
يَتيهون في غزة.. مأزق يتجدد
A+ A-
في قلب الرمال المحاصرة، يتكسر غرور القوة على صخرة غزة، حيث لا تنفع الجرافات، ولا تهدي الأقمار الصناعية طريق الخروج من التيه.
الاحتلال يطارد وهم الحسم، لكنه يغرق أعمق في مستنقع الاستنزاف، بلا نصر ولا مخرج، فيما تظل غزة – رغم المحرقة – عصيّة، صلبة، تأبى الانكسار.
مع تجاوز العدوان على قطاع غزة شهرها العشرين منذ اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، تتسع دائرة المأزق الصهيوني، ويتكرس عجز المشروع الصهيوني في واحدة من أكثر المعارك تعقيدًا في تاريخه. تتشابك العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية على نحو يعمّق التيه الصهيوني ويبدد أوهام الحسم.
عسكريًا:
رغم تفوقه الناري المطلق، يفشل الاحتلال في تحقيق حسم ميداني نهائي. القوة الغاشمة اصطدمت ببنية دفاعية متطورة نسجتها المقاومة في الظل، عبر شبكة أنفاق متعددة المستويات، وعمليات متكررة ومتجددة مؤلمة.
أكثر من 32 فرقة مشاة ومدرعة عجزت عن تفكيك بنية المقاومة أو تصفيتها، في مشهد يعيد إلى الأذهان فشل الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان. وهنا، تتحول معادلة التفوق إلى عبء: كل خطوة عسكرية تُراكم الكلفة وتستنزف الجبهة الداخلية دون جدوى حاسمة.
سياسيًا:
تتآكل شرعية (إسرائيل) على الصعيد الدولي، في ظل الإدانات المتزايدة من المؤسسات الأممية، والتقارير الحقوقية التي وثّقت جرائم الحرب بحق المدنيين في غزة.
في الداخل، يعاني النظام السياسي من تمزق حاد، مع تصاعد الخلاف بين أقطاب اليمين المتطرف حول مستقبل القطاع، ومصير العملية العسكرية، وآفاق ما بعد الحرب.
في الخارج، فقدت (إسرائيل) القدرة على تسويق روايتها الأمنية، وبدأت موجة وعي عالمي غير مسبوقة تفضح النفاق الأخلاقي الغربي، وتعيد الاعتبار للحق الفلسطيني.
اقتصاديًا:
تشير التقديرات إلى أن تكلفة العدوان تجاوزت 70 مليار شيكل حتى منتصف 2025، تشمل نفقات عسكرية مباشرة وخسائر في الإنتاج والسياحة وتكاليف التعبئة المستمرة.
كل سيناريو يُطرح، من إعادة احتلال القطاع إلى إدارة أمنية طويلة الأمد، يعني التورط في مستنقع إداري وإنساني مكلف، وسط تعاظم حملات المقاطعة الدولية، وقلق رؤوس الأموال من مستقبل الدولة ككل.
ارتدادات متسارعة: من خانيونس إلى الجبهة الداخلية
بالتزامن مع الإعلان المفاجئ عن وقف إطلاق النار بين إيران ودولة الاحتلال بعد أسابيع من الضربات المتبادلة، تلقّت (إسرائيل) صفعة ميدانية جديدة في خان يونس، حيث قُتل 7 ضباط وجنود من قوات النخبة في كمين محكم يوم 25 يونيو، ما يعكس هشاشة السيطرة حتى في المناطق التي أعلن الاحتلال "تطهيرها". وبحسب مركز عكا للشؤون الإسرائيلية، بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال شهر يونيو وحده ما لا يقل عن 53 قتيلًا.
هذا التصاعد الدموي جاء في لحظة حرجة تعيشها الجبهة الداخلية، حيث يتزايد الغليان داخل الشارع الصهيوني، لا سيما في صفوف عائلات الأسرى، التي تعتبر أن حكومة نتنياهو تضيّع فرصة الصفقة عبر المكابرة السياسية. وتحوّلت تظاهرات تل أبيب إلى احتجاجات ضاغطة تطالب بوقف الحرب والتفرغ لاستعادة الأسرى، وسط شعور متزايد بالعجز والتخبط.
وفي ظل توقف المواجهة مع إيران، ينصبّ تركيز الاحتلال بالكامل الآن على الجبهة الجنوبية، وسط حالة إنهاك استراتيجي وشرخ اجتماعي آخذ بالتعمق، يدفع نحو ضرورة إعادة تقييم الموقف.
هنا تُطرح من جديد وبقوة مسألة اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، سواء كصفقة شاملة تشمل الأسرى، أو كترتيب أمني مؤقت يتيح الخروج من التيه العسكري والسياسي الراهن، خصوصًا في ظل العجز عن تحقيق نصر واضح، وتآكل الرواية الرسمية أمام تصاعد الكلفة وفشل الأهداف.
غزة ليست عبئًا، بل عقدة استراتيجية تتفجر في وجه من يحاول كسرها.
في أفق الحرب:
ورغم أن المشهد يبدو مغلقًا تحت سطوة اليمين الصهيوني، إلا أن تصاعد الضغط الدولي والأممي قد يفرض تسوية قسرية، تشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، أو إشراك أطراف إقليمية في هندسة "اليوم التالي".
لكن هذه الرؤى، من دون معالجة جذرية للكارثة التاريخية التي أنتجت الاحتلال، ستظل حلولًا هشة لا تصمد أمام الوعي الجمعي الفلسطيني المقاوم.
في النهاية، يظل الاحتلال أسير سياساته العسكرية الفاشلة، وغزة تظل شاهدًا صامدًا على فشل القوة في مواجهة الإرادة.
(إسرائيل) تتيه في ماضيها المتخم بالدمار، تحاول اقتلاع مدينة لا تموت.
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 14 ساعات
- صحيفة الشرق
يَتيهون في غزة.. مأزق يتجدد
162 A+ A- في قلب الرمال المحاصرة، يتكسر غرور القوة على صخرة غزة، حيث لا تنفع الجرافات، ولا تهدي الأقمار الصناعية طريق الخروج من التيه. الاحتلال يطارد وهم الحسم، لكنه يغرق أعمق في مستنقع الاستنزاف، بلا نصر ولا مخرج، فيما تظل غزة – رغم المحرقة – عصيّة، صلبة، تأبى الانكسار. مع تجاوز العدوان على قطاع غزة شهرها العشرين منذ اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، تتسع دائرة المأزق الصهيوني، ويتكرس عجز المشروع الصهيوني في واحدة من أكثر المعارك تعقيدًا في تاريخه. تتشابك العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية على نحو يعمّق التيه الصهيوني ويبدد أوهام الحسم. عسكريًا: رغم تفوقه الناري المطلق، يفشل الاحتلال في تحقيق حسم ميداني نهائي. القوة الغاشمة اصطدمت ببنية دفاعية متطورة نسجتها المقاومة في الظل، عبر شبكة أنفاق متعددة المستويات، وعمليات متكررة ومتجددة مؤلمة. أكثر من 32 فرقة مشاة ومدرعة عجزت عن تفكيك بنية المقاومة أو تصفيتها، في مشهد يعيد إلى الأذهان فشل الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان. وهنا، تتحول معادلة التفوق إلى عبء: كل خطوة عسكرية تُراكم الكلفة وتستنزف الجبهة الداخلية دون جدوى حاسمة. سياسيًا: تتآكل شرعية (إسرائيل) على الصعيد الدولي، في ظل الإدانات المتزايدة من المؤسسات الأممية، والتقارير الحقوقية التي وثّقت جرائم الحرب بحق المدنيين في غزة. في الداخل، يعاني النظام السياسي من تمزق حاد، مع تصاعد الخلاف بين أقطاب اليمين المتطرف حول مستقبل القطاع، ومصير العملية العسكرية، وآفاق ما بعد الحرب. في الخارج، فقدت (إسرائيل) القدرة على تسويق روايتها الأمنية، وبدأت موجة وعي عالمي غير مسبوقة تفضح النفاق الأخلاقي الغربي، وتعيد الاعتبار للحق الفلسطيني. اقتصاديًا: تشير التقديرات إلى أن تكلفة العدوان تجاوزت 70 مليار شيكل حتى منتصف 2025، تشمل نفقات عسكرية مباشرة وخسائر في الإنتاج والسياحة وتكاليف التعبئة المستمرة. كل سيناريو يُطرح، من إعادة احتلال القطاع إلى إدارة أمنية طويلة الأمد، يعني التورط في مستنقع إداري وإنساني مكلف، وسط تعاظم حملات المقاطعة الدولية، وقلق رؤوس الأموال من مستقبل الدولة ككل. ارتدادات متسارعة: من خانيونس إلى الجبهة الداخلية بالتزامن مع الإعلان المفاجئ عن وقف إطلاق النار بين إيران ودولة الاحتلال بعد أسابيع من الضربات المتبادلة، تلقّت (إسرائيل) صفعة ميدانية جديدة في خان يونس، حيث قُتل 7 ضباط وجنود من قوات النخبة في كمين محكم يوم 25 يونيو، ما يعكس هشاشة السيطرة حتى في المناطق التي أعلن الاحتلال "تطهيرها". وبحسب مركز عكا للشؤون الإسرائيلية، بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال شهر يونيو وحده ما لا يقل عن 53 قتيلًا. هذا التصاعد الدموي جاء في لحظة حرجة تعيشها الجبهة الداخلية، حيث يتزايد الغليان داخل الشارع الصهيوني، لا سيما في صفوف عائلات الأسرى، التي تعتبر أن حكومة نتنياهو تضيّع فرصة الصفقة عبر المكابرة السياسية. وتحوّلت تظاهرات تل أبيب إلى احتجاجات ضاغطة تطالب بوقف الحرب والتفرغ لاستعادة الأسرى، وسط شعور متزايد بالعجز والتخبط. وفي ظل توقف المواجهة مع إيران، ينصبّ تركيز الاحتلال بالكامل الآن على الجبهة الجنوبية، وسط حالة إنهاك استراتيجي وشرخ اجتماعي آخذ بالتعمق، يدفع نحو ضرورة إعادة تقييم الموقف. هنا تُطرح من جديد وبقوة مسألة اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، سواء كصفقة شاملة تشمل الأسرى، أو كترتيب أمني مؤقت يتيح الخروج من التيه العسكري والسياسي الراهن، خصوصًا في ظل العجز عن تحقيق نصر واضح، وتآكل الرواية الرسمية أمام تصاعد الكلفة وفشل الأهداف. غزة ليست عبئًا، بل عقدة استراتيجية تتفجر في وجه من يحاول كسرها. في أفق الحرب: ورغم أن المشهد يبدو مغلقًا تحت سطوة اليمين الصهيوني، إلا أن تصاعد الضغط الدولي والأممي قد يفرض تسوية قسرية، تشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، أو إشراك أطراف إقليمية في هندسة "اليوم التالي". لكن هذه الرؤى، من دون معالجة جذرية للكارثة التاريخية التي أنتجت الاحتلال، ستظل حلولًا هشة لا تصمد أمام الوعي الجمعي الفلسطيني المقاوم. في النهاية، يظل الاحتلال أسير سياساته العسكرية الفاشلة، وغزة تظل شاهدًا صامدًا على فشل القوة في مواجهة الإرادة. (إسرائيل) تتيه في ماضيها المتخم بالدمار، تحاول اقتلاع مدينة لا تموت. مساحة إعلانية

صحيفة الشرق
٢٩-٠٦-٢٠٢٥
- صحيفة الشرق
ترامب يطالب بإلغاء محاكمة نتنياهو ويهدّد بقطع المساعدات عن إسرائيل
عربي ودولي 48 A+ A- الدوحة - موقع الشرق هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل إذا لم يتم إلغاء محاكمة رئيس وزارء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأشار ترامب عبر منصة «تروث سوشيال» في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد: إلى أنه من الممكن تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل إذا لم تلغ محاكمة نتنياهو. وفقا للجزيرة. وقال إن نتنياهو بصدد التفاوض على صفقة مع حماس تشمل استعادة الرهائن، ومحاكمته تعيق قدرته على إجراء مفاوضات مع كل إيران وحركة حماس. وحسب وكالة رويترز، فقد وجه الادعاء الإسرائيلي إلى نتنياهو في عام 2019 اتهامات بالرشوة والفساد وخيانة الأمانة لكنه ينفيها جميعا. وبدأت محاكمته في عام 2020 في 3 قضايا جنائية. واعتبر ترامب في منشوره، المحاكمة الجارية لنتنياهو «حملة اضطهاد سياسية» تُشبه تلك التي تعرض لها هو نفسه. وأشار إلى أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتعرض إسرائيل، التي تدعمها ببلايين الدولارات، لمثل هذه الإجراءات، مطالبًا بترك نتنياهو ليقوم بعمله. يذكر انه هذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها ترامب إلى إلغاء محاكمة نتنياهو المطلوب أيضا للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، حيث قال الخميس الماضي إن "الولايات المتحدة ستنقذه كما أنقذت إسرائيل"، وإنه "يجب إلغاء محاكمة نتنياهو على الفور أو منحه عفوا".


صحيفة الشرق
٢٤-٠٦-٢٠٢٥
- صحيفة الشرق
مقتل 4 جنود إسرائيليين وإصابة 17 آخرين بعضهم في حالة خطرة في كمين للمقاومة
عربي ودولي 0 A+ A- أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بمقتل 4 جنود وإصابة 17 بعضهم في حالة خطيرة جدا، اليوم الثلاثاء، في كمين مركب تعرض له الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وقالت المصادر إن مقاتلين فلسطينيين نصبوا كمينا لقوة عسكرية وكمينا آخر لقوة الإنقاذ. وأضافت أنه نقل العسكريين المصابين إلى مستشفى في تل أبيب، وتابعت أنه جرى إبلاغ عائلات الجنود المستهدفين بالحدث الأمني الصعب بغزة. وذكرت المصادر الإسرائيلية أن المقاتلين استهدفوا مركبات عسكرية مما أدى لاشتعال النيران فيها. من جانبها، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، تنفيذ سلسلة عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي في خان يونس جنوبي قطاع غزة، أسفرت عن مقتل وجرح عدد من العسكريين. وذكرت القسام في مقطع مصور نشرته على تلغرام أن العمليات نفذت خلال الأيام الماضية بشكل مشترك مع سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، ضمن إطار "سلسلة حجارة داوود". وشملت 4 عمليات نوعية، أبرزها عملية قنص مشتركة بتاريخ 18 يونيو الجاري في منطقة السناطي بعبسان الكبيرة شرق خان يونس، أدت إلى مقتل رقيب أول في وحدة الهندسة بالجيش الإسرائيلي. وأظهر المقطع كيف أطلق عنصر القسام طلقة واحدة على عسكري اسرائيلي سقط أرضا مباشرة. وأضافت القسام أن عملية قنص أخرى نفذت بتاريخ 11 يونيو الجاري في نقس المنطقة، أسفرت عن إصابة جنديين بجروح متوسطة. بينما استهدفت في العملية الثالثة التي وقعت في 16 يونيو ناقلة جند إسرائيلية في عبسان الكبيرة شرق خان يونس، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى بين العسكريين الإسرائيليين، وفق القسام. وبين المقطع المصوّر لحظة تمكن أحد مقاتلي كتائب القسام من زرع عبوة ناسفة أسفل ناقلة جند إسرائيلية، قبل أن تنفجر بها محدثة دويا كبيرا، حيث ظهرت ألسنة اللهب وهي تلتهم الناقلة عقب الانفجار. كما أفادت الكتائب أنها قصفت مبنى في 15 يونيو، كان يتحصن فيه 11 عسكريا إسرائيليا بقذيفة مضادة للدروع من طراز 'TBG' وأخرى فردية، مما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف العسكريين. مساحة إعلانية