logo
الأزمة العالمية في القطاع الصحي: هل المغرب في منأى عن الانهيار؟

الأزمة العالمية في القطاع الصحي: هل المغرب في منأى عن الانهيار؟

هبة بريسمنذ 2 أيام

بقلم: عبد الحكيم العياط
يُعَدّ النظام الصحي من الركائز الأساسية التي تقوم عليها استدامة المجتمعات البشرية وتقدّمها، إلا أن العالم يشهد اليوم انهيارًا متسارعًا في هذه النظم، نتيجةً لمجموعة من العوامل البنيوية والمترابطة، أبرزها العزوف المتزايد عن المهن الصحية، وشيخوخة القوى العاملة في القطاع، وتفاقم ظاهرة هجرة الأطر الصحية من دول الجنوب نحو الشمال. هذا التدهور يُنذر بأزمة إنسانية عالمية إذا لم تُتخذ تدابير حاسمة وعاجلة على المستويين الوطني والدولي.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن العالم سيواجه عجزًا يُقدّر بـ10 ملايين من العاملين الصحيين بحلول عام 2030، خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب متداخلة، أبرزها التراجع الملحوظ في إقبال الشباب على ولوج المهن الصحية بسبب قساوة ظروف العمل، وانخفاض الأجور مقارنة بمستوى التكوين والتضحية المطلوب، بالإضافة إلى الإجهاد النفسي والجسدي الذي يتعرض له المهنيون خاصة في ظل الأزمات مثل جائحة كوفيد-19.
تُعاني النظم الصحية في العديد من الدول من تركيبة عمرية غير متوازنة داخل القوى العاملة. ففي أوروبا مثلًا، يبلغ متوسط عمر الأطباء 55 عامًا، حيث أن أكثر من 35٪ من الأطباء في دول الاتحاد الأوروبي تجاوزوا هذا العمر. هذا الاتجاه يُهدّد بحدوث فجوة خطيرة في أطر الصحة المؤهلة خلال العقد المقبل، خاصة مع التقاعد الجماعي المتوقع لعدد كبير من الأطباء والممرضين.
في المغرب، يعاني النظام الصحي من أزمة متعددة الأبعاد تُعبّر عن الاختلالات الهيكلية التي تُثقل كاهل القطاع العمومي، على الرغم من جهود الإصلاح التي باشرتها الدولة خلال السنوات الأخيرة. ويواجه المغرب خصاصًا حادًا في الموارد البشرية، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء 0.73 طبيب لكل 1,000 نسمة، وهو أقل من المعدل الموصى به من طرف منظمة الصحة العالمية. أما على مستوى التوزيع الجغرافي، فالتفاوت صارخ بين الوسط الحضري والقروي، إذ إن أكثر من 70٪ من الأطباء يتمركزون في ثلاث مدن كبرى فقط (الرباط، الدار البيضاء، مراكش). ووفقًا لاحدث الاحصائيات، فإن أكثر من عشرة آلاف طبيب مغربي يشتغلون في الخارج، أغلبهم في فرنسا وبلجيكا، وهي ظاهرة تفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب ضعف الأجور، وانعدام التحفيز، وسوء ظروف العمل داخل المؤسسات الصحية العمومية. كما تعاني المستشفيات المغربية من قلة التجهيزات الأساسية، وطول فترات الانتظار، ونقص الأطر التمريضية، في وقت يُقبل فيه المغرب على تنزيل ورش تعميم التغطية الصحية الشاملة، ما يُحتّم مضاعفة جهود التكوين والاستبقاء، وتطوير سياسات ناجعة لرد الاعتبار لمهن الصحة على المدى القريب والمتوسط.
من جهة أخرى، تعمّق ظاهرة هجرة الأطر الصحية من الدول النامية هذا التفاوت العالمي في التوزيع العادل للموارد الصحية. ففي إفريقيا، يُهاجر نحو 25٪ من خريجي كليات الطب سنويًا نحو أوروبا أو أمريكا الشمالية أو أستراليا، بحثًا عن ظروف عمل أفضل. ووفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لعام 2022، فإن 27٪ من الأطباء و16٪ من الممرضين العاملين في كندا وُلدوا خارج البلاد، أغلبهم من دول آسيا وإفريقيا. هذا الاستنزاف البشري يُضعف بشكل خطير قدرات الدول المصدّرة لهؤلاء المهنيين على الاستجابة للاحتياجات الصحية لمواطنيها، مما يُفاقم من هشاشة نظمها الصحية.
ويُلاحظ أن بعض البلدان، مثل المملكة المتحدة، أصبحت تعتمد بشكل كبير على استقدام العاملين الصحيين من الخارج لسد الخصاص المزمن، حيث أشار تقرير هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS إلى أن أكثر من 35٪ من الأطباء و28٪ من الممرضين العاملين في إنجلترا يحملون جنسية غير بريطانية، مع اعتماد كبير على الهند ونيجيريا والفلبين. وتزداد المفارقة حدة حين نعلم أن بعض هؤلاء الأطباء والممرضين يتم استقدامهم من بلدان تعاني أصلًا من خصاص حاد في كوادرها الصحية. وقد أثار هذا الأمر نقاش أخلاقي دولي حول ما يُعرف بـ'الاستنزاف المنظم للكفاءات'، الذي قد يُعدّ شكلًا جديدًا من أشكال التبعية البنيوية.
ولا يقتصر التراجع على البلدان النامية، إذ تُواجه دول مثل فرنسا وكندا نقصًا حادًا في عدد الأطباء العامين، وارتفاعًا في فترات الانتظار داخل المستشفيات. ففي كندا، أظهر تقرير صادر عن الجمعية الطبية الكندية في 2023 أن 6.5 مليون مواطن لا يتوفرون على طبيب أسرة، وهو رقم غير مسبوق في بلد متقدّم. وفي فرنسا، تفاقمت ظاهرة 'المناطق الطبية البيضاء'Zones blanches وهي مناطق لا يتوفر فيها أي طبيب عام، مما يدفع بعض المرضى إلى التنقل لمسافات طويلة من أجل تلقي أبسط أشكال الرعاية الصحية.
أمام هذا الوضع المتأزم، تدعو الهيئات الدولية إلى بلورة سياسات شاملة تهدف إلى تحفيز الشباب على الانخراط في المهن الصحية، وتحسين ظروف العمل والأجور، وتعزيز أنظمة التكوين، مع تبنّي آليات دولية لضبط وتنظيم هجرة الكفاءات الصحية بما يحفظ توازن النظم الصحية في البلدان النامية. وتقترح بعض المبادرات الأممية اعتماد آليات تعويض مالي من الدول المستقبِلة إلى الدول المُصدِّرة للكوادر، كما تدعو إلى تعزيز سياسات التكوين المستدام والمُراعي للخصوصيات المحلية. كذلك هناك توجه نحو تطوير مهن الدعم الصحي مثل تقنيي الصحة والمساعدين الطبيين، لتخفيف العبء عن الأطباء والممرضين، ولخلق بيئة عمل أكثر تكاملًا وفعالية.
إن تفكك النظم الصحية لا يُهدّد فقط الأمن الصحي للدول، بل يُقوّض كذلك الاستقرار الاجتماعي ويزيد من الفوارق الطبقية. وبالتالي، فإن معالجة هذه الأزمة تتطلب إرادة سياسية قوية، وتعاونًا دوليًا عادلًا، ورؤية استراتيجية بعيدة المدى تُعيد للقطاع الصحي جاذبيته ومكانته المركزية في سلم الأولويات. إن الوقت لم يعد يسمح بالحلول الترقيعية، بل يستوجب سياسات مبتكرة وعادلة تستند إلى مبادئ التضامن العالمي وحق الجميع في الرعاية الصحية الكريمة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تونس و الجزائر تتفوقان على المغرب في اهم تصنيف؟
تونس و الجزائر تتفوقان على المغرب في اهم تصنيف؟

أريفينو.نت

timeمنذ 14 ساعات

  • أريفينو.نت

تونس و الجزائر تتفوقان على المغرب في اهم تصنيف؟

أريفينو.نت/خاص كشف تصنيف عالمي جديد حول مؤشر 'أمد الحياة'، نشرته منصتا 'Worldometers' و'Voronoi' المتخصصتان في البيانات الإحصائية، أن متوسط العمر المتوقع في المغرب يصل إلى 75 عاماً، مما يضع المملكة في المرتبة 91 على الصعيد العالمي. المغرب في المرتبة 91 عالمياً.. وأمد الحياة عند 75 عاماً! استناداً إلى بيانات منظمة الصحة العالمية، يوضح التقرير أن أمد الحياة في المغرب (75.68 عاماً بالتحديد) لا يزال أقل من المتوسط المسجل في دول أوروبا الغربية، حيث يتجاوز متوسط العمر 80 عاماً. ويُعتبر هذا المؤشر انعكاساً لمستوى الصحة العامة والتغذية ونمط الحياة السائد في أي بلد. إقرأ ايضاً مقارنة مغاربية وعربية.. الجزائر وتونس في الصدارة المغاربية والإمارات وقطر عربياً! على الصعيد المغاربي، جاء المغرب في المرتبة الثالثة خلف كل من الجزائر وتونس (76 عاماً لكل منهما)، بينما تقدم على ليبيا (73 عاماً) ومصر (72 عاماً). أما عربياً، فتصدرت الإمارات العربية المتحدة وقطر القائمة بأمد حياة يصل إلى 83 عاماً. هوة كبيرة بين أوروبا وإفريقيا.. من 87 عاماً في موناكو إلى أقل من 55 في نيجيريا! عالمياً، تربعت إمارة موناكو على عرش الترتيب بمتوسط عمر يبلغ 87 عاماً، تليها هونغ كونغ بـ 86 عاماً، ثم اليابان وكوريا الجنوبية بـ 85 عاماً. وفي المقابل، أظهر التقرير فجوة كبيرة مع العديد من الدول الإفريقية، حيث يقل أمد الحياة عن 60 عاماً في دول مثل الصومال، وينخفض إلى أقل من 55 عاماً في تشاد ونيجيريا اللتين تذيلتا الترتيب، وهو ما أرجعه التقرير إلى عوامل سوء التغذية ونقص النظافة والعنف.

كل ما يجب معرفته عن صبغة الشعر في فترة الحمل
كل ما يجب معرفته عن صبغة الشعر في فترة الحمل

كش 24

timeمنذ 20 ساعات

  • كش 24

كل ما يجب معرفته عن صبغة الشعر في فترة الحمل

كثيراً ما تزداد الحاجة إلى الاهتمام بالجمال الخارجي أثناء أشهر الحمل؛ حيث تتغير الكثير من الأمور في حياة المرأة من شكل جسمها إلى تعديل أولوياتها، وذلك نظراً لما تحدثه التغيرات الهرمونية المتسرعة على جسم الحامل ومشاعرها، فتجد بعض النساء أنفسهن أمام اختيارات قد تبدو بسيطة أو غير ضارة، ولكنها في الحقيقة صعبة وتخفي وراءها تهديدات لصحة الجنين، ومنها صبغات الشعر واستخدام مواد فرد الشعر مثل الكيراتين والبروتين. لماذا تلجأ الحوامل لصبغ الشعر أو فرده؟ الاجابة تبدو سهلة ومعروفة للسيدات عموماً، لكن مع الحامل وظروفها الأمر يختلف: الإحساس بالتغيير الجسدي بسبب التغيرات الهرمونية يدفع الكثير من الحوامل لمحاولة الحفاظ على مظهر أنيق وجمال يستمر؛ كنوع من التوازن النفسي، أمام نفسها وزوجها. الأعياد، والمناسبات الخاصة؛ مثل حفلات الزفاف أو أعياد الميلاد بالعائلة، بجانب الرغبة في التجمل أو التغيير، قد تكون دافعاً لاستخدام الحامل للصبغات لتغيير اللون، أو الكيراتين لفرد الشعر. ضغط المجتمع والصورة المتعارف عليها حول الحامل الجميلة، قد تحفز بعض النساء للشعور بضرورة الحفاظ على مظهر جمالي معين، رغم المخاطر الخفية وراء هذه المنتجات. ما الذي تحويه صبغات الشعر والكيراتين؟ الأمونيا: تعد أحد المكونات غير الودية للحمل، وتعد مادة كيميائية تسبب تهيجاً والتهابات بالجهاز التنفسي، كما ترتبط بزيادة فرص الإصابة بالحساسية للجنين إذا تعرضت الأم لها مراراً. الفورمالديهايد: وتعتبر مادة سامة موجودة في أغلب منتجات فرد الشعر، والأكثر من هذا أنها مصنفة كمادة مسرطنة من قبل منظمة الصحة العالمية، ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات في الحمل مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة. البارافينيلين ديامين: مادة موجودة في الصبغات الداكنة وتسبب تحسساً جلدياً خطيراً، لهذا يشتبه في ارتباطها بمشاكل في الجهاز العصبي للجنين. العطور الصناعية والمواد الحافظة: وتعد من المكونات الأساسية للصبغة، بعضها يؤثر على التوازن الهرموني ويزيد خطر التشوهات الخلقية. رأي الأطباء والعلم: وفقاً لرأي الأطباء فإن صبغات الشعر الدائمة وشبه الدائمة، تُمتص جزئياً عبر فروة الرأس، الكمية الممتصة قد تكون ضئيلة، لكن ما زالت الأبحاث غير كافية لإثبات الأمان الكامل. لذلك يفضل تجنب استخدام الصبغات خاصة أثناء الثلث الأول من الحمل؛ إذ يحذر من استخدام الكيراتين والفورمالديهايد بشدة، خصوصاً في الأماكن المغلقة. هناك حالات تلجأ إليها الحوامل للعيادات، وكن استخدمن الكيراتين خلال الحمل، وقد تعرضن لآلام مفاجئة أو طفح جلدي شديد أو حتى تقلصات رحمية، لهذه الأسباب مجتمعة؛ لا أنصح مطلقاً باستخدامه في أي مرحلة من الحمل. أضرار تتحملها الحامل والجنين بسبب الصبغة أضرارها على الأم: حساسية الجلد والعينين، صعوبات تنفسية، زيادة خطر تسمم الحمل إذا كانت هناك مشاكل في الكبد أو الكلى. على الجنين: اضطرابات في نمو الدماغ والجهاز العصبي، احتمالية الإجهاض أو الولادة المبكرة، مشاكل في الجهاز التنفسي أو التناسلي مستقبلاً. بدائل جمالية آمنة أولى الخطوات تتركز في؛ الجمع بين الجمال والحذر، ويتم ذلك بعدة خطوات: استخدام الحناء الطبيعية بدون أي إضافات كيميائية، وبعد القيام باختبار حساسية للمنطقة الأمامية لشعر الرأس. انتقاء صبغات شعر خالية من الأمونيا والفورمالديهايد، ويفضل عملها بعد الشهر الرابع. صبغ الأطراف فقط بعيداً عن الجذور لتجنب امتصاص فروة الرأس للمواد. الاعتماد على الزيوت الطبيعية والعناية بالشعر لتحسين المظهر العام. يفضل طلب رأي طبيب النساء قبل أي خطوة تجميلية، تلجأ إليها الحامل طوال أشهر حملها. خطوات آمنة لصبغ شعرك انتظري حتى الثلث الثاني من الحمل: في الأسابيع ال12 الأولى من الحمل يكون الجنين في مرحلة ضعف. اختاري علاجات بديلة: لطيفة على شعرك، وقللي من التعرض للمواد الكيميائية، وحاولي تطبيق اللون على جذع الشعر فقط. اطلبي من مصفف شعرك: اختيار صبغات شعر خالية من الأمونيا أو خالية من التبييض، أو اختاري الألوان شبه الدائمة. حافظي على التهوية: خاصة وأنت تصبغين شعرك حيث يمكنك استنشاق الهواء النقي وليس الغازات السامة. ارتدي قفازات؛ لأنها تقلل من تعرض الجلد للمواد الكيميائية، واغسلي فروة رأسك ويديك جيداً بعد العملية. سيدتي الأم الحامل: انتبهي: لا تزال بعض مراكز التجميل تروج لأمان هذه المنتجات دون توعية الحوامل بمخاطرها، بعض مواقع التواصل الاجتماعي يحفزون الفتيات والنساء على استخدام الصبغات، مما يعطي انطباعاً كاذباً بالأمان. وهنا ينبغي أن أقول: على المجلات الطبية والبرامج التوعوية أن تبرز هذه القضايا، وعلى السيدات الحوامل تحديداً، البحث والسؤال وعدم الجري خلف الموضة دون تدقيق. شعرك سيظل معك لن يغادرك، ويمكنك الاعتناء به وتغيير لونه كما تشائين بعد الولادة، وجنينك مسؤوليتك؛ صحته ونموه وتطور أعضائه معتمدة على كل ما تدخلينه إلى جسدك صغيراً كان أم كبيراً. لكل حامل أقول: الجمال الحقيقي ليس بتغيير لون الشعر أو ارتداء الملابس الغالية، جمالك في قرارك بالحفاظ على نفسك وما تحبين.

المغرب في طريقه لتحقيق 'المعجزة' الطبية بحلول 2030؟
المغرب في طريقه لتحقيق 'المعجزة' الطبية بحلول 2030؟

أريفينو.نت

timeمنذ يوم واحد

  • أريفينو.نت

المغرب في طريقه لتحقيق 'المعجزة' الطبية بحلول 2030؟

أريفينو.نت/خاص كشف السيد أمين تهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، عن طموح استراتيجي كبير للمملكة المغربية يتمثل في رفع نسبة تغطية مهنيي الصحة من 17.4 لكل 10,000 نسمة، وهو المعدل المسجل في عام 2022، إلى 45 مهنياً لكل 10,000 نسمة بحلول عام 2030. وأكد الوزير أن هذا التحول النوعي سيُواكَب بمجموعة من التدابير التحفيزية الهادفة إلى استقطاب الأطباء من خارج المغرب، وذلك في محاولة لسد الخصاص الذي يعاني منه النظام الصحي الوطني. نقص الكوادر.. 'نزيف' يهدد المنظومة الصحية والوزارة تكشف الأسباب! جاءت هذه التصريحات في معرض رد الوزير تهراوي على سؤال كتابي تقدم به السيد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، والذي استفسر عن آخر مستجدات تفعيل قانون الوظيفة الصحية. وشدد الوزير على أن تعزيز الموارد البشرية المؤهلة يشكل أولوية استراتيجية قصوى لوزارته في المرحلة الراهنة. وعزا السيد تهراوي الصعوبات التي يواجهها القطاع الصحي إلى النقص الحاد في أعداد المهنيين الطبيين وشبه الطبيين، مرجعاً ذلك إلى عدة عوامل متداخلة، من بينها ضعف جاذبية العمل في القطاع العام بالنسبة للأطر الصحية، والمنافسة الدولية الشرسة لاستقطاب وتوظيف الكفاءات الطبية، بالإضافة إلى التوزيع غير المتكافئ للموارد البشرية على مختلف جهات وأقاليم المملكة، فضلاً عن ظاهرة عزوف بعض المهنيين، وخاصة الأطباء العامين، عن ممارسة المهنة في المناطق القروية أو النائية. خطة إنقاذ شاملة.. تكوين واستثمار وبنية تحتية بمعايير عالمية! ولمواجهة هذه التحديات، أكد الوزير أن الوزارة قد شرعت في تنفيذ عدة تدابير هيكلية وجذرية، تشمل بشكل خاص تعزيز برامج التكوين الأساسي والمستمر والتطوير المهني للكوادر الصحية، بالإضافة إلى ضخ استثمارات كبيرة في تحديث وتطوير البنى التحتية الصحية، بميزانية إجمالية تتجاوز 3 مليارات درهم. وتهدف هذه الإجراءات إلى الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية لتلبية المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية (OMS)، والمساهمة بفعالية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي انخرطت فيها المملكة. وأوضح الوزير تهراوي أنه في عام 2024، شهد عدد المقاعد البيداغوجية المخصصة للطلبة في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان ارتفاعاً بنسبة 88% مقارنة بعام 2019. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 7,543 مقعداً ابتداءً من عام 2027، وذلك تماشياً مع مقتضيات الاتفاقية الإطارية المبرمة في هذا الشأن. وفيما يتعلق بالتكوينات شبه الطبية، فإن الزيادات المسجلة كانت ملحوظة هي الأخرى، حيث بلغت نسبة الزيادة في مقاعد سلك الإجازة 206% (لتصل إلى 8,360 مقعداً في عام 2024)، بينما ارتفعت مقاعد سلك الماستر بنسبة 353% بين عامي 2020 و2024 (لتستقر عند 680 مقعداً في عام 2024). ومن المخطط أن يصل إجمالي عدد المقاعد المتاحة في هذه التكوينات إلى 11,900 مقعد ابتداءً من عام 2029. إقرأ ايضاً بحث علمي وتخصصات دقيقة.. استراتيجية لسد الخصاص في العمق! وعلى صعيد البحث العلمي والتكوين المتخصص، كشف الوزير أن الوزارة تخطط لإنشاء 16 فريق بحث متخصص و4 مختبرات بحثية جديدة داخل المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، وذلك بالتنسيق مع الشركاء المؤسساتيين والاجتماعيين. كما ستتم مراجعة عدد المناصب المخصصة لمباريات الإقامة في مختلف التخصصات الطبية ورفعها بشكل تدريجي على مدى خمس سنوات، بزيادة سنوية قدرها 100 منصب للإقامات التعاقدية و50 منصباً للإقامات غير التعاقدية الموجهة لتكوين الأطباء المتخصصين. توظيف لامركزي واستقطاب أجانب.. حلول مبتكرة لأزمة الكفاءات! وأبرز الوزير أيضاً الجهود المبذولة لتعزيز عرض الرعاية الصحية من خلال الزيادة التدريجية في عدد المناصب المالية المخصصة لعمليات التوظيف الجديدة، حيث ارتفع العدد من 4,000 منصب في عام 2019 إلى 6,500 منصب من المتوقع تخصيصها في ميزانية عام 2025. وذكّر في هذا السياق بتفويض الصلاحيات للمديريات الجهوية للصحة فيما يتعلق بتنظيم مباريات توظيف لامركزية منذ نهاية عام 2020، وهو إجراء يهدف إلى توفير مرونة أكبر في تدبير الاحتياجات الخاصة بكل جهة وإقليم على حدة. وبالتوازي مع ذلك، وضعت الوزارة آليات مبتكرة لتدبير أفضل للتخصصات الطبية التي تشهد خصاصاً حاداً. ويهدف 'البرنامج الطبي الجهوي' إلى ضمان توزيع عادل ومنصف للكفاءات الطبية على مختلف جهات المملكة، مع مراعاة خصوصيات كل منطقة، وتشجيع تنقل أفضل للمهنيين، لا سيما نحو المناطق النائية التي تعاني من نقص في استقرار الكوادر الطبية. وفي ختام رده، ذكّر الوزير تهراوي بدخول القانون رقم 33.21 حيز التنفيذ، وهو القانون الذي يسمح للأطباء الأجانب بممارسة مهنة الطب في المغرب. وأكد أن هذا التشريع، الذي تم إرفاقه بتدابير تحفيزية، يهدف إلى جذب الكفاءات الطبية من الخارج للمساهمة في سد النقص الحاصل، خاصة في التخصصات الطبية التي تشهد طلباً متزايداً وندرة في الأطر. وأشار إلى أنه حتى الآن، يمارس 580 طبيباً أجنبياً مهنتهم داخل المنظومة الصحية المغربية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store