logo
(هنا ام درمان) وإخواتها.. على أثير أغصان الزيتون أو البندقية

(هنا ام درمان) وإخواتها.. على أثير أغصان الزيتون أو البندقية

التغيير١٣-٠٢-٢٠٢٥

منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
تقرير: سمية المطبعجي
هنا أم درمان) صوت الوعي وتشكيل الوجدان السوداني، صوتها، الإذاعة السودانية، المنبر الإعلامي الأول الذي لعب دوراً محوريًا في السودان خلال مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار. حيث بثت العديد من البرامج الثقافية والسياسية التي أسهمت في نشر الوعي الوطني وتعزيز الحركة الوطنية ودعم المطالب السودانية نحو الاستقلال حينها، ثم معين الأدب والفن والثقافة في تلك الفترة أيضا وما بعدها في فترات لاحقة للعديد من المجتمعات داخل السودان.
نستدعي ذكرها وتاريخها المجيد والعالم يحتفل اليوم الذي يصادف الثالث عشر من فبراير باليوم العالمي للإذاعة، ويأتي هذا العام تحت شعار (الإذاعة وتغير المناخ)، بهدف تسليط الضوء على دور الإذاعة في نشر الوعي حول قضايا تغير المناخ وتعزيز الحوار المجتمعي حول الحلول المستدامة. فيما السودان منشغلاً بحرب تهدد وجوده وتغطي بالفعل على قضية المناخ الحيوية أيضا.
هنا (ميدان الإرسالية) صوت المستعمر
إنطلق صوت الإذاعة السودانية من ميدان الأرسالية بالخرطوم، بالقرب من موقع جامعة الخرطوم بشارع النيل في الثاني من مايو 1940. الخبير الإعلامي وزير الإعلام الأسبق بروفيسور على محمد شمو تحدث ل (مداميك) : ' .. الإذاعة السودانية نشأت بعد 19 سنة فقط من نشأة أول إذاعة في العالم على نظام دولي في 15 أكتوبر 1920 ، وهي إذاعة KDKA في فلادلفيا بالولايات المتحدة ..' . نشأت في فترة الاستعمار البريطاني بغرض خدمة أهدافه إبان الحرب العالمية الثانية وكانت تمول من وزارة الخارجية البريطانية . وكان البث يقتصر على ساعتين يوميًا لنقل الأخبار والتوجيهات إلى المواطنين، ببث الأخبار الرسمية والبيانات الحكومية التي تهدف لدعم المجهود الحربي في ونشر الدعاية البريطانية ضد دول المحور ، والسيطرة على تدفق المعلومات والتوجيه الإعلامي ومنع انتشار الأفكار الوطنية التي قد تدعو للاستقلال، وتوجيه المجتمع السوداني وفق سياسة المستعمر ومنع تأثير الإذاعات الأخرى.
(هنا ام درمان)
(هنا أم درمان) إسم إختلف معه الزمان والمكان مبنى ومعنى عقب إنتقال الإذاعة السودانية إلى مدينة أم درمان العاصمة الوطنية في العام 1945، لتلعب دوراً ريادياً وتصبح رمزًا للإعلام الوطني الذي يعكس الهوية السودانية ويعبر عن صوت الحركة الوطنية. فبدأت الإذاعة السودانية في الانفكاك من الأهداف الاستعمارية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وتحديدًا بعد عام 1951 عندما بدأ ظهور الوعي الوطني في التنامي نتيجة لتطور الحركات السياسية والمطالبة بالاستقلال، التي كانت تحظى بدعم شعبي كبير. فكانت الإذاعة السودانية إحدى الأدوات الرئيسية التي استخدمتها الحركة الوطنية لدعم تلك المطالب. فقامت بتغطية الأنشطة السياسية للحركات السودانية ودعوات الوحدة مع الجنوب والاهتمام بابراز الهوية الوطنية فكانت الوسيلة الرئيسية لبث الأنباء الخاصة بالاستقلال، ما زاد من شعبيتها وتأييدها بين الناس. فكانت برامج 'صوت الأمة'، 'الحركة الوطنية' ، 'الآراء الحرة' ، 'شباب السودان' و 'دور الفن في المقاومة' الذي كان يُبث في إطار تعزيز الوعي الوطني من خلال التراث الثقافي والفن كأدوات مقاومة ضد الاستعمار وناقش أغاني الكفاح ضد المستعمر، التي ساعدت في رفع الروح المعنوية للمواطنين وتوحيدهم حول قضية الاستقلال .
تتشكل الإذاعات بتشكل الأنظمة
بوجه عام ظلت الإذاعة القومية والإذاعات التي نشأت بعدها متأثرة بشكل مباشر بالأنظمة السياسية الحاكمة، فكانت بين التطور النسبي وبين الحد من الحرية والتأثير. فعلى الرغم من تقديمها لمحتوى ثقافي وتعليمي محدود وعدم تعبيرها عن تطلعات الشعب السوداني في فترة الاستعمار، إلا أنها ساهمت في تعزيز الوعي السياسي بين السودانيين. اما فترة الحكم الوطني الأول عقب الاستقلال فقد أصبحت الإذاعة القومية منصة وطنية لتعزيز الاستقلال والأجندة الوطنية، وتوسع البث ليشمل لغات محلية متعددة واتسعت مساحة المحتوى الثقافي والادبي والموسيقي. وفي العهد العسكري الأول تحت نظام إبراهيم عبود (1958- 1964) رغم تحديث البنية التحتية وزيادة ساعات البث، إلا انها تعرضت لقيود صارمة فيما يتعلق بحرية التعبير وأصبحت أداة لنشر سياسات النظام . وفي فترة الديمقراطية الثانية (1964- 1969) والثالثة (1985- 1989) شهدت إنفتاحاً وتنوعاً للبرامج السياسية والاجتماعية وتميزت بحرية التعبير ، ولكن ضعف التمويل أثر على قدرتها على التوسع والتطور التقني. وكانت في عهد الرئيس نميري أداة لنشر فكر النظام والترويج لحزبه الواحد (الاتحاد الاشتراكي السوداني)، ومع ذلك شهد اطلاق اذاعات إقليمية . كذلك كان الحال في عهد النقاذ (1989- 2019).
الخبير الإعلامي وزير الإعلام الأسبق بروفيسور على شمو قال لـ(مداميك) : ' .. كان الراديو دوماً محتكرأ من قبل الدولة ولكن حدثت ضغوط عالمية لإنهاء ذلك الاحتكار ، وفي العام 2005 شكلت الحكومة السودانية لجنة لذلك برئاستي مع الدكتور الراحل الطيب حاج عطية واخرين .. اللجنة أوصت برفع الاحتكار وتكوين إذاعات حرة فظهرت إذاعات FM مملوكة لشركات وأفراد ومؤسسات بلغ عددها لأكثر من 40 إذاعة ولم يكن لهيئة البث القدرة على مراقبة المحتوى…'.
على الرغم من أنشاء الإذاعات المتخصصة والولائية وانتشار محطات FM ، التي انتشرت بالعشرات في العاصمة والولايات ، وظهور اذاعات متخصصة اتاحت الوصول المحلي السريع فاضحت اكثر قربا من الجماهير والتفاعل معهم ومع قضاياهم باللهجات المحلية ومساهمتها في ابراز مواهب شابة، مع ذلك اشارت بعض التقييمات الي ان تلك الإذاعات في غالبها لم تستغل بالصورة المثلى في تناول القضايا الجادة والتحقيقات والبرامج التحليلية المتعمقة . وظل ضعف التمويل دوما العقبة الكؤود الذي يعيق مسيرة تطورها، فضلا عن التدخلات السياسية التي تحد من حرية التعبير . بروف شمو قال حول ذلك : ' .. على الرغم من التصديق للإذاعات الخاصة ولكنها كانت محكومة بعدم إدخال المحتوى السياسي في المحتوى ، ولكن المواضيع لم تكن ذات قيمة بمستوى متدني .. وتمول تجارياً عبر الإعلانات بواسطة ملاكها ..'.
عصر الانترنت تحديات وفرص
ارتبطت الإذاعة منذ حقبة الخمسينات والستينات بالجمهور والتفاعل معه عبر رسائل البريد، فكانت تلك البرامج اكثرها نجاحا وارتباطاً وجدانياً بالمستمعين، فاسهمت في تطوير الأغنية السودانية وتنظيم ونقل الحفلات الحية . كما إهتمت بقضايا الاسرة والناس ومشاكلهم الاجتماعية والشخصية فكان براامج مع (الناس) و (مشكلة الأسبوع) و(زاوية المستمعين) . وواكبت الإذاعة السودانية (هنا ام درمان) التقنية الرقمية منذ بداية الألفية واستفادت من البرمجيات الحديثة في التشغيل والإنتاج فمكنت الجمهور من الاستماع اليها في جميع بقاع العالم، عبر الهواتف المحمولة وأجهزة ال MP3 واصبح لها مواقع الكترونية خاصة . ومؤخراً أحدثت التطورات الرقمية في البث الرقمي و وسائل التواصل الاجتماعي تحولات كبيرة في الإعلام السوداني، بما في ذلك الإذاعات. ووفرت وسائل التواصل الاجتماعي منصات مثلت فرصًا للإذاعات للنشر والتفاعل المباشر مع الجمهور، وانتشرت إذاعات تبث من الخارج مستهدفة مناقشة وعكس قضايا تهم الناس بمحتوى متنوع متعمق التحليلات في استقلالية تامة. فلم يعد احتكار المعلومة والتحكم في نشرها مجدياً، ومع ذلك ظلت معظم الإذاعات السودانية تحت إمرة السلطات ولم تستطع التكيف مع مجريات التقدم التكنولوجي ليمضي جمهورها في التساقط خاصة من شريحة الشباب . وقد وفر البث عبر الانترنت وإتاحة التطبيقات مثل بودكاست وتيك توك وصفحات الفيسبوك، منصات رقمية لصناعة محتوى اكثر جاذبية نافس بعضها تلك الإذاعات .
بين أبواق الدعاية والخروج عن الخدمة
شكلت الحرب الدائرة في السودان منذ ابريل 2023 نتائج كارثية على وسائل الإعلام السودانية وأدت الى تراجع دورها في المجتمع، حيث تم استهدافها وخرج معظمها عن الخدمة . وتعرضت الإذاعة السودانية للاقتحام والسيطرة من قبل قوات الدعم السريع وتوقفت عن البث تماماً لفترة طويلة. وأدى كذلك انقطاع التيار الكهربائي وشبكات الاتصالات الى انقطاع البث الإذاعي في أجزاء واسعة من البلاد التي تعرضت محطات البث فيها الى التخريب والتدمير . الإذاعة القومية التي استطاعت البث من خارج الخرطوم وغيرها من الإذاعات الولائية والخاصة ، أصبحت منصات دعائية لأطراف النزاع لتصبح الإذاعات المحلية بشكل خاص أداة من أدوات الصراع، مما افقدها المصداقية لدى الجمهور الذي فضل اللجؤ الى منصات التواصل الاجتماعي، مثل البث الحي على الصفحات الخاصة والمحطات الاذاعية عبر الانترنت وسيلة لجأ إليها العديد من الإعلاميين والناشطين، كمصادر بديلة، والتي لم تخل معظمها من استغلالها في الابتزاز السياسي، الأمر الذي يضع أمر المصداقية على المحك في ظل الصراع الماثل .
تجارب على أثير السلام والبندقية
ولا يذكر دور الإذاعات في تأجيج الصراعات وتحقيق وبناء السلام، إلا وتذكر التجربة الرواندية في الحرب الأهلية عام 1994 والتي استخدمت فيها إذاعة (ميل كولين) كأداة للتحريض والعنف ضد أقلية التوتسي، بتوظيفها في إثارة الكراهية وتوجيه دعوات صريحة لإبادة التوتسي ، لتتسبب في إبادة جماعية وصفت بأنها الأفظع في التاريخ حتى ذلك الوقت. وحوكم الإعلاميين المسؤلين عن تلك الإذاعة بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية. كذلك تسببت الإذاعات القومية في حرب يوغسلافيا السابقة في نشر أخبار ملفقة وكاذبة أدت الى حرب أهلية دامية .
وفي المقابل كان لراديو (الحقيقة والمصالحة) بعد إنتهاء الحرب في سيراليون دوراً أساسياً في نشر رسائل السلام والتسامح، بتقديمه برامج حوارية بين الضحايا والمقاتلين السابقين وتسليط الضؤ على القصص الإنسانية حول المصالحة، مما ساعد على إبراء الجراح وبناء الثقة داخل المجتمع ونزع فتيل التوترات.
وفي كولمبيا استخدمت الإذاعات المحلية والدولية أثناء مفاوضات السلام بين الحكومة والمتمردين من جماعة FARC ، لنشر رسائل تدعو المقاتلين لالقاء السلاح والانضمام للمجتمع ، ونشر قصص الناجين من الحرب والتوعية بأهمية السلام وإعادة الإندماج ، لتساعد في تحقيق سلام بعد صراع دام أكثر من 50 عاماً.
الإذاعة ، الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيرا في السودان حتى الآن رغم انتشار وتوسع الاعلام البديل، إذ توفر تغطية واسعة للمناطق والمجتمعات الريفية في المناطق النائية في ظل ضعف البنية التحتية للاتصالات والتوترات السياسية والأمنية والصراعات في معظم تلك المناطق، تظل سلاحاً ذو حدين يجب توظيفه بحكمة ومسؤولية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي
السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي

التغيير

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • التغيير

السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي

السودان … خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي جمال محمد إبراهيم (1) تتزايد تعقيدات المشهد السوداني يوماً بعد يوم، فيما توغل الحربُ الكارثيّة في عامها الثالث، ويتواصل النزيف الذي سبّبته تلك الحرب، ويتواصل قتل الأبرياء من أبناء الشعب السوداني بلا أفقٍ يوقف تلك الحرب، وإنّ كلّ يومٍ يمرّ على تلك الكارثة التي تجري فصولها داخل السودان، لا يُخفي على المتابعين رصد امتداداتها خارج السودان، بما يُخرج تصنيف هذه الحرب الكارثية من كونها حرباً أهلية إلى صيرورتها حرباً إقليمية بامتياز، بسبب تدخّلات وتقاطع أجندات ومصالح لأطرافٍ تقع وراء حدود السودان الجغرافية المعلومة. إنّ التحوّلات التي طرأت على طبيعة الحروب في سنوات الألفية الثالثة، تجاوزت ما شاع في سنوات القرن العشرين، ممّا وقع من حروبٍ بالوكالة، أو حتى عبر تجنيد مرتزقة أو جواسيس. تلك أمور لم تعد لها صلاحية في السنوات الماثلة، سنوات الثورة الرقمية واتساع رقعة الشفافية المعلوماتية، وانكشاف بقاع العالم بعضها على بعض بحيثيّات افتراضية كاسحة. تلك تطوّرات أدخلت العالم مرحلةً تجاوزت عبرها المعطيات التقليدية التي ظلّتْ سائدةً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، بقصد كبح جماح الصراعات التي قد تنشب بين أطراف المجتمع الدولي، وفق التعريف الذي بدأ يتهاوى في سنوات الألفية الثالثة. (2) إنّ نظرةً واحدةً إلى مجمل الصراعات التي تحوّلتْ حروباً طاحنةً، مثل ما وقع بين روسيا وأوكرانيا، أو حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني، أو الحرب الدائرة في السودان بين أطرافه الداخلية بامتداداتها الخارجية، تُقنع أيَّ متابعٍ أن ما توافق عليه المجتمع الدولي من مبادئ لحفظ السلم والأمن الدوليَّين، بات هرطقةً لغويةً لا علاقة لها بالواقع الماثل. إنّ جميع هيئات ومنظّمات المجتمع الدولي، باتت محض ظواهر صوتية، تجعجع من دون طحين، وتولول لموت قتيل ولا تملك أن تعاقب قاتِلَه. لم يلتفت رئيس إسرائيلي إلى أيّ طرف (دولي أو غير دولي) ليدير ما يشبه حرب إبادةٍ جماعيةٍ لشعبٍ فلسطينيٍّ أعزل، يُذبح وتدمّر مدنه وقراه ويُجبر على الخروج إلى الدياسبورا (الشتات). كأنّ زعماء الدولة الصهيونية ينتقمون من عرب فلسطين ويذيقونهم ما ناله اليهود عبر تاريخهم في الشتات الطويل، إنهم يصنعون دياسبورا عربية، مستغلّين عجز المجتمع الدولي عن ردعهم، ومتّكئين على سيطرتهم (بطريق غير مباشرة) على أطراف دولية نافذة ارتهنت إراداتُها لهم. (3) ثمّ نرى تصاعد الاشتباكات بين روسيا وأوكرانيا، حرباً يقف العالم أمامها على أطراف أصابعه، إن تواصلت تعقيدات تلك الحرب لتكون حرباً نووية تأخذ العالم إلى إفناءٍ متبادل. تراجعت تلك الحرب بفراسخ بعيدةً من المجتمع الدولي، لتعزِّز عجز منظّماته عن التذكير بقيم ومبادئ حفظ السلم والأمن الدوليَّين. هكذا بقيتْ الأمم المتحدة (غير مأسوفٍ عليها) ظاهرةً لسانيةً مبحوحةَ الصوت. أمّا الحرب الدائرة في السودان فظلّت (مع تنافس أطرافها، وبعضهم قبِلَ أن يكون وكيلاً لأطرافٍ خارجيةٍ في تدمير ثاني أكبر دولة مساحةً ومواردَ وسكّاناً) شأناً منسياً، وتعجز حتى المنظّمة الأممية عن لجم الاشتباكات فيها، وهي دولة من دول العالم الثالث الهشّة. إن التصعيد الماثل في حرب السودان، وفي مشهد من مشاهد الحروب التي تُدار اشتباكاتها بأسلحة الجيل الجديد الافتراضية، من طائرات بطيّارٍ أو من دون طيار، أو بمسيّرات انتحارية أو ذكية تدمِّر وتهرب، يتجاوز تصنيفها محض حربٍ أهلية داخلية، لتكون حرباً إقليمية افتراضية، تتقاطع في فضائها مصالحُ بلدانٍ في الإقليم، وربّما خارج الإقليم. إن الاشتباكات والضربات الموجعة في الحرب السودانية، من أطراف يصعب رصدها، قد تفتح باباً لشكوك حول استهداف من بعد يأتي من جهات وراء حدود السودان. (4) لعلّ الأخطر في مشهد السودان الماثل إصرار الأطراف المتقاتلة على المضي في الاشتباكات بدعمٍ من أطرافٍ خارجيةٍ خفيّة، بما قد يفضي إلى تصعيد تظهر معه هذه الأطراف الخارجية بصورة جليّة. إن إقدام السلطات العسكرية في السودان، خاصّة بعد تعمّد استهدافها في مقرها في العاصمة المؤقّتة، لإعلان موافقتها على استضافة قاعدة عسكرية روسية في السواحل السودانية للبحر الأحمر، سيفتح باباً لتدويل عسكري لكامل الدول المشاطئة لذلك البحر، وإن التصعيد الذي يجري في معاقبة الحوثيين في اليمن، بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة، يجعل من احتمالات جعل ذلك الإقليم ساحةً لمواجهات إقليمية ودولية أيضاً. ويبقى على السلطات العسكرية في السودان أن تتحسّب لتلك التطوّرات، وإلّا ستكون طرفاً في مواجهاتٍ عسكريةٍ ذات أبعاد إقليمية، وربّما دولية، لن يُكتب بعدها للسودان إلّا الفناء.

محاولات فاشلة للإسلامويون للعودة وطمس الهوية والتاريخ – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان
محاولات فاشلة للإسلامويون للعودة وطمس الهوية والتاريخ – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

التغيير

time٠٣-٠٤-٢٠٢٥

  • التغيير

محاولات فاشلة للإسلامويون للعودة وطمس الهوية والتاريخ – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

تاج السر عثمان بابو ١ يواصل الإسلامويون مع صنيعتهم الدعم السريع تصعيد نيران الحرب الفتنة القبلية والعنصرية التي تقود للمزيد من تمزيق وحدة البلاد، في محاولات فاشله للعودة للحكم وطمس الهوية الوطنية والتاريخ، كما في تصريحات عبد الرحيم دقلو باحتياج الشمالية، والتصريحات المضادة للإسلاميين بمحو دارفور. فما يحدث الآن من ممارسات الحركة الإسلاموية في تصعيد نيران الحرب، ولاسيما بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد لهم التمكين، وإطلاق سراح المعتقلين من المجرمين والمطلوبين للجنائية الدولية، وحتى أخيرا بعد انسحاب الدعم من العاصمة بإطلاق سراح بكري حسن صالح ويوسف عبد الفتاح. الخ، والجرائم التي ترتكبها عصابات البراء بن مالك كما في القتل خارج القانون، وقطع الرؤوس وبقر البطون، وغير ذلك من الجرائم البشعة ضد الانسانية، وتعديلات البرهان للدستور لفرض حكم عسكري اسلاموية مطلق، ومحاولة تكوين الحكومة الموازية من الدعم السريع وحلفائه، والحملات الهستيرية العنصرية من طرفي الحرب، وطرح البديل مكتبة الترابي لما تم فقده من المتحف الوطني للتراث بدلا عن أصنام ترهاقا وبعانخي. الخ، في محاولة بائسة لمحو التاريخ السوداني، وخطر فصل دارفور كما تم فصل الجنوب. وغير ذلك من ممارسات 'داعش' التي كما أوضحنا سابقا، التي هي امتداد لنشاط الحركة الإسلاموية في السودان التي قامت على الإرهاب والعنف ، كترياق للحداثة والتطور الإجتماعي الذي شهده السودان بعد الحرب العالمية الثانية، وكرد فعل لنمو ونشاط الحركة الشيوعية السودانية في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ولم تكتف بذلك، بل تبنت أشكال عملها وتحالفاتها التكتيكية والاستراتيجية في العمل التنظيمي والجماهيري على سبيل المثال : اتخذت وسط الطلاب اسم (الاتجاه الإسلامي) مقابل (الجبهة الديمقراطية) ووسط الشباب ( الاتحاد الوطني للشباب ) مقابل ( اتحاد الشباب السوداني)، ووسط النساء الاتحاد الوطني للنساء ) مقابل ( الاتحاد النسائي السوداني)، وكذلك الحال وسط المهنيين والأشكال الجبهوية على النطاق الوطني التي دخل فيها الحزب الشيوعي السوداني. وبالتالي يتضح الطبيعة والنشأة الطفيلية لهذا التنظيم العاجز عن اتخاذ الأشكال التنظيمية التي تنبع من فكره وجهده في دراسة الواقع. – رفعت الحركة الاسلاموية الشعارات المبهمة التي لاتغني ولاتسمن من جوع مثل: (الاسلام هو الحل) ، اذ ما معنى أن الإسلام هو الحل؟ ، وحل لماذا؟، والشعارات المضللة حول (العلمانية) باعتبارها كفر ورذيلة ودعوة للتحلل الخلقي والإلحاد ومؤامرة صهيونية ضد الإسلام. الخ، في حين أن (العلمانية) هي دعوة لأن تكون السياسة ممارسة بشرية تقبل الخطأ والصواب ، بدون قداسة وحكم زائف باسم السماء، وأن العلمانية لاتعني استبعاد الدين من حياة المواطنين، فما علاقة ذلك بالالحاد والتحلل الخلقي والمؤامرة الصهيونية…الخ؟؟؟!!!! الفرية الثانية في شعارات الحركة الإسلاموية هي الدعاية المضللة ضد (الشيوعية) وتصويرها بأنها كفر والحاد ودعوة للرذيلة وغير ذلك من الاوصاف التي لايقبلها العقل والفكر السياسي الحديث، في حين أن (الشيوعية) دعوة لاقامة مجتمع خالي من كل أشكال الاستغلال الطبقي والعنصري والديني والاثني والجنسي ، وتحقيق الفرد الحر باعتباره الشرط لتطور المجموع الحر، فما علاقة ذلك بالكفر والرذيلة والتحلل الأخلاقي ..الخ؟!!!. ٢ – لم تبذل الحركة الاسلاموية جهدا معتبرا في دراسة واقع السودان وتركيبته الاجتماعية والاقتصادية وتطوره التاريخي، ولم تقدم رؤي منتجة وفعّالة لحل مشكلة الأقليات في السودان، وقضايا الإصلاح الزراعي والصناعي والتعليم والصحة..الخ، وعندما وصلت تلك الحركة للسلطة لم تفعل شيئا سوي أنها تبنت سياسة الاقتصاد الحر في ابشع صوره، وخصخصة القطاع العام، و(روشتة) صندوق النقد الدولي بسحب الدعم عن التعليم والصحة والخدمات والسلع الأساسية، وهي سياسات أفقرت الشعب السوداني بحيث أصبح 95% منه يعيش تحت خط الفقر فأي إسلام هذا؟! كما دمرت هذه السياسات القطاع العام عن طريق الخصخصة، وتم تدمير وبيع مرافق السكة الحديد ومشروع الجزيرة والنقل النهري..الخ ، ولم يتم تخصيص جزء من عائدات النفط لدعم الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والخدمات، بل نهب الإسلامويون عائداته وهربوها للخارج والتي تقدر بأكثر من ١٠٠ مليار دولار، كما تم تدمير الخدمة المدنية من خلال تشريد الآلاف من الكوادر المؤهلة والمدربة لأهداف سياسية، كما تم ادخال نظام التعذيب الوحشي حتي الموت للمعتقلين السياسيين، كما عمّقوا التفرقة العنصرية والحروب الدينية ومزقوا وحدة البلاد و فرطوا في سيادتها الوطنية كما في احتلال حلايب والفشقة، وانفصال جنوب السودان ، اضافة لتعميق مشكلة دارفور والتي اصبحت مأساة حقيقية جعلت رئيس النظام مطلوبا أمام محكمة الجنايات الدولية. ٣ كل ذلك يوضح مدى تخبط هذه الحركة التي ذابت داخل السلطة، ونشأت من صلبها مجموعة رأسمالية طفيلية فاسدة حتى نخاع العظم، و تناسلت وتكاثرت داخل تلك البحيرة الراكدة التنظيمات السلفية الارهابية ' داعش،..الخ' التي تكفر الجميع. ولم تقدم الحركة نموذجا للتنمية والديمقراطية يحتذي بها رغم وجودها في السلطة لحوالي ٣٠ عاما ، وحتي الصيغ الاسلاموية التي قدمتها كانت فاشلة مثل نظم: البنوك الاسلامية ( زيادة الربا) ، ونظام السلم، والزكاة، ولم تسهم تلك النظم في التنمية وخلق نظام اجتماعي عادل. كما لم تنتج هذه الحركة حتى بعد الوصول للسلطة وتسخير كل إمكانياتها لها فنا أو ادبا يذكر ، اضافة لخلوها من الطاقات المبدعة والخلاقة وعيشها في فراغ ثقافي، كما لم تنتج دراسات عميقة في الواقع السوداني كما أشرنا سابقا. اضافة الى ان اخطر ما في دعوة الحركة الاسلامية هو: اعتبار كل تاريخنا الثقافي منذ ممالك السودان القديمة والنوبة المسيحية جاهلية، وإلغاء وتحطيم آثار تلك الفترة بوسائل وطرق غير مباشرة وماكرة، كما فعلت ' داعش' في سوريا والعراق. ٤ – ارتبطت الحركة منذ نشأتها بالارهاب والانظمة الديكتاتورية مثل: محاولة اغتيال الحاكم العام روبرت هاو ، وتأييد انقلاب 17 نوفمبر 1958م( نظام عبود) والدخول في (حالة كمون) كما أشار د. الترابي خوفا من القمع كما حدث لحركة الاخوان المسلمين في مصر، حتي تحركوا في السنوات الأخيرة وركبوا موجة المعارضة التي تصاعدت ضد النظام. وبعد ثورة أكتوبر 1964م خططوا لمؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في خرق واضح للدستور وانتهاك لاستقلال القضاء برفض قرار المحكمة العليا لقرار الحل وباعتباره غير دستور ، مما خلق أزمة في البلاد، كان من نتائجها انقلاب 25/5/1969م. كما أدخلوا العنف في الحياة السياسية وخاصة وسط الطلاب والهجوم المسلح علي دور الحزب الشيوعي بعد قرار حله، والهجوم على معرض الفنون الشعبية الذي اقامته جمعية الثقافة الوطنية والفكر التقدمي بجامعة الخرطوم عام 1968م، والهجوم على معرض الكتاب المسيحي بجامعة الخرطوم وحرقه، وتكوين التشكيلات العسكرية التي استخدموها في العنف في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حتى نفذوا انقلاب 30 يونيو 1989م، واقاموا دولة ارهابية فاشية ودموية حولت حرب الجنوب الي دينية، ونتجت منها فظائع عمقت جراح الوطن وكرست الدعوات الانفصالية. كما ايدوا محكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، وباركوا إعدامه عام 1985م بعد قوانين سبتمبر1983م. كما تحالفوا في جامعة الخرطوم عام 1972م مع نظام النميري والغوا دستور التمثيل النسبي وادخلوا نظام الحر المباشر والذي عن طريقه صادروا الديمقراطية وربطوا الاتحاد بالتنظيم، وعطلوا الجمعية العمومية وتقديم خطاب الدورة لها عقب نهاية كل دورة للاتحاد، كانت تلك التجربة(تجربة ربط الاتحاد بالتنظيم) خطوة لربط الدولة بالتنظيم بعد انقلاب 30 يونيو 1989م. – التحالف مع امريكا في الحرب الباردة ضد الشيوعية والمعسكر الاشتراكي ، الخ. – عارضوا اشتراك المرأة في السياسة حتي فرضت عليهم الأحداث ذلك بعد ثورة اكتوبر 1964م، ثم بعد ذلك ركبوا الموجة وجاءت اجتهادات د. الترابي لتبرير اشتراكها في انتخابات الطلاب والانتخابات العامة. – رغم التحولات في بنية الحركة الاسلامية والاصلاحات التي أحدثها د. الترابي فيها بعد انقلاب 25 مايو وطرحه للتجديد في الشكل لا المحتوي الذي ظل بائسا و مكرسا للاحادية والتسلط حتى داخل التنظيم مثل الدخول في السوق وإدخال التقنية الحديثة ( كمبيوتر وادوات اتصال ووسائل اعلامية وادارية حديثة..)، الا أنه بعد انقلاب 30 يونيو 1989م تم خلق فئة رأسمالية اسلاموية طفيلية نهبت قطاع الدولة، وأغلب هذه الفئة جاءت من أصول اجتماعية متواضعة بعد أن استفادت من مجانية التعليم والغتها بعد الوصول للسلطة!!!. ٥ – تكرار تجارب الفاشية والنازية باسم الإسلام ، ويتضح ذلك في بداية انقلاب الإسلامويين عندما استخدموا ابشع اساليب الاعتقالات والاغتيالات والتعذيب الوحشي وتشريد الالاف من اعمالهم ومحاولة محو التاريخ السوداني من الذاكرة السودانية وفرض مناهج للتعليم تكرس لايديولوجية التنظيم الاحادية وضيقة الافق، وتضخيم الاجهزة الأمنية وزيادة ميزانيتها لتصل إلى اكثر من 75% من الميزانية العامة وتقليل ميزانيتي التعليم والصحة، والصرف الضخم علي جهاز الدولة والاعلام المتضخم وارتباط الحزب بالدولة ، والسيطرة علي النقابات وربطها بالدولة عن طريق ما يسمى بنقابة المنشأة وتزوير انتخابات نقابات العاملين والمهنيين واتحادات الطلاب والانتخابات العامة وصرف من لايخشى الفقر على تلك المهزلة المسماة زورا انتخابات، اضافة لتوسيع قاعدة القمع بذرائع ايديولوجية والمضايقات الشخصية للمواطنين وأصحاب الديانات المسيحية وكريم المعتقدات عن طريق ما يسمى بقوانين النظام العام، اضافة الي الغاء ونفي الآخر، وتحويل حرب الجنوب في بداية انقلاب الانقاذ الي حرب دينية حتى. تم انفصاله. ٦ كانت حصيلة نظام الإسلامويين : أنه الأكثر فسادا وارهابا وقمعا في تاريخ السودان، بحيث استطاعت الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية انجاز تراكمها الرأسمالي بواسطة القمع سياسيا والنهب إقتصاديا، و تم تشريد وتعذيب واعتقال واغتيال الآلاف من المعارضين السياسيين وأبناء المناطق المهمشة، ومصادرة الحريات السياسية والنقابية، وتم توسيع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان، وكانت النتيجة تمزيق أوصال البلاد واثارة النعرات العنصرية والقبلية، وانفصال الجنوب. ٧ •كان من أهم سمات حكم الطفيلية الاسلاموية نقض العهود والمواثيق المراوغة ، ورفع شعار الحوار لاطالة عمر النظام ،والتفريط في السيادة الوطنية، وبيع أراضي البلاد باثمان بخسة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وتبديد الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية من خلال تهريبه للخارج، والاستثمار في النشاط العقاري في الخارج، علي سبيل المثال :قدرت صحيفة امريكية أن رأس المال الاسلاموي السوداني الدائر في ماليزيا وحدها يقدر ب 22 مليار دولار، اضافة الي تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي علي جهاز الدولة الطفيلي المتضخم والاحتفالات والمؤتمرات والافراح والاتراح والتي تقدر بملايين الدولارات. إضافة للفشل في انجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وفشل المشروع الحضاري بسبب انتشار الفساد في البر وفي البحر بسبب السياسات الخرقاء لحكام الطفيلية الاسلاموية، بل اصبحت ديون السودان الخارجية أكثر من ٦٠ مليار دولار . حتي وصل النظام مرحلة التفسخ والتعفن والتحلل الشامل، واصبح ممزقا بتناقضاته الداخلية ومحاصرا من المجتمع الدولي بسبب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، حتى انفجر شعبنا ضده في ثورة ديسمبر التي كانت نتاجا لتراكم نضالي طويل ضد جرائم الإسلامويين، وما زالت مستمرة رغم تصعيد الحرب بهدف تصفيتها، مع المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب بهدف نهب ثروات البلاد.. وبعد ثورة ديسمبر شاركوا في قمع الثورة ومجزرة فض الاعتصام، وفي انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين وادي للحرب الجارية حاليا. وكان من الطبيعي أن يفرز هذا النظام من صلبه تنظيمات إرهابية سلفية ظلامية مثل 'داعش' والبراء بن مالك. الخ. ٨ وبالتالي أصبح لابديل غير تشديد النضال الجماهيري من أجل: وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، واثار البلاد المنهوبة، والتنمية المتوازنة، وحماية السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية، وغير ذلك من أهداف الثورة.

جريمة فض الاعتصام..اسألوا اللواء بحر
جريمة فض الاعتصام..اسألوا اللواء بحر

التغيير

time٠٢-٠٣-٢٠٢٥

  • التغيير

جريمة فض الاعتصام..اسألوا اللواء بحر

ولكن أين نجد اليوم اللواء بحر لنسأله عن دوره أو علاقته بتلك الجريمة القذرة البشعة، فالرجل راح ضحية حادثة طائرة أم درمان المشؤومة ضمن مجموعة من جنرالات الجيش وعدد من المدنيين، تلك الحادثة التي اختلف حول أسبابها ودواعيها الناس (سنأتي عليها)، فمن أين لنا باللواء بحر لنسأله الان وهو بين يدي ربه العزيز المقتدر غير الملكان منكر ونكير، أو كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم، وعن ابن عباس قال ثكلته أمه، وأنى له التوبة والهدى؟ والذي نفسي بيده ! لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول ثكلته أمه، قاتل مؤمن متعمدا، جاء يوم القيامة آخذه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دما في قبل عرش الرحمن، يلزم قاتله بشماله بيده الأخرى يقول سل هذا فيم قتلني، وعليه تبقى مطالبة اللواء الفاتح عروة لنا بسؤال اللواء بحر عن جريمة فض الاعتصام مردودة عليه، وعليه ان يجيبنا هو عن جريمة فض الاعتصام بدلا من ان يحيلنا الى اللواء بحر الذي غادر الدنيا بأكملها، فاللواء عروة وبحسب افادته هو شخصيا في لقاء مبثوث وموثق أكد بأن لديه المعلومات الكاملة والحقيقية عن جريمة فض الاعتصام ومرتكبيها (الواضحين والمعروفين) على حد تعبيره، بيد أنه امتنع عن الادلاء بما يعلم بحجة ضعيفة هي أنه غير مخول بالحديث عن جريمة فض الاعتصام ولا صفة رسمية له، وهل يحتاج قول الحق وكشف الحقيقة ونصرة المظلوم الى تخويل أو صفة رسمية، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، المهم أن عروة امتنع وتأبى وكتم الشهادة وأحالنا الى اللواء بحر بقوله أسألوا عنها اللواء بحر، (ولا أدري لماذا لم يقل أسألوا عنها نبيل أديب)، ولم يوضح عروة حتى مجرد علاقة اللواء بحر بجريمة فض الاعتصام أو دوره فيها، وهل هو ضالع فيها أم كان رافضا ومقاوما لها، صحيح أن للواء بحر رحمه الله وكل فقداء الطائرة علاقة بالجريمة القذرة، ولكن ماهي طبيعة وحقيقة هذه العلاقة، البعض يرى أنه ضالع فيها بل أنه كان المسؤول المباشر عن تنفيذ عملية الفض وعلى علم بكل تفاصيلها، بينما يرى بعض اخر أنه عارضها بعد أن عرضت عليه وكان رافضا لها، بل أن هذا البعض مضى الى أكثر من ذلك بالقول أنه وبسبب موقفه الوطني هذا الذي أدى الى اعفائه من الجيش رشحه البعض وقدموه لرئيس الوزراء د. حمدوك لشغل منصب والي ولاية الخرطوم، وأصحاب هذين الرأيين رغم اختلافهما حول علاقة اللواء بحر بجريمة فض الاعتصام، الا أنهم اتفقوا في تفسير سبب حادث الطائرة بأنه مدبر للتخلص من اللواء بحر باعتباره الصندوق الأسود لمجزرة فض الاعتصام والعالم ببواطنها وأسرارها، بينما عزا الجيش في بيانه المقتضب الذي أثار من الاسئلة أكثر مما قدم من معلومات، عزا الحادث للقضاء والقدر لعطل مفاجئ أصاب محركات الطائرة..الشاهد في كل هذه السرديات وغض النظر عن صحة هذه وكذب تلك، تبقى الحقيقة المجردة أن مجزرة فض الاعتصام ظلت تشكل البعبع المرعب لقيادة الجيش والدعم السريع معا ولكتائب الكيزان بحكم مسؤوليتهم المشتركة عنها، ولهذا دأب انقلابيو 25 اكتوبر 2021 بقيادة البرهان ومشايعييهم وحلفائهم من الفلول والكيزان، في تخطيط دائم و(حفر بالابرة) على حد قول البرهان قائد الانقلاب لتصفية ثورة ديسمبر ومن ثم طمر قضية فض الاعتصام الضالعين فيها، ومن كيدهم الذي سيرتد عليهم باذن الله، التعديل الذي أجروه مؤخرا على (بعاتي) الوثيقة الدستورية التي ذبحوها ودفنوها وأهالوا عليها التراب ثم عادوا ليبعثوها مثل البعاتي لخدمة أغراضهم، فقد عمدوا في هذه التعديلات لحذف البند السادس عشر من المادة الثامنة في الوثيقة البعاتية، الذي كان ينص في الوثيقة الدستورية على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الانتهاكات التي وقعت خلال فض الاعتصام في 3 يونيو 2019. وتم استبداله بعبارة تنص على إنهاء الحرب وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الشعب السوداني للعدالة وفقاً للقانون.وذلك بهدف تمييع قضية مجزرة فض الاعتصام بل وقتلها وتفريق دمها بين قبائل القضايا ولكن هيهات.. إن يوم الاثنين التاسع والعشرين من رمضان الموافق الثالث من يونيو عام 2019 سيظل هو يوم السودان الأكثر سوادا، وسيبقى محفورا فى ذاكرة الأجيال تجتره فى أسى جيلا بعد جيل، ذاك هو يوم فض الاعتصام المشؤوم، تلك الجريمة النكراء التي ستبقى وصمة لا تمحى وعارا لن يزول على القيادات العسكرية الذين احتمى بسوح قيادتهم العامة وأقاموا اعتصامهم حولها اولئك الشباب والشابات البواسل، ففي كل الأحوال لن تكون هذه القيادات بمنجاة من هذه الوصمة، فان لم يكن قرار فض الاعتصام من كيدهم وتدبيرهم فانهم على الأقل تقاعسوا عن حماية هؤلاء الشباب وغضوا الطرف وخلوا بينهم واولئك القتلة السفاحين، فمن العسير ابتلاع أي مبرر طالما أن تلك المجزرة والمقتلة وقعت أمام ناظريهم بل وبين ظهرانيهم، فما (حدس ما حدس) فى ذلك اليوم الأسود كان جريمة خطط لها المجرم بعناية وكان فى كامل الاستعداد والجاهزية بالسلاح والعتاد، بينما كان الضحايا سلميين ومسالمين عزل بل كانوا يستشعرون الأمان لكونهم فى استجارة قواتهم المسلحة، فتخير المجرم ساعة السحر حين كانوا نيام وهم صيام لتنفيذ جريمته البشعة الانتقامية الدموية الشيطانية بلا رحمة ولا وازع من دين ولا أخلاق، وكيف لا يفعل ذلك وهو في غاية الاطمئنان بعدم وجود من يتصدى له ويقارعه بالسلاح، وهذا ما يكشف أن هذه الجريمة لم تتم على عجل وانما بتخطيط وتنسيق وخطة محكمة وتأهيل وتهيئة للمنفذين حتى لا يرأفوا أو تأخذهم شفقة بالمعتصمين..وجريمة بكل هذه البشاعة والشناعة لن تنسى ولن تسقط أبدا ولن تطوى مهما حاولوا طيها ودغمستها والالتفاف عليها..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store