
الشعبوية والكلفة تدفعان لندن نحو "الهجرة الانتقائية
هذه المزايا وغيرها شكلت الحلم البريطاني بالنسبة إلى كثر، ولعقود طويلة بقيت تحث أجيالاً من العرب على خوض مغامرة الهجرة إلى المملكة المتحدة، ولكن كل شيء قد يتغير اليوم، فخلال مايو (أيار) 2025 أصدرت الحكومة ورقة بيضاء تتضمن مقترحات قالت إنها للسيطرة على الحدود، أو بتعبير أدق تقليص عدد المهاجرين.
حملت الورقة ثمانية مقترحات، سبعة منها لتشديد قوانين العمل والدراسة على الأجانب، بداية بتقليص قائمة الوظائف المتاحة أمامهم لملء شواغر فيها، وخلال الوقت ذاته إنهاء استثناء التوظيف داخل قطاع الرعاية الاجتماعية من الخارج، يليه فرض ضرائب على رسوم الطلبة الدوليين في الجامعات وتقليص المدة الممنوحة لهم للبقاء في الدولة بعد التخرج من عامين إلى 18 شهراً، إضافة إلى تشديد القيود على التراخيص التي تتيح للجامعات استقبال الطلبة الأجانب، علاوة على رفع درجة اللغة الإنجليزية المطلوبة للظفر بتأشيرة عمل، وأخيراً مضاعفة عدد أعوام العيش ودفع الضرائب داخل البلاد قبل التأهل للإقامة الدائمة لتصبح 10 أعوام بدلاً من خمسة.
مقابل كل هذه القيود ثمة بند إيجابي وحيد يتعلق بتسهيل وصول أصحاب المهارات العالية كالمتخصصين في الذكاء الاصطناعي، لكن هؤلاء لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة من الوافدين.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الورقة البيضاء وفقاً للقوانين لا تتضمن إجراءات فورية التنفيذ، بل مقترحات ترغب الحكومة بسبر ردود الفعل حولها، ولكن المقلق أن حزب العمال الحاكم في البلاد يتعامل مع ملف الهجرة اليوم تحت ضغط التمدد الكبير لليمين المتشدد، الذي يعارض وجود الأجانب أياً كان السبب، والسياسي الشعبوي زعيم حزب "ريفورم" نايجل فاراج يحرض الشارع ضد سياسة الحكومة "الفاشلة" في ضبط الحدود.
ثمة عامل آخر يضغط على الحكومة العمالية الجديدة لتقييد الهجرة ألا وهو العبء المالي، إذ يشير تقرير حديث لصحيفة "تلغراف" إلى أن الأجانب يحصلون على مساعدات بنحو مليار جنيه استرليني شهريا منذ ثلاثة أعوام، أما المحصلة فهي التوجه نحو الانتقائية في اختيار من يدخل ويقيم داخل المملكة المتحدة، كما يصف الأمر المحامي المتخصص في شؤون الهجرة علي القدومي خلال حديث مع "اندبندنت عربية".
وزيرة الداخلية إيفيت كوبر تعهدت بأن يناقش ويحسم محتوى الورقة البيضاء خلال الدورة البرلمانية الحالية التي تنتهي عام 2029، وتوقعت أن ينطوي تطبيقها على استثناءات للقادمين بتأشيرة زواج من بريطاني أو بريطانية، وكذلك للأوروبيين الذين قاموا بتسوية أوضاعهم بعد "بريكست"، لكنها رفضت نفي احتمال تضرر بقية المقيمين في البلاد أصلاً قبل صدور المقترحات الثمانية.
لم تذكر الوثيقة الجديدة صراحة أية تعديلات على تأشيرة الزيارة، لكن ذلك لم يطمئن العرب لأن تقليص أعداد المهاجرين تعهد انتخابي قطعه حزب العمال في الحملة التي أوصلته إلى السلطة خلال يوليو (تموز) 2024، وبعيداً من التكهنات ما زال بالإمكان حتى اليوم القدوم إلى بريطانيا بغرض السياحة أو العلاج أو غيرهما من أسباب عائلية أو مهنية أو دراسية، تتيح لك العيش هنا لفترة قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر.
الحكومة أطلقت خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023 نظاماً خاصاً لتأشيرة الزيارة يعرف اختصاراً بـ"ETA"، وتقول وزارة الداخلية إنها أصدرت للدول المدرجة ضمن هذا النظام أكثر من 5 ملايين تأشيرة حتى مارس (آذار) 2025، فاقت حصة العرب منها 800 ألف فيزا.
والعرب في المملكة المتحدة وفق إحصاء عام 2021 يزيدون على 355 ألف نسمة، وهو ما يعادل نصفاً في المئة من إجمال السكان، وتقدر مصادر خاصة العدد بأكثر من ذلك، لكن أياً كان الرقم فقد يكون من مهاجرين جاءوا عملاً أو دراسة قبل أن يصبحوا مواطنين، ومن لاجئين قصدوا البلاد هرباً من الموت والجوع داخل أوطانهم الأصلية، أما القاسم المشترك بينهم فهو الحلم البريطاني الذي ستحوله الورقة البيضاء إلى كابوس يقض مضاجع كثر إذا ما طبقت مقترحاتها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 أيام
- Independent عربية
اتفاق فرنسي بريطاني بشأن الهجرة في اليوم الأخير من زيارة ماكرون
اتفقت فرنسا وبريطانيا الخميس على "مشروع نموذجي" لاحتواء الأعداد القياسية من المهاجرين الوافدين عبر المانش، في ختام زيارة الدولة التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون. ويستند هذا الاتفاق الذي ينبغي عرضه على المفوضية الأوروبية قبل توقيعه إلى مبدأ "واحد مقابل واحد". وهو ينص على إرجاع مهاجر يصل بزورق صغير من بريطانيا إلى فرنسا، في مقابل تعهد لندن أن تأخذ محله طالب لجوء لديه روابط، خصوصاً عائلية، ببريطانيا يعرب عن رغبته عبر منصة إلكترونية في الانتقال إلى هذا البلد. وخلال مؤتمر صحافي في قاعدة نورثوود العسكرية (شمال غرب لندن)، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "للمرة الأولى سيتم توقيف المهاجرين الواصلين بالزوارق الصغيرة وإعادتهم بسرعة إلى فرنسا"، مشيداً باتفاق "ثوري" في سياق مشروع من المرجح أن ينطلق "خلال الأسابيع المقبلة". وعبر أكثر من 21 ألف مهاجر المانش منذ مطلع السنة، وهو عدد قياسي يزيد الضغوط على رئيس الوزراء العمالي، في حين تتزايد شعبية حزب "ريفورم" المناوئ للهجرة بقيادة نايجل فاراج في استطلاعات الرأي. وعزا ماكرون من جانبه هذا الارتفاع القياسي في عدد الوافدين إلى بريكست، مشيراً إلى أنه منذ انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يعد يوجد "أي اتفاق في مجال الهجرة مع التكتل"، ما يشكل "حافزاً" لعبور المانش. واعتبر أن من شأن هذا النموذج الريادي أن "يكون له مفعول رادع لأسلوب عمل المهربين وعمليات العبور". "الاتفاق مذلة" لم تقدم أي توضيحات لجهة الأرقام في ما يتعلق بهذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه إثر مباحثات مكثفة في ختام زيارة دولة لثلاثة أيام قام بها الرئيس الفرنسي إلى لندن، هي الأولى لزعيم من الاتحاد الأوروبي منذ انسحاب بريطانيا منه في 2020. ولم يتم تأكيد العدد الذي تم تداوله في الصحافة والبالغ 50 مهاجراً في الأسبوع، علماً أن المعارضة المحافظة اعتبرته غير كافٍ. وكتب نايجل فاراج على إكس "هذا الاتفاق مذلة. فنحن تصرفنا كعضو في الاتحاد الأوروبي وانحنينا أمام رئيس فرنسي متعجرف". أما منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية، فرأت أن هذا المشروع "ليس عبثياً فحسب" بل "جد خطير". في المقابل، رحبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بالمشروع وقالت "إذا تم تنفيذه في شكل مناسب فإنه قد يسهل حماية طالبي اللجوء واللاجئين على ضفتي المانش". وفي يونيو (حزيران)، أعربت خمسة بلدان في الاتحاد الأوروبي، هي إسبانيا واليونان وإيطاليا ومالطا وقبرص، عن خشيتها أن تعيد فرنسا المهاجرين لاحقاً إلى أول بلد في التكتل وصلوا إليه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الردع النووي خلال هذه الزيارة، عززت فرنسا وبريطانيا تعاونهما في مجال الردع النووي، مع توقيع إعلان ينص على إمكان "تنسيق الجهود في هذا المجال". وستبقى سيادة كل من البلدين، وهما الوحيدان اللذان يملكان أسلحة نووية في أوروبا، في اللجوء إلى السلاح النووي كاملة، لكن "أي خصم يهدد المصالح الحيوية للمملكة المتحدة أو فرنسا قد يواجه بالقوة النووية للبلدين". كذلك، ينص الإعلان على أنه "ليس من تهديد خطير لأوروبا من شأنه عدم إثارة رد فعل من البلدين" من دون تحديد طبيعة هذا الرد. ويبدو ذلك رسالة واضحة إلى موسكو، في وقت تخشى الكثير من دول أوروبا الشرقية طموحات توسعية روسية محتملة. قوة عسكرية مشتركة بالإضافة إلى الجانب النووي، من المرتقب تسريع برنامج صواريخ كروز سكالب/ستورم شادو المشترك، مع طلبات جديدة لمجموعة "إم بي دي إيه"، وكذلك مرحلة جديدة من مشروع لصواريخ كروز المستقبلية وصواريخ مضادة للسفن تأخر تطويرها بعض الشيء. وكان الجانبان اتفقا على إنشاء قوة عسكرية فرنسية - بريطانية مشتركة بموجب اتفاقات لانكستر هاوس التي تؤطر التعاون العسكري بين الجانبين منذ العام 2010. وستستخدم هذه الاتفاقات الآن لتشكيل "أساس" تحالف الراغبين الذي أطلقته باريس ولندن مطلع العام 2025، والذي يجمع نحو 30 بلداً ملتزماً تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا وضمان وقف إطلاق النار بين كييف وموسكو. وهذه القوة التي من المقرر نشرها في أوكرانيا بمجرد سريان وقف إطلاق النار، ستحشد ما يصل إلى 50 ألف جندي، ويمكن توسيعها لتشمل شركاء آخرين، بحسب إيمانويل ماكرون. تحالف الراغبين أكد الزعيمان الفرنسي والبريطاني أن خطط تحالف الراغبين لضمان وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف "جاهزة"، وذلك خلال اجتماع عبر الفيديو حول أوكرانيا ضم خصوصاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، فضلاً عن المبعوث الأميركي كيث كيلوغ والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والسيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنذال المعروف بموقفه المتشدد من روسيا. وسيكون مقر الائتلاف الذي ترأسه فرنسا وبريطانيا في باريس أولاً، على أن ينقل إلى لندن بعد 12 شهراً. اعتراف مشترك بدولة فلسطين وعلى صعيد التطورات في الشرق الأوسط، دعا الرئيس الفرنسي إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من فرنسا وبريطانيا "إيذاناً بدينامية سياسية هي الوحيدة المناسبة لسلام محتمل". غير أن كير ستارمر لم يَبدُ شديد الاقتناع بهذا المقترح، معتبراً أنه "لا بد من التركيز راهناً على التوصل إلى وقف لإطلاق النار" في غزة.


Independent عربية
منذ 4 أيام
- Independent عربية
ضرائب جديدة على الطريق في بريطانيا لسد العجز
بعد تراجع حكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر الأسبوع الماضي عن الخفوضات الكبيرة في مدفوعات الإعانة الاجتماعية والصحية كي تتفادى تمرد نواب الحزب في البرلمان، أصبحت وزيرة الخزانة راشيل ريفز تواجه عجزاً إضافياً في المالية العامة للدولة بقيمة 5.5 مليار جنيه استرليني (7.5 مليار دولار). وفي ظل عدم القدرة على رفع سقف الاقتراض للحكومة أكثر من الوضع الحالي لن تتمكن ريفز من سد هذه الفجوة سوى بزيادة حصيلة الخزانة العامة من الضرائب. على مدى الأسبوع وحتى الآن لا حديث في بريطانيا يتقدم على زيادة الضرائب التي ستعلنها وزيرة الخزانة في بيان الميزانية المقبل. وعلى رغم أن ميزانية الخريف غالباً ما تعلن في أكتوبر (تشرين الأول) فإن المحللين والمعلقين يتوقعون أن تتضح صورة حجم وشكل الضرائب التي سترفعها راشيل ريفز من الآن. بغض النظر عما كانت تسعى الحكومة إلى توفيره من مخصصات الرعاية الاجتماعية فإن المالية العامة ليست في وضع جيد، وهناك فجوة تمويلية تواجهها الخزانة يقدرها غالب المعلقين والاقتصاديين البريطانيين بنحو 30 مليار جنيه استرليني (41 مليار دولار). مع أن حكومة العمال تكرر منذ توليها السلطة العام الماضي أنها ورثت فجوة في المالية العامة من حكومة المحافظين السابقة بنحو 20 مليار جنيه استرليني (27 مليار دولار) إلا أن الأوضاع المالية لم تتحسن بل زادت سوءاً واتسعت الفجوة. تدهور المالية العامة في تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" الشهر الماضي توقع مدير معهد الدراسات المالية بول جونسون أن يتآكل الفائض الاحتياطي في الميزانية المقدر بنحو 9.9 مليار جنيه استرليني (13.5 مليار دولار) تماماً قبل موعد ميزانية الخريف نتيجة تردي معدلات النمو الاقتصادي وزيادة حجم الاقتراض الحكومي. كانت وزيرة الخزانة راشيل ريفز أعلنت حزمة من الزيادات الضريبية في بيان الميزانية السابق قبل أشهر، طاولت في غالبها الشركات والأعمال، منها زيادة مستقطعات مدفوعات التأمينات التي تدفعها الشركات عن موظفيها وعمالها وتعديل ضريبة الأعمال والشركات إلى جانب زيادات غير مباشرة في ضريبة الدخل بتمديد تجميد سقف الشرائح الضريبية، وإلغاء بعض التسهيلات الضريبية السابقة مثل ضريبة الدمغة العقارية وبعض تسهيلات ضريبة الإرث. لكن كل ذلك لم يؤد إلى وقف تدهور المالية العامة، بخاصة في ظل التباطؤ الشديد في نمو الاقتصاد البريطاني، ويقدر مكتب مراقبة الميزانية أن يكون معدل النمو في المتوسط أقل من نقطة مئوية (نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنسبة 0.8 في المئة) سنوياً حتى عام 2029. على رغم زيادة الضرائب في بيان الميزانية السابقة ومراجعة الإنفاق التي أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي وتضمنت خفض ميزانيات الإدارات والوزارات والهيئات الحكومية، فإن الفجوة المالية تتسع ولا تضيق. وفي ظل التزامات الإنفاق العام المعلنة لن يكون أمام وزيرة الخزانة سوى مسارين لسد فجوة العجز في المالية العامة: الاقتراض أو زيادة الضرائب أو كلاهما معاً. ومع صعوبة زيادة الاقتراض أكثر من المعدلات الحالية، إذ تكلف أعباء خدمة الدين العام الميزانية نسبة كبيرة من الدخل العام لها من الضرائب والرسوم وغيرها، لا مفر من زيادة الضرائب. أما احتمالات خفض الإنفاق العام فغير واردة لأنها لا تتسق مع استراتيجية الحكومة التي تستهدف تشجيع النمو. وتبقى المشكلة أن تركيز الإنفاق الحكومي على قطاعي الدفاع والصحة بزيادة بعشرات مليارات الجنيهات لا ينعكس في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، ومن ثم يزيد من الضغط على موارد الخزانة العامة. خيارات زيادة الضرائب ليس هناك من خيار سهل أمام الحكومة بالنسبة إلى الضرائب التي يمكن أن ترفعها لزيادة حصيلة الخزانة العامة، وبالنسبة إلى حكومة العمال فإن برنامجها الانتخابي الذي فازت على أساسه العام الماضي اعتمد وعداً بـ"عدم رفع الضرائب على الطبقة العاملة". ومعنى ذلك عدم زيادة الضريبة على الدخل أو مستقطعات التأمينات أو ضريبة القيمة المضافة. ربما يكون المستهدف الأول في زيادات الضرائب هو ضريبة الحي (البلدية) التي تدفعها الأسر للمجالس المحلية، فقد تسمح وزيرة الخزانة للمحليات بزيادة ضريبة الحي بالحد الأقصى، أي بنسبة خمسة في المئة، وسيعني ذلك إضافة عبء مالي شهري على كل الأسر في إنجلترا لتمويل إنفاق الأحياء على الخدمات المحلية والشرطة. ما تركز عليه المعارضة ولا تخلو صحف المحافظين وإعلامهم من عشرات التعليقات في شأنه فهو زيادة الضرائب التي تستهدف الأغنياء وثرواتهم، بخاصة بعدما تردد على لسان أكثر من شخصية عمالية اقتراح فرض "ضريبة على الثروة". كان الزعيم السابق لحزب العمال نيل كينوك قال في مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" الأحد إن فرض ضريبة ثروة بنسبة اثنين في المئة على الأصول التي تزيد على 10 ملايين جنيه استرليني (13.5 مليون دولار) يمكن أن يوفر للخزانة العامة ما يصل إلى 11 مليار جنيه استرليني (15 مليار دولار) سنوياً، ويزيد ذلك على مبلغ فائض الاحتياطي الذي تتصرف في إطاره وزارة الخزانة حالياً. لا يتعارض فرض "ضريبة ثروة" مع تعهد حزب العمال في بيانه الانتخابي، كما أنه إجراء يحظى بشعبية، فقبل بيان الميزانية الذي أعلنته ريفز في مارس (آذار) الماضي أجرت مؤسسة "يوغف" استطلاعاً للرأي لصالح "أوكسفام" كانت نتيجته أن ثلاثة أرباع المستطلعة آراؤهم (نسبة 77 في المئة) يوافقون على فرض الحكومة ضرائب على الأثرياء لتحسين وضع المالية العامة بدلاً من خفض الإنفاق العام. لكن فرض مثل هذه الضريبة قد يكون مشكلة بالنسبة إلى حكومة تسعى إلى تشجيع الاستثمار لزيادة معدلات النمو، إذ إن الضريبة على الثروات ستدفع مزيداً من أصحاب الأموال للخروج من بريطانيا. ضرائب على الأعمال لتفادي زيادة الضرائب مباشرة على العاملين اتساقاً مع الالتزام الذي قطعه حزب العمال قبل الوصول إلى الحكم يمكن لوزيرة الخزانة أن تضمن إعلان ميزانية الخريف تعديلاً لنظام الضريبة على الأرباح الرأسمالية، وهي الضريبة التي تحصلها الخزانة العامة على الارتفاع في قيمة الأصول مثل الفارق بين سعر بيع عقار عن سعر شرائه. نسبة ضريبة أرباح رأس المال حالياً عند 24 في المئة. ويطالب البعض في حزب العمال بأن تصبح أرباح رأس المال خاضعة للضريبة بنظام ضريبة الدخل، أي في شرائح ضريبية قد تصل أعلاها إلى نسبة 45 في المئة. ويرى هؤلاء أن من غير العادل أن من تزيد قيمة أصولهم من دون أي جهد يدفعون ضرائب على أرباحهم أقل بكثير مما يدفعه من يعملون ليل نهار لتسيير الاقتصاد والحفاظ على الخدمات العامة في البلاد. يمكن أيضاً أن يتضمن بيان الميزانية القادم زيادة ضريبة الشركات على البنوك، باعتبار أن ذلك أمر يلقى قبولاً واسعاً لدى الناخبين. وكانت زيادة الضريبة على البنوك واحداً من المقترحات التي طرحتها نائبة رئيس الوزراء أنغيلا راينر على وزيرة الخزانة راتشل ريفز قبل بيان ميزانية الربيع، مع أن زيادة ضريبة الشركات على البنوك ليس به أي حساسية سياسية إلا أن تبعاته على القطاع المصرفي قد تزيد من انكماش الائتمان، فالبنوك في بريطانيا تدفع ضرائب ورسوماً كبيرة بالفعل إلى جانب ضريبة الشركات ونسبتها حالياً 25 في المئة، إذ تدفع البنوك علاوة ضريبية على تلك النسبة عند ثلاثة في المئة، إضافة إلى رسوم مصارف تساوي نسبة 0.1 في المئة من إجمال حسابات ميزانية البنك. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) من الخيارات الأخرى زيادة الضرائب على عائدات الأسهم التي توزعها الشركات على مساهميها. حالياً، هناك حد إعفاء لأي عائدات من الأسهم ضمن الإعفاء الأساس في ضريبة الدخل، أي إنه إذا كانت الأرباح التي تحققها من أسهم تملكها لا ترفع الدخل إلى سقف حد الإعفاء فلا تدفع عليها ضرائب، إضافة إلى أن هناك إعفاء ضريبياً سنوياً على أول 500 جنيه استرليني (680 دولاراً) من عائدات الأسهم. تقدر مصلحة الضرائب أن إلغاء هذه الإعفاءات للضرائب على عائدات الأسهم يمكن أن يوفر للخزانة العامة ما يصل إلى 325 مليون جنيه استرليني (442 مليون دولار) سنوياً. وهناك مقترح آخر بإنهاء إعفاء عائدات الأسهم من ضريبة التركات (ضريبة الإرث). ضرائب غير مباشرة على المتقاعدين إلى جانب خيارات الضرائب المباشرة على الأثرياء والشركات والأعمال والمستثمرين، هناك احتمالات ضرائب غير مباشرة تطاول العاملين والمتقاعدين، أي الشريحة الكبرى من الناخبين، والاحتمال الأكبر هو أن تمدد الحكومة تجميد سقف شرائح ضريبة الدخل. وعلى رغم أن التجميد لا يعني زيادة مباشرة في الضريبة على الدخل فإنه يعني زيادة غير مباشرة، فبعدما كان سقف الشرائح الضريبية يرتفع بنسبة قريبة من نسبة التضخم سنوياً، فإن تجميد السقف يعني دخول مزيد من العاملين في الشرائح الضريبية الأعلى. ومع احتمال دخول أكثر من مليون في شريحة الضريبة الأعلى بنسبة 45 في المئة ترتفع حصيلة الخزانة العامة من ضريبة الدخل، وتنتهي فترة تجميد سقف الشرائح الحالية عام 2028، لكن وزيرة الخزانة ستعلن تمديد فترة التجميد. هناك ضريبة غير مباشرة أخرى قد تصيب المتقاعدين، سواء بإلغاء إعفاء من يتقاضون معاشات تقاعدية وما زالوا يعملون من مدفوعات مستقطعات التأمينات أو إدخال أموال معاشات التقاعد ضمن ضريبة الإرث (التركات)، فضلاً عما ستعلنه ريفز في خطاب "مانشن هاوس" في الـ15 من يوليو (تموز) الجاري من تغييرات تتعلق بالادخار المعفي من الضريبة على فائدته. صعدت مؤسسات مالية مثل شركات الإقراض العقاري حملتها للضغط على الحكومة كي لا تنفذ خططها بخفض سقف الادخار في الوعاء الادخاري المعفي من ضريبة الأرباح (ISA). وترى المؤسسات المالية أن ذلك إجراء مضاد لتشجيع الادخار سيشكل ضغطاً على توفر الائتمان، بخاصة للقروض العقارية. الحد السنوي الحالي للادخار في ذلك الوعاء هو 20 ألف جنيه استرليني (27 ألف دولار)، وتنوي الحكومة خفضه إلى 4 آلاف جنيه استرليني (5.5 ألف دولار)، ويعني ذلك أن أي مدخرات فوق ذلك السقف ستخضع للضريبة على الأرباح. كل هذه ضرائب غير مباشرة على المتقاعدين، الذين يستفيدون من تلك المدخرات في آخر عمرهم بعد أن تعبوا في تجميعها خلال فترة عملهم الطويلة، ولأن معاش التقاعد الحكومي لا يكفي في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الحالي فإن كثيراً من المتقاعدين فوق سن 67 سنة يضطرون إلى العمل لتغطية كلفة معيشتهم، ومن شأن إلغاء الإعفاء الضريبي المتمثل في عدم دفع مستقطعات تأمينية بعد سن التقاعد أو فرض ضرائب غير مباشرة على مدخراتهم أن يزيد من الضغط على سبل حياتهم.


الشرق السعودية
منذ 5 أيام
- الشرق السعودية
ماكرون: يجب على لندن وباريس إنهاء الاعتماد على أميركا والصين
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، إن على بريطانيا وفرنسا التعاون في مواجهة التهديدات العديدة التي تزعزع استقرار العالم والعمل على حماية أوروبا من "الاعتماد الاقتصادي المفرط" على الولايات المتحدة والصين. في خطاب نادر أمام البرلمان البريطاني، أشاد الرئيس الفرنسي، بعودة العلاقات الوثيقة بين فرنسا وبريطانيا، ليصبح أول زعيم أوروبي يزور لندن منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، داعياً إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الدفاع والهجرة والمناخ والتجارة. ولفت إلى ضرورة تعزيز التحالف بين فرنسا والمملكة المتحدة، مؤكداً أن التعاون الوثيق هو السبيل لمواجهة تحديات العصر، وشدد على أن البلدين من أقدم الدول ذات السيادة في أوروبا، مشيراً إلى أهمية اتخاذ قرارات مستقلة في الشؤون الاقتصادية والتقنية والدبلوماسية، وفق ما نقلته "سكاي نيوز" البريطانية. وبالرغم من أن لندن ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي، إلا أن ماكرون يرى أنه لا يمكن للمملكة المتحدة الوقوف مكتوفة الأيدي لأن الدفاع والأمن، والقدرة التنافسية، والديمقراطية جوهر هوية البلدين على حد تعبيره، ومهما للترابط في جميع أنحاء أوروبا كقارة. واستعرض ماكرون مجموعة من التهديدات الجيوسياسية التي تواجه الدولتان، مؤكداً على ضرورة الحذر من "الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة والصين"، مضيفاً: "أننا بحاجة إلى حماية اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من مخاطر هذه التبعية المزدوجة". ويرمز الخطاب إلى تحسن العلاقات الذي يسعى إليه حزب العمال، المنتمي ليسار الوسط بزعامة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في إطار إعادة ضبط أوسع للعلاقات مع الحلفاء الأوروبيين في أعقاب الخلافات التي اندلعت بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفق وكالة "رويترز". ويُجري ماكرون زيارة رسمية لبريطانيا تستمر 3 أيام، التقى خلالها الملك تشارلز الثالث، في ظل تحسّن العلاقات بعد تولي حزب العمال الحكم. وتتركز الزيارة على ملفات الهجرة والدفاع، وسط تطلعات لتعزيز التعاون بين البلدين، بحسب "فرانس 24".