
فاينانشيال تايمز": "ميرسك "الدنماركية تستحوذ على سكك حديد بنما رغم ضغوط ترامب
وذكرت شركة "إيه بي إم" - أحد أذرع "ميرسك" لأعمال الموانئ اليوم /الأربعاء/ - أنها استحوذت على "شركة سكك حديد بنما"، التي تدير خط سكك حديد بطول 76 كيلومترا، الذي يسير بمحاذاة الممر المائي لنقل البضائع والشحنات بين المحيطين الأطلنطي والهادي (الباسيفيك).
وأفادت صحيفة" فايناننشيال تايمز" بأن لم يٌكشف عن قيمة صفقة الاستحواذ، التي تم شراؤها من "لانكو جروب"، ومقرها الولايات المتحدة، و"كاناديان باسيفك"، ومقرها مدينة كانساس، والتي تدير أعمالها في أنحاء أمريكا الشمالية.
وقعت الصفقة رغم الضغوط الكبيرة التي تمارسها الولايات المتحدة على قناة بنما، الممر الرئيسي للتجارة الأمريكية والعالمية، مع تهديد ترامب خلال هذا العام "باستعادتها" ووضعها تحت السيطرة الأمريكية.
ويتيح خط السكك الحديدية في نما بديلاً يربط بين الموانئ في مدينة بالبوا على المحيط الهادي، ومدينة كولون على البحر الكاريبي.
ومن المقرر أن ترضخ شركة "سي كيه هاتشيسون"، تحت ضغط إدارة ترامب، إلى بيع حق إدارة تلك الموانئ إلى اتحاد مالي (كونسورتيوم) تقوده شركة "بلاك روك"، وذراع إدارة الموانئ لشركة "ميرسك"، وشركة "ميديترينيان شيبينج" السويسرية الإيطالية التي باتت صاحبة أكبر خطوط شحن عالمية من حيث سعة سفن الحاويات.
وذكرت "فاينانشيال تايمز" أنه برغم محدودية سعة خط سكك حديد بنما مقارنة بالقناة في المجرى المائي، فإنها تقدم بديلاً جذاباً يتعاظم دوره ولاسيما أثناء فترات الجفاف التي تشهدها البلاد حالياً والتي تحد من عمليات الشحن عبر الممر المائي في القناة.
وكانت شركة "ميرسك" قد أعلنت العام الماضي، تجنباً لموجة الجفاف، أنها استخدما "خط سكك حديد بنما" لنقل بعض الشحنات من الشمال إلى أمريكا اللاتينية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "إيه بي إم" الدنماركية، كيف سفيندسن، إن شركة سكك حديد بنما "تحظى بتقدير كبير لروعة عملياتها وسوف تتيح لنا فرصة مهمة لتقديم نطاق واسع من الخدمات لعملائنا في الشحن العالمي."
وقالت الشركة الدنماركة إن "شركة سكك حديد بنما" حققت إيرادات بلغت 77 مليون دولار، وبلغت مكاسبها قبل استقطاع الفوائد والضرائب والإهلاك ومخصصات الديون، 36 مليون دولار في العام الماضي 2024.
ووافقت شركة "سي كيه هوتشيسون" على بيع الموانئ، كجزء من صفقة أكبر قيمتها 22.8 مليار دولار، وافقت عليها إثر الضغوط التي مارسها ترامب تحت زعم أن "الصين تدير قناة بنما"، لكن الصفقة لازالت بعيدة نسبياً عن التحقق بعد أن حثت بكين هونج كونج على "التفكير مرة أخرى" بشأن تلك الخطوة.
شُيد خط سكك حديد بنما الراهن كمشروع أمريكي، وبدأ العمل في تنفيذه عام 1998 من خلال مشروع برأسمال مشترك مناصفة مع شركة سكك حديد "كانساس سيتي ساوثرن"، وشركة "مي- جاك برودكتس"، الأمريكية المصنعة لمعدات الموانئ، وهي تابعة لمجموعة "لانكو جروب".
وبيعت شركة "كانساس سيتي ساوثرن" في عام 2023 لشركة "كاناديان باسيفيك"، لتشكل مجموعة "كاناديان باسيفيك كانساس سيتي جروب"
تُستخدم السكك الحديدية بصفة أساسية لنقل الحاويات من السفن العاملة بين موانئ الباسيفيك والكاريبي دون اللجوء إلى إرسال السفن عبر القناة.
وشيد خط السكك الحديدية الجديد على المسار ذاته للخط الأصل القديم الذي افتٌتح في عام 1855 لنقل الركاب عبر ما يعرف بأسرع طريق بين السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة الأمريكية عبر البحر من الساحل الشرقي لبنما متجهاً إلى أعلى من الباسيفيك إلى الساحل الغربي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 10 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار العالم : الهلال الأحمر القطري يطلق برنامجا اقتصاديا يستهدف 4 آلاف مستفيد في اليمن
الخميس 3 يوليو 2025 06:20 مساءً نافذة على العالم - الهلال الأحمر القطري يطلق برنامجا اقتصاديا يستهدف 4 آلاف مستفيد في اليمن أطلقت جمعية الهلال الأحمر القطري مشروع 'تحسين سبل العيش' الذي من شأنه أن يُفيد يمنيين من بين الأكثر احتياجًا في البلاد، بكلفة تقدَّر بنحو نصف مليون دولار أميركي. وقالت الجمعية في بيان صحافي الأربعاء، أنّ مكتبها التمثيلي في اليمن دشّن مشروعها الجديد الهادف إلى تحسين سبل الرزق ودعم مستوى المعيشة لآلاف الأفراد من الأسر الفقيرة في سبع محافظات. وأضافت جمعية الهلال الأحمر القطري أنّ المشروع يستهدف 4,060 مستفيدًا من الأسر الأشدّ فقرًا في محافظات صنعاء وعدن وتعز والضالع وحضرموت وعمران والحديدة، بكلفة إجمالية تبلغ 488 ألف دولار. وبيّنت الجمعية أنّ البرنامج التنفيذي للمشروع يتضمن 'تأهيل وتدريب معيلي 580 أسرة على مهارات حرفية ومهنية مدرّة للدخل، بالإضافة إلى تمكينهم وتشجيعهم على الإنتاج وإدارة المشروعات، عبر تزويدهم بالوسائل والمعدّات اللازمة'، وذلك في مجالات تشمل الخياطة، والنجارة، وصيانة الهواتف الذكية، وصيد الأسماك، وفن الريزن، وتربية المواشي. وقال مدير مكتب جمعية الهلال الأحمر القطري في اليمن، المهندس أحمد حسن الشراجي، إنّ المشروع يندرج ضمن جهود الجمعية لتعزيز صمود المجتمعات المتضررة من النزاع، وتوفير فرص عمل تُسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأسر المستفيدة. ولفت الشراجي إلى أنّ الجمعية نفّذت خلال العامين الماضيين مشروعين مماثلين استفادت منهما 1,279 أسرة، بكلفة إجمالية بلغت 694,944 دولارًا، وكان لهما أثر ملموس في التخفيف من حدّة الفقر وتقليل الاعتماد على المساعدات الإنسانية. وتأتي هذه الجهود في ظل تحديات معيشية واقتصادية صعبة يشهدها اليمن مؤخرًا، إذ تشير تقارير صادرة عن البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2024 إلى أنّ أكثر من 80% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ويعتمد معظمهم على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.


صوت الأمة
منذ 13 دقائق
- صوت الأمة
«المشاط»: لابد من وجود حلول متكاملة ومبتكرة تستعين بها الدول النامية من أجل الحفاظ على مكتسبات التنمية والاستثمار في رأس المال البشري
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة بعنوان «حلول الديون من أجل الصمود والإصلاح: تمويل أجندة 2030 في أفريقيا وخارجها»، التي تنظمها وزارة المالية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وأحمد كجوك، وزير المالية، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا، حيث ركزت الجلسة على أهمية وجود حلول مُتكاملة لضائقة الديون التي تواجه العديد الدول النامية حيث بلغ رصيد الديون الخارجية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل رقمًا قياسيًا بلغ ٨.٨ تريليون دولار أمريكي في عام 2023، مع نمو الديون قصيرة الأجل بوتيرة أسرع من الالتزامات طويلة الأجل. وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، في كلمتها، أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أنفقت 1.4 تريليون دولار على خدمة ديونها في عام 2023، وباستثناء الصين، بلغ هذا العبء قرابة تريليون دولار أمريكي، أي ضعف ما كان عليه قبل عقد من الزمن، مضيفة أنه قد ازدادت تكلفة الاقتراض بشكل متزايد خاصة في عام 2023، حيث واجهت الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أسعار فائدة مرتفعة تُعد هي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية، فضلا عن أكثر من 60% من الدول منخفضة الدخل تعاني الآن من ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير. وبدون تدخل، من المتوقع أن يتجاوز الدين العام العالمي 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. وتحدثت عن الاستجابات الوطنية حيث اتخذت مصر نهجاً استباقياً في تعزيز إدارة وإصلاح الديون المستدامة، مستفيدةً من الأدوات المبتكرة والشراكات الاستراتيجية، من بينها تنفيذ برنامجي مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا بقيمة تجاوزت 900 مليون دولار، وتوقيع اتفاق يُعد الأول من نوعه مع الصين، وقد نجحت هذه البرامج في إعادة توجيه التزامات السداد نحو القطاعات ذات الأولوية، بما في ذلك الصحة والتعليم والعمل المناخي، مما أدى إلى مواءمة التمويل الخارجي مع أهداف التنمية الوطنية. وذكرت أنه في إطار استكمال تلك الجهود فقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل (E-INFS)، التي تُمثّل نموذجاً لتعبئة التمويل المستدام لسد الفجوات التنموية وتقليل المخاطر المالية والديون المستقبلية. كما أشارت إلى الجهود التي بذلتها الدولة لمبادلة الديون بالاستثمارات من خلال الاتفاق التاريخي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بما يحفز جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي ذات الوقت خفض الأعباء التمويلية، وبالتوازي مع ذلك، عززت مصر ريادتها في مجال التمويل الأخضر من خلال إصدار السندات الخضراء، كما أنها تستكشف المزيد من أدوات التمويل المرتبطة بالاستدامة والتمويل الأزرق لتنويع مصادر تمويلها ودمج الاستدامة البيئية والاجتماعية بشكل أفضل في محفظة ديونها. وأكدت "المشاط" على ضرورة أن يكون لدينا نظام مالي عالمي أكثر مرونة وتركيزًا على التنمية، ومنح أجندة الإصلاح الشاملة الأولوية لنهج مبتكرة وشفافة وعادلة لإدارة الديون السيادية، فضلاً عن أهمية تعزيز آليات شاملة وجامعة لتسوية الديون السيادية كمحرك رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة، وإرساء عمليات عادلة - ترتكز على أطر متعددة الأطراف - تُعالج قيود النهج المُجزأ الحالي لتسويات الديون. كما أكدت على ضرورة اعتماد مبادئ معتمدة عالميًا للإقراض والاقتراض المسؤول بما في ذلك تجميد السداد التلقائي في أوقات الأزمات، والتركيز على خفض تكلفة ومخاطر الاقتراض بالنسبة للدول النامية، من خلال توسيع نطاق استخدام الأدوات المبتكرة مثل السندات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة. كما ينبغي تشجيع الدول على استخدام مبادل الدين بالمناخ والديون بالتنمية، شريطة أن تكون مصممة بشكل منصف ومتوافقة مع أولويات التنمية الوطنية. واتصالاً بالتوصيات الصادرة عن مجموعة خبراء الأمين العام للأمم المتحدة، والتي أشارت إلى أهمية إنشاء منصة لتبادل الخبرات والدعم الفني للاستفادة من آليات التمويل المبتكر وبرامج مبادلة الديون من أجل التنمية؛ سلّطت الدكتورة رانيا المشاط، الضوء على تجربة مصر التي استطاعت ان توازن بين أولوياتها الوطنية والاستفادة من الأدوات المالية المتاحة لدي مؤسسات التمويل الدولية. ففي عام 2022، أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج "نـُوفّي"، التي تستهدف حشد التمويلات التنموية لتمكين مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية لا سيما مشروعات التكيف والتخفيف، من خلال آليات التمويل المبتكر، وكذلك أدوات ضمانات الاستثمار، بالإضافة إلى نجاح مصر في الفترة ما بين عامي 2020 ومايو 2025، في حشد ما يقرب من 15,6 مليار دولار أمريكي لصالح تمويل القطاع الخاص، منها 4 مليار دولار موجهة للمشاركين في مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج "نـُوفّي". وأكدت أن تحديث تحليل استدامة الدين Debt Sustainability Analysis يعد عمليةً حاسمةً لتقييم أكثر إنصافا لقدرات الدول النامية على الوفاء بالتزاماتها المالية الحالية والمستقبلية دون التعرض لأزمة ديون، لما يعكسه من تقييم للوضع الاقتصادي الكلي والوضع المالي للدول وكفاءة ادارتها للديون. وأضافت أن بنوك التنمية متعددة الأطراف يمكنها تعزيز سيولتها وقدرتها على التمويل من خلال زيادة استخدام حقوق السحب الخاصة من الدول الأعضاء، من خلال آليات مثل أدوات رأس المال المختلط ووسائل دعم السيولة، وغيرها من الحلول المتكاملة والمبتكرة التي يمكن أن تعزز قدرة تلك المؤسسات على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ. وفي ختام كلمتها، أكدت أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية فرصةً محوريةً لتحفيز إصلاحات هيكل الدين العالمي، والدفع نحو حلولٍ عادلةٍ تُوائِم إدارة الديون السيادية مع أهداف التنمية المستدامة. منتدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة (أونكتاد) من جانب آخر شاركت الدكتورة رانيا المشاط، بالمنتدى الذي نظمه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، لمناقشة وضع الديون العالمية. وخلال كلمتها أشادت الدكتورة رانيا المشاط، بتقرير الأونكتاد موضحة أنه لا يكتفي بمجرد تسليط الضوء على أزمة الديون، بل يقدّم خطة تنفيذية واقعية وعملية للتعامل مع الأزمة، بما يمثل تطورًا كبيرًا في طبيعة النقاش حول الدين العام. وأكدت «المشاط»، أهمية أن تشارك الدول التي خاضت تجارب ناجحة في مجال إعادة هيكلة الديون أو اتفاقيات مبادلة الدين، تجاربها مع المجتمع الدولي، ليس فقط من حيث النتائج، ولكن من حيث الحوكمة الداخلية التي ساعدت على نجاح التجارب، حيث لا تقتصر إدارة ملف الدين العام على وزارة أو جهة واحدة، بل تتطلب تنسيقًا بين أطراف كثيرة داخل الدولة، مما يجعل من الحوكمة عنصرًا حاسمًا في تلك التجارب. كما شددت على ضرورة أن يتم الإقرار بأن الجهات الدائنة تختلف في طبيعتها، وكذلك تختلف الآليات التي يتم من خلالها التوصل إلى الاتفاقات بما يتطلب من الدول المدينة أن تملك قدرات فنية ومؤسسية قوية، حتى تتمكن من التفاوض بشكل فعّال، ليس فقط على صفقة واحدة بل لبناء سلسلة من الصفقات المرتبطة بمسارات تنموية طويلة الأجل. وأشارت إلى أهمية الدعم الفني ليس فقط بوصفه تدريبًا أو مشورة، بل كقيمة مالية ملموسة حيث يتطلب تنفيذ تلك المبادرات موارد حقيقية، موضحة أن هناك بالفعل أدوات وآليات قائمة داخل مؤسسات وهيئات متعددة، تُعنى بذلك النوع من القضايا، مضيفة أن جمع تلك الجهود ضمن منصة مشتركة تحدث تكتمل مع ما هو قائم بالفعل، مما يشكل قيمة مضافة حقيقية لجميع الأطراف سواء الدول المدينة أو الجهات الدائنة.


يمني برس
منذ 15 دقائق
- يمني برس
الدين الفيدرالي الأمريكي يتجاوز 36 تريليون دولار: تحذيرات من أزمة مالية ممتدة
في الوقت الذي تقدم فيه الولايات المتحدة نفسها كقوة اقتصادية عالمية ذات نفوذ سياسي ومالي واسع، يكشف الواقع عن صورة مقلقة تتعلق بأحد أعمدتها الاقتصادية: الدين الفيدرالي المتفاقم بوتيرة تنذر بالخطر. فقد تخطى الدين العام الأمريكي حاجز 36 تريليون دولار مطلع عام 2025، وهو رقم لم يكن يتخيله أكثر المحللين تشاؤمًا قبل عقدين فقط. لكن ما يثير الدهشة ليس الرقم فحسب، بل السياسات التي قادت إليه؛ إذ تشير تقارير اقتصادية دولية، من بينها دراسات صادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلى أن الولايات المتحدة قد وقعت في فخ سياساتها المالية التوسعية غير المستدامة، متجاهلة تحذيرات متكررة من التضخم المالي، واستنزاف الموارد، والانفاق المفرط على حروب خارجية ومشاريع لا تولد عائدًا اقتصاديًا داخليًا. لقد رصدت تقارير أوروبية وآسيوية، خاصة من الصين وروسيا، أن واشنطن باتت تعتمد بشكل متزايد على طباعة الأموال واقتراضها داخليًا وخارجيًا للحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري، دون وجود سياسة اقتصادية متزنة توازن بين النمو الحقيقي والاستدانة الآجلة. بل إن بعض المحللين وصفوا النموذج الأمريكي الحالي بأنه 'اقتصاد على حافة الانهيار المؤجل'، وأن استمراره بهذه الطريقة يهدد ليس فقط التوازن المالي المحلي، بل يضع الاقتصاد العالمي في مهب أزمة جديدة، خاصة مع الارتباط الوثيق للدولار الأمريكي في الأنظمة النقدية العالمية. من هنا، فإن أزمة الدين الفيدرالي لم تعد شأناً أمريكياً داخلياً فقط، بل تحوّلت إلى قضية دولية تعكس عمق الخلل في التوجهات الاقتصادية الأمريكية، وتطرح تساؤلات عن استدامة الهيمنة المالية للدولة التي تطالب العالم بالتقشف، بينما تغرق هي في بحر من العجز والديون. أرقام قياسية غير مسبوقة سجّل الدين الفيدرالي الأمريكي مع مطلع عام 2025 مستوى قياسيًا بلغ 36.1 تريليون دولار، وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية. ويتوزع هذا الدين بين ديون مملوكة للجمهور بقيمة 28.8 تريليون دولار، وديون بين الحسابات الحكومية بقيمة 7.3 تريليون دولار. وتشير الإحصاءات إلى أن الدين العام ارتفع بنسبة 123% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس حجم الضغط الذي تواجهه الحكومة في ظل عجز مالي متزايد. جذور الأزمة: تاريخ من التوسع في الإنفاق منذ تأسيس الولايات المتحدة في عام 1791، بدأت الديون تتراكم تدريجيًا، لكنها شهدت طفرات كبيرة خلال الحروب والأزمات الاقتصادية. في عام 1835، كانت الولايات المتحدة شبه خالية من الديون، لكن الحرب الأهلية الأمريكية والحربين العالميتين، ثم الأزمات المالية الحديثة، مثل الركود الكبير (2008) وجائحة كوفيد-19 (2020)، أعادت تصعيد مستويات الدين بوتيرة غير مسبوقة. تسببت السياسات التحفيزية، بما فيها حزم الإنقاذ المالي وتخفيضات الضرائب، في زيادة الفجوة بين الإنفاق والإيرادات. ففي الفترة ما بين عامي 2019 و2021، ارتفع الإنفاق الفيدرالي بنسبة 50% نتيجة جائحة كوفيد-19، وهو ما دفع الدين إلى مستويات مرتفعة خلال وقت قصير. الكونغرس يرفع سقف الدين وسط انقسام سياسي في 22 مايو 2025، أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لرفع سقف الدين بمقدار 4 تريليونات دولار، بأغلبية 215 صوتًا مقابل 214. ويُقدّر مكتب الميزانية بالكونغرس أن القانون سيرفع العجز بمقدار 3.3 تريليون دولار خلال العقد المقبل، مما يضيف أعباء جديدة على الاقتصاد الفيدرالي. تكلفة خدمة الدين: الفائدة تلتهم الميزانية أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف خدمة الدين، حيث يُتوقع أن تضيف هذه التكاليف نحو 2.5 تريليون دولار على مدى العقد القادم. وتعد هذه التكاليف من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في إدارة الدين العام، خاصة أن أغلب الاستدانة الأمريكية مرتبطة بسندات طويلة الأجل. برامج الضمان الاجتماعي والتقاعد تحت الضغط تشير التقارير إلى أن برامج الرعاية الصحية والتقاعد ستشكل ضغطًا طويل الأجل على الميزانية الفيدرالية. ويُتوقع أن تصل الفجوة بين النفقات والإيرادات إلى نحو 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية السنة المالية 2025، ما يعني أن هذه البرامج قد تصبح غير قابلة للاستدامة دون إصلاحات هيكلية. خيارات محدودة أمام وزارة الخزانة بعد تعليق العمل بسقف الدين في يناير 2025، بدأت وزارة الخزانة باستخدام 'إجراءات استثنائية' للحفاظ على قدرتها في الوفاء بالالتزامات المالية. وقدّرت تقارير الميزانية أن هذه القدرة ستستمر حتى منتصف سبتمبر 2025، قبل أن تبدأ الموارد النقدية في النفاد، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من الكونغرس. يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار هذا الاتجاه دون ضبط للنفقات أو إصلاح ضريبي شامل قد يؤدي إلى أزمة ديون تهدد الاستقرار الاقتصادي للولايات المتحدة. ووفقًا لمكتب الميزانية، فإن العجز المزمن والمستويات التاريخية من الدين قد يضعفان قدرة البلاد على الاستجابة للأزمات المستقبلية، سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية.