logo
بوادر أزمة اقتصادية ودبلوماسية: «مركزيّ عدن» يُقرّ نقل «ضمان الودائع»

بوادر أزمة اقتصادية ودبلوماسية: «مركزيّ عدن» يُقرّ نقل «ضمان الودائع»

القدس العربي منذ 5 أيام
صنعاء – «القدس العربي»: أصدر البنك المركزي اليمني في عدن، الذي تُديره الحكومة المعترف بها دوليًا، أمس الأحد، قرارًا بنقل المركز الرئيسي لمؤسسة ضمان الودائع المصرفية من صنعاء إلى عدن.
وأعرب مراقبون عن مخاوفهم من أن تندرج هذه الخطوة في سياق استئناف تصعيد الحرب الاقتصادية بين طرفي الصراع، عقب إصدار البنك المركزي في صنعاء، الذي تُديره حركة «أنصار الله» (الحوثيون)، الأسبوع الماضي، عملة معدنية جديدة وإصدار نقدي ورقي آخر جديد.
في السياق، استهجنت وزارة الخارجية في حكومة «أنصار الله»، ما حمله بيان المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، إزاء إصدار مركزي صنعاء عملة جديدة، معتبرة أن ذلك البيان «يؤكّد مجدداً انحيازه (غروندبرغ) المطلق لدول العدوان (دول التحالف) ومرتزقتها وخروجه عن الولاية المناطة به كوسيط محايد».
وحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها التابعة للحكومة، فقد أصدر محافظ البنك المركزي اليمنيّ في عدن، قراراً «بنقل المركز الرئيسي لمؤسسة ضمان الودائع المصرفية من مدينة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن. ونصت المادة الثانية، من القرار على العمل به من تاريخ صدوره وعلى جميع الجهات المختصة العمل بموجبه».
واُنشئت المؤسسة رسميًا عام 2008 بصنعاء، وهو العام الذي صدر فيه قانون المؤسسة بقرار جمهوري.
صنعاء: غروندبرغ «وسيطًا غير محايد»
ووفقًا لنص القانون، فأهم ما تهدف إليه هذه المؤسسة هو تحقيق «حماية صغار المودعين في البنوك عن طريق تأمين قدر معين من الودائع وتوفير آلية لضمان تعويض المودع عن ودائعه دون إبطاء في حالة إخفاق البنك لأي سبب كان وتقرر تصفيته. وتشجيع عدداً أكبر من المواطنين اليمنيين للتعامل مع الجهاز المصرفي، والمساهمة في تحقيق استقرار الجهاز المصرفي، وضمان اشتراك جميع البنوك في تحمل تكاليف الإخفاق المصرفي والأزمات الاقتصادية».
لكن لا يتوفر في القانون نصًا واضحًا يمنح رئيس مجلس إدارة البنك المركزي اليمنيّ، وهو رئيس مجلس إدارة المؤسسة، الحق في إصدار قرار بنقل المركز الرئيسي للمؤسسة من صنعاء، ولكن يمنح القانون المجلس حق انشاء فروع للمؤسسة في المحافظات. ووفقًا للبند الثاني من المادة الرابعة في قانون إنشاء المؤسسة «يكون مركز المؤسسة في مدينة صنعاء، ويجوز بقرار من المجلس فتح فروع ومكاتب لها في أنحاء الجمهورية».
ويرى مراقبون أن هذا القرار في حال صدر كرد فعل إزاء قرار الحوثيين إصدار عملة معدنية جديدة وإصدار نقدي ورقي جديد، فإن البلد مقبلة على موجة ثانية من الحرب الاقتصادية، التي ستكون تداعياتها كارثية على معاناة اليمنيين، لاسيما بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب، التي أوصلت أوضاع الناس الاقتصادية إلى مستوى تراجعت فيها القدرة الشرائية إلى مؤشرات مخيفة، وتراجع معها متوسط الراتب في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دوليًا إلى أقل من خمسين دولارًا أمريكيًا.
وفي هذا، يرى الخبير الاقتصادي في صنعاء، رشيد الحداد، أن «قرار بنك عدن ضد مؤسسة ضمان الودائع المصرفية، والمعنية بحماية حقوق صغار المودعين في البنوك التجارية، يأتي في إطار التصعيد ضد قطاع البنوك والمصارف اليمني، وبهذا القرار تتحمل حكومة الطرف الآخر والبنك التابع لها مسؤولية حقوق المودعين في كافة البنوك التجارية والإسلامية، والتي تتجاوز 1.7 تريليون ريال يمني بسعر صرف العملة المتداولة بصنعاء ما يزيد عن 3 مليارات دولار».
ويعتقد في تصريح لـ»القدس العربي»، أن «مثل هذا القرار يأتي في إطار إقحام القطاع المصرفي في الصراع، ومحاولة من محاولات بنك عدن لتصدير أزمته إلى البنوك التجارية، خاصة وأن مثل هذا القرار، الذي، جاء بعد عشر سنوات يهدف إلى ضرب ثقة المودعين بالبنوك، ولن يعزز الثقة بينهما»، مشيرًا إلى أن «البنك المركزي في صنعاء لا يزال مستمرًا في، الحفاظ على حقوق المودعين، ويقدم معالجات خاصة لمواجهة طلبات صغار المودعين، ومنذ مطلع العام الجاري يجرى دفع تعويضات مالية شهرية وفق برنامج متفق عليه بين البنك المركزي بصنعاء والبنوك التجارية وبتمويل من البنك المركزي بصنعاء»، معتبرًا أن «ما يقوم به بنك عدن هو محاولة إرباك للقطاع المصرفي في صنعاء، مع تنصله عن أي مسؤولية تجاه مثل هذا القرارات الاعتباطية».
واعتبر الحداد أن «القرار غير قانوني، لأن القانون رقم (40) لعام 2008 بشأن مؤسسة ضمان الودائع المصرفية، وتحديدًا في الفقرة الثانية من المادة الرابعة منه تنص على أن يكون مركز المؤسسة في مدينة صنعاء، ويجوز بقرار من المجلس فتح فروع ومكاتب لها في أنحاء الجمهورية».
رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية في عدن، المحلل الاقتصادي، عبد الحميد المساجدي، قال لـ «القدس العربي» ، «إن قرار محافظ البنك المركزي اليمني في عدن بنقل مقر مؤسسة ضمان الودائع من صنعاء إلى عدن لا ينبغي قراءته كخطوة تصعيدية أو سياسية بقدر ما هو إجراء إداري طبيعي ومنطقي يتسق مع الواقع الجديد للقطاع المصرفي في اليمن، ومع المهام التي أنشئت من أجلها المؤسسة ذاتها».
ويعتقد أن «المؤسسة أنشئت عام 2008 لتكون أداة لحماية المودعين وتعزيز الثقة في النظام المصرفي»، معتبرًا أنها «تخضع لإشراف البنك المركزي اليمني ويرأسها محافظ البنك، وبالتالي فإن ارتباطها الوثيق بالبنك يجعل من الطبيعي أن تنتقل حيثما يوجد المركز الفعلي لقيادة السياسة النقدية في البلاد».
ويرى المساجد أنه «مع انتقال معظم البنوك التجارية والإسلامية إلى عدن، بات من الضروري أن تُنقل معها المؤسسات المرتبطة بالرقابة والإشراف، وفي مقدمتها مؤسسة ضمان الودائع كي تتمكن من ممارسة دورها بفاعلية، وتكون على تماس مباشر مع البنوك والمودعين».
واعتب أن «الأهم من ذلك، أن المؤسسة وهي في صنعاء كانت فعليًا معطلة ولم تؤدِ الدور المناط بها، لا في حماية حقوق المودعين، ولا في التدخل في الحالات التي عجزت فيها بعض البنوك عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه عملائها. الأمر الذي أضعف ثقة الجمهور بها، وأفرغ وجودها من مضمونه، وهو ما يجعل من إعادة تفعيلها اليوم في بيئة تشغيلية حقيقية خطوة في الاتجاه الصحيح». وقال: «بخصوص ما يُثار عن أن قانون تأسيس المؤسسة لم يتضمن نصًا صريحًا بشأن نقل مقرها، فهو اعتراض شكلي، لأن المؤسسة ليست كيانًا سياديًا منفصلًا، بل هي وحدة مرتبطة تنظيميًا وإداريًا بالبنك المركزي، وهو الجهة المختصة باتخاذ مثل هذه القرارات التنظيمية والإجرائية، بما يخدم الصالح العام ويعزز من فاعلية السياسة النقدية».
وشهدا العام 2024 تصعيدًا اقتصاديًا متبادلًا بين الطرفين، عبرت عنه قرارات لكل من «مركزيّ» عدن وصنعاء تتعلق بتعاملات البنوك، وهو التصعيد الذي انتهى بتفاهمات رعتها الأمم المتحدة بين الطرفين، ونصت على إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف عن ذلك مستقبلاً، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة الرحلات اليومية إلى ثلاث، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة.
وكان أهم ما تضمنته تلك التفاهمات أن نصت على «البدء في عقدِ اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناءً على خريطة الطريق»، وهو البند الذي كان كفيلًا، في حال تطبيقه، بالوصول بالبلد إلى تجاوز فعلي لكافة الإشكالات ذات العلاقة بالملفين الاقتصادي والإنساني، وهو الملف الذي يمثل معوقًا كبيرًا أمام استكمال السير في مسار التسوية بناءً على خارطة الطريق، التي أعلن المبعوث الأممي عن توصل الأطراف اليمني إليها في ديسمبر/ كانون الأول 2023، ومنذئذ لم تتحقق خطوة للأمام، بل ساد جمودًا على كافة مسارات التسوية، مع بقاء البلد يعيش هدنة هشة يوازيها تأهبًا لاستئناف الحرب.
المبعوث الأممي الخاص لليمن اعتبر في بيان صدر عنه الخميس، إصدار مركزي صنعاء، الذي تديره «أنصار الله» (الحوثيون)، عملة جديدة «خرقًا» لتلك التفاهمات، وهو البيان الذي رفضه الحوثيون، واعتبروه انحيازًا للطرف الآخر.
واعتبرت وزارة الخارجية في حكومة الحركة، أن هذا البيان يؤكد انحياز المبعوث الأممي للطرف الآخر، وخروجًا عن «الولاية المناطة به كوسيط محايد». وأكدّت رفضها للبيان «كونه جاء متناغماً مع البيانات الصادرة عن بعض دول العدوان وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا».
وقالت: «إن البنك المركزي بصنعاء أصدر العملة بناءَ على دراسة مالية ومهنية باعتبارها بديل للأوراق النقدية التالفة دون أن يترتب على ذلك أي آثار نقدية أو اقتصادية».
وأضافت أن جهودها ترمي «للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، وينبغي أن تحظى بالإشادة والتقدير».
واعتبرت أن لجوؤها لإصدار عملة هو قرار اضطراري، «بعد أن وصلت المحادثات بشأن هذا الملف إلى طريق مسدود بسبب تعنت ومماطلة وعدم جدية دول العدوان وحكومة المرتزقة بعد مرور عشر سنوات من المعاناة اليومية للمواطن اليمني جراء التعامل بالعملة القديمة».
وقالت إن صنعاء وافقت على اقتراح تشكيل لجنة اقتصادية مشركة، «وهو ما كان سيؤدي إلى المضي في حل جميع الإشكاليات»، محملة الطرف الآخر «مسؤولية عدم ظهور اللجنة للنور».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المغرب يعتزم استثمار 8 مليارات دولار في تكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس
المغرب يعتزم استثمار 8 مليارات دولار في تكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس

العربي الجديد

timeمنذ 8 ساعات

  • العربي الجديد

المغرب يعتزم استثمار 8 مليارات دولار في تكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس

كشفت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في المغرب، اليوم الجمعة، عن التوجه نحو إنجاز استثمارات بحوالي 8 مليارات دولار بهدف توفير تكنولوجيا الجيل الخامس G5. وجاء ذلك في اجتماع مجـلس إدارة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وهو الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، حيث تبنى قرار إعطاء انطلاقة تكنولوجيا الجيل الخامس . وأكد المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، عز العرب حسيبي، خلال الاجتماع، أن الاستثمارات المتوقعة "ستمكن في مرحلة أولى مع متم سنة 2025 من تغطية عدد من المدن بهذه التقنية، إذ من المتوقع أن تصل نسبة توسيع الربط بتكنولوجيا G5 إلى حوالي 85 % من السكان في حدود عام 2030". وشدد على أنه سيجري تحديث المخطط الوطني للترددات حتى يتماشى مع التطور التكنولوجي والتنمية السوسيو اقتصادية، مؤكداً على مواصلة المشاريع الهيكلية المتعلقة بتوسيع الربط بالإنترنت فائق السرعة وشبكات الألياف البصرية. وتفيد الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات أن عدد المشتركين في خدمات الهاتف المحمول وصل إلى 57 مليون مشترك، فيما يضم قطاع الإنترنت ما يقارب 40 مليون مستخدم، بنسبة مستخدمين تناهز حوالي 90% من عدد السكان". واتُّخذ خلال الاجتماع المنعقد قرار يقضي بإجراء مسح لتحديد المناطق النائية التي تعاني ضعف شبكة المواصلات أو غيابها، في أفق تغطيتها بشكل كامل وفق برنامج محدد. وكان ضعف شبكة الاتصالات من بين الأسباب التي دفعت سكان منطقة أيت بوكماز إلى تنظيم مسيرة احتجاجية، حيث قطعوا العديد من الكيلومترات في اتجاه مقر ولاية جهة بني ملال، للتعبير عن مطالب تتعلق بشبكة الاتصالات والطرق والربط بالماء الصالح للشرب وتوفير أطر طبية وتيسير منح رخص البناء. اقتصاد عربي التحديثات الحية صراع الجيل الخامس بين أوروبا والصين وصل إلى تونس وأكد رئيس الحكومة في الاجتماع ضرورة التعميم الشامل لشبكة الاتصالات بمختلف المناطق، ولا سيما المناطق الجبلية، وحث الوكالة على الانكباب على تحديد المناطق غير المغطاة، والتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية والقطاع الخاص، من أجل توفير خدمات الاتصالات في هذه المناطق، بالجودة والسرعة اللازمتين. وتتميز شبكات الاتصالات من الجيل الخامس بسرعة فائقة ووقت استجابة وجيز، حيث تسمح بتلبية الاحتياجات الخاصة لقطاعات الصناعة والنقل والصحة والزراعة. وأعلنت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، في يوليو/ تموز الجاري، إطلاق المنافسة بهدف منح تراخيص لإحداث واستغلال شبكات للمواصلات تستعمل تكنولوجيا متنقلة من الجيل الخامس. وكانت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح، قد أشارت في مناسبة سابقة إلى التوجه نحو إطلاق الجيل الخامس من الإنترنت في سياق الاستعدادات لتنظيم كأس الأمم الأفريقية لعام 2025 وكأس العالم 2030. وأوضحت أن المستهدف يتمثل في تغطية 25 % من السكان في أفق 2026، و70% في أفق 2030، مؤكدة التوجه نحو توفير تغطية كاملة للمدن التي ستستضيف أحداث كأس العالم 2030.

توقعات بإعلان اتفاق تجاري بين واشنطن وبروكسل خلال عطلة نهاية الأسبوع
توقعات بإعلان اتفاق تجاري بين واشنطن وبروكسل خلال عطلة نهاية الأسبوع

العربي الجديد

timeمنذ 10 ساعات

  • العربي الجديد

توقعات بإعلان اتفاق تجاري بين واشنطن وبروكسل خلال عطلة نهاية الأسبوع

نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين ودبلوماسيين أوروبيين قولهم يوم الجمعة إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يتوصلان إلى اتفاق تجاري خلال عطلة نهاية الأسبوع وهو تطور من شأنه أن يضع حداً لشهور من عدم اليقين للصناعة الأوروبية، في أعقاب تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 30% على الصادرات من دول الاتحاد. وبحسب المصادر التي تحدثت إليها الوكالة فمن المتوقع أن يشمل الاتفاق رسوماً رئيسية بنسبة 15% على كل الصادرات الأوروبية باستثناء صادرات الألمنيوم والحديد التي من المحتمل ان تخضع لرسوم جمركية تبلغ 50%. وكان الرئيس الأميركي قد قال الجمعة قبل توجهه إلى اسكتلندا في زيارة خاصة لعدة أيام، إن احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي قائم بنسبة 50 % أو أقل، مضيفاً أن دول الاتحاد " في حاجة ماسة إلى إبرام اتفاق". لكن "رويترز" نقلت عن مصدر أوروبي قوله إن "الاتفاق المقترح في أيدي ترامب حالياً"، فيما أشار مصدر آخر مطلع على سير المفاوضات الى احتمال أن تلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الرئيسَ الأميركي أثناء وجوده في اسكتلندا خلال عطلة نهاية الأسبوع. وسيمضي ترامب عدة أيام في اسكتلندا ضمن زيارته الخاصة التي يتفقد خلالها ملاعب الغولف التي يمتلكها، كما سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، حيث أشار إلى أنه سيبحث معه مزيداً من التفاصيل المتعلقة بالاتفاق التجاري الذي أُبرم سابقاً بين واشنطن ولندن. اقتصاد دولي التحديثات الحية الاتحاد الأوروبي يخطط لمواجهة رسوم ترامب مع الدول المتضررة وتعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كلٌّ منهما للآخر أكبرَ شريكين تجاريين بالنظر إلى إجمالي تبادل السلع والخدمات والاستثمارات. وقد حذرت غرفة التجارية الأميركية مع الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي من أن استمرار النزاع يهدد علاقات تجارية قيمتها 9.5 تريليونات دولار، وهي الأهم من نوعها في العالم. وكان ترامب قد لوح بفرض رسوم جمركية تبلغ 30% على الصادرات الأوروبية إلى الأسواق الأميركية اعتباراً من أول اغسطس/ آب المقبل، إضافة إلى الرسوم الأعلى على صادرات الصلب والألمنيوم، وهي رسوم حذر مسؤولون أوروبيون من أنها ستقضي على التجارة بين جانبي المحيط الأطلسي. (رويترز، العربي الجديد)

بطاقة وطنية عراقية للدفع الإلكتروني أم التفاف على الرقابة الأمريكية؟
بطاقة وطنية عراقية للدفع الإلكتروني أم التفاف على الرقابة الأمريكية؟

القدس العربي

timeمنذ 11 ساعات

  • القدس العربي

بطاقة وطنية عراقية للدفع الإلكتروني أم التفاف على الرقابة الأمريكية؟

بغداد ـ «القدس العربي»: مع إعلان البنك المركزي العراقي إصدار بطاقة دفع مالي إلكتروني محلية لا ترتبط بالمنظومة الدولية، انطلقت تحذيرات من محاولة جديدة للالتفاف على الرقابة الأمريكية للبطاقات المالية الدولية، وسط مخاوف من كون البطاقات الجديدة غطاء لغسيل الأموال وهروبا من العقوبات الأمريكية. وقبل أيام أصدر البنك المركزي العراقي تعميما رسميا لجميع المصارف ومزوّدي خدمات الدفع الإلكتروني، يعلن فيه عن بدء تنفيذ مشروع «منظومة المخطط الوطني للبطاقات»، وهو نظام مدفوعات محلي يُدار عبر المقسم الوطني، وينفصل تماما عن المنصات الدولية مثل «ماستر كارد» و«فيزا». وأكد التعميم على أن هذا المشروع «محلي حصري»، وأنه سيكتمل مع نهاية السنة الحالية، تمهيدا لاعتماده رسميا اعتبارا من بداية السنة المقبلة. وإزاء تحذيرات خبراء الاقتصاد، من تداعيات سلبية للقرار الجديد، أعلن البنك المركزي العراقي لاحقا، أن مشروع البطاقة الوطنيّة للدفع الإلكتروني، لا يلغي التعامل بالبطاقات الدولية مثل «الفيزا كارد» و«الماستر كارد»، وإنه «خيار محلي إضافي يُستخدم داخل العراق حصرا بالدينار العراقي». وبرر البنك أن «المشروع يهدف إلى خفض تكاليف المدفوعات، وتعزيز الشمول المالي، وتنويع الخيارات أمام الجمهور، وتوفير بطاقات ذات طبيعة وطنية لكل المؤسسات والشرائح داخل العراق، فيما تبقى البطاقات الدوليّة الوسيلة الأساسية للإنفاق بالدولار أو بعملات أخرى خارج العراق للمشتريات عبر المواقع العالمية». تحذيرات من المشروع الجديد وبمجرد الإعلان عن مشروع البطاقة الجديد، انطلقت موجة ردود أفعال محذرة ومشككة من الخبراء المختصين بالمشروع وأهدافه ونتائجه. وتحدّث الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، عن «نظام البطاقة الوطنية للدفع الإلكتروني»، داعيا البنك المركزي العراقي، إلى أن «يكون أكثر حذرا هذه المرة، وأن يتعلم الدرس مما حصل سابقا، وأن يحصّن النظام الجديد بشكل كامل، وأن يرفع مستوى الامتثال والرقابة الداخلية إلى أعلى الدرجات، حتى لا يقع في ورطة (المراقبة والمعاقبة) الأمريكية نتيجة تطبيق أو استغلال احتيالي خاطئ لنظامه الجديد». في إشارة إلى عشرات البنوك العراقية التي شملتها العقوبات الأمريكية. وأشار الهاشمي في تدوينة على منصّة «إكس»، إلى «تكتيك» الخزانة الأمريكية في فرض العقوبات على الأطراف العراقية «المتورطة في العمليات الاحتيالية وغير القانونية»، محذّرا البنك العراقي في ذات الوقت مما أسماه بـ«ورطة المراقبة والمعاقبة الأمريكية»، و«الوقوع في مصيدة العقوبات الأمريكية». وأوضح الهاشمي، أن «التكتيك الذي تتبعه الخزانة الأمريكية عند تعاملها مع الأطراف العراقية الرسمية وغير الرسمية المتورطة في العمليات الاحتيالية وغير القانونية التي تجري في الداخل والخارج والتي تلوث اسم العراق، هو (راقب ثم عاقب)». وأضاف «عاقبت الخزانة الأمريكية مؤخرا بثلاثة أوامر تنفيذية رجال أعمال ظلّ عراقيين وغيرهم، ينشطون في الاقتصاد الأسود وفي قطاع تهريب النفط والمنتجات البتروكيميائية الإيرانية المعاقبة أمريكيا باستخدام وثائق رسمية عراقية وبالتعاون مع أطراف في إيران وماليزيا وسوريا واليمن»، لافتا إلى أن «هذا الإجراء ليس الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، فقد تم سابقا معاقبة مصارف وشركات وشخصيات عراقية تنشط كلها بشبكات واسعة ومعقدة من العمليات السوداء الاحتيالية التي تولد المليارات لأصحابها وسوء السمعة للعراق واقتصاده». ولفت إلى أنه «رغم كل أساليب التلاعب والتمويه والاحتيال والتخفي التي تتبعها شبكات الاحتيال والتهريب وغسيل الأموال داخل العراق، ورغم كل الدعم شبه السياسي الذي يتم خلف الكواليس وبسرية تامة، يتضح يوما بعد يوم أن معظم تلك النشاطات الاحتيالية أو كلها مرصودة ومتابعة ومراقبة من قبل الخزانة عبر مجسّات يبدو أنها مزروعة بعمق داخل تلك الأنظمة الاحتيالية»، مبينا «أن تشابه هذا النظام مع منظومة مير الروسية الخاضعة للعقوبات، قد يعرض العراق لمساءلة دولية ويثير تحفظات أمريكية»، مشيرا إلى أن غياب الالتزام الكامل بمعايير الأمان والامتثال، وعدم توضيح طبيعة الروابط التقنية مع أنظمة خارجية، يمثل ثغرة محتملة قد تستغل في أنشطة مالية مشبوهة. وحذر الخبير من أن «مشكلة شبكات الاحتيال والتهريب وغسيل الأموال العراقية إنها لا تتعلم الدرس ولا تتعظ من تجارب من سبقوها في الوقوع تحت طائلة العقوبات، وهذا يجعلها تستمر في التورط أكثر وتوسيع عملياتها وتضخيم أموالها بدون اهتمام أن كل شيء مراقب ومخترق وأن العقوبات قادمة في أية لحظة». ولفت الهاشمي إلى أن «العراق كدولة باتت تعاني من كثرة العقوبات التي تُفرض على أطراف وأموال محسوبة على البلد، وهذه العقوبات ازدادت بشكل فاضح حتى لم يبق أي مفصل اقتصادي عراقي لم يتعرض لعقوبات أمريكية مباشرة أو غير مباشرة، ما يضع العراق في قائمة الدول ذات السمعة السيئة وغير المنضبطة قانونيا وماليا واقتصاديا». وفي السياق ذاته، ترى الخبيرة الاقتصادية، سهام يوسف، «أن وجود نظام دفع مالي يعمل خارج أدوات الرقابة المالية الدولية، قد يُفسر كقناة خلفية للتحايل أو كأداة ربط غير مباشر بأنظمة خاضعة للعقوبات، خاصة بوجود صلات مع روسيا وإيران الخاضعتين للعقوبات الأمريكية، وهو سبب كافٍ لإثارة شك واشنطن». فيما لفتت الخبيرة الاقتصادية إلى أن «المطلوب الآن ليس التراجع عن السيادة المالية بل تجنب ارتكاب الأخطاء في تشغيل المنصة الجديدة، مثل عدم توفير مستوى معين من الشفافية المالية والتنسيق المالي الصريح، بما لا يعرض العراق إلى ضغوط كبيرة من الخزانة الأمريكية والتي قد تصل إلى مستويات العزل المالي عن النظام العالمي». دوافع القرار وعن مبررات إصدار القرار الجديد، ذكر الخبير المصرفي، محمود داغر، في تصريحات، أن «القرار مرتبط جزئيا بالعقوبات الدولية وبعض الضغوط على مصارف عراقية، لذلك يجري التوجه إلى نظام داخلي بديل». وأضاف أن «العراق لا يواجه مانعا قانونيا أو تقنيا في إنشاء هذا النوع من الأنظمة، وقد سبقتنا إليه العديد من الدول»، لكنه أوضح أن «الأنظمة المحلية تبقى محدودة، ولا يمكن استخدامها خارج حدود الدولة». وكان العديد من الخبراء الاقتصاديين، أشاروا إلى أن هذا القرار جاء بعد تجميد رواتب الحشد الشعبي، (الذي تنتقد واشنطن نفوذ طهران على بعض فصائله)، في بعض المصارف المرتبطة بأنظمة دفع دولية مؤخرا، ما دفع البنك المركزي العراقي لإعادة ترتيب البنية التحتية للمدفوعات بعيدا عن التأثيرات السياسية الدولية وللبحث عن آلية بديلة لتسليم الرواتب لعناصره. كما يتزامن القرار الجديد مع توترات سياسية بين بغداد وواشنطن، ومع توالي الضغوط التي طالت مصارف عراقية كبيرة بتهمة تمويل جهات محظورة أمريكيا. ولذا يبدو أن البنك المركزي قرر اللجوء إلى مشروع يحمي السوق الداخلية من أي «تجميد سياسي محتمل». تحديات أمام القرار عن احتمالات نجاح المشروع الجديد، فان أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، أكد في حديث صحافي، «هناك تحديات وسلبيات؛ إذا لم يدَر المشروع برؤية واقعية، وهي كالتالي: أولا: البُنية التحتية التكنولوجية والمصرفية في العراق لا تزال ضعيفة في كثير من المناطق، وهناك فجوة رقمية كبيرة بين المدن الكبرى والمناطق الريفية، وإذا فرض هذا النظام دون توفير بيئة جاهزة، فقد يخلق مقاومة اجتماعية أو يتسبب في إرباك التعاملات اليومية. ثانيا: أن نسبة كبيرة من المواطنين لا تزال غير معتادة على الدفع الإلكتروني أو التعامل المصرفي، وبالتالي فإن فرض النظام من دون توعية وإدماج تدريجي قد يعزز السوق غير الرسمي ويزيد من الاحتكاك بين الدولة والمواطن. ثالثا: النظام يحتاج إلى حماية سيبرانية متطوّرة، وإلا سيكون عرضة للاختراقات، خاصة في بيئة أمنية واقتصادية هشّة كالعراق، وأي خلل في الأمن السيبراني قد يفقد المواطنين ثقتهم بالنظام الجديد ويعيدهم إلى التعامل النقدي». ويذكر أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت في السنوات الأخيرة، عقوبات على عشرات المصارف العراقية لقيامها بخروقات تتعلق بغسيل الأموال وتهريب الدولار إلى إيران وغيرها. كما أعلنت شركات تحويل مالي عالمية مثل «ويسترن يونيون» و«كي كارد»، وقف تعاملها مع بعض تلك المصارف، ما زاد فوضى السوق المالية وتسبب بعرقلة في حركة الرواتب والحوالات. ويتفق الخبراء الاقتصاديون على أن العراق بلد له أوضاع سياسية واقتصادية معقدة، جراء عمليات واسعة لتهريب العملة وغسيل الأموال، إضافة إلى صلات حكومته ومصارفه مع أطراف خاضعة لعقوبات مثل (إيران، وروسيا) مما يكون دافعا كافيا لإثارة الشك، في تعاملاته المالية. وخاصة ما يتعلق بمشروع البطاقة الجديد، الذي عده البعض بانه توجه تدريجي لفك الارتباط عن أدوات النقد الأجنبية التي تفرض وصايتها على قراراته السيادية، مع احتمال أن أي خطأ في تصميم أو تشغيل هذه المنظومة بدون شفافية تقنية وتنسيق مالي صريح، قد يُعرّض العراق إلى ضغوط إضافية من الخزانة الأمريكية ولمخاطر في التحويلات الدولية. وعموما فإن مشروع «منظومة المخطط الوطني للبطاقات» ليس مجرد قرار فني في البنية التحتية المصرفية العراقية، بل خطوة لها أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية في واقع اقتصادي ريعي هش. وهو يثير تساؤلات عديدة، منها، هل يُمهّد هذا المشروع لانفصال مالي تدريجي عن الدولار؟ وهل تقبل الولايات المتحدة بمنظومة دفع وطنية عراقية؟ وهل يشكل المشروع آلية مالية موازية في العراق، يُحتمل استخدامها بالتزامن مع التعامل بالبطاقات الدولية لأغراض لا تمر عبر الرقابة الدولية وقد يُفسّر كقناة خلفية للتحايل أو كأداة لربط غير مباشر بأنظمة خاضعة للعقوبات؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store