
البنوك الأردنية تحقق أرباحاً إضافية بسبب ارتفاع الفائدة
وأظهرت البيانات المالية للشركات المدرجة في بورصة عمّان للنصف الأول من عام 2025 استحواذ القطاع المالي على أكثر من 65% من إجمالي الأرباح، فيما بلغت حصة القطاع الصناعي نحو 32%، واقتصر نصيب قطاع الخدمات على 7% فقط، ما يعكس استمرار هيمنة القطاع المالي على المشهد الاقتصادي وتحقيقه أرباحًا تصاعدية غير مسبوقة على مدى السنوات الماضية، وفقًا لما أورده الخبير الاقتصادي منير أبو دية.
وقال أبو دية، في قراءاته التحليلية لنتائج البنوك و
الشركات الكبرى
، إن صافي أرباح البنوك العاملة في الأردن تجاوز 800 مليون دينار خلال النصف الأول من العام الجاري، في وقت تشهد بقية القطاعات الاقتصادية – وخاصة الزراعة، التجارة، والصناعة (باستثناء شركات الفوسفات والبوتاس والمصفاة) – تراجعًا واضحًا في الأداء والأرباح.
ويرى أبو دية أن هذه الأرباح جاءت نتيجة الزيادة في أسعار الفائدة على جميع التسهيلات والقروض الممنوحة من البنوك، وذلك تماشيًا مع قرارات البنك الفيدرالي الأميركي، نظرًا لارتباط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار. وقد رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة 11 مرة خلال العامين الماضيين تبعًا لقرارات الفيدرالي الأميركي، قبل أن يخفضها لاحقًا ثلاث مرات، تماشيًا مع سياسة البنك المركزي الأميركي، لكنها – بحسب أبو دية – لم تنخفض إلى مستويات مريحة تخفف الأعباء عن المقترضين.
وارتفعت كلفة التمويل في الأردن خلال العامين الأخيرين إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث عمدت البنوك إلى زيادة أسعار الفائدة على القروض القائمة والجديدة بعد قرارات رفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية من البنك المركزي. وقد تجاوزت أسعار الفائدة على بعض القروض والتسهيلات البنكية 13%، ما زاد الأعباء على المقترضين وأطال مدة السداد.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
البنك المركزي الأردني يثبت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية
وأضاف أبو دية أن هذا الارتفاع في
أسعار الفائدة
ساهم في تعزيز أرباح البنوك، لكنه حمّل المواطنين والقطاعات الاقتصادية كلفة باهظة، إذ تجاوزت مديونية الأفراد 14 مليار دينار (حوالي 20 مليار دولار)، فيما بلغت قيمة التسهيلات البنكية أكثر من 35 مليار دينار خلال العام الماضي. وأكد ضرورة إعادة النظر في هيكل الفائدة، وخاصة للقطاعات الإنتاجية، وأن يكون للبنوك المحلية والبنك المركزي دور أكبر في توفير برامج تمويل بفائدة منخفضة، بما يسهم في دعم نمو القطاعات الأخرى وتحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إنه من الطبيعي أن تشهد أسعار الفائدة لدى البنوك الأردنية ارتفاعًا واضحًا خلال العام الماضي والنصف الأول من هذا العام، وذلك يعود بشكل أساسي إلى ارتفاع حجم التسهيلات والقروض التي تمنحها للأفراد ومختلف القطاعات، وكذلك نتيجة لرفع أسعار الفائدة 11 مرة قبل أن تُخفض ثلاث مرات، لكنها لا تزال عند مستويات مرتفعة.
وأضاف عايش أن القطاع المصرفي الأردني لديه القدرة على تمويل قروض الأفراد والقطاعات الاقتصادية، وهو بذلك يلعب دورًا مهمًا في مجمل النشاط الاقتصادي للأردن، من خلال توفير السيولة اللازمة وبناء الاحتياطيات من العملات الأجنبية. ويؤكد عايش أهمية تخفيض أسعار الفائدة من البنوك الأردنية بما يتماشى مع السياسة النقدية للبنك المركزي، لتنشيط الوضع الاقتصادي وتخفيض كلفة الاقتراض لمختلف الغايات. وذكر مسؤول في أحد البنوك الأردنية أنه يتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة مرة أخرى خلال الشهر المقبل، تبعًا لما سيصدر عن البنك الفيدرالي الأميركي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
الصين والهند تبحثان استئناف التجارة على الحدود بعد انحسار التوترات
تبحث الهند والصين استئناف التجارة الحدودية للسلع المحلية بعد أكثر من 5 سنوات من التوقف، في خطوة جديدة ضمن جهود بطيئة ولكن ثابتة من الجانبين لتخفيف التوترات المستمرة منذ فترة طويلة، وفقًا لمسؤولين في نيودلهي مطلعين على الأمر، بحسب ما وكالة بلومبيرغ. وأوضح المسؤولون أن الجانبين اقترحا إعادة فتح التجارة عبر نقاط محددة على الحدود المشتركة، وأن الملف ما زال قيد النقاش الثنائي، في حين طلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها نظرًا لسرية المداولات. وقالت وزارة الخارجية الصينية، اليوم الخميس، إن بكين "على استعداد لتعزيز التواصل والتنسيق مع الهند" بشأن هذا الملف، مضيفة: "لطالما لعبت التجارة الحدودية بين الصين والهند دورًا مهمًا في تحسين حياة سكان المناطق الحدودية في البلدين". أما وزارة الشؤون الخارجية الهندية فلم ترد على رسالة بريد إلكتروني من "بلومبيرغ" تطلب مزيدًا من المعلومات. 3 عقود من ازدهار التجارة على حدود الصين والهند على مدى أكثر من ثلاثة عقود، تبادلت الهند والصين سلعًا منتجة محليًا — مثل التوابل، السجاد، الأثاث الخشبي، علف الماشية، الفخار، النباتات الطبية، الأدوات الكهربائية، والصوف — عبر ثلاث نقاط محددة على طول حدودهما الجبلية المتنازع عليها، التي تمتد لمسافة 3,488 كيلومترًا (2,167 ميلًا). وكانت قيمة هذه التجارة صغيرة نسبيًا، إذ بلغت نحو 3.16 ملايين دولار في السنة المالية 2017-2018، وفق أحدث بيانات حكومية متاحة. وتوقفت التجارة خلال جائحة كوفيد-19، في فترة تزامنت مع تدهور حاد في العلاقات بين البلدين، إثر اشتباكات دامية في جبال الهيمالايا عام 2020 أسفرت عن مقتل 20 جنديًا هنديًا وما لا يقل عن أربعة جنود صينيين، ما أدى إلى إغلاق نقاط العبور بالكامل. مؤشرات على تحسن العلاقات يمثل الاستئناف المرتقب للتجارة مؤشرًا إضافيًا على تحسن تدريجي في العلاقات الثنائية، بعد أن اتخذ الطرفان العام الماضي خطوات لإنهاء التوترات الحدودية. وكانت بلومبيرغ قد أفادت، الثلاثاء، بأن البلدين سيستأنفان الرحلات الجوية المباشرة الشهر المقبل، فيما خففت بكين القيود على بعض شحنات الأسمدة إلى الهند. ومن المتوقع أن يتوجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الصين في أغسطس/آب المقبل، في أول زيارة له منذ 7 سنوات، لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها بكين، وعقد لقاء ثنائي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على هامشها. يأتي هذا التقارب بين الصين والهند في ظل بيئة جيوسياسية واقتصادية شديدة التعقيد، تتقاطع فيها التنافسات الإقليمية مع التحديات الاقتصادية العالمية. فمن جهة، تمر العلاقات بين نيودلهي وواشنطن بمرحلة تراجع ملحوظ، بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، في خطوة وصفتها الأوساط الاقتصادية بأنها غير مسبوقة منذ عقود في مستوى الضغط التجاري على الهند. وتشكل هذه الرسوم ضربة للصناعات الهندية الموجهة للأسواق الأميركية، مثل المنسوجات والمنتجات الزراعية وتكنولوجيا المعلومات، وهي قطاعات تعتمد على انسيابية الصادرات للمحافظة على نموها وتشغيل اليد العاملة. ومن جهة أخرى، لا ينفصل التقارب الصيني-الهندي عن تاريخ طويل من التوتر الحدودي الذي تعود جذوره إلى ما قبل الحرب الصينية–الهندية عام 1962، حين اشتعل النزاع حول ترسيم الحدود في مناطق استراتيجية مثل إقليم لداخ وأروناتشال براديش. هذه النزاعات لم تُحسم نهائيًا، بل شهدت جولات متعددة من المواجهات المحدودة، كان أحدثها وأعنفها في يونيو/حزيران 2020 بمنطقة وادي جالوان في لداخ، والتي أسفرت عن خسائر بشرية من الجانبين، وأعادت الصراع إلى الواجهة. اقتصاديًا، ظل التبادل التجاري عبر الممرات الجبلية المحددة يمثل بعدًا إنسانيًا واقتصاديًا هامًا، إذ وفّر مصدر رزق رئيسيا للمجتمعات الحدودية التي تعيش في بيئة جغرافية قاسية، وسمح بتبادل سلع أساسية مثل التوابل والصوف والنباتات الطبية التي تشكل جزءًا من التراث المحلي. إلا أن توقف هذه التجارة منذ عام 2020 ألقى بظلاله على هذه المجتمعات، ما جعل إعادة فتحها اليوم تحمل أبعادًا تتجاوز الاقتصاد لتلامس المصالحة المجتمعية وتعزيز الثقة بين الشعبين. وعلى الصعيد الإقليمي، يمكن قراءة هذا التقارب في إطار إعادة تشكيل التحالفات الاقتصادية في آسيا، حيث تسعى الهند والصين — وهما أكبر اقتصادين ناميين في العالم — إلى تخفيف حدة التوترات السياسية لخلق هامش أوسع للمناورة في مواجهة التحديات الخارجية، سواء في مواجهة السياسات التجارية الأميركية أو في التعامل مع التباطؤ الاقتصادي العالمي. ومن هنا، فإن استئناف التجارة الحدودية قد لا يكون مجرد إجراء اقتصادي محدود القيمة المالية، بل إشارة رمزية على استعداد الطرفين لاختبار آفاق جديدة للتعاون، حتى في ظل استمرار الخلافات الجوهرية بينهما.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
أعصاب الشركات مشدودة: تمديد الهدنة الأميركية الصينية يعمّق الشكوك
مدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين الماضي، الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوماً حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني، إفساحاً في المجال للمفاوضات مع العملاق الاقتصادي . إلا أن هذا الإجراء يُبقي على عدم اليقين الذي يؤثر في خطط الشركات والقرارات الاستثمارية ليس في الولايات المتحدة الأميركية والصين فقط، بل أيضاً حول العالم، إذ إن تمديد الهدنة يجعل احتمال تجدد الحرب التجارية قائماً بعد انتهاء الفترة الجديدة المحددة، ما يجمّد الكثير من المشاريع ويزيد من حيرة أصحاب الأعمال وترددهم. وقال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أول من أمس الثلاثاء، إن المسؤولين التجاريين الأميركيين سيجتمعون مرة أخرى مع نظرائهم الصينيين في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر لمناقشة مستقبل العلاقة الاقتصادية بين البلدين. وفي مقابلة على شبكة فوكس بيزنس، قال بيسنت أيضاً إن الرئيس الصيني شي جين بينغ دعا ترامب إلى اجتماع، لكن لم يتم تحديد موعد. وتابع بيسنت: "لا يوجد موعد... الرئيس لم يقبل بعد". وكان من المقرر أن ينتهي العمل بالهدنة التجارية صباح أول من أمس الثلاثاء، إلا أن التمديد يُبقي على إمكانية تجدد حرب فرضت فيها الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 145% على الصين، مقابل فرض بكين 125% رسوماً على السلع الأميركية، قبل خفض النسب بعد اتفاق الهدنة إلى 30% و10% على التوالي. تحديات تمديد الهدنة يرى الخبراء أن احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل بين واشنطن وبكين لمعالجة المخاوف الأميركية الرئيسية لا تزال غير مؤكدة. وتشمل هذه المخاوف ضعف حماية الملكية الفكرية في الصين، وسياسات الدعم الحكومية التي يرى مسؤولون أميركيون أنها تمنح الشركات الصينية مزايا تنافسية عالمية غير عادلة، وأدت إلى عجز تجاري كبير بين الولايات المتحدة والصين بلغ 262 مليار دولار في العام السابق. لذا، يضع تمديد الهدنة التجارية قادة الأعمال أمام تحديات جمة في اتخاذ قراراتهم على المدى القريب، ويُنشئ بعضهم مراكز جيوسياسية لتنسيق استجاباتهم، حيث إن كيفية تطور هذه الإجراءات غير مؤكدة إلى حد كبير. ومع ذلك، من المتوقع أن يكون تأثير التعرفات الجمركية على هياكل تكاليف الأعمال، وطلب الشركات والمستهلكين، والمزايا التنافسية النسبية للشركات كبيراً. وخفضت مجموعة من الشركات الكبرى، بينها شركة التكنولوجيا العملاقة "إنتل"، وشركة صناعة الأحذية "سكيتشرز"، وشركة السلع الاستهلاكية "بروكتر آند غامبل"، توقعات أرباحها أو سحبتها، مستشهدة بحالة عدم اليقين الاقتصادي. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب يضغط على شركات الأدوية ويصعّد الحرب التجارية وقال المدير المالي لـ "إنتل"، ديفيد زينسنر، وفق "بي بي سي"، إن السياسات التجارية شديدة التغير في الولايات المتحدة وخارجها، فضلاً عن المخاطر التنظيمية، زادت من فرصة حدوث تباطؤ اقتصادي مع تزايد احتمال حدوث ركود. وأضاف: "سنرى بالتأكيد ارتفاعاً في التكاليف"، في حين أعلنت الشركة التي يقع مقرها في كاليفورنيا عن توقعات قاتمة بشأن الأرباح والإيرادات. وشرح الرئيس التنفيذي للعمليات في "سكيتشرز"، ديفيد وينبرغ: "البيئة الحالية مربكة للغاية بحيث لا يمكن التخطيط للنتائج مع ضمان معقول للنجاح". وتتمثل الدورة النموذجية للإرباك لدى الشركات في الآتي: يصدر البيت الأبيض إعلاناً واسع النطاق عن الرسوم الجمركية، مع القليل من التفاصيل ونادراً ما يكون مكتوباً، ويحاول المستثمرون والشركات والسياسيون تقييم التأثير على قطاعاتهم، وتنتشر موجة من الذعر وإعادة تخصيص رأس المال في الأسواق. وفي وقت لاحق، توضح الإدارة موقفها، مما يؤدي إلى استقرار جزئي. في المقابل، لا يزال عدم اليقين يسيطر على قانونية رسوم ترامب على الدول، إذ توجد قضيتان قضائيتان في مراحلهما النهائية، ومن المتوقع صدور أحكام خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين. قد يحدّ هذان الحكمان من قدرة الرئيس على استخدام سلطات الطوارئ لفرض رسوم جمركية. إذا انحازت المحاكم إلى جانب المدعين، فستفقد الرسوم الجمركية الخاصة بكل دولة استقرارها، بينما ستصبح الرسوم الجمركية القطاعية أكثر خطورة على الشركات وقراراتها الاستثمارية وتوقعاتها المالية. إلا أن بيسنت قال، الثلاثاء الماضي، إن زيادة الإيرادات المتدفقة على خزائن الحكومة الأميركية من الرسوم الجمركية ستجعل من الصعب على المحكمة العليا الحكم ضد إدارة ترامب في هذه القضية. الانعكاسات على الشركات والمستهلكين وبحسب تقرير شركة ماكنزي، فإنه من المرجح أن تؤثر تغييرات التعريفات الجمركية بشكل ملموس على إنفاق الشركات والمستهلكين والحكومات، بالإضافة إلى تدفقات التجارة. لذلك، ينبغي على الشركات تقييم كيفية تأثير الظروف الاقتصادية الكلية على الطلب على منتجاتها، كما ينبغي عليها تقييم مرونة هذا الطلب إذا استلزمت التعرفات الجمركية المتطورة زيادات في الأسعار. وأخيراً، ينبغي عليها دراسة مدى توافق أسواق عملائها النهائيين الرئيسية مع الممرات التجارية المتنامية أو المتقلصة. ولم يتضح بعد الأثر الكامل للرسوم الجمركية، وفق تقرير شركة أف آر بي الاستشارية، لكن أثرها قصير المدى واضح. لقد تعطلت سلاسل التوريد العالمية، حيث أدت الرسوم إلى زيادة تكاليف الإنتاج في الدول الصناعية الرئيسية، بما في ذلك الصين وفيتنام والهند. وهذا يدفع الموردين إلى تعديل جداول إنتاجهم والبحث عن أسواق بديلة، مما يؤدي إلى إطالة فترات التسليم وتأخير الشحن. اقتصاد دولي التحديثات الحية تجديد الحرب التجارية: ترامب يهدد الدول التي تردّ على ضرائبه برسوم وقد أدت الرسوم الجمركية المجمّعة التي فرضتها الحكومة الأميركية منذ ذلك التاريخ إلى رفع متوسط معدل الرسوم الجمركية المرجح للبلاد بسرعة إلى أعلى مستوى له في المائة عام الماضية، من حوالي 2% في بداية عام 2025 إلى أكثر من 20% اعتباراً من 11 إبريل/نيسان 2025، ما يؤثر على خطط الأعمال في الولايات المتحدة، وكذلك الدول المرتبطة بها تجارياً واستثمارياً. ويُخلّف توقف ارتفاع معدلات الرسوم الجمركية ما وصفته نائبة محافظ بنك إنكلترا للاستقرار المالي، سارة بريدن، بـ"التأثير المثبّط لعدم اليقين في السياسة التجارية على الشركات والمستهلكين". و ترى شركة ديلويت الاستشارية أن "غير مسبوق" مصطلح مبالغ في استخدامه، ولكنه يبدو مناسباً اليوم. يُظهر مقياس لعدم اليقين في السياسة التجارية الأميركية، وضعه أكاديميون أميركيون، أن عدم اليقين هذا بلغ أعلى مستوى له في تاريخ المؤشر الممتد لأربعين عاماً في مارس/آذار الماضي، أي حتى قبل الإعلان عن الرسوم الجمركية الشاملة ثم تأجيلها جزئياً. وقد لخّص "دويتشه بنك" التحديات في أن "عدم يقين مدمّر وسط حسابات عشوائية لمعدلات الرسوم الجمركية، وفقدان جزئي للثقة في المعايير المؤسسية الأميركية". وأشارت دراسة سابقة صادرة عن بنك إنكلترا إلى أن حالة عدم اليقين تؤخر قرارات الإنتاج والاستثمار، وتجبر بعض الشركات الأكثر إنتاجية على تأجيل دخول أسواق جديدة محلياً ودولياً. كما تشجع حالة عدم اليقين الموظفين على البقاء في وظائفهم الحالية، وتثني الشركات عن التوظيف. ويلاحظ البنك أن هذه النتائج تضعف وظيفة التوفيق بين الكفاءات في سوق العمل، وتقوّض الإنتاجية. ويظهر آخر استطلاع رأي للمديرين الماليين في المملكة المتحدة، والذي صدر في إبريل الماضي، أنه حتى قبل الإعلان عن التعرفات الجمركية الشاملة في 2 إبريل، أصبح المديرون الماليون في المملكة المتحدة أكثر دفاعية، مع تركيز متزايد على ضبط التكاليف. وتوقعت شركات الوساطة الكبرى، الثلاثاء الماضي، بما في ذلك "غولدمان ساكس" و"جيه.بي مورغان" و"مورغان ستانلي"، تباطؤ النمو العالمي في أواخر عام 2025 بسبب عدم اليقين الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة تتراوح بين 1% و2% هذا العام، وفقاً لتقديرات شركات الوساطة الرائدة، حيث تدفع التعرفات الجمركية الأسعار إلى الارتفاع، في حين تساعد أسواق العمل المتراجعة في تجنب دوامة الأجور والأسعار المحتملة.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
الأرصدة المالية الإسلامية إلى أين؟
هل بقي النمو في الصيرفة الإسلامية (بنوكاً و شركات مالية ) محافظاً على زخمه الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي، وتنامى في عقدي الثمانينيات والتسعينيات؟ وهل يحظى الآن من الجهات الغربية والشرقية في العالم بنفس الاهتمام الذي تمتع به قبل عقدين من الزمان؟ لا شك أن ما يكتب عن الصيرفة الإسلامية قد تراجع في ظل الأحداث الدامية التي يشهدها العالم العربي والإسلامي. وقد كان لهذا القطاع أن يحقق معدلات نمو عالية في دول مثل السودان والمغرب والجزائر وتونس والصومال واليمن وسورية والعراق وفي دول جنوب آسيا ووسط آسيا. وحصل نمو، لكنه ليس بالقدر الممكن والمتاح لو أن هذه الدول عرفت كيف تحافظ عليه وتتوسع في أغراضه، وتمزجه بشكل وثيق مع الخطط الاقتصادية والاجتماعية لهذه الدول. في شهر آذار/ مارس 2025 نشر موقع ستاتيستا (Statista) معلومات عن حجم الأرصدة المصرفية الخاضعة للشريعة. وقدر الموقع في نشرته أن مجموع الأرصدة الإسلامية الصادرة في العالم كله بلغت 4.5 تريليونات دولار. وهذه الأرصدة هي تلك التي أصدرتها المصارف والمؤسسات المالية بموجب قانون الشريعة الإسلامية وصودق عليها بأنها مال "حلال"، ولم تدخل فيه شبهة "الحرام"، ولكن ما يزال الجدل قائماً حول ما هو الحلال وما هو الحرام؟ ولنأخذ مثالاً على ذلك الجدل القائم حول الفتوى من قبل بعض علماء الدين بأن كل فائدة ربا، وأنه لا تفريق بين الاثنين. وهنا تبدأ الخلافات في التعمق. ولكن هذا الموضوع أخذ حظه من النقاش الطويل في عصر التنظيمات العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى نهاية حكم السلطان عبد الحميد في عام 1908. وتمخض ذلك النقاش عن إصدار تشريع عثماني يقول إن أي فائدة تزيد عن 8% تعتبر رباً وحراماً، وأن مجموع الفوائد المدفوعة عن أي قرض يجب ألا تزيد عن مقدار الدين الأصلي. وقد طبق هذا التشريع في الدول التي كانت تحت الحكم العثماني آنذاك، وبقيت تطبقه ( أو بعضها) حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي لما عصف التضخم باقتصادات بعض الدول العربية بعد انفجار أسعار النفط عام 1973. ومن هذه الدول الأردن، وقد أتيحت لي الفرصة لبحث هذا الموضوع لما كنت باحثاً اقتصادياً بالبنك المركزي الأردني وأذكر أن نسبة التضخم تراوحت في الفترة 1974 و1981 بين 12% إلى 18% سنوياً أو كانت 150% إلى 220% من نسبة الفائدة. وبمعنى آخر فإن المستدين صار يحقق لنفسه فائدة من الدائن، أي أن الدائن يقترض بنسبة 8% ويستثمر بنسبة 15%. وعندما يسدد القرض على فرض أن مدته سنة، سيكون قد حقق ربحاً قدره 7% دون أن يبذل أي جهد يذكر أو أن يتحمل أي مخاطر وهذا قطعاً لن يكون في صالح الدائن. اقتصاد عربي التحديثات الحية البنوك الجزائرية تُحجم عن الصيرفة الإسلامية والأمر الثاني الذي لا يزال يثير جدلاً هو طبيعة الاستثمار الذي تقوم به المصارف والشركات المالية الإسلامية، وهي تعتمد أساساً على ضمان الربح مسبقاً، حين تعتمد القاعدة الواردة في الآية 275 من سورة البقرة "وأحل الله البيع وحرم الربا"، ولذلك تقوم المؤسسات المالية الإسلامية بتحويل أي قرض إلى فرصة بيع، ويسألونك عن سبب طلب المال، فتقول: "أريد أن أشتري مواد بناء"، فيقولون لك "لقد بعناك مواد بناء بقيمة القرض المطلوب وسنحقق عليه ربحاً قدره وكذا وكذا"، وهكذا يصبح الربح بديلاً لكلمة الفائدة. ويحتج كثيرون أن المرابحة ليست إلا ما يسمى باللغة الدارجة cost plus أو نسبة تدفع للبائع بموجب عقد شراء وبيع بين البائع والمشتري. ويثير البعض أن مثل هذا التصرف ليس إلا "تلبيس طواقي" أو ما يسمى بالإنكليزية window dressing. وهذه بحد ذاتها قضية تثير جدلاً حول الأسباب الاقتصادية التي تجعل النظام المصرفي حسب الشريعة الإسلامية رافضاً لفكرة الفائدة أو الربا. وهذه تتطلب فهماً محدداً. ولو أردنا أن نشرح النظرية الكلية للاقتصاد الإسلامي، فإن هناك سعرين نسبيين فقط وهما معدل أسعار السلع والخدمات ومعدل الأجور. ويتحدد في السوق الأول السعر الذي يتقاضاه البائعون من المشترين بافتراض وجود منافسة تامة وحرية دخول الأسواق والخروج منها، والالتزام بالصدق في بيان نوع السلع والخدمات المباعة، فلا تطفيف في الميزان ولا غش في المواد أو المحتويات ولا تضليل في استثمار جهل المشتري بطبيعة السلع والخدمات المشتراة من قبله. في ظل هذه الظروف تصبح الأسعار معقولة، وقد دفع هذا الإطار النظري الكثير من المفكرين والمنظرين الإسلاميين إلى قبول الاستنتاج بأن تطبيق النظام الاقتصادي الكلي الإسلامي سيحول دون التقلبات والدورات غير الحميدة في هذا الاقتصاد مثل الهبوط والبطالة والتضخم وسوء التوزيع. ولذلك فإن تركيز علماء المسلمين على أن تحريم الربا والفائدة قد جاء لأسباب استغلالية صرفه صحيح ولكنه ليس كافياً. والنظام الرأسمالي الكلي يقوم على وجود ثلاثة أسعار في ثلاث أسواق وهي معدل الأسعار في سوق السلع والخدمات، ومعدل الفائدة في سوق المال، ومعدل الأجور في سوق العمل. ولذلك يصبح العمل على مقياس القيمة في النظام الإسلامي أكثر عمقاً وأهمية مما هو عليه في النظام الرأسمالي. وفي النظرية الإسلامية فإن الكلفة تساوي مقدار ساعات العمل المبذولة في كل وحدة إنتاج، والسعر هو حصيلة العرض والطلب في السوق الذي تنظمه قواعد أخلاقية. ولكن النظام الخلقي والسلوكي المعتمد في الإسلام يتطلب من أتباع هذا الدين أن يتمسكوا بدينهم في الظاهر والباطن، وفي السر وفي العلن وفي كل الأوقات، والله يعلم أن طبيعتنا ليست كاملة، وأن التمسك بأهداب الدين يتطلب الصبر والثبات ضد المغريات. أما في النظرية الرأسمالية الغربية، ووفقاً لكتاب بارزين أمثال آدم سميث، وغيره مثل الفرنسي جي بي سي وحتى النمساوي جوزف شومبيتر، فإنهم يصفون المنظم والرأسمالي بأنه شخص أناني محب لذاته ويغلب مصالحه على كل أمر آخر. الأرشيف التحديثات الحية قطر: الصيرفة الإسلامية تمثل 25% من القطاع المصرفي وقد شهد العالم الإسلامي دورات اقتصادية كبيرة برزت أيام الأمويين ثم وصلت إلى مداها الفوضوي في العصر العباسي الثاني، ورأينا إبان الحكم العثماني الكثير من التقلبات بسبب تدني مستوى الفهم لآلية عمل الاقتصاد وبخاصة التضخم. ويحضرني في هذا المجال ما كتبه الحلاق الدمشقي البديري الذي كتب مذكراته خلال الفترة 1140 إلى 1160 هجرية، ووصف كيف كان يخرج الناس محتجين إلى والي دمشق لأن سعر الخبز قد ارتفع من عدة دوانق إلى دراهم أو أضعاف السعر بسبب تلاعب التجار في قوافل الحبوب، حيث كانوا يؤخرون دخولها إلى المدينة لكي ترتفع الأسعار محققين أرباحاً عالية. وفي بدايات النظام المصرفي في كثير من الدول العربية مثل فلسطين قبل 1948 والأردن ومصر وسورية ولبنان والعراق في دول الشرق العربي كانت البنوك تحقق أرباحاً عالية، لأن غالبية المودعين كانوا يرفضون أن يقبضوا فوائد على ودائعهم، في الوقت الذي كانوا يرضون فيه دفع فوائد على القروض التي يأخذونها من البنوك. وقد حققت البنوك من وراء ذلك أرباحاً وفيرة، علماً أن البنك العربي قد نقل معظم أرصدته إلى فروعه في الأردن قبل إنشاء إسرائيل، واستدعى عملاءه السابقين ومنحهم قروضاً بمقدار ودائعهم من أجل أن يبدأوا بإنشاء أعمال لهم بعد ضياع ممتلكاتهم في فلسطين. وهذا في تقديري عمل متميز في تطبيق الرشاد الاقتصادي حين خلق البنك له زبائن في ظروف صعبة، وأدى في نفس الوقت دوره في المسؤولية المجتمعية. صحيح أن مجموع الأرصده لدى البنوك الإسلامية قد وصل إلى تريليوني دولار عام 2010 وارتفع إلى ما يقارب ثلاثة تريليونات عام 2014. إلا أن هذه الأرقام لا تزال تشكل نسبة صغيرة من مجموعة الأرصدة ولكن التوسع في الأرصدة قد نشأ في الدرجة الأساسية عن سببين هامين: الأول هو قيام بنوك غربية كبيرة بفتح شباك للتعامل الإسلامي للمسلمين القاطنين في تلك الدول. وقد ساهم ذلك في توسيع قاعدة التعامل المصرفي الإسلامي. وكذلك فتحت بنوك ربوية فروعاً لها تعمل بالطريقة الإسلامية. وقد تناول هذا الموضوع الدكتور فهد الشريف في بحث له بعنوان "فروع المصارف الإسلامية في البنوك الربوية"، والبحث في الحقيقة وصف لما يجري وتصنيف للعمليات المصرفية التي تجري في هذه الفروع غير الربوية، وبين فيها الدكتور الشريف أن هناك حرصاً على عدم خلط الأموال المودعة إسلامياً من تلك المستفيدة من الفائدة والفصل بين القروض المقدمة منها. أما السبب الثاني فهو النجاح أخيراً، وبعد طول بحث في الاتفاق، ولو جزئياً، على إصدار الصكوك الإسلامية من البنوك، ولكن شروط إصدار هذه الصكوك، سواء كانت من قبل الحكومات أو كبار المؤسسات الاقتصادية، لا يزال محدوداً، وإن كان ينمو باطراد. في دراسة بعنوان "حالة سوق الصكوك وآفاق النمو" التي كتبها مايكل بينيت وهنري كويل، فقد بلغ حجم إصدارات الصكوك في العام 2024 ما قدره 180 مليار دولار، وأن هناك مخططاً للتوسع في إصدارها لتبلغ تريليون دولار في السنوات القادمة، ومن المتوقع أن يشهد هذا العام وفقاً للدراسة نمواً في الصكوك. البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ظاهرة تعد بالنمو والكبر. ولكن لا بد من أن نوسع آفاق التعاملات وننتقل إلى المتاجرة والمشاركة والمزارعة والمخاطرة حتى تحقق الأرصدة الإسلامية نسبة لا تقل عن 10% من أرصدة العالم المالية، علماً أنها لا تزيد حالياً عن 3% إلى 4% وإن كانت بعض المصادر تمتنع عن ذكر النسبة لصعوبة قياسها.