
ميتا تستبدل البشر بالذكاء الاصطناعي لتقييم مخاطر الخصوصية والمجتمع
في تحوّل جذري يعكس فلسفة جديدة في إدارة المخاطر التقنية، تستعد شركة "ميتا" (المالكة لفيسبوك، إنستغرام، واتساب) لاستبدال البشر بأنظمة الذكاء الاصطناعي في تقييم تأثيرات الخصوصية والمخاطر المجتمعية المصاحبة للميزات والتحديثات الجديدة.
اضافة اعلان
هذا التغيير، الذي كشفته وثائق داخلية حصلت عليها NPR، يثير جدلاً واسعًا داخل الشركة وخارجها، حيث يخشى بعض الموظفين الحاليين والسابقين أن يؤدي تسريع وتيرة الإطلاقات على حساب المراجعة البشرية إلى نتائج كارثية غير متوقعة، خاصة في مجالات حساسة مثل حماية الأطفال، محاربة المعلومات المضللة، ومراقبة المحتوى العنيف.
القرار لا يشير فقط إلى أتمتة 90% من عمليات التقييم فحسب، بل يمنح فرق التطوير القدرة على الحكم الذاتي في المخاطر، ما يمثل تقليصًا حادًا لدور المختصين في الخصوصية والنزاهة الرقمية.
وعلى الرغم من تطمينات الشركة بأنها لا تزال تستخدم "الخبرات البشرية" في الحالات المعقدة، إلا أن الوثائق تشير إلى أن التقييمات قد تمتد إلى مجالات دقيقة تشمل أمان الذكاء الاصطناعي والمحتوى الضار، وهو ما يراه بعض النقاد "تنازلاً عن البوصلة الأخلاقية" للشركة لصالح السرعة والمنافسة.
المشهد يعكس ديناميكية جديدة في وادي السيليكون، حيث يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة دعم إلى مركز ثقل في اتخاذ قرارات تؤثر على المليارات من المستخدمين — دون مرورها بالضرورة على أعين بشرية خبيرة. في ظل هذه التحولات، يبقى السؤال الكبير: هل يمكن فعلاً الوثوق بخوارزميات لتقرير ما هو آمن وعادل في مجتمع رقمي عالمي متشابك؟
ولسنوات، عندما كانت ميتا تطلق ميزات جديدة على إنستغرام وواتساب وفيسبوك، كانت فرق من المراجعين تُقيّم المخاطر المحتملة: هل تنتهك الخصوصية؟ هل قد تسبب ضررًا للقاصرين؟ هل تسهم في انتشار محتوى مضلل أو سام؟
حتى وقت قريب، كانت ما تُعرف داخل ميتا بمراجعات الخصوصية والنزاهة تُجرى بالكامل تقريبًا من قبل مقيمين بشريين. لكن وفقًا لوثائق داخلية حصلت عليها NPR، فإن ما يصل إلى 90٪ من جميع تقييمات المخاطر سيتم أتمتته قريبًا.
يعني ذلك عمليًا أن تحديثات خوارزميات ميتا المهمة، وميزات الأمان الجديدة، والتغييرات في كيفية مشاركة المحتوى عبر المنصات، ستُعتمد غالبًا عبر نظام ذكاء اصطناعي — دون إشراف بشري مباشر.
داخل ميتا، يُنظر إلى التغيير كفوز لمطوري المنتجات، الذين سيتمكنون الآن من إطلاق التحديثات بسرعة أكبر. لكن موظفين حاليين وسابقين في ميتا يخشون أن تؤدي هذه الدفعة نحو الأتمتة إلى إسناد قرارات معقدة للذكاء الاصطناعي، دون الفهم البشري الكافي لتبعاتها الواقعية.
قال أحد المسؤولين التنفيذيين السابقين في ميتا، طالبًا عدم الكشف عن اسمه: "ما دامت العملية تعني فعليًا إطلاق المزيد من الأشياء بسرعة أكبر، مع رقابة أقل، فإنك بذلك تخلق مخاطر أكبر"، بحسب موقع npr.org
صرّحت ميتا أنها استثمرت مليارات الدولارات لدعم خصوصية المستخدم، وأن "الخبرة البشرية" ستظل حاضرة في "القضايا المعقدة"، بينما تُؤتمت فقط "القرارات منخفضة المخاطر".
لكن الوثائق التي راجعتها NPR تُظهر أن ميتا تفكر في أتمتة المراجعات حتى في مجالات حساسة تشمل أمان الذكاء الاصطناعي، مخاطر على اليافعين، وفئة تُعرف باسم "النزاهة"، وتشمل المحتوى العنيف والمعلومات الكاذبة.
وتشير العروض التقديمية الداخلية إلى أن الفرق ستتلقى "قرارًا فوريًا" عبر نظام ذكاء اصطناعي بعد إكمال استبيان حول المشروع، على أن يتحمل الفريق مسؤولية التأكد من تنفيذ المتطلبات قبل الإطلاق.
في ظل النظام السابق، لم يكن يُسمح بإطلاق الميزات قبل موافقة المقيّمين البشريين. الآن، سيقرر مهندسو المنتجات بأنفسهم مدى خطورة المشروع، ولن تكون المراجعة البشرية إلزامية.
زفيكا كريغر، المدير السابق للابتكار المسؤول في ميتا، قال: "معظم مديري المنتجات والمهندسين ليسوا خبراء في الخصوصية، ولا يُقيّم أداؤهم على هذا الأساس". وأضاف أن الاعتماد الزائد على الأتمتة قد يُضعف من جودة التقييمات.
تشير الوثائق أيضًا إلى أن مستخدمي ميتا في الاتحاد الأوروبي قد يكونون أكثر حماية من هذه التغييرات، إذ سيبقى اتخاذ القرار وإشراف المنتجات تحت مسؤولية فرع الشركة في إيرلندا، التابع للقوانين الأوروبية الأكثر صرامة مثل "قانون الخدمات الرقمية".
مجتمعة، تعكس هذه التغييرات تحولًا في فلسفة ميتا نحو تقليل الحواجز وتسريع التحديثات، ضمن نهج أكثر تساهلًا في إدارة الخطاب والمخاطر — بالتوازي مع محاولات مارك زوكربيرغ للتقرب من إدارة ترمب، التي اعتبر انتخابها "نقطة تحول ثقافية".
تشير ميتا في تقاريرها الأخيرة إلى أنها بدأت تستخدم نماذج لغوية ضخمة (LLMs) في تطبيق السياسات، وتحديد المحتوى الذي لا يخالف القواعد بدقة عالية. هذا "يوفر وقتًا للمراجعين للتركيز على المحتوى الأكثر احتمالًا لانتهاك السياسات"، حسب بيانها.
لكن منتقدين يرون أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر دون إشراف بشري كافٍ يمثل قفزة مقلقة في اتجاه تقني قد يُعرض المستخدمين والمجتمعات لعواقب غير محسوبة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
نيويورك ولندن تتربعان على عرش مدن العالم 2025
كشف تصنيف «أكسفورد إيكونوميكس» العالمي للمدن لعام 2025، الذي يشمل 1000 مدينة ويستند إلى معايير الاقتصاد، جودة الحياة، البيئة، رأس المال البشري، والحوكمة، عن تصدر نيويورك القائمة كعاصمة اقتصادية للولايات المتحدة والعالم. وجاءت لندن في المركز الثاني، ووُصفت بأنها المدينة العالمية بامتياز، بفضل تفوقها في الأعمال، العلوم، التكنولوجيا، التعليم، والفنون. وأبرز التقرير تميز لندن في رأس المال البشري، مدعومة بجامعاتها العالمية، قوتها العاملة المتنوعة، ووجود مقرات دولية كبرى، مع مقاومتها تحديات «بريكست» وتقلبات السياسة البريطانية. ورغم ذلك، واجهت لندن تحديات مثل ارتفاع تكاليف السكن، وانخفاض التنوع الاقتصادي، وتفاوت الدخل. ولم تكن لندن المدينة البريطانية الوحيدة في القائمة، إذ احتلت إدنبرة المركز 57 كعاصمة ثقافية بجودة حياة عالية وتنوع سكاني، تلتها بريستول في المركز 68 بفضل اقتصادها وجودة الحياة. وجاءت ليدز في المركز 83 كمدينة مستدامة تركز على الطاقة النظيفة، بينما احتلت كامبريدج المركز 86 كعاصمة ثقافية، وغلاسكو في المركز 90 بجودة حياة مرتفعة، ومانشستر في المركز 93 كمدينة مستدامة. واحتلت باريس المركز الثالث كقوة اقتصادية عالمية، تلتها سان خوسيه في المركز الرابع كمركز تكنولوجي يضم شركات مثل أبل وميتا، وسياتل في المركز الخامس بفضل قطاعها التكنولوجي ودخل الفرد المرتفع. وضمت قائمة الـ10 الأُوَل مدناً مثل ملبورن، سيدني، بوسطن، طوكيو، وسان فرانسيسكو. في المقابل، جاءت سوكوتو في نيجيريا في المركز الأخير، تلتها سلطان بور وكادونا.


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
روبيو، كوبا، والنموذج الصهيوني
ترجمة: علاء الدين أبو زينة اضافة اعلان لورنس ديفيدسون* - (تو ذا بوينت) 26/5/2025في هذا المقال، يشرح لورنس ديفيدسون كيف أن تاريخ لوبي الأميركيين الكوبيين، بتقليده للوبي الإسرائيلي، هيأ وزير الخارجية الأميركي لتنفيذ رغبات ترامب، غالبًا غير الإنسانية والمخالفة للدستور.* * *تحوّل ماركو روبيو إلى واحد من الأشخاص الذين "يُعتمد عليهم" بالنسبة للرئيس دونالد ترامب. تمّ تعيينه أولًا وزيرًا للخارجية في ولاية ترامب الثانية، ثم عُيِّن مؤخرًا ليكون مستشارًا للأمن القومي بالإنابة. وقد أثبت فاعلية في تحويل أهداف ترامب إلى ممارسات سياسية واقعية.لم يكن هذا بالأمر الصعب على روبيو لأنه يتقاسم مع ترامب العديد من تحيزاته، مثل الإيمان المطلق تقريبًا بوجوب دعم إسرائيل حتى وهي تنتهك المبادئ الإنسانية والقانون الدولي.لهذا الغرض، كرّس روبيو نفسه -بصفته وزيرًا للخارجية- لإعادة هيكلة "مكتب وزارة الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل". لماذا فعل؟ لأن هذا المكتب، بحسب زعمه، "خاض معارك ضد القادة غير المنسجمين مع الفكر التقدمي في دول مثل بولندا والمجر والبرازيل، وسعى إلى تحويل كراهيته لإسرائيل إلى سياسات ملموسة، مثل حظر الأسلحة". وفي الوقت ذاته، دعم روبيو ممارسات ترامب التي تجلّت في اعتقال مؤيدي فلسطين وترحيل قادتهم من البلاد بطريقة انتقائية.ويؤكد سجل روبيو التصويتي في الكونغرس ارتباطه الوثيق بإسرائيل:1. "عارض السيناتور روبيو الاتفاق النووي مع إيران، ودعم نقل السفارة الأميركية إلى القدس. كما دعم 'قانون تايلور فورس'، الذي ينص على عدم تقديم أي أموال حكومية أميركية إلى أي جهة فلسطينية تكافئ ماليًا 'الإرهابيين' أو عائلاتهم. كما انتقد قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يؤكد أن المستوطنات الإسرائيلية لا تمتلك شرعية قانونية، وشارك في رعاية تشريع يعارض هذا القرار".2. "يعارض السيناتور روبيو 'حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات' (BDS)، وشارك في رعاية قانون مناهضة مقاطعة إسرائيل وقانون مكافحة 'حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات' للعام 2017، وهما قانونان يهدفان إلى مكافحة المقاطعات التي اعتُبرت تمييزية والتي تستهدف إسرائيل. وفي العام 2019، صوّت روبيو لصالح "قانون تعزيز أمن الشرق الأوسط الأميركي"، الذي -من بين بنود أخرى- عزز أمن إسرائيل وسمح للحكومات المحلية أو الحكومية باتخاذ إجراءات لسحب استثماراتها من الكيانات التي تقاطع إسرائيل".3. "شارك السيناتور روبيو في رعاية 'قانون الوعي بمعاداة السامية'، الذي يهدف إلى تبني تعريف لمعاداة السامية لأغراض تطبيق القوانين الفيدرالية المناهضة للتمييز في البرامج أو الأنشطة التعليمية".من كل هذه المظاهر، يبدو روبيو سياسيًا انتهازيًا لا يعبأ كثيرًا بالقواعد التي يفرضها الدستور الأميركي، ناهيك عن القانون الدولي. وهو بالتأكيد مستعد وقادر على تنفيذ أوامر ترامب، حتى وإن كانت غير دستورية وغير إنسانية.لكن ثمة جانبًا أعمق في قصة ماركو روبيو.خلفية روبيو ذات الصلةوُلد روبيو في العام 1971 لأبوين كوبيين منفيين يعيشان في فلوريدا، ما يعني أنه وُلد في داخل مجتمع بثقافة تعادي حكم فيدل كاسترو وخلفائه بشكل علني. ولا يمكن التأكيد بما يكفي على أن هذا المجتمع كان مغلقًا نسبيًا، لكنه كان شديد التنظيم بحيث كان مجرد التشكيك في الموقف المعادي لكاسترو يُعتبر خيانة.وكان ذلك المجتمع أيضًا واحدًا يتمتع بتأثير سياسي كبير عندما يتعلق الأمر بالضغط على الحكومة الفيدرالية عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخارجية المتعلقة بكوبا. على سبيل المثال، سعى سياسيون، مثل روبيو، إلى فرض الحصار الاقتصادي على كوبا من دون أي اكتراث بمدى الفقر المتزايد للشعب الكوبي، أو ما تسببه هذه السياسة من توتر مع حلفاء الولايات المتحدة الذين يتعاملون تجاريًا مع كوبا.لطالما صوت أغلب الأميركيين الكوبيين الذين تعود جذورهم إلى الهجرة المناهضة لكاسترو لصالح الجمهوريين. وهو أمر مفهوم؛ فقد رأوا أن الجمهوريين أكثر ثباتًا في عدائهم لكاسترو من الديمقراطيين، خاصة بعد فشل محاولة غزو خليج الخنازير.بذلك، يكون انتماء روبيو الدائم للحزب الجمهوري، سواء في مسيرته السياسية في فلوريدا أو خلال عضويته في الكونغرس، انعكاسًا لظاهرة الامتثال الثقافي. كما تفسر هذه الخلفية تحالفه السريع مع ترامب، الذي سعى دائمًا إلى كسب دعم المجتمع الكوبي الأميركي (المثال الذي يتصوره ترامب عن "المهاجرين الجيدين").ولكن، كيف يمكن أن تفسر هذه الخلفية التزام روبيو الواضح تجاه إسرائيل والصهاينة؟الأميركيون الكوبيون والصهاينةفي العام 1981، قام أحد المنفيين الكوبيين والمشاركين في فشل عملية خليج الخنازير، ويدعى ماس كانوسا، بتأسيس "المؤسسة الوطنية الأميركية الكوبية" (CANF). وقد تشكلت هذه المؤسسة تحت تأثير كراهية كانوسا العميقة لحكومة كاسترو. وكانت تكتيكاتها في العمل تعكس شخصيته السلطوية ذات النظرة الأحادية.على سبيل المثال، وبحسب ما كانت تراه "مؤسسة كوبا الوطنية الأميركية"، سيكون سقوط نظام كاسترو فقط هو ما يمكن أن يُعتبر نتيجة مقبولة. أما أولئك الذين اقترحوا التفاوض مع الحكومة الكوبية، فتم تصنيفهم على أنهم خونة. وكان تجويع المواطنين الكوبيين إلى الحد الذي يُفترض أنهم سينقلبون عنده على النظام هو الاستراتيجية المقبولة والمفضلة.وفي غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً، أصبحت وجهة نظر هذه المؤسسة هي السائدة أولاً في مجتمع المنفى الكوبي في ميامي، ثم في باقي أنحاء فلوريدا وخارجها. ومع ذلك، سرعان ما تجاوزت طموحات المؤسسة المجتمع الكوبي الأميركي. كان الهدف النهائي للمؤسسة هو السيطرة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه كوبا.بعد وقت قصير من إنشاء المؤسسة، قال مؤسسها ماس كانوسا: "لقد أدركنا بسرعة أننا حتى نتمكن من أن نؤثر في النظام السياسي الأميركي، يجب علينا أن نقلد النموذج اليهودي... وقد أقمنا تحالفاً وثيقاً مع اللوبي اليهودي في واشنطن".وإذن، كان مصدر الإلهام والمرشد للمؤسسة الكوبية الأميركية هو 'لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية' (AIPAC). ونتيجة لذلك، أصبح الدعم غير المشروط للصهيونية جزءاً لا يتجزأ من الأيديولوجيا المجتمعية التي روّجت لها مؤسسة المنفيين الكوبيين.(1)كان ماركو روبيو نتاجًا لتلك الأيديولوجيا المجتمعية، وهو ما يفسر دعمه غير النقدي لإسرائيل. ففي منصبه كوزير للخارجية، صرّح مراراً بأن "حماس يجب أن تُباد" وأنه يجب "إعادة توطين الفلسطينيين". وبمجرد تحقيق ذلك، فإن غزة ستكون جاهزة لعملية إعادة إعمار كبرى، أطلق عليها اسم مشروع "ريفييرا غزة". وقال روبيو إن "الولايات المتحدة مستعدة لتقود عملية جعل غزة جميلة من جديد".قد تضع الخلافات الراهنة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو روبيو في موقف محرج، غير أن هذه الخلافات تتعلق بالاستراتيجية وليس بالمبدأ. سوف يبقى روبيو وفياً لترامب، وقد يوجّه انتقادات لنتنياهو، لكنه سيظل في الوقت نسه مؤيداً وفياً للدعم المادي لإسرائيل.يشغل روبيو الآن منصب "كبير مستشاري السياسة الخارجية" في إدارة ترامب. وهو يسيطر على وزارة الخارجية، كما يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي للرئيس. وقد وصل إلى هذه المناصب نتيجة لعاملَين: 1) أن البيئة السياسية التي شكّلت حياته كانت متوافقة مع أهداف ترامب السياسية العامة؛ و2) أن تنشئته جعلته وكيلاً موثوقاً لقائد (ترامب)، والذي يعكس إلى حد بعيد سلوكيات ورؤية بطل الجالية الكوبية الأميركية، ماس كانوسا.لهذه الأسباب، كان من السهل على روبيو أن يفي بتوقعات ترامب: "الولاء أولاً؛ الولاء للرجل، والولاء للمهمة".تُذكّر الطريقة التي يدير بها ترامب حكومته بمبدأ "المركزية الديمقراطية" الذي كان من المبادئ الحاكمة للشيوعيين الأوائل في روسيا. في البداية، يُسمح بالنقاش حول القضايا (ويمكن للمرء أن يتخيل الكثير من الأخذ والرد بين الحلفاء الغرباء الذين يدعمون ترامب). لكنّ ما يحدُث في الواقع هو أن الجميع يحاولون استشعار الاتجاه الذي يفضله الزعيم. وبمجرد أن يتضح هذا الاتجاه، يتوحد الجميع حوله. وفي تلك اللحظة، يتوقف كل نقاش ويُتوقع من الجميع أن يصطفوا ويهتفوا.ثمة شك في ما إذا كان ترامب يستمع للنقاش من الأساس. ويغلب أنه عادة ما يمتلك تفضيلاً منذ البداية -سواء كان ذلك التفضيل متصلاً بالواقع أم لا. وتجعل الطريقة التي تُدار بها هذه "الحوكمة" ترامب لا يسمع إلا صدى صوته. وسوف يشكل هذا المحيط المغلق في نهاية المطاف مصير ماركو روبيو المهني، وكذلك مصير دونالد ترامب. ويبدو أن الناتج النهائي سيكون كارثة حقيقية، سواء على المستوى الداخلي أو في السياسة الخارجية.في النهاية، من المرجّح أن يعود روبيو إلى مستنقع السياسة المحلية في فلوريدا، حيث سيذوب مرة أخرى في المجتمع ضيق الأفق والمتحيّز الذي نشأ فيه.*لورانس ديفيدسون Lawrence Davidson: أستاذ التاريخ الفخري في جامعة ويست تشيستر في بنسلفانيا. ينشر تحليلاته حول السياسة الداخلية والخارجية الأميركية، والقانون الدولي والإنساني، وممارسات وسياسات إسرائيل/الصهيونية منذ العام 2010.*نشر هذا المقال في موقع الكاتب: تحت عنوان: Marco Rubio and the Zionist Connection(1) للمزيد عن هذا الموضوع، انظر كتاب لورانس ديفيدسون: Privatizing America's National Interest، دار نشر جامعة كنتاكي، الصفحات (76-78).


الغد
منذ 4 ساعات
- الغد
الفجوة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي
اضافة اعلان في عالم أمست الحقوق فيه رقمية والحريات تمارس أيضا في فضاء افتراضي واسع وعابر للحدود والقارات، وفي واقع متسارع، يفرض على واضعي التشريع وصانعي السياسات عوامل ومحددات مستحدثه، وسط هذا كله ما نزال عالقين في فجوة رقمية تشكل تحديا أمام عدالة رقمية شاملة، تتيح الفرص ذاتها للأفراد جميعا على قدم المساواة، وتمنح الفئات كافة بما فيها تلك المستضعفة او المهمشة ادوات تساندهم في ايصال اصواتهم لإحداث تغيير في واقعهم.فجوة رقمية تشكل أحد تحديات عملية التحول الالكتروني في المجالات كافة، وتشكل عائقا ايضا امام عملية الشمول الرقمي التي باتت مطلبا اساسيا في عصر التكنولوجيا الناشئة والذكاء الاصطناعي.ان فجوة رقمية قائمة او آخذة في الاتساع، هي بالضرورة أحد معيقات عملية التنمية المستدامة، هذه العملية المستمرة ذات الاهداف السبعة عشر والتي تشكل الرقمنة فيها ضرورة لازمة لتسريع وتيرتها وضمان شمولها للفئات كافة خاصة للمهمشة منها تحقيقا لغاياتها حتى لا يبقى أحد بالخلف.واليوم وبقدر ما تشكل التكنولوجيا المستحدثة والذكاء الاصطناعي فرصة مهمة وأداة لمزيد من تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والتمتع بها، واعتبارها أداة من أدوات السعي نحو تحقيق المساواة، وهو الامر الذي اكدته خريطة الطريق من أجل التعاون الرقمي، ودللت على ذلك عندما اشارت الى أن جائحة كورونا كانت شاهدا على اسهام التكنولوجيا الرقمية في مواجهة هذا التهديد واستمرار التواصل بين الافراد، مبينة كيف أن التكنولوجيا المتقدمة قامت بتحليل آلاف المركبات من الأدوية لتحديد ما يمكن ترشيحه منها لصناعة العلاجات واللقاحات، وكذلك مكنت من مواصلة التعليم والأنشطة الاقتصادية وغيرها. بالرغم من ذلك، وعلى الجانب الآخر فإنها تشكل اداة لمزيد من التهميش والاقصاء خاصة في ظل التفاوت البيّن في قدرة الافراد على امتلاك هذه التكنولوجيا تبعا للظروف الاقتصادية وانتشار الفقر والامية الرقمية.يضاف الى ذلك كله التحكم في مدخلات هذه التكنولوجيا الناشئة وخاصة الذكاء الاصطناعي، فأصبحنا امام خوارزميات غير عادلة في كثير من الاحيان، مما يعني على المدى البعيد مزيدا من اتساع الهوة في العدالة الاجتماعية بالنظر الى اتساع الهوة في غياب العدالة الرقمية.في عصر الذكاء الاصطناعي تبدو عملية ردم الفجوة الرقمية أولوية لتحقيق الشمول الرقمي والسعي نحو عدالة رقمية واجتماعية وعدالة بالنتيجة تطال مناحي الحياة كافة، وأي حديث عن تنمية مستدامة في ظل فجوة رقمية متزايدة يشكل غيابا لحلقة مفصلية في خريطة طريق الوصول الى مجتمع تنموي مستدام قادر على احتواء الفئات كافة واستثمار قدراتها في مناخ من العدالة والمساواة.