logo
صفقة ترامب التاريخية تشعل أزمة في فرنسا... اتهامات بالخضوع والفشل

صفقة ترامب التاريخية تشعل أزمة في فرنسا... اتهامات بالخضوع والفشل

في الوقت الذي صور فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق الجمركي الجديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كـ"أكبر صفقة تجارية في التاريخ"، انفجرت الساحة السياسية الفرنسية بردود فعل غاضبة وغير مسبوقة.
من اليسار إلى اليمين، تعالت أصوات المعارضين الذين وصفوا الاتفاق بأنه "خيانة"، "فشل سياسي"، بل و"استسلام مشين" للولايات المتحدة. وبين جدلية الاستقرار المؤقت والاختلال الدائم، تثير الصفقة تساؤلات كبرى حول مستقبل السيادة الاقتصادية الأوروبية وموقع فرنسا ضمن هذا التوازن الجديد.
صفقة غير متوازنة
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الفرنسي تييري ماييه، المتخصص في التجارة الدولية، وأستاذ في معهد العلوم السياسية لـ"العين الإخبارية" إن الاتفاق يمثل ضرورة دبلوماسية واقتصادية، في ظل التوترات التجارية المتصاعدة التي تسببت فيها السياسات الحمائية لإدارة ترامب، موضحًا أنها خطوة براغماتية تهدف إلى تجنب تصاعد حرب تجارية، لكنها في الوقت ذاته تبقى غير متوازنة: "صفقة ذات طابع واقعي، لكنها تخدم الطرف الأمريكي أكثر من الأوروبي".
وأشار ماييه إلى أن الاتفاق، رغم تأثيره المحتمل على نمو الاتحاد الأوروبي (بما يصل إلى 0.3–0.5% من الناتج المحلي)، لا يعد كارثة عاشها الاقتصاد، ولكنّه محفوف بالمخاطر على المدى المتوسط.
تخفيض الرسوم
ووقع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اتفاقًا تجاريًا جديدًا ينص على تحديد الرسوم الجمركية المتبادلة بنسبة 15%، في محاولة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين القوتين العظميين.
الاتفاق، الذي أُعلن عنه رسميًا في 27 يوليو/تموز، تم تسويقه على أنه "خطوة تاريخية" لتعزيز الاستقرار والتفاهم التجاري بعد سنوات من التوتر، خاصة خلال إدارة ترامب، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية.
لكن في باريس، لم تمر هذه الصفقة مرور الكرام. فقد قوبلت بموجة انتقادات شرسة من قبل المعارضة السياسية، التي وصفتها بأنها غير متوازنة، وتُهدد الوظائف الأوروبية، وتضعف السيادة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي.
معارضة سياسية
وفي مقدمة الأصوات المعارضة، خرج فرانسوا بايرو، رئيس الوزراء، عن صمته ليصف اليوم الذي وقع فيه الاتفاق بأنه "يوم مظلم"، حيث تخضع "تحالفات الشعوب الحرة" للهيمنة. وفي منشور ناري عبر منصة إكس، قال بايرو: "إنه يوم قاتم حين تُضطر تحالفات الحرية للدخول في خضوع مكشوف".
من جانبه، هاجم مانويل بومبارد، منسق حزب "فرنسا الأبية"، الاتفاق بوصفه "وصمة عار"، وهو ذات التعبير الذي استخدمه جان لوك ميلانشون، زعيم اليسار الراديكالي، الذي أضاف: "كل شيء تم التنازل عنه لترامب.. لقد مُنح حق تعديل قواعد اللعبة التي تم إرساؤها على مدار 75 عامًا من العلاقات الثنائية".
أما دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، فذهب إلى أبعد من ذلك حين اعتبر الاتفاق بمثابة "ضريبة تُدفع" للولايات المتحدة، منتقدًا الاستثمار أحادي الاتجاه بقيمة 600 مليار دولار، متسائلًا: "كم عدد الوظائف التي سيدفعها الأوروبيون ثمنًا لهذا الاتفاق؟".
انتقادات من أقصى اليمين
زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان لم توفر كلماتها، ووصفت الاتفاق بأنه "فشل سياسي، اقتصادي وأخلاقي"، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو المزيد من التبعية لواشنطن، على حساب أمنه الصناعي والمالي.
كما كتب النائب الأوروبي اليساري أنطوني سميث: "هذا ليس اتفاقًا تجاريًا، بل هو استسلام كامل!"
الرسالة المشتركة بين هؤلاء جميعًا أن الاتفاق يعزز من موقع الولايات المتحدة كمهيمن على قواعد اللعبة التجارية، بينما يتحول الأوروبيون – وفرنسا على وجه الخصوص – إلى شركاء من الدرجة الثانية بلا سلطة حقيقية في تحديد مسارهم الاقتصادي.
رد الحكومة الفرنسية
في مواجهة هذا السيل من الانتقادات، حاول المسؤولون الحكوميون تهدئة الأجواء دون إنكار العيوب. فقد صرح بنجامين حداد، وزير الشؤون الأوروبية، بأن الاتفاق سيمنح "استقرارًا مؤقتًا"، لكنه لم يخفِ حقيقة أنه "غير متوازن" بطبيعته. من جهته، أكد لوران سان-مارتان، مسؤول التجارة الخارجية، أن الحكومة ترى في الاتفاق خطوة "براغماتية"، رغم أنها لا تحقق كامل الطموحات الأوروبية.
ترامب يحتفل
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لعب دورًا في التمهيد لهذا الاتفاق، وصفه بأنه "أعظم اتفاق تجاري على الإطلاق"، في لهجة نصر اعتاد تبنيها. لكن هذا الخطاب، بحسب خصومه الأوروبيين، لا يعبر إلا عن توازن مختلّ يُكرّس تبعية أوروبية لاقتصاد أمريكي يفرض شروطه لا يفاوض.
الاتفاق الجمركي الجديد بين واشنطن وبروكسل يعكس أكثر من مجرد ترتيبات تجارية؛ إنه مرآة لانزياح متسارع في موازين القوى الاقتصادية. وفي ظل الغضب المتصاعد من السياسيين الفرنسيين على اختلاف توجهاتهم، تبدو فرنسا وكأنها أمام مفترق طرق: إما أن تعيد صياغة دورها ضمن الاتحاد الأوروبي بطريقة تحفظ استقلالية القرار الاقتصادي، أو تستمر في التماهي مع تحالفات تُدار من خارج القارة.
aXA6IDY0LjEzNy41Ni4yMDgg
جزيرة ام اند امز
FR
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعافي أكبر منتج لزيت الزيتون عالميًا بعد أزمة غير مسبوقة بإسبانيا
تعافي أكبر منتج لزيت الزيتون عالميًا بعد أزمة غير مسبوقة بإسبانيا

البوابة

timeمنذ 34 دقائق

  • البوابة

تعافي أكبر منتج لزيت الزيتون عالميًا بعد أزمة غير مسبوقة بإسبانيا

بعد واحدة من أصعب الفترات في تاريخ صناعة زيت الزيتون، أعلنت شركة "ديوليو" الإسبانية، وهي أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، عن توقعات متفائلة لمستقبل الصناعة، مشيرة إلى أن الحصاد الوفير وتحسن معنويات السوق يمثلان بداية تعافي القطاع. ونقلت شبكة "سي إن بي سي" عن كريستوبال فالداس، الرئيس التنفيذي للشركة، قوله "إن الموسم الجيد لجني الزيتون ساهم في استعادة الثقة داخل القطاع، وأسفر عن انخفاض ملحوظ في أسعار زيت الزيتون البكر والممتاز في المتاجر". ويأتي هذا الانتعاش بعد موسمين متتاليين من ضعف الإنتاج، تسببا في أزمة حادة عبر سلسلة التوريد بأكملها، حيث أدت عدة عوامل إلى تفاقم الوضع، أبرزها الظروف المناخية القاسية المرتبطة بتغير المناخ وارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب معدلات التضخم المرتفعة، ما تسبب في ارتفاع كبير بأسعار زيت الزيتون خلال العام الماضي، مما شكل صدمة للمستهلكين وخبراء الصناعة على حد سواء. وأضاف فالداس: "لقد شهدنا تحولا كبيرا منذ ذلك الحين. ما كان يعتبر من أصعب الفترات في تاريخنا، من حيث ندرة المواد الخام والتقلب الشديد في الأسعار، أصبح اليوم يشير إلى سوق أكثر استقرارًا ووعودًا". وتتوقع شركة "ديوليو"، الشركة المصنعة لعلامات تجارية شهيرة مثل "بيرتولي" و"كاربونيل"، استمرار انخفاض أسعار المواد الخام خلال النصف الثاني من عام 2025. وأشار فالداس إلى أن التعافي القوي في إنتاج الزيتون، خاصة في إسبانيا، ساهم في استقرار سلاسل الإمداد، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الأسعار في مناطق الإنتاج، وقال: "رغم إمكانية استمرار بعض التقلبات، فإننا نرى أن العودة إلى حالة من التوازن أصبحت قريبة". وتجدر الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من الإمدادات العالمية ل زيت الزيتون يأتي من منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تبرز دول مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان كمصدر رئيسي للإنتاج. وتُعد إسبانيا، على وجه الخصوص، أكبر منتج في الاتحاد الأوروبي، كما تمثل مرجعًا عالميًا للأسعار. ووفقا لبيانات وزارة الزراعة الإسبانية، فقد بلغ إنتاج البلاد من زيت الزيتون خلال موسم 2024/ 2025 نحو 1.41 مليون طن متري، بزيادة تُقدّر بنحو 65% مقارنة بـ 855،600 طن متري في الموسم السابق. وذكر فالداس أن المحصول الإسباني الوفير أدى إلى انخفاض أسعار المواد الخام بنسبة 50%، مما حفز الطلب وساهم في تمكين الشركة من خفض الأسعار للمستهلكين، وقال: "لهذا السبب، نحن متفائلون بحذر؛ إذ نتوقع سوقا أكثر توازنا، ترتكز على تسعير مسؤول، وتركيز أكبر على تقديم القيمة، لضمان نمو مستدام وصحة طويلة الأمد للقطاع". كما كشف عن أن تحسن ظروف السوق سمح للشركة بمضاعفة استثماراتها في مجال الإعلانات والترويج، لتصل إلى 10 ملايين يورو (نحو 11.63 مليون دولار). وأوضح أن الشركة تعتزم تكثيف جهودها التسويقية للحفاظ على مكانة زيت الزيتون كسلعة أساسية يومية، وذلك قبل سريان اتفاق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية، بدءا من 1 أغسطس.

قبل قمة ترامب وبوتين.. زيلينسكي يجدد «الخطوط الحمراء»
قبل قمة ترامب وبوتين.. زيلينسكي يجدد «الخطوط الحمراء»

العين الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العين الإخبارية

قبل قمة ترامب وبوتين.. زيلينسكي يجدد «الخطوط الحمراء»

فولوديمير زيلينسكي يجدد رفض أوكرانيا لفكرة التخلي لروسيا عن أراض، محذرا من أن القرارات المتخذة من دون بلاده لن تجلب السلام. وتأتي تصريحات فولوديمير زيلينسكي فيما يستعدّ الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب لعقد قمّة الأسبوع المقبل في ألاسكا. واليوم السبت، كتب زيلينسكي على شبكات التواصل الاجتماعي "الأوكرانيون لن يتخلّوا عن أرضهم للمحتلّ". وأكّد أن "أيّ قرار ضدّنا، أيّ قرار من دون أوكرانيا هو أيضا قرار ضدّ السلام. ولن يحقّق شيئا"، مشيرا إلى أن الحرب "لا يمكن أن تنهى من دوننا، من دون أوكرانيا". وشدد زيلينسكي على أن أوكرانيا مستعدّة "لقرارات فعلية من شأنها أن تجلب السلام" الذي ينبغي أن يكون "سلاما لائقا". آمال فشلت ثلاث جولات من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في تحقيق نتائج ملموسة، في حين لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القمة المنتظرة بين الرئيسين الأمريكي والروسي ستساهم في إحلال السلام. وتجاهلت موسكو دعوات كييف والعواصم الأوروبية الحليفة المتكررة إلى وقف لإطلاق النار مدته 30 يوما. واستبعد بوتين عقد لقاء مع فولوديمير زيلينسكي في هذه المرحلة، وهو اجتماع يعتبر الرئيس الأوكراني أنه ضروري لتحقيق تقدم في التوصل إلى اتفاق. ولم تفضِ الجولة الأخيرة من المباحثات المباشرة بين الطرفين في يوليو/ تموز الماضي بإسطنبول سوى إلى صفقة جديدة لتبادل أسرى حرب ورفات جنود. وأمس الجمعة، أعلن ترامب أنه سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 15 أغسطس/ آب الجاري بولاية ألاسكا الأميركية، مشيرا إلى أن اتفاقا نهائيا بين موسكو وكييف لوضع حد للحرب في أوكرانيا قد يشمل تبادل أراض. نقاط الخلاف قال ترامب إنه سيكون هناك "بعض من تبادل الأراضي لصالح الطرفين" الروسي والأوكراني، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وقمة ألاسكا ستكون الأولى لبوتين مع رئيس أمريكي منذ لقائه مع جو بايدن بجنيف في يونيو/ حزيران عام 2021. وآخر لقاء جمع ترامب وبوتين كان عام 2019 خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان إبان ولاية ترامب الأولى، لكنهما تحدثا هاتفيا مرات عدة منذ يناير/ كانون الثاني الماضي. وأعلن الكرملين السبت أنه وجه دعوة لترامب لزيارة روسيا بعد قمته الجمعة المقبل في ألاسكا. وتطالب موسكو بأن تتنازل أوكرانيا عن أربع مناطق محتلة جزئيا هي دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014. لكن كييف ترفض هذه المطالب وتشدد على وجوب انسحاب القوات الروسية من أراضيها والحصول على ضمانات أمنية غربية، بما في ذلك استمرار تسليم الأسلحة ونشر قوة أوروبية، وهو ما تعارضه روسيا. aXA6IDgyLjI1LjIwOS4yMTYg جزيرة ام اند امز FR

إصابة جنود تايلانديين في انفجار لغم على الحدود مع كمبوديا
إصابة جنود تايلانديين في انفجار لغم على الحدود مع كمبوديا

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

إصابة جنود تايلانديين في انفجار لغم على الحدود مع كمبوديا

بانكوك- أ ف ب أدى انفجار لغم أرضي السبت إلى إصابة ثلاثة جنود تايلانديين كانوا في دورية قرب الحدود مع كمبوديا، وذلك بعد أيام من اتفاق على وقف إطلاق النار بين البلدين. وجاء في بيان للجيش الملكي التايلاندي أن الانفجار وقع في مقاطعة سيساكيت نحو الساعة 10,00 (03,00 بتوقيت غرينتش). وأصيب جندي بجروح خطرة في ساقه، وآخر في ظهره وذراعه، بينما تضررت أذن الثالث. يأتي ذلك بعد مقتل 43 شخصاً على الأقل في سلسلة اشتباكات أواخر تموز/يوليو، عندما تصاعد نزاع يعود لعقود حول معابد حدودية. وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار منتصف ليل 28 تموز/يوليو برعاية ماليزية، بعد ضغوط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريق من الوسطاء الصينيين. وتتواجه تايلاند وكمبوديا منذ عقود حول ترسيم الحدود المشتركة التي تعود لحقبة الهند الصينية الفرنسية، لكن المنطقة لم تشهد تصعيداً كهذا منذ العام 2011. وأمر القائم بأعمال رئيس الوزراء التايلاندي فومتام ويتشاياشاي الذي كان في زيارة إلى مقاطعة سورين المجاورة السبت، الجيش بضمان تلقي الجنود الجرحى العلاج الكامل. وشهدت الحدود الممتدة على مسافة 800 كيلومتر قتالاً بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرق آسيا ما أجبر أكثر من 300 ألف شخص على النزوح.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store