logo
سعر النفط يقفز بعد تقارير عن تعثر المفاوضات بين ترمب وإيران

سعر النفط يقفز بعد تقارير عن تعثر المفاوضات بين ترمب وإيران

الشرق للأعمال١١-٠٦-٢٠٢٥

قفزت أسعار النفط بعد تقارير أفادت بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بات أقل ثقة بشأن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، العضو في منظمة "أوبك".
ارتفع خام برنت بحوالي 1.3% خلال جلسة تداول اتسمت بالتقلبات، مع تفاعل الأسواق مع مستجدات المفاوضات النووية مع إيران، إلى جانب محادثات التجارة مع الصين.
قال ترمب لصحيفة "نيويورك بوست" إنه "أقل ثقة" بإمكانية إقناع طهران بالتخلي عن برنامجها النووي.
تأثير الاتفاق النووي على سوق النفط
يعني غياب الاتفاق أن إمدادات النفط الإيراني ستبقى على الأرجح خاضعة للعقوبات الأميركية. في المقابل، تراجعت حدة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بعد أن توصّل أكبر اقتصادين في العالم إلى إطار عمل أولي يهدف إلى تهدئة الحرب التجارية التي أثرت سلباً على توقعات النمو العالمي والطلب على الطاقة.
قال ينس نيرفيغ بيدرسن، المحلل الاستراتيجي في "دانسكي بنك": "أسعار النفط قفزت على خلفية تصريحات الرئيس دونالد ترمب التي قللت من فرص التوصل لاتفاق نووي وشيك مع إيران"، مضيفاً أن "هذه التصريحات تعزز المعنويات الإيجابية في السوق، في ظل إحراز تقدم بمحادثات التجارة وتوقعات بفرض عقوبات أشد على روسيا".
كيف أثرت العقوبات على تجارة النفط بين إيران والصين؟.. الإجابة هنا
كانت الأسعار قد تراجعت في وقت سابق من الجلسة بعد تصريحات لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال فيها إن التوصل لاتفاق نووي "قريب المنال" ويمكن "تحقيقه بسرعة". وذكرت وكالة إنترفكس الروسية أن موسكو اقترحت نقل فائض المواد النووية الإيرانية إلى أراضيها، دعماً للتوصل إلى اتفاق.
في غضون ذلك، كان المستثمرون يقيمون تداعيات قرار محكمة استئناف فيدرالية أميركية يسمح لترمب بمواصلة فرض الرسوم الجمركية العالمية تحت سلطات الطوارئ الاقتصادية في الوقت الحالي.
مخاطر تخمة معروض النفط
شهدت أسعار النفط تراجعاً هذا العام بفعل السياسات التجارية المتشددة لإدارة ترمب، والتي أضرت بتوقعات النمو العالمي وأضعفت شهية المستثمرين تجاه الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك السلع. وفي الوقت ذاته، سارع تحالف"أوبك+" إلى استعادة طاقتها الإنتاجية المعطلة بوتيرة أسرع من المتوقع، مما أثار مخاوف بشأن تخمة محتملة في الإمدادات خلال النصف الثاني من 2025.
اقرأ أيضاً: النفط يدخل الصيف بطلب مرتفع رغم تلويح زيادات "أوبك+" بفائض
لكن الأسعار استعادت بعض مكاسبها في الجلسات الأخيرة، بدعم من انحسار التوترات التجارية وتوقعات بزيادة الطلب خلال موسم الصيف.
وأظهر تقرير شهري صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية حالة الغموض التي تكتنف سوق النفط حالياً، إذ توقعت أن يتجاوز المعروض الطلب بواقع 800 ألف برميل يومياً هذا العام، وهو أكبر فائض منذ بدء نشر توقعات 2025. مع ذلك، لا تتوقع الوكالة أن تعود مستويات الإنتاج الأميركي إلى ذروتها المسجلة الشهر الماضي قبل نهاية العام المقبل، ما يشير إلى أن انخفاض الأسعار بدأ في كبح بعض الإمدادات.
في غضون ذلك، أظهرت تقديرات أولية من القطاع انخفاض مخزونات النفط الخام الأميركية بنحو 400 ألف برميل خلال الأسبوع الماضي، وفي حال تأكد ذلك بالبيانات الرسمية المرتقبة الأربعاء؛ سيكون هذا هو التراجع الأسبوعي الثالث على التوالي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سيتي بنك يتوقع بلوغ أسعار النفط 75-78 دولار للبرميل إن تعطلت صادرات إيران
سيتي بنك يتوقع بلوغ أسعار النفط 75-78 دولار للبرميل إن تعطلت صادرات إيران

أرقام

timeمنذ 10 دقائق

  • أرقام

سيتي بنك يتوقع بلوغ أسعار النفط 75-78 دولار للبرميل إن تعطلت صادرات إيران

توقع محللون في سيتي بنك أمس الخميس أن يؤدي تصعيد الصراع بين إيران وإسرائيل إلى ارتفاع أسعار خام برنت بنحو 15 إلى 20 بالمئة من متوسط سعره قبل الصراع إذا تسببت الحرب في تعطيل 1.1 مليون برميل يوميا من صادرات النفط الإيرانية. وقال سيتي في مذكرة "هذا يعني أن أسعار برنت ستتحرك في نطاق 75 إلى 78 دولارا للبرميل". وكانت الأسعار تتحرك في نطاق 65 دولارا للبرميل في مايو أيار. وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 1.48 دولار، أو 1.9 بالمئة، إلى 78.18 دولار للبرميل بحلول الساعة 1730 بتوقيت جرينتش أمس الخميس، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم يوليو تموز 1.72 دولار، أو 2.3 بالمئة، إلى 76.86 دولار. وقدر بنك جيه.بي مورجان في مذكرة أن أسعار النفط قد ترتفع إلى ما بين 120 و130 دولارا للبرميل في أسوأ السيناريوهات التي تتضمن توسع الصراع في المنطقة، بما يشمل إغلاق مضيق هرمز. وأثار الصراع بين إيران وإسرائيل مخاوف إزاء احتمال تعطل الإمدادات في الشرق الأوسط، مما دفع أسعار الخام إلى الارتفاع مع تقييم المتعاملين لتزايد المخاطر الجيوسياسية. وإيران هي ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إذ تنتج حوالي 3.3 مليون برميل يوميا من النفط الخام. وذكر سيتي أن تعطل حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميا على مدى عدة أشهر قد يدفع الأسعار إلى 90 دولارا للبرميل. وقد يؤدي إغلاق لمضيق هرمز إلى ارتفاع حاد في الأسعار، لكن سيتي بنك يعتقد أنه سيكون لفترة وجيزة، إذ ستتركز الجهود على إعادة فتحه بسرعة. وأضاف أن تعطل صادرات النفط الإيراني قد يكون له تأثير أقل على أسعار النفط مما كان متوقعا، بسبب انخفاض الصادرات وتراجع المشتريات الصينية بسبب ارتفاع الأسعار حاليا. وأوضح سيتي أن "الإنتاج في أماكن أخرى على مستوى العالم ربما يكون ارتفع بما يكفي لتعويض تأثير التعطل، ولا سيما إذا كان تعطل الإنتاج متوقعا". وأضاف أن زيادة الإمدادات من أوبك قد تخفف أيضا من تأثير تعطل صادرات النفط الإيراني المحتمل. وأشار بنك جولدمان ساكس أمس الأربعاء إلى أنه يقدر علاوة المخاطر الجيوسياسية بحوالي 10 دولارات للبرميل بعد ارتفاع أسعار برنت إلى ما بين 76 و77 دولارا للبرميل، في حين قال بنك باركليز إن الصادرات الإيرانية إذا انخفضت بما يعادل النصف، فقد ترتفع أسعار الخام إلى 85 دولارا للبرميل، وقد تتجاوز الأسعار 100 دولار في "أسوأ الحالات" في حال اندلاع صراع أوسع.

هل تستغل إسرائيل علاقتها بأذربيجان لتضييق الخناق على إيران؟
هل تستغل إسرائيل علاقتها بأذربيجان لتضييق الخناق على إيران؟

الشرق السعودية

timeمنذ 13 دقائق

  • الشرق السعودية

هل تستغل إسرائيل علاقتها بأذربيجان لتضييق الخناق على إيران؟

منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، وجّه جيرانها رسائل دعم وطمأنة، بما في ذلك جارتها الشمالية أذربيجان، التي تنظر إليها طهران بعين الريبة، نظراً لعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل، لا سيما في المجال العسكري. ولكن بعد يوم من بدء الحرب، تواصل وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيراموف مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، مؤكداً أن أراضي أذربيجان أو مجالها الجوي لا يمكن استخدامها من قبل أي دولة ضد طرف ثالث، وخاصة إيران، التي وصفها بـ"الدولة الصديقة والجارة". لكن هذا الاتصال لم يكن مجرد حديث عادي بين مسؤولي دولتين جارتين، بل يُخفي وراءه سنوات من العلاقة المليئة بالتوتر والشكوك، خصوصاً بسبب علاقات أذربيجان بإسرائيل، الخصم الاستراتيجي لإيران. تعود العلاقات بين أذربيجان، الدولة المسلمة ذات الغالبية الشيعية، وإسرائيل إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتعمّقت في العقد الأخير عبر تعاون اقتصادي ودفاعي. إلا أن هذا التحالف ربما يثير قلقاً كبيراً في إيران، من أن تستغل تل أبيب علاقتها الوثيقة مع باكو لتضييق الخناق عليها، بينما تخوض مواجهة عسكرية غير مسبوقة مع إسرائيل منذ 13 يونيو الجاري. تاريخ علاقات أذربيجان وإسرائيل بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، أقامت أذربيجان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 1992. وبينما كانت العديد من الدول الخارجة من الفضاء السوفيتي السابق مترددة في الانفتاح على تل أبيب، اتبعت باكو نهجاً مختلفاً، مدفوعاً بمصالح متعددة المستويات. وفي حديث لـ"الشرق"، وصف الدكتور أحمد شهيدوف، رئيس معهد أذربيجان للديمقراطية وحقوق الإنسان، هذه العلاقة بأنها "فريدة من نوعها، ليس فقط في منطقتنا، بل على مستوى العالم الإسلامي بأكمله". وأضاف: "للوهلة الأولى، قد يعتقد المرء أن دولة مسلمة ذات أغلبية شيعية وناطقة بالتركية، مثل أذربيجان، لن تكون على وفاق مع إسرائيل، لكن في الواقع تقوم علاقات البلدين على مصالح متبادلة براغماتية، وعلى تاريخ من التسامح والتعايش". وأشار شهيدوف إلى أن أذربيجان هي موطن لواحدة من أقدم وأكبر الجاليات اليهودية في العالم الإسلامي. وتعتبر بلدة كراسنيا سلوبودا (المستوطنة الحمراء) في منطقة قوبا، البلدة الوحيدة خارج إسرائيل التي يقتصر سكانها على اليهود فقط. وأضاف أن اليهود والمسلمين عاشوا في أذربيجان جنباً إلى جنب لقرون في سلام واحترام متبادل، ما أسس جسراً ثقافياً واجتماعياً بين البلدين. كما لفت إلى أن أذربيجان تعاونت مع إسرائيل في مجالات مثل الزراعة، إدارة المياه، وتكنولوجيا الرعاية الصحية، حيث تم إدخال أنظمة الري بالتنقيط الإسرائيلية على نطاق واسع في القطاع الزراعي الأذربيجاني، خاصة في المناطق الجافة. من جانبه، أوضح الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك، أن إسرائيل تحصل على جزء كبير من وارداتها النفطية من أذربيجان، حيث كانت تزوّدها بنسبة تتراوح بين 40% إلى 60% من احتياجاتها النفطية حتى عام 2020. ويتم نقل الشحنات من أذربيجان إلى ميناء جيهان التركي عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، ومن هناك تُشحن إلى إسرائيل. ورغم أن العلاقة في مجال الطاقة تشكل جزءاً أساسياً من التقارب بين أذربيجان وإسرائيل، إلا أن التعاون الدفاعي منح علاقات البلدين زخماً استراتيجياً أكبر. ولفت يزبك إلى أن العديد من الوزراء الإسرائيليين من أصول روسية، الذين خدموا في الحكومات المتعاقبة، ساهموا بشكل كبير في تطوير العلاقات مع أذربيجان، مستفيدين من صلاتهم خلال الحقبة السوفيتية. تعاون عسكري متزايد بين أذربيجان وإسرائيل منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين أذربيجان وإسرائيل قبل أكثر من 3 عقود، شهد التعاون العسكري بينهما نمواً في مجالات دفاعية متعددة. وأبرم البلدان في فبراير 2012، صفقة بقيمة 1.6 مليار دولار، اشترت خلالها أذربيجان من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) طائرات مسيرة وأنظمة مضادة للطائرات، وصواريخ. وخلال السنوات العشر الماضية، برزت إسرائيل كمورّد رئيسي للسلاح لأذربيجان، حيث شكّلت الصادرات العسكرية الإسرائيلية بين عامي 2016 و2020 حوالي 70% من واردات أذربيجان من الأسلحة الرئيسية. وشملت هذه الصادرات طائرات مسيرة متطورة، وأنظمة دفاع صاروخي، ومدفعية، وتقنيات استطلاع. وفي عام 2023، عززت أذربيجان قدراتها العسكرية من خلال صفقة كبرى أخرى مع إسرائيل، تضمنت قمرين صناعيين متطورين ونظام الدفاع الصاروخي "باراك إم إكس"، بقيمة حوالي 1.2 مليار دولار. وقال شهيدوف إنه خلال الحرب الثانية في إقليم ناجورنو قره باغ عام 2020، أحدثت الذخائر الجوالة الإسرائيلية الصنع من طراز "Harop" (المعروفة أيضاً بالمسيرات الانتحارية) تأثيراً حاسماً في ساحة المعركة، حيث استهدفت أنظمة الدفاع الجوي ومراكز القيادة ووحدات المدفعية الأرمينية بدقة عالية، مما أحدث تأثيراً كبيراً على نجاح أذربيجان العملياتي. ويمتد التعاون ليشمل أيضاً قدرات الاستطلاع، إذ تستفيد أذربيجان بشكل كبير من الاستخبارات الإسرائيلية القائمة على الأقمار الاصطناعية، مثل أقمار "تيك سار" (TecSAR). كما شاركت في تطوير مشترك لإنتاج طائرات مسيرة محلية، مما يعزز قدراتها في المراقبة والدقة التشغيلية. تقارير استخباراتية وقلق إيراني تحدثت تقارير سابقة عن أنشطة استخباراتية إسرائيلية في أذربيجان، أو حتى عن استخدام إسرائيل للأراضي الأذربيجانية في عمليات ضد إيران. ففي تقرير نُشر عام 2012، زعمت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن إسرائيل تبني قواعد جوية في أذربيجان، وهو ما نفته رسمياً السلطات الأذربيجانية آنذاك. وفي يناير الماضي، ذكرت ورقة بحثية صادرة عن "مركز بيجان-السادات للدراسات الاستراتيجية"، ونشرت تفاصيلها صحيفة "جيروزاليم بوست"، أن "التعاون الاستخباراتي بين أذربيجان وإسرائيل كان محورياً في مواجهة النفوذ الإيراني، مستغلة قرب الحدود"، معتبرةً أن أذربيجان هي "الدولة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة التي وقفت بثبات إلى جانب إسرائيل خلال الحرب الأخيرة ضد حركة حماس وحزب الله". وأضافت الصحيفة أن "مساهمات أذربيجان تمتد إلى توفير معلومات استخباراتية بالغة الأهمية تُعقّد العمليات الإيرانية، بالإضافة إلى رفضها الرضوخ لضغوط طهران لقطع العلاقات مع إسرائيل". وتشير تقارير إلى تعاون استخباراتي وسيبراني بين إسرائيل وأذربيجان، طما يرى محللون أن باكو شكّلت نقطة حيوية لعمليات استخباراتية إسرائيلية، بما في ذلك العملية التي قادها الموساد في عام 2018 لاستخراج أرشيف نووي إيراني من طهران. وأثار هذا التعاون العسكري قلق طهران، التي راقبت باهتمام تطور العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان، حيث تُمثّل الأخيرة موقعاً مهماً على الحدود الشمالية الغربية لإيران، إضافة إلى كونها بوابة للوصول إلى آسيا الوسطى. وفي مقابلة مع قناة "الشرق"، قال النائب في البرلمان الأذربيجاني جيهون ماميدوف، إنه كان لدى إيران شكوك بشأن وجود تعاون بين باكو وتل أبيب ضد مصالحها، لكن المسؤولين الإيرانيين والأذربيجانين قاموا بزيارات متبادلة على مستوى عالي لإزالة أي شبهة بهذا الخصوص، مؤكداً أن بلاده لن تسمح لإسرائيل باستخدام أراضيها في الحرب مع إيران. قلق إيراني من تقارب باكو وتل أبيب يقول المحلل السياسي الإيراني سعيد شاوردي لـ"الشرق"، إن أذربيجان اختارت تعزيز علاقاتها مع إسرائيل إلى أبعد الحدود، من خلال تعاون اقتصادي وتجاري وعسكري وأمني، إلى جانب العلاقات الثقافية. ولفت إلى أن هذا التقارب يثير قلق طهران، نظراً لموقع أذربيجان الجغرافي الحساس شمال إيران، ما يجعل هذا التحالف يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الإيراني. وأضاف شاوردي: "إيران تتهم أذربيجان بأنها أصبحت قاعدة استراتيجية لإسرائيل، تشمل عمليات تجسس واستخبارات على أراضيها تستهدف الداخل الإيراني، بما في ذلك العاصمة طهران والمحافظات الشمالية"، مشيراً إلى أن "هناك تقارير تتحدث عن استخدام إسرائيل للأراضي الأذربيجانية لأغراض تنصت وتشويش إلكتروني، وربما حتى لجمع معلومات متعلقة بإطلاق الصواريخ من داخل إيران، وهو ما يعزز قدرة إسرائيل على الإنذار المبكر". ورغم نفي الحكومة الأذربيجانية هذه المزاعم، يعتقد المحلل السياسي محمود يزبك أن "إسرائيل استفادت من أذربيجان كمركز لجمع المعلومات عن إيران، بما يشمل التجسس وتجنيد العملاء والأنشطة الاستخباراتية، الذين تم استغلال قربهم الجغرافي لاختراق إيران". وأضاف أن "إسرائيل استطاعت سابقاً التوسط لدى الولايات المتحدة حتى تحصل أذربيجان على أسلحة أميركية متطورة، مقابل خدمات تقدمها أذربيجان لإسرائيل، خاصة في مجالات الطاقة". وعما إذا كانت إسرائيل تسعى لاستثمار صلاتها بأذربيجان في الحرب الحالية بهدف حصار إيران، أو زيادة الضغط عليها، رأى يزبك أن "إسرائيل تحاول توريط أذربيجان هذه المرة، لكن الدولة الواقعة جنوب القوقاز لم تستجب حتى الآن". ومع ذلك، يتساءل الأكاديمي: "هل يغير الضغط الأميركي موقف باكو؟ هذا ما سيجيب عنه المستقبل". تاريخ من التوتر بين طهران وباكو شهدت العلاقات بين طهران وباكو توترات عديدة على مدى السنوات الماضية، شملت اعتقال أفراد على الحدود، هجوم على بعثات دبلوماسية، واعتقال عملاء. وفي أكتوبر 2022، أجرت إيران تدريبين عسكريين كبيرين قرب الحدود مع أذربيجان، واعتبرت أنها "إشعار مناسب" لجارتها الشمالية. وفي نوفمبر من نفس العام، اعتقلت السلطات الأذربيجانية 19 شخصاً بتهمة تلقي تدريبات من قبل إيران لتنفيذ عمليات في أذربيجان. وتكررت هذه الاعتقالات في سنوات لاحقة بتهم مشابهة. إلا أن العلاقات ساءت أكثر في يناير 2023، بعد تعرض سفارة أذربيجان في طهران لهجوم مسلح، قتل أحد موظفيها وأصاب اثنين آخرين، لتقوم باكو بإغلاق سفارتها وإخلاء موظفيها، ولم تبق سوى على القنصلية العامة في تبريز. وبحسب تقرير لموقع "إيران إنترناشيونال"، وصل التوتر بين البلدين إلى حد أن الحرس الثوري الإيراني حشد في بعض الأحيان مقاتليه على الحدود مع أذربيجان. إذ لطالما توجست طهران من التعاون العسكري بين أذربيجان وإسرائيل، التي تعد مزوداً مهماً للأسلحة لباكو، وتساورها الظنون بأن تل أبيب قد تستخدم الأراضي الأذرية للتحرك ضدها. وأشار سعيد شاوردي لـ"الشرق" إلى أن إيران "اعتقلت عدداً من الجواسيس الذين اعترفوا بتلقي تدريبات في أذربيجان على يد عناصر تابعة للموساد، بهدف تنفيذ هجمات وأعمال تجسس داخل إيران". وأضاف: "سبق أن ادّعت إسرائيل حصولها على وثائق نووية إيرانية تم تهريبها عبر الأراضي الأذربيجانية، رغم نفي كل من طهران وباكو لهذه المزاعم". كما تطرق شاوردي إلى حادثة سقوط طائرة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي العام الماضي، والتي وقعت عقب لقائه مع نظيره الأذربيجاني إلهام عليف وافتتاح سد مشترك. وأضاف أنه "رغم غياب اتهامات رسمية، ربطت بعض الأوساط الإعلامية في إيران بين الحادثة وفرضية وجود تشويش إلكتروني في المنطقة الحدودية". مع ذلك، يرى المحلل السياسي الإيراني أن العلاقات بين إيران وأذربيجان لا تزال مستقرة نسبياً، والخلافات محكومة بسقف سياسي، مشيراً إلى أن الطرفين "يدركان حاجتهما لبعضهما البعض، ومن المرجح أن تستمر في التعاون الاقتصادي والأمني المشترك بما يخدم المصالح المشتركة". من بين المسائل الخلافية مع أذربيجان أيضاً، اعتراض إيران على إقامة ممر "زنجازور" الذي من شأنه منح أذربيجان حرية الوصول دون عوائق إلى جمهورية ناخجوان المتمتعة بالحكم الذاتي عبر مقاطعة سيونيك في أرمينيا، ما يعني أيضاً ربط تركيا عبر أذربيجان ببقية الدول الناطقة بالتركية. إلا أن إيران ترى أن هذا الممر يُهدد حدودها التاريخية مع أرمينيا، حليفتها في المنطقة. وأوضح شاوردي أن "قطع هذا الاتصال الجغرافي (مع أرمينيا) قد يخنق تواصل إيران مع القوقاز وآسيا الوسطى". وتابع: "رغم توقف تنفيذ المشروع فعلياً، لكن طهران تعتبر هذا الملف حساساً للغاية". سياسة باكو الخارجية رداً على سؤال بشأن احتمالية استعداد أذربيجان للتعاون مع إسرائيل للضغط على إيران خلال الحرب الحالية، اعتبر أحمد شهيدوف، رئيس معهد أذربيجان للديمقراطية وحقوق الإنسان، أن "هذا موضوع حساس، وغالباً ما يُساء فهمه". وأوضح أن "هناك الكثير من التكهنات تفترض أن العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل قد تُستخدم ضد إيران، لكن في الحقيقة، الأمر أكثر تعقيداً مما يُشاع. أولاً، تشترك أذربيجان بحدود طولها 765 كيلومتراً مع إيران، ولديهما روابط تاريخية ودينية وعرقية عميقة، ويعيش اليوم أكثر من 30 مليون أذري العرق داخل إيران. وهذا وحده يجعل علاقتنا مع إيران دقيقة وحساسة للغاية". وأضاف: "من الناحية الرسمية، وهو ما كررته أذربيجان مراراً، فإنها لا تسمح باستخدام أراضيها ضد أي دولة مجاورة، هذه قاعدة راسخة في سياستها الخارجية، نعم، هناك تعاون عسكري وأمني مع إسرائيل، لكنه يهدف فقط إلى تعزيز قدرات أذربيجان الدفاعية، من الطبيعي أن تكون لإسرائيل مصالح استراتيجية في جنوب القوقاز، وباكو لاعب إقليمي رئيسي في المنطقة، لكن أن تسمح باستخدام أراضيها كمنصة انطلاق لعمليات ضد إيران، فهذا ببساطة غير واقعي، ولا يتماشى مع السياسة الأذربيجانية الخارجية، ولا مع مصالح أمنها القومي". ويرى رئيس معهد أذربيجان للديمقراطية وحقوق الإنسان في حديثه لـ"الشرق"، أن "باكو لن تتورط في صراع ليس صراعها، فشراكة أذربيجان مع إسرائيل تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة، ولا تأتي على حساب علاقاتنا مع جيراننا الآخرين، بما في ذلك إيران".

حرب إيران وإسرائيل.. كيف تحدد مخزونات الذخيرة مسار الصراع؟
حرب إيران وإسرائيل.. كيف تحدد مخزونات الذخيرة مسار الصراع؟

الشرق السعودية

timeمنذ 29 دقائق

  • الشرق السعودية

حرب إيران وإسرائيل.. كيف تحدد مخزونات الذخيرة مسار الصراع؟

أعلنت إسرائيل وإيران في أكثر من مناسبة أن الحرب الدائرة قد تستمر لعدة أيام، ولكن الذخيرة المستخدمة لإشعال رحى تلك المعارك لها رأي آخر، وتبدو التصريحات الحماسية من البلدين مغايرة بشكل كبير لواقع المعركة على الأرض، خاصة في ظل التقارير عن انخفاض مخزون الصواريخ الإيرانية التي يمكنها الوصول لإسرائيل، وتراجع حجم الذخيرة الإسرائيلية. ويرى الضابط السابق في القوات الجوية البريطانية والخبير الدفاعي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أندرو فوكس، أنه في بداية الحرب كان هناك ما بين ألف وألفي صاروخ إيراني قادر على الوصول إلى إسرائيل. وقال في تصريحات لـ"الشرق": "تباطأت وتيرة الضربات الإيرانية بشكل ملحوظ، خاصة بعدما أطلقت إيران ما يقارب 468 صاروخاً، وهو ما يُمثل ربع مخزونها القابل للاستخدام تقريباً"، مشيراً إلى تناقص الهجمات اليومية من حوالي 100 صاروخ في اليوم الأول إلى وابل من الصواريخ أحادية الرقم بحلول اليوم الخامس. وبحلول اليوم الرابع من القتال، أفادت التقارير، بأن إسرائيل دمرت أكثر من 120 منصة إطلاق، وهو ما يُمثل حوالي ثلث مخزون منصات الإطلاق الإيرانية. وقد لا تروي الأرقام وحدها القصة كاملة، فترسانة الصواريخ الإيرانية غير متجانسة، ومتعددة الطبقات استراتيجياً، ومقيدة بقيود في اللوجستيات، ومنصات الإطلاق ودورات إعادة التعبئة والقدرة على الصمود في وجه الهجمات المضادة، وذلك وفقاً لخبيرة الشؤون الأمنية الأميركية إيرينا تسوكرمان. وقالت تسوكرمان لـ"الشرق" إن العقيدة الإيرانية لا تتصور هجوماً شاملاً فورياً على إسرائيل، بل تُركز استراتيجيتها على التصعيد التدريجي، المصمم لسحق الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية على شكل موجات، مع فترات توقف بين كل دفعة لتقييم الأضرار والتوجيه السياسي. وعملياً، قالت تسوكرمان إن هذا يعني أنه بينما قد تطلق إيران ما بين عشرات ومئات الصواريخ في أول 24-48 ساعة من الحرب مع إسرائيل، فإن الحفاظ على هذه الوتيرة يزداد صعوبة بسبب الضربات الاستباقية الإسرائيلية، واعتراض منصات الإطلاق، ونضوب الذخائر دقيقة التوجيه. وأطلقت إيران بالفعل في أول يومين ما يزيد عن 100 صاروخ على إسرائيل، تراجعت تلك الأرقام إلى أقل من 50 في اليوم الرابع. وأعلن مسؤولون إسرائيليون، الاثنين، تحقيق تفوق جوي فوق طهران قبل الموعد المحدد، ما يعني أنهم قادرون على الحد بشكل أكبر من قدرة القوات الإيرانية على إطلاق الصواريخ. ويبدو أن شدة وابل الصواريخ الإيرانية قد انخفضت بشكل حاد بالفعل، فبعد إطلاق أكثر من 150 صاروخاً في الليلة الأولى من الصراع، الجمعة، أطلقت إيران وابلاً من 10 صواريخ فقط بعد ظهر الثلاثاء. رد إيران جاء أول رد فعل إيراني في ليلة 13 يونيو بضربة شملت حوالي 150 صاروخاً تم إطلاقها على دفعتين، تلاها في الأيام اللاحقة وابل أصغر ضم عشرات الصواريخ، وبلغ إجمالي عدد الصواريخ الباليستية التي تم إطلاقها 370 صاروخاً حتى 16 يونيو. ويشار إلى أن نطاق أي ضربة فردية أو وابل مجمع بإحكام ظل أقل بكثير من 200 صاروخ تم إطلاقها في ليلة واحدة خلال عملية "الوعد الصادق 2" في أكتوبر الماضي. ووفقاً لتقارير، ربما كان النطاق المحدود للهجوم الأولي نتيجة لجهود الاعتراض الإسرائيلية، إذ خططت إيران في الأصل لإطلاق ما يصل إلى ألف صاروخ ولكنها اضطرت إلى تقليص العملية، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS. وبالإضافة إلى الضربات الحركية الإسرائيلية على منصات إطلاق الصواريخ والقواعد، من المحتمل أن تؤدي الاغتيالات المستهدفة للقادة الإيرانيين الرئيسيين إلى تعطيل القيادة والسيطرة. وربما تفاقم هذا الاضطراب بسبب العناصر التشغيلية غير المعروفة تماماً بعد، مثل الهجمات الإلكترونية أو الحرب الإلكترونية أو الضربات ضد البنية التحتية للاتصالات، وبعيداً عن البعد الكمي، لا يوجد ما يشير إلى تحسن نوعي في هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية مقارنة بضربة أكتوبر الماضي. وبالإضافة إلى الصواريخ الباليستية، أطلقت إيران أيضاً أكثر من 100 طائرة مسيرة هجومية أحادية الاتجاه، بما في ذلك "شاهد 136"، و"عراش 2"، ونسخة مكبرة من "شاهد 101"، ويبدو أن معظمها قد تم اعتراضها بنجاح. وعلى الرغم من النطاق الأصغر لهجمات الصواريخ الباليستية الحالية مقارنة بتلك التي وقعت في عام 2024، إلا أن الخسائر الإسرائيلية كانت أعلى بكثير، في ظل سقوط ما لا يقل عن 23 شخصاً، وإصابة أكثر من 600 آخرين، ويبدو أن هذه النتيجة لا ترتبط بكمية أو نوعية الصواريخ المستخدمة بقدر ما ترتبط باختيار الأهداف. وفي حين ركزت ضربات عام 2024 بشكل أساسي على منشآت عسكرية نائية مثل قاعدة "نيفاتيم" الجوية، استهدفت الهجمات الأخيرة أيضاً مواقع في مناطق حضرية أكثر كثافة سكانية، بما في ذلك تل أبيب، وحيفا، وطمرة. ويشير هذا، جزئياً على الأقل، إلى تحول إيران نحو استهداف القيمة المضادة، كوسيلة لزيادة التكاليف المفروضة على ضرباتها الصاروخية. وخلال حملة عام 2024، أظهرت الصواريخ الباليستية الإيرانية متوسطة المدى دقة محدودة، ما حد من قيمتها في أدوار القوة المضادة. وقد يكون إطلاق الصواريخ الباليستية على المراكز السكانية أيضاً نتيجة لإدراك إيران أن الهجمات الإسرائيلية على أهداف في مناطق مكتظة بالسكان تمثل هجمات على مدنها، وسعيها للرد بالمثل. وفي غضون ذلك، ربما اختارت إسرائيل إعطاء أولوية أعلى لحماية المنشآت الأكثر استراتيجية للمساعدة في إدارة مخزون الأسلحة، مما قلل من مستوى الحماية في المدن الإسرائيلية الكبرى. تقييم التهديد الباليستي لا يزال حجم التهديد الصاروخي المتبقي من إيران غير مؤكد، ويعتمد على عدة متغيرات غير معروفة حالياً، من أهمها حجم مخزون إيران من الصواريخ الباليستية. وفي العام 2022، قدرت القيادة المركزية الأميركية الترسانة بحوالي 3 آلاف صاروخ، على الرغم من أن هذا يشمل صواريخ باليستية قصيرة المدى ذات مدى غير كاف للوصول إلى إسرائيل. وتشير التقييمات الإسرائيلية الأحدث لرقم أقرب إلى ألفي صاروخ عامل، وسيسمح هذا لإيران بشن عدد محدود فقط من الهجمات واسعة النطاق التي تهدف إلى سحق الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية. وذكر مدير برنامج الحرب في مركز الدراسات الاستراتيجية CSIS، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون، دانيال بايمن، أن إيران تحتاج إلى إطلاق وابل كثيف من الصواريخ بشكل مستمر لتجاوز الدفاعات الإسرائيلية. وأضاف في تصريحات لـ"الشرق"، أن هذا الأمر صعب لأن إسرائيل تدمر الكثير من الصواريخ الإيرانية حتى قبل إطلاقها. وقالت تسوكرمان، إنه لا يمكن لإيران واقعياً أن تواصل شن ضربات صاروخية متقطعة على إسرائيل لمدة تتراوح بين 10 و14 يوماً على الأكثر في سيناريو حرب تقليدي، خاصة إذا نجحت إسرائيل في اعتراض مواقع الإطلاق والإمدادات اللوجستية. وأشارت إلى أنه في الوقت نفسه قد تُوسع طهران نطاق الضغط النفسي والمضايقة العسكرية من خلال أدوات غير متكافئة، تشمل وابل صواريخ "حزب الله"، وأسراب الطائرات المسيرة من اليمن أو العراق، والهجمات الإلكترونية، وهي أقل تكلفة، وأصعب تتبعاً، ويمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من التبادل الحركي. وتعتبر خيارات طهران لتجديد ترسانتها الصاروخية محدودة. وقبل الحملة الحالية، قدرت الولايات المتحدة قدرة إيران على إنتاج الصواريخ الباليستية بحوالي 50 صاروخاً شهرياً، وعلى الرغم من أن هذا يمثل معدل إنتاج كبيراً، إلا أنه لا يزال غير كافٍ للحفاظ على معدل إطلاق إيران الحالي. ويبدو أيضاً أن إسرائيل توسع عملياتها لتشمل ضربات مباشرة على البنية التحتية لإنتاج الصواريخ الإيرانية، ما سيؤدي إلى معايرة إيران استخدامها لترسانة صاروخية محدودة بعناية لمدى وشدة الصراع. ويعتبر المتغير الرئيسي الآخر في تقييم التهديد الذي تشكله ترسانة الصواريخ الإيرانية المتبقية هو حجم مخزونات إسرائيل من صواريخ Arrow 2، وArrow 3 الاعتراضية، بالإضافة إلى معدلات الاعتراض التي أظهرتها هذه الأنظمة ضد الصواريخ الإيرانية، ولا يزال كلا الرقمين غير معروفين. ويتم تعزيز الدفاع الصاروخي الإسرائيلي من خلال الدعم الأميركي المباشر، بما في ذلك نشر بطاريتي دفاع جوي صاروخي عالي الارتفاع THAAD على الأراضي الإسرائيلية، ووجود سفن مجهزة بنظام Aegis ذات قدرات دفاع صاروخي باليستي متقدمة. ويوفر هذا الدعم الأميركي لإسرائيل عمقاً إضافياً للترسانة. مسارات التصعيد المحتملة قد تسعى إيران حالياً إلى خيارات جديدة لفرض تكاليف على إسرائيل أو حليفتها الأميركية، وأحدها هو استهداف البنية التحتية الحيوية الإسرائيلية، التي غالباً ما يكون لها امتداد جغرافي أوسع من الأصول العسكرية، ما يسهل استهدافها بالجيل الحالي من الصواريخ الباليستية الإيرانية. ويبدو أن إيران قد طبقت هذا النهج بالفعل، خاصة في هجومها على مصفاة حيفا في اليوم الثاني من الصراع. ومن الخيارات الأخرى أن تستخدم إيران ترسانتها غير المستغلة إلى حد كبير من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى الأكثر دقة لضرب منشآت البتروكيماويات أو القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة. ولا تزال إيران تمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ المضادة للسفن التي يمكن استخدامها لمهاجمة الشحن التجاري في الخليج، وخليج عمان، وبدرجة أقل، في بحر العرب. حدود استراتيجية الردع الإيرانية وبينما تواجه إيران تحديات آنية كبيرة في استخدام قوتها الصاروخية، فإن استخدامها يُشير بالفعل إلى فشل أوسع لاستراتيجيتها العسكرية، وذلك وفقاً لـIISS. وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها في السنوات الأخيرة لتعزيز دفاعاتها الجوية، اعتمدت إيران دائماً بشكل أساسي على الردع بالعقاب من خلال التهديد الموثوق برد قوي. وفي غياب سلاح جوي فعال، شكلت الصواريخ الأداة الرئيسية لتنفيذ هذه الهجمات الانتقامية. وأدى ضعف "حزب الله" اللبناني نتيجة الهجمات الإسرائيلية في العام الماضي، إلى إضعاف عنصر أساسي من تلك الاستراتيجية، إذ لم تعد ترسانة الجماعة الصاروخية الكبيرة، التي أتاحها قرب لبنان من إسرائيل، عاملاً مهماً. وبينما نجح الحوثيون باليمن في إحداث اضطرابات شديدة في حركة الملاحة في البحر الأحمر، واستهداف إسرائيل بالصواريخ الباليستية، فإن بُعدهم الجغرافي عن إسرائيل وترسانتهم الصغيرة نسبياً يمنعهم من أن يكونوا رادعاً استراتيجياً يُضاهي "حزب الله". والفعالية المحدودة لوابل الصواريخ الإيرانية في ضربات أبريل وأكتوبر العام الماضي، والتي لم تُسبب أضراراً أو إصابات كبيرة، زادت من تآكل موقفها الرادع. وأدت الضربات المضادة الإسرائيلية في أواخر أكتوبر إلى تعطيل نظام S-300 الذي قدمته روسيا، وهو أكثر قدرات الدفاع الجوي الإيرانية تقدماً، وأضعفت قدرة إيران الهشة بالفعل على الردع بالإنكار. وساعدت هذه التطورات في تمهيد الطريق للحملة الإسرائيلية الحالية واسعة النطاق. ولم تعتمد استراتيجية الردع الإيرانية على نطاق وتطور ترسانتها الصاروخية، ولكن أيضاً على قدرتها على قياس مدى تحمل المخاطر وعتبات الألم لدى خصومها بدقة. واليوم، ومع تدهور القدرات الإيرانية، وانكشاف قصورها خلال العام الماضي، ومع قبول القيادة الإسرائيلية، في الوقت الراهن على الأقل، بمخاطر ضربات الصواريخ الباليستية على مراكزها السكانية، فإن توازن الردع بين إسرائيل وإيران ينهار بوتيرة أسرع. القدرات الإيرانية ويرى معهد دراسة الحرب ISW، أن الغارات الجوية الإسرائيلية في غرب إيران أدت إلى تدهور قدرة إيران على شن هجمات ضد إسرائيل من تلك المنطقة، وأجبرت إيران على نقل قواتها إلى وسط البلاد. وأشار الجيش الإسرائيلي، إلى أن الضربات الإسرائيلية في غرب إيران أجبرت القوات الإيرانية على الانسحاب من الغرب إلى الوسط، وأضاف أن طهران حاولت إطلاق صواريخ تستهدف إسرائيل من أصفهان، وسط البلاد، بعد سحب القوات من الغرب. وسيؤدي إطلاق الصواريخ الباليستية من أصفهان إلى منع إيران من القدرة على استخدام 3 صواريخ باليستية متوسطة المدى استخدمتها سابقاً لمهاجمة إسرائيل. وتقع أصفهان على بعد حوالي 1600 كيلومتر من الأراضي الإسرائيلية، ولا يمكن للصواريخ الباليستية "حاج قاسم" بمدى 1400 كيلومتر، و"فتاح" بمدى 1400 كيلومتر، و"خيبر شكان" بمدى 1450 كيلومتراً الوصول إلى إسرائيل من أصفهان بسبب مداها الأقصر. وادعت إيران، أنها استخدمت هذه الصواريخ الثلاثة في هجماتها الانتقامية الأخيرة ضد إسرائيل، فيما تشمل الصواريخ الباليستية الإيرانية القادرة على الوصول إلى إسرائيل من أصفهان "عماد" بمدى 1700 كيلومتر، و"قدر" بمدى 1950 كيلومتراً، و"سجيل-1" بمدى ألفي كيلومتر. وتستخدم صواريخ "عماد" و"قدر" الوقود السائل، وهو متقلب للغاية ويصعب نقله، واستخدمت إيران الصاروخين في هجماتها على إسرائيل في أبريل وأكتوبر من العام الماضي، كما استخدمتهما في هجماتها الانتقامية ضد إسرائيل في الأيام الأخيرة. وأفادت التقارير بأن إيران استخدمت صاروخ "سجيل-1" لمهاجمة إسرائيل لأول مرة في 18 يونيو، وقد يعكس استخدام إيران له لأول مرة، حاجة طهران لإطلاق صواريخ بعيدة المدى من عمق الأراضي الإيرانية. وقدّر الجيش الإسرائيلي، أن إيران استخدمت مؤخراً عدداً أقل من الصواريخ لمهاجمة إسرائيل لأنها تواجه صعوبة في تنسيق الهجمات الكبيرة، وليس لأن إيران تحافظ على مخزونها المتبقي من الصواريخ الباليستية. وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى تدهور كبير في قدرات الصواريخ الباليستية الإيرانية. وانخفض حجم وابل الصواريخ الإيرانية منذ بداية الصراع الإسرائيلي الإيراني في 12 يونيو من حوالي 40 صاروخاً في كل رشقة إلى عدد قليل من الصواريخ في كل جولة. ويتوافق تقييم الجيش الإسرائيلي مع بيانه الأخير، بأنه دمر حوالي نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، مرجحاً أن يختار القادة الإيرانيون إنفاق مخزونهم المتبقي من الصواريخ فقط إذا اعتبروا الصراع الحالي مع إسرائيل تهديداً وجودياً. كما استهدف الجيش الإسرائيلي، مواقع إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية لمنع إيران من القدرة على تجديد مخزونها المتناقص، وكان آخرها الإعلان عن استهداف منشأة لتصنيع صواريخ "عماد". أبرز المنشآت الدفاعية الإيرانية تعمل في إيران عدداً لا بأس به من الشركات الدفاعية، التي نجحت على مدى عقود بتطوير ترسانة طهران الصاروخية الضخمة. وتأتي في مقدمتها، منظمة الصناعات الجوية الإيرانية، والتي تعتبر الذراع المركزي لتطوير الصواريخ الباليستية والاستراتيجية في إيران، وتتبع لوزارة الدفاع الإيرانية، وتعمل على تطوير وتصنيع صواريخ "شهاب"، و"عماد"، و"سجيل". وخضعت المنظمة لعقوبات أميركية وأوروبية منذ أوائل 2000، بسبب دورها في تطوير الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى. وتوجد كيانات تابعة لها تشمل مجموعة الصناعات الباليستية الصلبة SBIG، ومجموعة الصناعات الباليستية السائلة SHIG. مجموعة الصناعات الباليستية الصلبة وتعمل على تطوير وإنتاج صواريخ الوقود الصلب، وتنتج صواريخ مثل "فاتح-110"، و"ذو الفقار"، و"شيخان"، و"خيبر"، وهي أنظمة متنقلة وصواريخ موجهة عالية الدقة قصيرة إلى متوسطة المدى. وتعمل هذه الصواريخ بالوقود الصلب ما يمنحها سرعة نشر وقدرة تحرك أعلى، ما يجعل صواريخ SBIG خطرة على الأهداف في إسرائيل. مجموعة الصناعات الباليستية السائلة وتعمل على تطوير وإنتاج صواريخ الوقود السائل بعيدة المدى، وتنتج صواريخ مثل "شهاب-3"، و"قادر-110"، و"عماد"، و"سجيل". ولعبت دوراً رئيسياً في برنامج الصواريخ بعيدة المدى، وتعاونت مع كوريا الشمالية في تطوير برنامج "شهاب"، وصواريخ NoDong. وتعتبر أكثر الكيانات الإيرانية تعرضاً للعقوبات، وتُصنف ضمن برنامج الصواريخ النووية. ورغم أنها تتبع رسمياً وزارة الدفاع، إلا أن العمليات التشغيلية، خاصة في برامج الصواريخ الباليستية الاستراتيجية، تُنفذ لصالح القوة الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري. استهداف المنشآت الإيرانية واصل الجيش الإسرائيلي استهداف البنية التحتية العسكرية الإيرانية في جميع أنحاء البلاد، وأفادت التقارير بأن سلاح الجو الإسرائيلي ضرب حامية "الشهيد سلطاني" بالقرب من إشتهارد بمحافظة البرز. وتعتبر هذه الحامية موقع لتخزين وإنتاج الصواريخ تابع للحرس الثوري، والذي ورد أنه يضم صواريخ "شهاب 3"، و"قيام"، و"فاتح"، و"فتاح". كما ضرب سلاح الجو الإسرائيلي فرقة "العمليات 29" التابعة للقوات البرية للحرس الثوري الإيراني في محافظة كرمانشاه، ومجمع بارشين العسكري في شرق طهران، واستهدف الجيش الإسرائيلي سابقاً مجمع بارشين العسكري في 12، و15، و16 يونيو. واستخدمت إيران الموقع لتطوير وتصنيع المواد المتفجرة والذخائر المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، كما استهدف سلاح الجو الإسرائيلي مركز أبحاث الموارد الفارسية في مدينة زنجان بمحافظة زنجان في 18 يونيو. وينتج مركز أبحاث الموارد الفارسية مساحيق معدنية ونانوية، بما في ذلك الألومنيوم، والمغنيسيوم، والزنك، والكربون الأسود، ويمكن استخدام الألومنيوم لإنتاج دوارات أجهزة الطرد المركزي، وهي ضرورية لتخصيب اليورانيوم. ويمكن أيضاً استخدام العديد من هذه المعادن، مثل المغنيسيوم، لتصنيع أنواع مختلفة من المعدات العسكرية، بما في ذلك محركات الطائرات، ومعدات الحماية، وأنظمة الاتصالات. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان لهذا المركز البحثي أي روابط مباشرة بالجيش الإيراني أو البرنامج النووي. مخزون خفي قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إنه من المحتمل أن أكثر من نصف ترسانة إيران الصاروخية لا تزال سليمة، وأن كمية غير معروفة من الصواريخ قد تكون مخبأة في مستودعات تحت الأرض. ورغم أن إسرائيل قد خفّضت بشكل كبير من قدرات إيران الهجومية، إلا أن بناء دفاع صاروخي كان مكلفاً بالنسبة لها. وأفادت صحيفة Marker، وهي صحيفة مالية إسرائيلية رائدة، أن تكلفة الدفاع الصاروخي على إسرائيل تصل إلى مليار شيكل، أو ما يعادل حوالي 285 مليون دولار، لليلة الواحدة. ونتيجة لذلك، يقول المراقبون، إن حرب استنزاف طويلة بين إسرائيل وإيران قد لا تكون ممكنة، على الأقل في ظل شدتها الحالية. نقص استراتيجي إسرائيلي قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن إسرائيل تعاني نقصاً في صواريخ Arrow الاعتراضية الدفاعية، ما يثير مخاوف بشأن قدرتها على مواجهة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تطلقها إيران، لافتةً إلى أن الولايات المتحدة كانت على علم بهذا النقص منذ عدة أشهر. وقالت الصحيفة، نقلاً عن مسؤول أميركي، إن إسرائيل تعاني من نقص في صواريخ Arrow الاعتراضية الدفاعية ما يثير مخاوف بشأن قدرة البلاد على مواجهة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تطلقها إيران، إذا لم يتم حل الصراع قريباً. وأضاف المسؤول، أن الولايات المتحدة كانت على علم بمشاكل في أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية منذ أشهر، وتعمل على تعزيز دفاعات إسرائيل بأنظمة برية وبحرية وجوية. ولفت إلى أنه منذ تصاعد الصراع في يونيو الجاري، أرسلت وزارة الدفاع الأميركية مزيداً من أصول الدفاع الصاروخي للمنطقة، لكن هناك قلق من أن الولايات المتحدة قد تستنزف صواريخها الاعتراضية أيضاً. وبحسب الصحيفة، لم تستجب شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، المصنعة لصواريخ Arrow الاعتراضية، لطلب للتعليق، فيما ذكر الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه "مستعد وجاهز للتعامل مع أي سيناريو.. ولا يمكن التعليق على المسائل المتعلقة بالذخائر". وبدون إعادة إمدادات من الولايات المتحدة أو مشاركة أكبر من القوات الأميركية، تشير بعض التقييمات إلى أن إسرائيل يمكنها الحفاظ على دفاعها الصاروخي لمدة 10 أو 12 يوماً إضافياً إذا حافظت إيران على وتيرة ثابتة من الهجمات، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على تقييمات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. وأضاف أنه في وقت لاحق من هذا الأسبوع، قد لا تتمكن أنظمة إسرائيل إلا من اعتراض نسبة أصغر من الصواريخ بسبب الحاجة إلى ترشيد الذخائر الدفاعية. وقال المصدر المطلع الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسألة حساسة، إن إسرائيل ستحتاج إلى اختيار ما تريد اعتراضه. وأشار تال إنبار، خبير الصواريخ الإسرائيلي التابع لتحالف مناصرة الدفاع الصاروخي في فرجينيا، إلى أنه في عام 2014 سعت إسرائيل إلى وقف إطلاق النار مع حركة "حماس" قبل أيام من نفاد صواريخ الاعتراض للدفاع الجوي. وذكر إنبار، أن مستوى مخزونات الصواريخ الاعتراضية موضوع "حساس للغاية" في إسرائيل، لكنه "قد يكون عاملاً في وقف إطلاق النار" هذه المرة أيضاً. وتستخدم إسرائيل نظام دفاع جوي متعدد الطبقات، يتكون من "القبة الحديدية"، التي تعترض الصواريخ منخفضة الارتفاع، ومنظومتي "مقلاع داود"، و"السهم"، ومنظومتي الدفاع الصاروخي Patriot، وTHAAD اللتين يتم تسليمهما من الولايات المتحدة. وقال إنبار، إن إحدى المشكلات التي تواجه إسرائيل هي اعتمادها بشكل كبير على نظام باهظ الثمن نسبياً، والذي يطلق صواريخ تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد 3 ملايين دولار، لمواجهة الهجمات من إيران. وأضاف أنه في حين أن صواريخ "القبة الحديدية" الاعتراضية غير المكلفة والمنتجة بكميات كبيرة مفيدة ضد الصواريخ البدائية التي تطلقها "حماس"، فإن "القبة الحديدية" غير فعالة ضد صواريخ إيران، لافتاً إلى أن الأمر أشبه بإطلاق مسدس عيار 9 ملم على الصواريخ الإيرانية الثقيلة التي تنطلق عبر الغلاف الجوي الخارجي بسرعة تفوق سرعة الصوت بعدة مرات. وأوضح تسوكرمان، أنه لا تقتصر قدرة إسرائيل على تحمل حرب صاروخية مطولة على عدد صواريخ الاعتراض من طراز "القبة الحديدية"، أو "مقلاع داود"، أو Arrow المخزنة لديها فحسب، بل هي تفاعل ديناميكي بين الإنتاج المحلي، والابتكار الفوري، وإعادة الإمداد من الخارج. وبنت شركات إسرائيلية مثل Rafael، وIMI Systems قاعدة صناعية دفاعية متكاملة للغاية مع سلاسل توريد معيارية، ما يسمح بالتكيف السريع خلال أوقات الحرب العصيبة، وذلك وفقاً لخبيرة الشؤون الأمنية الأميركية. وأضافت أنه مع ذلك، فإن الصراعات شديدة الحدة، مثل حرب صاروخية شاملة مع إيران، قد تستنزف مخزونات الصواريخ الاعتراضية الحالية في غضون 7-10 أيام عند ذروة الاستخدام، خاصة إذا تزامنت ضربات إيران من جبهات متعددة، بما في ذلك لبنان، وسوريا، والعراق. الدعم الأميركي قال الجيش الإسرائيلي، إن وزارة الأمن تواصل تنفيذ جسريها الجوي والبحري لنقل المعدات العسكرية والذخائر إلى إسرائيل. وهبطت ظهر الخميس، طائرات شحن عسكرية في إسرائيل، محملة بمعدات لصالح منظومة الأمن، وذلك في إطار تعزيز الاستمرارية التشغيلية، وتلبية جميع احتياجات الجيش الإسرائيلي، سواء لتحقيق أهداف الحرب أو لتعزيز الجاهزية واستكمال المخزونات. ومنذ بدء الحرب على إيران، وصلت إلى إسرائيل 14 طائرة شحن عسكرية جديدة، لتنضم إلى أكثر من 800 طائرة هبطت في البلاد ضمن الجسر الجوي الذي تديره وزارة الأمن منذ اندلاع حربها على قطاع غزة في7 أكتوبر 2023. وتُعد عملية النقل الواسعة النطاق ثمرة تعاون مشترك بين مديرية المشتريات الدفاعية (مانهار)، من خلال وحدة التنسيق للنقل الأمني الدولي، وبعثات المشتريات في الولايات المتحدة وألمانيا، إلى جانب شعبة التخطيط وبناء القوة في الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو. وفي هذا الصدد، أكدت تسوكرمان، أن إسرائيل لا تخوض الحروب بمعزل عن غيرها، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تحتفظ بمخزون ذخيرة احتياطي حربي داخل إسرائيل، والذي يشمل ذخائر دقيقة التوجيه، وقذائف مدفعية، ومكونات دفاع صاروخي محتملة. وبالإضافة إلى ذلك، وافق الكونجرس الأميركي على عمليات تجديد طارئة في غضون أيام من اندلاع الحرب، كما حدث خلال النزاعات السابقة مع غزة ولبنان. وفي حرب كبرى مع إيران، يمكن أن يتوقع بشكل معقول أن تبدأ عمليات النقل الجوي اللوجستي الأميركي في غضون 48-72 ساعة، ما لم تكن هناك عوائق سياسية، وذلك وفقاً لتسوكرمان. وأضافت أنه من المرجح أن تُسرع الإدارة الأميركية، وتُقدم دعماً استخباراتياً إضافياً، بما في ذلك تتبّع منصات الإطلاق المتحركة عبر الأقمار الصناعية. وأشارت الخبيرة الأمنية الأميركية إلى أن الجاهزية المستدامة غير مضمونة، مؤكدة أن قدرة إسرائيل على التحمّل طويل الأمد في مثل هذا الصراع لا تعتمد فقط على العتاد، بل أيضاً على المرونة البشرية، والقيادة والسيطرة تحت الضغط، والقدرة على توسيع الإنتاج دون تعريض المواقع الصناعية لضربات إيرانية أو "حزب الله". وأكدت أنه لا تأتي نقطة "الانهيار الفعلية" إلا إذا امتدت الحرب لأكثر من 21 يوماً، مع هجمات متزامنة على منشآت الإنتاج أو المراكز اللوجستية، خاصة إذا تمكن "حزب الله" من ضرب المصانع أو شرايين النقل داخل إسرائيل. فيما أشار الضابط السابق في القوات الجوية البريطانية أندرو فوكس، إلى أن إسرائيل من المفترض أن تتمكن من الاعتماد على إعادة الإمداد الأميركية للصواريخ الاعتراضية والذخائر الهجومية. وذكرت التقديرات الأولية، أن إسرائيل لديها ما يكفي من الصواريخ الاعتراضية لمدة 10-14 يوماً، لكن هذا التقدير سيطول مع انخفاض الهجمات الإيرانية، وفقاً للضابط السابق في القوات الجوية البريطانية "فوكس". ولفت الخبير البريطاني، إلى أن معدل إنتاج الصواريخ الإيراني الشهري حوالي 50 صاروخاً، وفي ظل كثافة الحرب، يُعد هذا الرقم "مثيراً للسخرية"، مضيفاً أن الدعم الأميركي يمنح إسرائيل ميزة لوجستية لا تُضاهى. فيما أوضح "بايمن" أن المخزون الإسرائيلي يعتمد على معدل إطلاق النار من إيران، ولكن من المرجح أن تحتاج إسرائيل إلى المزيد من الصواريخ الاعتراضية. من جهته، يرى مدير "بورنهام جلوبال"، وهي شركة توفر حلولاً أمنية، ومدير شركة "فاليندابا فينتشرز" الاستشارية، جون سيكو، أن إسرائيل من غير المرجح أن تعاني بشكل كبير من نقص المخزونات، ربما باستثناء بعض الذخائر المتخصصة. وقال في تصريحات لـ"الشرق" إن إسرائيل في وضع أفضل بكثير من إيران، لافتاً إلى أن استمرار الحرب لأمد طويل يعتمد على قرار الولايات المتحدة بالتدخل في الحرب، واستخدام قنابل خارقة للتحصينات على المنشآت النووية. وأضاف أنه إذا لم تتدخل الولايات المتحدة بالحرب، فلن تُظهر إسرائيل أي علامات على التهدئة حتى يتم "تنصيب نظام صديق لها" في طهران، وأشار إلى أنه بسبب سيطرة إسرائيل على الأجواء، تستطيع الاستمرار في قصف إيران طالما أرادت. عاملان يصنعان الفارق بعيداً عن التدخل الأميركي الذي قد يغير قواعد اللعبة، ويشكل مصير البرنامج النووي الإيراني، فإن عاملين سيساعدان في تحديد طول الحرب بين إسرائيل وإيران: احتياطي إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية، ومخزون إيران من الصواريخ متوسطة المدى. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه منذ بدأت إيران بالرد على النيران الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، اعترض نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الرائد في العالم معظم الصواريخ الباليستية الإيرانية القادمة، ما أعطى القوات الجوية الإسرائيلية المزيد من الوقت لضرب إيران دون تكبد خسائر كبيرة في الداخل. الآن، ومع استمرار الحرب، تُطلق إسرائيل صواريخ اعتراضية أسرع من قدرتها على إنتاجها، وأثار ذلك تساؤلات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن ما إذا كانت صواريخ الدفاع الجوي في البلاد ستُستنفد قبل أن تستنفد إيران ترسانتها الباليستية، وفقاً لـ8 مسؤولين حاليين، وسابقين. وفقاً للمسؤولين، اضطر الجيش الإسرائيلي بالفعل إلى ترشيد استخدامه للصواريخ الاعتراضية، ويعطي أولوية أكبر للدفاع عن المناطق المكتظة بالسكان والبنية التحتية الاستراتيجية، وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم ليتمكنوا من التحدث بحرية أكبر. وقال العميد ران كوخاف، الذي قاد منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية حتى عام 2021 ولا يزال يخدم في الاحتياط العسكري، إن الصواريخ الاعتراضية "عددها محدود"، مضيفاً أنه إذا كان من المفترض أن يصيب صاروخ مصافي التكرير في حيفا، فمن الواضح أن اعتراضه أهم من اعتراض صاروخٍ سيصيب صحراء النقب، وذكر أن الحفاظ على أنظمة الاعتراض الإسرائيلية "يُمثل تحدياً". وتعترض منظومة Arrow الصواريخ بعيدة المدى على ارتفاعات أعلى، وتعترض منظومة "مقلاع داود" الصواريخ على ارتفاعات أقل، في حين تعترض منظومة "القبة الحديدية" الصواريخ قصيرة المدى، التي تطلق عادة من غزة، أو شظايا الصواريخ التي اعترضتها بالفعل أنظمة دفاع أخرى. ويرى بعض الإسرائيليين، أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب قبل أن تُختبر دفاعات إسرائيل بشدة، ويثق آخرون بقدرة إسرائيل على حل المشكلة بتدمير معظم منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، ومنع الجيش الإيراني من استخدام المخزونات التي لا تزال لديه. وقال آساف كوهين، القائد الإسرائيلي السابق الذي قاد قسم إيران في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن القضية الحقيقية تكمن في عدد منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، وليس في عدد الصواريخ. وأضاف كوهين، أنه كلما زاد عدد الصواريخ المُصابة، زادت صعوبة إطلاقها للوابل، وإذا أدركت إيران أن لديها مشكلة في قدرة الإطلاق، فستلجأ إلى إطلاق صاروخ أو صاروخين بين الحين والآخر، مُوجهين إلى منطقتين مختلفتين في آن واحد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store