
السوريون وصراعُ "الظَالِمَيْن" النوويَّين...
ليس هذا الافتراض إشكالياً ألبتة، فالتحوّلات السياسية في بلدانٍ تآكلت فيها الأذرع الفارسية ولّدت مزاجاً عدائياً محموماً تجاه إيران، يُضاعف من احتماليّة نشوب حربٍ ملتهبة، رغبةً من الأخيرة بالانتقام من الإذلال الذي تجرّعته، في سورية تحديداً. بالتالي، يجب النظر في حقيقة أنّ الدول الحليفة لطهران يتمتع زعماؤها باستدامةٍ سياسية لن تنتهي صلاحيتها قريباً، (روسيا، الصين، كوريا الشمالية)، لذا سنرى تحالفاً مديداً بين هذه الدول يضع العالم دائماً على حافّة الخطر، ومع وجود فارق كبير في السياقات التاريخية تبقى النتائج مرهونة بالفجوة الإجمالية في القوة بين هذا التحالف المتعنّت والمعسكر الغربي التي تقوده أميركا، ومن خلفها إسرائيل.
بالتساوق مع ما تقدّم، صرّح هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركية السابق، في حوار له: "الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب، وإيران ستكون ضربة البداية، وسيكون على إسرائيل قتلَ أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط"، وعليه فصراع الظلّ بين المشروعين، الصهيوني والفارسي، في المنطقة العربية، يهوي في سقوط حر، خاصة أنّ كوابح الحرب تبدو أضعف مما تبدو عليه عادة، بعدما شنّ الجيش الأميركي ضربات بالغة القوة على ثلاث منشآت نووية دمّرتها تماماً، وفقاً للرئيس الأميركي، ترامب، الذي سبق أن قال إنّ "إسرائيل تُبلي بلاءً حسناً، وأميركا تقدّم لها الدعم الكثير"، ولربما تكون البداية فقط، بعدما أكّد وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، أنّ بلاده لن تُوقف تخصيب اليورانيوم وأنّ ما فعله الأميركيون خيانة للدبلوماسية، في وقتٍ لا يملك فيه أنصار سياسات ضبط النفس ترفَ لجم المسير المحتمل نحو حرب طاحنة ستعقّد الوضع الإقليمي، حيث آلاف الرؤوس النووية على أهبة الاستعداد، وسيجعل هذا كله الكوارث التي خلّفتها حروب سورية وغزّة وأفغانستان والعراق تبدو ناعمة بالمقارنة.
فقد السوريون دورهم في أيّ صراع إقليمي، وشبح الحرب الأهلية ما زال منتعشاً بعد سقوط الأسد
خيارات المواجهة بالتأكيد مفتوحة على كل أنواع السيناريوهات. وعلى أية حال، لافتٌ أنّ المكسبَ الثابت للنظام الإيراني القمعي ردّه الذي جاء بتأييدٍ شعبي واسع، ليكشف التصعيدُ الإسرائيلي وجودَ حالةٍ من النضج بين صفوف المعارضة الأكثر خصومة للنظام الحاكم، وهذا لم يحصل في سورية مطلقاً. لا الضربات الإسرائيلية، ولا سقوط بشّار الأسد، ولا حتى المجازر الدموية، كلّ ذلك لم يستطع أن يوحد السوريين الذين يتابعون بشماتةٍ مآلات التصعيد بين عدوّتين لم تجلبا لبلادهم سوى الويلات، وبالجُملة. في المقلب الآخر، فإنّ سقوط النظام في طهران ومن دون ترتيبات ملء الفراغ، وإن بدا حلماً وردياً للسوريين، سيحمل في طيّاته احتمال فوضى شاملة ستمتد إلى بلادهم، وتزيد طين حياتهم بلّة. ومن المهم في هذا السياق التوقف عند دلالات هزيمة إيران واحتساب عواقب ذلك، منها استغناء الغرب عن حكومة الشرع ذات الخلفية المتشدّدة، ما سيؤثر حكماً على الاستقرار السوري، فالسقوط الإيراني لم يكن لحظة تحرّر تاريخي فحسب، بل كشف عن أمراض "مزرعة الأسد" المزمنة، وغياب أيّ رادع وطني أمام تغوّل قوى إقليمية أخرى لا تقلّ عداءً وخطراً، بينما لا يُدرك السوريون أنّ زعماء العالم يؤججون الحروب دائماً ليرفعوا أنخاب نهايتها في قصورهم الفارهة، وأنهم ضحايا اتفاقيات واحتلالات وانقلابات وأنظمة استبدادية، يتمّ توزيعهم خلالها كغنائم حرب لقاء حماية العروش والحدود.
يقول الفيلسوف الصيني سون تزو في كتابه فنّ الحرب: (كلّ الحروب خداع، وكلّ خداع حرب)، وكالعادة، السوريون المنقسمون حول كلّ شيء أغرتهم مجدداً لعبة الانجرار إلى ساحة الاصطفاف العقائدي، وتناول الحدث الدسم الذي لن ينالهم منه سوى جوع مُحتّم، ففتحوا ساحات الاحتراب على وسائل التواصل الاجتماعي، وانشغلوا بالجدال العقيم بينما يصل التوغل الإسرائيلي إلى قرية "بيت جن" في ريف دمشق، ليقتل ويعتقل مدنيين. ومن المضحك المبكي مطالعة التحليلات التي تعكس الخدعة الكبرى التي يعيشها السوريون، وهم يتابعون بفرحٍ غامر الصواريخ الإيرانية والإسرائيلية تضيء سماءهم كما تضيء قلوبهم. شريحةٌ منهم تدعو الله أن يضرب الظالمين بالظالمين من منطلق أنّ "قتلة الشعب الفلسطيني يتصارعون مع قتلة الشعب السوري". هناك فئة تُعرب عن حقّ إيران في الدفاع عن حقوقها النووية السلمية، وتدعم مواقفها المعادية لإسرائيل في ظلّ التخاذل العربي، بينما أخرى، وإنْ تعتبر إسرائيل ليست جمعية خيرية، تتحدث عن انتفاء الحاجة لوجود حكم "سنّي" متشدد في سورية يقارع إيران "الشيعية" إذا ما قُدّر للأخيرة الهزيمة، تماماً كما يروّج آخرون فكرة أنّ إيران تبقى عدو الأمة العربية الأول، وأنّ إسرائيل تمثّل نموذجاً ديمقراطياً فريداً في هذا الشرق التعيس، وينسون أنّ كلتيهما تنظران إلى المنطقة من منظور مصالحهما التاريخية المتضاربة، لا من زاوية التضامن أو حتّى العداء.
إسرائيل تسرح في الجنوب السوري، وعينُها على دمشق، والخطر الإيراني لن يُخلع من جذوره، ولن يقابله أيّ مشروع سوري حقيقي
ومن واقع رصدٍ وتحليلٍ منطقي، في ضوء غياب النموذج الوطني الذي سيُبنى عليه، فأكثر ما يؤلم أنّ السوريين فقدوا دورهم في أيّ صراع إقليمي، أما شبح الحرب الأهلية الذي ما زال منتعشاً بعد سقوط الأسد لم يرغمهم على إعادة التفكير في فكرة النصر نفسها. هل انتصر السوريون فعلاً بينما الطائفية تقتلهم ولغة الشماتة ومنطق الانتقام يعميان بصيرتهم؟ وهل ستفيدهم هزيمة إيران أو حتى إسرائيل، بعدما تحوّلت سورية مسرحاً لصراع جيوسياسي مفتوح بين المشاريع الغربية العابرة للحدود على حساب استنزاف الأمل السوري في بناء دولة المواطنة والكرامة؟
نافل القول: إسرائيل تسرح في الجنوب السوري، وعينُها على دمشق، والخطر الإيراني لن يُخلع من جذوره، ولن يقابله أيّ مشروع سوري حقيقي، أقلّه على المدى المنظور، يكفّ يد طهران التي غالباً ما تنصب فِخاخها بهدوء وحنكة عالية. إذاً لا بدّ من تجاوز لذّة الشماتة ونشوة النصر، وإن ضَربَ "الظالِمَان النوويَّان" بعضيهما بعضاً فثمّة حلول جاهزة عند الطلب، محفوظة في الأدراج السرية لقادة العالم، ومن المفيد اليوم التساؤل بتروٍّ شديد: من سيملأ الفراغ السوري بينما الشرق الأوسط تُرسم خرائطه من جديد؟ وهل سيشهد السوريون تكرار انقلابٍ مفاجئ أو استباحةٍ سافرة، تحت رايةٍ وذريعةٍ أخريين؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
بوتين يلتقي الشيباني في موسكو: مرحلة جديدة من التفاهم
استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1952، أي بعد 7 سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، التي فقد فيها شقيقه الأكبر وأصيب فيها والده، عمل 16 عامًا في جهاز الاستخبارات الروسي، ثم رئيسًا للوزراء عام 1999، ورئيسًا مؤقتًا في نفس العام، وفاز في الانتخابات الرئاسية: 2000، 2004، 2012، 2018، 2024 وزير الخارجية السوري الصورة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني انضم إلى الثورة السورية منذ انطلاقها عام 2011، حتى انتصارها وتعيينه وزيرًا للخارجية في أول حكومة لتصريف الأعمال بعد سقوط نظام بشار الأسد أسعد الشيباني في موسكو اليوم الخميس، في أول زيارة يجريها مسؤول سوري رفيع لروسيا منذ إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الثاني 2024، ولأول مرة رفرف علم سورية الجديدة في مقر وزارة الخارجية الروسية. ويرافق الشيباني في الزيارة وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة السيد حسين سلامة. وأعلنت وزارة الخارجية السورية، اليوم الخميس، أن اللقاء الذي جمع بوتين بوزير الخارجية شكّل انطلاقة لمرحلة جديدة من التفاهم السياسي والعسكري بين البلدين، تقوم على احترام السيادة السورية ودعم وحدة أراضيها. وذكرت إدارة الإعلام في وزارة الخارجية، في بيان تلقت "سانا" نسخة منه، أن الرئيس بوتين أكد خلال اللقاء رفض بلاده القاطع لأي تدخلات إسرائيلية في سورية، أو محاولات لتقسيمها، مشددًا على التزام موسكو بدعم دمشق في جهود إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار. وأوضحت الخارجية السورية أن الوزير الشيباني أكد من جهته التزام بلاده بإعادة بناء العلاقات مع روسيا على أسس جديدة، تراعي مصالح الشعب السوري، وتفتح آفاق شراكة استراتيجية متوازنة. وأشار البيان إلى أن سورية شددت على التزامها بحماية جميع أبنائها، بمختلف مكوناتهم، وعلى ضرورة معالجة إرث النظام السابق سياسيًا وبنيويًا بما يخدم مستقبل الدولة السورية. ورأت الخارجية أن اللقاء مع القيادة الروسية يمثّل مؤشرًا سياسيًا قويًا على بدء مسار جديد في العلاقات السورية الروسية، بما يعزز التوازن الإقليمي ويسهم في تمكين الدولة السورية، بحسب نص البيان. كما جددت سورية، بحسب البيان نفسه، تحذيرها من التدخلات الإسرائيلية التي تدفع البلاد نحو الفوضى، مؤكدة أن أبوابها مفتوحة أمام كل من يحترم سيادتها ووحدة أراضيها ويحافظ على أمنها واستقرارها. والتقى الشيباني، في وقت سابق الخميس، نظيره الروسي سيرغي لافروف، "ترسيخاً لتبني موسكو ودمشق نهج البراغماتية في العلاقات بينهما وطيّ صفحة الماضي". وأعرب لافروف في اللقاء عن استعداد روسيا للإسهام في إعادة إعمار سورية في المرحلة ما بعد الحرب، مؤكداً دعم بلاده لوحدة أراضي سورية واستقلالها. كذلك التقى أبوقصرة والشيباني وزير الدفاع الروسي أندريه بيلاوسوف، وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن اللقاء تناول آفاق التعاون بين وزارتي الدفاع والوضع في الشرق الأوسط. وقالت سانا إنه بُحث خلال اللقاء عدد من القضايا العسكرية المشتركة بما يخدم العلاقات السورية الروسية. التقى وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة برفقة وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة السيد حسين سلامة، بوزير الدفاع الروسي السيد أندريه بيلوسوف في العاصمة الروسية، وجرى خلال اللقاء بحث عدد من القضايا العسكرية المشتركة بما يخدم العلاقات السورية - الروسية — وزارة الدفاع السورية (@Sy_Defense) July 31, 2025 لافروف: ندعم وحدة سورية وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك في ختام محادثاته مع الشيباني: "أكدنا الدعم للحفاظ على وحدة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها. مستعدون لأن نقدم إلى الشعب السوري الدعم الممكن في إعادة الإعمار في المرحلة ما بعد النزاع، واتفقنا على مواصلة الحوار بشأن هذه المسائل". وأعرب لافروف عن امتنانه لدمشق على تأمين المواطنين الروس والمواقع الروسية في سورية، في إشارة إلى السفارة الروسية بدمشق وقاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية المترابطتين في الساحل السوري، وقال: "نظراً لخصائص الوضع الراهن في سورية، نمتن لزملائنا السوريين على الخطوات التي يتخذونها من أجل ضمان سلامة المواطنين الروس والمواقع الروسية في الجمهورية العربية السورية". وفي مستهل اللقاء، أعرب وزير الخارجية الروسي عن أمله في حضور الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، القمة الروسية العربية المزمع عقدها في روسيا في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قائلاً: "بالطبع، نأمل أن يتمكن الرئيس الشرع من المشاركة في الدورة الأولى للقمة الروسية العربية في 15 أكتوبر". من جهته، أعرب الشيباني هو الآخر عن تفاؤله بمستقبل العلاقات مع روسيا، مشدداً على أن سورية ستنظر إلى الدول كافة "بصورة متكافئة"، وستقيم العلاقات معها انطلاقاً من احترام السيادة. وأضاف: "تأكدنا من الدعم لهذا الموقف من جانب روسيا، ويسعدنا أن العلاقات بين روسيا وسورية ستمضي بشكل ممتاز في الفترة المقبلة". وعند حديثه عن الوضع الإقليمي، نفى الشيباني أن تكون لدى دمشق نيات عدوانية تجاه إسرائيل، قائلاً: "ليست لدينا نيات عدوانية حيال إسرائيل، بل نعيد إعمار البلاد وأُرهقنا من عقد من الحرب، ونتمنى استعادة وحدة السوريين. لدينا عدد هائل من اللاجئين والنازحين، ولذلك نحتاج إلى الاستقرار". وكانت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قالت عشية اللقاء إن الجانبين يعتزمان مناقشة "القضايا الملحة للأجندة الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية". وتأتي زيارة الشيباني لموسكو بعد أقل من ثلاثة أسابيع على بدء التصعيد في محافظة السويداء وما تلاه من شن إسرائيل ضربات على مواقع للجيش السوري وعدة مواقع عسكرية في دمشق. وعلى أثر هذا التصعيد، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، وآخر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤكداً خلالهما ضرورة احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، وتعزيز الاستقرار السياسي الداخلي عبر احترام حقوق كل المجموعات العرقية والطائفية من السكان. رصد التحديثات الحية تفاصيل إسرائيلية بشأن لقاء ديرمر والشيباني في باريس وتشي زيارة الشيباني لموسكو بتبني الطرفين نهجاً براغماتياً حيال العلاقات بينهما وطيّ صفحة الأسد، عندما كانت روسيا تشن غارات مكثفة على مواقع فصائل المعارضة المسلحة. وسبق للافروف أن أعرب في نهاية مايو/أيار الماضي، عن ترحيب بلاده برفع العقوبات الأميركية عن سورية. وحينها، أكد لافروف في ختام محادثاته مع نظيره التركي، هاكان فيدان، في موسكو أن الدعوة الروسية للشيباني إلى زيارة روسيا، لا تزال سارية المفعول، في إشارة إلى الدعوة التي وجهها إلى الشيباني في أثناء لقائهما في تركيا بحضور فيدان. ومع ذلك، لا تخلو مواقف موسكو ودمشق من تباينات خرجت ملامحها إلى العلن في الأشهر الأخيرة، مثل الرفض الروسي لتسليم الأسد ودعوات موسكو للسلطات السورية الجديدة إلى القيام بخطوات نشطة نحو حل مشكلة المقاتلين الأجانب المراد دمجهم في الجيش السوري، من دون أن تؤثر هذه الخلافات في استمرار الوجود العسكري الروسي في قاعدتي حميميم وطرطوس في الساحل السوري في المرحلة الراهنة على الأقل.


العربي الجديد
منذ 10 ساعات
- العربي الجديد
تغيير النظام في إيران: بين توازنات القوى وصعوبة التحولات
يبدو أن الحديث عن تغيير النظام في إيران لا يمكن فصله عن خريطة توزيع النفوذ العالمي، وتقسيم الدول بحسب موقعها في هرم القوى الدولية. يمكن تصنيف دول العالم إلى ثلاثة مستويات رئيسية: دول الصف الأول: مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وهي القوى التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية، واحتفظت بقدراتها النووية والعسكرية والاقتصادية. دول الصف الأول عادةً ما تتجنب الدخول في صراعات مباشرة فيما بينها نتيجة التوازن النووي والردع المتبادل، وتتم عمليات تغيير الحكم داخلها إما عن طريق الانتخابات كما في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أو عبر تحولات ذاتية كما حدث في الصين والاتحاد السوفييتي سابقًا. دول الصف الثاني: تشمل دولًا مثل الهند وباكستان وتركيا وإسرائيل وإيران والبرازيل، التي تمتلك طموحات إقليمية وقدرات متوسطة في التأثير الدولي. دول الصف الثاني يمكن أن تدخل في نزاعات محدودة ومدروسة، وغالبًا ما تكون لهذه الدول ارتباطات قوية مع قوى الصف الأول. مثال على ذلك النزاع الهندي-الباكستاني، أو التصعيد بين إسرائيل وإيران، حيث غالبًا ما تُرسم "خطوط حمراء" تمنع الانفجار الكامل للصراع، خصوصًا عندما تتقاطع المصالح الاقتصادية الكبرى مثل النفط والغاز. هذا ما بدا واضحًا في المواجهة الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، حيث تدخلت الولايات المتحدة بشكل محدود ومدروس من دون أن يؤدي تدخلها إلى سقوط ضحايا إيرانيين، وتزامن هذا التدخل مع تهدئة الصراع ووقف التصعيد العسكري. دول الصف الثالث: وتشمل غالبية دول العالم النامي، من الدول العربية والأفريقية وأميركا اللاتينية، التي ترتبط في الغالب بمحاور إقليمية أو دولية أقوى منها. تشكل دول الصف الثالث ميادين لصراعات بالوكالة، خاصة عندما تكون تابعة لدول الصف الثاني التي تخوض توترات أو مواجهات غير مباشرة مع خصومها. المثال الأبرز هنا يتمثل في سورية واليمن ولبنان التي تأثرت بالصراع الإيراني-الإسرائيلي، ما أدى إلى تجاذبات سياسية وعسكرية امتدت إلى هذه الدول. معضلة التغيير في إيران: الداخل والخارج في ظل هذه التركيبة الدولية المعقدة، فإن إسقاط النظام الإيراني لا يبدو مرجحًا من دون موافقة ضمنية من القوى الكبرى الداعمة له، وعلى رأسها روسيا والصين. كما أن أي تغيير مباشر قد يتعارض مع مصالح الشركات العالمية التي باتت ترفض التغييرات المفاجئة وغير المحسوبة لما تحمله من تداعيات يصعب احتواؤها. وبالتالي، فإن التحول في إيران إن حدث، فسيكون على الأرجح تحولًا ذاتيًا من داخل النظام نفسه، بعيدًا عن سيناريوهات التدخل الخارجي العنيف. ما بعد الحرب: تطهير ذاتي وإعادة تموضع عقب التصعيد الأخير مع إسرائيل، بدأت إيران عملية إصلاح داخلي واسعة، شملت إحلال القيادات الشابة في مراكز القرار، وهي قيادات أكثر دراية بالتقنيات الحديثة وتحديات الحرب السيبرانية. كما أعلنت إيران عن تحديث شامل لأنظمة دفاعها الجوي التي تضررت خلال الحرب. وفي خطوة تشير إلى توجه استراتيجي جديد، كثفت طهران تعاونها العسكري مع الصين في إطار اتفاقيات لتبادل السلاح مقابل النفط، في مسعى لتعويض النقص في قدراتها التسليحية التقليدية. الداخل الإيراني: وحدة تحت القصف اللافت أن الداخل الإيراني، رغم الانقسام التقليدي بين محافظين وإصلاحيين، أظهر تماسكًا ملحوظًا خلال التصعيد الأخير، وهو ما ساعد في فتح قنوات تواصل جديدة بين التيارات السياسية المختلفة، وربما يمهد لرؤية وطنية موحدة لإدارة الدولة في المرحلة المقبلة. خاتمة يمكن القول إن تغيير النظام في إيران وفق المعادلات الدولية الحالية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تحولات داخلية ذاتية أو بموافقة القوى الدولية الكبرى، وهو مستبعد حاليًا.


القدس العربي
منذ 11 ساعات
- القدس العربي
اعتراف أوسع بالدولة الفلسطينية يزيد من عزلة إسرائيل وردها الغاضب تعبير عن خسارة سرديتها
محتجون يحملون لافتة تدعو لمعاقبة إسرائيل أثناء احتجاجهم خارج مقر الأمم المتحدة في نيويورك حيث أقيم مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين ( أ ف ب) لندن ـ 'القدس العربي': نشرت صحيفة 'وول ستريت جورنال' تقريرا اعتبر خطوات فرنسا وبريطانيا نحو الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة قد تحفز حلفاء آخرين للولايات المتحدة على اتباعها. وأضافت الصحيفة أن اعتراف عدد متزايد من الحلفاء الغربيين بدولة فلسطينية، لن يكون له تأثير ملموس في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية. لكنه يكشف عن تصدعات كبيرة في الدعم الغربي لإسرائيل، الذي كان يعتبر في السابق راسخا كالصخر. فكلما طال أمد الحرب في غزة، مع تزايد الخسائر المدنية والأزمة الإنسانية، ازدادت هذه التصدعات عمقا، مدفوعة جزئيا باستجابة السياسيين للرأي العام في بلدانهم، والذي انقلب بشدة على حملة إسرائيل في غزة. وقد اعترفت أكثر من 140 دولة بفلسطين كدولة مستقلة، لكن الولايات المتحدة ومعظم حلفائها لم يفعلوا ذلك حتى الآن. ولطالما جادلوا بأن القيام بذلك يجب أن يكون الجائزة في نهاية اتفاقية سلام شاملة مع إسرائيل. وأكدت الصحيفة أن هذا الإجماع، الذي تعرض لضغوط متزايدة لسنوات، قد انهار الآن. فيوم الثلاثاء، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بريطانيا ستنضم إلى فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية بحلول أيلول/سبتمبر – ما لم تتخذ إسرائيل 'خطوات جوهرية' لإنهاء الحرب في غزة. وأشارت إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد أيام فقط من إعلان فرنسا أنها ستستخدم اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخريف للاعتراف رسميا بفلسطين. وتضغط فرنسا بنشاط على دول أخرى للانضمام إليها ويبدو أنها تحقق بعض النجاح. يوم الأربعاء، قالت كندا إنها تنوي الاعتراف بدولة فلسطينية، بشرط أن تصلح السلطة الفلسطينية هيكلها الحكومي وتجري انتخابات عامة في عام 2026 لا يمكن لحماس أن تلعب فيها أي دور. وفي يوم الثلاثاء، وقعت مجموعة من 15 دولة، من بينها كندا، على رسالة في الأمم المتحدة أفادت بأنها إما ملتزمة أو راغبة أو على الأقل 'تنظر بإيجابية' في الاعتراف بدولة فلسطينية – وهي خطوة تهدف جزئيا إلى بث روح جديدة في فكرة حل الدولتين للصراع. وفي إطار هذا الجهد الدبلوماسي نفسه، دعت الدول العربية والإسلامية، ولأول مرة، حماس إلى إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين، ونزع سلاحها، والتخلي عن السيطرة على قطاع غزة كخطوة لمعالجة المخاوف الأمنية الإسرائيلية. وجاء هذا الإعلان، الذي انضم إليه الاتحاد الأوروبي ودول أخرى مثل اليابان والمكسيك، في ختام مؤتمر استمر يومين في الأمم المتحدة لإيجاد حل للصراع. ولفت التقرير إلى أن فرنسا وبريطانيا تعدان أبرز الدول الغربية التي أيدت قيام دولة فلسطينية: فكلتاهما قوتان نوويتان لهما مقاعد دائمة في مجلس الأمن الدولي. كما لعبت كل دولة دورا رئيسيا في إنشاء الشرق الأوسط الحديث كقوى استعمارية. وإلى جانب كندا، ستكون الدولتان أيضا أول أعضاء في مجموعة الدول السبع الغنية اقتصاديا التي تعترف بفلسطين. ويقول مجتبى رحمن، رئيس قسم أوروبا في مجموعة الاستشارات السياسية أوراسيا: 'إنها لحظة مهمة، قد يحدث القرار الفرنسي والبريطاني تأثيرا متسلسلا'. وقد رفضت إدارة ترامب حتى الآن فكرة أن الاعتراف بدولة فلسطينية من شأنه أن يسهم في تحقيق حل الدولتين للصراع المستمر منذ عقود. وقال الرئيس ترامب يوم الثلاثاء: 'إذا فعلتم ذلك، فأنتم تكافئون حماس حقا. ولن أفعل ذلك'. كما ظلت ألمانيا، التي ترتبط علاقاتها بإسرائيل ارتباطا وثيقا بدورها في الهولوكوست في الحرب العالمية الثانية، حذرة من أي خطوات قد تضعف أمن إسرائيل، وكذلك فعلت النمسا. ويدرس الاتحاد الأوروبي تجميد وصول الشركات الناشئة الإسرائيلية إلى جزء من برنامج أبحاث 'هورايزون' الذي تبلغ قيمته 100 مليار يورو، أي ما يعادل 115 مليار دولار. وقد أعاقت ألمانيا هذه الخطوة حتى الآن. وبحسب الصحيفة يعد الاعتراف بدولة فلسطينية أقل بكثير من الخطوات التي قد تلحق ضررا ملموسا بإسرائيل، مثل فرض عقوبات اقتصادية أوسع نطاقا. لكنها تحدد مسار الطريق فرضت عدة دول عقوبات على سياسيين إسرائيليين بارزين من اليمين المتطرف، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين يدفعان باتجاه الاستيطان اليهودي في غزة وضم الضفة الغربية المحتلة. ووفق التقرير فبالنسبة لإسرائيل، يؤكد التحول نحو اعتراف القوى الغربية الصديقة بفلسطين على خوف سائد منذ زمن طويل: أنه حتى مع استمرار تمتعها بدعم الولايات المتحدة، قد تجد إسرائيل نفسها معزولة بشكل متزايد على الساحة العالمية. وقد عززت الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة والتوترات بين الحكومة الإسرائيلية الحالية والديمقراطيين في الكونغرس هذا القلق. وشدد التقرير على أن دعم واشنطن لإسرائيل، وحرصها على الحوار مع موسكو وبكين بشأن مصالحها الأمنية الأساسية، يعني أن التوترات المتزايدة مع الدول الغربية الأخرى قابلة للإدارة. ومع ذلك، ستفتقد إسرائيل جبهة موحدة من الدعم الغربي من حلفائها الذين تدخلوا للدفاع عنها من الهجمات، وقدموا لها الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية، وتعاونوا معها بشأن مخاوفها الأمنية الأساسية، مثل طموحات إيران النووية والإقليمية. وقال ريمي دانيال، رئيس قسم الأبحاث الأوروبية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن بعض أقرب حلفاء إسرائيل الدوليين، بما في ذلك الهند، اعترفوا بفلسطين منذ فترة طويلة، وكذلك حلفاء إسرائيل في أوروبا الشرقية، الذين فعلوا ذلك خلال الحرب الباردة. لكنه قال إن خطوات فرنسا والمملكة المتحدة تظهر 'تغييرا في المكانة الدولية لإسرائيل'. وتضيف الصحيفة أن الإجماع الغربي بشأن إسرائيل قد تغير تدريجيا على مدار العقد الماضي، حيث أثارت الحكومات الإسرائيلية اعتراضات متزايدة على حل الدولتين، كما أن توسع المستوطنات اليهودية جعل إمكانية بناء دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة جغرافيا على الأرض أمرا صعبا بشكل متزايد. وقد أدى الحديث عن ضم أجزاء من غزة، والتحذيرات من المجاعة الجماعية، بالإضافة إلى تزايد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية، إلى تفاقم المخاوف الأوروبية. ويتعرض ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا، لضغوط متزايدة للتحرك. وقد حثه حوالي 130 نائبا من حزب العمال، بمن فيهم وزراء، علنا على الاعتراف بفلسطين. وأظهر استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة يوغوف أن 45% من البريطانيين يؤيدون الاعتراف، بينما يعارضه 14%. ونظرا لتدهور الوضع في غزة، قال بورجو أوزجليك، الزميل البارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث بريطاني: 'لقد تحول النقاش إلى ماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك و ما هو النفوذ الذي نملكه، وأعتقد أنهم فكروا في مسألة الاعتراف بفلسطين'. 'نيويورك تايمز': إسرائيل تخاطر بأن تصبح منبوذة دوليا وفي تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز' أعده ستيفن إيرلانغر تناول نفس الموضوع وإن من خلال بعد المجاعة في غزة وأثرها على زيادة عزلة إسرائيل. وجاء فيه أن الغضب من المجاعة في غزة يترك إسرائيل بخطر العزلة. فقد تزايد الغضب العالمي إزاء تصرفات حكومة نتنياهو منذ بدء الحرب، وقد أدت معاناة الأطفال في غزة إلى تفاقم هذا الاستهجان. وجاء في التقرير أن بعضا من أهم حلفاء إسرائيل الغربيين، تحت ضغط سياسي من ناخبين غضبوا من تزايد الأدلة على المجاعة في غزة، يعلنون الآن أنهم سيعترفون بدولة فلسطينية. فيما قال الرئيس دونالد ترامب بأن سكان غزة يتضورون جوعا وأرسل مبعوثه إلى الشرق الأوسط إلى إسرائيل لأول مرة منذ شهور للاطلاع على نظام توزيع الغذاء الفوضوي. ويناقش المزيد من الباحثين ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. وتكشف نتائج استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة وأماكن أخرى عن نظرة سلبية متزايدة تجاه إسرائيل، في وقت لا توجد فيه خطة لوقف الحرب على غزة. وأشارت الصحيفة إلى أن رد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان غاضبا وشكك في تقارير المجاعة المبالغ فيها، وقال إن حماس يجب القضاء عليها وإن المنتقدين غالبا ما يكونون معادين للسامية وإن الاعتراف الغربي بدولة فلسطينية هو مكافأة لحماس على هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 على إسرائيل. وقال ناتان ساكس، محلل الشؤون السياسية الإسرائيلية: 'الرأي الإسرائيلي المعتاد هو أن هذه الأزمة مجرد مشكلة مؤقتة. لكن هذا يمثل قراءة خاطئة للوضع العالمي، لأنه يسرع من وتيرة التحول العالمي ضد إسرائيل، والذي له آثار وخيمة، وخاصة بين الشباب'. وتضيف الصحيفة أنه مع تنامي الغضب إزاء تفشي الجوع في غزة، تخاطر إسرائيل بأن تصبح منبوذة دوليا. وبينما لا يزال الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل عام 2023 قضية ملحة بالنسبة للإسرائيليين، إلا أنه بالنسبة للآخرين حول العالم، أصبح الدمار والجوع في غزة أكثر وضوحا وإلحاحا. وقالت الصحبفة إن الجدل المتزايد حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية يعكس أيضا 'تحولا جوهريا في النظرة إلى إسرائيل'، كما قال دانيال ليفي، المفاوض في ظل حكومات حزب العمال السابقة في إسرائيل والرئيس الحالي لمشروع الولايات المتحدة/الشرق الأوسط. ويشير إلى تحول ثقافي حاد، مع مظاهرات معادية لإسرائيل ومؤيدة للفلسطينيين، في أماكن مثل دور الأوبرا والمهرجانات الموسيقية. وقد وجهت نجمات بوب مثل بيلي إيليش وأريانا غراندي نداءات قوية لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة. وقال ليفي: 'لطالما اعتقدت إسرائيل أنه إذا رمينا عليها معاداة السامية والهولوكوست، فسيختفي كل شيء. لكن روح العصر تتغير، ومحاولات إسرائيل لإثارة الغضب لا تلقى صدى لدى شريحة سكانية أصغر فأصغر'. وتعكس استطلاعات الرأي هذا التغيير. فقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو في نيسان/أبريل أن الآراء الأمريكية تجاه إسرائيل أصبحت أكثر سلبية. وأظهر استطلاع رأي آخر أجراه نفس المركز الشهر الماضي أن نصف البالغين أو أكثر في 20 دولة من أصل 24 دولة شملها الاستطلاع لديهم وجهة نظر سلبية تجاه إسرائيل. و قال تشاك فرايليتش، نائب مستشار الأمن القومي السابق في إسرائيل، إن نتنياهو كان بطيئا جدا في فهم حقيقة هذا التحول وتكلفته على إسرائيل. وعلق فرايليتش:'هناك بعض الحقيقة في الحرمان، وحتى في عدد محدود من حالات المجاعة في غزة، وهناك بعض معاداة السامية في ردود الفعل'. وأضاف: 'لكن مهما كانت الأسباب، لا يهم'. 'الخلاصة هي أن إسرائيل أصبحت، أو تتحول، إلى منبوذة دوليا، وإسرائيل لا تستطيع تحمل ذلك'. وقال جيفري سي. هيرف، أستاذ التاريخ الفخري بجامعة ميريلاند، إنه لاحظ تحولا نحو معاداة الصهيونية في الأوساط الأكاديمية والمجتمعية، وتوقع استمراره. ويلقي باللوم على نتنياهو لفشله في إدراك أن الحرب ضد حماس هي أيضا حرب سردية سياسية. وقال: 'إن رد الفعل العنيف الآن دليل على عجز إسرائيل، إذ وقعت في فخ استراتيجية حماس طويلة الأمد لاستغلال معاناة سكان غزة لمصلحتها الخاصة'. وأضاف هيرف: 'بعد الحرب العالمية الثانية، ساعد الحلفاء المدنيين الألمان، بحجة أنهم حرروهم من ديكتاتورية فاسدة'. وأضاف: 'كان ينبغي على إسرائيل أن تأتي إلى غزة لتحرير سكانها من حماس، كما حرر الحلفاء الألمان من النازيين. لكن العالم الآن يكره إسرائيل'.