
البيتلز على بوابة هوليود.. 4 أفلام تعيد إحياء أسطورة فرقة "الخنافس"
من المتوقع أن يرى النور في عام 2028، وقد بدأ التصوير في لندن منتصف 2025. يتجاوز العمل البناء النمطي للسير الفنية الموسيقية، ويعتمد أسلوبًا سرديًا متشابكًا؛ حيث تُروى قصة كل عضو من وجهة نظره الذاتية، مع محطات زمنية ومكانية متقاربة.
وكان المخرج البريطاني المعروف بفيلمه الأشهر "الجمال الأميركي" 1999(American Beauty) قد صرح لمجلة "فانتي فير": "غيّرت فرقة البيتلز فهمي للموسيقى. دائما كنت أتمنى إنتاج فيلم عنهم، كنت أبحث عن طريقة لسرد قصتهم، وكان لا بد من وجود طريقة لهذه القصة الملحمية للجيل الجديد"، مضيفًا: "أؤكد لكم أنه لا يزال هناك كثير لاستكشافه، وأعتقد أننا وجدنا طريقةً للقيام بذلك، ربما تكون هذه فرصة لفهمهم بشكل أعمق، نحن لا نصنع فيلمًا واحدًا فقط، نحن نصنع أربعة أفلام".
استثمار سينمائي في الموسيقى
ويندرج مشروع سام مينديز ضمن تيار كبير من الأعمال السينمائية الحديثة التي تستثمر في إرث فرق موسيقية لا تزال تحظى بقاعدة جماهيرية عالمية، مثل "كوين" Queen و"إلفيس بريسلي" Elvis Presley و"بوب مارلي" Bob Marley، وغيرها. لكن ما يميز هذا المشروع هو طموحه البنائي والإبداعي، إذ هو أول تجربة تقدم أربعة أفلام في إطار سردي متسلسل واحد، مع الاستعانة بحقوق موسيقى كاملة، ومستندات أرشيفية أصلية، وأيضًا تقنيات "الواقع المعزز" لإعادة تصميم الحفلات الأسطورية للفرقة، ومنها حفل ملعب "شيا" في لندن، والذي أقيم في 15 أغسطس/آب، وكان أحد أشهر أحداث الحفلات الموسيقية في عصره، وحضره أكثر من 55 ألف شخص، وحقق إيرادات بلغت 304 آلاف دولار.
حصل مينديز على تصريح من الورثة مباشرة باستخدام التراث الموسيقي، والبصري للفرقة، وذلك لبناء نسخ طبق الأصل من الفرقة وحفلاتها وموسيقاها بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
أنشأت فرقة "البيتلز" في ليفربول، بإنجلترا، عام 1960، وحققت شهرة عالمية منتصف الستينيات ضمن الحركة الثقافية المعروفة بـ«الغزو البريطاني» للغيتار والبوب إلى الولايات المتحدة، وذلك فضل مزجها الفريد بين البساطة الموسيقية والابتكار الفني، مما جعلها أيقونة تجاوزت الموسيقى لتصل إلى حد التأثير الثقافي والفكري. وعبرت أغاني مثل "تخيل" (Imagine) و"ثورة" (Revolution) و"الغواصة الصفراء" (Yellow Submarine) عن رغبات جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية في السلام، والشعور بالذات.
ولا تزال الفرقة قادرة على جذب جمهور عالمي، إذ تشير البيانات إلى أن أكثر من 60% من مستمعيها عبر تطبيق "سبوتيفاي"(Spotify) هم دون سن الخامسة والثلاثين. يتنبأ نقاد ومحللون غربيون أن مشروع مينديز يحمل إمكانيات كبيرة، لكنه في الوقت ذاته محفوف بالتحديات، إذ قد يجسد الموسيقى التي أثارت إعجاب وخيال شباب الستينات، لكن هل يستطيع أن يفعل المشروع الشيء نفسه مع جيل العصر الرقمي.
ضمت الفرقة الأشهر في تاريخ الموسيقى في العالم أربعة موسيقيين، هم جون لينون، الذي حقق بعد انفصال الفرقة عام 1970 مسيرة فردية ناجحة في الموسيقى، وأصدر ألبومات تعبر عن آرائه السياسية والاجتماعية. قتل لينون عام 1980، بإطلاق نار عليه أمام منزله في نيويورك من مارك ديفيد تشابمان، ما أحدث صدمة كبيرة لدى عشاق الفرقة وعالم الموسيقى.
واستمر العضو الثاني في الفرقة، بول مكارتني مغنيا وكاتب أغاني، وأسس فرقة جديدة باسم "وينغز"، حققت نجاحاً كبيراً في السبعينيات. ويعد اليوم من أكثر الموسيقيين تأثيراً في تاريخ الموسيقى، وله آلاف الأغاني الناجحة مع البيتلز وفي مشواره الفردي.
أما العضو الثالث، فهو جورج هاريسون، الذي اتجه إلى موسيقى الروك الفردية، وبرز في استخدام الموسيقى الشرقية والأدوات الهندية، وتوفي بسبب سرطان الرئة عام 2001 بعد معاناة مع المرض.
وتابع العضو الرابع في الفرقة وهو رينغو ستار مشواره كموسيقي منفرد وممثل، وأصدر ألبومات ناجحة. كما كون فرقة خاصة، وهو لا يزال نشطاً في الموسيقى ويشارك في جولات موسيقية.
أربعة نجوم
في أول تعليق له بعد إعلان اختياره تجسيد شخصية جون لينون، قال الممثل هاريس ديكنسون لمجلة "فانيتي فير" إنه يشعر بـ"رهبة ممزوجة بالحماس"، مضيفًا: "لينون لم يكن مجرد موسيقي عبقري، بل كان روحًا قلقة تبحث عن المعنى في عالم مضطرب، وهذا ما سأحاول أن أستحضره على الشاشة". وأوضح ديكنسون أنه أمضى شهورًا في دراسة طبقات شخصية لينون من خلال أرشيف المقابلات والرسائل الشخصية.
أما الممثل بول ميسكال، الذي يؤدي دور بول مكارتني، فقد أشار في حوار لـ"هوليود ريبورتر" (The Hollywood Reporter) إلى أن التحدي الأكبر يكمن في تجسيد فنان لا يزال حيًا وفاعلًا في المشهد الثقافي. قال ميسكال: "أشعر بمسؤولية ثقيلة. مكارتني أسطورة لا تزال نابضة، وأنا أريد أن أقدّم نسخة إنسانية تحترم هذا الإرث دون الوقوع في التقليد السطحي".
وفي تصريح آخر، عبّر باري كيوغان، الذي سيؤدي دور رينغو ستار، لصحيفة "الغارديان" (The (Guardian عن فخره بالمشاركة في المشروع: "رينغو ليس فقط ضاربا للدرامز بل هو قلب نابض بالدفء والفكاهة داخل الفرقة. أحاول أن ألتقط طاقته العفوية وأعيد تشكيلها سينمائيًا".
أما جوزيف كوين، الذي اختِير لتجسيد جورج هاريسون، فقد قال في مقابلة لـ"رولينغ ستون" (Rolling Stone): "هاريسون شخصية غامضة وذات بُعد روحي عميق، وقد أسرتني رحلته من نجم عالمي إلى متصوف يبحث عن الحقيقة. أظن أن هذا المشروع فرصة لفهم الجانب الهادئ في البيتلز".
ومع موافقة الورثة والشركات المالكة لحقوق الملكية الفكرية والأداء العلني على الاستخدام الكامل للموسيقى الأصلية، يصبح العمل قادرًا على الانتقال من إعادة تمثيل بسيطة إلى تجربة سمعية بصرية متكاملة تُعيد الكرة الإنتاجية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 35 دقائق
- الجزيرة
فلسطين تقاوم الاحتلال في اليوبيل الذهبي لمهرجان تورنتو
تتهيأ مدينة تورنتو الكندية لاستقبال واحد من أكبر المهرجانات السينمائية في العالم وأكثرها تأثيرا في مسار الجوائز الكبرى، وهو مهرجان تورنتو السينمائي الدولي (TIFF)، الذي يُعقد في الفترة من 4 إلى 14 سبتمبر/أيلول المقبل. ويتضمن برنامج عروض الدورة الخمسين أكثر من 200 فيلم من 70 دولة، تتنوع بين أفلام روائية طويلة، وأفلام وثائقية، وأعمال قصيرة، إضافة إلى أقسام خاصة للأفلام الكلاسيكية المستعادة. ويواصل المهرجان تقديم منصات لدعم المواهب الجديدة، من خلال برنامج "نجوم صاعدة"(TIFF Rising Stars)، الذي يسلط الضوء على الوجوه الصاعدة في التمثيل والإخراج. وتتميز الدورة المقبلة باحتفالات واستعدادات غير عادية باعتبارها توافق اليوبيل الذهبي أو مرور 50 عاما على تأسيس المهرجان. وجاءت اختيارات إدارة المهرجان لهذا العام لتكشف عن مزيج محسوب من الأعمال الضخمة الموجهة لموسم الأوسكار، والأصوات المستقلة التي تضيف إبداعا غير مألوف للفن السابع، مع حضور لافت للسينما الآسيوية والعربية. يُفتتح المهرجان بفيلم وثائقي يلامس وجدان الجمهور الكندي، وهو "جون كاندي: أنا أعجبني" (John Candy: I Like Me)، إخراج كولين هانكس. ويحكي النجم والكوميديان الكندي الراحل جون كاندي خلال الفيلم وعبر الأرشيف قصته بنفسه تقريبا. ويعد اختيار الفيلم للافتتاح تحية لماضي السينما الكندية، ورسالة أن المهرجان في عيده الخمسين لم ينس جذوره. ويعرض في الختام فيلم "ذروة كل شئ" (Peak Everything) للمخرجة آن إموند، وهي من أبرز الأصوات النسائية في السينما الكندية المعاصرة. يزاوج الفيلم بين الدراما والرومانسية والنزعة التأملية في نهاية العالم، ويأتي بعد سلسلة من أعمالها التي حصدت جوائز في مهرجانات مثل لوكارنو وبرلين. View this post on Instagram A post shared by When To Stream (@whentostream) تاريخ من المقاومة الفلسطينية تبرز المشاركة العربية في الدورة الخمسين للمهرجان من خلال أعمال فنية تحمل قضايا إنسانية وتاريخية عميقة، مع تركيز خاص على الأعمال الفلسطينية التي تقدم قصصا مؤثرة من قلب المنطقة. إعلان ويعرض فيلم "فلسطين 36" (Palestine 36): للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر ضمن برنامج "غالا" (Gala). تدور أحداث الفيلم في عام 1936، خلال فترة الثورة العربية ضد الحكم البريطاني في فلسطين، من خلال قصة إنسانية. الفيلم، الذي تم تصويره بالكامل في المنطقة، يتناول قضايا المقاومة والانتماء والهوية، مما يجعله من الأعمال المرتقبة التي تجمع بين الدراما التاريخية والبعد الإنساني. تُعد آن ماري جاسر من المخرجات الفلسطينيات المتميزات، وتُعرف بأفلامها التي تتناول الواقع الفلسطيني بأسلوب فني رفيع. View this post on Instagram A post shared by Azzam Fakhriddin (@azzamfakh) ويعرض فيلم "فلانة" (Flana) للمخرجة العراقية زهراء غندور، ضمن برنامج "TIFF Docs" المخصص للأفلام الوثائقية. يتناول الفيلم ظاهرة الاختفاء الغامض لنساء عراقيات، في عمل يحمل طابعا جريئا ويقدم صوتا نسائيا جريئا وجديدا في الإخراج. يُعرف عن زهراء غندور أنها صوت سينمائي صاعد، وهذا الفيلم يمثل أول عمل إخراجي لها، مما يجعله محطة هامة في مسيرتها الفنية. ويشارك فيلم "شارع مالقة" للمغربية مريم التوزاني، ضمن العروض الخاصة، وتحضر من العراق أعمال "حلم جلجامش" لمحمد الدراجي، و"كعكة الرئيس" لحسن هادي، و"غير معرف" للسعودية هيفاء المنصور، و"صقور الجمهورية" للمصري السويدي طارق صالح. سباق الأوسكار يبدأ من هنا يعرف المهرجان الكندي منذ سنوات بكونه "بوابة الأوسكار"، وذلك لفوز العديد من الأفلام بجائزته الكبرى، ومن ثم فوزها بجوائز الأوسكار، وبينها أفلام" لا لاند"(La La Land) و"12 عاما من الاستعباد" (12 Years a Slave) و"خطبة الملك" (The King's Speech)، ومن المتوقع ألا تخرج دورة 2025 عن القاعدة، إذ تضم لائحة العروض الخاصة وبرنامج أفلام "غالا" مجموعة متميزة من الأفلام العالمية. وتحضر على الشاشة وبين ردهات الدورة المقبلة الممثلة الأميركية الحاصلة على الأوسكار أنجلينا جولي، لترافق العرض الأول لفيلمها "أزياء راقية"(Couture) للمخرجة الفرنسية أليس وينكر، وتجسد جولي دورا في الفيلم يجمع بين الأناقة والسياق السياسي. أما النجم الكندي العالمي كيانو ريفز، أشهر أبطال سلسلة ماتريكس، فظهر مع فيلم "حظ سعيد" (Good Fortune) للمخرج عزيز أنصاري، ويجمع العمل بين الكوميديا والرومانسية التي تتسم بقدر من الفلسفة. أما دانيال كريغ، نجم أفلام جيمس بوند السابق، فيعود إلى المهرجان ومعه الجزء الثالث من سلسلة الغموض والجريمة (Glass Onion) وهو فيلم "استيقظ أيها الميت: لغز السكاكين" (Wake Up Dead Man: A Knives Out Mystery) بعد النجاح الذي حققه بجزئيه السابقين سواء في شباك التذاكر، وترشيحات الجوائز الدولية. وتعود المخرجة كلوي تشاو، الفائزة بالأوسكار عن فيلم "نومادلاند" (Nomadland)، بفيلم جديد هو "هامنيت" (Hamnet)، المقتبس من رواية ماجي أوباريل الفائزة بجوائز أدبية، ويحمل العمل مزيجا من الدراما التاريخية والحس الإنساني الذي يميز تشاو. ويعود برنامج "كلاسيكيات" (Classics TIFF) بنسخة موسعة بدعم من منصات ومؤسسات ثقافية، ويعرض نسخا مرممة من أفلام شكلت محطات حاسمة في تاريخ السينما العالمية. ويكرم المهرجان هذا العام مجموعة من الشخصيات الفنية المؤثرة في حفل (TIFF Tribute Award)، الذي يقام في 7 سبتمبر/أيلول، تقديرا لمساهماتهم الكبيرة في صناعة السينما، والذي يرأسه الممثل الكندي براندون فريزر، كلا من المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو، ويحصل على جائزة "جائزة إيبرت للإخراج" (Ebert Director Award) تقديرا لإبداعاته الإخراجية التي جمعت بين الخيال والواقع. ويتم، أيضا، تكريم الممثلة والمخرجة الأميركية جودي فوستر بحصولها على جائزة "شارك رحلتها الرائدة". (Share Her Journey Ground Breaker Award) احتفاء بمسيرتها المهنية التي تحدت الحدود الفنية وميزت نفسها كقوة دافعة للمرأة في السينما. ومن بين المكرمين الكاتب والمخرج الياباني هيكاري، الذي سيحصل على جائزة "المواهب الناشئة" (Emerging Talent Award)، والممثل الكوري الجنوبي لي بيونغ هون، الذي حصل على جائزة "التكريم الخاصة" في المهرجان (Special Tribute Award). نافذة على السينما العالمية ويعود البرنامج الأشهر في المهرجان هذا العام وهو "في حوار مع" (In Conversation With)، ليستضيف خمسة من أبرز الأسماء في صناعة السينما: المخرج الكوري الجنوبي بارك تشان-ووك، والنجم الأميركي دواين جونسون، والنجم الكندي رايان رينولدز، والممثلة تيسا طومسون في لقاءات حول مسيرتهم وإبداعاتهم. كما يطلق برنامج "موجة جديدة" (TIFF Next Wave) فعالية مخصصة لجمهور تحت الـ25 عاما، بحضور نجمي فيلم" المشروع واي" (Project Y) الكوري، هان سو-هي وجون جونغ-سيو، للحديث عن تجربتهما وأعمالهما في السينما. وتشهد الدورة فعاليات خاصة أبرزها عودة حفل "إفطار التميز الأسود" للسنة الثالثة، احتفاء بالمبدعين السود عالميا، مع تسليط الضوء على الذكرى الثلاثين لبرنامج "كوكب أفريقيا". وتتضمن الحوارات الخاصة نقاشا لبارك تشان-ووك حول فيلمه الجديد "لا خيارات جديدة"(No Other Choice)، وحديثا لدواين جونسون عن فيلمه "آلة التدمير" (The Smashing Machine)، ولقاء مع رايان رينولدز حول فيلمه "جون كاندي: أنا أعجبني". كانت إدارة المهرجان قد اتخذت قرارا يعد خطوة تُعزز من مكانته كمؤشر على ترشيحات الأوسكار، حيث تطلق في الدورة الجديدة جائزة اختيار الجمهور الدولية، التي تُمنح لأكثر الأفلام العالمية شعبية (غير الكندية وغير الأميركية) بناء على تصويت الجمهور طوال فترة المهرجان. تُوسع هذه الجائزة الجديدة تقليد المهرجان في الاحتفاء بأعمال الجمهور المُفضّلة، والتي غالبا ما تسبق تصويتات الأوسكار. ويتجلى هذا بوضوح في العقد الأخير من جائزة اختيار الجمهور في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، حيث حصد الفائزون 20 ترشيحا مميزا لجوائز الأوسكار لأفضل فيلم.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
من الطلاق الانتقامي إلى التعافي.. خطوات الانتصار الذاتي بعد الانفصال
نظرا لاختلاف تأثير تجربة الانفصال من شخص لآخر، قد يميل أحد الطرفين إلى التركيز على حياته الخاصة، لا سيما المهنية منها، فيما ينشغل الطرف الآخر بمحاولة إثارة ندم شريكه السابق على قراره الذي يعتبره "غير عادل". ورغم أن هذا السلوك قد يبدو مغريا، لأنه يلامس مشاعر الانتقام والرغبة في استعادة الكرامة، إلا أن خبراء العلاقات يرون أن الانتصار الحقيقي لا يكمن في الانتقام. وتشير خبيرة العلاقات إيما هاثورن، في حديثها لصحيفة هاف بوست الأميركية، إلى أن تبنّي نهج يركز أكثر على النمو الشخصي وأقل على الرغبة في الانتقام، هو الخيار الأذكى والأكثر نضجا، حتى إن لم يلبِ توقعات من يبحث عن رد الصاع. وبدلا من البحث عن شريك أو طريقة للانتقام، "كمعظم الأفكار النمطية الشائعة كرد فعل على الانفصال"؛ تنصح هاثورن باستغلال الفرصة لاستعادة ذاتك، "لأنك في النهاية أفضل رفيق لنفسك". التمسك بدور الضحية لا يفيد في عام 2015، كتبت أنجي هالير، اختصاصية قانون الأسرة، الحاصلة على درجة الدكتوراة في القانون، ومؤلفة كتاب "الطلاق الأكثر حكمة: إستراتيجيات إيجابية لحياة قادمة أفضل". على موقع "سيكولوجي توداي"، تقول "يا له من شعور جميل أن نكون على حق دائما، أما الاعتراف بالخطأ فيذكرنا بعيوبنا". وأوضحت أن الرغبة في احتكار الصواب تبدأ منذ الطفولة، ومع بلوغنا سن الرشد، "يتعلم معظمنا الاعتراف بالخطأ"، ولو نسبيا. ولكن عند مواجهة الطلاق، يميل رد فعلنا غالبا للعودة مباشرة إلى ذلك "السلوك الطفولي"، ونتمسك بأن نهاية الزواج ليست خطأنا، وأن شريك حياتنا السابق هو المخطئ والظالم، أما نحن "فيحق لنا -كضحايا – الانتقام، لتحملنا هذا الطلاق الذي فُرض علينا من دون ذنب منا". وتنصح هالير قائلة "عندما تتحمل مسؤولية طلاقك، وتتوقف عن إلقاء اللوم، يمكنك البدء في التخلص من دور الضحية، والتطلع إلى بناء مستقبلك الجديد". نشوة الطلاق الانتقامي مؤقتة غالبا ما تشتعل المشاعر أثناء الطلاق، وفي لحظة غضب قد يقرر أحد الطرفين الانتقام من شريك حياته، لأخطاء يعتقد أنه ارتكبها في حقه، لكن خبراء موقع "مشاكل الطلاق" ينصحون بالتروي والتفكير، "قبل أن يتحول الخلاف إلى عداوة، وتزيد الأمور سوءا". إعلان ومن أمثلة الأساليب الانتقامية التي قد تمنح نشوة مؤقتة، لكنها تسبب المشاكل على المدى الطويل: أن يأخذ أحد الطرفين كل شيء -بما في ذلك الأطفال- ويغادر، ويترك الطرف الآخر يعود ليجد المنزل خاليا، أمر من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا ويعمّق الشعور بالفقد والانكسار. إلغاء بطاقات الائتمان، وإغلاق الحسابات البنكية، أو قطع الخدمات، أو إلغاء وثائق التأمين. السعي لطرد الزوج من عمله، مما يجعل الحصول على نفقة زوجية أو نفقة أطفال، صعبا للغاية. إحراج أحد الأطراف للآخر على وسائل التواصل الاجتماعي. معنى النجاح في الانفصال يقدم خبراء العلاقات منظورا جديدا لمعنى "النجاح في الانفصال"، يتضمن 5 مكاسب، هي: منزلك أصبح ملكك بالكامل "لا شيء يُجسّد الاستقلالية، مثل القدرة على العيش بمفردك"، كما تقول ميندي دي سيتا، خبيرة العلاقات الحاصلة على درجة الدكتوراه؛ مُضيفة أن امتلاك مساحتك الخاصة، يمنحك شعورا بالحرية، وقدرة على اتباع روتينك الخاص، وتزيين مكانك بالطريقة التي تريدها، واتخاذ القرارات دون الحاجة إلى موافقة أحد. أيضا، لا تستبعد دي سيتا "فرص بناء علاقات جديدة"، عبر الاستفادة من مساحتك الخاصة في دعوات على العشاء، أو مشاركة أية فعاليات أو مناسبات "مما يفتح الباب لإعادة بناء مجتمعك وعالمك، وتكوين صداقات جديدة". التحرر من الرغبة في مراقبة الشريك السابق من المغري جدا متابعة حسابات شريك حياتك السابق على الإنترنت، لكن متابعة كل تحركاته، سواء عبر حساباته على مواقع التواصل أو أصدقائه، "لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد رحلة التعافي من الطلاق". بحسب هاثورن، التي تنصح بالتخلي عن المراقبة، "والنقر على زر إلغاء المتابعة، لراحة بالك"، لأن هذا يعني أنك قد تخلصت من الحاجة إلى "ربط تعافيك من التجربة بمدى سعادته، أو بمن يوجد في حياته حاليا". التركيز على عملك ومسيرتك المهنية تقول دي سيتا "إن تنمية مشروع تجاري، أو الحصول على ترقية، هو نجاح كبير بعد الانفصال"؛ لذا ينغمس الكثير من الناس في حياتهم المهنية بعد الطلاق. وتوضح دي سيتا أن مكاسب التركيز على النجاح المهني في هذه المرحلة، لا تقتصر على زيادة دخلك فحسب، بل يمكن أيضا أن "تُحول انتباهك بعيدا عن الحزن، وتمنحك شعورا حقيقيا بالإنجاز والثقة"، بالإضافة إلى استخدام هذا المال الإضافي "لفعل ما يسعدك من قائمة أمنياتك". رؤية تجربتك على حقيقتها فصعوبة ملاحظة أي عيوب في علاقتك وأنت فيها، هو ما يجعلك تتساءل عن الخطأ الذي أدى إلى الانفصال، لكن البُعد يعطي الفرصة للتأمل في الإيجابيات والسلبيات وما بينهما، ويسمح بالتوصل إلى حقيقة مفادها أن "لكل منكما عيوبه، أو أن العلاقة لم يكن مُقدرا لها النجاح"، بحسب إيما هاثورن. أيضا، ينصح رينيه موندي، المعالج النفسي وخبير ما بعد الزواج قائلا "اجلس مع نفسك واسأل نفسك: ما الذي أغفلته، أو بررته، أو قللت من شأنه طوال فترة الارتباط؟". فاستيعاب أسباب الانفصال بشكل كامل، هو ما قد يساعدك "عندما تقرر البحث عن شخص يكون أكثر توافقا معك". تستثمر وقتك في الأشياء التي تحبها لأن الحياة الزوجية -وخاصة السيئة منها- قد تشتت انتباهك عن الأشياء التي تثيرك وتلهمك؛ توصي كل من هاثورن ودي سيتا، بـ"إعادة توجيه انتباهك وطاقتك إلى نفسك"، من خلال الاستثمار فيما يهمك أكثر، سواء كان تخصيص المزيد من الوقت للرياضة، أو حجز رحلة سياحية إلى بلد لطالما حلمت بزيارته، أو قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء والعائلة. إعلان فالعودة إلى هواياتك المفضلة، "سوف تُذكرك بما تُقدره أكثر في الحياة، وما يمكنك أخذه معك إلى المرحلة التالية من حياتك". علامة التعافي "عندما تخوض طلاقك بهدف الانتقام، لا يوجد فوز، وعندما تنظر إلى طلاقك من منظور الأبيض والأسود، الخير والشر، ويصبح دافع طلاقك هو العقاب، تخسر كليهما"؛ كما تقول هالير. لذا، يجب أن تكون قراراتك أثناء الطلاق في قمة الوضوح، لأنك ببساطة لن تسترد المال والوقت الذي قضيته في الجدال حول التفاصيل الدقيقة؛ والأفضل أن "ترتب أولوياتك، وتركز على حياتك المستقبلية". وإذا كنت تعتقد أنك تنتقم من شريك حياتك السابق، لجعله "يدرك" أخطاءه، ففكّر مرة أخرى، لسببين: . أولا، لأنك مهما فعلت، فلن يقول شريك حياتك السابق "إنه كان شخصا سيئا، وكنت أنت مثاليا". . ثانيا، لأن مضايقة شريك حياتك السابق ليس انتقاما حقيقيا، و"الانتقام الأفضل" أن تعيش بسعادة. ووفقا لهالير، "عندما تتمنى لشريكك السابق حياة سعيدة، تكون وصلت لمرحلة التعافي بعد الطلاق". وبعد قضاء بعض الوقت في إعادة التواصل مع نفسك، والابتعاد عن علاقتك السابقة، ستواجه المستقبل بشعور أقوى بالذات، ومعايير أعلى، وحياة أفضل؛ "وهذا هو النصر الحقيقي"، كما تقول إيما هاثورن.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
طبول الـ"ستيل بان".. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطانيين
كانت تلك هي المرة الأولى التي يكتشف فيها الجمهور البريطاني أن برميل زيت بسعة 55 غالونا يمكن أن يتحول إلى آلة موسيقية مذهلة، وذلك عندما اعتلت أوركسترا ترينيداد للآلات الفولاذية مسرح ساوث بنك في خمسينيات القرن الماضي. وانبهر الحاضرون بما أطلقوا عليه آنذاك "مقلاة الزيت"، حتى إن بعضهم انحنى ليتفحص أسفل الآلات، متأكدين من أن هذا الصوت العذب يصدر بالفعل منها. وفي حفل بُث على شاشة التلفزيون البريطاني عام 1950، ظهرت طبول الـ"ستيل بان" -أوانٍ معدنية واسعة مصنوعة من حديد خاص- تُشكّل وتُثقب بطريقة محددة، ثم تُثبت على حوامل معدنية خاصة لضمان إنتاج نغمات موسيقية متقنة. وعند العزف عليها بعصي مطاطية، تنساب الألحان بسلاسة وهدوء نحو قلب المستمع، في تجربة صوتية غير متوقعة، لا تشبه الإيقاع التقليدي للطبول وقرعها، بل تحمل مزيجا فريدا من أنفاس الطبيعة ورنين الحديد. تاريخ أوركسترا براميل البترول في وثائقي أعدته هيئة الإذاعة البريطانية، تم توثيق تاريخ الحفل الأول لطبول الـ"ستيل بان" في بريطانيا، الذي شاركت فيه فرقة تاسبو المكونة من 70 عازفًا على براميل الزيت، جرى اختيار 12 منهم للمشاركة في هذا الحدث الكبير. كانت تلك أول أوركسترا من جزر ترينيداد، الواقعة على ساحل الكاريبي في أميركا الجنوبية، وهي جزر يشبه سكانها الأصليون سكان أفريقيا، وقد عانوا لقرون من الاستعمار الذي استعبدهم وأخضعهم، قبل أن يتحرروا من قيوده. ورغم قسوة التاريخ، ظل الإرث الموسيقي لتلك الجزر حاضرًا، ينتقل من جيل إلى جيل، حتى جاء الموسيقي الترينيدادي بوسكو هولدر وفرقته الراقصة ليطوروا عروض الموسيقى الفولاذية، التي قُدمت لاحقًا على المسرح البريطاني في أول حضور لافت لهذا اللون الموسيقي الفريد. فرقة تاسبو التي قدمت عرضها الأول في بريطانيا، ثم قدمت عرضا آخر في باريس قبل عودتها إلى ترينيداد، حصدت ملايين المعجبين في رحلتها الأوروبية، واشتهر الاثنا عشر عازفا الذين قادوا الفرقة وقدموا معزوفات لم ينسها التاريخ وسجلها الفيلم الوثائقي الذي حمل اسم الفرقة. من الأشياء التي ارتبطت تاريخيا بإنشاء أوركسترا تاسبو، أن قائد الفرقة كان واحدا من رجال الشرطة في ترينيداد، وهو الملازم جوزيف جريفيث، ثم صار الاثنا عشر فنانا الذين كوّنوا اللبنة الأولى لأوركسترا طبول براميل البترول، من أهم أساطين موسيقى الستيل بان حول العالم. شبانة: الآلات الموسيقية الشعبية نتاج مجتمعها يقول أستاذ الموسيقى الشعبية بأكاديمية الفنون، الدكتور محمد شبانة، في حديثه للجزيرة نت، إن الآلات الموسيقية هي انعكاس لمجتمعها ونتاج لثقافته. وظهور طبول الـ"ستيل بان"، المعتمدة على براميل النفط، كان نتيجة طبيعية لثقافة الشعب الكاريبي، الذي شهد طفرة كبرى عقب اكتشاف البترول. ويتابع أنه بالنظر إلى ما عانته هذه الشعوب من قوى الاستعمار الخارجي، كان اللجوء إلى الموسيقى المحلية وابتكار آلات شديدة الخصوصية خيارًا للبقاء والحفاظ على الهوية أكثر منه مجرد رغبة في إنتاج الموسيقى. ويلفت شبانة إلى أن الطبول، على اختلاف أنواعها، ارتبطت بالشعوب التي عانت من فترات استعمار طويلة أو عمليات إبادة جماعية، كما حدث في أفريقيا والأميركتين. فقد كانت الطبول بمثابة صوت صراخ هذه الشعوب، يختلف في نبرته مع كل عزف، فيأتي قويا تعبيرا عن الغضب، وهادرًا ناطقا بالثورة والحرب، وناعما سلسا مترجما عن السلم والازدهار، باكتشاف البترول، كما هي الحال في طبول الـ"ستيل بان". براميل البترول في مقابل القصب المصري براميل البترول التي صنعت منها فرق ترينيداد وتوباغو موسيقى الـ"ستيل بان"، لا تختلف كثيرًا عن أعواد القصب والبوص التي استخدمها الفلاح المصري القديم لإنتاج الموسيقى، والتي كانت مصدر أول آلة موسيقية عرفها العالم وهي الناي المصري. يوضح الدكتور محمد شبانة أنه في عام 2023 سجّلت الأمم المتحدة يوم 11 أغسطس/آب يوما عالميا لطبول الـ"ستيل بان"، ليس فقط تقديرا لقيمتها في الموسيقى الشعبية، بل أيضا باعتبارها رمزا للتنمية المستدامة وإعادة توظيف براميل البترول في صناعة الموسيقى. غير أن هذه الرمزية بدأت قبل ذلك بعقود، ففي عام 1992 أعلن رئيس الوزراء باتريك مانينغ طبول الـ"ستيل بان" رمزًا وطنيًّا في جزر ترينيداد وتوباغو، لترسخ بذلك كهوية ثقافية للشعب. وفي عام 2024، وبعد عام من إعلان الأمم المتحدة، صادق برلمان ترينيداد رسميا على اعتبار الـ"ستيل بان" رمزا وطنيا للبلاد.