
في ظل الجوع المتفشي في غزة.. ماذا يحدث لجسد الإنسان حين يُحرم من الطعام؟
هذا الواقع المأساوي في غزة يسلط الضوء على التأثيرات الصحية الخطيرة التي يسببها الحرمان من الطعام. لفهم مدى خطورة هذه الأوضاع، نستعرض كيف يتعامل الجسم مع نقص الغذاء وكيف يؤثر ذلك على وظائفه الحيوية.
عندما يُمنع الإنسان من الطعام، يدخل جسمه في سلسلة معقدة من التغيرات الحيوية التي تهدف للحفاظ على الحياة، ولكنها في الوقت نفسه تسبب تدهورًا صحيًا تدريجيًا. في الأيام الأولى، يستخدم الجسم مخزون الغلوكوز الموجود في الكبد والعضلات لتوليد الطاقة، ويبدأ الشخص بالشعور بالجوع، التعب، الصداع، وضعف التركيز، مع تقلبات في المزاج وزيادة هرمون التوتر. ومع مرور الوقت، وبعد نفاد مخزون الغلوكوز، يبدأ الجسم في حرق الدهون عبر عملية الكيتوزيس لإنتاج الطاقة، مما يؤدي إلى فقدان وزن واضح وبرودة في الجسم وبطء في الحركة، مع ضعف في الجلد والشعر وتراجع في النشاط الذهني.
ومع استمرار انقطاع الغذاء لفترة أطول، يبدأ الجسم في هدم العضلات والأنسجة الحيوية، بما في ذلك عضلة القلب، ما يسبب ضعفًا خطيرًا في أداء الأعضاء الحيوية مثل الكبد والكلى والدماغ. تظهر اضطرابات نفسية وعقلية مثل الهذيان والاكتئاب، وينخفض ضغط الدم بشكل مهدد للحياة، ما يؤدي في النهاية إلى فشل الأجهزة الحيوية والموت إذا لم يتم التدخل.
الأطفال هم الأكثر تضررًا من الجوع بسبب حاجتهم المستمرة للنمو والتطور. يؤثر سوء التغذية على نموهم الجسدي والعقلي، ويضعف جهازهم المناعي، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. كما أن تأثيرات الجوع تمتد إلى ما بعد انتهاء الأزمة، حيث يعاني الأطفال المتضررون من صعوبات معرفية وسلوكية قد تستمر معهم طوال حياتهم.
حالات الإغماء التي تشهدها غزة هي نتيجة لانخفاض حاد في مستوى السكر في الدم، وهو المصدر الأساسي لطاقة الدماغ. عندما يُحرم الجسم من الطعام لفترة طويلة، تنفد مخازن السكر ويبدأ الدماغ في المعاناة من نقص في الوقود والأكسجين. كما يؤدي نقص السوائل وانخفاض ضغط الدم إلى تراجع تدفق الدم إلى الدماغ، مما يؤدي إلى فقدان الوعي. قبل الإغماء، يعاني الأشخاص من دوار شديد، رؤية مشوشة، تعرق بارد، رعشة وتسارع في ضربات القلب. في ظل الظروف القاسية التي يعيشها سكان غزة، تكررت هذه الحالات بشكل متزايد، خاصة بين الأطفال وكبار السن والمرضى.
تتصاعد مؤشرات الجوع في غزة بشكل خطير مع استمرار الحرب، حيث أبلغت وزارة الصحة في القطاع عن وفاة 86 شخصًا بسبب الجوع وسوء التغذية منذ بداية الصراع، بينهم 76 طفلاً. وفي الأيام الأخيرة فقط، توفي 19 شخصًا جراء الجوع، مما ينذر بكارثة إنسانية محتملة. وحذر مسؤولو الصحة من "وفيات جماعية" إذا استمر الوضع على حاله، خصوصًا مع استمرار الحصار الذي يمنع دخول الغذاء والدواء.
بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تعتمد عليه الأمم المتحدة، تُعلن المجاعة عندما تعاني نسبة كبيرة من السكان من نقص حاد في الغذاء، ويصل معدل وفيات الأطفال إلى مستويات حرجة، مع انتشار شديد لسوء التغذية الحاد بين الأطفال. وبالنظر إلى التقارير الطبية والحقائق الميدانية، فإن غزة باتت على أعتاب تحقيق هذه المعايير.
تؤكد "أونروا" والمنظمات الإنسانية أن إنهاء الأزمة لا يقتصر فقط على فتح المعابر، بل يتطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار ورفع الحصار لضمان تدفق آمن ومستمر للمساعدات. الجوع في غزة لم يعد مجرد تهديد وشيك، بل واقع مؤلم يقتل السكان يوميًا في صمت، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك العاجل قبل فوات الأوان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 11 ساعات
- يورو نيوز
تحذير صحي: الملايين في أوروبا مصابون بالتهاب الكبد دون علمهم
حذّرت هيئات الصحة العامة من أنّ ملايين الأشخاص في مختلف أنحاء أوروبا مصابون بالتهاب الكبد الفيروسي "بي" أو "سي" من دون أن يدركوا ذلك، ما يعرّضهم لمخاطر خطيرة مثل أمراض الكبد وسرطان الكبد. وفي تقرير حديث، أفاد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها بأن نحو خمسة ملايين شخص في دول الاتحاد الأوروبي وأيسلندا وليختنشتاين والنرويج يعيشون مع التهاب كبد مزمن من نوع B أو C، لكن الغالبية العظمى منهم لم يتم تشخيصها أو تلقي العلاج اللازم. وغالبًا ما يُطلق على التهاب الكبد B و C وصف "العدوى الصامتة"، إذ يمكن أن يبقى الفيروس خاملاً في الجسم لسنوات من دون أعراض، إلى أن تبدأ المضاعفات بالظهور في شكل تليف أو فشل في الكبد أو حتى أورام سرطانية. وينتقل الفيروس عادةً من خلال ملامسة دم أو سوائل جسم مصابة، بما في ذلك أثناء الممارسات الجنسية غير المحمية أو مشاركة أدوات تعاطي المخدرات. ويُقدَّر عدد المصابين بالتهاب الكبد B في المنطقة بـ3.2 مليون شخص، مقابل 1.8 مليون مصاب بالتهاب الكبد C. وتُسجَّل نحو 50 ألف حالة وفاة سنويًا ترتبط بهذه الفيروسات مجتمعة. في بيان حديث، شدّدت الدكتورة ماريكه فان دير فيرف، رئيسة قسم الفيروسات المنقولة بالدم والسل في المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، على "الأهمية الحاسمة لتوسيع جهود الوقاية من التهاب الكبد الفيروسي ومكافحته". وأشارت إلى أنّ الحصول على التطعيم، وإجراء الفحوصات، وتوفير الرعاية الصحية للمصابين، كلها خطوات ضرورية لبناء "أوروبا أكثر صحة ومرونة". ووفقًا للمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، لا يزال أكثر من 65 في المائة من المصابين بالتهاب الكبد B و62 في المائة من المصابين بالتهاب الكبد C غير مشخصين. ويمكن الشفاء من التهاب الكبد C بدورة قصيرة من الأدوية المضادة للفيروسات عالية الفعالية. بينما لا يمكن الشفاء من التهاب الكبد B في الوقت الحالي، إلا أنه يمكن السيطرة عليه بعلاج طويل الأمد يساعد على تثبيط الفيروس وتقليل خطر تلف الكبد. أما التهاب الكبد A، الذي ينتشر عن طريق البراز الملوث، فهو عدوى حادة تزول عادةً من تلقاء نفسها. وعلى الصعيد العالمي، يسبب التهاب الكبد الفيروسي المزمن ما يقدر بنحو 1.3 مليون حالة وفاة كل عام. أي حوالي 3,500 حالة وفاة كل يوم، مما يضعه على قدم المساواة مع مرض السل. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنه يمكن منع 2.8 مليون من هذه الوفيات بحلول عام 2030، ودعت الحكومات إلى تضمين فحص التهاب الكبد وعلاجه في الرعاية الصحية الأولية، خاصةً في المجتمعات المعرضة للخطر.


يورو نيوز
منذ 3 أيام
- يورو نيوز
دموع لا تجفّ في غزة: وداع مؤلم لضحايا الغارات الإسرائيلية الأخيرة
وقد أُقيمت الجنازات في مستشفى الأهلي العربي المعمداني، من دون الكشف عن هوية القتلى أو تفاصيل إضافية بشأن مواقع وتوقيت الغارات التي أودت بحياتهم. ورغم إعلان الجيش الإسرائيلي عن "وقف تكتيكي" للعمليات العسكرية لأسباب إنسانية، قُتل ما لا يقل عن 53 شخصًا يوم الأحد وحده، وفق ما أفادت به تقارير ميدانية. وأوضحت قوات الدفاع الإسرائيلية أن هذا "التعليق المؤقت" يسري في مناطق لا تُنفذ فيها عمليات عسكرية، مثل المواصي ودير البلح ومدينة غزة، بين الساعة العاشرة صباحًا والثامنة مساءً، وحتى إشعار آخر، بهدف تسهيل إدخال المساعدات وفتح ممرات جديدة داخل القطاع. في السياق نفسه، أعلن "مكتب تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية" التابع لوزارة الدفاع، عبر منشور على منصة "إكس" اليوم الإثنين، أن أكثر من 120 شاحنة مساعدات تم تسلمها الأحد، وجرى توزيعها من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولية. ولكن على الأرض، لا يبدو أن هذه الإجراءات نجحت حتى الآن في الحد من الأزمة الإنسانية، التي وصفها برنامج الأغذية العالمي بأنها "في مرحلة غير مسبوقة من التدهور". فقد أكد البرنامج أن ثلث سكان غزة يعيشون بلا طعام لأيام متواصلة، بينما يهدد الموت جراء سوء التغذية الحاد نحو 90 ألف طفل وامرأة. وتفاقم المأساة ما يُعرف محليًا بـ"مصائد الموت"، حيث تُستهدف التجمعات المدنية عند نقاط توزيع المساعدات بالقصف، ما يزيد من معاناة السكان الذين يقاتلون للبقاء على قيد الحياة. بالتوازي، تواجه إسرائيل موجة انتقادات دولية متصاعدة بسبب حجم الكارثة الإنسانية، في ظل تعثر محادثات وقف إطلاق النار غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، دون مؤشرات على إمكانية التوصل إلى تسوية قريبة. ووفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة، فقد قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 59,800 شخص، وأصابت أكثر من 144,800 آخرين منذ بدء الحرب على القطاع في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.


يورو نيوز
٢٢-٠٧-٢٠٢٥
- يورو نيوز
في ظل الجوع المتفشي في غزة.. ماذا يحدث لجسد الإنسان حين يُحرم من الطعام؟
أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن سكان قطاع غزة يعانون فعليًا من حالات إغماء ناجمة عن الجوع الشديد، وسط استمرار الحصار وغياب الإمدادات الغذائية. وأوضحت الوكالة في بيانها أن ذلك يحدث رغم وجود كميات كبيرة من الأطعمة والسلع على بُعد كيلومترات قليلة من القطاع، إلا أن الحصار يمنع وصولها إلى السكان. وأشارت الوكالة، إلى أن الفلسطينيين يُجبرون على النزوح المتكرر داخل مساحة صغيرة جدًا لا تتجاوز عُشر مساحة القطاع، حيث لا يجدون ملاذًا آمنًا، مؤكدةً أن وقف إطلاق النار أصبح ضرورة إنسانية عاجلة لا يمكن تأجيلها. هذا الواقع المأساوي في غزة يسلط الضوء على التأثيرات الصحية الخطيرة التي يسببها الحرمان من الطعام. لفهم مدى خطورة هذه الأوضاع، نستعرض كيف يتعامل الجسم مع نقص الغذاء وكيف يؤثر ذلك على وظائفه الحيوية. عندما يُمنع الإنسان من الطعام، يدخل جسمه في سلسلة معقدة من التغيرات الحيوية التي تهدف للحفاظ على الحياة، ولكنها في الوقت نفسه تسبب تدهورًا صحيًا تدريجيًا. في الأيام الأولى، يستخدم الجسم مخزون الغلوكوز الموجود في الكبد والعضلات لتوليد الطاقة، ويبدأ الشخص بالشعور بالجوع، التعب، الصداع، وضعف التركيز، مع تقلبات في المزاج وزيادة هرمون التوتر. ومع مرور الوقت، وبعد نفاد مخزون الغلوكوز، يبدأ الجسم في حرق الدهون عبر عملية الكيتوزيس لإنتاج الطاقة، مما يؤدي إلى فقدان وزن واضح وبرودة في الجسم وبطء في الحركة، مع ضعف في الجلد والشعر وتراجع في النشاط الذهني. ومع استمرار انقطاع الغذاء لفترة أطول، يبدأ الجسم في هدم العضلات والأنسجة الحيوية، بما في ذلك عضلة القلب، ما يسبب ضعفًا خطيرًا في أداء الأعضاء الحيوية مثل الكبد والكلى والدماغ. تظهر اضطرابات نفسية وعقلية مثل الهذيان والاكتئاب، وينخفض ضغط الدم بشكل مهدد للحياة، ما يؤدي في النهاية إلى فشل الأجهزة الحيوية والموت إذا لم يتم التدخل. الأطفال هم الأكثر تضررًا من الجوع بسبب حاجتهم المستمرة للنمو والتطور. يؤثر سوء التغذية على نموهم الجسدي والعقلي، ويضعف جهازهم المناعي، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. كما أن تأثيرات الجوع تمتد إلى ما بعد انتهاء الأزمة، حيث يعاني الأطفال المتضررون من صعوبات معرفية وسلوكية قد تستمر معهم طوال حياتهم. حالات الإغماء التي تشهدها غزة هي نتيجة لانخفاض حاد في مستوى السكر في الدم، وهو المصدر الأساسي لطاقة الدماغ. عندما يُحرم الجسم من الطعام لفترة طويلة، تنفد مخازن السكر ويبدأ الدماغ في المعاناة من نقص في الوقود والأكسجين. كما يؤدي نقص السوائل وانخفاض ضغط الدم إلى تراجع تدفق الدم إلى الدماغ، مما يؤدي إلى فقدان الوعي. قبل الإغماء، يعاني الأشخاص من دوار شديد، رؤية مشوشة، تعرق بارد، رعشة وتسارع في ضربات القلب. في ظل الظروف القاسية التي يعيشها سكان غزة، تكررت هذه الحالات بشكل متزايد، خاصة بين الأطفال وكبار السن والمرضى. تتصاعد مؤشرات الجوع في غزة بشكل خطير مع استمرار الحرب، حيث أبلغت وزارة الصحة في القطاع عن وفاة 86 شخصًا بسبب الجوع وسوء التغذية منذ بداية الصراع، بينهم 76 طفلاً. وفي الأيام الأخيرة فقط، توفي 19 شخصًا جراء الجوع، مما ينذر بكارثة إنسانية محتملة. وحذر مسؤولو الصحة من "وفيات جماعية" إذا استمر الوضع على حاله، خصوصًا مع استمرار الحصار الذي يمنع دخول الغذاء والدواء. بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تعتمد عليه الأمم المتحدة، تُعلن المجاعة عندما تعاني نسبة كبيرة من السكان من نقص حاد في الغذاء، ويصل معدل وفيات الأطفال إلى مستويات حرجة، مع انتشار شديد لسوء التغذية الحاد بين الأطفال. وبالنظر إلى التقارير الطبية والحقائق الميدانية، فإن غزة باتت على أعتاب تحقيق هذه المعايير. تؤكد "أونروا" والمنظمات الإنسانية أن إنهاء الأزمة لا يقتصر فقط على فتح المعابر، بل يتطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار ورفع الحصار لضمان تدفق آمن ومستمر للمساعدات. الجوع في غزة لم يعد مجرد تهديد وشيك، بل واقع مؤلم يقتل السكان يوميًا في صمت، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك العاجل قبل فوات الأوان.