
الحرس الثوري يعتقل أوروبيا بتهمة التجسس على مواقع "عسكرية"
ويأتي هذا الإعلان في وقت بدأ سريان وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل اليوم بعد 12 يوماً من الحرب.
وقال موقع الحرس الثوري الإخباري "سباه نيوز"، إنه "جرى توقيف أوروبي من قبل قوات الأمن التابعة لمنظمة استخبارات حرس الثورة الإسلامية في محافظة هرمزغان" بجنوب البلاد، مشيراً إلى أنه "دخل إيران كسائح".
وتابع أنه "كان يجمع معلومات استخباراتية عن مواقع حساسة وعسكرية"، من دون تقديم تفاصيل.
كانت السلطات الإيرانية أوقفت أمس الإثنين مواطناً أوروبياً في محافظة همدان بشبهة التجسس لمصلحة إسرائيل، بحسب التلفزيون الرسمي، من دون تقديم تفاصيل إضافية حول هويته.
وذكر التلفزيون أن هذا الشخص "دخل البلاد متنكراً كسائح وواصل مهمة إقامة شبكات وجمع معلومات وتعطيل الأنظمة الهجومية والصاروخية في إيران".
وأعلنت وسائل إعلام إيرانية عمليات توقيف طاولت عدداً من الأشخاص بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل في مختلف أنحاء إيران، منذ اندلاع الحرب بين البلدين في 13 يونيو (حزيران) الجاري.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعهدت إيران مذاك إقامة محاكمات سريعة للأشخاص الذين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل. وأعلنت السلطات أيضاً إعدام عدد من المدانين بالتعاون مع الموساد. وذكرت وسائل إعلام الجمعة أن مواطناً أوروبياً آخر أوقف بشبهة التجسس.
ونشرت وكالة "مهر" للأنباء في وقت لاحق من اليوم تسجيلاً مصوراً يفيد بأن الحرس الثوري الإيراني ألقى القبض على مواطن ألماني في محافظة مركزي غرب طهران. وذكرت أن السلطات تشتبه في أنه "جاسوس دخل إيران متنكراً كسائح".
كما اتُّهم بالاقتراب من "مستودع للذخيرة وثكنة عسكرية وأنفاق صواريخ وقاعدة جوية بهدف الحصول على معلومات".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 28 دقائق
- Independent عربية
في الذكرى الـ80 للكارثة هل تستعاد "هيروشيما" في غزة؟
الحرب في غزة مرشحة للوصول إلى نهاية قريبة بفضل الجهود الدبلوماسية المكثفة عربياً وعالمياً، لكن خيار إسرائيل باستخدام أسلحة نووية خلال هذه الحرب الطاحنة ما زال مطروحاً. ويرى كثيرون أن استخدام إسرائيل للأسلحة النووية في غزة يُعد احتمالاً مروعاً وغير مقبول، خصوصاً من وجهة نظر معظم علماء الذرة الأميركيين، الذين يرون أن مثل هذا الخيار سيكون كارثة إنسانية وأخلاقية وجيوسياسية. أمنيات قاتلة وبالتزامن مع الذكرى الـ80 لمأساة هيروشيما وناكازاكي، تداول علماء ذرة أميركيون التحديات التي يواجهها العالم في وقتنا الراهن لمنع اندلاع حرب نووية أخرى، خصوصاً في منطقة صغيرة ونائية من العالم وهي قطاع غزة في فلسطين. قبل عقود طرح مسؤول إسرائيلي بارز "نظرية بحر غزة"، التي تعبر بدقة بالغة عن أمنيات فئة من الشعب الإسرائيلي بابتلاع البحر هذه المدينة وإخفائها من الوجود. لكن بحر غزة ما زال متردداً حتى يومنا هذا، خلافاً لما تمناه رئيس وزراء إسرائيلي سابق. على رغم ذلك لم يتورع مسؤول إسرائيلي آخر في 2023 عن التهديد بمحو هذه المدينة من الوجود، ولكن هذه المرة عبر إلقاء قنبلة نووية "صغيرة" فوقها. لذلك تناول عدد من علماء الذرة الأميركيين أخيراً ما يسمى خيار إسرائيل باستخدام أسلحة نووية في القطاع من وجهة نظر علمية. لذلك نسأل "ما هو خيار إسرائيل باستخدام الأسلحة النووية في غزة؟ وهل ما زال قائماً حتى هذه اللحظة من عمر أطول حرب تتعرض لها المدينة الصغيرة الأكثر اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض؟". من وجهة نظر علماء الذرة الأميركيين فإن إسرائيل تُحافظ على سياسة عدم تأكيد أو نفي امتلاكها ترسانة نووية، لكن في عمودهما المطول بـ"المفكرة النووية" قدر خبيرا اتحاد العلماء الأميركيين هانز كريستنسن ومات كوردا في عام 2022 أن إسرائيل تمتلك مخزوناً نووياً يُقارب 90 رأساً حربياً. وجاء ذلك إثر تصريح وزير إسرائيلي مؤيد لإلقاء قنبلة نووية على غزة في 2023. ذكرى أليمة لا بد من الإشارة هنا قبل كل شيء إلى أن مداولات علماء الذرة الأميركيين حول هذه الفكرة المروعة جاءت بالتزامن مع الذكرى الـ80 لإلقاء قنبلتين نوويتين على هيروشيما ونكازاكي. وفي هذا السياق أكدت ألكسندرا بيل، وهي الرئيسة والمديرة التنفيذية لنشرة علماء الذرة الأميركيين وخبيرة سياسات بارزة ودبلوماسية سابقة، أن قادة العالم وخصوصاً في الدول النووية يتحملون العبء الأكبر في مسألة إيقاف استخدام الأسلحة النووية في الصراعات الحديثة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وترى بيل أنه "بينما نحيي الذكرى الـ80 لقصف المدينتين اليابانيتين لنشهد نهاية أسوأ صراع في تاريخ البشرية، يجد العالم نفسه من جديد عند منعطف نووي حرج. فكل سوء الفهم، والمواقف السياسية والعسكرية، والاتفاقيات الدبلوماسية التي تم التوصل إليها بشق الأنفس، والدروس المستفادة التي أبعدتنا عن الكارثة النووية لثمانية عقود، يتم تجاهلها أو نسيانها في لحظات الحرب الحرجة. وكل تحدٍّ نووي يواجهنا يزداد سوءاً، وفي كثير من الحالات يزداد تعقيداً. مع العلم أن هناك عشرات الخطوات العملية التي يمكن لقادة العالم اتخاذها بدءاً من اليوم لعكس هذا الاتجاه لكن الإرادة السياسية والشعور بالحسم غير متوافرين". وتحت عنوان "نتنياهو يُعلّق عمل وزيرٍ إسرائيلي لاقتراحه خيار الأسلحة النووية في غزة" كتب الصحافي جون ميكلين في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، مبيناً أن "وزيراً صغيراً" من اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية عُلِّقَ عن العمل إلى أجل غير مسمى بعد أن أشار إلى أن استخدام سلاح نووي في غزة "خيار" مطروح أمام إسرائيل. وفي بيان نشر على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن تصريحات وزير التراث عميحاي إلياهو "لا تستند إلى الواقع". وإن قوات الدفاع الإسرائيلية ستواصل الالتزام بالقانون الدولي في عملياتها في غزة. يذكر أنه على رغم أن الوزير زعم لاحقاً أن تصريحاته الإذاعية "مجازية"، فقد سارع نتنياهو إلى إيقاف إلياهو عن حضور اجتماعات الحكومة حتى إشعار آخر. وأضاف ميكلين أنه في مقابلة مع إذاعة "كول بيراما"، وهي إذاعة دينية، قال إلياهو "إن إلقاء قنبلة نووية سيكون أحد الخيارات للتعامل مع قوات (حماس) في غزة". وأكد إلياهو، العضو في حزب "القوة اليهودية" القومي المتطرف، أنه "لا يوجد مدنيون في غزة، لذا فإن استخدام رأس نووي هناك أحد الاحتمالات". وإلياهو ليس جزءاً من حكومة الحرب الائتلافية المُشكّلة لتوجيه الرد على هجمات "حماس" في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، والتي أودت بحياة نحو 1400 شخص. في السياق ذاته، علق محللون سياسيون على هذه الفكرة بالقول "من وجهة نظر علماء الذرة الأميركيين، فإن استخدام إسرائيل سلاحاً نووياً في غزة ليس خياراً عقلانياً أو مقبولاً، بل سيكون انهياراً أخلاقياً عالمياً. فهؤلاء العلماء يدعون إلى خفض التصعيد، وتعزيز الحوار، والضغط الشعبي لمنع أي استخدام للأسلحة النووية في أي نزاع. وجهات نظر ونشرت مواقع على الإنترنت وجهات نظر أهم هؤلاء العلماء ومنهم أريل كمبل، وهو من منظمة "السيطرة على السلاح" Arms Control العالمية، الذي وصف أي تهديد نووي بأنه "غير مسؤول وخطر"، خصوصاً إذا تم التلويح به عبر وسائل التواصل الاجتماعي وليس عبر قنوات دبلوماسية رسمية. أما هانز كريستنسن، وهو من منظمة "علماء أميركا" Federation of American Scientists فحذّر من أن أي تصعيد نووي قد يؤدي إلى "فخ الالتزام"، حيث تُجبر الدول على الرد بشكل متسلسل، مما يهدد بانهيار السيطرة على التصعيد. كذلك أشار بريان شميديت، الفيزيائي الحائز على "نوبل"، إلى أنه حتى "القنبلة النووية الصغيرة" تؤدي إلى انهيار حضاري شامل، نظراً إلى قوة الأسلحة النووية الحديثة. ونبّه هؤلاء وغيرهم من علماء الذرة إلى أن الجمهور لا يدرك مدى فظاعة الحرب النووية، ودعوا إلى إحياء الحراك المناهض للأسلحة النووية.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
مشجعو كرة قدم إسرائيليون يثيرون غضب البولنديين بـ"لافتة القتلة"
رفع مشجعو كرة قدم إسرائيليون لافتة مكتوباً عليها "قتلة منذ عام 1939"، خلال مباراة ضد فريق بولندي أمس الخميس، مما أثار غضباً في بولندا، إذ قال رئيس البلاد إنها إهانة لذكرى البولنديين، بمن فيهم اليهود، الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية. واحتلت ألمانيا النازية بولندا في الحرب العالمية الثانية، وكان عدد اليهود في البلاد وقتها، ويقدر بنحو 3.2 مليون، هو الأكبر في أوروبا في بداية الحرب. وقتل جميعهم تقريباً ولاقى كثير منهم هذا المصير في معسكرات الموت الألمانية النازية، وقتل 3 ملايين آخرين من غير اليهود خلال الاحتلال. وتسببت خلافات تاريخية، حول ما حدث خلال الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية (الهولوكوست)، إلى توتر العلاقات بين بولندا وإسرائيل من قبل. وأظهرت دراسات أن بعض البولنديين شاركوا في قتل يهود على يد ألمانيا النازية، لكن كثيراً من البولنديين يرفضون هذه النتائج، قائلين إنها محاولة لإهانة بلد عانى الويلات خلال الحرب. وعرض مشجعو نادي مكابي حيفا الإسرائيلي لافتة "قتلة منذ عام 1939" على صف من المقاعد خلال مباراة الفريق في بطولة دوري المؤتمر الأوروبي ضد راكوف تشيستوخوفا، التي أقيمت في ديبريتسين في المجر لدواع أمنية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكتب الرئيس البولندي كارول نافروتسكي على منصة "إكس"، "اللافتة المشينة التي رفعها مشجعو مكابي حيفا تهين ذكرى البولنديين من ضحايا الحرب العالمية الثانية، بمن في ذلك 3 ملايين يهودي، غباء لا يمكن لأية كلمات تبريره"، ونافروتسكي رئيس سابق لمعهد الذكرى الوطنية في بولندا. وقال وزير الداخلية البولندي مارتشين كيرفينسكي، "تتطلب معاداة بولندا والتشويه المشين للتاريخ البولندي من مثيري شغب إسرائيليين تنديداً قوياً". ونددت السفارة الإسرائيلية في وارسو باللافتة، وكتبت السفارة على "إكس"، "لا مكان لمثل هذه الكلمات والأفعال، من أي جانب، لا في الملعب ولا في أي مكان آخر، أبداً".


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
جون هيرسي: الصحافي الذي كسر الصمت حول هيروشيما
لم يكن جون هيرسي أول من وثق آثار القصف الذري على هيروشيما، لكن روايته كانت الأهم. خلال الأيام والأسابيع التي أعقبت قصف هيروشيما وناغازاكي في 6 و9 من أغسطس (آب) عام 1945، تمكن عدد من مراسلي الصحافة الغربية من الوصول إلى أنقاض هيروشيما وناغازاكي ونشر اثنان منهم تقارير أولية مروعة عن دمار المدينتين بفعل قنبلتين ذريتين بدائيتين. في تلك المرحلة، بدا وكأن الحكومة الأميركية لا تخفي شيئاً بشأن سلاحها التجريبي الهائل؛ إذ تفاخر الرئيس هاري ترومان معلناً أن القنبلة التي أُسقطت على هيروشيما، والتي سُميت "ليتل بوي"، تجاوزت قوتها التفجيرية 20 ألف طن من مادة الـ "تي إن تي" TNT، وأنها استطاعت أن "تسخر القوة الأساسية للكون". كان اليابانيون - وكذلك كل من تسول له نفسه تحدي القوة النووية الوحيدة في العالم آنذاك - على موعد مع "مطر من الدمار من السماء، لم يشهد له كوكب الأرض مثيلاً من قبل". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أظهرت الصور العسكرية التي تم الكشف عنها مدناً مسوّاة بالأرض، لكن كما أشارت صحيفة "ديلي إكسبرس"، فإنها "لم تروِ القصة كاملة". احتاج العالم لأكثر من عام بعد الضربة النووية على هيروشيما حتى تتضح الصورة الأكبر أمامه، وذلك بفضل تحقيق جون هيرسي المطول والمؤلف من 30 ألف كلمة في مجلة "نيويوركر". فبعد استسلام القوات اليابانية رسمياً في سبتمبر (أيلول) من عام 1945، ورغم التقارير الأولى المقلقة التي خرجت من هيروشيما، فرضت قوات الاحتلال الأميركية قيوداً صارمة على الصحافيين الغربيين واليابانيين على حد سواء. في البداية، وضع الصحافيون الذين دخلوا اليابان مع قوات الاحتلال فيما وصفه أحدهم بـ"غيتو الصحافة". وحتى عندما سُمح لهم بالتحرك بحرية أكبر، كانت قوات الاحتلال تراقب تصاريح سفرهم، وتتحكم في الوقود والطعام، وتتابعهم عن كثب. أما هيروشيما، فقد أصبحت موضوعاً محرماً؛ لم يكن يسمح للصحافيين اليابانيين حتى بالإشارة إلى المدينة في قصيدة شعر، ناهيك عن نشر تقرير إخباري نقدي بشأنها. في تلك الأثناء، سعى الجنرال ليزلي غروفز - قائد مشروع مانهاتن الذي أنتج القنبلة النووية - إلى التقليل من فظاعة آثارها، حتى إنه قال ذات مرة أمام لجنة في الكونغرس الأميركي إن التسمم الإشعاعي ليس مدعاة للقلق، بل وصفه بأنه "طريقة مريحة للموت". أما الروايات التي تناقض هذا الطرح، فاعتبرها "حكايات طوكيو"، أي دعاية من عدو مهزوم. لكن بالنسبة لـ جون هيرسي، المراسل الحربي المخضرم، لم تكن هذه التبريرات مقنعة، ولذلك تقدم في ربيع عام 1946، بطلب لدخول اليابان. كانت مهمته الهادئة: التحقيق في التأثير الحقيقي للقنابل على البشر. وقد بدا أشبه بـ"حصان طروادة" في طلبه، إذ كان قد ألّف قبل سنوات كتاباً، "رجال في باتان" Men on Bataan مشيداً بالجنرال دوغلاس ماك آرثر، الذي كان يشرف حينها على الاحتلال، ما جعله يبدو كأنه عضو متعاون في الفريق، فوافق مسؤولو الاحتلال على دخوله البلاد. لكنهم سرعان ما ندموا على منحه الضوء الأخضر. فقد زار هيرسي هيروشيما لفترة وجيزة، وأجرى خلالها مقابلات سريعة مع عشرات الناجين. ومن بين هؤلاء اختار ستة أشخاص عاديين، يسهل على القارئ الشعور بصلة مع تجاربهم: أم عزباء لديها ثلاثة أطفال، موظفة عشرينية، مسعف شاب يرتدي نظارات، وقس شاب يعيش مع زوجته وطفله. جمع هيرسي رواياتهم، وعاد بها إلى نيويورك، ليكتب هناك واحداً من أكثر الأعمال الصحافية تأثيراً في تاريخ الإعلام. روى أبطال قصة هيرسي ذكرياتهم عن القصف بتفاصيل صادمة ومؤلمة، ولم يحجب هو شيئاً: الجثث المحترقة التي تكدست على امتداد الشوارع، والأصوات المختنقة لأولئك المحاصرين تحت أنقاض منازلهم المدمرة، الذين تُركوا يحترقون وهم أحياء وسط أعاصير اللهب التي اجتاحت المدينة. أخبره القس الشاب بمحاولته إنقاذ ضحية وسحبها في قارب صغير بعيداً عن النيران عبر أحد أنهار المدينة، لكن جلد الضحية انزلق عنها على هيئة قطع ضخمة تشبه القفازات. شعر القس بالغثيان واضطر للجلوس ليتماسك، وكان يكرر لنفسه مراراً: "هؤلاء بشر". بينما كان هيرسي وفريق مجلة "نيويوركر" يستعدون لنشر مقالته، كان معظم الأميركيين قد تجاوزوا موضوع هيروشيما بالفعل. اعتبر صحفيون ومحررون آخرون القصة "منسية وقديمة". لكن عندما صدر المقال بعنوان "هيروشيما" في عدد 31 أغسطس من عام 1946، كان بمثابة قنبلة إعلامية بحد ذاته. لأول مرة، قدم المقال نظرة صادقة وصريحة لما يعنيه حقاً التعرض لهجوم نووي. غطت أكثر من 500 محطة إذاعية القصة، واحتلت عناوين الصفحات الأولى في الصحف، ورافقها مقتطفات وتعليقات رأي في أنحاء العالم. كما قدمت كل من هيئات "إيه بي سي" ABC و "بي بي سي" BBC نسخة درامية من المقال عبر الإذاعة. وكما قال أحد النقاد، حتى الذين لم يقرؤوا المقال كانوا يتحدثون عنه، والذين قرؤوه لن ينسوه أبداً. حول هيرسي الرعب الذي لا يطاق إلى مادة مقروءة لا يمكن تفويتها، تجذب القارئ بلا توقف. وأثبت أن هذه القصة التي يقال عنها "قديمة" ليست كذلك أبداً، ولن تكون كذلك مستقبلاً، لأنها تكشف ما قد ينتظر البشرية جمعاء، في كل دولة وعلى كل قارة، إذا اندلعت حرب نووية يوماً ما. هنا يبدأ عصر الذرة بمعناه الحقيقي. بعد ثمانين عاماً، لا تزال الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية في حرب فعلية. وأكد هيرسي لاحقاً أن ذكرى دمار هيروشيما عززت رفض الحكومات استخدام الأسلحة النووية مجدداً. في الواقع، يُنسب إلى كتابه "هيروشيما"، الذي لا يزال يصدم القراء حتى اليوم كما كان في عام 1946، الفضل في تأسيس ما يعرف بـ "التابو النووي" الذي يحيط بالهجوم الذري. وتراجعت مخزونات الترسانة النووية بشكل كبير عن ذروتها في ذروة الحرب الباردة. فوفقاً لاتحاد العلماء الأميركيين، بلغ عدد الرؤوس النووية في الولايات المتحدة ذروته عام 1967 عند 31255 رأساً، والآن يقدر عددها بحوالي 5177 رأساً، منها نحو 3700 في المخزون العسكري النشط. بينما تحافظ روسيا على ما يقرب من 5460 رأساً نووياً، منها حوالي 1718 في وضعية الانتشار. ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء من دخولنا سباق تسلح نووي جديداً في السنوات الأخيرة. وتخطط الولايات المتحدة وحدها لإنفاق أكثر من تريليون دولار على صيانة وتحديث ترسانتها النووية خلال العقود الثلاثة المقبلة. عاد قادة القوى العظمى في العالم مرة أخرى إلى استعراض العضلات النووية، ما وضعنا في مشهد نووي خطير للغاية دفع مجلة "علماء الذرة" Bulletin of the Atomic Scientists إلى تحريك ساعة القيامة الشهيرة لتصل إلى "89 ثانية قبل منتصف الليل" (أي أن هناك فقط 89 ثانية مجازية تفصلنا عن نهاية العالم). هذه هي المرة الأولى التي تضبط فيها الساعة على هذا المستوى من الخطر، فحتى في أوج الحرب الباردة لم تصل الساعة إلى هذا القرب من منتصف الليل. كل هذه التطورات تثير سؤالاً هاماً: هل لا يزال هناك من يستمع إلى تحذيرات جون هيرسي؟ فيما كان كتابه "هيروشيما"، الذي تحول فور نشر مقاله إلى عمل يتصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، يُقرأ على نطاق واسع ويدرس في المدارس لعقود، فمن غير الواضح مدى انتشاره في المناهج التعليمية اليوم. كذلك يتناقص عدد الناجين الذين يتحدثون عن قصف هيروشيما وناغازاكي - الذين يطلق عليهم باليابانية "هيباكوشا" - ومع رحيل كل شاهد منهم، تقل الروابط الحية التي تصلنا بهذه القصة الكارثية التي تحمل عبرة لا تنسى. بحلول ثمانينيات القرن الماضي، مع تصاعد التوترات في الحرب الباردة، أجرى هيرسي مقابلة حذر فيها من خطر "الانزلاق" - وهو أي خطأ بسيط أو سوء تفسير بين قوتين نوويتين قد يؤدي إلى مواجهة نووية فورية. وإذا ما وقع انزلاق كهذا اليوم، فقد يتمكن قادة الدول النووية خلال دقائق معدودة من محو حضارة بأكملها. هذا الخطر قد يزداد تفاقماً مع دمج الذكاء الاصطناعي في البنى التحتية العسكرية والدفاعية. وأظهرت الدراسات الحديثة للرأي العام أن ما يعرف بـ "التابو النووي" [الامتناع عن السلاح النووي] قد بدأ يفقد قوته أيضاً. مع ذلك، ورغم تراجع التأثير الظاهر لتحذيرات هيرسي وعمله، هناك علامات مشجعة على أن العالم بدأ يستيقظ من جديد على خطر الأسلحة النووية التي لا تزال تهدد الإنسانية. فيلم "أوبنهايمر" Oppenheimer الحائز جائزة الأوسكار جذب الجماهير حول العالم وحقق إيرادات تقارب مليار دولار. وفي العام الماضي، كانت جائزة نوبل للسلام من نصيب منظمة "نيهون هيدانكيو" Nihon Hidankyo التي تكافح من أجل حقوق الهِباكوشا وتعمل على رفع الوعي بالتأثيرات المدمرة للقصف الياباني. مع تصاعد الوعي العالمي مجدداً بخطر الأسلحة النووية، تتجدد الآمال في تحرك أكبر لمواجهة هذا التهديد. وسيظل كتاب جون هيرسي، "هيروشيما"، دائماً بمثابة تذكير حي بخطورة ما نواجه. كتاب "العواقب: التستر على هيروشيما والصحفي الذي كشف الحقيقة للعالم". للكاتبة ليزلي بلوم متاح في الأسواق