
العلاج بالكيّ: هل تنجو الشرعية من مأزقها الاقتصادي..؟!
تعود جذور الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الشرعية إلى العام 2022؛ حينما حُرمت الحكومة من أهم مواردها بعد ضرب الحوثيين لموانئ تصدير النفط، ومنذ ذلك الوقت بدأ الخبراء الاقتصاديون يتعجبون؛ ليس من سرعة الانهيار بل من قدرة الحكومة على التماسك!
وبفضل الثقة الدولية التي تبلورت تجاه البنك المركزي ووزارة المالية، استطاعت الحكومة أن تسترد العديد من أرصدتها في الخارج لتغطية نفقاتها وتسديد فاتورة المرتبات.
منها على سبيل المثال مبلغ 600 مليون دولار ساعد الفرنسيون والبريطانيون الحكومة الشرعية في استخدامها، من حقوق السحب الخاصة، وهي تعود لأرصدة حكومية من أيام اليمن الشمالي تم إيداعها بالخارج في سبعينيات القرن الماضي.
ورغم أهمية هذه المساعدة الدولية، فإن الحكومة اليمنية ما كانت لتصمد دون التمويل السخي من دول التحالف العربي الذي تعهدت به عقب مشاورات الرياض.
لكن التمويل السعودي والإماراتي هذه المرة لم يكن جزءًا من اقتصاد الحرب، بل جاء كمقدمة لعملية التعافي الاقتصادي والحوكمة المؤسسية. لذا فإنه كان مشروطًا بإصلاحات عاجلة، وهو ما ظلت السلطة الشرعية تتهرب منه طيلة الفترة الماضية.
وبالتوازي مع هذا التهرب الحكومي، كان المأزق الاقتصادي للشرعية يتراكم على مدار ثلاثة أعوام، إلى أن بلغت الأمور منعطفًا لا يمكن احتماله في العام 2025.
ورغم قتامة الوضع، إلا أن مصير الشرعية ما زال في يدها، ولديها خياران في المتناول لتجاوز الأزمة:
إما قيام الحكومة بتصدير النفط رغمًا عن الحوثي أو بالتفاهم معه.
وإما إنجاز الحكومة لوصفة الإصلاحات المطلوبة منها لاستيعاب شرائح الدعم المالي من حلفائها.
والصواب إنجاز الأمرين معًا، لكن الإصلاحات تبدو اليوم الأكثر إلحاحًا لأنها تعزز إجراءات الحوكمة وتحقق الاستدامة المالية.
والخطير في أزمة الشرعية الاقتصادية، أنها لم تقتصر على إغضاب الحاضنة الشعبية في المناطق المحررة، بل إنها عمّقت الفجوة الاستراتيجية مع جماعة الحوثي:
فبالرغم من تظافر الشروط الموضوعية بالضد من الحوثي بعد فرض العقوبات وتدمير ميناء الحديدة؛ عجزت الشرعية عن توفير الشروط الذاتية التي تمكّنها من استثمار الفرص لتغيير ميزان القوى الاقتصادي لصالحها، تمهيدًا لتعديل ميزان القوى السياسي والعسكري لاحقًا.
لذا فإن طريق الحسم الاستراتيجي في مواجهة الحوثي، وطريق تحسين الوضع المعيشي في المناطق المحررة؛ يبدأ أولًا بعلاج المأزق الاقتصادي للشرعية، والعلاج هنا يجب أن يتم بالكيّ ودفعة واحدة من خلال حزمة الإصلاحات.
وبحسب ما أكدته مصادر دبلوماسية خليجية وغربية؛ فإن 'وصفة الإصلاحات' تتضمن خمس نقاط، غير إعجازية، وافق عليها مجلس القيادة الرئاسي، ويبقى أن تنفذها الحكومة، وهي:
1- إقرار موازنة عامة للحكومة، وهو أمر بديهي في أي دولة محترمة.
2- تحرير سعر الريال الجمركي، مع العلم بأن المواد الأساسية من غذاء ودواء مستثناة وستظل مدعومة. ولكن لا يُعقل أن تدفع الدولة فارق الدولار لتاجر سيارات أو مستورد أثاث فاخر، في حين تعجز عن دفع مرتبات موظفيها.
4- التوريد لحساب الحكومة في البنك المركزي من كل الهيئات الاقتصادية الحكومية والسلطات المحلية.
5- إقرار لجنة تغطية الاستيراد، والتي قد تم تحديدها والتوافق على أعضائها، ويبقى فقط إصدار قرار بها.
هذه الإصلاحات تصب في خدمة الدولة والمواطن ومجتمع الأعمال والمانحين الدوليين، والطرف الوحيد المستفيد من تعطيلها هو الحوثي، أو التجار الطفيليون المتواطئون معه.
حاليًا تقف الشرعية أمام منعرج مصيري، ولن يكون بوسع أحد إنقاذها.. فإما أن تبادر إلى علاج نفسها بنفسها، وإما أن تستمر في مشاهدة مرضها العضال وهو يستشري في كامل جسدها الاقتصادي والسياسي والأمني، وسوف يعني ذلك قريبًا دخولها مرحلة الموت السريري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 35 دقائق
- اليمن الآن
كيف يكسب رئيس 'إلف' الستيني قلوب مستهلكي الجيل زد؟
في اجتماع عام حديث عبر منصة زوم لجميع موظفي شركة إلف لمستحضرات التجميل، شارك الجميع في تمرين تنفّس، وعلى الشاشة المدير التنفيذي تارانج أمين، يشاركهم الشهيق، حبس النفس، الزفير، ثم الحبس من جديد. أخذ الموظفون يهنئون بعضهم بعضا بإنجازاتهم، ويرحبون بالموظفين الجدد من الشباب، فيما امتلأت الدردشة بالرموز التعبيرية من تصفيق ونيران وعلامات تعجب. وبعد قرابة نصف ساعة، تحدث أمين للمرة الأولى، ليفتتح موضوع الاجتماع. قال أمين لاحقًا في مقابلة عن نهجه مع موظفيه: 'هذا التواصل مهمٌّ حقًا. لا سيما مع جيلي زد والألفية، فهم يعشقونه!'. تقول صحيفة وول ستريت جورنال أن أمين، البالغ 60 عامًا، يُحاول جاهدًا فكّ شفرة أمرٍ مُحيّر للغاية: متسوقو الجيل زد وموظفوه. تبلغ قيمة شركة 'إلف'، ومقرها أوكلاند بولاية كاليفورنيا، 1.3 مليار دولار، وقد بنت قاعدة جماهيرية وفية من المراهقين والشباب تُعرف باسم 'إلفيز'. وتسوق العلامة التجارية نفسها على أنها للجميع، حيث تبيع منتجات مثل تلميع الوجه وبرايمر المكياج وبخاخات التثبيت بسعر لا يتجاوز 10 دولارات، وجميعها نباتية ولا تجرب على الحيوانات. أطلقت الشركة حملات ناجحة على وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها تحدي على 'تيك توك' في 2019 صاحبته أغنية علقت في أذهان المراهقين. واحتلت 'إلف' مؤخرًا المرتبة الأولى بين علامات التجميل لدى الفتيات المراهقات، حسب استطلاع أجراه بنك الاستثمار بايبر ساندلر في ربيع 2025. قال أمين: 'لم نضطر أبدًا لإجراء دراسات على فئاتنا المستهدفة في تاريخ الشركة، لأن فريقنا هو مجتمعنا. وهذا يمنحنا الأفضلية'. يضم الفريق نحو 650 موظفًا، ثلاثة أرباعهم في العشرينات والثلاثينات، ومعظمهم من النساء. في مايو، قامت الشركة بأكبر استحواذ لها حتى الآن، بشراء خط مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة 'رود' الذي شاركت في تأسيسه عارضة الأزياء هايلي بيبر، مقابل مليار دولار نقدًا وأسهمًا. الصفقة تمنح الشركة موطئ قدم في متاجر سيفورا الأمريكية وتوسع حضورها بين المراهقين وجيل العشرينات. وُلد أمين في كينيا لعائلة هندية، وهاجر إلى الولايات المتحدة وهو طفل. وعندما بلغ 14 عامًا، بدأ والده ووالدته بشراء وتشغيل موتيلات في ولاية فرجينيا. عمل أمين في كل شيء، من الاستقبال إلى ترتيب الغرف، وتعلّم من التجربة أهمية خدمة العملاء واحترام الموظفين وتحفيزهم. ابتكر والده نظامًا يمنح المديرين المتميزين دعمًا ماليًا لامتلاك موتيلاتهم الخاصة، حافزا يقلل من السرقات ويعزز الولاء. هذا ألهم أمين ليصر على أن يحصل جميع موظفي شركته على حصص أسهم مقيدة تُستحق بمرور الوقت. تخرج أمين من جامعة ديوك، ونال منها درجتي البكالوريوس والماجستير في إدارة الأعمال. بدأ حياته المهنية في شركة بروكتر آند جامبل للمواد الاستهلاكية، ثم عمل في 'كلوروكس' نائبًا للرئيس قبل أن يتولى أول منصب له رئيسا تنفيذيا عام ٢٠١١ في شركة شيف نيوترشن، للفيتامينات والمكملات الغذائية. وفي 2014، اشترت شركة تي بي جي جروث حصة الأغلبية في 'إلف' وعينت أمين رئيسًا تنفيذيًا. نشأت الشركة في 2004 بهدف توفير منتجات تجميل بأسعار معقولة. اليوم، يستمع أمين لموظفي الشركة الشباب، وقد اقترح بعضهم إرسال طرد إلى مؤثر على 'تيك توك' يُدعى أوليفر ويدجر، الذي جمع 1.3 مليون متابع بعد أن ترك وظيفته وبدأ رحلة حول العالم مع قطه فينيكس. لم يكن ويدجر من مؤثري التجميل التقليديين، لكن هنا جوهر الفكرة. قبل وصول ويدجر إلى هاواي، أرسلت له الشركة طردًا فيه ساندويشات، وجبات للقط، وواقي شمس من 'إلف'، وقد نشر عنه بسرعة. ثم تعاون مع الشركة في بث مباشر على منصة تويتش ومسابقة على روبلكس. قال أمين إنه كان قلقًا من عدم وجود شعار إلف على الطرد، لكن موظفي جيل زد طمأنوه: 'لا نحتاج إلى العلامة التجارية. هكذا تفعل الشركات الكبرى. فتأثير الخبر أقوى'. وقد حدث ذلك فعلًا. حقق البث المباشر 150 ألف مشاهدة، ووصل لاحقًا إلى ملايين المستخدمين. هذا النوع من الحملات يعزز ولاء العملاء وينشر الوعي بالعلامة التجارية. قال كيرك بيري، المدير التنفيذي المؤقت في شركة كينڤيو لمنتجات العناية: 'تارانج من أفضل من رأيتهم في فهم سلوك المستهلك'. فحين اكتشف أن إحدى الموظفات من هواة الألعاب الإلكترونية، ضمّها إلى قناة الشركة على منصة تويتش وجعل ذلك جزءًا من دورها الوظيفي. واختتم أمين بقوله: 'أبناء جيل زد لا يريدون أن يُحصروا في قوالب. لا يريدون منا أن نقول: هذا دوركم، ولا تفعلوا شيئا غيره'.


26 سبتمبر نيت
منذ ساعة واحدة
- 26 سبتمبر نيت
غزّة بين مطرقة الإبادة وسندان التجويع
في غزة، لم يعد الموت حدثًا نادرًا، بل صار نظامًا يوميًّا وعلى مدار الساعة.. روتينًا دامغًا يفتتح الصباح بقصف، ويختم الليل بجنازة. في كل زاوية قصةُ فَقْد، وفي كل شارع جنازة..! حتى الخبز. إن وجد صار مشبوهاً… وربما مفخخًا. شِراكُ المساعدات التي نصبتها أمريكا، تحمل في الظاهر شارة الإنقاذ، والتي لا تعدو كونها كمائن موت ومصائد لقتل من لم تصل إليه حمم الطائرات الصهيونية وقنابلها المحرمة دولياً. نحن لا نتحدث عن حرب تقليدية… بل عن إبادةٍ منظمة، ترتدي أقنعة إنسانية، وتبثّ موتها على مرأى ومسمع من العالم بأسره. 650 يومًا من المجازر، والعالم يطالع تقارير الطقس منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم في يوليو 2025، تحوّلت غزة إلى محرقة حيّة..بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة غزة، تجاوز عدد الشهداء 58,300 شهيد، بينهم حوالي 19,000 طفل وأكثر من 13,000 امرأة. الكارثة الحقيقية ليست في الأرقام وحدها.. بل في تحوّل المجازر إلى أرقام معتادة. العالم يتناول أخبار المجازر كما يتناول حالة الطقس: اليوم قُصف حيّ الشجاعية… وغدًا ربما رفح… ونهاية الأسبوع، هدنة مؤقتة على الورق. المساعدات… تقطف رؤوس المنتظرين هل رأيت من قبل معونات تقدم الموت لا الحياة؟ هذا ما يحدث في غزة. بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة غزة ارتفع عدد ضحايا المساعدات قرب مصائد الموت إلى 995 شهيداً و6,011 إصابةً و45 مفقوداً، بينهم أطفال ونساء، استشهدوا وهم يمدّون أيديهم للغذاء. الغرب لا يرسل خبزًا… بل يرسل شهادة وفاة بطعم بسكويت مغلف بعلم إنساني. أمريكا تدعم... والبقية تُصفّق بينما يتضوّر أهل غزة جوعًا، تضخّ الولايات المتحدة مليارات الدولارات لدعم آلة القتل الإسرائيلية. 21.7 مليار دولار دعماً عسكريًا مباشرًا منذ بداية الحرب. 72 ألف طن من الذخائر خلال 20 شهرًا. 17 صفقة تسليح عام 2024 فقط، شملت قنابل عنقودية وصواريخ متطوّرة. أما ألمانيا فقد خصصت 4.8 مليار يورو دعمًا لوجستيًا وعسكريًا، بينما فرنسا تطلّ عبر مناشداتٍ ناعمة، وهي ترسل بارجاتها لحماية السفن الإسرائيلية. هذا ليس تواطؤًا... بل شراكة موثقة بالدم. التخاذل العربي.. صمتٌ يُجهز على من بقي حيًّا الصورة العربية أكثر بؤسًا، لأن الجرح هنا من الداخل. المساعدات العربية الشهرية لم تتجاوز 1.8% من الحاجة الفعلية، رغم أنها متعثرة ويمنع العدو دخولها إلى قطاع غزة. الإعلام الرسمي يُشيطن المقاومة، ويغضّ الطرف عن المحارق اليومية. ولعلّ الكارثة الأدهى، أن مصادر من الداخل كشفت عن تسريبات استخباراتية وصلت للاحتلال عبر أطراف عربية، وأن جداول شحنات الوقود يتم تحديدها من دول عربية لا من غزة ولا من تل أبيب. لقد صار العرب، للأسف، جزءًا من معادلة الحصار… ومن معادلة القتل. المجاعة.. سلاح من نوع آخر لم يعد الجوع عرضًا جانبيًّا للحرب… بل صار سلاح إبادة صامت. 2.3 مليون فلسطيني تحت خط الجوع الحاد. 92% من السكان لا يحصلون على وجبتين يوميًا. خلال 24 ساعة فقط، توفي 18 شخصًا جوعًا، ليصل العدد الإجمالي للوفيات بسبب المجاعة إلى 86 شخصًا، بينهم 76 طفلًا.. هذه ليست أرقام تقارير… هذه أسماء كتبت على أجساد هزيلة تُكابد الرمق الأخير. لا سلام في ظل التجويع… ولا كرامة لمن يُبرّر الصمت. غزة ليست مجرّد جرح… بل امتحان أخلاقي للعالم. فيها تنكشف الأقنعة: من يدّعي الإنسانية، من يبيع المقاومة، من يتآمر بعباءة الشفقة. الغرب موغِل في دم الأطفال، بينما العرب – إلا من رحم ربي – يتقنون فنّ الحياد في زمن لا يرحم المتفرجين. لكن رغم كل شيء… غزة لم تنكسر، ولن تنكسر الجائع هناك لا يستسلم، بل يربّي في أمعائه ثورة. والشهيد لا يموت، بل يُعاقب العالم بحياته. غزة… ستبقى تُشعل ضوء الضمير، مهما غطّاه رمادُ التواطؤ. وستُعلِمنا دائمًا أن الخبز قد يكون قنبلة، وأن الصمت خيانة… وأن العروبة، حين تخذل، تصبح عورة.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
في منفذ الوديعة...واشنطن تشيد بعملية نوعية للقوات اليمنية
أشادت السفارة الأمريكية في اليمن، اليوم الأحد، بنجاح الحكومة اليمنية في إحباط محاولة تهريب 16,000 حبة مخدرة من نوع "كبتاجون" يُعتقد أنها من إنتاج جماعة الحوثي، في عملية نُفّذت في منفذ الوديعة الحدودي، ومنعت دخولها إلى المملكة العربية السعودية. وفي بيان نشرته السفارة عبر منصاتها الرسمية، أثنت على الجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية، مؤكدة أن هذه العملية تُبرز الدور الحيوي للحكومة في مكافحة تهريب المخدرات، والتصدي للأنشطة الإجرامية التي تمارسها جماعة الحوثي. وأضاف البيان أن حرمان الحوثيين من الموارد الناتجة عن تجارة المخدرات يمثل خطوة مهمة نحو كبح تمويل الجماعة لأنشطتها "غير المشروعة"، والتي تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي وتهديد السلام. وأكدت السفارة أن الولايات المتحدة تواصل دعمها لجهود الحكومة اليمنية في حماية سيادة البلاد وأمنها، ومكافحة مصادر تمويل الإرهاب.