logo
أميركا تواجه صدمة مالية محتملة مع مساعي ترامب للهيمنة على "المركزي"

أميركا تواجه صدمة مالية محتملة مع مساعي ترامب للهيمنة على "المركزي"

جريدة الاياممنذ 17 ساعات
واشنطن - وكالات: حذرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير تحليلي حديث، من أن الولايات المتحدة باتت على مشارف الدخول في ما تعرف اقتصاديا بـ"الهيمنة المالية"، وهي الحالة التي يتحول فيها دور البنك المركزي من إدارة التضخم والنمو إلى أداة لخدمة أولويات الإنفاق الحكومي، وهي حالة طالما ارتبطت بالدول النامية والاقتصادات المتقلبة مثل الأرجنتين، لا بالولايات المتحدة.
وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأكيد ضغوطه العلنية على رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، مطالباً إياه بخفض أسعار الفائدة أو ترك منصبه لمن "ينفذ السياسات المطلوبة".
وفي مقابلة عبر قناة "فوكس نيوز"، قال ترامب صراحة: "نحن بصدد وضع شخص في الفدرالي سيكون قادراً على خفض أسعار الفائدة"، في إشارة إلى نيته تعيين رئيس جديد مبكراً رغم أن ولاية باول لن تنتهي قبل أيار 2026.
وهذه التصريحات، وفقاً للصحيفة، لا تعكس فقط تفضيل ترامب التقليدي لبيئة فائدة منخفضة، بل تشير إلى تحول خطير في فلسفة السياسة النقدية: استخدام الفائدة المنخفضة أداة لتمويل العجز الضخم في الموازنة بدلا من استهداف التضخم والنمو المستدام.
وأوضح تقرير الصحيفة أن فاتورة القانون "الكبير الجميل"، التي أقرها الكونغرس مؤخرا، سترفع العجز من 1.8 تريليون دولار (6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024) إلى 3 تريليونات دولار (7.1%) خلال عقد، وفق لجنة الميزانية الفدرالية المسؤولة، ومع تمديد التخفيضات الضريبية المؤقتة يمكن أن يصل العجز إلى 3.3 تريليونات (7.9%).
لكن الأكثر إثارة للقلق أن إدارة ترامب تخطط لتقليل إصدار سندات طويلة الأجل، والتركيز بدلاً من ذلك على أذون الخزانة قصيرة الأجل بهدف كبح ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.
لكن هذا النهج محفوف بالمخاطر، إذ إن أي قفزة مفاجئة في الفائدة قصيرة الأجل ستنعكس مباشرة على تكلفة خدمة الدين، ما يضع ضغطاً فورياً على الميزانية الفدرالية.
ورغم كل هذه المؤشرات، فإن العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أغلق عند 4.35% الخميس الماضي، بعد أن كان قد ارتفع إلى 4.55% في أيار الماضي، ما يعكس ارتياحاً نسبياً في الأسواق يعود جزئياً إلى توقعات بخلفية "موالية لترامب" في قيادة الفدرالي.
وفي هذا السياق، أفاد اقتصاديون في "غولدمان ساكس" بأن الرئيس القادم للفدرالي سيكون أقل انزعاجاً من العجز، ما يعني معدلات فائدة أقل مستقبلاً.
ومع أن الأسواق لم تترجم تهديدات ترامب ضد الفدرالي إلى توقعات تضخمية حادة، فإن "وول ستريت جورنال" تحذر من أن "الهيمنة المالية" لا تظهر آثارها فوراً، بل تتراكم تدريجياً حتى تنفجر على شكل تضخم أو أزمة ديون مفاجئة.
واستعرض التقرير جذور الهيمنة المالية عبر التاريخ، مشيراً إلى تأسيس بنك إنجلترا العام 1694 كممول للعائلة المالكة، ثم دور الاحتياطي الفدرالي في الحربين العالميتين الأولى والثانية عندما خضع لضغوط وزارة الخزانة الأميركية لتثبيت الفائدة.
وفي الستينيات امتنع الفدرالي عن رفع الفائدة لمنع التأثير على إصدار السندات، ما ساهم لاحقاً في تفجر التضخم.
لكن منذ عقود حاول الفدرالي أن يفصل نفسه عن السياسة، حتى في فترة 2008 - 2014 عندما أبقى الفائدة قرب الصفر، إذ كانت قراراته تستند إلى تقييمه المستقل لتضخم منخفض، وليس لأوامر مباشرة من الرئيس، وفق الصحيفة.
ويحذر التقرير من أنه إذا استمر هذا المسار فإن الاقتصاد الأميركي قد يواجه صدمة مالية تشبه تلك التي ضربت أوروبا في أزمة الديون السيادية بعد العام 2010.
وأشار إلى تحليل لمصرف "غولدمان ساكس" يفيد بأنه إذا لم تبدأ الولايات المتحدة إجراءات تقشفية خلال عقد، فقد تحتاج إلى تقليص الإنفاق أو رفع الضرائب بما يعادل 5.5% من الناتج المحلي سنوياً، وهو ما يتجاوز التقشف الأوروبي حينها.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بلهجة تحذيرية، مؤكدة أن خضوع البنك المركزي الأميركي لتوجيهات الرئيس بدلاً من تحليله المستقل قد يؤدي إلى نتائج مدمرة، حتى وإن لم تظهر خلال فترة ترامب الثانية.
وقالت: "نعم، الأسواق تتجاهل الخطر الآن، لكن التاريخ يقول لنا إن الثمن يُدفع لاحقا، وبفائدة مركّبة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقدم بمفاوضات الدوحة- ترامب يريد التوصل لاتفاق نهاية الأسبوع
تقدم بمفاوضات الدوحة- ترامب يريد التوصل لاتفاق نهاية الأسبوع

معا الاخبارية

timeمنذ 29 دقائق

  • معا الاخبارية

تقدم بمفاوضات الدوحة- ترامب يريد التوصل لاتفاق نهاية الأسبوع

بيت لحم -معا- نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مسؤولين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجه رسالة بأنه يتوقع من المتفاوضين في الدوحة التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع. وأضافوا أن ترامب سيناقش مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القضية الجوهرية المتعلقة باستمرار وقف إطلاق النار. وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية -نقلا عن مسؤولين- إن هناك تقدما في المحادثات، لكن من المبكر معرفة كيف ستنتهي.

هل ننجو من حرب الإبادة؟
هل ننجو من حرب الإبادة؟

جريدة الايام

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الايام

هل ننجو من حرب الإبادة؟

قرار وقف حرب الإبادة في قطاع غزة أصبح أيضاً بيد الرئيس ترامب، وهو من صنف قرارات وقف الحروب السابقة في إيران ولبنان. ترامب يملك القدرة على إنهاء الحرب ولديه الكثير من الحوافز كرغبته الشخصية في العظمة، كي تكون «أميركا عظيمة» بحسب شعاره الانتخابي. وهو بصفته العقارية ينحاز لإبرام صفقات سريعة بأقل تكلفة وبأعلى جدوى ربحية. وما يهمه الآن وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كي يتسنى له الاستثمار في إعادة بناء وتوسيع السيطرة الأميركية الإسرائيلية على المنطقة التي تدر له أرباحاً هائلة. قرار ترامب بوقف الحرب ليس بأي ثمن وإنما بالشروط الإسرائيلية التي تبناها وسعى إلى تحقيقها منذ فوزه في الانتخابات وسيطرته على البيت الأبيض، وهي إعادة الأسرى الإسرائيليين، وتجريد قطاع غزة من السلاح وإزالة أي خطر أمني يهدد إسرائيل، وإنهاء حكم حماس. تختلف حسابات ترامب ونظرة إدارته الشمولية للسيطرة والربح عن حسابات نتنياهو الأنانية الضيقة التي تتمحور حول البقاء في الحكم بضمانة معسكره الكاهاني الذي يسعى إلى إعادة احتلال غزة واستيطانها وتهجير مواطنيها وضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، وتحتل رغبة نتنياهو في الإفلات من المحاكمة الداخلية بتهم الفساد ومسؤوليته عن 7 أكتوبر أولوية على ما عداها. بناء على ذلك يسعى نتنياهو إلى إطالة أمد حرب الإبادة في الوقت الذي يرغب فيه ترامب بوقف الحرب التي تؤخر انطلاقته في إعادة بناء السيطرة والاستثمار من الوزن الثقيل. ومن الطبيعي أن يُحل التناقض الثانوي بين نتنياهو وترامب لصالح الأخير لا سيما أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والمعارضة الإسرائيلية ترى أن الحرب حققت واستنفدت أهدافها العسكرية، ما يعزز دعوة ترامب لوقف الحرب التي باتت تقتصر على تدمير ما تبقى من منازل ومرافق وعلى قتل المدنيين حتى وهم يحتشدون للحصول على الغذاء – بحسب اعترافات الجنود لصحيفة هآرتس – فضلاً عن ترهيب وتجويع واستنزاف وإذلال مليونَي شخص وحشرهم في 20% من مساحة القطاع توطئة لتهجيرهم قسراً بعد إفقادهم كل شيء، وتسمية أبشع وأعنف عملية تطهير عرقي بالتهجير الطوعي. يراهن ترامب على انطلاقة تبدأ بوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً والإفراج عن نصف الرهائن وإطلاق أضعافهم من الأسرى الفلسطينيين، وإدخال المساعدات والتفاوض على إنهاء الحرب خلال هذه المدة، والتي تتضمن الترتيبات الأمنية، والسلاح وفصائل المقاومة، ومن يحكم قطاع غزة. لا يوجد خلاف أميركي إسرائيلي حول أهداف الحرب كما حددتها المؤسسة الإسرائيلية، مع فارق بسيط حول كيفية الوصول إلى النهايات بعد قطع شوط شاسع في حرب الإبادة، يتلخص الخلاف بأن إدارة ترامب ترغب في اتفاق مع حماس يتضمن التزامها بالأهداف مع توفير غطاء عربي، مقابل ضمانات أميركية بعدم شطب حركة حماس وعدم تعرض قيادتها للاغتيال، وبقاء مواردها وأصولها المالية دون مصادرة، وقد تقبل إدارة ترامب بقليل من حضور سياسي للحركة في اليوم التالي، كما تقول المعلومات المتداولة. خلافاً لذلك، يبدو أن حركة حماس تتفاوض على إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال، وإعادة الإعمار، وفتح معبر رفح، وهذه أهداف مشتركة لكل الشعب الفلسطيني، لكن الحركة تتجاهل تفاوضها الأهم على وجودها ودورها اللاحق وهي أهداف فئوية خاصة بتنظيمها وتتعارض مع المصلحة المشتركة لعموم المنكوبين والمهددين بحدوث المصيبة. إن وقف الحرب والانسحاب يحتاج إلى الإفراج عن بقية المحتجزين الخمسين وتراجع حماس عن حكمها وسلاحها، كان ذلك كافياً ليتحول الضغط الدولي والعربي وضغط 70% من المجتمع الإسرائيلي على حكومة الاحتلال لوقف الحرب، في هذه الحالة يصبح استصدار قرار من مجلس الأمن لإنهاء الحرب أمراً ممكناً. لكن تفاوض حماس على بقائها يكلف المجتمع في قطاع غزة ضحايا يتجاوز عددهم المئة شهيد يومياً وجلهم من الأبرياء، وإطلاق حماس صاروخاً أو صاروخين لا يؤديان إلى خسائر، أو إلى ردع المعتدين، بل هي مجرد رسالة مكتوبة بدماء الأبرياء تقول: «نحن اليوم التالي» بثمن ضخم هو رد إسرائيلي إجرامي يحصد أرواح العشرات ويؤدي إلى تهجير عشرات آلاف المواطنين من مكان الإطلاق وتدمير بقايا منازلهم فضلاً عن ترويعهم وإذلالهم. هذا تكتيك ينم عن جهل سياسي مفرط، ويعبر عن عمى أيديولوجي في أحسن الأحوال. يقول تعميم لحركة حماس بعد وقف الحرب الإيرانية: (لا نُعول على قوة بشر .... هذه السفينة لأهل العقيدة الصافية، لا يثبت على متنها إلا من باع الدنيا وأعرض عن زخرفها.. أبحرنا ولا نطلب دنيا ولا سلطة). تفاوض حماس على بقائها بمستوى متدنٍ من معرفة العدو، لا يُحسِّن شروط حماس التفاوضية، ويفتك بالمواطنين ويهدد وجودهم، ولا يؤدي إلى معاقبة مرتكبي جرائم الحرب الذين حظوا «بحق الدفاع عن مواطنيهم» من صواريخ لا تؤذي عملياً ويجري اعتراضها بنسبة 99%، في الوقت الذي تتعامل فيه حماس مع «حق التفريط بحياة مواطنيها» بدعم نخب سياسية وثقافية لا تدافع عن أبسط حقوقهم في الحياة، وتتعامل مع المقاومة كطقس مقدس منفصل عن موازين القوى والخسارة والربح والخطر الوجودي الذي يتهدد الشعب والقضية، أي بمنطق وبمفهوم حماس. تستمر حركة حماس في احتكار قرار مواصلة الحرب غير آبهة بالتحولات والمتغيرات التي تستحثها سلطات الاحتلال بنسختها الكاهانية، وهي إذ تتحدث عن عرض موقفها وتعديلاتها على ورقة ويتكوف الأميركية على التنظيمات، وتقول إنها وافقت عليها، دون أن تقول تلك التنظيمات رأيها أو تحدد شكل مشاركتها في القرار الحمساوي. ويبدو أن حركة حماس تصر على الانقسام وعلى عمل موازٍ وبديل للشرعية الفلسطينية بتجاهلها لمنظمة التحرير الطرف الشرعي الفلسطيني الوحيد. ويستمر نتنياهو وحكومته المتطرفة في استبعاد الحل السياسي للحرب لصالح الحل الأمني بصيغة حرب الإبادة والتهجير والضم، فهو يطلب من جيشه تقديم خطط لتعميق السيطرة على القطاع وتهجير مئات الآلاف من مدينة غزة والمخيمات المحيطة بها إلى الجنوب، ويطالب بإضافة مراكز توزيع غذاء جديدة. ومن اللافت أن المشروع العربي الدولي لربط إنهاء الحرب بحل سياسي ينهي الاحتلال ويقيم دولة فلسطينية، انطفأ مع الهجوم الإسرائيلي الأميركي على إيران ولم يعد إلى الواجهة مرة أخرى، ما يجعل نتنياهو يصول ويجول منفرداً في الميدان السياسي، حيث تستفرد حكومة نتنياهو بالقضية الفلسطينية عبر الزحف الاستيطاني في الضفة الغربية بزيادة قدرها 40%، المترافق مع تغيير قانوني يحفز نشر البؤر وبناء مستوطنات جديدة، ويشجع مواصلة التطهير العرقي للتجمعات البدوية والرعوية والفلاحية الفلسطينية ومخيمات الشمال وكل ذلك من أجل ضم الضفة الغربية. كما تعمل حكومة الحرب على تفتيت المجتمع الغزي من خلال تشكيل وتشجيع مليشيات وجماعات وعشائر مسلحة تمارس السطو والقتل وتقدم قيم التعصب والتحلل من الرابطة والهوية الوطنية لصالح الهوية العائلية والعشائرية. لا شك في أن هذه المخاطر تزايدت على وقع حرب الإبادة المتواصلة منذ 7 أكتوبر وأصبحت تهدد الوجود والحقوق الفلسطينية الوطنية والمدنية، ما لم يتم قطع الطريق عليها بمبادرات وأشكال نضال جديدة.

تساؤلات وألغام مــا بعد حربَي غزة وإيران
تساؤلات وألغام مــا بعد حربَي غزة وإيران

جريدة الايام

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الايام

تساؤلات وألغام مــا بعد حربَي غزة وإيران

عند مفترق طرق تحوطه حقول ألغام تطرح التساؤلات الحرجة نفسها على الإقليم كله، لا غزة وإيران وحدهما، عن طبيعة وحدود التغييرات الجوهرية على خرائط الإقليم وحسابات القوة والنفوذ فيه. في اللقاء المزمع بالبيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتقرر المسار العام لنوع التسويات المحتملة في ملفَي غزة وإيران دون أن يكون هناك دور عربي يُؤخذ في الاعتبار. هذا أسوأ استنتاج ممكن، لكنه ماثل بحقائقه في المشهد الإقليمي المأزوم. نحن أمام رجلين، كل منهما يرى في الآخر حليفاً موثوقاً، يتوافقان على الخيارات الإستراتيجية ويختلفان في الأولويات. حسب الإشارات والتسريبات المتواترة، فإن أولوية ترامب وقف إطلاق النار في غزة لإثبات قدرته على الحسم قبل العودة بكل قوته إلى الملف الإيراني، الذي تحكمه إرادات متعارضة يصعب تجاوزها بيسر. «أريد أن أرى أهل غزة في أمان، بعد أن مروا بالجحيم». كانت تلك عبارة لافتة، وغير معتادة في خطابه، لكنها لا تتسق مع الوقائع على الأرض، حيث أعطت إدارته تفويضاً مفتوحاً للجيش الإسرائيلي في تقتيل وتجويع القطاع المحاصر دون اعتراض. وفق التقارير الدولية المتواترة، فإن الطريقة، التي يجري بها توزيع المساعدات الإنسانية تحت رعاية واشنطن، تحولت إلى كمائن للموت وإزهاق أرواح الجوعى الفلسطينيين بوحشية لا مثيل لها في التاريخ الإنساني الحديث. حسب إشارات وتسريبات أخرى لا يمانع نتنياهو في صفقة ما، الآن وبلا إرجاء جديد، لاستثمار أوضاع ما بعد الحرب على إيران في التوصل إلى ما يسميه «النصر المطلق» من خلال الوسائل السياسية بعد أن فشلت وسائله العسكرية في استعادة الأسرى والرهائن ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية، لا «حماس» وحدها. «إنها لحظة نادرة». هكذا قال بالنص. المعنى إنه إذا لم يحدث استثمار سياسي في غزة لما يسميها «الإنجازات» في الحرب على إيران، فإن تلك اللحظة لن تتاح مرة أخرى. كان هناك نوع من التسرع في الأحكام والاستخلاصات، لم يقوض المشروع النووي الإيراني رغم ما لحقه من أضرار فادحة، ولا تضرر مشروعها الصاروخي الباليستي ولا سقط نظامها. أدق تعبير ممكن لوصف نتائج الحرب: «اللانصر واللاهزيمة». العودة المحتملة للمفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران اعتراف عملي بأن المشروع النووي لا يزال حاضراً. إنه نوع من الفشل، الذي قد يستدعي الحرب مرة أخرى. أولوية نتنياهو في مباحثات البيت الأبيض الحرب مجدداً على إيران بشراكة أميركية كاملة هذه المرة. ترامب قد يصل إلى هذه النقطة، لكن ليس الآن، ولا قبل حسم ملف غزة. «سوف أكون حازماً جداً مع نتنياهو في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة والانتهاء من هذه المسألة». نتنياهو يحاول أن يبتز ترامب إلى أبعد حد ممكن لمقتضى مصالحه وحروبه التي لا تنتهي.. وترامب يريد صفقة الآن في الملفين معاً، إحداهما إثر الأخرى، حتى يبدو أمام العالم كرجل سلام يستحق جائزة نوبل، وأن يثبت بالوقت نفسه أنه يختلف تماماً ونهائياً عن سلفه جو بايدن، الذي يستدعي اسمه بمناسبة وبغير مناسبة كعقدة مستحكمة للسخرية من قدراته المحدودة وعجزه عن فعل ما يفعله هو الآن. رغم أي إشارات توحي باستعداد نتنياهو للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة هو نتنياهو نفسه، حتى لو كان الاتفاق مؤقتاً لستين يوماً. بضمان أميركي مراوغ، فإن المفاوضات قد تتمدد لفترات أخرى إذا ما كانت جدية. من الذي يحكم إذا ما كانت المفاوضات جدية أو غير جدية؟ نظرياً: الولايات المتحدة ولا أحد غيرها. عملياً: نتنياهو سوف يكون هو الحكم بالوكالة. تتبدى هنا احتمالات العودة مجدداً إلى الحرب على غزة، رغم أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ضجرت من حرب بلا أهداف سياسية محددة وممكنة، وتطلب - كما بات منشوراً وذائعاً - إيقافها في غضون أسبوعين أو ثلاثة بذريعة أن العمليات العسكرية استنفدت أهدافها، وخشية أن يفضي توسيع القتال إلى تعريض حياة الرهائن للخطر. كان نجاح المقاومة الفلسطينية في إلحاق أضرار فادحة بالجيش الإسرائيلي داعياً للتساؤل بإلحاح: لماذا نحارب؟! مساحات المناورة أمام نتنياهو تضيق بين أغلبية في الرأي العام تطلب وقف الحرب فوراً وعودة كل الرهائن مرة واحدة، وضغوط اليمين المتطرف للمضي فيها وتوسيع نطاقها إلى أقصى حد حتى لو قتل جميع الرهائن. هذا يفسر إلى حد كبير دعوات ترامب لإغلاق ملف محاكمة نتنياهو بحجة أنها تعيق التقدم بالمفاوضات مع إيران و»حماس». قبل أن يلوّح، كما لم يحدث من قبل، بوقف المساعدات لإسرائيل إذا لم يلبِ طلبه! الولايات المتحدة لن تتسامح مع مواصلة محاكمة نتنياهو. إنه بطل قومي يستحق الإنصاف لا الإدانة. يبدو الطلب بذاته نوعاً من التورط في حماية الفساد والتحايل والرشى. أميركا أنقذت إسرائيل.. والآن ستنقذ نتنياهو. إلى هذا الحد وصلت مساعيه لإنقاذ حليفه دون اعتبار لصورة إسرائيل، التي جرى تسويقها، على مدى أكثر من سبعة عقود، كدولة قانون وواحة للديمقراطية في الشرق الأوسط. إنه إنقاذ لمجرم حرب لا يسعى من أجل السلام! كان ذلك داعياً لانقسامات داخل إسرائيل نفسها، كأنها تطل على الحقيقة في المرآة، فلا هي قوة إقليمية عظمى على ما يقول نتنياهو، ولا هي دولة طبيعية بوسعها أن تفرض كلمتها على الشرق الأوسط كله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store