logo
كسر الإرادات بين ايران إسرائيل

كسر الإرادات بين ايران إسرائيل

#كسر #الإرادات بين #ايران #إسرائيل
بقلم: د. #هشام_عوكل – أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
بينما يدّعي ترامب قدرته على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 ساعة فإن الواقع يكشف أنه – بدلًا من إطفاء الحرائق – يُشعلها. الهجوم الإسرائيلي على طهران رغم استعراض القوة لم يُضعف إيران كما كان مأمولًا بل فتح ساحة جديدة لصراع مفتوح الأطراف.
الضربات ما زالت تتساقط على حيفا وتل أبيب والمدن كبرى وتستهدف بشكل مباشر منشآت تعتبر جزءًا من العمود الفقري للصناعات الإسرائيلية. إيران، التي لا تملك ترسانة إسرائيل الدفاعية ولا غطاءً نوويًا معلنًا تمكنت من فرض معادلة ردع جديدة عنوانها: كسر الإرادات لا تحقيق النصر السريع.
هنا نطرح مسألة في غاية الأهمية هل مازلت إسرائيل تفكر في ان تسمك بعصا القيادة في المنطقة بعد غياب دور اقليمية كبرى بالعالم العربي والاسلامي . لم يعد واقعيًا. هذا الدور أصبح من الماضي وواقع ما بعد الضربة الإيرانية يُظهر أن إسرائيل باتت تلهث خلف الحدث لا تصنعه.
وفي الجانب المقابل هل الضربات الإيرانية عشوائية أو استعراضية بل موجّهة نحو مواقع ذات تأثير مباشر تستهدف تفكيك الشعور بالأمان داخل الشارع الإسرائيلي. كل ضربة تم حسابها سياسيًا ونفسيًا قبل أن تكون عسكرية. إيران تدرك أن كسر صورة التفوق أهم من حجم الدمار.
في هذا السياق المضطرب تتجه الأنظار إلى القوى الكبرى وتحديدًا إلى الولايات المتحدة وروسيا. كلا الطرفين مرشحان للتدخل في رسم تهدئة جديدة ليس فقط لاحتواء التصعيد. بل لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات وفق شروط جديدة ولكن السؤال الكبير يظل مطروحًا: طالما أن إيران كانت قد تنوي دخول أصلًا الجولة الخامسة من المفاوضات، فما مبرر هذه الضربة؟
هل كانت حقًا الضربة تهدف لخلط الأوراق؟ أم أن ترامب يحاول تصدير أزمة داخلية أميركية إلى الخارج؟ الحديث عن منحه 60 يومًا لطهران كنافذة تفاوض لا يصمد سياسيًا خاصة أن سجل ترامب حافل بالوعود الممنوحة التي لم يلتزم بها. في علم السياسة لا يُكافأ من يفاوض بالقصف، ولا تُدار المفاوضات بصواريخ الكروز.
نتنياهو وجه خطابًا للشعب الإيراني دعمته وسائل الإعلام، في محاولة للاستثمار في معارضة خارجية، خاصة في الأحواز. إلا أن هذه المعارضة الهشة فشلت، إذ لا تزال مؤسسات إيران، من الحرس الثوري ومجلس الشورى إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، قوية ومتماسكة، ولا تتغير بسهولة تحت أي تحريض خارجي.
لكن من جهة أخرى، يمثل امتلاك إسرائيل لمعلومات استخباراتية دقيقة عن قيادات إيرانية تحديًا كبيرًا، فهو يعكس هشاشة البنية الاستخباراتية وكشف عن صعوبة ولعنة الجغرافيا الإيرانية التي تسمح بالتسلل بسهولة في بعض المناطق مما يضع إيران في موقف دفاعي دائم ويشكل نقطة ضعف كبيرة أمام الحرس الثوري.
هنا تبرز مفارقة خطيرة: كلا الطرفين يملك نقاط ضعف استراتيجية. إسرائيل عاجزة عن الحسم رغم تفوقها التكنولوجي، وإيران تواجه اختراقًا استخباراتيًا يهدد أمنها الداخلي. كيف ستُدار هذه المعادلة؟ وهل سيقودها هذا التوازن الهش إلى تسوية سياسية؟ أم إلى انفجار أكبر؟
بالمقابل هناك سؤال جريء لا بد أن يُطرح: هل ترامب يريد فعلاً إسقاط النظام الإيراني؟ أم يسعى إلى جرّه إلى المفاوضات كنظام قوي متماسك بغض النظر عن طبيعته؟ هل تهدف الاستراتيجية الأمريكية إلى تغيير النظام أم إلى ترويضه؟
وبالتوازي، يُطرح تساؤل داخل إيران نفسها: لماذا لم تستخدم طهران حتى الآن منظومات الدفاع الجوي الروسية S-300 وS-400 في صد الضربات الإسرائيلية؟ هل هذا قرار تكتيكي؟ أم أن هناك اتفاقًا غير معلن مع موسكو بعدم توجيه هذه الصواريخ نحو أهداف إسرائيلية؟
ما زالت إيران تُمسك بخيوط استراتيجية دفاعية لكن السؤال الذي يُطرح الآن: متى ستنتقل من الدفاع إلى الهجوم المنظم؟ وهل باتت الظروف ناضجة لتغيير هذه المعادلة؟
وبالتالي يبرز سؤال مركزي أكثر خطورة: هل يمكن أن تُقدم إيران على ضربة استراتيجية استباقية؟
الجواب: نعم، ولكن بشروط دقيقة جداً.
طهران قد ترى أن ضربة استباقية، مدروسة ومحددة الأهداف، تمنحها ورقة تفاوضية قوية تقول من خلالها للعالم: إسرائيل هي من بدأت الحرب لكن إيران هي من أنهاها. هكذا ضربة لن تكون مجرد رد فعل عسكري بل إعادة صياغة لمفهوم الردع الإقليمي.
والغاية الحقيقية من ضربة كهذه ليست فقط عسكرية بل سياسية بامتياز العودة إلى طاولة المفاوضات من موقع الفاعل لا المفعول به ومن موقع يكرّس إيران كلاعب إقليمي أساسي لا يمكن تجاوزه.
وإذا ما حدث ذلك فإن المفهوم التقليدي للتفوق الإسرائيلي سينهار لصالح معادلة جديدة: إيران تملك قرار البدء والإنهاء، لا فقط قرار الرد.
وبهذا لا يعود الصراع مجرد سباق دموي على من يقتل أكثر، بل على من يملك الحق في رسم النهاية.
زاوية حادة تترك لنا سؤال
إسرائيل ليست سوى ذراع أمريكية وأمريكا لا تمانع في إشعال الشرق طالما بقيت يدها بعيدة عن النار. والنتيجة: طهران تحت القصف غزة تحت الحصار، والمنطقة كلها على شفا الانهيار و إسرائيل لا تستطيع تدمير المعرفة النووية التي راكمتها إيران
إلى أن يقرر نتنياهو كيف يخرج من هذا المستنقع، سيبقى الشرق الأوسط أسير حرب لا يملك أحد شجاعتها ولا شرف ختامها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأكاذيب النووية
الأكاذيب النووية

الدستور

timeمنذ 39 دقائق

  • الدستور

الأكاذيب النووية

الكذب في السياسة ليس استثناءً، بل هو القاعدة- حنة آرندت، فيلسوفة يهودية مناهضة للصهيونية.يدّعي مجرم الحرب نتن ياهو أنه دمّر مفاعل أصفهان، زاعمًا أن ذلك حال دون تمكّن إيران من امتلاك السلاح النووي. وفي تقديري، فإن هذا الادعاء لا يستند إلى الحقيقة؛ إذ إن الكيان الصهيوني عاجز، بمفرده، عن تدمير المنشآت النووية الإيرانية، وذلك لعدة أسباب. أولها، أن أهم مجمع نووي إيراني، وفق صور الأقمار الصناعية، يقع داخل أحد جبال سلسلة زاغروس الوسطى، شرق طهران، وعلى بُعد نحو ثلاثين كيلومترًا من مدينة قُم. هذه المنشأة مدفونة على عمق يناهز مئة متر تحت سطح الأرض، ومحاطة بدرع صخري طبيعي وطبقة سميكة من الخرسانة المسلحة، ما يجعلها محصنة تمامًا أمام الضربات الجوية التقليدية.وثانيًا، لتدمير مثل هذا الموقع، يحتاج الكيان إلى قنبلة خارقة من طراز GBU-57، تزن 14 ألف كيلوغرام، صُممت خصيصًا لاختراق التحصينات العميقة. غير أن هذه القنبلة لا تملكها سوى الولايات المتحدة وروسيا. وعلى الرغم من الطلبات المتكررة التي قدّمها الكيان للحصول عليها، فإن واشنطن لم توافق على تزويده بها، مكتفية بمنحه قنابل ضخمة لا تصلح إلا لتمزيق أجساد أطفال ونساء غزة.أما السبب الثالث، فهو أن الطائرات المقاتلة التقليدية لا تستطيع حمل هذه القنبلة، بل تتطلب طائرات استراتيجية متخصصة مثل B1 Lancer أو B2 Spirit، وهي طائرات لا يمتلكها الكيان الصهيوني. فضلًا عن ذلك، فإن أي هجوم يعتمد على المقاتلات العادية سيتطلب فترات طويلة من القصف المكثف، وهي رفاهية لا يملكها الكيان في ظل عوامل ضاغطة كضيق الوقت، والمسافات الطويلة، والحاجة إلى أعداد كبيرة من الطائرات، إلى جانب التعقيدات اللوجستية في تأمين خطوط الإمداد الجوي.من هنا، يسعى نتن ياهو إلى جرّ الولايات المتحدة نحو مواجهة مباشرة مع إيران. وبعيدًا عن أمانيه، فإن احتمال انخراط واشنطن في هذه الحرب لا يُستبعد، وتؤكده تصريحات الرئيس ترامب، التي كشفت أن الهجوم الصهيوني على إيران جرى بدعم وموافقة أمريكية واضحة. فقد قال ترامب صراحة: «نحن ندعم «إسرائيل»، بالطبع، ودعمناها كما لم يدعمها أحد من قبل. كان على إيران أن تستمع إليّ حين قلت – كما تعلمون – منحتهم 60 يومًا، واليوم هو اليوم 61، وعليهم الآن العودة إلى طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان».في المقابل، حاول وزير خارجيته نفي التورط، مدعيًا أن الكيان اتخذ خطوات أحادية الجانب، وأن الولايات المتحدة ليست طرفًا في الضربات، مؤكدًا أن الأولوية القصوى لواشنطن هي حماية قواتها في المنطقة. في الوقت ذاته، كان مبعوث ترامب يجري اتصالات مع سلطنة عُمان، في محاولة لإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات. ويمكن وصف هذا النهج بتبادل الأدوار؛ إذ تسعى واشنطن إلى دفع طهران للعودة إلى المفاوضات وهي في حالة إنهاك وضعف، لتقبل بالإملاءات الأمريكية دون شروط.وقد ربط ترامب بشكل مباشر بين انخراط بلاده عسكريًا وبين تعرض قواتها لهجمات، ما يمهّد لذريعة جاهزة يمكن استخدامها لاحقًا لتبرير التدخل المباشر في الحرب وإنهاء البرنامج النووي الإيراني. والتاريخ الصهيوني يؤكد أن الكيان لا يتردد في اللجوء إلى الخداع والتضليل، وافتعال أحداث تُنسب إلى جهات أخرى لتوجيه الرأي العام وخلق المبررات. من أبرز الأمثلة على ذلك «قضية لافون» عام 1954، حين جنّدت الاستخبارات الصهيونية يهودًا مصريين لتنفيذ تفجيرات داخل مصر، نُسبت زورًا إلى النظام ومجموعات مسلحة، بهدف بث الذعر بين اليهود ودفعهم للهجرة إلى الكيان. كما تلاعب الموساد لاحقًا بع ناصر من تنظيم «جند الله» المتشدد، موهمًا إياهم بأنه يمثل وكالة الاستخبارات الأمريكية، ودفعهم إلى تنفيذ عمليات داخل إيران. ولا تُنسى كذلك فضيحة الهجوم على السفينة الأمريكية «ليبرتي» عام 1967، حين سعى الكيان لإلصاق التهمة بمصر لتوريط الولايات المتحدة في الحرب. وباختصار، فإن الذرائع جاهزة، والتاريخ حافل بالشواهد.لكن اللافت أن الولايات المتحدة قد لا تكون الطرف الوحيد في هذه الحرب. فقد أعلنت باكستان، على لسان رئيس وزرائها شهباز شريف ووزيري الدفاع والخارجية، موقفًا واضحًا من التطورات، وتشير تقارير إلى أن إسلام آباد بدأت بالفعل بتزويد بعض الأطراف بأنظمة دفاع جوي وطائرات عسكرية، في مؤشر مبكر على انخراطها الفعلي في المشهد العسكري المتصاعد.وإذا قررت الولايات المتحدة التدخل المباشر، فقد يدفع ذلك قوى كبرى إلى دعم إيران في حرب استنزاف طويلة تُغرق واشنطن وتُشغلها عن ساحات أخرى أكثر حيوية. وعندها، لا يعلم أحد إلى أين يمكن أن تنزلق هذه الحرب، ولا كيف يمكن أن تتطور... إلا الله وحده.

حاملة الطائرات الأميركية 'نيميتز' تنضم إلى 'فينسون' بالشرق الأوسط
حاملة الطائرات الأميركية 'نيميتز' تنضم إلى 'فينسون' بالشرق الأوسط

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

حاملة الطائرات الأميركية 'نيميتز' تنضم إلى 'فينسون' بالشرق الأوسط

قال مسؤول أميركي للجزيرة اليوم الاثنين إن حاملة الطائرات 'نيميتز' ومجموعتها الضاربة تتوجه إلى منطقة الشرق الأوسط، وذلك في ظل المواجهة بين إسرائيل وإيران. وأوضح المسؤول الأميركي أن حاملة الطائرات 'نيميتز' ستنضم إلى الحاملة فينسون لتعزيز إجراءات الحماية للقوات الأميركية. وأشار إلى أن حاملة الطائرات نيميتز تغادر منطقة المحيطين الهندي والهادي في مهمة لم تكن معدّة مسبقا، في حين أكد مسؤولان أميركيان -لرويترز- أن 'نيميتز' متجهة إلى الشرق الأوسط. وأضاف المسؤولان أن الجيش الأميركي نقل عددا كبيرا من طائرات التزود بالوقود إلى أوروبا لتوفير خيارات للرئيس دونالد ترامب مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وفق رويترز. وكانت بيانات موقع 'مارين ترافيك' لتتبع السفن أظهرت أن حاملة الطائرات الأميركية 'نيميتز' غادرت بحر جنوب الصين صباح اليوم الاثنين متجهة غربا نحو الشرق الأوسط، بعد إلغاء رسوها الذي كان مقررا في ميناء بوسط فيتنام. وكانت حاملة الطائرات تخطط لزيارة مدينة دانانغ الفيتنامية، لكن مصدرين، أحدهما دبلوماسي، قالا إن الرسو الرسمي الذي كان مقررا في 20 يونيو/حزيران قد أُلغي. وأمس الأحد قال الرئيس ترامب إنه إذا تعرضت الولايات المتحدة لهجوم بأي شكل من الأشكال من إيران فإن القوات الأميركية سترد بأقصى قوة وبمستويات غير مسبوقة. كما أكد ترامب، في تصريحات لشبكة 'إيه بي سي'، أن الولايات المتحدة قد تتدخل لدعم إسرائيل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني. وأضاف أن بلاده ليست منخرطة في المواجهة في الوقت الراهن، مشيرا إلى أنه ليس هناك موعد نهائي لإيران من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع بلاده. وكان ترامب ألمح إلى أن بلاده ستواصل دعم إسرائيل 'في الدفاع عن نفسها'، وأعرب عن الأمل في التوصل إلى اتفاق بين طهران وتل أبيب. وتشن إسرائيل هجمات على إيران منذ الجمعة الماضية، استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية واغتالت قادة عسكريين كبارا وعلماء نوويين بارزين، في حين ردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلفت قتلى إسرائيليين ودمارا واسعا.

أين تمضي المواجهة؟
أين تمضي المواجهة؟

الغد

timeمنذ 4 ساعات

  • الغد

أين تمضي المواجهة؟

لقد تبدل الحال جذريا، فلسنوات طويلة مضت، لم تكن طهران تدفع كلفة المواجهة العسكرية مع إسرائيل، وتقودها عبر أذرعها في المنطقة. اليوم تجد إيران نفسها وحيدة في معركة مباشرة فوق أراضيها. جبهات الممانعة وساحاتهم في لبنان وسورية والعراق صارت هي الطريق المفضل والآمن لقاذفات إسرائيل للوصول إلى طهران ومواقع إيران المحصنة. اضافة اعلان لأكثر من عشرين عاما مضت، كانت إسرائيل ترغب وبشدة بتسوية الحساب النووي مع إيران. تعذر ذلك لعدم امتلاكها القدرات العسكرية الكافية، ورفض واشنطن المشاركة في حرب كهذه. وبعد توقيع إدارة أوباما الاتفاق النووي مع إيران، تلاشت آمال تل أبيب في اللجوء للخيار العسكري، لكنها ظلت تتحضر ليوم ربما يأتي لتغيير المسار. إدارة ترامب الأولى، اكتفت بفض الاتفاق النووي مع إيران وتفعيل خيار العقوبات الاقتصادية المشددة، دون أن تبلغ الحد الذي تريده إسرائيل، وهو شن هجوم عسكري لتدمير المفاعلات النووية. والمفارقة العجيبة أن ترامب في إدارته الثانية خالف توقعات إسرائيل بشكل جذري، إذ عمد إلى إجراء مفاوضات مع طهران لتوقيع اتفاق جديد أكثر صرامة من اتفاق أوباما. بيد أن حدثا كبيرا أصاب المنطقة، منح إسرائيل فرصة لا تعوض للتفكير جديا بالخيار العسكري، ألا وهو أحداث السابع من أكتوبر. لقد امتلكت إسرائيل فائضا هائلا من القوة والمشروعية، بعد النتائج العسكرية التي حققتها على مختلف الجبهات، فأصبح الطريق إلى طهران ممهدا بعد الإجهاز على القوى الرئيسة في محور الممانعة المحسوب على إيران. كان واضحا أن جولات المفاوضات في مسقط وروما لم تكن تروق لحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، وقد حاولت إفشالها بكل الطرق، وعندما تعذر ذلك قررت، بعلم إدارة ترامب المسبقة وموافقتها، شن هجوم جوي ساحق على إيران، وتحمل تبعاته مهما كانت. بالنسبة لإدارة ترامب التي واجهت تعنتا إيرانيا، ستكون الضربات الإسرائيلية الموجعة، فرصة لإخضاع إيران لشروطها التفاوضية، لتعود إلى الطاولة من جديد وتقبل بالعرض الأميركي. إسرائيل لا تفكر على هذا النحو، كما يبدو، فهي تسعى لكسر ظهر قدرات إيران النووية والصاروخية، وإنهاء دورها في المنطقة بوصفها قوة إقليمية منافسة لإسرائيل. إننا إزاء نفس المقاربة التي أعلنها نتنياهو بعد السابع من أكتوبر؛ تغيير وجه الشرق الأوسط، وخرائطه أيضا. وفي قاموس اليمين الحاكم في إسرائيل، فإن كل ما تحقق من مكاسب خلال السنتين الماضيتين، لا قيمة له إذا لم يتوج بتحطيم قدرات إيران النووية التي يعدها تهديدا وجوديا لإسرائيل. المهمة ليست يسيرة أبدا، فإيران وإن فقدت خياراتها، وضعفت قدراتها، لن تستسلم، بسهولة، وكما يتوقع بعض المحللين الأميركيين، قد تندفع لتصنيع قنبلة نووية في وقت قصير ردا على الهجوم الإسرائيلي. إسرائيل من جهتها تدرك صعوبة المهمة، ولهذا السبب تسعى لجر الولايات المتحدة للانتقال من دور الداعم إلى المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية ضد إيران، ما يعني دخول المنطقة حربا إقليمية واسعة. طهران المنهكة بالضربات الإسرائيلية، ستحاول قدر المستطاع تجنب هذا السيناريو المرعب، وأسوأ ما يمكن أن تفعله، خطوة متهورة ضد القوات الأميركية في المنطقة، تجلب لها ردا ساحقا من إدارة لا تعرف الرحمة. نحن على مفترق طرق، وقد يطول الوقت قبل أن يختار كل فريق طريقه. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store