
دكاترة تونس.. مسيرة علمية طويلة تنتهي على قارعة الطريق
والاعتصام المفتوح الذي يخوضه هؤلاء الدكاترة ليس حدثا معزولا، بل حلقة جديدة في سلسلة احتجاجات مستمرة في تونس تنبع من مطالب العديد من الفئات في المجتمع للحصول على حقهم في العمل، في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وارتفاع الأسعار، ووضع سياسي واقتصادي واجتماعي مشحون.
وعاد ملف الدكاترة الباحثين إلى واجهة الجدل بعد فترة هدوء نسبية فرضها تعهد رسمي من الرئيس قيس سعيد منذ فبراير/شباط الماضي بتسوية هذا الملف، لكنه ظل يراوح مكانه دون إجراءات ملموسة تُترجم تلك الوعود إلى واقع فعلي وتنهي معاناة حاملي شهادة الدكتوراه.
عقود هشة
لا توجد حاليا إحصاءات رسمية عن عدد الدكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل في تونس، إذ لم تنشر وزارة التعليم العالي أية أرقام رغم إنشاء منصة إلكترونية لحصر أعدادهم والمناصب الشاغرة في الجامعات ومراكز البحث. ويتهمها الدكاترة بالتكتم عن أعدادهم التي تُقدّر بالآلاف.
يواجه ماهر السايحي أحد الدكاترة المعتصمين القادمين من محافظة القصرين (جنوبي غربي البلاد) وضعا صعبا بسبب البطالة والعقود الهشة. فبعد سنوات من العمل مدرسا متعاقدا مع الوزارة، أحيل على البطالة بعد 3 سنوات فقط، لأن الوزارة تحدد سقف التعاقد بثلاث سنوات.
يقول ماهر للجزيرة نت إن وزارة التعليم العالي وضعت هذا السقف عن قصد لتجنب توظيف حاملي شهادة الدكتوراه، لأن قانون الشغل كان سيمكنهم من الانتداب إذا استمر التعاقد معهم 4 أعوام.
ويشير إلى أن العقود المفتوحة للدكاترة مؤقتة وهشة، ولا توفر أي استقرار وظيفي، وأن بعضهم يضطر للعمل بساعات تدريس عرضية مقابل أجر سنوي لا يتجاوز 500 دولار، مما يجعل وضعيتهم الاجتماعية صعبة جدا ويبعدهم عن ممارسة مهامهم العلمية وفق كفاءتهم ومستواهم الأكاديمي.
ويضيف أن بعض زملائه درسوا تخصصات مثل علوم التربية والتعليم لمدة 3 سنوات، وعند تخرجهم يتم دمجهم مباشرة في الحياة المهنية، في حين يُحال الدكاترة الذين كرسوا 3 سنوات في التدريس بمقتضى عقود محددة الزمن، على البطالة. وهذه الوضعية تضعهم في موقف مربك ومحبط.
صمت رسمي
وتواجه مطالب الدكاترة الباحثين -وفق السايحي- بصمت وزارة التعليم العالي. فرغم جهودهم لإنشاء منصة لحصر أعدادهم وتحديد الوظائف الشاغرة في الجامعات ومراكز البحث، فإن الوزارة لم تُعلن أي أرقام رسمية، وتتجنب الإفصاح عن حقيقة أن عدد الشواغر يفوق بكثير عدد الدكاترة.
ولئن كان الرئيس سعيد تعهد بحلحلة ملفهم وتوظيف 5000 منهم في دفعة أولى، على أن تُستكمل بقية الدفعات لاحقا، فإن السايحي يؤكد أن هذه التعهدات لم تُترجم إلى واقع عملي ولم يطرأ أي تقدم ملموس، مما دفع الدكاترة إلى العودة للاحتجاج والاعتصام المفتوح أمام مقر الوزارة.
بدوره، يشارك بوجمعة حاجي -دكتور في اللغة العربية اختصاص الحضارة من محافظة سوسة- في الاعتصام منذ بداية الأسبوع الجاري، وهو يعكس صورة معاناة دكاترة جدد تخرجوا قبل نحو 3 سنوات، وهو يدرّس منذ فترة بصفة تعاقدية مع جامعة المنستير، لكنه سيحال على البطالة بعد انقضاء 3 أعوام.
ويقول للجزيرة نت إن مطالبهم تتجاوز مجرد الاعتراف بوضعهم، وتشمل تسوية أوضاعهم وانتدابهم بشكل استثنائي في الوظيفة العمومية وفق تعهدات الرئيس حتى لا تبقى حبرا على ورق، مؤكدا أن البطالة التي يعانونها ليست من صنعهم، بل نتيجة قرارات خاطئة للوزارة والدولة تتجاوز مسؤوليتهم.
وذكّر دكاترة بأن رئاسة الجمهورية نشرت تدوينة على صفحتها يوم 14 فبراير/شباط الماضي بعد اجتماع سعيد مع وزيري التعليم العالي والتربية، تنص على حل ملف الدكاترة وانتداب 5000 منهم كدفعة أولى في التدريس، مع استكمال بقية الدفعة في مرحلة ثانية، "لكن الوعود لم تتحقق على أرض الواقع".
بدورها، تروي بثينة الخليفي الحاصلة على الدكتوراه في الفيزياء منذ 7 سنوات معاناتها، إذ تعمل في اختصاص بعيد عن اختصاصها العلمي. وتقول "أعمل منذ سنوات أستاذة تعليم ابتدائي، رغم أنني حاصلة على شهادة دكتوراه في الفيزياء، ولم أتمكن من العمل في اختصاصي طوال هذه الفترة".
التفاف وتسويف
وتشارك بثينة في الاعتصام للاحتجاج على ما تصفه بعدم الاهتمام بوضعية حاملي الشهادات العليا من قبل وزارة التعليم العالي. وتضيف "نحن هنا للمطالبة بحقنا في التوظيف بما يتناسب مع مستوى شهاداتنا العلمية. هذا التحرك ليس جديدا، فقد انطلقت أولى الاحتجاجات منذ الحكومات المتعاقبة السابقة، لكن الملف ظل محاطا بالالتفاف والتسويف، ولم يحقق أي تقدم".
وتنتقد هذه الشابة طريقة وزارة التعليم العالي في توظيف الدكاترة، مشيرة إلى أن فرص الحصول على وظيفة دائمة تتم عبر اختبارات رسمية (مناظرات) نادرة جدا و"غير شفافة"، وتحدث مرة كل بضع سنوات، ويُوظف عبرها عدد قليل جدا.
إعلان
وفي جلسة برلمانية عقدت مؤخرا لتوجيه أسئلة لوزير التعليم العالي منذر بلعيد، انتقد عدد من النواب ما اعتبروه اعتمادا مفرطا على العقود الوقتية في تشغيل الدكاترة وخريجي الجامعات، داعين إلى ضرورة إيجاد حلول دائمة لهذه المشكلة.
وخلال تلك الجلسة، تعهد الوزير بدعم تشغيل الدكاترة من خلال إتاحة فرص التدريس في الجامعات، مؤكدا تفاعل الوزارة الإيجابي مع المبادرات التشريعية الداعية إلى تطوير التعليم العالي الخاص لتوظيف الدكاترة.
وترتفع نسبة البطالة لدى أصحاب الشهادات العليا من مجموع المعطلين عن العمل إلى حدود 24%، وفق المعهد الوطني للإحصاء. وتبلغ نسبة البطالة في تونس حاليا 15.7%.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
تخفيضات التمويل تهدد جهود وقاية أطفال أفريقيا من الملاريا
أشار تقرير طبي جديد، شارك في إعداده بعض مسؤولي البرامج الصحية في الدول الأفريقية والمنظمات القارية، إلى أن الأطفال الصغار أصبحوا عرضة بشكل كبير إلى الإصابة بمرض الملاريا في دول القارة السمراء مع حلول موسم الأمطار وتكاثر البعوض في المياه الراكدة. وقال التقرير إن منظمة الصحة العالمية قدّرت الوفيات الناجمة عن مرض الملاريا بـ600 ألف شخص في قارة أفريقيا ، وأشارت إلى أن 4 من كل 5 وفيات هم من الأطفال دون سن الخامسة. وأعرب المسؤولون، الذين شاركوا في إعداد التقرير، عن قلقهم من التخفيضات الكبيرة والمفاجئة في تمويل مكافحة الملاريا الناتجة عن تغييرات السياسة الأميركية، مشيرين إلى أنه مع اقتراب موسم الأمطار وانطلاق التخطيط لحملات الوقاية، ينفد الوقت لإيجاد حلول تمويلية بديلة. الوقاية أولا تعد الوقاية من الملاريا الموسمية تدخلا أساسيا لحماية الأطفال الصغار من الإصابة بالمرض، وقد أوصت بها منظمة الصحة العالمية منذ سنة 2012 للحد من ارتفاع معدل الوفيات والإصابات. وساهمت الإستراتيجية، التي وضعتها منظمة الصحة العالمية والقائمة على الوقاية الكيميائية، في تقليل الحالات بشكل كبير لدرجة أن المستشفيات لم تعد مثقلة بأعداد ضخمة من مرضى الملاريا. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الوقاية الكيميائية منخفضة التكلفة نسبيا، إذ تتراوح كلفة 4 جرعات لطفل واحد بين 4 و6 دولارات سنويا، كما وفّرت ملايين الدولارات على الأسر والأنظمة الصحية. وفي عام 2021، أظهر تحليل أن 7 دول تطبق برنامج الوقاية الكيميائية وفرت لأنظمتها الصحية نحو 66 مليون دولار، وزادت الإنتاجية الاقتصادية بحوالي 43 مليونا. لكن الكُتّاب، الذين تولوا إعداد التقرير، يرون أن أي توقف للحملات ولو لموسم واحد قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الإصابات والوفيات، وخسائر اقتصادية فادحة. انعكاسات على منطقة الساحل وفي الاجتماع الذي انعقد مؤخرا في دولة توغو للحكومات الأعضاء في تحالف مكافحة الملاريا، أثيرت مخاوف من عدم القدرة على القيام بأي حملة خلال الموسم الحالي بسبب نقص التمويل لتقديم الأولويات الأمنية في المنطقة. وتبرز تلك المخاوف والتحديات بشكل أكبر في الصحراء والساحل بغرب أفريقيا، حيث يعيش السكان بعيدا عن المرافق الطبية، في حين تعاني الحكومات من نقص العاملين في المجال الصحي. وبشأن الخطط البديلة للعلاج الكيميائي، اقترح الكُتّاب اعتماد العلاج المستمر الذي يحصل عليه حاليا أقل من 4 ملايين طفل من أصل 35 مليونا في قارة أفريقيا. وأظهرت تجارب أجريت في مالي وبوركينا فاسو أن الجمع بين أدوات الوقاية والعلاج له تأثير كبير في حماية الأطفال وخاصة في المناطق الجغرافية البعيدة. دعوات للتحرك ووجّه التقرير دعوة عاجلة للحكومات الأفريقية، والقطاع الخاص المحلي، والمانحين الدوليين لإعطاء الأولوية للوقاية من الملاريا وتسريع الجهود نحو القضاء عليه. ومن المقرر أن تعقد دورة جديدة لتعبئة موارد الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا في أكتوبر/تشرين الأول القادم، ويرى مراقبون أنه من الضروري زيادة موارده ليعود إلى الفاعلية بعد سنوات من ركود جهود القضاء على المرض بسبب نقص التمويل.


الجزيرة
منذ 17 ساعات
- الجزيرة
ارتفاع عدد شهداء التجويع الإسرائيلي بغزة إلى 251
ارتفع عدد ضحايا التجويع الإسرائيلي في غزة اليوم السبت إلى 251 شهيدا، بينهم 108 أطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة بالقطاع. وقال المدير العام للوزارة منير البرش في بيان إن مستشفيات غزة سجلت في الساعات الـ24 الماضية وفاة 11 حالة نتيجة سوء التغذية. وفي مقابلة مع الجزيرة، شدد البرش على أن 40 ألف رضيع يعانون من سوء التغذية الحاد بالقطاع، في حين يواصل الاحتلال منع دخول العدد الكافي من شاحنات المساعدات، ويتعرض العدد القليل الذي يسمح بدخوله للنهب والسرقة جراء الظروف الأمنية التي أوجدها الجيش الإسرائيلي. وكشف البرش عن أن ألف طفل بترت أطرافهم في قطاع غزة نتيجة سوء التغذية ونقص الأدوية. من جهته، شدد مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة بسام زقوت في حديث للجزيرة على أنه لا يمكن علاج الأطفال الذين وصلوا إلى حالة كارثية من سوء التغذية. أما مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية فقال في مقابلة مع الجزيرة إن حياة أكثر من 200 مريض مهددة بسبب نقص الأدوية وسوء التغذية. وشدد أبو سلمية على أن عمليات البتر تزداد لعدم قدرة المضادات الحيوية على مواجهة البكتيريا، مشيرا إلى أن المستشفيات مكتظة بالجرحى جراء القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع. ومنذ 2 مارس/آذار الماضي تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، مما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، وتسمح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين الفلسطينيين. ومؤخرا، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ أيام عدة. وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و827 شهيدا و155 ألفا و275 مصابا فلسطينيا -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
دكاترة تونس.. مسيرة علمية طويلة تنتهي على قارعة الطريق
تونس – على رصيف مبنى وزارة التعليم العالي التونسية، يفترش عشرات من حاملي شهادة الدكتوراه الأرض في اعتصام مفتوح انطلق منذ أيام للمطالبة بحقهم في التشغيل وإنهاء معاناتهم مع البطالة، بعد أن فقدوا الأمل في وعود رسمية برفع المظلمة عنهم عقب مسيرة علمية طويلة ومضنية انتهت بهم إلى قارعة الطريق. والاعتصام المفتوح الذي يخوضه هؤلاء الدكاترة ليس حدثا معزولا، بل حلقة جديدة في سلسلة احتجاجات مستمرة في تونس تنبع من مطالب العديد من الفئات في المجتمع للحصول على حقهم في العمل، في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وارتفاع الأسعار، ووضع سياسي واقتصادي واجتماعي مشحون. وعاد ملف الدكاترة الباحثين إلى واجهة الجدل بعد فترة هدوء نسبية فرضها تعهد رسمي من الرئيس قيس سعيد منذ فبراير/شباط الماضي بتسوية هذا الملف، لكنه ظل يراوح مكانه دون إجراءات ملموسة تُترجم تلك الوعود إلى واقع فعلي وتنهي معاناة حاملي شهادة الدكتوراه. عقود هشة لا توجد حاليا إحصاءات رسمية عن عدد الدكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل في تونس، إذ لم تنشر وزارة التعليم العالي أية أرقام رغم إنشاء منصة إلكترونية لحصر أعدادهم والمناصب الشاغرة في الجامعات ومراكز البحث. ويتهمها الدكاترة بالتكتم عن أعدادهم التي تُقدّر بالآلاف. يواجه ماهر السايحي أحد الدكاترة المعتصمين القادمين من محافظة القصرين (جنوبي غربي البلاد) وضعا صعبا بسبب البطالة والعقود الهشة. فبعد سنوات من العمل مدرسا متعاقدا مع الوزارة، أحيل على البطالة بعد 3 سنوات فقط، لأن الوزارة تحدد سقف التعاقد بثلاث سنوات. يقول ماهر للجزيرة نت إن وزارة التعليم العالي وضعت هذا السقف عن قصد لتجنب توظيف حاملي شهادة الدكتوراه، لأن قانون الشغل كان سيمكنهم من الانتداب إذا استمر التعاقد معهم 4 أعوام. ويشير إلى أن العقود المفتوحة للدكاترة مؤقتة وهشة، ولا توفر أي استقرار وظيفي، وأن بعضهم يضطر للعمل بساعات تدريس عرضية مقابل أجر سنوي لا يتجاوز 500 دولار، مما يجعل وضعيتهم الاجتماعية صعبة جدا ويبعدهم عن ممارسة مهامهم العلمية وفق كفاءتهم ومستواهم الأكاديمي. ويضيف أن بعض زملائه درسوا تخصصات مثل علوم التربية والتعليم لمدة 3 سنوات، وعند تخرجهم يتم دمجهم مباشرة في الحياة المهنية، في حين يُحال الدكاترة الذين كرسوا 3 سنوات في التدريس بمقتضى عقود محددة الزمن، على البطالة. وهذه الوضعية تضعهم في موقف مربك ومحبط. صمت رسمي وتواجه مطالب الدكاترة الباحثين -وفق السايحي- بصمت وزارة التعليم العالي. فرغم جهودهم لإنشاء منصة لحصر أعدادهم وتحديد الوظائف الشاغرة في الجامعات ومراكز البحث، فإن الوزارة لم تُعلن أي أرقام رسمية، وتتجنب الإفصاح عن حقيقة أن عدد الشواغر يفوق بكثير عدد الدكاترة. ولئن كان الرئيس سعيد تعهد بحلحلة ملفهم وتوظيف 5000 منهم في دفعة أولى، على أن تُستكمل بقية الدفعات لاحقا، فإن السايحي يؤكد أن هذه التعهدات لم تُترجم إلى واقع عملي ولم يطرأ أي تقدم ملموس، مما دفع الدكاترة إلى العودة للاحتجاج والاعتصام المفتوح أمام مقر الوزارة. بدوره، يشارك بوجمعة حاجي -دكتور في اللغة العربية اختصاص الحضارة من محافظة سوسة- في الاعتصام منذ بداية الأسبوع الجاري، وهو يعكس صورة معاناة دكاترة جدد تخرجوا قبل نحو 3 سنوات، وهو يدرّس منذ فترة بصفة تعاقدية مع جامعة المنستير، لكنه سيحال على البطالة بعد انقضاء 3 أعوام. ويقول للجزيرة نت إن مطالبهم تتجاوز مجرد الاعتراف بوضعهم، وتشمل تسوية أوضاعهم وانتدابهم بشكل استثنائي في الوظيفة العمومية وفق تعهدات الرئيس حتى لا تبقى حبرا على ورق، مؤكدا أن البطالة التي يعانونها ليست من صنعهم، بل نتيجة قرارات خاطئة للوزارة والدولة تتجاوز مسؤوليتهم. وذكّر دكاترة بأن رئاسة الجمهورية نشرت تدوينة على صفحتها يوم 14 فبراير/شباط الماضي بعد اجتماع سعيد مع وزيري التعليم العالي والتربية، تنص على حل ملف الدكاترة وانتداب 5000 منهم كدفعة أولى في التدريس، مع استكمال بقية الدفعة في مرحلة ثانية، "لكن الوعود لم تتحقق على أرض الواقع". بدورها، تروي بثينة الخليفي الحاصلة على الدكتوراه في الفيزياء منذ 7 سنوات معاناتها، إذ تعمل في اختصاص بعيد عن اختصاصها العلمي. وتقول "أعمل منذ سنوات أستاذة تعليم ابتدائي، رغم أنني حاصلة على شهادة دكتوراه في الفيزياء، ولم أتمكن من العمل في اختصاصي طوال هذه الفترة". التفاف وتسويف وتشارك بثينة في الاعتصام للاحتجاج على ما تصفه بعدم الاهتمام بوضعية حاملي الشهادات العليا من قبل وزارة التعليم العالي. وتضيف "نحن هنا للمطالبة بحقنا في التوظيف بما يتناسب مع مستوى شهاداتنا العلمية. هذا التحرك ليس جديدا، فقد انطلقت أولى الاحتجاجات منذ الحكومات المتعاقبة السابقة، لكن الملف ظل محاطا بالالتفاف والتسويف، ولم يحقق أي تقدم". وتنتقد هذه الشابة طريقة وزارة التعليم العالي في توظيف الدكاترة، مشيرة إلى أن فرص الحصول على وظيفة دائمة تتم عبر اختبارات رسمية (مناظرات) نادرة جدا و"غير شفافة"، وتحدث مرة كل بضع سنوات، ويُوظف عبرها عدد قليل جدا. إعلان وفي جلسة برلمانية عقدت مؤخرا لتوجيه أسئلة لوزير التعليم العالي منذر بلعيد، انتقد عدد من النواب ما اعتبروه اعتمادا مفرطا على العقود الوقتية في تشغيل الدكاترة وخريجي الجامعات، داعين إلى ضرورة إيجاد حلول دائمة لهذه المشكلة. وخلال تلك الجلسة، تعهد الوزير بدعم تشغيل الدكاترة من خلال إتاحة فرص التدريس في الجامعات، مؤكدا تفاعل الوزارة الإيجابي مع المبادرات التشريعية الداعية إلى تطوير التعليم العالي الخاص لتوظيف الدكاترة. وترتفع نسبة البطالة لدى أصحاب الشهادات العليا من مجموع المعطلين عن العمل إلى حدود 24%، وفق المعهد الوطني للإحصاء. وتبلغ نسبة البطالة في تونس حاليا 15.7%.