
فضيحة 'البوز' تهز امتحانات البكالوريا في المغرب!
أريفينو.نت/خاص
منذ سنوات، دأبت بعض المنابر الإعلامية الباحثة عن 'البوز' والتفاعلات السريعة على التوجه بكثافة نحو الثانويات لرصد وتجميع شهادات وتصريحات المترشحين لامتحانات البكالوريا فور خروجهم من قاعات الاختبار. هذه الممارسة، التي غالباً ما تتضمن نقل مشاهد لتلاميذ في حالات توتر وقلق، أثارت موجة استياء عارمة، خاصة في صفوف آباء وأولياء أمور التلاميذ الذين ينددون بما يعتبرونه استغلالاً غير سليم ومشيناً لأبنائهم.
'صائدو البوز' يقتحمون أسوار الثانويات.. آباء التلاميذ يصرخون ضد 'الاستغلال الإعلامي المهين' لأبنائهم في البكالوريا!
أعربت الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، يوم أمس الجمعة 30 مايو 2025، عن استنكارها الشديد لما وصفته بـ'الاستغلال الإعلامي التعسفي والمبالغ فيه' لتصريحات بعض المترشحين لامتحانات البكالوريا. وفي بيان رسمي، أدانت الرابطة هذه الممارسات التي اعتبرتها مخالفة لأخلاقيات مهنة الصحافة وقواعدها المهنية، مؤكدة أنها تمس بكرامة التلاميذ المغاربة وتساهم في نقل صورة سلبية ومحبطة عن الشباب وعن المدرسة العمومية.
وأكدت الهيئة الممثلة لآباء وأولياء التلاميذ أنها لاحظت انخراط بعض وسائل الإعلام في ما يشبه 'مطاردة للشهادات'، حيث يتم تصوير التلاميذ في لحظات ضغط نفسي وهشاشة واضحة، ليتم بعد ذلك بث مقتطفات تتضمن أحياناً تهديدات، أو تصريحات غير مسؤولة، أو حتى عبارات ساخرة، بهدف وحيد هو خلق 'البوز' وجذب انتباه الجمهور عبر محتويات إثارية تفتقر للمهنية.
كرامة التلاميذ تحت الأقدام.. الرابطة الوطنية تندد بـ'انتهاك أخلاقيات المهنة' وتطالب بحماية أبنائها!
في هذا السياق المقلق، أعربت الرابطة عن خشيتها من أن تؤدي هذه السلوكيات إلى الإضرار بالسير العادي للامتحانات، من خلال ممارسة ضغط سلبي إضافي على التلاميذ وتدهور جو التركيز الضروري في هذه المرحلة الحاسمة من مسارهم الدراسي.
واستناداً إلى المادتين 5 و6 من القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ذكّرت الرابطة بأن هذا القانون ينيط بالمدرسة دوراً أساسياً في التكوين المواطناتي، ونقل القيم المدنية، وترسيخ مبادئ العيش المشترك. وأكدت أن مسؤولية هذه المهمة النبيلة مشتركة بين الأسرة، والفاعلين التربويين، ووسائل الإعلام، وكذلك الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
من 'الضغط النفسي' إلى 'التحريض على العنف'.. كيف تحول الإعلام إلى 'عامل توتر' بدل 'شريك تربوي'؟
إقرأ ايضاً
ترى الرابطة أنه يتوجب على وسائل الإعلام التحلي بالتحفظ والتبصر، واحترام الوضعية النفسية للتلاميذ الذين يواجهون اختباراً مصيرياً يتسم بالضغط الشديد في حياتهم الدراسية. وأكدت أن 'هذه السلوكيات الإعلامية لا تحترم كرامتهم، ولا المهمة التنشئة الاجتماعية التي يجب أن تتقاسمها المدرسة والأسرة ووسائل الإعلام'.
علاوة على ذلك، أشارت الرابطة إلى أن أداء التلاميذ لا يمكن فصله عن الاضطرابات التي شهدتها المنظومة التربوية في السنوات الأخيرة، خاصة تداعيات جائحة كوفيد-19 والضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الأسر المغربية. ودعت بالتالي إلى التحلي بمزيد من العناية والدعم تجاه التلاميذ بدلاً من التركيز على أخطائهم أو انزلاقاتهم اللفظية.
كما أدانت الرابطة 'أي تحريض أو سلوك يتضمن تهديداً بين التلاميذ'، في إشارة إلى بعض المقاطع التي ظهر فيها مترشحون يوجهون تحذيرات لبعضهم البعض في الشارع العام. واعتبرت أن هذه الأفعال تتنافى مع قيم السلم الاجتماعي وتستدعي استجابات تربوية مناسبة وإجراءات توعوية فعالة.
دعوات عاجلة للمجلس الوطني للصحافة ووزارة التعليم للتدخل.. هل يتم وضع حد لـ'فوضى البوز' حول امتحانات البكالوريا؟
في هذا الإطار، ناشدت الرابطة كافة وسائل الإعلام بالتحلي بمزيد من المسؤولية والاحترام في معالجتها للمواضيع المتعلقة بالتلاميذ، وتجنب إقحامهم في جدالات إعلامية عقيمة لا طائل من ورائها. وشجعت على تقديم محتوى إعلامي بناء، يثمن مجهودات التلاميذ ويدعم الدينامية التربوية الإيجابية.
وحملت الرابطة القنوات التي تبث مثل هذه المحتويات مسؤولية التأثير السلبي على المناخ المدرسي، مطالبة السلطات المختصة، وعلى رأسها المجلس الوطني للصحافة، بفتح تحقيق حول هذه التجاوزات وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قواعد أخلاقيات المهنة.
كما دعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى إصدار مذكرة وزارية تؤطر العلاقة بين المؤسسات التعليمية والمنابر الإعلامية خلال فترات الامتحانات، بهدف الحفاظ على هيبة هذه اللحظات وحماية محيط المدارس من أي تجاوزات.
'صمت مريب' حول معاناة حقيقية.. الرابطة تتساءل: أين الإعلام من صعوبات تنقل التلاميذ إلى مراكز الامتحان؟
أخيراً، دعت الرابطة كافة جمعيات آباء وأولياء التلاميذ المنضوية تحت لوائها إلى مضاعفة جهودها في تحسيس التلاميذ بمخاطر الإدلاء بتصريحات طائشة وغير محسوبة العواقب، والتي قد تترتب عليها آثار نفسية واجتماعية وحتى قانونية. وناشدت من أجل بناء ثقافة جماعية تقوم على المسؤولية والاحترام والكرامة.
وفي نفس البيان، استغربت الرابطة صمت نفس وسائل الإعلام إزاء الصعوبات اللوجستية التي يواجهها بعض التلاميذ للوصول إلى مراكز الامتحانات، مستشهدة بحالة تلاميذ ابن جرير. وشددت على ضرورة تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام لتكوين جيل قادر على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، مع احترام الحقوق الأساسية للتلاميذ في بيئة تربوية آمنة وسليمة وكريمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أريفينو.نت
منذ 2 ساعات
- أريفينو.نت
ثورة رقمية' تنهي معاناة مغاربة العالم! هل ودعنا عصر 'الطوابير' ؟
أريفينو.نت/خاص أكد السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يوم الثلاثاء الماضي بالعاصمة الرباط، أن مسار الرقمنة يمثل إحدى الأدوات الرئيسية والفعالة التي تعتمدها المملكة لتسهيل وتبسيط الخدمات المقدمة للمواطنين المغاربة المقيمين في مختلف أنحاء العالم. ويأتي هذا التوجه، حسب الوزير، تنفيذاً دقيقاً للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تحسين جودة الخدمات الإدارية وتقريبها من أفراد الجالية. 'القنصلية الإلكترونية' و7 لغات.. خدمات 'على مدار الساعة' لمغاربة العالم! وخلال جلسة الأسئلة الشفهية التي عقدت بمجلس المستشارين، استعرض السيد بوريطة بالتفصيل مجموعة من الخدمات القنصلية الهامة التي شهدت عملية تحول رقمي شامل. ومن أبرز هذه الخدمات نظام 'القنصلية الإلكترونية' (econsulat)، الذي يُعد البوابة الرئيسية والشاملة التي يمكن من خلالها للمغاربة المقيمين بالخارج الولوج إلى مختلف الخدمات القنصلية. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق 'الدليل القنصلي الموحد' قبل ثلاث سنوات، وهو أداة عملية تتيح لأفراد الجالية الاستفادة من الخدمات القنصلية في أي مكان يتواجدون فيه حول العالم. ولتعزيز التواصل وتسهيل الإجراءات، ذكر الوزير أيضاً أنه تم إنشاء مركز اتصال متخصص يعمل بسبع لغات مختلفة، لتلبية احتياجات واستفسارات أفراد الجالية بلغاتهم الأم أو اللغات التي يتقنونها. كما تم تفعيل نظام إدارة المواعيد بشكل رقمي كامل، مما يوفر الوقت والجهد على المرتفقين. وتُضاف إلى هذه الباقة من الخدمات الرقمية منصات حيوية مثل 'شكاية' (Chikaya) المخصصة لتقديم وتتبع الشكاوى، و'وثيقة' (Watiqa) للحصول على الوثائق الإدارية، و'ازدياد' (Izdiyad) لتسجيل الولادات، وكلها تهدف إلى تمكين المغاربة المقيمين بالخارج من الحصول على خدمات قنصلية فعالة وميسرة عن بعد. نقل الجثامين و'الطابع الإلكتروني'.. وداعاً للتعقيدات الورقية! وفي السياق ذاته، كشف السيد بوريطة عن وجود مشروع هام آخر قيد الإنجاز حالياً، ويتعلق بتمكين المغاربة المقيمين بالخارج من الحصول على تراخيص نقل الجثامين إلى أرض الوطن بشكل إلكتروني كامل. ويهدف هذا المشروع إلى جعل هذه الخدمة الحساسة متاحة عن بعد، مما يخفف من معاناة الأسر في تلك الظروف الصعبة. كما أشار الوزير إلى تفعيل خدمة 'الطابع الإلكتروني' (e-timbre) وخدمة الدفع الإلكتروني لمختلف الرسوم القنصلية. وأكد السيد بوريطة أن كل هذه الخدمات الرقمية المبتكرة من شأنها أن تسهل بشكل كبير من سرعة تجاوب المصالح القنصلية مع طلبات المواطنين، وأن تساهم بفعالية في تبسيط وتسييل مختلف الإجراءات الإدارية. إقرأ ايضاً


أريفينو.نت
منذ 2 ساعات
- أريفينو.نت
'الزلزال السيبراني' يضرب المغرب! خبير دولي يكشف 'الكارثة' ويدعو لـ'ثورة فورية' قبل فوات الأوان.. ؟
أريفينو.نت/خاص في أعقاب موجة تسريب البيانات العقارية المزعومة، والتي أثارت جدلاً واسعاً، تتصاعد التساؤلات حول مصدر هذه البيانات التي تم الكشف عنها بعد إعلان مجموعة قراصنة مجهولة ادعائها باختراق قاعدة بيانات الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية (ANCFCC). وفي هذا السياق، كشف مصدر موثوق، في تصريح أن الثغرة الأمنية المحتملة قد تكون نابعة من المنصة الإلكترونية الخاصة بالموثقين، وليس من النظام المعلوماتي المركزي للوكالة. وقد شملت التسريبات المزعومة آلاف الوثائق، تضمنت بشكل رئيسي عقود بيع، وبطاقات هوية، وشهادات تسجيل، وتوكيلات، وهبات، ووعود بالبيع، وتمت عملية النشر على دفعتين، الأولى يوم الاثنين الماضي الموافق للثاني من يونيو 2025، واستهدفت عمليات عقارية تتعلق بشخصيات عامة، والثانية يوم الثلاثاء الثالث من يونيو، وشملت آلاف الوثائق لعمليات عقارية تخص أفراداً عاديين وتم توقيعها بين 27 و31 مايو 2025، مما يؤكد، حسب القراصنة، حداثة الهجوم. أجندة جيوسياسية وتحركات منظمة.. خبير يحلل دوافع 'جبروت'! وبينما يبدو أن فصول الكشف عن هذه البيانات العقارية قد شارفت على الانتهاء، فإن هذا الحادث يفرض على جميع المؤسسات المغربية رفع درجة يقظتها وتأمين أنظمتها. وفي هذا الإطار، قدم السيد ياسر قزار، الخبير المرموق في مجال الأمن السيبراني والرئيس التنفيذي لشركة 'يوغوشا' الفرنسية الناشئة (والتي يعني اسمها 'المدافع' باليابانية)، وهي شركة متخصصة في ربط المؤسسات والشركات بقراصنة أخلاقيين بهدف اختبار صلابة أنظمتها المعلوماتية، تحليلاً معمقاً لهذا الهجوم السيبراني الذي اعتبره أبعد ما يكون عن كونه حادثاً معزولاً. ويرى قزار، المتخصص في الأمن السيبراني والقرصنة الأخلاقية، أن هذا الهجوم يندرج في سياق استمرارية الهجوم السابق الذي استهدف أنظمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، حيث اعتمد المهاجمون نفس الأسلوب العملياتي، كما أن توقيت الهجوم الأخير، الذي جاء غداة إعلان هام من المملكة المتحدة بخصوص قضية الصحراء، لا يترك مجالاً كبيراً للشك حول دوافعه. ويؤكد قائلاً: 'عندما نقوم بفحص دقيق لتوقيت تسرب هذه البيانات، يمكننا أن نميز بوضوح وجود أجندة سياسية أو جيوسياسية تهدف إلى إحداث بلبلة وتشويش على الاتصالات الرسمية المغربية'. ويضيف الخبير: 'إننا نواجه مجموعة لديها على الأرجح عدة أهداف محتملة، بدرجات متفاوتة من الخطورة والأهمية. نهجهم يبدو منظماً ومدروساً، فهم يقومون بتحديد المواضيع الحساسة التي من شأنها أن تثير توترات إعلامية وتخلق جدلاً واسعاً'. ويعتبر قزار أن هذه المجموعة، التي لا يمكن وصفها إلا بأنها 'سيبرانية إجرامية'، لا تقوم بأعمال عشوائية، بل تنفذ حملة هجمات موجهة ومنسقة، لا يقف خلفها فرد معزول، بل تجمع من القراصنة объединенных (متحدين) حول هدف مشترك. وبخصوص الأسلوب المتبع في الهجوم، والمشابه لذلك الذي تم استخدامه ضد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يوضح الخبير: 'هذه الهجمات اعتمدت على الأرجح على استغلال أسطح هجوم خارجية، بالإضافة إلى مزيج من حسابات تسجيل دخول تم الاستيلاء عليها عبر برامج ضارة سارقة للمعلومات (infostealers)، واستغلال ثغرات أمنية في واجهات برمجة التطبيقات (APIs) أو واجهات خارجية أخرى، مما سمح لهم باستخراج البيانات'. ما بعد الصدمة.. دروس مستفادة وتحصين جماعي ضد 'حروب الغد'! وفي وقت تتزايد فيه الهجمات السيبرانية التي تستهدف كبريات الشركات والمؤسسات حول العالم، على الرغم من أنظمتها الأمنية المتقدمة، يصبح من الحتمي التسليم بأن الهجمات السيبرانية أمر لا مفر منه، وأن الأهم يكمن في تحسين قدرتنا على الاستجابة لها والتعامل مع تداعياتها. ويشدد قزار على أن رد الفعل الأولي بعد وقوع أي هجوم يعتبر حاسماً، قائلاً: 'من الضروري للغاية تجنب أي تكهنات متسرعة أو إطلاق استنتاجات غير مدروسة. فعلى الرغم من احتمال تسرب البيانات، يجب أن نستند في تقييمنا وتحليلنا على عناصر ملموسة وموثوقة، تشمل التدقيقات التقنية المعمقة، والتقارير المفصلة، وتحليلات السجلات الرقمية، وفحص دقيق للملفات، ودراسات سلوكية للأنظمة، بالإضافة إلى الاعتماد على الطوابع الزمنية الدقيقة'. ويرى أن 'هذه الأدلة التقنية هي وحدها الكفيلة بالتحقق من صحة البيانات التي تم اختراقها، وإعادة بناء تسلسل الأحداث بدقة، وهو شرط لا غنى عنه لتجنب تكرار نفس الأخطاء في المستقبل'. ويعتبر أن 'هذا الفحص الدقيق بعد وقوع الحادثة يشكل ركيزة أساسية لتعزيز أمننا الجماعي. وفي المستقبل، يجب أن تصبح عمليات التدقيق هذه ممارسة منهجية ودورية، ومن الأفضل أن تتم بشكل استباقي وقائي، بدلاً من أن تكون مجرد رد فعل متأخر على هجوم قد وقع بالفعل'. نحو 'مناعة سيبرانية' شاملة.. استراتيجية بثلاثة أبعاد! ومن أجل بناء 'مناعة سيبرانية' قوية ضد حملات القرصنة هذه، يرى ياسر قزار أن التحدي الحقيقي الراهن يكمن في التفعيل الكامل لمقتضيات الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030. ويقترح ثلاثة ركائز أساسية يجب أن تهيكل المقاربة التي تتبناها المنظمات والمؤسسات المغربية في هذا المجال. تتجاوز الركيزة الأولى مجرد التوعية السطحية، لتشمل نقلاً حقيقياً للمهارات والخبرات إلى جميع الأطراف المعنية، من متعاونين وفرق تقنية ومسؤولين تنفيذيين وشركاء. ويجب أن يتضمن هذا التدريب المكثف تعلم كيفية الاستجابة الفعالة لهذا النوع من الهجمات، وآليات كشفها المبكر، وطرق إبطاء انتشارها، بالإضافة إلى بروتوكولات التواصل الواضحة والشفافة بشأنها. أما المحور الثاني، فيتطلب تكثيفاً للاختبارات الواقعية والمحاكاة للتهديدات الحقيقية، من خلال اختبارات الاختراق (pentests)، وبرامج مكافآت اكتشاف الثغرات (bug bounty)، وتشكيل فرق هجوم محاكية (red teaming)، بدلاً من الاكتفاء بتمارين الامتثال الشكلية. فبناء المرونة السيبرانية يتطلب إعادة تصميم شاملة للعمليات، بحيث تصبح خطط استعادة النشاط، وإدارة النسخ الاحتياطية للبيانات، وضمان استمرارية العمليات، قادرة على الصمود أمام أسوأ سيناريوهات الهجوم المحتملة. وذلك دون إغفال ضرورة سد الثغرات الأمنية التي تكشف عنها الأدوات الآلية أو ملاحظات تحديثات الأنظمة المعلوماتية بشكل فوري. وتعتمد الركيزة الأساسية الثالثة والأخيرة لتحقيق أمن سيبراني قوي على تعزيز الحكامة الرشيدة وتحسين آليات التواصل. ففيما يتعلق بالحكامة، تقع مسؤولية حاسمة على عاتق القيادات العليا. فإذا كان مسؤول أمن نظم المعلومات (RSSI) هو من يقف في الخط الأمامي للمساءلة، فإنه يجب على الرؤساء التنفيذيين والمديرين العامين أن يتحملوا مسؤولياتهم بشكل كامل وأن ينخرطوا بفعالية في هذا الجهد. ويوضح السيد قزار، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة 'يوغوشا': 'طالما لم يدرك قادة المؤسسات والشركات بشكل كامل أن الأمن السيبراني يمثل ميزة تنافسية حقيقية وليس مجرد بند تكلفة إضافي، فإن جهود الفرق التشغيلية ستظل محدودة الأثر. فمن العبث أن ننتظر من الفرق الميدانية أن تحقق معجزات إذا لم يكن النهج الاستراتيجي للأمن السيبراني نابعاً من القمة. يجب أن يبدأ الأمن من الإدارة العليا، التي يتوجب عليها أن تكون قدوة وأن تلتزم شخصياً بهذا التوجه. ويجب بعد ذلك أن تتغلغل هذه الرؤية تدريجياً في جميع مستويات المنظمة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيتها ومنهج عملها وثقافتها المؤسسية'. وأخيراً، يمثل التواصل الفعال والشفاف مفتاحاً أساسياً لتبديد التكهنات وحالات الذعر التي قد تنشأ في أعقاب الهجمات. ويتابع الخبير: 'بالإضافة إلى المساءلة وتحديد المسؤوليات، من الضروري للغاية إزالة الغموض الذي يكتنف مفهوم الثغرات الأمنية. نعم، يمكن أن تحدث ثغرات، ولا توجد منظومة محصنة تماماً. المهم هو التواصل بشكل مستمر وشفاف عند حدوث ذلك. يجب وضع جدول زمني واضح لعمليات التواصل، يوفر رؤية مستمرة حول سير التحقيقات الجارية ومدى فهم الوضع الراهن'. واختتم ياسر قزار قائلاً: 'الهدف ليس التقليل من حجم المشكلة، ولا الوقوع في فخ الإثارة الإعلامية. هذه الشفافية المطلوبة تساهم بفعالية في الجهد الجماعي للتخفيف من حالة الذعر العام. ففي الواقع، خلال أوقات الأزمات، يكون أصعب ما في الأمر هو أن تجد نفسك بدون تفسير واضح لما يحدث. التفسيرات والمعلومات تسمح بالتعلم والتحسن وتدارك الأخطاء. أما غياب المعلومات، في المقابل، فإنه يترك المجال واسعاً أمام التكهنات والشائعات، والتكهنات، التي تولد الذعر، هي دائماً مستشار سيئ لا يقود إلا إلى المزيد من المشاكل'. إقرأ ايضاً


أريفينو.نت
منذ 6 ساعات
- أريفينو.نت
أكبر صحيفة عالمية تكشف كيف يخطط المغرب لابتلاع استثمارات أفريقيا وتحدي عمالقة العالم؟
أريفينو.نت/خاص بعد أن ظلت مدينة الدار البيضاء لفترات طويلة مركزاً محورياً للتجارة عبر الأطلسي، ها هي اليوم تستعيد بقوة دورها كقطب استراتيجي يربط بين ضفاف أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط. ويتجلى هذا الطموح الاقتصادي المعاصر في منطقة القطب المالي للدار البيضاء (CFC)، الذي تم تأسيسه في عام 2010، ليصبح، بحسب ما أبرزته صحيفة 'الغارديان' البريطانية المرموقة، 'رمزاً حياً لطموح المغرب الراسخ في ترسيخ مكانته كبوابة عبور رئيسية للاستثمارات الأجنبية المتجهة نحو القارة الأفريقية'. جاذبية تتخطى الحدود.. عمالقة العالم يختارون 'القطب المالي'! ويحتضن هذا الحي المالي اليوم ما يناهز 240 شركة دولية مرموقة – من بينها أسماء وازنة مثل هواوي وشنايدر إلكتريك – ويوفر ما يزيد عن 7000 فرصة عمل. وعلى الرغم من التباطؤ الطفيف الذي شهده مسار نموه بفعل تداعيات جائحة كورونا، إلا أنه سرعان ما استعاد حيويته وزخمه. وتوضح 'الغارديان' أن 'النظام الضريبي المغري الذي يوفره القطب المالي للدار البيضاء قد نجح في استقطاب كيانات اقتصادية ومالية من مختلف قارات العالم، مما رسخ مكانة الدار البيضاء كمركز استقرار يحظى بتقدير وثقة المستثمرين الأجانب'. وفي هذا السياق، تؤكد السيدة لمياء المرزوقي، المديرة العامة المساعدة لهيئة القطب المالي، قائلة: 'إننا نستقبل شركات تنتمي إلى قطاعات متنوعة، ونحرص على مرافقتها ودعمها في مساعيها للتوسع والانتشار داخل القارة الأفريقية'. رافعة للاندماج الأفريقي.. وطموحات تتجاوز 'الزليج'! (الزليكاف) ويطمح المغرب إلى توظيف هذه المنصة المالية كرافعة أساسية لتعزيز ارتباطه بمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (ZLECAf)، وهي المبادرة الطموحة التي أطلقها الاتحاد الأفريقي ويتم الترويج لها منذ عام 2012. ورغم أن تفعيل هذه المنطقة لا يزال يواجه تفاوتاً بين الدول، فإن перспектива إنشاء سوق أفريقية موحدة تضم حوالي 1.4 مليار مستهلك تثير اهتماماً متزايداً. وتشير 'الغارديان' في هذا الصدد إلى أن 'الاستثمارات المغربية في القارة الأفريقية قد شهدت قفزة مذهلة، حيث ارتفعت قيمتها من 100 مليون دولار في عام 2014 إلى 2.8 مليار دولار بحلول عام 2024'. وخلال فعاليات منتدى الرؤساء التنفيذيين الأفارقة الأخير الذي انعقد في أبيدجان، وجه الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا نداءً قوياً للقطاع الخاص لمواكبة الزخم الذي تبديه الحكومات، قائلاً: 'إننا نريد من الشركات أن تتبنى مشروع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وأن تنخرط فيها بفعالية […] فهي التي ستلعب دور القاطرة والمرشد'. وتتفق السيدة المرزوقي مع هذا الطرح، مؤكدة: 'في ظل الحروب التجارية الراهنة، أصبحت منطقة التجارة الحرة الأفريقية ضرورة ملحة. فالتكامل الإقليمي هو خيار استراتيجي حتمي تبنيناه منذ البداية'. طموحات تصطدم بالواقع.. هل ينجح المغرب في فك 'شفرة أفريقيا'؟ ومع ذلك، فإن الزخم الذي يتمتع به القطب المالي للدار البيضاء لا يزال يواجه تحديات موضوعية وقيوداً هيكلية. تلاحظ 'الغارديان' أن 'ثلثي الصادرات المغربية ما زالت تتجه بشكل رئيسي نحو أسواق الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الخطاب الرسمي يشدد باستمرار على إعطاء الأولوية للقارة الأفريقية'. ورداً على سؤال حول هذا التباين الظاهري، توضح السيدة المرزوقي أن 'هذه الأرقام لا ينبغي أن تحجب حقيقة التعاون الفعلي والقائم بين المغرب وبقية دول القارة'. وتعزى جاذبية الدار البيضاء أيضاً، وفقاً للصحيفة البريطانية، 'إلى صورة الاستقرار التي تعكسها المؤسسة الملكية الدستورية، وهو ما يتناقض مع حالة التقلب وعدم اليقين التي تؤثر على مراكز مالية أفريقية أخرى'. وتصر السيدة المرزوقي على أن 'المغرب يظل منصة مستقرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي الكلي. وهذا ما يؤكده لنا العديد من الشركاء الدوليين الذين يختارون الدار البيضاء نظراً لهذه الاستمرارية والقدرة على التوقع'. وفي مواجهة التوترات التجارية المتصاعدة عالمياً، خاصة منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يسعى المغرب للاستفادة من صورته كواحة استقرار. وتلاحظ 'الغارديان' أن 'القطب المالي للدار البيضاء يراهن حالياً على سمعته كملاذ آمن في عالم مضطرب لاستقطاب فاعلين اقتصاديين جدد'. إقرأ ايضاً تمويل أخضر وابتكار.. 'القطب المالي' يغازل المستقبل بوجه أفريقي! وتترافق هذه الاستراتيجية مع إعادة تموضع موضوعاتية للقطب. إذ يتعاون القطب المالي للدار البيضاء اليوم مع أكثر من عشرين وكالة أفريقية متخصصة في ترويج الاستثمار، كما يستضيف مقر صندوق 'أفريكا50' (الذي أسسه البنك الأفريقي للتنمية في عام 2015 برأسمال تأسيسي بلغ 700 مليون دولار)، ويعمل على تطوير مختبر للابتكار موجه نحو دعم التقنيات المالية الحديثة (FinTech). وبينما لا تستغل القارة الأفريقية سوى 2% من إمكاناتها في مجال أرصدة الكربون، تسعى الدار البيضاء إلى المساهمة في هيكلة اقتصاد منخفض الكربون. وتفيد 'الغارديان' بأن 'القطب المالي للدار البيضاء قد وقع في شهر سبتمبر الماضي اتفاقاً مع مؤسسة مغربية أخرى بهدف إنشاء سوق طوعية للكربون'. وترى السيدة المرزوقي، التي تشغل أيضاً منصب الرئيس المشارك لشبكة 'المراكز المالية من أجل الاستدامة' التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن 'أفريقيا مؤهلة لتصبح مركزاً طاقياً رائداً على المستوى العالمي، شريطة أن تستفيد من عمليات نقل التكنولوجيا، وتعزيز بناء القدرات، وتوفير التمويل الكافي والمناسب'. هل المراكز المالية مجرد 'مسكنات'؟.. نقاش حول الجدوى! غير أن بعض المراقبين يدعون إلى توخي الحذر. إذ يرى برايت سيمونز، من مركز إيماني للسياسات والتعليم ومقره أكرا، أن 'المراكز المالية من قبيل القطب المالي للدار البيضاء ليست سوى حلول مؤقتة أو مسكنات لعوائق هيكلية عميقة الجذور'. ويوضح قائلاً: 'تميل الحكومات الأفريقية إلى تفضيل هذه الحلول المؤسسية السريعة بدلاً من الشروع في إصلاحات جوهرية وشاملة. لقد أضحت هذه المراكز هي الوسيلة الأكثر إبداعاً، ولكنها أيضاً الأكثر وضوحاً، للالتفاف على العقبات الحقيقية'. وفي خضم هذه المنظومة التي لا تزال قيد الإنشاء، تحاول الدار البيضاء بناء توازن دقيق بين طموحاتها القارية الكبرى وبين الحقائق الهيكلية القائمة. وهو تمرين أشبه بالسير على حبل مشدود، لا تزال نتائجه وانعكاساته بعيدة المدى بحاجة إلى المزيد من الوقت لتقييمها بشكل كامل.