logo
مكافحة تبييض الأموال في الجزائر تحت المجهر الدولي

مكافحة تبييض الأموال في الجزائر تحت المجهر الدولي

Independent عربيةمنذ 5 ساعات

تواجه الجزائر في الوقت الراهن إشكالاً مزدوجاً ذا طابع تقني وسياسي، يتمثل في سعيها العاجل إلى تفادي تداعيات التصنيفات الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال، بعد إدراجها على التوالي ضمن "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي الدولية "غافي"GAFI ، ثم "قائمة الدول عالية الأخطار" للاتحاد الأوروبي، مما وضع الحكومة الجزائرية أمام ضرورة مستعجلة لإصلاح منظومتها القانونية والرقابية، لكن التساؤل المطروح بحدة هو: هل تكفي التعديلات القانونية وحدها لطمأنة الهيئات الدولية؟
أصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أمراً رئاسياً بضرورة التطبيق الصارم لتوصيات "غافي" (مواقع التواصل الاجتماعي)
تصنيفات متتالية
في الجزائر في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أدرجت "غافي" البلاد ضمن "القائمة الرمادية"، بسبب ما اعتبرته "وجود نقائص في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، مع وجود التزام بإصلاحها بالتعاون مع "غافي" التي ألقت الضوء على ثغرات عدة، منها "ضعف الرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية، وغياب شفافية مصلحة المستفيدين الفعليين للشركات، وتدني فعالية التبليغ عن المعاملات المشبوهة"، وقدمت "غافي"، في فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2025، تقارير متابعة تفيد بأن الجزائر أحرزت تقدماً تقنياً في معالجة بعض النقائص الناجمة عن تقرير التقييم المتبادل الذي أجري في عام 2023، لكنها لم تخرج بعد كل التقارير الفنية المتعلقة بإصلاح النظام التشريعي والتنفيذي. وتزامنت تقارير "غافي" مع إلحاق الاتحاد الأوروبي الجزائر في الـ10 من يونيو (حزيران) 2025 بقائمة "الدول عالية الأخطار" بموجب توجيهاته لمكافحة غسل الأموال، إلى جانب دول مثل أنغولا وساحل العاج وكينيا ولبنان وناميبيا وفنزويلا وموناكو وغيرها، إذ من المنتظر أن يدخل هذا التعديل حيز التنفيذ بعد مرور مهلة الاعتراض من البرلمان الأوروبي ودول أعضاء الاتحاد، التي تمتد شهراً أو بحد أقصى شهرين إضافيين، وفقاً للإجراءات القانونية المنصوص عليها.
ويعني هذا الإدراج أن المؤسسات المالية في دول الاتحاد ملزمة بتطبيق "يقظة مفرطة" تجاه المعاملات التي تشمل الجزائر، مما يرفع من كلفة التعاملات ويزيد من الرقابة على التدفقات المالية القادمة منها أو إليها. كما أن الجزائر قد تواجه تباطؤاً في وصول الاستثمارات الأوروبية، وقيوداً محتملة على التمويلات سواء الحكومية أم الخاصة، في حال لم تتمكن من معالجة النواقص المحددة.
التساؤل المطروح بحدة هو: هل تكفي التعديلات القانونية وحدها لطمأنة الهيئات الدولية؟ (مواقع التواصل الاجتماعي)
تعديل تشريعي
في السياق عقد الوزير الأول الجزائري نذير العرباوي اجتماعاً للحكومة خصص جانب كبير منه لمناقشة مشروع قانون جديد يعدل ويتمم القانون الصادر في عام 2005، والمختص بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. وتأتي الخطوة في سياق المساعي الرسمية إلى التجاوب مع ملاحظات مجموعة العمل المالي الدولي "غافي"، التي كثيراً ما شددت على الحاجة إلى تشديد الرقابة، خصوصاً على القطاعات المالية غير المصرفية وشفافية المستفيدين الفعليين من الشركات.
ويسعى النص الجديد إلى تعزيز الآليات القانونية والرقابية بما يتماشى مع المعايير الحديثة، إذ يدرج تدابير مثل توسيع نطاق التعاون الدولي، ومصادرة الأموال المشبوهة حتى في غياب حكم قضائي، فضلاً عن الإبلاغ الإجباري عن العمليات المشبوهة عبر "خلية معالجة الاستعلام المالي".
وفي مايو (أيار) الماضي، أُصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أمراً رئاسياً بضرورة التطبيق الصارم لتوصيات "غافي"، إذ اعتبر الرئيس تبون أن "المعركة ضد تمويل الإرهاب ليست فقط التزاماً دولياً، بل رهاناً استراتيجياً لحماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة في النظام المالي".
واعتمدت الجزائر عام 2022 قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، الذي ألزم المؤسسات المالية، بوضع "برامج وتدابير تطبيقية تعتمد على النهج القائم على الأخطار لمكافحة هذه الجرائم وتكليف هيئات الرقابة والإشراف بمتابعة تنفيذها".
ويشدد القانون على "ضرورة اتخاذ الجمعيات والمنظمات غير الربحية قواعد التصرف الحذر، لا سيما الامتناع عن قبول التبرعات والمساعدات المالية مجهولة المصدر، أو المتأتية من أعمال غير مشروعة، أو من أشخاص أو تنظيمات، أو هياكل ثبت تورطهم داخل تراب الجمهورية أو خارجه في أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية، وكذلك الامتناع عن قبول أي مبالغ مالية نقدية من دون رخصة من الوزارة المختصة".
كما ألزم مشروع القانون بإبلاغ الهيئة المتخصصة (خلية معالجة الاستعلام المالي)، بكل "عملية يشتبه بأنها تتعلق بأموال متحصل عليها من جريمة أصلية أو مرتبطة بتبييض الأموال أو لها علاقة بتمويل الإرهاب أو تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل".
ونص المشروع من جانب آخر على "توسيع مجال التعاون الدولي في كل ما يتعلق بطلبات التحقيق والإنابات القضائية الدولية وتسليم الأشخاص المطلوبين، وكذلك بين الهيئة المتخصصة الجزائرية وهيئات الدول الأخرى التي تمارس مهمات مماثلة مع مراعاة المعاملة بالمثل"، كما قضى بـ"مصادرة الأموال حتى في حال غياب حكم بالإدانة إذا كانت تشكل عائدات ناتجة من ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وبتنفيذ الطلبات الصادرة عن دولة أجنبية الرامية إلى مصادرة الأموال الناتجة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون".
تسييس الملفات
لكن على رغم هذه الإجراءات، تواجه الجزائر تحديات على جبهتين: فنياً، لم تلب بعد كل التوصيات التقنية لـ"غافي"، على رغم التقدم المحرز منذ تقرير التقييم المتبادل في 2023، وسياسياً أدرجها الاتحاد الأوروبي في الـ10 من يونيو 2025 ضمن قائمته للدول عالية الأخطار في مجال غسل الأموال، في خطوة أثارت شكوكاً داخل الجزائر في شأن خلفيات القرار، بخاصة مع تصاعد الدعوات في البرلمان الأوروبي إلى استخدام ورقة العقوبات للضغط السياسي. وبدا التصنيف الأوروبي مفاجئاً ومحل تشكيك في غاياته وأهدافه من أوساط جزائرية بخاصة في هذا التوقيت، إذ لم يتردد عدد من النواب الأوروبيين في الدعوة إلى فرض عقوبات على الجزائر، من أجل الضغط عليها للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال (يحمل الجنسية الفرنسية) المتهم بالمساس بالوحدة الوطنية في الجزائر، وظهرت مثل هذه الدعوات في لائحة اعتمدها البرلمان الأوروبي طلب فيها من المفوضية الأوروبية استعمال أدوات ضغط ضد الجزائر.
وتحسباً لتقديم التقرير إلى مجموعة العمل نهاية يونيو الجاري، تقوم الجزائر ببلورة مزيد من النصوص بغية استرجاع زمام المبادرة القانونية لتفادي التعرض لتقييد قدراتها في الوصول إلى الأنظمة المالية الدولية، وتفادي انتكاسات مماثلة يجري استغلالها ضمن تحرشات مبرمجة من خصوم دوليين معروفين للضغط على الجانب الجزائري في قضايا عدة. ولا يقتصر الإدراج الأوروبي على الضرر المعنوي، بل يتسبب في تداعيات اقتصادية مباشرة، إذ سترغم المؤسسات المالية الأوروبية على تطبيق إجراءات "يقظة مفرطة" على المعاملات المرتبطة بالجزائر، مما من شأنه إبطاء تدفق الاستثمارات وتعقيد التمويلات وزيادة كلفة التعاملات مع البنوك الجزائرية.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إغلاق الثغرات
كما شنت السلطات الأمنية خلال الأشهر الأخيرة حملات مكثفة ضد شبكات تهريب المخدرات وتبييض الأموال، أسفرت عن توقيف عشرات الأشخاص ومصادرة مبالغ مالية ضخمة، غالباً ما يجري تبييضها في معاملات عقارية تتم خارج البنوك، عبر عقود عند الموثقين، وهو ما بات غير ممكن اليوم مع إلزام غرفة الموثقين بعدم إبرام عقود إلا بوجود تعامل مالي عبر القنوات الرسمية.
واعتمدت الجزائر إجراءات ردعية عدة منذ بداية 2025، أبرزها تجريم الدفع النقدي في المعاملات العقارية، وفرض التأمين الإجباري على شراء المركبات واليخوت، وهي خطوات تهدف إلى تقليص حجم الاقتصاد الموازي. كما كثفت مصالح الأمن حملاتها ضد شبكات التهريب وتبييض الأموال، مع تشديد الرقابة على تعاملات الموثقين.
وصدرت تشريعات ونصوص تنظيمية عدة لتعزيز القدرات الوطنية وتكييف الإطار القانوني الوطني لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أحدثها "الخطط التوجيهية الأربع حول إجراءات العناية الواجبة تجاه الزبائن والمستفيدين الحقيقيين على مستوى مهن الوكلاء العقاريين، والتقييم الذاتي لأخطار تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتدابير تجميد أو حجز الأموال والممتلكات في إطار العقوبات المالية المستهدفة، وتدابير تحديد هوية المستفيدين الحقيقيين، والتحقق منها من طرف الوكلاء العقاريين في مجال الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب"، كما جرى إصلاح التشريعات الخاصة بمهنة التوثيق، من خلال إصدار تنظيمات تتعلق بتدابير العناية الواجبة تجاه الزبائن ودليل الرقابة والإشراف وتحديد أخطار تبييض الأموال المرتبطة بالمهنة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لإدارتها وخفضها وتحديد المستفيد الحقيقي من المعاملة، بخاصة بالنسبة إلى الشركات المدنية والتجارية.
وفي السياق جرى إعداد برامج تكوين أعوان الرقابة والتفتيش من الموثقين والسهر على تنفيذها دورياً، مع تقديم حصيلة عن نتائجها واتخاذ التدابير المناسبة تجاه المخالفين، وإصلاح الإطار القانوني لمهنة المحضر القضائي، إذ يتوجب على ممارسي المهنة إبلاغ الهيئة المتخصصة بكل عملية تتعلق بأموال يشتبه في أنه متحصل عليها من جريمة، أو يبدو أنها موجهة لتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب، وهذا تماشياً مع أحكام القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها المصادق عليه في الأشهر الماضية.
وترى السلطات الجزائرية أن هذه الإصلاحات ليست فقط استجابة للمعايير الدولية، بل إنها ضرورة وطنية لحماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة في النظام المالي، بخاصة في ظل ارتفاع التحديات المرتبطة بالتمويل غير المشروع وتهديداته للأمن الاقتصادي للبلاد.
آثار وحلول
ورأى المحلل الاقتصادي الجزائري هواري تيغرسي أن هناك عدداً من الآثار الاقتصادية والمالية تترتب على وضع بلد في هذه القوائم أو التصنيفات السلبية الدولية، أبرزها انخفاض جاذبية الاستثمارات الأجنبية، وهو ما ينعكس سلباً على الإمكانات الاقتصادية وفرص الاستثمار التي توفرها الدولة. وأضاف تيغرسي "هذه التصنيفات السلبية تؤثر في سمعة البلاد، وفي التقييمات الاقتصادية والمالية، وتضعف الثقة الدولية في الاقتصاد الجزائري، على رغم وجود تقارير إيجابية من هيئات ومؤسسات مالية دولية أخرى، عكس ما يجري الترويج له، إذ تعمل السلطات على تدارك النقائص وإصلاح الاختلالات الموجودة"، وأشار إلى وجود نتائج مهمة في الجزائر في فبراير 2023، حين أعلنت مجموعة "غافي" خروج الجزائر من القائمة الرمادية اعترافاً بتحسين القوانين المرتبطة بمكافحة تبييض الأموال، مشيراً إلى أنه على رغم هذه التقارير إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يغادر الجزائر كما تراجع وقتها عن وضع البلاد على قائمة الدول عالية الأخطار بالنظر لمكانتها كشريك استراتيجي. وتابع "الجزائر، منذ الاستقلال، لاحظنا غياب استثمار أجنبي حقيقي، وتحويل رؤوس الأموال والتكنولوجيا، أو تكوين كادر بشري، لأن هذه الشركات الأجنبية لم تتعامل مع الجزائر بصورة تعطي إضافة إلى الاقتصاد المحلي، لكنها كانت تستثمر في المجالات السهلة مثل الخدمات لتحويل الأرباح مباشرة إلى الخارج"، وتابع تيغرسي أن الجزائر في منأى عن أخطار تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بالنظر إلى الاستثمارات الأجنبية المهمة التي يجري تنفيذها في البلاد، على رغم عدم محاولة الشركات المتعددة الجنسيات الدخول إلى الجزائر خلال فترات سابقة، لأسباب ترتبط بمنظومة عدائية خاصة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، بينما توجد اليوم شركات كبيرة تعمل في البلاد من جنسيات أميركية أو أوروبية وآسيوية.
ورجح المتحدث نفسه فرضية وجود ضغوط من طرف دولة أوروبية لم يسمها في الموضوع، مشيراً إلى أن "هناك دولاً تكن عداء تاريخياً بالنسبة إلى الجزائر تحاول التشويش على صورتها، لكنها لن تنجح بالنظر إلى وجود تنسيق جزائري كبير بين إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وغيرها لاستقطاب الاستثمارات الأوروبية"، وأوضح أن الجزائر تستغل إلى حد الآن أقل من 20 في المئة من الإمكانات الاستثمارية الوطنية، كما تركز على جلب الاستثمارات الأجنبية ضمن مقاربة سياسية تمنح الدول التي تجمعها بها علاقات سياسية جيدة أفضلية الاستثمار، مثل الصين وسلطنة عمان وإيطاليا وعدد من الدول الأخرى. وأشار إلى تقارير إيجابية حول الجزائر يصدرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الأفريقية والبنك الإسلامي للتنمية تتضمن ملاحظات جيدة، تؤكد هذه الهيئات في تقاريرها أنها ترافق الجزائر وتدعم الحركية الاقتصادية في البلاد.
وبخصوص الإشكالات التي فرضها وضع أية دولة في هذه القوائم، قال هواري تيغرسي إنها تتعلق بفرض قيود إضافية على الشركات المتعددة الجنسيات والبنوك الدولية إضافية للتعامل مع الدول المصنفة في هذه القوائم. وأشار إلى ارتفاع كلفة القروض، مما يستوجب وجود ضمانات إضافية، مما يزيد العبء المالي على الدولة، لكن هذا غير موجود في الجزائر، لأنها تعتمد على شراكات مبنية على تقارب سياسي واقتصادي بالنظر إلى الإصلاحات التي تقوم بها الدولة سواء بالنسبة إلى القانون النقدي أم النظام المصرفي.
النظام البنكي
وبحسب المتحدث نفسه، ما زال النظام البنكي في الجزائر متعثراً، لأن البنوك تعاني صعوبات في التعامل مع نظيرتها الأجنبية والأوروبية خصوصاً، وهذا ما تسعى إليه الحكومة الجزائرية لإصلاح هذه القوانين وتذليل العقبات المرتبطة بإشكال التحويلات المالية، أو فتح الاعتمادات المستندية، مما يستوجب تفعيل هذه الإصلاحات وإلغاء هذه التعقيدات وتسهيل مرافقة الاستثمارات وخلق الثروة وحركية ونشاط اقتصادي. وقال إن التأثيرات تنسحب في التجارة الخارجية، ومن مظاهرها "تأخيرات في المعاملات التجارية، بسبب الرقابة المشددة في البنوك الجزائرية، ما يجري العمل عليه لتسهيل الولوج إلى أكبر عدد من الأسواق، كما أن الشركاء التجاريين يطلبون ضمانات إضافية ويفرضون أحياناً شروطاً صارمة، مما يتطلب إصلاح منظومة التجارة الخارجية من خلال استحداث وكالات جديدة خاصة بالتصدير والاستيراد"، ولفت إلى أن البرلمان الجزائري يشتغل بسرعة لإنجاز المشاريع التي توفر المناخ المناسب للنشاط الاقتصادي ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للتوافق مع توصيات مجموعة "غافي"، وإنشاء مؤسسات ومنصات متخصصة في إيجاد طرق ووسائل لمكافحة الجرائم المالية والاقتصادية للمراقبة والمتابعة ومراقبة تنفيذ الإصلاحات (هيئات مكافحة الفساد).
ورأى تيغرسي ضرورة رفع مستوى التنسيق بين المؤسسات المالية، عبر بنك الجزائر ووزارة المالية والجمارك، والمصالح الأمنية المتخصصة والهيئات المالية الدولية لتقليص الجرائم المالية إلى أدنى مستوى ممكن، والامتثال للمعايير الدولية في البنوك وشركات التأمين، وفرض إجراءات مراقبة خاصة بتحقيق العمليات المالية المشبوهة، وهو أمر مهم بالنسبة إلى المؤسسات المالية والهيئات الوطنية المرتبطة بالنشاط الاقتصادي.
وبين تصعيد أوروبي يراه بعضهم ذا دوافع سياسية، وإصلاحات داخلية تبدو حتى الآن جزئية، يبقى مستقبل الجزائر في هذا الملف رهن نجاحها في إقناع المجتمع الدولي بجدية إصلاحاتها، لا فقط على الورق، بل في تغيير جذري للبنية التنظيمية والرقابية المرتبطة بجرائم المال، وستظل البلاد تواجه كلفة معنوية واقتصادية تتجاوز حدود النصوص القانونية، وتتطلب إرادة سياسية واضحة، وتنفيذاً صارماً لإصلاحات عميقة تشمل المؤسسات والرقابة والشفافية في التعاملات المالية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مكافحة تبييض الأموال في الجزائر تحت المجهر الدولي
مكافحة تبييض الأموال في الجزائر تحت المجهر الدولي

Independent عربية

timeمنذ 5 ساعات

  • Independent عربية

مكافحة تبييض الأموال في الجزائر تحت المجهر الدولي

تواجه الجزائر في الوقت الراهن إشكالاً مزدوجاً ذا طابع تقني وسياسي، يتمثل في سعيها العاجل إلى تفادي تداعيات التصنيفات الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال، بعد إدراجها على التوالي ضمن "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي الدولية "غافي"GAFI ، ثم "قائمة الدول عالية الأخطار" للاتحاد الأوروبي، مما وضع الحكومة الجزائرية أمام ضرورة مستعجلة لإصلاح منظومتها القانونية والرقابية، لكن التساؤل المطروح بحدة هو: هل تكفي التعديلات القانونية وحدها لطمأنة الهيئات الدولية؟ أصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أمراً رئاسياً بضرورة التطبيق الصارم لتوصيات "غافي" (مواقع التواصل الاجتماعي) تصنيفات متتالية في الجزائر في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أدرجت "غافي" البلاد ضمن "القائمة الرمادية"، بسبب ما اعتبرته "وجود نقائص في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، مع وجود التزام بإصلاحها بالتعاون مع "غافي" التي ألقت الضوء على ثغرات عدة، منها "ضعف الرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية، وغياب شفافية مصلحة المستفيدين الفعليين للشركات، وتدني فعالية التبليغ عن المعاملات المشبوهة"، وقدمت "غافي"، في فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2025، تقارير متابعة تفيد بأن الجزائر أحرزت تقدماً تقنياً في معالجة بعض النقائص الناجمة عن تقرير التقييم المتبادل الذي أجري في عام 2023، لكنها لم تخرج بعد كل التقارير الفنية المتعلقة بإصلاح النظام التشريعي والتنفيذي. وتزامنت تقارير "غافي" مع إلحاق الاتحاد الأوروبي الجزائر في الـ10 من يونيو (حزيران) 2025 بقائمة "الدول عالية الأخطار" بموجب توجيهاته لمكافحة غسل الأموال، إلى جانب دول مثل أنغولا وساحل العاج وكينيا ولبنان وناميبيا وفنزويلا وموناكو وغيرها، إذ من المنتظر أن يدخل هذا التعديل حيز التنفيذ بعد مرور مهلة الاعتراض من البرلمان الأوروبي ودول أعضاء الاتحاد، التي تمتد شهراً أو بحد أقصى شهرين إضافيين، وفقاً للإجراءات القانونية المنصوص عليها. ويعني هذا الإدراج أن المؤسسات المالية في دول الاتحاد ملزمة بتطبيق "يقظة مفرطة" تجاه المعاملات التي تشمل الجزائر، مما يرفع من كلفة التعاملات ويزيد من الرقابة على التدفقات المالية القادمة منها أو إليها. كما أن الجزائر قد تواجه تباطؤاً في وصول الاستثمارات الأوروبية، وقيوداً محتملة على التمويلات سواء الحكومية أم الخاصة، في حال لم تتمكن من معالجة النواقص المحددة. التساؤل المطروح بحدة هو: هل تكفي التعديلات القانونية وحدها لطمأنة الهيئات الدولية؟ (مواقع التواصل الاجتماعي) تعديل تشريعي في السياق عقد الوزير الأول الجزائري نذير العرباوي اجتماعاً للحكومة خصص جانب كبير منه لمناقشة مشروع قانون جديد يعدل ويتمم القانون الصادر في عام 2005، والمختص بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. وتأتي الخطوة في سياق المساعي الرسمية إلى التجاوب مع ملاحظات مجموعة العمل المالي الدولي "غافي"، التي كثيراً ما شددت على الحاجة إلى تشديد الرقابة، خصوصاً على القطاعات المالية غير المصرفية وشفافية المستفيدين الفعليين من الشركات. ويسعى النص الجديد إلى تعزيز الآليات القانونية والرقابية بما يتماشى مع المعايير الحديثة، إذ يدرج تدابير مثل توسيع نطاق التعاون الدولي، ومصادرة الأموال المشبوهة حتى في غياب حكم قضائي، فضلاً عن الإبلاغ الإجباري عن العمليات المشبوهة عبر "خلية معالجة الاستعلام المالي". وفي مايو (أيار) الماضي، أُصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أمراً رئاسياً بضرورة التطبيق الصارم لتوصيات "غافي"، إذ اعتبر الرئيس تبون أن "المعركة ضد تمويل الإرهاب ليست فقط التزاماً دولياً، بل رهاناً استراتيجياً لحماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة في النظام المالي". واعتمدت الجزائر عام 2022 قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، الذي ألزم المؤسسات المالية، بوضع "برامج وتدابير تطبيقية تعتمد على النهج القائم على الأخطار لمكافحة هذه الجرائم وتكليف هيئات الرقابة والإشراف بمتابعة تنفيذها". ويشدد القانون على "ضرورة اتخاذ الجمعيات والمنظمات غير الربحية قواعد التصرف الحذر، لا سيما الامتناع عن قبول التبرعات والمساعدات المالية مجهولة المصدر، أو المتأتية من أعمال غير مشروعة، أو من أشخاص أو تنظيمات، أو هياكل ثبت تورطهم داخل تراب الجمهورية أو خارجه في أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية، وكذلك الامتناع عن قبول أي مبالغ مالية نقدية من دون رخصة من الوزارة المختصة". كما ألزم مشروع القانون بإبلاغ الهيئة المتخصصة (خلية معالجة الاستعلام المالي)، بكل "عملية يشتبه بأنها تتعلق بأموال متحصل عليها من جريمة أصلية أو مرتبطة بتبييض الأموال أو لها علاقة بتمويل الإرهاب أو تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل". ونص المشروع من جانب آخر على "توسيع مجال التعاون الدولي في كل ما يتعلق بطلبات التحقيق والإنابات القضائية الدولية وتسليم الأشخاص المطلوبين، وكذلك بين الهيئة المتخصصة الجزائرية وهيئات الدول الأخرى التي تمارس مهمات مماثلة مع مراعاة المعاملة بالمثل"، كما قضى بـ"مصادرة الأموال حتى في حال غياب حكم بالإدانة إذا كانت تشكل عائدات ناتجة من ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وبتنفيذ الطلبات الصادرة عن دولة أجنبية الرامية إلى مصادرة الأموال الناتجة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون". تسييس الملفات لكن على رغم هذه الإجراءات، تواجه الجزائر تحديات على جبهتين: فنياً، لم تلب بعد كل التوصيات التقنية لـ"غافي"، على رغم التقدم المحرز منذ تقرير التقييم المتبادل في 2023، وسياسياً أدرجها الاتحاد الأوروبي في الـ10 من يونيو 2025 ضمن قائمته للدول عالية الأخطار في مجال غسل الأموال، في خطوة أثارت شكوكاً داخل الجزائر في شأن خلفيات القرار، بخاصة مع تصاعد الدعوات في البرلمان الأوروبي إلى استخدام ورقة العقوبات للضغط السياسي. وبدا التصنيف الأوروبي مفاجئاً ومحل تشكيك في غاياته وأهدافه من أوساط جزائرية بخاصة في هذا التوقيت، إذ لم يتردد عدد من النواب الأوروبيين في الدعوة إلى فرض عقوبات على الجزائر، من أجل الضغط عليها للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال (يحمل الجنسية الفرنسية) المتهم بالمساس بالوحدة الوطنية في الجزائر، وظهرت مثل هذه الدعوات في لائحة اعتمدها البرلمان الأوروبي طلب فيها من المفوضية الأوروبية استعمال أدوات ضغط ضد الجزائر. وتحسباً لتقديم التقرير إلى مجموعة العمل نهاية يونيو الجاري، تقوم الجزائر ببلورة مزيد من النصوص بغية استرجاع زمام المبادرة القانونية لتفادي التعرض لتقييد قدراتها في الوصول إلى الأنظمة المالية الدولية، وتفادي انتكاسات مماثلة يجري استغلالها ضمن تحرشات مبرمجة من خصوم دوليين معروفين للضغط على الجانب الجزائري في قضايا عدة. ولا يقتصر الإدراج الأوروبي على الضرر المعنوي، بل يتسبب في تداعيات اقتصادية مباشرة، إذ سترغم المؤسسات المالية الأوروبية على تطبيق إجراءات "يقظة مفرطة" على المعاملات المرتبطة بالجزائر، مما من شأنه إبطاء تدفق الاستثمارات وتعقيد التمويلات وزيادة كلفة التعاملات مع البنوك الجزائرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إغلاق الثغرات كما شنت السلطات الأمنية خلال الأشهر الأخيرة حملات مكثفة ضد شبكات تهريب المخدرات وتبييض الأموال، أسفرت عن توقيف عشرات الأشخاص ومصادرة مبالغ مالية ضخمة، غالباً ما يجري تبييضها في معاملات عقارية تتم خارج البنوك، عبر عقود عند الموثقين، وهو ما بات غير ممكن اليوم مع إلزام غرفة الموثقين بعدم إبرام عقود إلا بوجود تعامل مالي عبر القنوات الرسمية. واعتمدت الجزائر إجراءات ردعية عدة منذ بداية 2025، أبرزها تجريم الدفع النقدي في المعاملات العقارية، وفرض التأمين الإجباري على شراء المركبات واليخوت، وهي خطوات تهدف إلى تقليص حجم الاقتصاد الموازي. كما كثفت مصالح الأمن حملاتها ضد شبكات التهريب وتبييض الأموال، مع تشديد الرقابة على تعاملات الموثقين. وصدرت تشريعات ونصوص تنظيمية عدة لتعزيز القدرات الوطنية وتكييف الإطار القانوني الوطني لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أحدثها "الخطط التوجيهية الأربع حول إجراءات العناية الواجبة تجاه الزبائن والمستفيدين الحقيقيين على مستوى مهن الوكلاء العقاريين، والتقييم الذاتي لأخطار تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتدابير تجميد أو حجز الأموال والممتلكات في إطار العقوبات المالية المستهدفة، وتدابير تحديد هوية المستفيدين الحقيقيين، والتحقق منها من طرف الوكلاء العقاريين في مجال الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب"، كما جرى إصلاح التشريعات الخاصة بمهنة التوثيق، من خلال إصدار تنظيمات تتعلق بتدابير العناية الواجبة تجاه الزبائن ودليل الرقابة والإشراف وتحديد أخطار تبييض الأموال المرتبطة بالمهنة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لإدارتها وخفضها وتحديد المستفيد الحقيقي من المعاملة، بخاصة بالنسبة إلى الشركات المدنية والتجارية. وفي السياق جرى إعداد برامج تكوين أعوان الرقابة والتفتيش من الموثقين والسهر على تنفيذها دورياً، مع تقديم حصيلة عن نتائجها واتخاذ التدابير المناسبة تجاه المخالفين، وإصلاح الإطار القانوني لمهنة المحضر القضائي، إذ يتوجب على ممارسي المهنة إبلاغ الهيئة المتخصصة بكل عملية تتعلق بأموال يشتبه في أنه متحصل عليها من جريمة، أو يبدو أنها موجهة لتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب، وهذا تماشياً مع أحكام القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها المصادق عليه في الأشهر الماضية. وترى السلطات الجزائرية أن هذه الإصلاحات ليست فقط استجابة للمعايير الدولية، بل إنها ضرورة وطنية لحماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة في النظام المالي، بخاصة في ظل ارتفاع التحديات المرتبطة بالتمويل غير المشروع وتهديداته للأمن الاقتصادي للبلاد. آثار وحلول ورأى المحلل الاقتصادي الجزائري هواري تيغرسي أن هناك عدداً من الآثار الاقتصادية والمالية تترتب على وضع بلد في هذه القوائم أو التصنيفات السلبية الدولية، أبرزها انخفاض جاذبية الاستثمارات الأجنبية، وهو ما ينعكس سلباً على الإمكانات الاقتصادية وفرص الاستثمار التي توفرها الدولة. وأضاف تيغرسي "هذه التصنيفات السلبية تؤثر في سمعة البلاد، وفي التقييمات الاقتصادية والمالية، وتضعف الثقة الدولية في الاقتصاد الجزائري، على رغم وجود تقارير إيجابية من هيئات ومؤسسات مالية دولية أخرى، عكس ما يجري الترويج له، إذ تعمل السلطات على تدارك النقائص وإصلاح الاختلالات الموجودة"، وأشار إلى وجود نتائج مهمة في الجزائر في فبراير 2023، حين أعلنت مجموعة "غافي" خروج الجزائر من القائمة الرمادية اعترافاً بتحسين القوانين المرتبطة بمكافحة تبييض الأموال، مشيراً إلى أنه على رغم هذه التقارير إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يغادر الجزائر كما تراجع وقتها عن وضع البلاد على قائمة الدول عالية الأخطار بالنظر لمكانتها كشريك استراتيجي. وتابع "الجزائر، منذ الاستقلال، لاحظنا غياب استثمار أجنبي حقيقي، وتحويل رؤوس الأموال والتكنولوجيا، أو تكوين كادر بشري، لأن هذه الشركات الأجنبية لم تتعامل مع الجزائر بصورة تعطي إضافة إلى الاقتصاد المحلي، لكنها كانت تستثمر في المجالات السهلة مثل الخدمات لتحويل الأرباح مباشرة إلى الخارج"، وتابع تيغرسي أن الجزائر في منأى عن أخطار تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بالنظر إلى الاستثمارات الأجنبية المهمة التي يجري تنفيذها في البلاد، على رغم عدم محاولة الشركات المتعددة الجنسيات الدخول إلى الجزائر خلال فترات سابقة، لأسباب ترتبط بمنظومة عدائية خاصة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، بينما توجد اليوم شركات كبيرة تعمل في البلاد من جنسيات أميركية أو أوروبية وآسيوية. ورجح المتحدث نفسه فرضية وجود ضغوط من طرف دولة أوروبية لم يسمها في الموضوع، مشيراً إلى أن "هناك دولاً تكن عداء تاريخياً بالنسبة إلى الجزائر تحاول التشويش على صورتها، لكنها لن تنجح بالنظر إلى وجود تنسيق جزائري كبير بين إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وغيرها لاستقطاب الاستثمارات الأوروبية"، وأوضح أن الجزائر تستغل إلى حد الآن أقل من 20 في المئة من الإمكانات الاستثمارية الوطنية، كما تركز على جلب الاستثمارات الأجنبية ضمن مقاربة سياسية تمنح الدول التي تجمعها بها علاقات سياسية جيدة أفضلية الاستثمار، مثل الصين وسلطنة عمان وإيطاليا وعدد من الدول الأخرى. وأشار إلى تقارير إيجابية حول الجزائر يصدرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الأفريقية والبنك الإسلامي للتنمية تتضمن ملاحظات جيدة، تؤكد هذه الهيئات في تقاريرها أنها ترافق الجزائر وتدعم الحركية الاقتصادية في البلاد. وبخصوص الإشكالات التي فرضها وضع أية دولة في هذه القوائم، قال هواري تيغرسي إنها تتعلق بفرض قيود إضافية على الشركات المتعددة الجنسيات والبنوك الدولية إضافية للتعامل مع الدول المصنفة في هذه القوائم. وأشار إلى ارتفاع كلفة القروض، مما يستوجب وجود ضمانات إضافية، مما يزيد العبء المالي على الدولة، لكن هذا غير موجود في الجزائر، لأنها تعتمد على شراكات مبنية على تقارب سياسي واقتصادي بالنظر إلى الإصلاحات التي تقوم بها الدولة سواء بالنسبة إلى القانون النقدي أم النظام المصرفي. النظام البنكي وبحسب المتحدث نفسه، ما زال النظام البنكي في الجزائر متعثراً، لأن البنوك تعاني صعوبات في التعامل مع نظيرتها الأجنبية والأوروبية خصوصاً، وهذا ما تسعى إليه الحكومة الجزائرية لإصلاح هذه القوانين وتذليل العقبات المرتبطة بإشكال التحويلات المالية، أو فتح الاعتمادات المستندية، مما يستوجب تفعيل هذه الإصلاحات وإلغاء هذه التعقيدات وتسهيل مرافقة الاستثمارات وخلق الثروة وحركية ونشاط اقتصادي. وقال إن التأثيرات تنسحب في التجارة الخارجية، ومن مظاهرها "تأخيرات في المعاملات التجارية، بسبب الرقابة المشددة في البنوك الجزائرية، ما يجري العمل عليه لتسهيل الولوج إلى أكبر عدد من الأسواق، كما أن الشركاء التجاريين يطلبون ضمانات إضافية ويفرضون أحياناً شروطاً صارمة، مما يتطلب إصلاح منظومة التجارة الخارجية من خلال استحداث وكالات جديدة خاصة بالتصدير والاستيراد"، ولفت إلى أن البرلمان الجزائري يشتغل بسرعة لإنجاز المشاريع التي توفر المناخ المناسب للنشاط الاقتصادي ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للتوافق مع توصيات مجموعة "غافي"، وإنشاء مؤسسات ومنصات متخصصة في إيجاد طرق ووسائل لمكافحة الجرائم المالية والاقتصادية للمراقبة والمتابعة ومراقبة تنفيذ الإصلاحات (هيئات مكافحة الفساد). ورأى تيغرسي ضرورة رفع مستوى التنسيق بين المؤسسات المالية، عبر بنك الجزائر ووزارة المالية والجمارك، والمصالح الأمنية المتخصصة والهيئات المالية الدولية لتقليص الجرائم المالية إلى أدنى مستوى ممكن، والامتثال للمعايير الدولية في البنوك وشركات التأمين، وفرض إجراءات مراقبة خاصة بتحقيق العمليات المالية المشبوهة، وهو أمر مهم بالنسبة إلى المؤسسات المالية والهيئات الوطنية المرتبطة بالنشاط الاقتصادي. وبين تصعيد أوروبي يراه بعضهم ذا دوافع سياسية، وإصلاحات داخلية تبدو حتى الآن جزئية، يبقى مستقبل الجزائر في هذا الملف رهن نجاحها في إقناع المجتمع الدولي بجدية إصلاحاتها، لا فقط على الورق، بل في تغيير جذري للبنية التنظيمية والرقابية المرتبطة بجرائم المال، وستظل البلاد تواجه كلفة معنوية واقتصادية تتجاوز حدود النصوص القانونية، وتتطلب إرادة سياسية واضحة، وتنفيذاً صارماً لإصلاحات عميقة تشمل المؤسسات والرقابة والشفافية في التعاملات المالية.

بكين تشترط على أوروبا... المشروبات مقابل السيارات الكهربائية
بكين تشترط على أوروبا... المشروبات مقابل السيارات الكهربائية

الشرق الأوسط

timeمنذ 17 ساعات

  • الشرق الأوسط

بكين تشترط على أوروبا... المشروبات مقابل السيارات الكهربائية

في تطور جديد في العلاقات التجارية المتوترة بين الصين والاتحاد الأوروبي، كشفت مصادر مطلعة عن أن بكين وافقت مبدئياً على صفقة مع مصنّعي المشروبات الروحية الفرنسيين تتضمن تحديد أسعار استيراد دنيا إلى السوق الصينية، لكنها ربطت توقيعها النهائي بتحقيق تقدم في مفاوضات منفصلة حول الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية. ويأتي هذا الربط في وقت تعاني فيه صادرات الكونياك الفرنسي إلى الصين، السوق الأعلى قيمة لهذا المشروب الفاخر، من تراجع حاد في ظل تدابير مكافحة الإغراق التي فرضتها الصين. ووفقاً لبيانات مجلس مهنيي الكونياك الفرنسي، انخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة وصلت إلى 70 في المائة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما ألحق أضراراً كبيرة بكبرى الشركات. الاتفاق المبدئي الذي توصّلت إليه شركات الكونياك يتضمن تحديد أسعار دنيا للاستيراد تتراوح بين 46 يواناً (6.39 دولار) و613 يواناً (85 دولاراً). ووفق مصادر صناعية، وقّعت الشركات الكبرى مثل «هينيسي» و«مارتيل» و«ريمي مارتان» على هذه الأسعار، لكنها لا تزال تنتظر موافقة رسمية من السلطات الصينية. ومع اقتراب مهلة الخامس من يوليو (تموز)، التي حدّدتها بكين لاستكمال تحقيق مكافحة الإغراق، فإن غياب اتفاق نهائي قد يؤدي إلى تثبيت الرسوم المؤقتة الحالية التي تصل إلى 39 في المائة، ما سيزيد من الضغط على مصدّري الكونياك المتأثرين أصلاً بتراجع المبيعات في السوق الأميركية بسبب التضخم وعدم اليقين الاقتصادي. ووفق ما نقلته وكالة «رويترز»، فإن الصين تسعى إلى استخدام ملف الكونياك كأداة ضغط في مفاوضاتها مع بروكسل بشأن السيارات الكهربائية. إذ تريد بكين أن يحلّ اتفاق مماثل لتحديد الأسعار الدنيا محلّ الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المركبات الكهربائية الصينية بعد اتهامه لبكين بدعم غير عادل لصناعتها المحلية. ويبدو أن فرنسا، التي كانت من أشدّ الداعمين لفرض تلك الرسوم، باتت تجد نفسها في موقف حساس. فقد نقل مصدر حكومي فرنسي أن السلطات الصينية تربط بشكل واضح بين الملفين، رغم أن باريس تحاول فصل المسارين. إلا أن مصدرين مطلعين على المفاوضات أكدوا لـ«رويترز» أن الصين ترفض التوقيع على صفقة الكونياك دون تنازلات في ملف السيارات. وانعكست تداعيات النزاع التجاري سلباً على أداء أسهم شركات المشروبات الفرنسية؛ حيث خسر سهم «ريمي كوانترو» نحو 35 في المائة من قيمته منذ أكتوبر الماضي، في حين تراجع سهم «برنود ريكار» بنسبة 33 في المائة، نتيجة انخفاض مبيعاتهم في الصين وتزايد الضغوط التنافسية. وكانت شركات الكونياك قد عرضت تحديد أسعار دنيا للواردات كحل وسط لتجنب استمرار الرسوم الباهظة، وهي خطوة غير مألوفة لكنها تعكس صعوبة الظرف التجاري الراهن. ويشير مراقبون إلى أن بكين قد تستخدم هذه الصيغة كنموذج لتسوية نزاعات أخرى، بما في ذلك نزاعها مع بروكسل بشأن السيارات الكهربائية. وتتجه الأنظار إلى قمة الاتحاد الأوروبي والصين المقررة في بكين يومي 24 و25 يوليو المقبل؛ حيث من المتوقع أن يتصدر الملف التجاري جدول الأعمال، في الذكرى الخمسين للعلاقات بين الطرفين. وفي ظل استمرار المفاوضات بشأن ملفي الكونياك والسيارات، تأمل باريس أن يتم التوصل إلى اتفاقات متوازنة تتيح حماية مصالحها الاقتصادية دون تقويض سياسات الاتحاد التجارية. ويبقى الاتفاق معلقاً على خيط رفيع من التفاهمات السياسية والتجارية بين بكين وبروكسل. وبينما تسعى الشركات الفرنسية لإنقاذ أسواقها الحيوية، لا تزال الصين توظف الاقتصاد كورقة ضغط دبلوماسي، ما يضع باريس أمام تحدي الموازنة بين حماية منتجيها واحترام التزاماتها الأوروبية.

ديون الحكومات والشركات تثير مخاوف من أزمة مالية أوروبية مرتقبة
ديون الحكومات والشركات تثير مخاوف من أزمة مالية أوروبية مرتقبة

شبكة عيون

timeمنذ 17 ساعات

  • شبكة عيون

ديون الحكومات والشركات تثير مخاوف من أزمة مالية أوروبية مرتقبة

ديون الحكومات والشركات تثير مخاوف من أزمة مالية أوروبية مرتقبة ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: حذّر المستشار الألماني فريدريش ميرز قادة الاتحاد الأوروبي من أن ارتفاع مستويات ديون الحكومات والشركات قد يفاقم من خطر اندلاع أزمة مالية جديدة في القارة. وأعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن قلقهم المتزايد من التأثيرات المحتملة لخطط الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لخفض الضرائب، في حال فوزه بالانتخابات المقبلة، على النظام المالي العالمي، خاصة في ظل ضعف بعض الحكومات الأوروبية المثقلة بالديون المرتفعة. وفي سياق متصل، أثارت الحزمة الاستثمارية التي اقترحها ميرز، والتي قد تصل إلى تريليون يورو، جدلاً واسعًا داخل حزبه وبين حلفائه الأوروبيين، وسط مخاوف من أن تؤدي إلى تفاقم الديون السيادية في الاتحاد الأوروبي. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية .. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر .. اضغط هنا ترشيحات العمل: صرف 200 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و20 ألفًا للمصابين في حادث المنوفية مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه ترامب السعودية مصر اقتصاد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store