logo
الركيزة تهتز: موديز تخفض تصنيف أميركا الائتماني وسط احتجاج البيت الأبيض

الركيزة تهتز: موديز تخفض تصنيف أميركا الائتماني وسط احتجاج البيت الأبيض

النهارمنذ 8 ساعات

في لحظة توصف بأنها زلزالية للأسواق العالمية، فقدت الولايات المتحدة آخر تصنيف ائتماني "مثالي" كانت تحتفظ به من بين وكالات التصنيف الكبرى، بعد أن قررت وكالة "موديز" خفض تصنيف ديونها السيادية من "Aaa" إلى "Aa1" - في خطوة لم تحدث منذ أكثر من قرن.
القرار الذي هزّ وول ستريت
في بيانها الصادر الجمعة، برّرت موديز القرار بما وصفته بأنه "تدهور مستمر في المقاييس المالية"، مشيرة إلى تصاعد العجز السنوي وأكلاف الفائدة إلى مستويات أعلى بكثير من نظيراتها في الدول التي تحملالتصنيف الائتماني نفسه. وأضافت أن الإدارات الأميركية المتعاقبة فشلت في الاتفاق على إجراءات فعالة لتقليص الإنفاق أو رفع الإيرادات.
الأسواق لم تتأخر في رد الفعل: تراجع مؤشر داو جونز بأكثر من 300 نقطة، بينما قفزت أسعار الذهب أكثر من 1%، في مشهد يعكس انتقال رأس المال سريعًا إلى الملاذات الآمنة. تراجع الأسهم الأميركية كان أقل حدة من السابق مع الخفوضات الائتمانية.
غضب في البيت الأبيض... وإنكار في الكونغرس
البيت الأبيض لم يُخفِ انزعاجه. واعتبر مدير الاتصالات في الإدارة أن هذا القرار يحمل "نيات سياسية" أكثر مما يعكس واقعًا ماليًا، منتقدًا محللي موديز. أما وزير الخزانة سكوت بيسنت، فذهب أبعد من ذلك حين وصف التصنيف الجديد بأنه "مؤشر متأخر ولا يعكس ديناميات الاقتصاد الأميركي الحقيقي".
في المقابل، يسعى الجمهوريون في الكونغرس الى تمرير مشروع قانون جديد لخفض الضرائب على غرار حزمة 2017، مؤكدين أن هذه الخطوة ستُحفّز النمو بما يكفي لتغطية أي ارتفاع إضافي في الدين العام، الذي بلغ 36.2 تريليون دولار.
منذ متى بدأت قصة التصنيف الائتماني لأميركا؟
منذ عام 1917، احتفظت الولايات المتحدة بأعلى تصنيف ائتماني ممكن - "AAA" - من جميع وكالات التصنيف، لتُصبح بذلك رمزًا للاستقرار والجدارة الائتمانية المطلقة. وكان هذا التصنيف بمثابة العمود الفقري للنظام المالي العالمي، إذ ارتكز عليه تسعير معظم السندات الحكومية حول العالم.
لكن بداية التصدّع جاءت في عام 2011، حين قامت وكالة ستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الأميركي للمرة الأولى في التاريخ، إثر أزمة سقف الدين آنذاك. ثم لحقتها وكالة فيتش في عام 2023، وسط تصاعد المخاوف من استمرار العجز وغياب خطة لاحتوائه.
وظلت موديز وحدها صامدة حتى مايو 2025، محتفظة على تصنيف AAA رغم كل التحديات، وكأنها الحصن الأخير. لذا، فإن قرارها الآن لا يُمثل مجرد رقم على الورق بل هو انهيار لآخر معقل من معاقل الثقة "المثالية" بالمالية الأميركية.
ولم يكن هذا القرار ناتجًا من أزمة فجائية، بل نتيجة تراكم مالي دام عقوداً، إذ تضاعف الدين الفيديرالي الأميركي من 10 تريليونات دولار في 2008 إلى أكثر من 36 تريليونًا في 2025، فيما أصبحت خدمة الدين (مدفوعات الفائدة السنوية) وحدها تستهلك أكثر من 900 مليار دولار من الموازنة، ما يعادل إنفاق وزارة الدفاع الأميركية تقريبًا.
ما وراء الخفض... قراءة في المعطيات الاقتصادية
قرار موديز لم يكن مفاجئًا لمن يتابع مؤشرات الاقتصاد الأميركي خلال السنوات الأخيرة. فبعد أن خفّضت وكالتا فيتش وستاندرد آند بورز تصنيفاتهما سابقًا (في 2023 و2011)، كانت موديز الوحيدة التي حافظت على التصنيف الأعلى منذ عام 1917، حتى أتت لحظة الانعطاف هذه.
الوكالة أشارت صراحة إلى أن الدين الحكومي ارتفع إلى مستويات تُقارن بما بعد الحرب العالمية الثانية، بينما قفزت مدفوعات الفائدة إلى نسب تتجاوز 3.2% من الناتج المحلي، وهو ما اعتبرته عبئًا ماليًا متضخمًا يصعب احتواؤه من دون تحرك سياسي كبير.
الأسواق في حالة ترقّب... والذهب يحتفل
ردة الفعل الفورية في الأسواق العالمية لم تكن مجرد ضجة عابرة، بل عكست شعورًا متزايدًا بفقدان الثقة بالاستقرار المالي الأميركي. الدولار تراجع، وعائدات السندات الأميركية تذبذبت، فيما ارتفعت العقود الآجلة للذهب، أحد أكبر المستفيدين من أجواء الشك.
لكن الصورة ليست سوداء بالكامل. لا تزال الولايات المتحدة تتمتع بقوة مؤسسية كبرى وبالدور المحوري للدولار كعملة احتياط عالمية، بحسب موديز نفسها، التي أبقت النظرة المستقبلية عند "مستقرة"، ما يعني أن الخفض لا يعني بالضرورة موجة هبوط قادمة، بل دعوة الى التنبه والتحرك.
هل تسرّع هذه الأزمة خفض الفائدة؟
الحدث يتزامن مع نقاش حاد داخل الفيديرالي الأميركي حول توقيت خفض الفائدة. ومع ظهور علامات على انكماش في النمو وتباطؤ في بعض المؤشرات الصناعية، يمكن أن يزيد هذا الخفض من الضغوط على البنك المركزي للتحرك، لكن المؤشرات القوية في سوق العمل قد تعرقل هذا التوجه.
ومع انكشاف الحمائية التجارية، فإن الأسواق تتأرجح بين خطر الركود وصعوبة التيسير النقدي.
الختام: صفارة إنذار أم فرصة للإصلاح؟
ربما يكون خفض موديز للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة أشبه بصفارة إنذار لكنها ليست نهاية الطريق. بل لعلها فرصة لإعادة هيكلة الأولويات المالية في واشنطن، والعودة إلى طاولة التفاهم بين الجمهوريين والديموقراطيين حول كيفية معالجة الدين المتضخم من دون التضحية بالنمو.
أما الأسواق، فإنها الآن تُعيد تسعير المخاطر. والذهب، كما التاريخ يُثبت، غالبًا ما يربح عندما تهتز الثقة بالدين الأميركي.
والمشهد الاقتصادي يبدو أنه طويل في عام 2025.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن تعرض "مكافأة مالية ضخمة" لكشف شبكات حزب الله المالية بأمريكا الجنوبية
واشنطن تعرض "مكافأة مالية ضخمة" لكشف شبكات حزب الله المالية بأمريكا الجنوبية

صوت بيروت

timeمنذ 20 دقائق

  • صوت بيروت

واشنطن تعرض "مكافأة مالية ضخمة" لكشف شبكات حزب الله المالية بأمريكا الجنوبية

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن رصد مكافأة مالية ضخمة قيمتها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات حول الشبكات المالية لحزب الله في أمريكا الجنوبية. ونشر الحساب الرسمي لبرنامج 'مكافآت من أجل العدالة' التابع لوزارة الخارجية الأمريكية عبر منصة إكس: 'حزب الله يمارس أنشطته في مناطق بعيدة عن مقره في لبنان، بما في ذلك في أمريكا الجنوبية. إذا كانت لديك معلومات حول تهريب حزب الله أو غسيل الأموال أو أي آليات مالية أخرى في منطقة الحدود الثلاثية، يرجى الاتصال بنا. قد تكون مؤهلاً للحصول على مكافأة والانتقال'. وأشار برنامج مكافآت من أجل العدالة إلى أن 'شبكات حزب الله المالية في أمريكا الجنوبية، وخاصة في منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل والباراغواي، تقوم بغسل الأموال وتزوير الوثائق الأميركية، وتزوير الوثائق الباراغوانية، والاحتيال باستخدام بطاقات الائتمان، وتزوير الأموال، والتهريب، والسجائر، والمخدرات. كما أنهم يشاركون في أنشطة تجارية تبدو مشروعة مثل البناء الاستيراد والتصدير وبيع العقارات'. حزب الله يمارس أنشطته في مناطق بعيدة عن مقره في لبنان، بما في ذلك في أمريكا الجنوبية. إذا كانت لديك معلومات حول تهريب حزب الله أو غسيل الأموال أو أي آليات مالية أخرى في منطقة الحدود الثلاثية، يرجى الاتصال بنا. قد تكون مؤهلاً للحصول على مكافأة والانتقال. — Rewards for Justice عربي (@Rewards4Justice) May 19, 2025

واشنطن بوست: واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة
واشنطن بوست: واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة

المركزية

timeمنذ ساعة واحدة

  • المركزية

واشنطن بوست: واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة

أفادت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصدر مطلع بأن أعضاء في إدارة ترامب أخبروا إسرائيل بأن واشنطن ستتخلى عن الدولة العبرية إن لم تنه الحرب في قطاع غزة. وقال المصدر إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستطيع إنها الحرب في غزة ومعه الأغلبية إن أراد ذلك، لكنه يفتقر (نتنياهو) لإرادة السياسية، على حد قوله. وأضاف قائلا أن "نتنياهو روّج لفكرة استئناف المساعدات في اجتماع مجلس الوزراء مساء الأحد على أنها مجرد مسألة شكلية". وتابع المصدر "ضغوط ترامب تزايدت في الأيام الأخيرة مع استدعاء إسرائيل عشرات الآلاف من جنود الاحتياط وتصعيدها قصف غزة واقترابها من نقطة اللاعودة في الحرب". وخلال الأسبوع الماضي، التزمت الحكومة اليمينية في إسرائيل صمتاً دبلوماسياً، في الوقت الذي أطلق فيه ترامب عاصفة من التصريحات التي هزت افتراضات الإسرائيليين إزاء مكانة بلادهم لدى أهم حلفائها، خصوصاً أنه تجاوز الدولة العبرية خلال زيارته الشرق أوسطية التي شملت السعودية وقطر والإمارات. ويواجه نتنياهو ضغوطاً من المتشددين الدينيين القوميين في حكومته الذين يصرون على مواصلة الحرب في غزة حتى إنزال هزيمة ساحقة بحماس، ومن باقي المواطنين الإسرائيليين الذين يتزايد ضيقهم بالصراع الدائر منذ أكثر من 18 شهراً. وانحاز نتنياهو حتى الآن إلى صف المتشددين. ويؤكد مسؤولون في إدارة ترامب على أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية ما زالت قوية، لكنهم عبروا أحياناً عن خيبة أملهم تجاه نتنياهو في جلسات خاصة في وقت يسعى فيه ترامب للوفاء بوعد حملته الانتخابية بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا بسرعة، وفق رويترز. ويريد المسؤولون من نتنياهو أن يعمل بجد أكبر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق مع حماس للإفراج عن الرهائن. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جيمس هيويت: إن الإدارة الأميركية تواصل العمل مع إسرائيل لتحرير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة وعددهم 58 وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط. وأضاف "لن تحظى إسرائيل بصديق في تاريخها أفضل من الرئيس ترامب".

بوتين يعلن تفاصيل المكالمة الهاتفية مع ترامب
بوتين يعلن تفاصيل المكالمة الهاتفية مع ترامب

المنار

timeمنذ ساعة واحدة

  • المنار

بوتين يعلن تفاصيل المكالمة الهاتفية مع ترامب

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاثنين ان 'المحادثة الهاتفية مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب استمرت أكثر من ساعتين'. ووصف بوتين المحادثة مع ترامب بأنها 'ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية'، وأعرب عن امتنانه 'لترامب لمشاركة الولايات المتحدة في استئناف المحادثات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا'، وقال 'روسيا تؤيد وقف الأعمال القتالية، لكن من الضروري تطوير أكثر المسارات فعالية نحو السلام'، لافتا إلى أن ترامب أعرب خلال المحادثة عن موقفه بشأن إنهاء الأعمال القتالية في أوكرانيا. وأوضح بوتين أن 'وقف إطلاق النار في أوكرانيا لفترة زمنية معينة أمر ممكن إذا تم التوصل إلى الاتفاقات ذات الصلة'، ولفت إلى 'الحاجة لإيجاد حلول وسط تناسب جميع الأطراف'، وقال 'اتفقنا مع رئيس الولايات المتحدة على أن روسيا ستقترح وهي مستعدة للعمل مع الجانب الأوكراني بشأن مذكرة بشأن معاهدة سلام مستقبلية محتملة مع تحديد عدد من المواقف، مثل مبادئ التسوية، وتوقيت اتفاق السلام المحتمل، وما إلى ذلك، بما في ذلك وقف إطلاق النار المحتمل لفترة معينة إذا تم التوصل إلى الاتفاقات ذات الصلة'. وحول استئناف المفاوضات مع أوكرانيا، قال بوتين 'بالمناسبة، استؤنفت الاتصالات بين المشاركين في الاجتماع والمفاوضات في إسطنبول، وهذا يعطي سببا للاعتقاد بأننا، بشكل عام، على الطريق الصحيح'، مشددا على أن 'موقف روسيا بشأن الوضع في أوكرانيا واضح والأمر الرئيسي هو القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة'. وفي وقت سابق اليوم، أفادت وسائل إعلام أمريكية نقلا عن البيت الأبيض أن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد بدأت قبل لحظات. ويوم السبت أعلن ترامب أنه يخطط للتحدث بالهاتف مع نظيره الروسي يوم الاثنين، لمناقشة موضوع تسوية الصراع الأوكراني. وذكر ترامب أنه سيتواصل بعد ذلك مع فلاديمير زيلينسكي وزعماء دول حلف الناتو، معربا عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد محادثاته مع بوتين وزيلينسكي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store