logo
اتفاق تجاري تاريخي بين بريطانيا والهند

اتفاق تجاري تاريخي بين بريطانيا والهند

الجزيرة٠٧-٠٥-٢٠٢٥

في خطوة اعتُبرت الأهم لبريطانيا منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، أعلنت لندن ونيودلهي، يوم الثلاثاء 6 مايو/أيار، التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة، بعد مفاوضات دامت 3 سنوات وشهدت توقفات عديدة.
ويأتي هذا الاتفاق في خضم تصاعد التوترات التجارية العالمية، لا سيما مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على عدد من الواردات.
ووفق ما نقلته رويترز، يهدف الاتفاق إلى رفع حجم التبادل التجاري بين بريطانيا والهند إلى 25.5 مليار جنيه إسترليني (نحو 34 مليار دولار) بحلول عام 2040، مع تحسين الوصول إلى الأسواق وتخفيف القيود الجمركية على مجموعة واسعة من السلع، بينها الويسكي، الشوكولاتة، البسكويت، لحم الضأن، والسلمون.
خفض الرسوم الجمركية وتحفيز الصادرات
بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ينص الاتفاق على أن 85% من الرسوم الجمركية الهندية على السلع البريطانية ستُلغى خلال 10 سنوات. أما بالنسبة للسيارات البريطانية، فستخفّض الرسوم المفروضة عليها من أكثر من 100% إلى 10%، ضمن حصة استيراد محددة لم يُعلن عنها رسميًا.
الرسوم على مشروبي الويسكي والجين، واللذين شكلا نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات، ستنخفض من 150% إلى 75%، ثم إلى 40% خلال 10 سنوات، وفق ما ذكرته الصحف البريطانية ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ووفق تصريح مارك كنت من "جمعية سكوتش ويسكي"، فإن هذه التخفيضات قد تسهم في زيادة صادرات الويسكي البريطاني بقيمة مليار جنيه إسترليني (حوالي 1.33 مليار دولار) خلال 5 سنوات، مع توفير 1200 وظيفة جديدة.
تأثير محدود على الناتج المحلي الإجمالي
ورغم أهمية الاتفاق من حيث الحجم السياسي والإستراتيجي، فإن تأثيره المباشر على الاقتصاد البريطاني سيكون محدودًا، بحسب تقديرات الحكومة البريطانية التي نقلتها رويترز. حيث سيضيف فقط 4.8 مليارات جنيه إسترليني (حوالي 6.4 مليارات دولار) إلى إجمالي الناتج المحلي البريطاني البالغ 2800 مليار جنيه إسترليني (نحو 3730 مليار دولار).
وفيما يواصل البريطانيون مباحثاتهم مع الولايات المتحدة لإلغاء الرسوم الجمركية الأميركية (10% على معظم السلع، و25% على السيارات والمعادن)، لا يزال هذا الاتفاق مع الهند يمثل الصفقة الكبرى منذ بريكست، من حيث حجم السوق والتأثير الجيو-اقتصادي، وفق ما أكده رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحرب على غزة تهدد مستقبل العلاقات التجارية بين إسرائيل وأوروبا
الحرب على غزة تهدد مستقبل العلاقات التجارية بين إسرائيل وأوروبا

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

الحرب على غزة تهدد مستقبل العلاقات التجارية بين إسرائيل وأوروبا

القدس المحتلة – تتصاعد التوترات التجارية بين إسرائيل وأ وروبا بشكل غير مسبوق، في ظل استمرار الحرب على غزة وتفاقم تداعياتها الإنسانية، إذ تبحث كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي في خطوات قد تؤدي إلى تجميد أو إلغاء اتفاقيات تجارية قائمة مع إسرائيل، في تطور ينذر بعواقب اقتصادية وخسائر محتملة تقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات. وفي تطور لافت، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية تعليق المفاوضات بشأن اتفاقيةِ تجارة حرة جديدة مع إسرائيل، مشيرة صراحة إلى حكومة بنيامين نتنياهو ، في موقف يعكس أبعادا سياسية واضحة تتجاوز الجوانب الاقتصادية. ويأتي القرار البريطاني في توقيت حساس، إذ كانت الاتفاقية تمثل لإسرائيل فرصة لتعزيز علاقاتها التجارية مع واحدة من أبرز القوى العالمية، لاسيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعلى صعيد أوروبي أوسع، أعلنت مفوضَة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن التكتل سيناقش مستقبل اتفاقية التجارة مع إسرائيل. ورغم أن هذا التوجه أثار قلقا في الأوساط السياسية والاقتصادية داخل إسرائيل، فإن أي تعديل جوهري في الاتفاق القائم مع الاتحاد الأوروبي يستلزم إجماع الدول الأعضاء الـ27، علما أن 17 دولة فقط أبدت حتى الآن تأييدها لإعادة النظر في الاتفاق، مما يقلل من احتمالات التغيير الفوري، لكنه يعكس تحولًا تدريجيًا في المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل. ضغوط دولية وتحذيرات داخلية تأتي هذه التطورات على وقع تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، خصوصا بعد تعثر مفاوضات صفقة تبادل الأسرى نتيجة تشدد موقف حكومة نتنياهو. وفي الداخل الإسرائيلي، تتصاعد الأصوات المطالبة بمراجعة شاملة للمسار العسكري والسياسي في غزة، وسط تحذيرات من تراجع الدعم الدولي وتآكل فاعلية العمليات العسكرية. وتعد بريطانيا من الشركاء التجاريين المهمين لإسرائيل، فقد بلغت صادرات إسرائيل إلى بريطانيا (باستثناء الماس) في عام 2024 نحو 1.28 مليار دولار، مقارنة بـ1.8 مليار دولار في عام 2023، بحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية، وتشكل الكيميائيات والأدوية نحو ثلث هذه الصادرات، وهي قطاعات حيوية للاقتصاد الإسرائيلي. في المقابل، تستورد إسرائيل من بريطانيا ما قيمته نحو 2.5 مليار دولار، بما يعني أن المملكة المتحدة تحقق فائضًا تجاريًا يبلغ 1.3 مليار دولار لصالحها. أما على مستوى الاتحاد الأوروبي ، فهو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل بعد الولايات المتحدة. ففي عام 2024، بلغت صادرات إسرائيل إلى الاتحاد نحو 15.9 مليار يورو، مقابل واردات أوروبية بنحو 26.7 مليار يورو، تتصدرها المواد الكيميائية والآلات. ثمن باهظ محتمل يحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار الحرب في غزة قد يترتب عليه ثمن اقتصادي باهظ لإسرائيل. ويرى محللون أن اتفاقية التجارة مع بريطانيا، التي كانت تعد إنجازًا إستراتيجيًا، قد تتحول إلى رمز لفشل سياسي واقتصادي، لا سيما مع الحديث المتزايد عن مقاطعة محتملة تهدد نحو 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي. وفي الداخل الإسرائيلي، تتزايد الدعوات إلى صياغة مقترحات سياسية جديدة لإنهاء الحرب وتفادي تداعيات خطيرة على الاقتصاد والمكانة الدولية. مقاطعة آخذة في الاتساع يقول كبير المحللين الاقتصاديين في صحيفة "كلكليست" الإسرائيلية أدريان بايلوت إن هذه التطورات لا تقتصر على البعد السياسي، بل تنذر بـ"ثمن اقتصادي يتجاوز 76 مليار دولار"، مع خطر تآكل ما يصل إلى 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي. ويضيف أن اتفاقية التجارة الحرة مع بريطانيا، التي كانت مرشحة لأن تصبح نموذجًا يحتذى به، تواجه الآن خطر التجميد أو الإلغاء، مؤكدا أن التصعيد العسكري في غزة، إلى جانب ما تسميه بعض الدول الأوروبية "انتهاك القانون الإنساني الدولي"، دفع شركاء غربيين إلى إعادة تقييم علاقاتهم مع إسرائيل، خصوصا على الصعيد الاقتصادي. ويرى بايلوت أن الاتفاقيات التجارية التي كانت ركائز أساسية للاقتصاد الإسرائيلي، تحولت إلى أوراق ضغط بيد الأوروبيين، في خضم أزمة تتسع يوما بعد يوم، ويشير إلى أن استمرار الحكومة الإسرائيلية على نهجها الحالي، مع تصاعد العزلة الدولية، يضع البلاد أمام تحد خطير قد يمس ليس فقط بالمؤسسات، بل بالمجتمع الإسرائيلي بأكمله. ويحذر من أن إسرائيل باتت على مفترق طرق سياسي واقتصادي، مشددا على أن غياب المراجعة السياسية للمسار الحالي قد يؤدي إلى تراجع طويل الأمد في مكانتها الدولية. فقدان ثقة المستثمرين من جهته، يرى إيتان أفرئيل، رئيس تحرير صحيفة "ذَ ماركر"، أن الاستمرار في السياسات الحالية تجاه غزة قد يؤدي إلى فقدان الأصول الإسرائيلية المالية لقيمتها السوقية، ويضيف أن الاتهامات المتزايدة لإسرائيل بـ"ارتكاب انتهاكات أخلاقية وسياسية" تقوض ثقة المستثمرين، لافتًا إلى أن صندوق الثروة السيادي النرويجي بدأ بالفعل بيع استثماراته في شركات إسرائيلية. ويشير إلى أن النقاش الأخلاقي والاقتصادي حول الحرب في غزة يكاد يغيب في الداخل الإسرائيلي، بينما بدأت تداعياته بالظهور خارجيًا، مع تحركات نرويجية وأيرلندية ويابانية لتقليص الاستثمارات، في وقت يدرس فيه الاتحاد الأوروبي إلغاء اتفاقية التجارة، وتعلّق فيه بريطانيا تحديث الاتفاق وتستدعي السفير الإسرائيلي. ويخلص أفرئيل إلى أن هذه التحركات تشير إلى عزلة اقتصادية متنامية، وأن الأسواق قد تبدأ في تسعير هذه العزلة من خلال خصومات على الأسهم الإسرائيلية وعوائد مرتفعة على السندات ، وهو ما سينعكس سلبًا على الاقتصاد. ويحذر من أن السيناريو الجنوب أفريقي إبان نظام الفصل العنصري قد لا يكون بعيدا، إذا استمرت السياسات الحالية، مشيرا إلى احتمال انخفاضات حادة في قيمة العملة، وخصومات تفوق 30%، ورسالة واضحة للمستثمرين بأن الاستثمار في دولة متهمة بجرائم حرب قد يتحول إلى مخاطرة كبرى.

إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين
إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب توتراته التجارية مع الاتحاد الأوروبي، مهددًا بفرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على الواردات الأوروبية ابتداء من 1 يونيو/حزيران المقبل، وفق ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال. جاء هذا التصعيد وسط إحباط متزايد داخل الفريق الاقتصادي للرئيس الأميركي من نهج التكتل الأوروبي، المكون من 27 دولة، بشأن الضرائب والتنظيمات والسياسات تجاه الصين، تقول الصحيفة. وأعرب مستشارو ترامب ، في محادثات خاصة إلى مسؤولين أوروبيين، عن استيائهم مما وصفوه بـ"بطء التقدم" في المحادثات التجارية، وفق مصادر مطلعة على تفاصيل النقاشات. انتقادات حادة من واشنطن لبروكسل وتشير الصحيفة إلى أن مستشاري ترامب اتهموا الاتحاد الأوروبي بالتردد في تقديم عروض ملموسة تلبي المطالب الأميركية، ومنها الرسوم على خدمات البث، ضرائب القيمة المضافة، قوانين تنظيم صناعة السيارات، والغرامات المفروضة على الشركات الأميركية في قضايا مكافحة الاحتكار. وبينما لم ينجح البيت الأبيض، حتى الآن، في دفع الاتحاد الأوروبي نحو فرض تعريفات على الصناعات الصينية، فإن بريطانيا وافقت أخيرًا على التحرك في هذا الاتجاه في صناعة الصلب، وهي خطوة ساعدت في إنجاز اتفاق التجارة بين واشنطن ولندن، كما أفاد التقرير. وفي الوقت الذي أبدت فيه المفوضية الأوروبية استعدادًا لمعالجة مسألة "اقتصادات السوق" مثل الصين، لم تُترجم هذه النوايا إلى التزامات ملموسة، بحسب المطلعين على سير المفاوضات. تصريحات غاضبة وفي تصريح علني من المكتب البيضاوي، قال ترامب يوم الجمعة: "أنا لا أبحث عن صفقة" مع أوروبا، مؤكدًا عزمه السير في خطة فرض الرسوم الجمركية. وكان قد نشر تهديده صباح الجمعة عبر منصة "تروث سوشيال"، في وقت أبدى فيه مسؤولون أوروبيون تفاؤلًا نسبيًا بتحسن وتيرة المفاوضات أخيرًا. وقال المفوض التجاري الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، عقب مكالمة هاتفية مع الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك، إن الاتحاد الأوروبي منخرط بجدية في المحادثات، لكنه مستعد للدفاع عن مصالحه، مضيفًا أن العلاقة التجارية بين الطرفين "يجب أن تُبنى على الاحترام المتبادل، لا على التهديدات". أوروبا توازن بين الصين وأميركا أوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأوروبيين يحاولون اعتماد نهج وسط بين الحزم الأميركي حيال الصين وبين الرغبة في الحفاظ على علاقات اقتصادية مستقرة مع بكين، لا سيما أن الصين تُعد من أكبر أسواق التصدير الأوروبية. وكانت بروكسل قد أرسلت مقترحات لتخفيض الرسوم الصناعية المتبادلة وزيادة واردات الطاقة وفول الصويا الأميركي، لكنها غادرت واشنطن في أبريل/نيسان دون نتيجة ملموسة. وقال ناطق باسم المفوضية آنذاك: "الاتحاد الأوروبي قام بدوره، وحان الآن الوقت لأن تحدد الولايات المتحدة موقفها". وفي حين تطالب واشنطن شركاءها التجاريين بفرض تعريفات على المنتجات الصينية للحد من سياسات الدعم الصناعي من بكين، فإن الرد الأوروبي كان بطيئًا، رغم أن الاتحاد وافق سابقًا على تعريفات بقيمة 21 مليار يورو (24 مليار دولار) على واردات أميركية، لكنه جمّد تنفيذها بعد إعلان واشنطن عن هدنة تفاوضية مدتها 90 يومًا. كما كشفت الصحيفة، أن الاتحاد الأوروبي وضع قائمة ثانية محتملة لفرض رسوم تصل قيمتها إلى 95 مليار يورو (نحو 102 مليار دولار)، في حال فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة. تباين في أسلوب التفاوض أحد أبرز أسباب الخلاف، بحسب الصحيفة، هو التباين الكبير بين النهج الأميركي المباشر والنهج الأوروبي المتدرج. فبينما يسعى ترامب لإعلان اتفاقات سريعة، تتبع المفوضية الأوروبية عملية تفاوضية بطيئة تشمل مشاورات موسعة مع جميع الدول الأعضاء، ما يطيل أمد التوافق. وفي تعليقه على التهديد الجمركي الأميركي، قال دبلوماسي أوروبي: "من الصعب بناء سياسة على منشور على تروث سوشيال"، بينما صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت لشبكة فوكس نيوز، أن الهدف من التهديد هو "دفع الأوروبيين إلى التحرك".

ما الذي يعنيه رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟
ما الذي يعنيه رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟

الجزيرة

timeمنذ 15 ساعات

  • الجزيرة

ما الذي يعنيه رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟

شهد مايو/أيار الحالي حدثا بارزا في تاريخ سوريا، إذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، أثناء زيارته للعاصمة السعودية الرياض ، في الـ13 من هذا الشهر عن قراره رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وتبعه رفع الاتحاد الأوروبي كامل العقوبات المفروضة على دمشق في الـ20 من الشهر نفسه. وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية في 23 مايو/أيار 2025 "الرخصة العامة رقم 25" (GL 25)، التي تسمح بإجراء معاملات مالية مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع ، بالإضافة إلى البنك المركزي السوري ومؤسسات الدولة. كما أصدرت وزارة الخارجية إعفاء لمدة 180 يوما من العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر ، لتسهيل الاستثمارات وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. ويمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية فرصة حقيقية لإعادة إحياء الاقتصاد السوري وإعادة دمجه في النظام الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، يرى الخبراء أن تأثير هذا القرار لن يكون فوريا، وأن الطريق نحو التعافي الاقتصادي سيكون طويلا ومليئا بالتحديات. وهنا لا بد أن نفرق بين نوعين من العقوبات الأميركية: الأولى تنفيذية يمكن أن يفرضها ويرفعها الرئيس الأميركي بشكل مباشر. والنوع الثاني هي العقوبات التشريعية التي يفرضها الكونغرس وهي المتعلقة بقانون قيصر، وهو أخطر وأعقد العقوبات التي تعاني منها سوريا في الوقت الحالي، وهذا النوع من العقوبات لا يمكن أن يلغيها الرئيس بشكل مباشر، لكن باعتبار أن الكونغرس يحظى بأغلبية جمهورية فمن المتوقع بشكل كبير أن يتم تمرير رفع العقوبات المفروضة بقرار من الكونغرس. إعلان يهدف هذا التقرير إلى قراءة الآثار المحتملة لرفع العقوبات الأميركية والأوروبية على الاقتصاد السوري، من خلال مناقشة: القطاعات التي ستتأثر بهذا القرار. كيفية إعادة دمج سوريا في النظامين المالي والتجاري العالميين. جاذبية البلاد للمستثمرين الأجانب. تأثير هذه القرارات على جهود إعادة الإعمار. مستقبل استقرار الليرة السورية. مسار إنعاش صناعة النفط والغاز. ما القطاعات المشمولة برفع العقوبات؟ يمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا نقطة تحول محورية للاقتصاد السوري، حيث من المتوقع أن تتأثر مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية بهذا القرار. وفيما يلي نقدم إضاءة للقطاعات الرئيسية التي ستشهد تغييرات جوهرية نتيجة لرفع العقوبات: يعد قطاع النقل والطيران من القطاعات التي ستستفيد بشكل كبير من رفع العقوبات، فقد عانت شركات الطيران السورية، وخاصة السورية للطيران، من تشغيل أسطول متقادم في ظل نقص حاد في قطع الغيار. ويقول لينوس باور، مؤسس ومدير شركة "بي إيه إيه آند بارتنرز" الاستشارية (BAA & Partners)، إن رفع العقوبات يمكن أن يكون "لحظة فارقة" لصناعة الطيران المهملة منذ فترة طويلة، حيث سيسمح "للمرة الأولى" منذ سنوات، لهذه الناقلات بالحصول بشكل قانوني على قطع غيار معتمدة من الشركات المصنعة الأصلية من إيرباص وبوينغ ومورديها من الدرجة الأولى. وهذا يمكن أن يحسن بشكل كبير معايير السلامة والموثوقية. القطاع المصرفي والمالي يعد القطاع المصرفي والمالي من أكثر القطاعات تأثرا بالعقوبات الدولية، حيث عانى من عزلة شبه كاملة عن النظام المالي العالمي. ومع رفع العقوبات، يتوقع الخبراء تحسنا تدريجيا في القطاع المصرفي. يعتبر قطاع النفط والغاز من القطاعات الحيوية للاقتصاد السوري، وقد تأثر بشكل كبير بالعقوبات الدولية التي منعت تصدير النفط السوري واستيراد المعدات اللازمة لتطوير الحقول النفطية. يشير الباحث في الشأن الاقتصادي السوري عبد العظيم المغربل في حديث للجزيرة نت إلى أن قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية تضرّرا بشكل مباشر نتيجة القيود المفروضة على تدفّق مستلزمات الإنتاج والتكنولوجيا والصيانة. ويؤكد أنه مع رفع العقوبات، سيبدأ توفّر هذه المدخلات بالتحسّن تدريجيا، من خلال إعادة الربط مع الأسواق العالمية المزوّدة للآلات، والأسمدة، والمبيدات، والخامات الصناعية، وقطع التبديل، والتجهيزات التكنولوجية المتوسّطة والخفيفة، مما يسمح بإعادة تشغيل منشآت كانت معطّلة أو تعمل بأقلّ من طاقتها التصميمية. عانى قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في سوريا من قيود كبيرة، بسبب العقوبات التي منعت استيراد المعدات والبرمجيات الحديثة وتقييد الوصول إلى خدمات الإنترنت العالمية. ومع رفع العقوبات، يمكن أن يشهد هذا القطاع تطورا سريعا. شهدت الليرة السورية ارتفاعا ملحوظا في قيمتها مباشرة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا. فوفقا لوكالة الأنباء السورية، "ارتفعت الليرة السورية بشكل حاد مقابل الدولار الأميركي بعد الإعلان، حيث بلغ سعر الصرف 9.5 آلاف ليرة مقابل دولار واحد، مقارنة بـ13 ألف ليرة قبل قرار رفع العقوبات. ويقول الخبير في الاقتصاد السوري الدكتور يحيى السيد عمر للجزيرة نت إن رفع العقوبات قد يمهد لتعافي العملة، لكن من جانب آخر قد يخفض من قيمة العملة في الوقت الحالي، لأنه اليوم أصبح بمقدور الدولة السورية طباعة العملة في أوروبا لا سيما في سويسرا والنمسا، ودخول كميات نقدية إلى السوق قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة. ويضيف أن السعر الحالي لليرة سببه نقص الكتلة النقدية في السوق، ويؤكد أن التحسن الحقيقي لليرة مرتبط في الإنتاج والتصدير، وتقليل الاستيراد، وهذا الشيء ما زال غير موجود. ويتابع السيد عمر أنه إذا حصلت سوريا على مساعدات مالية مقيمة بالدولار أو دخول استثمارات، فمن الممكن أن تشهد العملة تحسنا. من جهته، يؤكد المغربل أن انعكاس رفع العقوبات على سعر صرف الليرة في هذه المرحلة يفهم كمؤشر مركّب لما يُسمّى في علم الاقتصاد بتوقّعات السوق أو "توازن التوقّعات"، حيث يؤدي رفع العقوبات إلى تحوّل جذري في سلوك الفاعلين الاقتصاديين من حالة الترقب السلبي إلى الانخراط الإيجابي. وهذا الانخراط -حسب المغربل- يتجلّى بانخفاض طلب المضاربين على الدولار، وتراجع ظاهرة الاكتناز بالعملة الأجنبية، وعودة الثقة بالعملة المحلية كأداة للادخار والمعاملات. تأثيرات فورية وأخرى على المدى المتوسط يقول السيد عمر إن نتائج رفع العقوبات الأوروبية والأميركية عن سوريا سيظهر بعضها بشكل فوري والآخر على المدى المتوسط. ويؤكد أنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد السوري خلال سنة واحدة انتعاشا ملموسا في كافة المؤشرات. أما المغربل، فيتوقع أن تشهد التحويلات الخارجية انتعاشا نتيجة لخفض درجة المخاطر المرتبطة بإرسال الأموال إلى سوريا، وتحسّن القدرة على استخدام القنوات المصرفية النظامية. وهذا التدفق النقدي، وإن كان مصدره غير إنتاجي فإنه يُشكّل في هذه المرحلة عنصرا محوريا في دعم ميزان المدفوعات وتعزيز القدرة الشرائية للمواطن، حسب المغربل. سوريا أكثر جاذبية للمستثمرين والتجارة يمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا نقطة تحول محتملة في جاذبية البلاد للمستثمرين الأجانب. فبعد سنوات من العزلة الاقتصادية والمخاطر العالية، تفتح هذه الخطوة الباب أمام فرص استثمارية جديدة في سوق يحتاج بشدة إلى رأس المال والخبرات الأجنبية. ويقول إبراهيم ناجي قوشجي، الخبير الاقتصادي والمصرفي في تقرير منشور على الجزيرة نت إن "رفع العقوبات عن سوريا يمثل نقطة تحول أساسية. سينتقل الاقتصاد السوري من التفاعل مع الاقتصادات النامية إلى الاندماج مع اقتصادات أكثر تطورا، مما قد يعيد تشكيل علاقات التجارة والاستثمار بشكل كبير". من جهته يؤكد السيد عمر أن سوريا أصبحت أكثر مرونة بشأن عمليات الاستيراد والتصدير، واستعادة الأموال المجمدة، وتشجيع الاستثمار والتجارة. أما المغربل فيؤكد أن التجارة الخارجية لسوريا ستبدأ في التوسّع مجددا، مع التوجّه لإعادة تموضعها التجاري الإقليمي، خاصة في أسواق العراق والأردن ولبنان، وربما لاحقا الخليج وشمالي أفريقيا. ويقول إن إزالة القيود المالية ورفع الحظر عن التعاملات البنكية سيسمح بعودة الصادرات السورية تدريجيا إلى أسواقها التقليدية، خصوصا في مجال الصناعات الغذائية والنسيجية والمنتجات الزراعية، مما يسهم في تحسين الميزان التجاري وتقليص العجز في الحساب الجاري. ويرى المغربل في رفع العقوبات أنها بمثابة استعادة الثقة بالاستثمار، سواء من الداخل أو من الخارج، حيث إن الانفراج في البيئة القانونية والمالية، وعودة الحوافز الاستثمارية المرتبطة بالضمانات الدولية أو التعاون مع مؤسسات مالية تنموية، سيجعل من المناخ الاستثماري في سوريا أكثر جاذبية، خصوصا ضمن قطاعات البنية التحتية، والخدمات، والطاقة. ويتوقع المغربل أن يشهد السوق السوري تدفق شركات من الدول المجاورة ومن الجاليات السورية في الخارج، مستفيدة من فجوة العرض الكبيرة والفرص الواعدة. ويؤكد السيد عمر أن الاستفادة من رفع العقوبات يحتاج لجهود سورية لتحديث وتطوير البيئة الاستثمارية للبلاد، من خلال تبني إجراءات مثل الإعفاءات الضريبية، لأن الشركات العالمية تبحث عن بيئة آمنة ومستقرة وحوافز وضمانات. ويقول أسامة الصيفي، المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة الخدمات المالية (تريزا) Traze: إن "إزالة العقوبات الأميركية هي إشارة حاسمة للتمويل العالمي، ومن المرجح أن تشجع رأس المال من الدول العربية وتركيا وربما الشركات الأميركية والصينية". ومن المتوقع أن تشهد إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا منافسة بين الشركات الأميركية والأوروبية، في حين يعد قطاع الطاقة، خاصة النفط والغاز، من أكثر القطاعات جاذبية لهذه الشركات. ويؤكد أسامة الصيفي أن سوريا تحتاج إلى تحديث شامل لبنيتها التحتية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مما يفتح فرصا واعدة للشركات المتخصصة. تفعيل النظام المصرفي يعتقد الباحث الاقتصادي المغربل أن رفع العقوبات عن المصارف الحكومية السورية سيمكنها، عبر نظام "سويفت"، من تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير، مما يقلل من التكاليف ويزيد من الكفاءة، ويعزز من قدرتها على تقديم خدمات مالية متقدمة للمواطنين والشركات، إضافة إلى دعم دورها في تمويل المشاريع التنموية، الأمر الذي يساهم في تحسين السيولة وتوسيع قاعدة العملاء وتنشيط الاقتصاد وزيادة معدلات التنمية. لكن بالمقابل، يرى المغربل أن إعادة تفعيل "سويفت" يتطلب تحديث البنية التحتية التقنية للمصرف المركزي، بما يشمل أنظمة الأمان والامتثال للمعايير الدولية. كما يستوجب ذلك -حسب المتحدث ذاته- تدريب الكوادر على التعامل مع المعايير الجديدة لضمان فعالية العمليات المصرفية، وهذا التحديث يعزز من قدرة المصرف على إدارة الاحتياطيات النقدية والتواصل مع البنوك المراسلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store