logo
الإصلاح المالي إلى التعافي درّ

الإصلاح المالي إلى التعافي درّ

صيدا أون لاين١٩-٠٤-٢٠٢٥

منذ عام 2019، يعيش لبنان أزمة مالية غير مسبوقة، جعلت من إصلاح القطاع المصرفي ورفع السرية المصرفية محورين أساسيين لأي مسار نحو التعافي الاقتصادي.
فالنظام المصرفي، الذي كان يشكّل دعامة للاستقرار المالي، انهار نتيجة التداخل بين الفساد السياسي، السياسات النقدية غير المستدامة، وانكشاف المصارف بشكل مفرط على الدين العام.
على مستوى الإجراءات الحالية، أقرت الحكومة اللبنانية خطة أولية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، تنص على تصنيف المصارف بحسب قدرتها على الاستمرار، ومعالجة المصارف غير القادرة من خلال الدمج أو التصفية
كذلك، تم تعديل قانون السرية المصرفية عام 2022 (القانون رقم 306)، ما سمح برفع السرية في حالات محددة أمام القضاء والجهات الرقابية والضريبية، في خطوة نحو تعزيز الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي والفساد المالي.
لكن حتى اللحظة، تبقى هذه الخطوات غير كافية ما دامت تفتقر إلى التنفيذ الجاد والآليات المؤسسية.
لم تُحدد بعد المعايير الدقيقة لتوزيع الخسائر بين الدولة والمصارف والمودعين، ولم تُطلق بعد هيئة مستقلة للإشراف على عملية إعادة الهيكلة.
أما تطبيق قانون السرية المصرفية المعدّل، فلا يزال متعثراً، نتيجة غياب تعاون فعلي بين المؤسسات وتباطؤ في تنفيذ قرارات رفع السرية من قبل بعض المصارف.
الارتباط بمفاوضات صندوق النقد الدولي أساسي.
منذ توقيع الاتفاق المبدئي في نيسان 2022، وضع صندوق النقد شروطاً واضحة لتقديم الدعم المالي، تتضمّن إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي، توحيد أسعار الصرف، إقرار قانون الكابيتال كونترول، وتعزيز الحوكمة. ومع أن لبنان أحرز تقدماً تشريعياً جزئياً، إلا أن تعثّر التنفيذ يُبقي المفاوضات في حالة جمود.
الخطوات المستقبلية تتطلب أولاً وضوحاً سياسياً والتزاماً شاملاً.
على الحكومة أن تُطلق خطة مفصلة لتوزيع الخسائر، تضمن حماية صغار المودعين وتحميل الجزء الأكبر من الخسائر لأصحاب المصارف والمستفيدين من الفوائد الاستثنائية. كما أن استقلال القضاء المالي وتعزيز دور هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، سيكونان عاملين حاسمين لتفعيل قانون السرية المصرفية ومنع الإفلات من المحاسبة.
إن إصلاح القطاع المصرفي ورفع السرية المصرفية ليسا فقط مسألتين تقنيتين، بل اختبار لإرادة الدولة في كسر المنظومة القائمة وإعادة إنتاج النظام المالي على أسس الشفافية والعدالة. نجاح هذا المسار يفتح الباب أمام الثقة الدولية والداخلية، واستقطاب المساعدات والاستثمارات، والتمهيد لبناء اقتصاد منتج ومستدام.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فصل الأصول ووضوح المسؤوليات: خطة جديدة لاسترجاع أموال المودعين
فصل الأصول ووضوح المسؤوليات: خطة جديدة لاسترجاع أموال المودعين

لبنان اليوم

timeمنذ 2 أيام

  • لبنان اليوم

فصل الأصول ووضوح المسؤوليات: خطة جديدة لاسترجاع أموال المودعين

يتجه مصرف لبنان نحو اتخاذ خطوة استراتيجية تتمثّل في فصل أمواله الخاصة عن أموال الدولة اللبنانية، مطالبًا الدولة بتسديد ديونها المتراكمة له، بحسب مصدر مالي مطّلع تحدّث إلى وكالة 'أخبار اليوم'. وبحسب المصدر، يهدف هذا الفصل إلى حماية موجودات مصرف لبنان، مثل الذهب والأصول الأخرى، من أي محاولة حجز محتملة من قبل الدائنين الأجانب، وتحديدًا حملة سندات اليوروبوندز، مؤكدًا على أن هذه الخطوة تشكّل تأكيدًا على استقلالية المصرف المركزي عن الدولة اللبنانية. وفي ما يخصّ 'الفجوة المالية'، شدد المصدر على أن المسؤولية مشتركة بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف التجارية، داعيًا الأطراف الثلاثة إلى التكاتف لإيجاد حلول فعلية. وأضاف أن الأزمة التي بدأت منذ عام 2019 وحتى اليوم هي أزمة نظامية بامتياز، والجميع ساهم فيها وارتكب أخطاء، ولا يحق لأي طرف أن يتنصل من مسؤولياته، خصوصًا الدولة التي يجب أن تتحمّل التزاماتها المالية. وعن مصير التعميمين 158 و166، اللذين صدرا في عهد الحاكم السابق رياض سلامة، لجهة آلية احتساب وقيمة الدفعات الشهرية، أشار المصدر إلى ضرورة تعديلهما، موضحًا أن الأموال المدفوعة حاليًا لا تأتي من موجودات مصرف لبنان بل من الاحتياطي الإلزامي للمصارف. واعتبر أن رفع السقف المحدد في هذين التعميمين يسهم في تسهيل عمليات السحب للمودعين من جهة، ويخفّف الضغط عن المصارف من جهة أخرى. وكشف المصدر أن المصارف تودع 15% من رأسمالها كاحتياطي لدى مصرف لبنان، إلا أن هذا الرقم تم تخفيضه تدريجيًا: أولًا إلى 14% في عهد رياض سلامة، ثم إلى 11% في عهد الحاكم بالإنابة وسيم منصوري. لكن الفرق بين النسب لم يُعَد إلى المصارف، بل استُخدم لدفع المستحقات للمودعين بموجب التعميمين. وأشار إلى ضرورة إعادة هذه الأموال تدريجيًا إلى حسابات المودعين، شرط أن يترافق ذلك مع إقرار قانون الكابيتال كونترول، بهدف منع تهريب الأموال إلى الخارج. وختم: اذا كان الاحتياطي لوقت الحشرة، هل هناك حشرة اكبر من تلك التي نمر بها راهنا؟!

نائبٌ ينسحب من الجلسة التشريعية
نائبٌ ينسحب من الجلسة التشريعية

ليبانون ديبايت

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • ليبانون ديبايت

نائبٌ ينسحب من الجلسة التشريعية

أعلن النائب اللواء جميل السيّد انسحابه من جلسة مجلس النواب التي عُقدت اليوم الخميس، احتجاجًا على ما وصفه بـ"الفوضى وانعدام النظام داخل القاعة العامة". وفي منشور له عبر منصة "إكس"، كتب السيّد: "أعلنت انسحابي من جلسة مجلس النواب اليوم بسبب الفوضى وانعدام النظام..."، من دون أن يخوض في تفاصيل إضافية. وتأتي خطوة السيّد في سياق توتّر سياسي يخيّم على العمل التشريعي في البلاد، في ظل استمرار الانقسامات بين الكتل النيابية حول الأولويات التشريعية، لا سيما ما يتعلق بمشاريع القوانين الإصلاحية المطلوبة دوليًا، ومنها قانون استقلالية القضاء، وقانون الكابيتال كونترول، والإصلاحات الضريبية والنقدية. وسبق لجلسات تشريعية عدّة أن شهدت توتّرات مماثلة، سواء من حيث انسحاب نواب أو تبادل الاتهامات أو حتى تعليق الجلسات، ما يعكس هشاشة التفاهمات بين القوى السياسية في المرحلة الراهنة. ويُعرف السيّد بمواقفه النقدية تجاه أداء المجلس النيابي والمؤسسات العامة، وقد سبق أن انسحب من جلسات سابقة في البرلمان اعتراضًا على ما يعتبره "خللاً في إدارة الجلسات أو انتقائية في جدول الأعمال".

الإصلاح المالي إلى التعافي درّ
الإصلاح المالي إلى التعافي درّ

صيدا أون لاين

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • صيدا أون لاين

الإصلاح المالي إلى التعافي درّ

منذ عام 2019، يعيش لبنان أزمة مالية غير مسبوقة، جعلت من إصلاح القطاع المصرفي ورفع السرية المصرفية محورين أساسيين لأي مسار نحو التعافي الاقتصادي. فالنظام المصرفي، الذي كان يشكّل دعامة للاستقرار المالي، انهار نتيجة التداخل بين الفساد السياسي، السياسات النقدية غير المستدامة، وانكشاف المصارف بشكل مفرط على الدين العام. على مستوى الإجراءات الحالية، أقرت الحكومة اللبنانية خطة أولية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، تنص على تصنيف المصارف بحسب قدرتها على الاستمرار، ومعالجة المصارف غير القادرة من خلال الدمج أو التصفية كذلك، تم تعديل قانون السرية المصرفية عام 2022 (القانون رقم 306)، ما سمح برفع السرية في حالات محددة أمام القضاء والجهات الرقابية والضريبية، في خطوة نحو تعزيز الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي والفساد المالي. لكن حتى اللحظة، تبقى هذه الخطوات غير كافية ما دامت تفتقر إلى التنفيذ الجاد والآليات المؤسسية. لم تُحدد بعد المعايير الدقيقة لتوزيع الخسائر بين الدولة والمصارف والمودعين، ولم تُطلق بعد هيئة مستقلة للإشراف على عملية إعادة الهيكلة. أما تطبيق قانون السرية المصرفية المعدّل، فلا يزال متعثراً، نتيجة غياب تعاون فعلي بين المؤسسات وتباطؤ في تنفيذ قرارات رفع السرية من قبل بعض المصارف. الارتباط بمفاوضات صندوق النقد الدولي أساسي. منذ توقيع الاتفاق المبدئي في نيسان 2022، وضع صندوق النقد شروطاً واضحة لتقديم الدعم المالي، تتضمّن إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي، توحيد أسعار الصرف، إقرار قانون الكابيتال كونترول، وتعزيز الحوكمة. ومع أن لبنان أحرز تقدماً تشريعياً جزئياً، إلا أن تعثّر التنفيذ يُبقي المفاوضات في حالة جمود. الخطوات المستقبلية تتطلب أولاً وضوحاً سياسياً والتزاماً شاملاً. على الحكومة أن تُطلق خطة مفصلة لتوزيع الخسائر، تضمن حماية صغار المودعين وتحميل الجزء الأكبر من الخسائر لأصحاب المصارف والمستفيدين من الفوائد الاستثنائية. كما أن استقلال القضاء المالي وتعزيز دور هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، سيكونان عاملين حاسمين لتفعيل قانون السرية المصرفية ومنع الإفلات من المحاسبة. إن إصلاح القطاع المصرفي ورفع السرية المصرفية ليسا فقط مسألتين تقنيتين، بل اختبار لإرادة الدولة في كسر المنظومة القائمة وإعادة إنتاج النظام المالي على أسس الشفافية والعدالة. نجاح هذا المسار يفتح الباب أمام الثقة الدولية والداخلية، واستقطاب المساعدات والاستثمارات، والتمهيد لبناء اقتصاد منتج ومستدام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store