logo
المَنظَر والمَحضَر والجوهر

المَنظَر والمَحضَر والجوهر

جفرا نيوزمنذ 2 أيام
جفرا نيوز -
الصورة مهمة لكن المشهد أهم، غالبا ما تكون الغلبة له. هكذا هي الدنيا كلها وليس المسرح وحده. ولهذا نشأ وتطوّر مفهوم المسرح السياسي، لا ذلك الذي أحببناه أيام مسرح «نبيل وهشام» للنجمين نبيل صوالحة بارك الله في عمره والراحل هشام يانس رحمة الله عليه، بل المسرح السياسي الذي يمارس فيه الجميع دوره في عالم غير افتراضي، واقعي إلى حد الإفراط والتفريط أحيانا.
لا يعلم ما في الصدور إلا الله سبحانه، ومن بعده بعض الخبراء في ميادين الأمن وعلوم النفس والأعصاب. جوهر الإنسان بمعنى معدنه إن كان صادقا وأصيلا أو غير ذلك، مخلصا، كفؤا، وإلى آخره من الصفات الحميدة الواجب توفرها لتحمل أمانة المسؤولية في القطاعين الخاص والعام، هذا الجوهر في طبيعته مكنون مصون لا تغيره نوائب الدهر ولا عاتيات الأيام.
هنا في بلاد العم سام، ثارت في الآونة الأخيرة ضجة على آليات التدقيق الأمني المشدد، والتحقق العميق الدقيق من تطابق أجندة المرشحين للعمل في إدارة دونالد ترمب والمناسبين لشغر مناصب قيادية من بينها عضوية الكونغرس في الانتخابات التمهيدية المقبلة العالم القادم، ومدى تناغم أولئك المرشحين مع أجندة الرئيس في ولايته الثانية.
من المعروف عن ترمب حرصه على الولاء والكفاءة معا، وفي بعض المناصب الولاء قبل الكفاءة، حتى لا يتسلل إلى إدارته من يصفهم بأدوات «الدولة العميقة»، أو «الراينوز» اختصارا لوصمة «أعضاء الحزب الجمهوري بالاسم فقط»، أو جماعات الضغط المباشرة أو الخفية الذين يكون ولاؤهم للمجمع الصناعي العسكري من منتجي الأسلحة والذخائر أكثر من الولاء للرئيس وأجندته الذي انتخب على أساسها.
ميزة النظام الإداري قبل السياسي الأمريكي لا بل من سمات الثقافة الأمريكية، أنه قائم على مبدأ الاستخدام والاستغناء الحر والفوري وبلا تبرير، فكل شيء قائم على الميزة الذاتية، الأفضلية للأفضل، في المكان والوقت والموقع والأهم الأجندة المناسبة. تلك الميزة التي تبنى عليها الأفضلية عند اتخاذ القرار باختيار المرشح «أُنْ مِرِتْس»! ولا حرج أبدا من الفصل من المنصب مهما علا، قبل أن يجف حبر قرار تعيينه والأذونات والمزايا المكتسبة بحكم المنصب كالسيارة والهاتف وأشياء أخرى من الضرورات اللوجستية المستحقة بحكم الوظيفة، حيث قام ترمب بفصل مستشاره الإعلامي في البيت الأبيض أنتوني سكرموتشي الذي شغل منصب مدير الاتصال «الإعلام» في البيت الأبيض، بعد عشرة أيام فقط!
«الجوهر» مهم في حسن الاختيار خاصة عندما يكون المعروض والمتنافس والطامع والطامح كثرُ. البعض ينحي جانبا الآليات التقليدية بما فيها التوصيات الحزبية، والاعتبارات التمثيلية (كالمحاصصة سيئة الذكر والسمعة)! ويراهن أكثر على قوة الكلمة أو التوصية الشخصية -طبعا المهنية الأمينة- سواء أتت من معرفة شخصية أو جهة أمنية. المسألة لم تعد موضع حرج ففي نهاية الأمر، الأمر مزيج من حسن اختيار الجوهر دونما إغفال لأهمية فارقة تكمن في تفاصيل المحضر وأدق تفاصيل المظهر.
كلمة واحدة، انفعال واحد، صورة واحدة، مقطع فيديو واحد كفيل بنسف مصداقية متحدث، أو تعزيزها وتخليدها. والمسألة لا تقتصر على العمل السياسي، فالتجار وبخاصة من تتصل تجارتهم بما يتعامل معه المستهلك بشكل مباشر كالمنتج الإبداعي والغذائي والسياحي، هم من أكثر الحريصين على السمعة العطرة والرضى المستدام للزبائن، فهم من يعيشون في ظلال ميزة منتجهم قبل ابتكار «الآيزو» كمصطلح تسويقي.
انظروا إخوتي الكرام وتأملوا في توالي الصور والمشاهد في بناء جسور الثقة والأمل في غد أفضل. صورة العلم ورمزيته كبوصلة ومنارة وراية. وضع العلم كوسام لا زينة على عُروة الجاكيت، رسالة قوية. تماما كما كان في حملة التوعية الوطنية التي أطلقها سيدنا عبدالله الثاني رعاه الله «الأردن أولا» حيث أضيفت العبارة إلى العلم في رمزية أضافت صورة للمشهد الوطني. تنامي الوعي وتبلوره أخذ العلم من الكتف والصدر إلى جوار القلب. تثبيت «دبوس» العلم على ربطة العنق في وسطها، عزز صورة المحبة والأمانة معا. البلد، الوطن، المملكة، أمانة في أعناقنا، تلك هي الرسالة..
اكتمال المشهد أو الرسالة في العمل الميداني، بلا جاكيت رسمي وبلا «جرافات» زاد من قوة مخاطبة الوعي واللاوعي الفردي والجمعي. تلك استجابة ينتظرها الأردنيون في الوطن والمهجر من حكومات جلالة الملك كلها. الخدمة الميدانية من مظاهر العمل الجاد، لكن ليس بالضرورة دائما أن يتم الأمر على أعلى المستويات، ولا بحضور الإعلام التقليدي، فالإعلام الجديد، بكل منصاته خاصة ذات العلاقة بطبيعة الجمهور المستهدف أكثر أهمية، ولا تحب الشراكة ولا المزاحمة. الاكتفاء بتصوير ذاتي أو عبر مساعد، أو ناشطين وطنيين أردنيين، سواء صورة أو فيديو قد يكون أبلغ من تغطية مباشرة أو استضافة وحوار بين مذيع وضيف رسمي أو شبه رسمي، أو خبير أكاديمي أو مهني أو متقاعد، خاصة إن كانت وجهة نظر الكاميرا الوحيدة والتي تعني ما سيراه المشاهدون هي تصوير تسجيلي أو مباشر لشخصين يتحدثان إلى بعضهما بعضا، وكأن المعنيين -المشاهدين- لا يعنوهم رغم أنهم هم المستهدفون. خاصة عندما يكون الحديث بلغة عربية فصيحة رسمية ووجههما متقابلين، فلا نرى نحن الجمهور المستهدف إلا جانبا واحدا من كتفي الضيف والمضيف؟!
المرحلة تتطلب -كما نعلم جميعا- «التشمير» بلسان أردني فصيح. لا يحتمل الحال الوطني والإقليمي والإنساني الإفراط في الرسميات والأناقة والشياكة خاصة إن كان الحديث مثلا عن ترشيد الإنفاق الاستهلاكي والتشغيلي! المرحلة تتطلب أيضا كما لا يخفى على أي منا، أن يكون الحكي أردنيا شكلا ومضمونا بلهجات الوطن كله، فإن كانت الخطابات والتصريحات تبث فضائيا لا يعني ذلك أبدا التحرّج من الحديث باللهجة الأردنية المحكية البسيطة العفوية بما فيها لغة الجسد. حتى وإن تحدث المسؤول أو الداعم له في التحليل والتعليق، ما الحرج في تبسيط المفردات والحكي، كحكي الناس في بيوتهم وأشغالهم مع أهلهم وأحبائهم.
وما بين الجوهر والمظهر، يكون المحضر. وبه دون الإغفال عما سبق، يتجلى الأداء ويترسخ في أذهان الناس. من منا لا يذكر شخصيات أثّرت في حياته الشخصية أو المهنية بموقف واحد أو كلمة أو حتى نظرة واحدة؟ صحيح أن الانطباع الأول يدوم كما في المثل الإنجليزي، لكن في ثقافتنا الوطنية والروحية، العبرة في خواتيم الأعمال..
من الآخر، كل الناس خير وبركة نقولها من باب العشم، لكن وحدها الأيام والأعمال التي تشير إلى الجوهر ووحده العلم الذي يفيد في تقديم المظهر، أما المحضر فتلك نعمة وموهبة تصقلها التجارب الحقيقية لا عدد السنين ولا تمثيل أي شيء كان، لا حزبا ولا منطقة ولا جنسا ولا أي اعتبار آخر من تلك التي ضاعت فيه المعايير والضوابط الكفيلة بحسن الاستخدام والاستغناء بما يرضي الله والضمير..
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اختيار المسؤول القيادي الناجح حجازين وزيراً للسياحة جاء في زمن صعب ولحظة حاسمة وتوقيت مناسب
اختيار المسؤول القيادي الناجح حجازين وزيراً للسياحة جاء في زمن صعب ولحظة حاسمة وتوقيت مناسب

سرايا الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سرايا الإخبارية

اختيار المسؤول القيادي الناجح حجازين وزيراً للسياحة جاء في زمن صعب ولحظة حاسمة وتوقيت مناسب

سرايا - يتقدم الصحفي حسين السلامين بأسمى آيات التهنئة والمباركة إلى معالي الدكتور عماد نعيم حجازين بمناسبة صدور الإرادة الملكية السامية بتعينه وزيراً للسياحة والآثار. وفق الله تعالى معالي الدكتور حجازين إلى ما فيه مصلحة الوطن والمواطن نحو مزيد من التقدم والتطوير والتحسين نحو المستوى الأفضل، سيما وأن معاليه يمتلك خبرة ومعرفة كبيرة وواسعة في مجال الإدارة السياحية والتنمية المحلية الشاملة والمستدامة، إضافة إلى تمتعه برؤية ثاقبة وواضحة، والقدرة على التواصل المباشر مع الميدان، علاوة على إتصاف معاليه بالنزاهة. سائلاً الله العلي القدير التقدم والنجاح الى معالي الدكتور حجازين تحت ظل الراية الهاشمية بقيادة جلاله الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم.

وفيات الأحد .. 10 / 8 / 2025
وفيات الأحد .. 10 / 8 / 2025

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 3 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

وفيات الأحد .. 10 / 8 / 2025

#سواليف #وفيات الأحد .. 10 / 8 / 2025 راكان سليم ارشيد الفايز الحاج عبدالرحيم عواد اخو شيخة الرحاحلة إبراهيم محمد إبراهيم قصقص الحاجة فضة موسى الطرودي الزعبي الحاجة رسمية عبدالله العناسوة الحاجه رسمية العناسوه (ام خالد) أبو العبد غالب النسور غالب النسور ابو العبد مفيد محمد المبسلط مايكل جورج ميخائيل الزعمط مصطفى محمد علي عليان حميدة سالم الحميديين الدعجة فاتنة خميس قاسم وادي رائد عبدالسلام الشمايلة موسى محمد حسن غيث ماجد ابراهيم صالح فاديا سعيد محمد المتولي عبدالرحمن نزيه محمود علان رحمهم الله والهم ذويهم الصبر و السلوان هذا المحتوى وفيات الأحد .. 10 / 8 / 2025 ظهر أولاً في سواليف.

الأردن: ليس عبئًا بل حارس للتاريخ والجغرافيا
الأردن: ليس عبئًا بل حارس للتاريخ والجغرافيا

صراحة نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • صراحة نيوز

الأردن: ليس عبئًا بل حارس للتاريخ والجغرافيا

صراحة نيوز – المهندس مدحت الخطيب في زمن الالتباس السياسي والانهيارات الأخلاقية لبعض الأنظمة والمواقف التي أصبحت توجع القلب حيال ما يحدث في غزة وفلسطين، يخرج صوت الأردن، صافيًا ثابتًا، صادقًا، ليقول ما لا يجرؤ كثيرون على قوله من تحت الطاولة ومن فوقها : لا تهجير بعد اليوم، ولا وطن بديل، بل عودة ودولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. هذا ليس شعارًا عابرًا يقال في المناسبات، بل عقيدة وطنية ترسّخت في ضمير الدولة الأردنية منذ تأسيسها، وتأكدت بدماء الشهداء في اللطرون وباب الواد، وتُروى يوميًا بمواقف القيادة الهاشمية والشعب الأردني العظيم، واستعداد الجيش العربي والأجهزة الأمنية الأردنية لحماية حدودنا.. نعم الأردن: ليس عبئًا بل حارس للتاريخ والجغرافيا فلم تكن فلسطين يومًا «قضية خارجية» بالنسبة للأردن، بل هي جزء من وجداننا وهويتنا الوطنية، انطلاقا من القدس التي يرعاها الهاشميون، إلى المخيمات التي احتضنت النكبة ولم تنسَ العودة، إلى الجيش العربي الذي سطّر ملحمة الكرامة، فلم يتغيّر موقف الأردن، ولم تنحنِ رايته بعون الله.. اليوم يكثر كلام المتطرفين الصهاينة ودقاقي الطبل من أبناء جلدتنا عن الوطن البديل والتهجير القسري لأهلنا في غزة وفلسطين فكلما ظنّ المتربصون أن الظروف باتت مواتية لفرض مشاريع تصفوية مشبوهة، يخرج الأردن ليعيدهم إلى نقطة الصفر: «شعارنا الدائم هو الذود عن الأردن وفلسطين ولسان الجميع يقول لا للوطن البديل، لا للتوطين، ولا للتفريط بالحق الفلسطيني، ونعم للعودة والدولة الفلسطينية المستقلة على تراب فلسطين».. نقول للمتربصين والمشككين وتجار القلم والدولار دروس الكرامة لم تُنس، ومن يروّج أن الزمن قد تجاوز مفاهيم «التحرير» و»الكرامة» و»السيادة» فهو واهم و لم يقرأ جيدًا تاريخ الأردن… فحرب الكرامة لم تكن مجرّد معركة عسكرية انتصر فيها الجيش الأردني، بل كانت إعلانًا صارخًا أن هذا البلد الصغير بحجمه، كبير بإرادته، لا يقبل المساومة على الأرض ولا على الحقوق ولا على الكرامة.. واليوم، من جديد، يحاول البعض اللعب على وتر «البدائل» و»الحلول الوظيفية»، لكنهم يصطدمون بجدار وطني صلب اسمه الأردن. من هنا لا تمر الصفقات، ولا تنجح الضغوط، ولا يُباع التاريخ في المزاد السياسي… فقيادة تقول وتعمل… وشعب يُجسد ذلك على الواقع. فليس صدفة أن يقف الملك عبد الله الثاني في كل منبر دولي ليذكّر العالم أن القدس خط أحمر، وأن القضية الفلسطينية ليست ورقة للتفاوض، بل جوهر الصراع. وليس غريبًا أن يحتضن الشعب الأردني إخوته الفلسطينيين دون أن يتنازل أحد عن هويته، ولا عن حلم العودة… وليس مستغربًا أن يبقى الجيش العربي الأردني على أهبة الاستعداد، لأن المعركة لم تنتهِ، والحق لم يُستوفَ بعد فطريق التحرير رسمت على نهر الأردن.. في الختام أقول قبح الله وجه كل من يراهن على تعب الشعوب أو غفلتها أو قابليتها للتطبيع، ولنا في الأردن نهج دين وديدن : لا تهجير بعد الآن، ولا وطن بديل، بل عودة ودولة. ومن لم يتّعظ من الكرامة، فعليه أن يعيد حساباته، لأن التاريخ لا يرحم، والأردن لا يساوم بل يكسر أيادي العابثين…

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store