذابح التي تمارسها أيادي الإجرام الصهيوأمريكية وحلفائها بحق إخواننا المظلومين في سوريا ولبنان وفلسطين وكافة الدول العربية والإسلامية التي تتعرض شعوبها للظلم والطغيان . ‎2025-‎07-‎27

قضية شعب إلى دولة الرئيس المهندس محمد شياع السوداني المحترم
قضية شعب إلى دولة الرئيس المهندس محمد شياع السوداني المحترم

موقع كتابات

timeمنذ 15 ساعات

  • موقع كتابات

قضية شعب إلى دولة الرئيس المهندس محمد شياع السوداني المحترم

سيدي الرئيس… ‏نخاطبك اليوم بلسان أبناء شعبك، بلهجة العقلاء من قومك، بلسان المحرومين الذين كنتَ في يومٍ من الأيام واحدًا منهم. ‏كنتَ مثلهم، تنتظر مع عائلتك استلام مفردات البطاقة التموينية، وتفرح بمحتوياتها رغم محدودية المواد، إلا أنها تكفي بعض احتياجات العائلة العراقية… واليوم، وبعد مرور عقود من الزمن، ما زال أبناء العراق يحلمون بنصيبهم من خيرات هذا البلد، من نفطه وثرواته الطبيعية التي منحها الله لهم، فتحولت إلى نقمة بدل أن تكون نعمة! ‏يا دولة الرئيس، ‏نسمع بين الحين والآخر عن أموال تختفي، عن أرقام كبيرة ومخيفة تبتلعها أفواه الفساد. وفي المقابل يعيش أكثر من نصف شعبك على رواتب رعاية اجتماعية لا تكفي ثمن دواء… نعم، حتى العلاج أصبح سلعة في الصيدليات الأهلية، بعدما شحّ في مؤسسات الدولة الصحية. ‏أما التعليم، فقد تحول من خدمة مجانية إلى تجارة مربحة. فالمدارس الحكومية أُفرغت من طلابها، ليتكدس الفقراء خلف أسوار المدارس والمعاهد والجامعات الأهلية التي صارت أحلامًا باهظة الثمن، لا يجرؤ عليها ابن الفقير. ‏تتحدثون دومًا عن وضع اقتصادي صعب تمر به الدولة، لكن الشعب ينظر إلى جيرانه من دول الخليج ويتساءل: لماذا لا نعيش كما يعيشون؟ ولماذا حُكم علينا بالفقر وسط الثروات؟ ‏إنه طريق مسدود، بل حلم مكسور. ‏يا دولة الرئيس، ‏إذا أردتم قياس اقتصاد الدولة، فانظروا إلى كل دورة انتخابية.. كل أربع سنوات تختصرها بضعة أشهر من البذخ، حيث تُضخ المليارات في الشوارع كدعاية انتخابية، وتُشترى الذمم، وتُصرف الأموال بلا حساب. ‏من أين جاءت هذه الأموال؟ أليست أموال اليتامى والمساكين والفقراء؟ ‏لقد أرهق شعبك الجوع، وأنهكه العوز، واعلم ان ألحاشية التي تحيط بك ترسم لك صورة زائفة لعراق مرفه لا يشبه واقع الفقراء. ‏ولكن الحقيقة أن خط الفقر اليوم ليس مجرد رقم، بل هو خط دمٍ يفصل بين الطبقات، وقد ظهرت 'حيتان' فساد تتحدث بثروات أرقامها خيالية، لا يمكن جمعها لا من وظيفة ولا من تجارة… بل حتى أكبر الشركات في العراق لا تمتلك أرصدة كالتي يمتلكها بعض السياسيين. ‏فإلى متى هذه الدوامة؟ ‏ألا تسمع كل يوم عن شاب أنهى حياته بسبب البطالة؟ شبابٌ في عمر الزهور قَتلتهم الحاجة واليأس وهم داخل بيوتهم؟! ‏نعم، نخاطبك بلغة العقل، بلغة العراقيين الحقيقيين الذين تعرفهم جيدًا…لانك كنتَ واحدًا منهم، وعشت بينهم، وذُقت ظروف الحصار والحرب مثلهم. ‏ ‏لكننا اليوم نقولها لك بمرارة: ‏'لقد مسّنا الجوع، والله أرحم الراحمين.' ‏فإياك أن تصغي إلى الأقوياء الذين يتسلحون بالمال والنفوذ، وتُعرض عن الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة. ‏إياك أن ينام أحد من شعبك جائعًا، وأنت على رأس دولة تبيع يوميًا ملايين البراميل من النفط، وتجني المليارات من الدولارات! ‏يا دولة الرئيس، ‏لقد مسّنا الضر ونحن نشاهد المهزلة الانتخابية تُعرض كمسرحية هزلية: بدايتها بيع ضمائر، ونهايتها زرع الفساد في كل مفاصل الدولة. ‏فأين يدك الحديدية التي وعدتنا بها؟ ‏أين وعودك التي رددتها علينا بثقة؟ ‏نعلم أنك تعرف كل شيء، لكن يبدو أن الزجاج المظلل في المنطقة الخضراء قد غطّى العيون، فلم تعد ترى الجياع خلفه! ‏يا دولة الرئيس، ‏بالمبالغ التي تُصرف على الحملات الانتخابية، تستطيع أن ترفع الطبقات الفقيرة إلى مستوى الكرامة. ‏ابدأ بالفقراء، بذوي الدخل المعدوم، بالمشمولين بالرعاية الاجتماعية، بالمتقاعدين، وبالموظفين أصحاب الرواتب المحدودة… ‏فهنيئًا لمن خدم شعبه وترك خلفه تاريخًا أبيض ناصعًا لا تلوثه خيانة ولا يطاله الفساد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store