
عندما تنجح الشركات بلا أرباح .. من يعيد تعريف مفهوم القيمة؟
ودائمًا ما يُنظر إلى الربح باعتباره المعيار الأعلى للحُكم على كفاءة الإدارة، وجودة المنتج، وقوة العلامة التجارية.
لكن في العقدين الأخيرين، بدأت هذه القاعدة تهتز أمام موجة جديدة من الشركات التي تقلب هذا المنطق رأسًا على عقب.
فهناك بالفعل شركات ناشئة تُقدّر بمليارات الدولارات، وتستحوذ على أسواق بأكملها — كل ذلك دون أن تجني دولارًا واحدًا من الأرباح. بل إن بعضها يتكبد سنويًا خسائر بملايين، وأحيانًا مليارات الدولارات، ومع ذلك يُنظر إليها على أنها قصة نجاح.
في هذا الواقع الجديد، لم يعد تقييم الشركات يعتمد فقط على أرباحها الحالية، بل على ما يمكن أن تحققه في المستقبل.
ولم تعد الأرقام في القوائم المالية هي كل شيء، بل أصبحت مجرد بداية لنقاش أوسع يشمل فكرة المشروع، وقدرته على النمو، والسيطرة على السوق، وحتى انتشاره عالميًا.
لكن، من يُعيد رسم حدود القيمة؟ هل هو المستثمر الذي يراهن على المستقبل؟ أم السوق التي تُضخّم التوقعات؟ أم الجمهور الذي يمنح ثقته ووقته؟ وهل نحن بصدد ثورة في المفاهيم، أم فقاعة تنتظر لحظة الانفجار؟
وكيف أصبحت الشركات قادرة على "النجاح بلا أرباح"، وسط جدل حول ما إذا كانت هذه القفزات في التقييم تعكس قيمة حقيقية ومستدامة أم أنها مجرد رهانات محفوفة بالمخاطر تتعلق بوعود مستقبلية قد لا تتحقق؟
النمو على حساب الأرباح
ربما لا يوجد مثال أوضح من شركة التنقل الذكي أوبر (Uber) لتجسيد هذا الاتجاه، فعلى الرغم من تأسيسها في عام 2009 وطرحها للاكتتاب العام في 2019، لم تحقق أوبر أول أرباحها التشغيلية إلا في عام 2023.
وأعلنت أوبر أول ربح تشغيلي لها في الربع الثاني من عام 2023، عند حوالي 326 مليون دولار أمريكي، بعد تراكم خسائر تشغيلية بلغت نحو 31.5 مليار دولار منذ عام 2014.
وبالنسبة للعام بأكمله، حققت أوبر ربحًا صافياً وصل إلى نحو 1.9 مليار دولار أمريكي مقابل خسارة قدرها 9.1 مليار دولار في عام 2022.
ومع ذلك، كانت تُعتبر لسنوات شركة مبتكرة ومُغيّرة لقواعد اللعبة، وتبلغ قيمتها السوقية عشرات المليارات من الدولارات.
فقد اشترى المستثمرون "رؤية" تُعلي من شأن الهيمنة المستقبلية على السوق، واعتبروا أن النمو وجمع البيانات والسيطرة على المنصة أهم من الربحية الآنية.
حتى الآن، لا تزال أرباح أوبر هشة، وتعتمد على خفض التكاليف وتحسين الكفاءة التشغيلية أكثر من زيادة الإيرادات.
ومع ذلك، لا تزال الشركة محورًا رئيسيًا في النقاشات حول مستقبل النقل والخدمات الرقمية. فقيمتها الحقيقية لا تكمن فيما تجنيه اليوم، بل فيما لديها من احتكار شبه كامل لبيانات التنقل الحضري، وولاء المستخدمين، وقوة علامتها التجارية.
مقارنة بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الرقمي الجديد في تعريف القيمة
ووفقًا لتقرير صادر عن شركة ماكينزي للاستشارات في عام 2023، فإن أكثر من 45% من الشركات الناشئة المصنّفة "يونيكورن" (التي تتجاوز قيمتها مليار دولار) ليست مربحة بعد، ومع ذلك لا تزال تجذب الاستثمارات.
ويرجع ذلك إلى أن المستثمرين يقدّرون سيطرتها المحتملة على قطاعات ناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والتقنيات المالية، وتكنولوجيا المناخ، والتقنية الحيوية.
شركات الذكاء الاصطناعي
أدى صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تسريع فك الارتباط بين القيمة السوقية والربحية التقليدية، حيث باتت الشركات الناشئة في هذا المجال تُقيَّم بناءً على قدرتها على تغيير قواعد اللعبة، بدلًا من نتائجها المالية الفصلية.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، شركة أنثروبيك (Anthropic)، المطوّرة لروبوت المحادثة كلود، والتي تلقت استثمارًا ضخمًا بقيمة 4 مليارات دولار من شركة أمازون في عام 2023، رغم أنها لم تعرض بعد نموذجًا ربحيًا واضحًا أو تدفقات نقدية مستقرة.
لكن استثمار أمازون لم يكن رهانا تقليديا على أرباح سريعة، بل كان تحركًا استراتيجيًا لضمان موطئ قدم قوي في سباق تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي يحتدم بوتيرة غير مسبوقة.
فالمستثمرون اليوم ينظرون إلى هذه الشركات كبنى تحتية رقمية للمستقبل، ويمنحون الأولوية لمن يملك الخوارزميات الأقوى، وبيانات التدريب الأضخم، وأسرع قدرة على الانتشار.
وبنفس المنطق، تُعتبر شركة أوبن إيه آي مثالًا محوريًا في إعادة تعريف مفهوم القيمة، فرغم أن الشركة لا تحقق أرباحًا ثابتة، فإن تطبيقها الشهير تشات جي بي تي، غيّر تصور العالم عن الذكاء الاصطناعي، وجعلها واحدة من أبرز الكيانات في الاقتصاد الرقمي العالمي.
ويُقدّر تقييمها السوقي بعشرات المليارات من الدولارات، بناءً على الضجيج التقني الذي أثارته، وسرعة تبني خدماتها، واحتمالات السيطرة على أسواق الذكاء الاصطناعي.
وهكذا، لم تعد الربحية الآنية المؤشر الأهم، بل أصبحت الملكية التكنولوجية، والقدرة على التوسع، وجذب أفضل المواهب، وبناء نظام بيئي واسع من الشراكات والتطبيقات هي المقاييس الحقيقية للقيمة في هذا القطاع الثوري.
شركات شبكات التواصل
منذ نشأتها الأولى، شكّلت منصات التواصل الاجتماعي حالة استثنائية في المنطق الاقتصادي التقليدي.
فهذه الشركات غالبًا ما تبدأ برؤية طموحة: بناء شبكة من العلاقات والتفاعلات الرقمية أولًا، ثم البحث عن طرق لتحقيق الدخل لاحقًا. وفي هذا النموذج، لم تكن الأرباح المباشرة هي الهدف، بل الهيمنة على الوقت والانتباه البشري.
ويظهر هذا النهج جليًا في حالة شركة ريديت، التي تقدمت في عام 2024 بطلب للاكتتاب العام، رغم أنها ظلت غير مربحة لأكثر من 15 عامًا منذ تأسيسها.
وقدّمت الشركة دفاعًا واضحًا عن وضعها المالي: فهي تضم واحدة من أكثر قواعد المستخدمين تفاعلًا وخصوصية، وتسيطر على مجتمعات رقمية متخصصة يصعب استنساخها، وهي أصول شديدة الأهمية في اقتصاد الانتباه المعاصر.
فالقيمة الحقيقية لهذه الشركة لا تُقاس بالدولار، بل بعمق تأثيرها الثقافي، وثروة بياناتها الفريدة، وقدرتها على جذب المعلنين الباحثين عن شرائح سكانية مستهدفة بدقة.
وينطبق الوضع ذاته على شركة سناب، المطوّرة لتطبيق سناب شات، التي أصبحت رمزًا لهذا التوجه الجديد في الاقتصاد الرقمي.
مخاطر وفضائح
لكن هذا التفكير لا يخلو من مخاطر، ففشل شركة وي ورك التي بلغت قيمتها السوقية 47 مليار دولار قبل أن تُعلن إفلاسها في 2023 يُعد درسًا تحذيريًا صارخًا.
إذ لم تكمن المشكلة في الفرصة السوقية، بل في ضعف الحوكمة، والمبالغة في التقييم، والهوة بين التقارير الإعلامية المتداولة عن الشركة والواقع المالي.
الأمر ذاته ينطبق على شركة ريفيان لصناعة السيارات الكهربائية، المدعومة من أمازون وفورد، والتي لا تزال تحرق مليارات الدولارات سنويًا رغم تقييمها المرتفع.
وإذا لم تتمكن من الوصول إلى إنتاج وتسويق مستدام، فقد يتلاشى بريقها رغم الحماسة الاستثمارية في مراحلها الأولى.
وفي عصر تهيمن فيه المنصات الرقمية وبيانات المستخدمين والتقنيات المبتكرة، تعيد الشركات صياغة قواعد خلق القيمة، لم تعد الأرباح المؤشر الوحيد للنجاح بل أصبحت الهيمنة، والنفوذ، والرؤية المستقبلية عملات جديدة لا تقل أهمية.
لكن هذا النموذج، رغم جاذبيته، ليس منيعًا. فمع ارتفاع أسعار الفائدة وتقلّص شهية المخاطرة، بدأ المستثمرون يعيدون النظر: هل الرهان على المستقبل وحده يكفي؟ أم أن القيمة، في نهاية المطاف، لا بد أن تترجَم إلى تدفقات نقدية حقيقية وربحية مستدامة؟
في هذا المفترق، يصبح السؤال الأخطر: هل نعيش ثورة اقتصادية حقيقية تُعيد تعريف النجاح؟ أم أننا نؤسس فقاعة جديدة تتغذى على التوقعات أكثر من الوقائع؟
السنوات المقبلة وحدها ستحمل الإجابة، لكنها بلا شك ستُكتب بأقلام الشركات التي تفهم أن القيمة الحقيقية لا تكتمل إلا عندما يتصالح الحُلم مع الحسابات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 12 ساعات
- الاقتصادية
خطر خفي لازدهار الذكاء الاصطناعي يتربص بالاقتصاد العالمي ويستنزف أموال الشركات
خلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى، واحدة تلو الأخرى، أرباحا هائلة وسط تبَّنٍ واسع للذكاء الاصطناعي. عند إمعان النظر في الأمر، يظهر جانب مثير للقلق لطفرة الذكاء الاصطناعي، فالإنفاق على الرقائق ومراكز البيانات وغيرها من البنى التحتية للذكاء الاصطناعي يستنزف أموال الشركات الأمريكية. هذا الأمر يسلط الضوء على المخاطر الخفية لطفرة الذكاء الاصطناعي، فلا أحد يشكك في قدرة هذه الطفرة على رفع النمو والإنتاجية على المدى الطويل، لكن تمويلها يُرهق الشركات وأسواق رأس المال، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". منذ الربع الأول من 2023، توسع الاستثمار في معدات معالجة المعلومات 23%، بعد احتساب التضخم، بينما لم يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي 6%. وفي النصف الأول من العام، أسهم هذا الاستثمار بأكثر من نصف معدل النمو الإجمالي البطيء البالغ 1.2%. في الواقع، أسهم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي في دعم الاقتصاد بينما ظل إنفاق المستهلكين راكدا. تركز هذه الاستثمارات على البنية التحتية اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل وحدات معالجة الرسومات ورقائق الذاكرة والخوادم، إلى جانب الحاجة لمساحات ومصادر طاقة، ما أدى إلى تحول جذري في نماذج أعمال شركات التكنولوجيا الكبرى. لطالما أحب المستثمرون نماذج أعمال شركات التكنولوجيا لأنها كانت "خفيفة الأصول"، تعتمد على أصول غير ملموسة مثل البرمجيات والملكية الفكرية والمنصات الرقمية، ما مكنها من تحقيق أرباح كبيرة دون استثمارات كبيرة في البنية التحتية وجعلها آلات لتوليد النقد. يمكن أن يقاس نجاح هذه الشركات من خلال "التدفق النقدي الحر"، وهو النقد المتبقي بعد خصم النفقات الرأسمالية، ويبرز قدرة الشركة الحقيقية على توليد السيولة. من 2016 إلى 2023، نما التدفق النقدي الحر وصافي أرباح ألفابيت وأمازون وميتا ومايكروسوفت بشكل متزامن تقريبا. ولكن منذ 2023، بدأ الفارق يظهر بين المؤشرين، حيث ارتفع صافي الدخل المجمع للشركات الأربع 73% ليصل إلى 91 مليار دولار في الربع الثاني مقارنة بالعامين السابقين، بينما انخفض التدفق النقدي الحر 30% ليصل إلى 40 مليار دولار، وفقا لبيانات شركة FactSet. رغم الإمكانات الاقتصادية الجلية للذكاء الاصطناعي، إلا أن العائد المالي لا يزال محل استفهام. فشركتا أوبن إيه آي وأنثروبيك، الرائدتان في تطوير نماذج اللغة الكبيرة، تخسران المال رغم نموهما السريع. أغلب أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى تأتي من أعمالها الأساسية، مثل إعلانات شركة ميتا وألفابيت وهواتف آيفون لشركة أبل. بينما استثماراتها في معدات الذكاء الاصطناعي لم تحقق بعد عوائد مالية ملموسة وتتطلب وقتا. انهيار على غرار فقاعة الدوت كوم؟ في الوقت الحالي، يقيم المستثمرون شركات التكنولوجيا الكبرى كما لو أن نماذج أعمالها التي تعتمد على أصول ثقيلة ستكون مربحة مثل النماذج خفيفة الأصول، لكن يقول جيسون توماس، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة كارلايل إنه لا دليل على ذلك حتى الآن. في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية، دفعت طفرة الإنترنت الناشئة المستثمرين إلى استثمار أموالهم في شركات الإنترنت الناشئة وشركات اتصالات النطاق العريض. كانوا محقين في أن الإنترنت سيقود طفرة إنتاجية، لكن تقديراتهم للعائد المالي كانت خاطئة. لم تتمكن عديد من هذه الشركات كسب ما يكفي لتغطية نفقاتها، فأفلست. في مجال النطاق العريض، تسببت الطاقة الفائضة في انخفاض الأسعار. وأسهم التراجع الناتج في الإنفاق الرأسمالي في حدوث ركود طفيف في 2001. حدوث انهيار مشابه لفقاعة الدوت كوم يبدو مستبعدا حاليا، إذ إن الشركات الكبرى التي تنفق على الذكاء الاصطناعي راسخة ومربحة، والطلب على القدرة الحاسوبية يتجاوز العرض. لكن إذا اتضح أن توقعاتها بشأن الإيرادات والأرباح مبالغا فيها، فقد لا تتمكن من مواصلة هذا الإنفاق الرأسمالي الكبير بالوتيرة نفسها. تأثير أسعار الفائدة بعد أزمة 2008، استفادت شركات التكنولوجيا الكبرى من انخفاض أسعار الفائدة وأسهمت في استمرارها. بين الأزمة والجائحة، ولدت الشركات تدفقات نقدية كبيرة أعادت ضخها في النظام المالي. وهذا ساعد على خفض الفائدة رغم العجز الحكومي. ودفع انخفاض الفائدة المستثمرين إلى تقييم الأرباح المستقبلية لهذه الشركات بشكل مرتفع. لكن الوضع تغير الآن: العجز أكبر، التضخم أعلى، والاحتياطي الفيدرالي يقلص حيازاته من السندات. في الوقت نفسه، تواجه الشركات إنفاقا كبيرا على الذكاء الاصطناعي وإعادة توطين الإنتاج لتجنب الرسوم الجمركية. ويقدر توماس أن التدفقات النقدية الحرة التراكمية لهذه الشركات منذ 2020 كانت أقل 78% مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وذلك عند قياسها بالفترة المماثلة التي تلت 2009. النتيجة المحتملة: أسعار الفائدة قد تبقى مرتفعة لأعوام مقارنة بما كانت عليه قبل الجائحة، وهو ما يشكل خطرا إضافيا لا يدركه بعض المستثمرين.


الرياض
منذ 13 ساعات
- الرياض
ملتقى "سعودي كازاخستاني" لتعزيز الشراكة الاستثمارية
يشارك اتحاد الغرف السعودية، ممثلاً في مجلس الأعمال السعودي الكازاخستاني ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻟﻜﺎﺯﺍﺧﺴﺘﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﻟﻤﺎﺗﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ 11 - 12 ﺃﻏﺴﻄﺲ 2025ﻡ. وتستهدف المشاركة تعزيز الشراكات الاستثمارية في مختلف القطاعات، وبحث الفرص الاستثمارية التي تعززها الشراكة السعودية الكازاخية للقطاع الخاص. وفي هذا السياق، تبدي الشركات الكازاخستانية اهتمامها بالدخول للسوق السعودي والتعرف على الفرص الاستثمارية التي تطرحها رؤية المملكة 2030، فيما يسلط المتلقي الضوء على فرص الاستثمار بكازاخستان ومجالات الشراكة والتعاون بين البلدين في قطاعات مثل التعدين والطاقة المتجددة والزراعة والعقار والسياحة. ويعد مجلس الأعمال السعودي الكازاخستاني رغم حداثة تأسيسه في منتصف العام 2023 ، نافذة اقتصادية تجارية تحقق مزيد من التواصل، حيث حقق المجلس إنجازات كبيرة في تنمية العلاقات التجارية والاستثمارية، كما يعمل على تعزيز التعاون مع الجهات المختصة، ومن ثم معالجة الملفات المتعلقة باتفاقيات الاستثمار وتذليل التحديات اللوجستية وإقامة المعارض والملتقيات الاقتصادية وزيادة التعريف بالفرص الاستثمارية التي توفرها إستراتيجيات وخطط التنمية المستدامة في المملكة وكازاخستان وبخاصة في المجالات التي يتمتع فيها البلدان بمزايا تنافسية كمشاريع الطاقة والزراعة والأمن الغذائي والبنية التحتية والبتروكيماويات والسياحة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. يذكر أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وكازاخستان حقق نمواً بنسبة 71% عام 2023 انعكس على نمو الصادرات السعودية بنسبة 32% والواردات من كازاخستان بنسبة 74%.


الشرق للأعمال
منذ 13 ساعات
- الشرق للأعمال
"أوبك+" ينهي التخفيضات الطوعية برفع إنتاج النفط 547 ألف برميل
أنهى تحالف "أوبك+" عملياً التخفيضات الطوعية التي التزمت بها ثماني دول منذ عام 2023، معلناً اليوم الأحد زيادة جديدة في الإنتاج بمقدار 547 ألف برميل يومياً اعتباراً من سبتمبر المقبل. ويأتي القرار في إطار استراتيجية واضحة للتحول من دعم الأسعار إلى استعادة الحصة السوقية، في ظل توازن مستقر بين العرض والطلب العالميين. تمثل هذه الزيادة المرحلة الأخيرة من خطة تقليص تدريجي لتخفيضات طوعية بلغت 2.2 مليون برميل نفط يومياً، حيث سبق أن صادق التحالف في اجتماعاته السابقة على استعادة الكمية بالكامل. ونفّذت الدول الملتزمة بالتخفيضات الطوعية، وهي السعودية وروسيا والإمارات والكويت والعراق والجزائر وكازاخستان وعُمان، زيادات متتالية بوتيرة أسرع من المخطط الأصلي الذي كان يقضي بإضافة 137 ألف برميل شهرياً، لتصل إلى 411 ألف برميل يومياً خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو، قبل أن تتسارع إلى 548 ألف برميل في أغسطس. وبحسب بيان صادر عن "أوبك"، اليوم، فإن الزياة الجديدة في الإنتاج تأتي في ضوء "التوقعات الاقتصادية العالمية المستقرة، والأساسيات الجيدة الحالية للسوق، والتي تنعكس في انخفاض مخزونات النفط". وستجتمع الدول الثماني مجدداً في 7 سبتمبر لمراجعة وتقييم ظروف السوق. من الهواجس إلى الأرباح تأتي الزيادة الجديدة وسط تحسن في الطلب العالمي وانخفاض المخزونات، ما عزز دوافع "أوبك+" للتحرك باتجاه زيادة الإمدادات. وبحسب "بلومبرغ"، يبدو أن الوطأة المالية لقرار "أوبك+" المفاجئ بفتح صنابير النفط بدأت تتلاشى، في الوقت الراهن. إذ أن الأشهر التالية لإعلان التحالف عن زيادات إضافية في الإمدادات، جلبت قدراً من الارتياح. ومع تعافي أسعار خام برنت إلى 70 دولاراً للبرميل وارتفاع حصص الإنتاج، ارتفعت القيمة الاسمية للإنتاج من 4 أعضاء رئيسيين في "أوبك" بمنطقة الشرق الأوسط إلى أعلى مستوى لها منذ شهر فبراير. وبلغت هذه القيمة في شهر يوليو نحو 1.4 مليار دولار يومياً، وفقاً لحسابات تستند إلى بيانات شركة "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy). مرحلة تقييم السوق رغم تحسن الطلب الصيفي واستعادة الخام بعض خسائره، لا تزال العقود الآجلة لخام "برنت" دون 70 دولاراً للبرميل، بانخفاض 6.7% منذ بداية العام. كانت أسعار النفط تراجعت في أبريل الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، بعد إعلان مفاجئ من "أوبك+" بتسريع وتيرة تقليص التخفيضات، في أعقاب إعلان الرئيسي دونالد ترمب عن "يوم التحرير" وفرضه تعريفات جمركية على شركاء بلاده التجاريين. منتجو النفط الخليجيون: زيادة "أوبك+" للإمدادات ضرورية للأسواق ومع اكتمال إعادة الكمية الكاملة البالغة 2.2 مليون برميل يومياً إلى السوق، يتحول اهتمام السوق حالياً إلى إمدادات أخرى معلقة تبلغ 1.66 مليون برميل يومياً، من المتوقع أن تبقى خارج السوق حتى نهاية 2026. ترى حليمة كروفت، رئيسة استراتيجية السلع في "آر بي سي كابيتال"، أنه "مع تلاشي التخفيض الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يومياً، يُتوقع أن يُوقف المنتجون مؤقتاً عمليات إعادة الإنتاج بينما يعيدون تقييم أوضاع السوق والعوامل الاقتصادية الأوسع". سيناريوهات إنتاج "أوبك+".. ومنافسيه حذّرت مؤسسات مالية كبرى، مثل "ING" و"RBC"، من أن استمرار زيادة المعروض قد يؤدي إلى فائض في السوق بحلول الربع الأخير من العام، ما قد يضغط على الأسعار لتتراجع إلى مستويات عند منتصف الستينات بالدولار الأميركي. وبحسب خورخي ليون، المحلل في شركة "ريستاد" والموظف السابق في أمانة "أوبك": "بالنسبة لتحالف أوبك+، فإن بصيص الأمل يلوح في عام 2027، عندما يتباطأ نمو الإمدادات من خارج أوبك أو خارج أوبك+ بوتيرة حادة للغاية". لكن شركة "وود ماكنزي" الاستشارية المتخصصة في شؤون الطاقة، تُقدّر في بيانات جديدة أن نمو الإمدادات النفطية من خارج "أوبك" -بقيادة دول مثل البرازيل وكندا وغيانا- سيتراجع بأكثر من 80% بين العام الحالي و2027، ليقترب من التوقف التام بحلول ذلك العام. بما يؤشر إلى أن خطوة "أوبك+" بإعادة الإمدادات إلى السوق يُرجّح أن تحمل مكاسب مستقبلية للتحالف على المدى الطويل.