
الطفلة مريم.. جسد نحيل أنهكه التجويع الإسرائيلي في غزة- (صور)
جسدها المنهك المجوع فقد أكثر من نصف وزنه خلال 22 شهرا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل مع التجويع الذي شددت من إجراءاته في مارس/ آذار الماضي بإغلاق المعابر أمام الإمدادات ما تسبب بانتشار مجاعة وتفاقمها لمستويات 'كارثية'.
الأناضول وثقت تحولات كبيرة طالت جسد مريم الضعيف، تشهد على مأساة التجويع الإسرائيلية، حيث برزت عظام فكها وأضلاعها واضحة تحت الجلد، فيما يوشك عمودها الفقري على اختراق الجلد من شدة النحول.
برزت عظام فك الطفلة وأضلاعها واضحة تحت الجلد، فيما يوشك عمودها الفقري على اختراق الجلد من شدة النحول
مريم جسدت بمعاناتها قسوة التجويع الذي يستهدف أكثر من 2.4 مليون إنسان بغزة، وأكدتها التقارير الصحية والحقوقية الأممية والدولية، بينما تواصل إسرائيل بسياساتها اللا أخلاقية إنكار جريمتها الوحشية متنصلة من مسؤولياتها ومستمرة في حصار مشدد يفتك بالفلسطينيين.
وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، ارتفاع وفيات سياسة التجويع الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 180 فلسطينيا بينهم 93 طفلا، وذلك بعد وفاة 5 أشخاص خلال 24 ساعة نتيجة سوء التغذية.
والجمعة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة 'اليونيسف' من أن أطفال غزة يموتون بمعدل 'غير مسبوق' وسط المجاعة وتدهور الأوضاع نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة.
ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين بقطاع غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف طفل وسيدة سوء التغذية الحاد.
** وضع حرج
تعاني الطفلة مريم من وضع صحي حرج جراء إصابتها بسوء تغذية حاد واستمرار مضاعفاته الصحية من 'الإسهال الحاد'.
وتقول والدتها (لم تكشف عن اسمها) في فيديو نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية 'وفا'، الأحد، إن مريم منذ أكثر من عام ونصف تعاني من سوء تغذية جراء التجويع الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية وتشديد الحصار.
وتابعت، وهي نازحة من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع إلى مركز إيواء غرب مدينة غزة، أن وضع مريم الصحي شهد تدهورا شديدا في الفترة الأخيرة، بالتزامن مع اشتداد المجاعة جراء منع إدخال المساعدات الإنسانية منذ مارس/ آذار الماضي.
ويواصل جسد الطفلة بالتهام نفسه جوعا، حيث انخفض وزنها من 25 كيلو غراما قبل الحرب، إلى نحو 10 كيلو غرامات ونصف حاليا، وفق والدتها.
** 'لا تحسّن'
تشير الوالدة إلى أن الوضع الصحي لمريم لم يشهد تحسنا رغم أنها مكثت في عدة مستشفيات لفترات طويلة آخرها كان شهر كامل.
وتوضح أنها تتوجه إلى المستشفيات بشكل دوري من أجل تلقي طفلتها الحليب العلاجي في وقت تنفد فيه الأطعمة لديها.
وتابعت: 'قبل أسبوعين، دخلت مستشفى أصدقاء المريض بغزة، ومكثت بمريم لمدة شهر تلقت خلاله الحليب العلاجي والزبدة، لكن وضعها الصحي لم يشهد تحسنا'.
وذكرت أن مريم دخلت المستشفى بوزن 10.5 كيلوغرامات وخرجت منها بذات الوزن، معربة عن تخوفها من تدهور وضعها الصحي بشكل يهدد حياتها.
ونددت بسياسة إسرائيل في إدخال المساعدات وتسهيل عمليات نهبها وسرقتها فضلا عن استهداف عمليات التأمين التي تحاول ضمان وصولها إلى كافة السكان.
وقالت بهذا الصدد: 'المساعدات من حق الجميع، يجب أن تتأمن وتصل لكل الناس'.
والاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إن إسرائيل سمحت بدخول 674 شاحنة مساعدات فقط منذ 27 يوليو/ تموز الماضي، وهو ما يعادل نحو 14 بالمئة من إجمالي الحد الأدنى من الاحتياج اليومي للقطاع المقدّر بنحو 600 شاحنة.
وبشكل متكرر، يتهم المكتب الحكومي إسرائيل بتسهيل سرقة ونهب شاحنات المساعدات عبر اتباع سياسة 'هندسة الفوضى والتجويع'، ما يحول دون وصولها إلى الفلسطينيين لتحسين أوضاعهم الغذائية والصحية.
لذا، لم تشهد مؤشرات المجاعة بغزة منذ ذلك الوقت تراجعا رغم السماح بدخول المساعدات الشحيحة إلى القطاع.
(الأناضول)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 3 أيام
- القدس العربي
الطفلة مريم.. جسد نحيل أنهكه التجويع الإسرائيلي في غزة- (صور)
غزة: على سرير المرض بمستشفى 'أصدقاء المريض' بمدينة غزة، ترقد الطفلة مريم دواس ذات التسعة أعوام، بجسدها النحيل بلا قدرة على التحرك أو النهوض بعدما تردى وضعها الصحي جراء إصاباتها بسوء تغذية حاد ناجم عن التجويع الإسرائيلي الممنهج بحق الفلسطينيين. جسدها المنهك المجوع فقد أكثر من نصف وزنه خلال 22 شهرا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل مع التجويع الذي شددت من إجراءاته في مارس/ آذار الماضي بإغلاق المعابر أمام الإمدادات ما تسبب بانتشار مجاعة وتفاقمها لمستويات 'كارثية'. الأناضول وثقت تحولات كبيرة طالت جسد مريم الضعيف، تشهد على مأساة التجويع الإسرائيلية، حيث برزت عظام فكها وأضلاعها واضحة تحت الجلد، فيما يوشك عمودها الفقري على اختراق الجلد من شدة النحول. برزت عظام فك الطفلة وأضلاعها واضحة تحت الجلد، فيما يوشك عمودها الفقري على اختراق الجلد من شدة النحول مريم جسدت بمعاناتها قسوة التجويع الذي يستهدف أكثر من 2.4 مليون إنسان بغزة، وأكدتها التقارير الصحية والحقوقية الأممية والدولية، بينما تواصل إسرائيل بسياساتها اللا أخلاقية إنكار جريمتها الوحشية متنصلة من مسؤولياتها ومستمرة في حصار مشدد يفتك بالفلسطينيين. وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، ارتفاع وفيات سياسة التجويع الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 180 فلسطينيا بينهم 93 طفلا، وذلك بعد وفاة 5 أشخاص خلال 24 ساعة نتيجة سوء التغذية. والجمعة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة 'اليونيسف' من أن أطفال غزة يموتون بمعدل 'غير مسبوق' وسط المجاعة وتدهور الأوضاع نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة. ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين بقطاع غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف طفل وسيدة سوء التغذية الحاد. ** وضع حرج تعاني الطفلة مريم من وضع صحي حرج جراء إصابتها بسوء تغذية حاد واستمرار مضاعفاته الصحية من 'الإسهال الحاد'. وتقول والدتها (لم تكشف عن اسمها) في فيديو نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية 'وفا'، الأحد، إن مريم منذ أكثر من عام ونصف تعاني من سوء تغذية جراء التجويع الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية وتشديد الحصار. وتابعت، وهي نازحة من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع إلى مركز إيواء غرب مدينة غزة، أن وضع مريم الصحي شهد تدهورا شديدا في الفترة الأخيرة، بالتزامن مع اشتداد المجاعة جراء منع إدخال المساعدات الإنسانية منذ مارس/ آذار الماضي. ويواصل جسد الطفلة بالتهام نفسه جوعا، حيث انخفض وزنها من 25 كيلو غراما قبل الحرب، إلى نحو 10 كيلو غرامات ونصف حاليا، وفق والدتها. ** 'لا تحسّن' تشير الوالدة إلى أن الوضع الصحي لمريم لم يشهد تحسنا رغم أنها مكثت في عدة مستشفيات لفترات طويلة آخرها كان شهر كامل. وتوضح أنها تتوجه إلى المستشفيات بشكل دوري من أجل تلقي طفلتها الحليب العلاجي في وقت تنفد فيه الأطعمة لديها. وتابعت: 'قبل أسبوعين، دخلت مستشفى أصدقاء المريض بغزة، ومكثت بمريم لمدة شهر تلقت خلاله الحليب العلاجي والزبدة، لكن وضعها الصحي لم يشهد تحسنا'. وذكرت أن مريم دخلت المستشفى بوزن 10.5 كيلوغرامات وخرجت منها بذات الوزن، معربة عن تخوفها من تدهور وضعها الصحي بشكل يهدد حياتها. ونددت بسياسة إسرائيل في إدخال المساعدات وتسهيل عمليات نهبها وسرقتها فضلا عن استهداف عمليات التأمين التي تحاول ضمان وصولها إلى كافة السكان. وقالت بهذا الصدد: 'المساعدات من حق الجميع، يجب أن تتأمن وتصل لكل الناس'. والاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إن إسرائيل سمحت بدخول 674 شاحنة مساعدات فقط منذ 27 يوليو/ تموز الماضي، وهو ما يعادل نحو 14 بالمئة من إجمالي الحد الأدنى من الاحتياج اليومي للقطاع المقدّر بنحو 600 شاحنة. وبشكل متكرر، يتهم المكتب الحكومي إسرائيل بتسهيل سرقة ونهب شاحنات المساعدات عبر اتباع سياسة 'هندسة الفوضى والتجويع'، ما يحول دون وصولها إلى الفلسطينيين لتحسين أوضاعهم الغذائية والصحية. لذا، لم تشهد مؤشرات المجاعة بغزة منذ ذلك الوقت تراجعا رغم السماح بدخول المساعدات الشحيحة إلى القطاع. (الأناضول)


العربي الجديد
٣١-٠٧-٢٠٢٥
- العربي الجديد
حمص مطحون وأوراق شجر مغلية.. حلول يائسة لإطعام رضع غزة
في خيمة على شاطئ غزة، تطحن جدة الطفلة منتهى البالغة من العمر ثلاثة أشهر الحمص حتي يصل إلى أنعم قوام ممكن لتحويله إلى معجون لتطعمه للرضيعة، في محاولة يائسة لإنقاذ الحفيدة من الموت جوعاً ، رغم علمها بأن المعجون سيبكيها من شدة الألم. وتقول عبير حمودة خالة منتهى، إنه لو كان بإمكان الرضيعة الكلام لصرخت في وجههم متسائلة عما يضعونه في جوفها. وعبس وجه منتهى وتلوى جسدها بينما كانت جدتها تطعمها المعجون بواسطة محقنة. وعائلة منتهى واحدة من العديد من عائلات غزة التي تواجه خيارات صعبة في محاولة إطعام أطفالها الرضع، خاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر والذين لا يستطيعون تناول الطعام الصلب وهضمه. وشح الحليب الصناعي للرضع بشدة بعد تراجع وصول المساعدات إلى غزة. وتعجز العديد من النساء عن إرضاع أطفالهن بسبب سوء التغذية ، بينما ينفصل أطفال آخرون عن أمهاتهم بسبب النزوح أو الإصابة أو الموت كما هو الوضع بالنسبة لمنتهى. وتقول عائلتها، إن والدة الطفلة أصيبت برصاصة أثناء حملها وأنجبت قبل الأوان وهي فاقدة للوعي في العناية المركزة وتوفيت بعد بضعة أسابيع. وأشار مدير مجمع الشفاء الطبي إلى هذه الحالة في منشور على "فيسبوك" في 27 إبريل/ نيسان، بعد أربعة أيام من ولادة منتهى. وتفيد جدتها نعمة حمودة، بأنها تشعر بالخوف الشديد بشأن مصير الطفلة، وأضافت "أطلقنا عليها اسم والدتها.. آملين أن تنجو وتعيش طويلاً، لكننا خائفون جداً، فنحن نسمع أن الأطفال والكبار يموتون جوعاً كل يوم". وأشارت أسرة منتهى إلى أن وزنها الآن حوالي 3.5 كيلوغرامات تقريبا، وهو بالكاد يزيد عن نصف وزن طفل في مثل عمرها. وتعاني من اضطرابات في المعدة مثل القيء والإسهال بعد الرضاعة. وقال مسؤولون صحيون وعمال إغاثة وعائلات من غزة لـ "رويترز"، إن عدة عائلات تطعم الأطفال الرضع الأعشاب المغلية والشاي أو تطحن الخبز أو السمسم. وأبلغت وكالات إغاثة إنسانية أيضا عن حالات يقوم فيها الأهالي بغلي أوراق الشجر في الماء وتناول علف الحيوانات وطحن الرمل وتحويله إلى طحين. ووفق خبراء صحة الأطفال، فإن إطعام الأطفال المواد الصلبة في وقت مبكر للغاية يمكن أن يعرقل تغذيتهم ويسبب مشاكل في المعدة ويمكن أن يتسبب في خطر الاختناق. وأفاد سليم عويس المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) "إنها خطوة يائسة لتعويض نقص الغذاء.. عندما لا تستطيع الأمهات الإرضاع أو توفير حليب الأطفال الصناعي، فإنهن يلجأن إلى طحن الحمص والخبز والأرز وأي شيء يتمكن من الحصول عليه لإطعام أطفالهن.. وهذا يعرض صحتهم للخطر لأن هذه المواد ليست ليتغذى عليها الرضع". زجاجات أطفال بلا حليب دفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مرصد عالمي رئيسي لمراقبة الجوع، إلى القول يوم الثلاثاء إن أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف في القطاع، وإنه يتعين القيام بتحرك فوري لتجنب انتشار الموت. وأحدثت صور الأطفال الفلسطينيين المصابين بالهزال صدمة في العالم. وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، أنه لا يزال يفتقر إلى التصاريح اللازمة لإيصال مساعدات كافية. وتقول وكالات إغاثة إنسانية، إن حليب الأطفال في غزة يكاد ينفد. ويتجاوز سعر العلب المتوفرة في السوق 100 دولار وهو ثمن يستحيل على عائلات مثل أسرة منتهى التي أصبح والدها من دون عمل منذ تسبب الحرب في إغلاق محل الفلافل الذي كان يملكه وتشريد العائلة من منزلها. ونفدت مخزونات حليب الأطفال تقريبا من قسم الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط غزة. وشرحت إحدى الأمهات كيف سكبت طحينة السمسم السميكة في زجاجة الرضاعة وخلطتها بالماء. وقالت أزهار عماد (31 عاما) والدة جوري البالغة من العمر أربعة أشهر "جيبت لها طحينة في قلبها سمسم وحطيتها بنتفة مايه (بعض الماء) وشربتها للبنت، بس البنت مش قابلاها، باعتبار إني أعوضها عن الحليب". وأضافت وهي في حالة ذعر أثناء وصف كيفية تسبب هذه المحاولات في مرض طفلتها بدلا من تغذيتها "مفيش إشي متوفر، أنا باعملها حلبة، يانسون، كراوية، أي إشي أعشاب". خطر يهدد رضّع غزة وتحدث أفراد الطاقم الطبي في المستشفى عن عجزهم وهم يشاهدون صحة الأطفال تتدهور من دون أي وسيلة آمنة لإطعامهم. وقال الطبيب خليل دقران "الأطفال الآن يتم إرضاعهم إما بالمياه أو ببعض طحين البقوليات الصلبة وهذا مؤذ للأطفال". وأضاف "إذا استمر التجويع، إذا لم يأكل الطفل لمدة ثلاثة أو أربعة أيام يفارق الحياة". قضايا وناس التحديثات الحية أطفال غزة... هياكل عظمية في مواجهة التجويع وارتفع عدد الوفيات جراء الجوع في غزة إلى 159 منذ بدء الحرب بعد تسجيل حالتي وفاة جديدتين خلال الساعات الـ 24 الماضية إحداهما لطفل، حسب ما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم الخميس. وبحسب بيانات الوزارة، من بين عدد الوفيات 90 طفلا، في وقت لا تزال فيه الإمدادات الغذائية والطبية محدودة بشكل حاد بسبب استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات. ويشهد القطاع أزمة إنسانية حادة في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكانت إسرائيل قد أغلقت في الثاني من مارس/آذار 2025 جميع المعابر المؤدية إلى غزة، وهو ما أدى إلى تفاقم أوضاع السكان الذين يعانون من نقص حاد في المواد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء. وتحذر منظمات إنسانية دولية من خطر حدوث مجاعة واسعة النطاق، في وقت لا تزال فيه جهود الإغاثة محدودة وتعاني من قيود لوجستية وأمنية في معظم أنحاء القطاع. (رويترز، أسوشييتد برس)


العربي الجديد
٢٤-٠٧-٢٠٢٥
- العربي الجديد
انهيارات بسبب الجوع... غزيون يفقدون الوعي في الشوارع
يعيش أهالي قطاع غزة مرحلة أكثر قسوة جراء التجويع فباتوا يتساقطون في الخيام وعلى الطرقات، وينقلون إلى المستشفيات للحصول على المحاليل التي بدأت تنفد من المستشفيات لا تتوقّف حالات الإنهاك الشديد والإغماء التي تصيب أطفالاً ونساءً، من التوافد بكثرة خلال الأيام الأخيرة، إلى قسم استقبال الطوارئ السريع في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، مع وصول مستوى التجويع في قطاع غزة إلى حد الكارثة، ما يهدد حياة أكثر من مليوني شخص، في ظل إغلاق المعابر منذ 2 مارس/ آذار الماضي، فضلاً عن غلاء شديد في السلع الأساسية المتوفرة كالدقيق والأرز والخضار. واقعٌ جعل الأهالي يعتمدون على الحساء المعدّ من المكملات الغذائية. وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أول من أمس، 10 وفيات جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية خلال 24 ساعة، ما يرفع العدد الإجمالي لوفيات المجاعة إلى 111 حالة، بينهم 80 طفلاً. وبموازاة ذلك، ترتفع معدّلات الإصابة بسوء التغذية، وتتفاقم الإصابات مع اشتداد حدة الجوع. تقول والدة الطفلة شام قديح (عامان) وغيرها من مئات الأطفال، الذين بدأت صورهم تنتشر بسبب وجوههم الشاحبة وعيونهم الغائرة وظهور عظام أقفاصهم الصدرية وأقدامهم: "منذ الشهر الثاني بعد الولادة، بدأت حالتها تسوء، ولم يتجاوز وزنها 4.5 كيلوغرامات علماً أنه يفترض أن يكون 9 كيلوغرامات. تعاني تضخماً في الكبد، وأخبرني الأطباء أن علاجها خارج غزة، وبقاءها فيها يهدد حياتها". من جهتها، وصلت منال هنية إلى قسم الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة في حالة هزال شديدة ووجه شاحب وجسد نحيف، يسندها زوجها الذي وضع رأسها على المقعد داخل قسم الاستقبال. وعمدت الطواقم الطبية إلى مدّها بمحلول مغذٍّ على الفور نظراً إلى صعوبة حالتها، هي التي لم تتناول وجبة طعام منذ ثلاثة أيام. وقول زوجها صلاح لـ "العربي الجديد": "بشكل عام، لا يوجد طعام بشكل فعلي منذ شهرين. كما أن أسعار ما هو متوفر مرتفع ولا نستطيع تأمينه، والمعابر مغلقة، وكانت النتيجة أن سقطت داخل الخيمة. وبصعوبة استطعنا نقلها إلى المستشفى. أطفال وشيوخ أيضاً يسقطون من شدة الجوع وانعدام السكريات". يضيف: "خلال الأيام الأخيرة، بتنا نغلي المغذيات مع المياه ونشربها كأنها حساء. نحن عائلة منعدمة الدخل نزحت إلى رمال شاطئ بحر مدينة غزة، ولا تصلنا أية مساعدة". وحتى يتمكن هنية وعائلته من تناول وجبة طعام واحدة غير مشبعة، يحتاج إلى دفع 50 دولاراً. ويسأل: "من أين سيأتي الدخل؟. الحياة منعدمة. أين الضمائر الحية؟ نحن في غزة نستصرخهم لأننا نمر بحالة جوع لم يمر بها أي تاريخ بشري، لا في الحرب العالمية الأولى ولا في الثانية. يموت منا أطفال ونساء نتيجة الجوع". إلى ذلك، كان الطفل أنس غنيم نائماً خلال تلقيه وحدة المحلول الثالثة، هو الذي يعاني هزالاً شديداً. تقول أمه لـ "العربي الجديد": "فجأة، لم يتمكن من الوقوف على قدميه بسبب تلف الأدوية المثبطة للمناعة. نعيش في خيمة حيث الحرارة شديدة، فضلاً عن أن المياه التي نشربها ملوثة. تبين أن لديه فقر دم. كما أنه مصاب بمرض السكري. لم يأكل شيئاً منذ عدة أيام. وبصعوبة تمكنت من شراء حبة صبار واحدة له". وللجوع تأثير كبير على المرضى والحوامل بدرجة كبيرة. على الرغم من أن دعاء مراد حامل منذ شهر ونصف الشهر، إلا أن حالة الوهن التي تظهرها وكأنها تعيش مخاض الولادة. وصلت إلى قسم الطوارئ في حالة انهيار شديد غير قادرة على الحديث، يرافقها زوجها وأمها. قضايا وناس التحديثات الحية أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية تدعو لتحرك مع انتشار الجوع في غزة يقول زوجها لـ "العربي الجديد"، بينما كان الأطباء يستعدون لإعطائها المحلول: "منذ شهر ونصف الشهر، لا تأكل، ونحن نتنقل بها من مستشفى إلى آخر. لا علاج ولا طعام صحي. المتوفر الآن هو أقراص الفلافل والدقة ((خليط من الزعتر والسمسم والتوابل الجافة)، وهذا الطعام ممنوع عليها". من جهة أخرى، كانت الطفلة غزل أبو غبن تأكل قطعة خبز بينما تتلقى جرعة من أحد المحاليل. تقول أمها لـ "العربي الجديد": "لم يعد لدينا ما نأكله منذ ثلاثة أيام. تعطل جهاز الإنسولين بسبب انقطاع الكهرباء. وبسبب طحن الدقة التي كانت تأكله، أصيبت بحموضة في الدم (حموضة الدم، أو ما يعرف بالحماض، هي حالة طبية تحدث عندما يصبح الدم أكثر حمضية من الطبيعي). وبصعوبة وبمساعدة شقيقها، جئت بها إلى المستشفى من منطقة السودانية شمال مدينة غزة. قطعة الخبز التي كانت تأكلها حصلنا عليها من ناس". كانت الطفلة سيلينا أبو حطب ممددة على أحد المقاعد في حالة إنهاك شديد. لم تتحمل وخزها بالإبرة لسحب عينة الدم قبل تقديم محلول لها. ومنذ أربعة أيام، تعاني هزالاً شديداً جراء قلة الطعام، وحموضة في الدم. ومنذ بداية الحرب لم تحصل على الدواء المناسب الذي كان يصلها من الأراضي المحتلة عام 48، وتمنع من تناول الدقة والبقوليات، وهذه هي المواد المتوفرة في غزة حالياً وبأسعار مرتفعة، كما يقول والدها لـ "العربي الجديد"، الذي يقف عاجزاً عن شراء الخضار لطفلته، نتيجة عدم توفره أو ارتفاع سعره. ساعات الانتظار الطويلة للحصول على طعام، 23 يوليو 2025 (سعيد جرس/الأناضول) ويقول الطبيب خضر حسنين، الذي أشرف على علاج الطفلة، لـ "العربي الجديد"، إن "سيلينا تعاني قيئاً مستمراً وضعفاً وهزالاً وخمولاً، وتبين أنها تعاني سوء تغذية حادّاً. وصلت إلى قسم الطوارئ متعبة ومجهدة بشكل كامل، وقدمت لها المحاليل اللازمة لتبقى على قيد الحياة"، مشيراً إلى "نقص في محاليل الغلوكوز والمحلول الملحي اللازم للمرضى الجوعى". ويؤكد حسنين لـ "العربي الجديد" أن "مئات الحالات تصل إلى القسم يومياً بسبب المجاعة، إذ تسقط في الخيام أو في الشوارع". يضيف: "نتعامل معها ونحن مجهدون ومتعبون جراء الجوع ونقص السوائل، ونشكو هذا الضعف". أما في ما يخص المصابين، فسيؤدي عدم التغذية إلى تأخر التئام الجروح، وهذا حال يوسف عودة بدوي الذي كان موجوداً في قسم الطوارئ منذ نحو شهر، وأدى سوء التغذية إلى فقدانه نحو 30 كيلوغراماً من وزنه الذي كان 90 كيلوغراماً قبل الإصابة. يقول والده الذي استطاع شراء أوقية عنب لنجله: "اليوم، استطعت شراء شيء له. غداً، لن يكون لدي مقدرة على شراء أي شيء بسبب ارتفاع الأسعار. وزنه انخفض، وجرحه لم يلتئم، ولا نستطيع إطعامه سوى القرع والكوسى، والخبز غير موجود". صحة التحديثات الحية صحة غزة: 10 وفيات جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية وتؤثر حدة المجاعة على عمل الطواقم الطبية المنهكة، فما يشعر به المرضى يعيشه من يقوم بعلاجهم من أطباء وممرضين، الذين تعرضوا للإغماء نتيجة الجوع. على مدى 24 ساعة، عمل الطبيب مصطفى هنا في قسم الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي، تحت تأثير الجوع وضغط العمل واستقبال مصابي وشهداء مجزرة الطحين شمال غزة، الأحد الماضي. يقول لـ "العربي الجديد": "الطاقة الموجودة لدينا في التعامل مع المرضى أقل مما كانت عليه سابقاً. خلال فترة معينة من النهار، أفقد القدرة على التعامل مع أي حالة جديدة، علماً أننا نستقبل أعداداً مهولة قد تفوق قدرة أي مركز صحي متقدم. فما بالك بمستشفى يعمل بأقل من إمكانياته السابقة؟ خلال الفترة الأخيرة، كانت وزارة الصحة عاجزة عن توفير وجبة طعام واحدة لطواقمها خلال 24 ساعة، ولا شيء يشترى من الأسواق. يوم المجزرة، لم أستطع البقاء في المستشفى لفترة إضافية بعد انتهاء مناوبتي الساعة الثانية عشرة ظهراً جراء الإنهاك". بدوره، يقول رئيس قسم الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي، معتز حرارة، إن "الكثير من الطواقم الطبية أغمي عليها ولم تعد تستطيع القدوم إلى المستشفى بسبب الهزال الشديد، وهناك من فقد ثلث أو ربع وزنه. الطاقم الصباحي يعمل ساعة أو ساعتين ويشعر بالإجهاد السريع والصداع والرعشة، في وقت نستقبل الكثير من المصابين بأمراض حموضة الدم. سابقاً، كات تتوافد حالة أو حالتان يومياً. اليوم، تصلنا عشر حالات يومياً ونضطر لإدخالها إلى المستشفى، ما يؤثر على المنظومة الصحية في ظل عدم وجود مستهلكات وأدوية. كما أن المحاليل على وشك النفاد". ويوضح حرارة لـ "العربي الجديد" أنه يتردد يومياً على قسم العلاج السريع في الطوارئ نحو 500 حالة، 10% منهم بسبب الجوع وسوء التغذية.