
البروفيسور كيزر: معاهدة لوزان ومفاعيلها مهّدت لظهور حزب العمال الكردستاني
وُقّعت معاهدة لوزان في 24 تموز 1923 في قصر رومين بمدينة لوزان، بين تركيا من جهة، وبريطانيا وفرنسا وحلفائهما من جهة أخرى، وبموجب هذه المعاهدة، تم تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء، مما أدّى إلى مأساة كبرى تمثّلت في الإبادة الثقافية والجسدية التي طالت الشعب الكردي وكردستان، وعلى الرغم من مرور 102 عام على توقيعها، لا تزال هذه المعاهدة تُكرّس اغتصاب الحقوق الأساسية للشعب الكردي.
وفي هذا الصدد، قدّم أستاذ جامعة زيورخ والمؤرخ البارز البروفيسور الدكتور هانس‑لوكاس كيزر، تقييمات هامة حول معاهدة لوزان وتبعاتها.
'الاتحاديون (الاتحاد والترقي) حاربوا ضد الكرد وشعوب أخرى'
أكد البروفيسور الدكتور هانس‑لوكاس كيزر أن معاهدة لوزان قد اعتُبرت من قِبل الكماليين في تلك الحقبة كانتصار دبلوماسي كبير، وأردف قائلاً: 'عندما ننظر إلى الحرب التي شُنت ضد الحركة الاتحادية القديمة، نرى أن قوات حزب الاتحاد والترقي أعادت تنظيم نفسها من جديد، وفي عشرينيات القرن العشرين أسست سلطتها في أنقرة، ومن أجل الوصول إلى هذه المرحلة، كان عليهم شن عدة حروب نجحوا فيها، وقد كانت هذه الحروب موجهة ضد شعوب محلية لا تنتمي إلى الأتراك، مثل الأرمن واليونانيين، وكذلك في منطقة كوجكيري – ولا ينبغي أن ننسى كوجكيري – ضد الكرد العلويين والمسلمين الذين خرجوا ضد هذه الحركة الاتحادية القديمة التي أعادت تنظيم نفسها من جديد، وباختصار، مهدت انتصارات هذه الحروب الطريق لتغيير تطورات لوزان، وبهذه الطريقة تم احتواء الكرد واقصائهم'.
'كان العنصريون يعتقدون أنهم يستطيعون صهر الكرد في بوتقتهم'
وذكر البروفيسور كيزر أن الاتحاديين (جمعية الاتحاد والترقي) حاولوا خلال الحرب العالمية الأولى أن يصهروا الكرد في بوتقتهم ويحولوهم إلى أتراك، وتابع قائلاً: 'كانت تلك الذهنية القائمة على النزعة الطورانية، والعنصريون الأتراك في ذلك الوقت، يتمتعون بقوة كبيرة، وكانوا يعتقدون أنهم قادرون على صهر الكرد، وقد كان ذلك قراراً استراتيجياً تم تبنّيه ضمن صفوف العنصريين الأتراك منذ العقد الأول من القرن العشرين، وفي حين لم يكن تنفيذ هذا المشروع ممكناً في ظل معاهدة سيفر، نظراً لحالة الضعف والوهن التي أصابت الاتحاديين القدامى (جمعية الاتحاد والترقي) آنذاك، فإنهم، بعد انتصارهم وتحالفهم مع البلاشفة، استطاعوا تنفيذ مشروعهم، وكان الهدف من هذا المشروع حرمان الكرد من أي وضع قانوني كأقلية أو من أية هوية وطنية خاصة بهم'.
'الكماليون لم يلتزموا بما تعهّدوا به في لوزان'
وتابع البروفيسور هانس‑لوكاس كيزر قائلاً: 'بموجب معاهدة لوزان، تم إنكار الهوية والثقافة واللغة الكردية، وعليه يجب قراءة معاهدة لوزان بعناية شديدة؛ فالمادة 39 تنص بوضوح على ضرورة الاعتراف بجميع اللغات المتداولة في آسيا الصغرى، وبدون أدنى شك كانت اللغة الكردية أيضاً مشمولة ضمن هذه اللغات، وبصيغة أخرى، لا تنحصر المادة في اللغات غير الإسلامية فحسب، بل تشمل في الوقت نفسه أيضاً لغات جميع الشعوب، وهذه المادة واضحة وجلية للغاية.'
'حزب العمال الكردستاني حمل السلاح احتجاجاً على انتهاك حقوق الكرد'
يجب التأكيد هنا بوضوح على أن الكماليين لم يلتزموا بالوعود التي وقّعوا عليها في معاهدة لوزان، بل إن الواقع الذي كرّسته لوزان -أو بالأحرى، الكيفية التي فسّرتها الدولة التركية وطبّقتها بها- كان في النهاية السبب الجوهري وراء لجوء حركة مثل حزب العمال الكردستاني إلى حمل السلاح، وبهذا المعنى، فإن اللجوء إلى حمل السلاح يُعبّر عن حقيقة مفادها: أن الكرد أيضاً أصحاب حقوق، وهذه الحقوق تستند إلى فهم عالمي للقانون كما هو منصوص عليه في الوثائق الأساسية للأمم المتحدة.
ولذلك، من وجهة نظر الحقوق الأساسية، فإن للكرد أيضاً حق، لكن لوزان حرمتهم من حقوقهم الأساسية، ولا تزال لوزان وراء إراقة الدماء التي شهدناها في نهاية القرن العشرين، في حين فسّرت أنقرة معاهدة لوزان وطبقتها على هذا النحو، وقد كان من الممكن اتباع مسار مختلف من خلال معاهدة لوزان'.
وذكر البروفيسور كيزر بشأن تفسير معاهدة لوزان، ما يلي: 'إن التفسير المتناقض لمعاهدة لوزان، وخاصة المادة 39، مستمر إلى حد ما اليوم كما كان في الماضي، كما أنه، مع تنامي حزب العدالة والتنمية، يمكن للمرء أن يرى بوضوح اعترافاً بالخطأ الذي تم ارتكابه في لوزان أو إدراكاً للواقع المدمر لهذا الصراع، وقد نشأ هذا الصراع من التطبيق الصارم جداً وحتى من التطبيق الخاطئ لمعاهدة لوزان.
'هناك سعي من أجل حياة مشتركة وديمقراطية'
وهذا الوضع، إذا جاز التعبير، يخلق نوعاً من الانفصام، فمن ناحية، لا تزال تركيا اليوم ماضية في الاعتراف بالتفسير الكمالي لمفهوم معاهدة لوزان، ومن ناحية أخرى، هناك أيضاً سعي آخر يهدف إلى تعايش أكثر إنتاجية وحتى ديمقراطية، ولكن هناك تردد هنا أيضاً، وهذا التردد مرتبط بالطبع بتقديس معاهدة لوزان.
ولذلك، فإن التخلي عن التفسير الكمالي لمعاهدة لوزان – أو إن شئت التفسير الاستبدادي والمعادي للكرد لمعاهدة لوزان- وتجاوزه هو أمر صعب، وعندما يأخذ المرء قرن من الزمان بعين الاعتبار، فإنه يرى أن تجاوز هذا الماضي والبحث عن مسارات ديمقراطية هو عمل شاق وجاد.
وقد يكون من الدقيق في تلك المرحلة أن يُسمي المرء هذا النضال بأنه نضال ضد معاهدة لوزان، لكنني أرى أن الأدق هو توصيفه كنضال ضد البنية الاستبدادية، والمقيدة، وحتّى ضد التفسير الخاطئ لمعاهدة لوزان نفسها، وهذا هو جوهر الخطأ، إذ إن احترام المادة 39 من المعاهدة لم يُؤخذ على محمل الجد.'
واختتم البروفيسور كيزر حديثه بالقول: 'أنا أتحدث هنا عن النقد الديمقراطي، وجميع أشكال النقد الديمقراطي التي تفتح الطريق أمام ديمقراطية أوسع، لا شك أنها بنّاءة، وبعبارة أخرى، فإن كسر الحظر المفروض على نقد معاهدة لوزان لا يمكن أن يتحقّق إلا عبر الديمقراطية والإقناع'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 4 ساعات
- ساحة التحرير
واشنطن تقود الإرهاب في الشرق!محمد بن سالم التوبي
واشنطن تقود الإرهاب في الشرق! محمد بن سالم التوبي الرئيس الأمريكي أو الرئيس رقم واحد في العالم وهي الحقيقة التي لا مناص من الاعتراف، بها لأنه الواقع المُرّ الذي يعيشه العالم وتعيشه البشرية سواءً، كان ترامب أو سابقوه ممّن جعلوا سيوفهم في رقاب الملايين من البشر الذين سفكت دمائهم منذ الحرب العالمية الأولى إلى يومنا هذا. وما زالت الآلة الأمريكية تفتك بالبشرية شرقًا وغربًا، ولنا في اليابان عبرةً وعظه؛ فقد قُتِل من جرّاء القنابل الذريّة ما يزيد عن (٣٠٠) ألف شخص إمّا بالموت المُباشر أو من خلال الأمراض الفتّاكة التي سبّبتها الإشعاعات إن المُتتبّع للحروب الأمريكية منذ حرب الاستقلال إلى يومنا هذا يجد أنّها حروب عبثية مُقيته لم يكن الإنسان فيها ذا قيمة؛ سواء كان الإنسان جُندي أمريكي أم شعوب يُمَارَسْ ضِدَّها الاستعمار أو القتل من أجل القتل والتصفية. لقد خاضت الولايات المتحدة الأمريكية حروبها في الشرق والغرب من غير أسباب مُقنعة، وحتى حربهم على السُّكّان الأصليين من الهنود الحُمر الذين ما زالوا يعانون من التمييز في القرن الواحد والعشرين هي حرب تطهير عرقي . لقد قتل الجيش الأمريكي من جنوده ما يزيد عن المليون جندي في حروب عبثية لا يمكن وصفها بالحروب التي تنادي بها أمريكا من أجل حُرّية الشعوب، أو من أجل الديموقراطية أو مكافحة الإرهاب؛ بل جُلّها حروب تتمحور حول الإمبريالية والسلطة والتوسع والنفوذ؛ فالعقيدة الأمريكية من أجل النفوذ يجب أن تشعل حروبا هنا وهناك حتى يتأتّى لها أن تمسك بقيادة العالم ليأتوا إليها صاغرين تتسابق إليهم الرقاب حتى إذا ما وجدت الفرصة للتخلص منها أقاموا عليها الحدّ وأتوا بقيادة جديدة تكون خاضعة منقادة مسلوبة الحرية والكرامة . لقد عانى العالم من الحروب الأمريكية سواء في أمريكا اللاتينية أم في الشرق القريب أو البعيد كما هي الحرب في كوريا (١٩٥٠–١٩٥٧) التي أودت بحياة ما يزيد عن ٣٦ ألفًا من الجنود الأمريكان، وما يزيد عن مليوني إنسان من الكوريتين ومن الصينيين الذين دخلوا الحرب عندما وجدوا الأمريكان على حدودهم وهذه الحرب جرّت لاحقًا إلى الحرب في فيتنام (١٩٥٠-١٩٧٥) التي راح ضحيتها ما يقارب ٦٠ ألفًا من الجنود الأمريكان وأكثر من مليونين من الأبرياء الفيتناميين إلى أن تحررت وخسرت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب وعادت منكسة الرأس، وما هو الداعي لهذه الحرب التي شنّتها واشنطن من أجل دحر الشيوعية وكانت النتيجة أن توحّد المعسكر الشمالي والجنوبي تحت حكم شيوعي . الحرب في العراق كلّفت العراق أمنه واستقراره وتفكيكه؛ فبعد أن كان بلدًا ينعم بالاستقرار والوحدة تحوّل إلى وطن تحكمه الطائفية والقبلية والمذهبية التي مزّقته شر ممزق وكلّفت اقتصاده رقمًا فلكيًا لا يمكن أن يحصره مركز بحثي ولا حجم الدمار الذي تعاني منه العراق في الوقت الحالي أو مستقبلاً. لقد شردت الحرب ملايين من أبناء العراق وقتلت الجيوش ما يزيد عن مائتي ألف مدني وتسببت الحرب في فشل منظومة الخدمات وزيادة مستوى الفساد وانهيار البنى التحتية لكل العراق. كما أن ما زاد وعمّق المشاكل الاقتصادية هو ظهور ميليشيات مسلّحة وتفشّي الطائفية وانقسام المجتمع إلى سنّي وشيعي. حصيلة الحرب في أفغانستان ونتائجها على مدى عشرون عامًا كانت وخيمة على الشعب الأفغاني؛ حيث قتل ما يزيد عن ٤٧ ألف مدني و٦٦ ألف قتيل من الجيش الأفغاني وما يقارب من ٦٥ ألف من حركة طالبان، والملايين من البشر الذين نزحوا داخل أفغانستان وخارجها، وفي نهاية المطاف حكم طالبان افغانستان وخرج الأمريكان من الحرب بخسائر تقدر بما يزيد من ٢ ترليون دولار ضاعفت من حجم الديون في الخزانة الأمريكية التي تعاني من أثر هذه الديون، وقد صُنّفت تلك الحرب كأطول الحروب على البشرية وقد استنزفت الكثير من الموارد المالية؛ مما أدّى إلى فقدان الثقة في قيادة الولايات المتحدة الأمريكية للتحالفات في الحروب إن التدخلات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا وسوريا والسودان واليمن ومؤخرًا ضرباتها الأخيرة لإيران على إثر رد إيران المستحق على ما قامت به إسرائيل من هجوم مباغت عليها، وكذلك قيام واشنطن بوقوفها مع إسرائيل في حرب الإبادة في غزة ومدّها بالسّلاح والجنود والتكنولوجيا المتقدمة؛ كل ذلك يثبت جليًا إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على جعل الشرق الأوسط منطقة غير مستقرة من أجل هيمنتها وحماية إسرائيل الدولة اللقيطة التي صنعها الغرب على حساب الفلسطينيين. 2025-08-01


شفق نيوز
منذ 16 ساعات
- شفق نيوز
بريطانيا تستذكر فترة انتدابها على فلسطين التاريخية، وتضع الفلسطينيين بين "وعدين"
لا تزال ظلال "وعد بلفور" تخيم على الفلسطينيين وكذلك الحكومة البريطانية، عند إطلاق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وعداً مشروطاً، لكنه هذه المرة للفلسطينيين، بعد 77 عاماً على رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين. في 29 من يوليو تموز، أعلن ستارمر أن بلاده، التي انتدبت على المنطقة من بينها الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ستعترف رسمياً بـ"دولة فلسطين" في سبتمبر/أيلول، إلا إذا اتّخذت إسرائيل "خطوات حيوية" في غزة، بينها الموافقة على وقف إطلاق النار. نسرد لكم، في هذا المقال، تسلسلاً تاريخياً بين فلسطين والمملكة المتحدة وفق ما جاء في الوثائق البريطانية. "ظلم تاريخي" ووعد لم يُحترم "تاريخنا يعني بأن بريطانيا يقع على عاتقها عبء خاص من المسؤولية لدعم حل الدولتين"، تصريح لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وكأنه يلمح إلى فترة الانتداب. وتحدّث لامي خلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التسوية السلمية لمسألة الدولة الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين، عن "ظلم تاريخي يتكشف أمامنا باستمرار لأن وعد بلفور أتى بوعد صريح بأنه (لن يؤتي بعمل من شأنه أن يضر بالحقوق المدنية والدينية) للشعب الفلسطيني كذلك لم يُحترم". ترى جولي نورمان، الأستاذة المساعدة في العلاقات الدولية في جامعة كولدج لندن، في حديث مع بي بي سي، أن قرار ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطينية يستند بالأساس إلى الوضع الراهن، والدمار في قطاع غزة، وتصاعد العنف في الضفة الغربية، وخطط التهجير والضم في المنطقتين. "لطالما التزمت المملكة المتحدة بحل الدولتين، وهي ترغب في إنقاذ هذا المسار قبل أن يصبح مستحيلاً"، تضيف نورمان المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط، لكنها تحدثت عن تاريخ طويل من انخراط بريطانيا في فلسطين التاريخية، يعود إلى أكثر من 100 عام. ماذا يعني الانتداب؟ يعبّر الانتداب عن تفويض صادر عن عصبة الأمم، لإحدى دول العصبة لحكم دول كانت تحت الحكم الألماني أو العثماني، بشكل مؤقت، وفق الموسوعة البريطانية، وذلك بهدف تطويرها في مختلف الأوجه تمهيدأ لحصولها على استقلالها الذاتي. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، قُسِّمت الانتدابات إلى ثلاث مجموعات بناءً على موقعها ومستوى تطورها السياسي والاقتصادي، ثم خُصِّصت لكل دولة من الدول المنتصرة (القوى المُنتَدِبة). وتألفت الفئة (أ) من مناطق الانتداب من دول كانت تحت حكم الدولة العثمانية، وهي العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وفقاً للموسوعة البريطانية "بريتانيكا". واعتُبرت هذه الأراضي متقدمة بما يكفي للاعتراف باستقلالها المؤقت، وظلت خاضعة للسيطرة الإدارية للدول المنتدبة حتى أصبحت قادرة على الاستقلال التام، وفق الموسوعة. وحصلت جميع مناطق الانتداب من الفئة (أ) على استقلالها بحلول عام 1949، عدا "الدولة الفلسطينية". ما موقع فلسطين من خريطة سايكس-بيكو؟ BBC في 1916، عُقدت اتفاقية سايكس-بيكو "السرية" أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا، بهدف تقاسم أراض كانت تحت حكم الدولة العثمانية. واتفق ممثلا الحكومة الفرنسية فرنسوا جورج-بيكو والبريطانية مارك سايكس على وضع فلسطين تحت إدارة دولية من عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا، وفق الموسوعة البريطانية. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اجتمع رئيسا الحكومتين الفرنسية جورج كليمنصو والبريطانية ديفيد لويد جورج لتعديل اتفاق سايكس بيكو، وتخلت فرنسا عندئذ عن "فلسطين" ومنطقة الموصل، وفق فرانس برس. BBC 67 كلمة وفقاً لموسوعة "بريتانيكا"، كانت فلسطين تحت الحكم العثماني حتى عام 1917، حينما دخلها الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إدموند ألنبي. وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917، وجّه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى الممثل الأعلى للطائفة اليهودية البريطانية اللورد والتر روتشيلد رسالة مطبوعة صادقت عليها الحكومة البريطانية، وطلب منه فيها أن يبلغ مضمونها إلى الاتحاد الصهيوني، بحسب الموسوعة البريطانية. ومما قالته الرسالة: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية". وتعهّدت الرسالة بعدم "الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر". لم تكن الكلمات الـ67 تعبر عن رسالة عابرة، بل كانت حدثاً غير مسار الفلسطينيين واليهود والشرق الأوسط. BBC شكّل هذا النص القصير "نصراً كبيراً" لزعيم الصهاينة في المملكة المتحدة حاييم وايزمان الذي أصبح في ما بعد أول رئيس لدولة إسرائيل، وبذل جهوداً كبيرة في اتجاه تحقيق هذا الوعد. يختلف الفلسطينيون والإسرائيليون في نظرتهم للوعد. فإسرائيل تُشيد به كأحد العوامل التي ساعدت على قيامها عام 1948، وشجع اليهود على الهجرة إليها. لكن بالنسبة للفلسطينيين، ساهم هذا الوعد في مأساة سلب أرضهم، ما أدى إلى ما يُعرف بـ"النكبة الفلسطينية" عام 1948، وتهجير نحو 760 ألف فلسطيني من أرضهم. وأعرب الفلسطينيون عن معارضتهم للوعد البريطاني في مؤتمر عقد في القدس عام 1919. في 2021، قالت محكمة فلسطينية إن "وعد بلفور" أدى إلى "حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القانونية والسياسية والإنسانية ومنعه من حقه في تقرير مصيره على أرضه". ترى جولي نورمان في حديث مع بي بي سي، أن وعد بلفور اتسم بالإشكالية في الاعتراف بالحقوق المدنية والدينية للشعب الفلسطيني، بدون حقوقه الوطنية أو السياسية (مع وعده بـ"وطن" للشعب اليهودي). وترى نورمان أن لامي محق في أن بريطانيا أخفقت في الوفاء بوعدها، وفقاً لتصريح بلفور، في حماية حقوق الفلسطينيين. أقر مؤتمر سان ريمو في إيطاليا في 1920، الانتداب الذي يفترض أن يعد للاستقلال وعهد به لبريطانيا (فلسطين التاريخية والضفة الشرقية لنهر الأردن والعراق) وفرنسا (سوريا ولبنان). وفي 1922، وبعد سحق الثورات في فلسطين وسوريا والعراق، صادقت عصبة الأمم على وضع هذه المناطق تحت الانتدابين الفرنسي والبريطاني. وشكّلت رسالة بلفور الأساس للانتداب البريطاني على فلسطين، الذي وافقت عليه عصبة الأمم في 1922. وأقرت العصبة "صك الانتداب" الذي تسلمت بموجبه بريطانيا مهمتها في فلسطين لتتولى "مسؤولية أن ترسي في هذا البلد وضعاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً من شأنه أن يضمن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي"، وفق فرانس برس. الثورة الفلسطينية الكبرى في 1921، حدثت اضطرابات في مدينة يافا بين العرب واليهود، واصطدم العرب بالقوات البريطانية وانتقلت الأحداث إلى سائر المدن الفلسطينية، ودامت هذه الاضطرابات حوالي أسبوعين قُتل خلالها من العرب 48 شخصاً، وبلغ عدد قتلى اليهود 47، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا). وبادرت الحكومة البريطانية إلى تأليف لجنة للتحقيق في أسباب الاضطرابات. وفي 1925، زار بلفور القدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية، مما أدى لإضراب ومظاهرات فلسطينية. وعُقد في القدس أول مؤتمر نسائي فلسطيني لرفض الانتداب في 1929. وفي 1935، قُتل عز الدين القسام الذي كان يُقاتل بجماعته المسلحة ضد الانتداب البريطاني بالقرب من مدينة جنين، وفق وكالة (وفا). واجه الانتداب البريطاني "الثورة الفلسطينية الكبرى" ما بين 1936 و1939، بعد عوامل عدة أثارت الفلسطينيين بينها تزايد الهجرة اليهودية ومقتل القسام، وتخلل الثورة إضراب فلسطيني استمر 183 يوماً، وفق وكالة (وفا). يقول مؤرخون إن أكثر من 5 آلاف فلسطيني قُتلوا، بينما أصيب نحو 15 ألفاً خلال الثورة، أما القتلى من البريطانيين واليهود كانوا بالمئات. الكتاب الأبيض اضطرت بريطانيا إثر الثورة إلى إعادة تقييم سياستها في فلسطين التاريخية، فنظمت مؤتمراً في لندن وأصدرت عام 1939 وثيقة "الكتاب الأبيض" الذي قيد بيع الأراضي لليهود في فلسطين التاريخية، كما قيد هجرتهم خلال خمس سنوات تبدأ من أول أبريل/نيسان 1939. وتعهّدت بريطانيا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في غضون السنوات العشر التالية - إذا أمكن ذلك - على أنْ يتقاسم فيها الفلسطينيون واليهود مهام السلطات الحكومية. وألمحت الوثيقة إلى خطط إنهاء الانتداب البريطاني. في يوليو/تموز 1946 شنت عناصر من حركة أرغون الصهيونية السرية سلسلة من الهجمات والتفجيرات التي استهدفت القوات البريطانية ومن بينها الهجوم على فندق الملك داوود في القدس الذي كانت تتواجد فيه قيادة سلطة الانتداب المدنية والعسكرية البريطانية فسقط عدد كبير من الجنود والموظفين البريطانيين. الهجرة اليهودية شهدت فلسطين منذ القرن التاسع عشر عدداً من موجات الهجرة اليهودية المحدودة، لكنها تسارعت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع تأسيس الحركة الصهيونية التي كان محور نشاطها إقامة دولة لليهود في فلسطين التاريخية. وسرعت المشاعر المعادية لليهود في أوروبا والعمليات ضدهم في روسيا، هجرة العديد منهم إلى فلسطين التاريخية. وبلغ عدد اليهود في فلسطين 47 ألفاً في 1895 مقابل 24 ألفا في 1882، وفق فرانس برس. أما الموجة الثانية من الهجرات فكانت بين عامي 1904 و1914، وتراوح مجموع الواصلين بين 35 ألف و40 ألف يهودي روسي. ومع صعود النازية في ألمانيا وبعد المذابح التي تعرض لها اليهود فيها أثناء الحرب العالمية الثانية، اتخذت هجرة اليهود إلى فلسطين حجماً كبيراً. وشجع وعد بلفور اليهود على الهجرة إلى فلسطين، وكان عدد قليل من اليهود يعيشون فيها قبل 1917 مع الفلسطينيين. وفي 1917، كانت نسبة اليهود لا تزيد عن 7 في المئة من المجتمع المحلي في فلسطين التاريخية. وعند صدور قرار خطة تقسيم فلسطين عام 1947، كان يعيش فيها 1.3 مليون فلسطيني و600 ألف يهودي، وبذلك حصل اليهود على 54 في المئة من الأراضي وفق القرار، في حين كانوا يمثلون 30 في المئة فقط من السكان، بحسب فرانس برس. وتجاوز عدد اليهود في فلسطين عام 1948، حاجز 700 ألف، وفق وكالة وفا. ويمنح "قانون العودة" الجنسية الإسرائيلية إلى اليهود الذين يأتون للإقامة في إسرائيل. التقسيم ثم "النكبة" اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في في 1947 القرار 181 الذي أصبح يعرف بـ"قرار التقسيم" الذي نصّ على: "تُنشأ في فلسطين دولة يهودية ودولة عربية، مع اعتبار القدس كياناً متميزاً يخضع لنظام دولي خاص". أيد القرار 33 دولة بينها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وفرنسا، وعارضته 13 دولة بينها الدول العربية، وامتنعت 10 دول عن التصويت بينها بريطانيا. قبل زعماء اليهود الخطة التي أعطتهم 56 في المئة من الأرض، ورفضتها جامعة الدول العربية. ثم أُعلن إنشاء دولة إسرائيل في 14 مايو/أيار 1948. وبعد يوم واحد، بدأت حرب بين دول عربية وإسرائيل، وانتهت الحرب بسيطرة إسرائيل على 77 في المئة من الأراضي. BBC قتل تعسفي وتعذيب ودروع بشرية في 2022، طالبت عريضة، تضم ملف "أدلة" من 300 صفحة، بإقرار رسمي واعتذار عن "الانتهاكات" خلال فترة الحكم البريطاني لفلسطين التاريخية. وكان المحامي البريطاني بن إيمرسون كاي سي، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب قال لبي بي سي، إن الفريق القانوني اكتشف أدلة على "جرائم مروعة ارتكبتها عناصر من قوات الانتداب البريطاني بشكل منهجي ضد السكان الفلسطينيين". وأضاف المحامي لبي بي سي "إن بعض (الجرائم) على درجة كبيرة من الخطورة، حتى أنها كانت تعد في ذلك الحين انتهاكات للقانون الدولي العرفي". وتتضمن مراجعة لبي بي سي لأدلة تاريخية "تفاصيل القتل التعسفي والتعذيب واستخدام الدروع البشرية واللجوء إلى هدم المنازل كعقاب جماعي. وأغلب هذه الممارسات جاءت في إطار مبادئ توجيهية للسياسة الرسمية للقوات البريطانية في ذلك الوقت أو بموافقة كبار الضباط". كان ما ارتكبته بريطانيا في فلسطين "عنيف" و"استثنائي"، وفقاً للمؤرخ العسكري البروفيسور ماثيو هيوز، الذي قال إن تكتيكاتها لم تصل بشكل روتيني إلى مستويات الوحشية التي شهدتها بعض المستعمرات الأخرى. يحتفظ أرشيف متحف الحروب الإمبراطورية في لندن بذكريات العديد من الجنود وضباط الشرطة البريطانيين في فلسطين التاريخية. وتفصّل بعض سجلات التاريخ الشفوي روايات عن الغارات "العقابية" واستخدام الدروع البشرية والتعذيب. وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان إنها كانت على علم بادعاءات تاريخية ضد أفراد القوات المسلحة خلال تلك الفترة، وإن أي دليل يُقدم سيخضع لـ"مراجعة شاملة".


حزب الإتحاد الديمقراطي
منذ 20 ساعات
- حزب الإتحاد الديمقراطي
البروفيسور كيزر: معاهدة لوزان ومفاعيلها مهّدت لظهور حزب العمال الكردستاني
صرّح البروفيسور هانس-لوكاس كيزر بأن مناقشة معاهدة لوزان لن تطيح بالدولة، كما يُشاع، بل على العكس من ذلك، فإنها قد تمهّد الطريق نحو دمقرطتها، وأضاف: 'لم تُطبّق المادة 39 من معاهدة لوزان، لذا حمل حزب العمال الكردستاني السلاح ردّاً على هذا السلب للحقوق'. وُقّعت معاهدة لوزان في 24 تموز 1923 في قصر رومين بمدينة لوزان، بين تركيا من جهة، وبريطانيا وفرنسا وحلفائهما من جهة أخرى، وبموجب هذه المعاهدة، تم تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء، مما أدّى إلى مأساة كبرى تمثّلت في الإبادة الثقافية والجسدية التي طالت الشعب الكردي وكردستان، وعلى الرغم من مرور 102 عام على توقيعها، لا تزال هذه المعاهدة تُكرّس اغتصاب الحقوق الأساسية للشعب الكردي. وفي هذا الصدد، قدّم أستاذ جامعة زيورخ والمؤرخ البارز البروفيسور الدكتور هانس‑لوكاس كيزر، تقييمات هامة حول معاهدة لوزان وتبعاتها. 'الاتحاديون (الاتحاد والترقي) حاربوا ضد الكرد وشعوب أخرى' أكد البروفيسور الدكتور هانس‑لوكاس كيزر أن معاهدة لوزان قد اعتُبرت من قِبل الكماليين في تلك الحقبة كانتصار دبلوماسي كبير، وأردف قائلاً: 'عندما ننظر إلى الحرب التي شُنت ضد الحركة الاتحادية القديمة، نرى أن قوات حزب الاتحاد والترقي أعادت تنظيم نفسها من جديد، وفي عشرينيات القرن العشرين أسست سلطتها في أنقرة، ومن أجل الوصول إلى هذه المرحلة، كان عليهم شن عدة حروب نجحوا فيها، وقد كانت هذه الحروب موجهة ضد شعوب محلية لا تنتمي إلى الأتراك، مثل الأرمن واليونانيين، وكذلك في منطقة كوجكيري – ولا ينبغي أن ننسى كوجكيري – ضد الكرد العلويين والمسلمين الذين خرجوا ضد هذه الحركة الاتحادية القديمة التي أعادت تنظيم نفسها من جديد، وباختصار، مهدت انتصارات هذه الحروب الطريق لتغيير تطورات لوزان، وبهذه الطريقة تم احتواء الكرد واقصائهم'. 'كان العنصريون يعتقدون أنهم يستطيعون صهر الكرد في بوتقتهم' وذكر البروفيسور كيزر أن الاتحاديين (جمعية الاتحاد والترقي) حاولوا خلال الحرب العالمية الأولى أن يصهروا الكرد في بوتقتهم ويحولوهم إلى أتراك، وتابع قائلاً: 'كانت تلك الذهنية القائمة على النزعة الطورانية، والعنصريون الأتراك في ذلك الوقت، يتمتعون بقوة كبيرة، وكانوا يعتقدون أنهم قادرون على صهر الكرد، وقد كان ذلك قراراً استراتيجياً تم تبنّيه ضمن صفوف العنصريين الأتراك منذ العقد الأول من القرن العشرين، وفي حين لم يكن تنفيذ هذا المشروع ممكناً في ظل معاهدة سيفر، نظراً لحالة الضعف والوهن التي أصابت الاتحاديين القدامى (جمعية الاتحاد والترقي) آنذاك، فإنهم، بعد انتصارهم وتحالفهم مع البلاشفة، استطاعوا تنفيذ مشروعهم، وكان الهدف من هذا المشروع حرمان الكرد من أي وضع قانوني كأقلية أو من أية هوية وطنية خاصة بهم'. 'الكماليون لم يلتزموا بما تعهّدوا به في لوزان' وتابع البروفيسور هانس‑لوكاس كيزر قائلاً: 'بموجب معاهدة لوزان، تم إنكار الهوية والثقافة واللغة الكردية، وعليه يجب قراءة معاهدة لوزان بعناية شديدة؛ فالمادة 39 تنص بوضوح على ضرورة الاعتراف بجميع اللغات المتداولة في آسيا الصغرى، وبدون أدنى شك كانت اللغة الكردية أيضاً مشمولة ضمن هذه اللغات، وبصيغة أخرى، لا تنحصر المادة في اللغات غير الإسلامية فحسب، بل تشمل في الوقت نفسه أيضاً لغات جميع الشعوب، وهذه المادة واضحة وجلية للغاية.' 'حزب العمال الكردستاني حمل السلاح احتجاجاً على انتهاك حقوق الكرد' يجب التأكيد هنا بوضوح على أن الكماليين لم يلتزموا بالوعود التي وقّعوا عليها في معاهدة لوزان، بل إن الواقع الذي كرّسته لوزان -أو بالأحرى، الكيفية التي فسّرتها الدولة التركية وطبّقتها بها- كان في النهاية السبب الجوهري وراء لجوء حركة مثل حزب العمال الكردستاني إلى حمل السلاح، وبهذا المعنى، فإن اللجوء إلى حمل السلاح يُعبّر عن حقيقة مفادها: أن الكرد أيضاً أصحاب حقوق، وهذه الحقوق تستند إلى فهم عالمي للقانون كما هو منصوص عليه في الوثائق الأساسية للأمم المتحدة. ولذلك، من وجهة نظر الحقوق الأساسية، فإن للكرد أيضاً حق، لكن لوزان حرمتهم من حقوقهم الأساسية، ولا تزال لوزان وراء إراقة الدماء التي شهدناها في نهاية القرن العشرين، في حين فسّرت أنقرة معاهدة لوزان وطبقتها على هذا النحو، وقد كان من الممكن اتباع مسار مختلف من خلال معاهدة لوزان'. وذكر البروفيسور كيزر بشأن تفسير معاهدة لوزان، ما يلي: 'إن التفسير المتناقض لمعاهدة لوزان، وخاصة المادة 39، مستمر إلى حد ما اليوم كما كان في الماضي، كما أنه، مع تنامي حزب العدالة والتنمية، يمكن للمرء أن يرى بوضوح اعترافاً بالخطأ الذي تم ارتكابه في لوزان أو إدراكاً للواقع المدمر لهذا الصراع، وقد نشأ هذا الصراع من التطبيق الصارم جداً وحتى من التطبيق الخاطئ لمعاهدة لوزان. 'هناك سعي من أجل حياة مشتركة وديمقراطية' وهذا الوضع، إذا جاز التعبير، يخلق نوعاً من الانفصام، فمن ناحية، لا تزال تركيا اليوم ماضية في الاعتراف بالتفسير الكمالي لمفهوم معاهدة لوزان، ومن ناحية أخرى، هناك أيضاً سعي آخر يهدف إلى تعايش أكثر إنتاجية وحتى ديمقراطية، ولكن هناك تردد هنا أيضاً، وهذا التردد مرتبط بالطبع بتقديس معاهدة لوزان. ولذلك، فإن التخلي عن التفسير الكمالي لمعاهدة لوزان – أو إن شئت التفسير الاستبدادي والمعادي للكرد لمعاهدة لوزان- وتجاوزه هو أمر صعب، وعندما يأخذ المرء قرن من الزمان بعين الاعتبار، فإنه يرى أن تجاوز هذا الماضي والبحث عن مسارات ديمقراطية هو عمل شاق وجاد. وقد يكون من الدقيق في تلك المرحلة أن يُسمي المرء هذا النضال بأنه نضال ضد معاهدة لوزان، لكنني أرى أن الأدق هو توصيفه كنضال ضد البنية الاستبدادية، والمقيدة، وحتّى ضد التفسير الخاطئ لمعاهدة لوزان نفسها، وهذا هو جوهر الخطأ، إذ إن احترام المادة 39 من المعاهدة لم يُؤخذ على محمل الجد.' واختتم البروفيسور كيزر حديثه بالقول: 'أنا أتحدث هنا عن النقد الديمقراطي، وجميع أشكال النقد الديمقراطي التي تفتح الطريق أمام ديمقراطية أوسع، لا شك أنها بنّاءة، وبعبارة أخرى، فإن كسر الحظر المفروض على نقد معاهدة لوزان لا يمكن أن يتحقّق إلا عبر الديمقراطية والإقناع'.