العدوان الصهيوني على ايران .. الاهداف والنتائج ومآلات حرب الاثنى عشر يوما ( 1- 2 )
عبد الوهاب الشرفي*
في توقيت غير متوقع فاجئ الكيان الصهيوني بتوجية ضربة لايران و على مدى 12 يوما تبادل الطرفان الضربات و دخلت امريكا على الخط ووجهت ضربة للمنشأت النووية الايرانية في عمل عدائي غير مغطى قانونا ، وكما بدئت هذه المواجهة بصورة مفاجئة انتهت كذلك بصورة مفاجئة .
حدد الكيان الصهيوني اهداف عدوانه هذا بثلاثة اهداف اولها القضاء على البرنامج النووي الايراني ، و القضاء على القدرة الصاروخية لايران ، و تخلي ايران عن الدور الذي تلعبه في منطقة المتوسط ، ويلتقي الكيان الصهيوني مع امريكا في هذه الاهداف و يلتقيان مع الترويكا الاوربية في الهدف الاول رسميا على الاقل .
وجه الكيان ضربات مركزة لمواقع البرنامج النووي الايراني باستثناء مفاعل بوشهر و فوق ضربات الكيان وجهت امريكا ضربة لاشهر واكبر ثلاث مواقع تخصيب لليورانيم في ايران ، وتتضارب التصريحات الرسمية تجاه نتائج هذه الضربات ما بين الكيان وامريكا الذان يصرحان بتدمير كامل للمواقع المستهدفة و بالتبعية تدمير البرنامج النووي الايراني وبين ايران التي تصرح باضرار لحقت منشأتها الا انها لم تدمر كليا وانها ستستأنف برنامجها النووي بل وستطوره .
لحد الان ما من تقرير مهني محايد صدر بصفة رسمية ، وما من تقرير مهني متخصص بتقدير الاضرار رقميا صدر عن الاطراف الثلاثة الا ان إستقراء التصريحات الصادرة عن الوكالات النووية المتخصصة بشأن الاثار النووية بعد الضربات يوصل الى نتيجة ان الضربات الحقت اضرارا على المنشأت لكنها لم تدمرها كليا او حتى جوهريا ، فضرب منشأت تخصيب اذا كان كليا او بمعنى ادق اذا دمرت اجهزة الطرد المركزي فلابد من حصول تلوث نووي يجاوز داخل المنشأت الا ان هذا لم يحدث و سواء الطاقة النووية الايرانية او الوكالة الدولية او وكالة ناسا و الهيئة ذات العلاقة في دول الخليج جميعها تجمع على انه ما من اثار إشعاعية نتجت عن الضربات التي طالت مواقع البرنامج النووي ولدرجة تطمين سكان الجوار لهذه المنشأت داخل ايران.
صرحت ايران ان مخزونها من اليورانيوم المخصب تم نقله من المنشأت المستهدفة الى مواقع أمنة و تلقي ايران مع الوكالة الدولية في هذا الامر وحددت الوكالة الدولية الكمية التي تم نقلها لمواقع غير معروفة ب 400 كيلو جرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% ، وهي كمية كبيرة ولا تحتاج فترة طويلة من التخصيب لتصبح بنسبة 90% و بكمية تمكن من إمتلاك سلاح نووي ومع اني غير مختص في هذا الجانب الا انه يمكن لهذه الكمية ان تنتج بعد تخصيبها ل 90% مالايقل عن عشر قنابل نووية.
مع مراعاة ان ايران لم تعلن انسحابها من معاهدة حظر امتلاك السلاح النووي وان اعتبرت ذلك بات حق لها بموجب المادة 10 من الاتفاقية ولا تزال عند موقفها بالتمسك بالنووي السلمي و لم تبرح تحريح امتلاك السلاح النووي ، الان ان هذا الهاجس هو الذي سيظل يختمر في عقل الكيان الصهيوني ويقلقه و يقض مضاجعة فهذه الكمية المخصبة بنسبة عالية جدا 60% و بكمية كبيرة كانت قبل العدوان على ايران تحت نظر وسمع الوكالة الدولية للطاقة و بعد الضربة لم تعد كذلك وكلما هو مؤكد بشأنها انها موجودة لدى ايران و لم تتعرض للقصف.
الخط الفاصل بين تدني قلق الكيان بعد ضرب المنشات النووية الايرانية او زيادته هو اجهزة الطرد المركز ، وهذا الحد الفاصل يتأثر باربع نقاط الاولى هي الاجهزة العاملة في المنشأت التي تم ضربها وفيما اذا دمرت بالفعل ام لم تدمر و مدى امكانية اعادة تشغيلها او جزء منها ، والثانية احتمال وجود اجهزة طرد عاملة في مواقع سرية غير معلنة وهذا لايمكن القطع بعدم الوجود او بالوجود ولكن الكيان لايبني قراراته على جانب الثقة اي على ماكانت تعلنه ايران من ان كل مواقع برنامجها النووي هي معلنة وتحت رقابة الوكالة الدولية ولهذا سيظل هذا الاحتمال عامل قلق لدى الكيان ، والثالثة هي وجود اجهزة طرد منتجة وغير عاملة اي انها جاهزة ومخزنة ويمكن لايران ادخالها الخدمة بشكل مباشر من عدم وجود اجهزة جاهزة غير عاملة و الرابعة القدرة على انتاج اجهزة طرد مركزي جديدة وهذه متعلقة بالفكرة و بتراكم التجربة وهذا العنصران متوفران لايران ففكرة اجهزة الطرد المركزي مملوكة لايران بما فيها جانب الخصوصية الايرانية لانها هي من طورتها من مخططات أقل كفاءة كانت قد تحصلت عليها من باكستان وهي من طورتها للاجهزة الحديثة التي تنتجها وتستخدمها ايران ، والواضح ان هذه النقاط الاربع لا يستطيع الكيان القطع بالوجود من عدم الوجود باستثناء النقطة الرابعة يستطيع القطع بانه لابد لايران حتى في حال فقدت كامل اجهزة الطرد المركز نتيجة ضرب منشأتها النووية ان تنتج اجهزة جديدة ، و بالتالي وترتيبا على تاكد امتلاك ايران كمية مخصبة كافية وقريبة من الامتلاك النووي ولان هذه الكمية لم تعد بعد الضربة تحت الرقابة و لعدم التاكد من القضاء على امكانية ايران زيادة تخصيبها للنسبة النووية التسلحية و للتاكد ان امكانية التخصيب ستستعيدها ايران بعد فترة من الزمن فقلق الكيان بعد الضربة التي وجهها وواشنطن للبرنامج النووي الايراني سيزيد ولن يقل.
* كاتب ومحلل سياسي – اليمن
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة ماسبيرو
منذ 38 دقائق
- بوابة ماسبيرو
جروسي: عودة التفتيش في إيران أولوية قصوى لوكالة الطاقة الذرية
قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل جروسي، الأربعاء، إن "أولويته القصوى" هي عودة مفتشيها إلى المواقع النووية الإيرانية لتقييم الأضرار الناجمة عن القصف الأخير والتحقق من مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب. وتحدث رافائيل ماريانو غروسي إلى الصحفيين في النمسا بعد إحاطة للحكومة في فيينا، بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة. وأخبر جروسي الصحفيين أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية الإيراني تفيد بأنه تم اتخاذ إجراءات وقائية. وقال "لم يدخلوا في تفاصيل ما يعنيه ذلك، ولكن من الواضح أن هذا كان المعنى الضمني لذلك، يمكننا أن نتخيل أن هذه المواد موجودة"، مضيفا لتأكيد ذلك، وتقييم الوضع، "نحن بحاجة إلى العودة". وكان البرلمان الإيراني وافق، على مشروع قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقا لتقارير إعلامية، ويجب أن يوافق عليه الفرع التنفيذي للحكومة. وقال جروسي، إنه كتب إلى وزير الخارجية عباس عراقجي الثلاثاء طالبا الاجتماع "لتحليل أساليب" استمرار عمليات التفتيش. وشدد على أن المجتمع الدولي "لا يستطيع تحمل" توقف نظام التفتيش.

مصرس
منذ 44 دقائق
- مصرس
"مسرحية أم ضربة انتقامية".. هل نسقت إيران مع أمريكا قبل قصف قاعدة العديد؟
"أود أن أشكر إيران على إبلاغنا مبكرًا، مما سمح بعدم وقوع خسائر في الأرواح أو إصابات"، بهذه العبارة علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر. وبعد الهجوم الإيراني الذي استهدف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، قال ترامب في منشور على منصته "تروث سوشيال": "لعلّ إيران الآن قادرة على المضي قدمًا نحو السلام والوئام في المنطقة، وسأشجع إسرائيل بحماسٍ على أن تحذو حذوها".أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي التساؤلات حول هل نسقت إيران مسبقًا مع الولايات المتحدة وقطر قبل أن تشن هجومها على "العديد"؟لحفظ ماء الوجهفي هذا الشأن يقول عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، الدكتور مهدي العفيفي، إن إيران أبلغت قطر مسبقًا قبل تنفيذ هجومها على "العديد"، والدليل على ذلك أن قطر أعلنت إغلاق مجالها الجوي قبل ساعات من الضربة الصاروخية الإيرانية.وعقب الضربة الإيرانية، قالت الخارجية القطرية، في بيان الاثنين، إن قاعدة العديد "كانت قد أُخليت في وقت سابق وفقًا للإجراءات الأمنية والاحترازية المعتمدة، وذلك في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة، كما تم اتخاذ كافة الإجراءات لضمان سلامة العاملين في القاعدة من منتسبي القوات المسلحة القطرية والقوات الصديقة وغيرهم".ويشير العفيفي خلال حديثه ل"مصراوي"، إلى أنه على الأرجح فإن قطر هي التي أبلغت الولايات المتحدة بالضربة الإيرانية، وشملت إطلاق نفس عدد القنابل التي استخدمتها واشنطن لضرب المنشآت النووية لطهران.ويفيد العفيفي بأنه تم إسقاط جميع الصواريخ عدا صاروخًا واحدًا سقط في منطقة فارغة بالقاعدة التي تم إخلاؤها في وقتٍ سابق قبل الهجوم الذي لم يسفر عن أي إصابات، مضيفًا أن هذه الضربة، التي وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها "رد ضعيف للغاية"، جاءت "لحفظ ماء الوجه".ومن جانبه، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أن استهداف قاعدة العديد الجوية لم يكن موجّهًا ضد قطر، بل جاء ردًا على المشاركة الأمريكية في الاعتداءات الأخيرة، مشددًا على أن "دولة قطر الشقيقة والصديقة والجارة ليست مستهدفة بأي شكل من الأشكال".شروط إسرائيل لوقف إطلاق الناريشير عضو الحزب الديمقراطي، إلى أن إسرائيل وضعت 5 شروطًا ومن ورائها الولايات المتحدة للموافقة على وقف القتال، وهى: منع تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، نقل مخزون اليورانيوم خارج إيران، فك معدات الطرد المركزي وإخراجها من البلاد، تفكيك المنظومة الصاروخية الباليستية بحيث يمنع طهران من إنتاج الصواريخ مرة أخرى.أما الشرط الخامس يتضمن إخضاع برامج إيران النووية والصاروخية "لإشراف كامل" من المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية لا سيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية.ويقول الدكتور مهدي العفيفي، إننا لم نسمع بأنه تم الاتفاق على هذه الشروط، بينما سمعنا أنه تم الاتفاق على "التهدئة والهدنة"، وبذلك يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ترك الباب مفتوحًا ويمكن أن تعود إسرائيل لشن هجمات على إيران مرة أخرى بأي ذريعة كانت.إسرائيل تشن هجومًا على إيران بعد بدء الاتفاقويتفق مع عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، أستاذ العلوم السياسية جمال سلامة، بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الرئيس دونالد ترامب، "هش ولن يصمد"، فمن الممكن أن يعود جيش الاحتلال بمواصلة هجماته مرة آخرى على إيران فالأمر يعتمد على السلوك الإسرائيلي أكثر من الإيراني.وبالفعل، وبعد ساعتين ونصف من بدء وقف إطلاق النار، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية رصدت صاروخين أُطلِقا من إيران، وردًا على ما وصفه ب"الانتهاك الصارخ لوقف إطلاق النار"، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، طهران بمواصلة الضربات المكثفة عليها.وشن سلاح الجو الإسرائيلي هجومًا على منشأة عسكرية ورادارًا قرب العاصمة الإيرانية طهران كما دوى انفجارين في مدينة بابلسر بمحافظة مازندران شمالي البلاد وتم تفعيل الدفاعات الجوية. وذلك بعد إعلان ترامب أن الطيران الإسرائيلي لن يهاجم إيران وأن جميع الطائرات ستعود بعد أن "تؤدي تحية ودية".وبعد هذا الهجوم، أعلن مكتب رئيس حكومة الاحتلال، أن سلاح الجو أوقف هجماته ولن يشن هجمات إضافية وذلك بعد المكالمة التي جرت بين نتنياهو وترامب، الذي قال عقب التصعيد، إن إسرائيل وإيران "انتهكتا" وقف إطلاق النار، مضيفًا "لست راضيًا عن إيران، لكنني حقًا لست راضيًا عن إسرائيل أيضًا".هل نسقت إسرائيل مع أمريكا قبل شن الهجوم؟يقول الدكتور جمال سلامة خلال حديثه ل"مصراوي"، إن إسرائيل لا تستطيع شن أي هجوم على إيران دون التنسيق المسبق مع الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي أكده أيضًا عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي العفيفي.وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال عقب الهجوم الإسرائيلي مباشرة إنه لم يكن على علم به، لكنه بعد حوالي يومين من الحرب وبعد الرد الإيراني، أشاد ترامب بالهجوم الإسرائيلي، كما صرح بأنه قد أعطى مهلة مدتها أسبوعين لطهران لكنها لم تستغلها، بحسب العفيفي.وقبل الهجوم الأمريكي نقلت إيران معداتها وموادها النووية من المنشآت، كما لم يحدث تسرب إشعاعي كبير في المنشآت الثلاث التي قصفها سلاح الجو الأمريكي فجر الأحد، وهم فوردو ونطنز وأصفهان، ولا خسائر في الأرواح.في هذا الشأن، يقول العفيفي إنه لم يكن هناك تنسيق مباشر بين طهران وواشنطن بشأن الضربة، ولكن كانت هناك محادثات عن طريق الوسطاء قبل وأثناء الحرب، منها قطر ودول أوروبية، والتي بموجبها تلقت إيران تحذيرات بخصوص الضربة.كما يعلق الدكتور جمال سلامة على أن إيران اتخذت تدابير خاصة لحماية المعدات والمواد النووية لديها، بأن طهران كانت متوقعة منذ أن شنت إسرائيل الهجوم عليها في 13 يونيو الجاري بأن الولايات المتحدة قد تتدخل في الحرب لذلك نقلت موادها من المنشآت.من الفائز في الحرب؟يقول الدكتور مهدي العفيفي، إن كل طرف سيعلن نفسه المنتصر، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق نار ثنائي مع إيران بالتنسيق مع الرئيس الأمريكي، بعد أن "حققت جميع أهدافها".وأوضح نتنياهو، أنه أبلغ مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، مساء الاثنين، أن إسرائيل حققت جميع أهدافها الحربية في العملية التي استمرت 12 يومًا ضد إيران، بما في ذلك إزالة تهديد برامج إيران النووية والصاروخية الباليستية، وفق زعمه.وفي المقابل، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن إسرائيل "عجزت" عن تحقيق أهداف عدوانها على إيران، مؤكدًا أن بلاده لن تخرق وقف إطلاق النار ما لم يخرقه الكيان الصهيوني.بينما زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن المواقع النووية الإيرانية "دُمِرت بالكامل" جراء الضربة التي أمر بشنها، وهو الادعاء الذي كررته المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، قائلة: "نحن واثقون، من أن المواقع النووية الإيرانية تم تدميرها بالكامل، كما قال الرئيس، ولدينا درجة عالية من الثقة في أن المكان الذي وقعت فيه تلك الضربات هو المكان الذي تم فيه تخزين اليورانيوم المخصب لإيران".

مصرس
منذ 44 دقائق
- مصرس
5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟
يُطلق بعض الباحثين في العلاقات الدولية مصطلح "أيام الحمائم" على الفترات التي تشهد هدوءًا نسبيًا أو تواصلاً دبلوماسيًا خلف الكواليس بين أطراف متصارعة، رغم تصاعد الأحداث علنًا. ووفقًا للدكتور عبد الوهاب المسيري المفكر وأستاذ علم الاجتماع، في كتابه "الحمائم والصقور والنعام"، فإن مصطلح "الحمائم والصقور" مكون من شقين أولهما "الحمائم" وهي تعكس ما يُعرف بسياسة ضبط النفس الاستراتيجي والاعتدال، على عكس الشق الثاني للمصطلح وهو وصف "الصقور" الذي يشير إلى التشدُّد واستخدام القوة.وقبل أن تتوقف الحرب بين إيران وإسرائيل بشكل مفاجئ، كانت الأوضاع في الإقليم تنذر بانفجار واسع، وشهدت المنطقة حالة من التوتر الشديد، رافقها تبادل مكثف للضربات والتصريحات النارية، إلا أن هناك ثمة أمور ما كانت تدور خلف الكواليس، لتخفيف التصعيد أو ربما للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.وخلال الأيام الخمسة الأخيرة التي سبقت إعلان وقف إطلاق النار، جرت تحركات غير معلنة تُرجمت لاحقًا على أنها قد تكون مؤشرات واضحة على أن نهاية الحرب قد كُتبت قبل إطلاق الصاروخ الأخير، ويُعزز ذلك ما أشار إليه عدد من الخبراء حول وجود تنسيق مسبق بين طهران وواشنطن.وفي هذا السياق، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن 3 مسؤولين إيرانيين، الاثنين، أن إيران نسّقت هجماتها على قاعدة العديد الأمريكية في قطر مع مسؤولين قطريين، موضحة أن طهران قدمت "إشعارًا مسبقًا" لتقليل حجم الخسائر المحتملة.وأوضح المسؤولون أن "إيران كانت بحاجة، من الناحية الرمزية، إلى الرد على الولايات المتحدة"، لكنها حرصت في الوقت نفسه على تنفيذ الضربة بطريقة تمنح جميع الأطراف فرصة لتجنّب التصعيد.وفي إطار ذلك نرصد في السطور التالية أبرز ما دار في الأيام الخمس الأخيرة من حرب إسرائيل وإيران، وذلك قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين البلدين.قاعدة العديد شبه خاليةفي الأيام الخمسة التي سبقت التهدئة وبالتحديد يوم الخميس 19 يونيو، كشفت صور الأقمار الصناعية عن سحب عشرات الطائرات العسكرية الأمريكية من مدرج قاعدة العديد الجوية في قطر، بين 5 و19 يونيو 2025، فالقاعدة، التي تعد من أبرز المواقع العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، ظهرت شبه خالية، إذ لم يتبقَّ فيها سوى 3طائرات نقل، من أصل نحو 40.وتأكيداً لتلك الصور، أعلنت وزارة الخارجية القطرية لاحقاً في بيان صدر الاثنين لإدانة الهجمات الإيرانية على القاعدة الأمريكية الموجودة على أراضيها، أن القاعدة "كانت قد أُخليت مسبقًا ضمن الإجراءات الأمنية والاحترازية المعتمدة، في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة"، مضيفة أنه "تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة العاملين في القاعدة، من القوات المسلحة القطرية والقوات الصديقة وغيرهم".اليورانيوم المخصب يُنقل لمواقع بعيدةبالتوازي مع هذه التطورات، التقطت أقمار صناعية تابعة لشركة "ماكسار تكنولوجيز" الأميركية نشاطًا غير معتاد قرب منشأة فوردو النووية الإيرانية، الحركة الكثيفة للشاحنات والمركبات، التي رُصدت يومي الخميس والجمعة، كشفت عن استعداد إيراني لنقل مواد حساسة.وفي سياق ذلك، أكد مصدر إيراني لوكالة "رويترز" أن اليورانيوم المخصب بنسبة 60% قد تم نقله بالفعل من المنشأة، كما تم تقليص عدد العاملين فيها، تحسبًا لهجوم متوقع.أمريكا تضرب فوردووفي فجر الأحد، نفذ الجيش الأميركي هجومًا جويًا استهدف منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، في عملية وُصفت بأنها "واسعة ودقيقة"، إذ صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدها بأن الهجوم تم بنجاح وأن "جميع الطائرات عادت بسلام"، موجهًا التحية للقوات المسلحة.رغم حجم العملية، أكدت طهران لاحقًا أن المنشآت النووية لم تتعرض لأضرار كبيرة، ولم ينتج عن العملية أى إشعاع، فيما أوضحت المملكة العربية السعودية ودول الخليج أنه لم يتم رصد أي تلوث إشعاعي في أجوائها.إيران تقصف قاعدة "العديد"رد طهران لم يتأخر، مساء الإثنين 23 يونيو، أعلنت إيران تنفيذ عملية "بشائر الفتح"، عبر إطلاق صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى على قاعدة العديد الجوية في قطر، ووصفتها بأنها "مركز القيادة المركزية الأميركية في المنطقة".ورغم حدة التصريحات الإيرانية، إلا أن المعلومات المسرّبة من واشنطن أكدت أن البيت الأبيض كان على علم مسبق بالهجوم، ما يفسر خلو القاعدة من الطائرات والجنود.وعلى إثر ذلك الهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية بقطر، جاء رد الخارجية القطرية واضحًا: "ندين بشدة الهجوم الإيراني على قاعدة العديد، ونعتبره انتهاكًا صارخًا لسيادتنا"، مع التأكيد أن القاعدة كانت قد أُخليت مسبقًا وأن سلامة الأفراد تم تأمينها.إعلان بإنهاء الحربعقب الهجوم الإيراني على القاعدة، مساء الإثنين، نشر ترامب تغريدة على منصة "تروث سوشيال" قال فيها: "رد إيران ضعيف للغاية، أسقطنا 13 من أصل 14 صاروخًا، وشكرًا لإيران على إبلاغنا مسبقًا... لم يُصب أحد، ونأمل في سلام دائم".ومع انتهاء اليوم نفسه (الإثنين) وبالتزامن مع أولى ساعات يوم الثلاثاء، أعلن ترامب رسميًا وقف إطلاق النار الكامل بين إيران وإسرائيل، موضحًا أن التنفيذ سيتم على مرحلتين، تبدأ بإيران ثم إسرائيل خلال 12 ساعة، يعقبها إعلان نهائي بإنهاء الحرب.ما بين النار والحمائموتعليقا على ذلك يشير محمود جابر المتخصص في الشأن الإيراني أن اللافت في الأمر أن كل ما جرى خلال الأيام الخمسة لم يكن تصعيدًا تقليديًا بقدر ما كان عملية ضبط محسوبة للغضب والردع السياسي.وأشار جابر في تصريحات ل"مصراوي"، أن إيران ردّت دون أن تتجاوز "الخطوط الحمراء"، وأمريكا ضربت دون نية في إشعال نزاع شامل قد يجرها إلى حرب طويلة.هكذا كانت قصة الأيام الخمس الأخيرة التي سبقت وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب رسميا، بداية من تحركات لإخلاء قاعدة العديد إلى تغريدة ترامب بعد القصف الإيراني على القاعدة: "شكرًا لإيران على إبلاغنا مسبقًا".