logo
بروح من التفاؤل الواقعي: قراءة في التعديل الوزاري المرتقب

بروح من التفاؤل الواقعي: قراءة في التعديل الوزاري المرتقب

جو 24منذ 2 أيام
د. عدلي قندح
جو 24 :
يتابع الشارع الأردني باهتمام بالغ التعديل الوزاري المرتقب، الذي أعلنه مكتب رئيس الوزراء اليوم الثلاثاء الموافق 5 آب 2025، وسط آمال بأن يحمل هذا التغيير في طياته بداية جديدة لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة. ورغم أن حجم التحديات يدعو إلى خفض التوقعات المفرطة، فإن النظر إلى التعديل بروح من التفاؤل الواقعي يفتح الباب أمام فرص جديدة لإعادة ترتيب الأولويات وتحقيق تقدم ملموس إذا ما تم استثمار اللحظة بحكمة.
يتناول هذا المقال أبرز المحددات التي تحيط بهذا التعديل من حيث الإطار المالي والاقتصادي العام، والبيئة الإدارية والمؤسسية، وتجارب الأردن السابقة، ويقدم في ختامه مقترحات عملية مستندة إلى نماذج ناجحة من دول مرّت بظروف مشابهة، بهدف تسريع وتيرة الإنجاز وتحقيق تحولات ملموسة.
أولاً: محددات مالية واقتصادية واقعية ولكن قابلة للإدارة
يدخل التعديل الوزاري الجديد في وقت يتوسط السنة المالية، حيث تعاني الموازنة العامة من ضغوط واضحة ناجمة عن عجز مالي ومعدلات مديونية مرتفعة. فقد بلغ عجز الموازنة بعد المنح حتى نهاية نيسان 2025 نحو 469.2 مليون دينار، بينما يُقدر العجز السنوي الكامل بـ 2.278 مليار دينار، أي ما نسبته 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي. أما الدين العام فقد بلغ نحو 46.3 مليار دينار، ما يعادل 116.1% من الناتج المحلي، وهو ما يشكل تحديًا للاستدامة المالية.
ورغم هذه التحديات، إلا أن هناك مجالًا للمناورة إذا ما تم تبني سياسات مالية مبتكرة، مثل:
• إعادة هيكلة أولويات الإنفاق العام بالتركيز على القطاعات المنتجة وفرص التصدير.
• تبني سياسة مالية توسعية ذكية عبر شراكات مع القطاع الخاص وتمويلات تنموية مشروطة مثل التي استخدمتها دول كـ البرتغال وتشيلي.
• تعزيز الشفافية في الإنفاق باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الأداء المالي وتحقيق كفاءة أعلى.
رغم تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 18.5% في عام 2024، فإن هذه العقبة ليست نهائية، بل تتطلب تحسين البيئة الاستثمارية من خلال تسهيل الإجراءات، وتقديم ضمانات طويلة الأمد، وتفعيل البعثات الاقتصادية الأردنية إلى دول النمو مثل الهند وإندونيسيا وأذربيجان.
ثانياً: كفاءة الوزراء الجدد… فرص واعدة في ظل بيئة معقدة
الوزراء الجدد سيواجهون بلا شك واقعًا إداريًا وبيروقراطيًا مركبًا، وهو ما يتطلب منهم ليس فقط الخبرة الفنية، بل القدرة على القيادة التغييرية في بيئة مليئة بالتحديات، من بطء اتخاذ القرار، إلى محدودية الموارد البشرية المؤهلة.
ولتحقيق أثر سريع، يمكن الاستفادة من تجارب مثل سنغافورة ورومانيا في:
• تشكيل وحدات تنفيذية خاصة داخل الوزارات (Delivery Units) ترتبط مباشرة برئيس الوزراء وتتابع المشاريع الكبرى.
• إطلاق برامج تسريع (Fast-Track Policy Labs) لتنفيذ مبادرات إصلاحية محددة خلال 100 يوم.
• إشراك القطاع الخاص في صياغة الحلول من خلال تفعيل المجالس القطاعية الاستشارية داخل الوزارات.
ثالثاً: التحديات الهيكلية… من الإدراك إلى الفعل
يبقى العامل الحاسم في أي إصلاح هو الاعتراف بالحقائق الصعبة دون الوقوع في فخ السلبية، ومن أبرز تلك التحديات:
1. شح الموارد الطبيعية:
الأردن يواجه واقعًا بيئيًا واقتصاديًا يفرض عليه التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والاستفادة من الطاقة الشمسية والرياح، كما فعلت المغرب التي أصبحت دولة مصدرة للطاقة النظيفة.
2. معدلات بطالة وفقر مرتفعة:
البطالة وصلت إلى 21.2%، وتشكل ضغوطًا اجتماعية واقتصادية. وهنا يمكن الاستفادة من تجربة كولومبيا في دمج الشباب في سوق العمل عبر برامج "العمل مقابل المهارة' والتمويل المشروط بريادة الأعمال.
3. تقلبات إقليمية ودولية خارجة عن السيطرة:
من الأزمات السياسية في المنطقة إلى تقلبات أسعار النفط، إلا أن الأردن يمكنه تحييد أثرها عبر تنويع شركائه التجاريين والاستثماريين والتوجه نحو اقتصاد المعرفة والخدمات الرقمية العابرة للحدود.
4. ضعف أثر التعديلات الوزارية السابقة:
تجارب الأردن السابقة أظهرت محدودية الأثر الفوري للتعديلات ما لم تقترن بمراجعة منهجية للسياسات العامة. الحل هنا هو فصل المواقع السياسية عن الإدارية وتمكين القيادات الوسطى، ان وجدت، وإعطاؤها صلاحيات تنفيذية.
توصيات وآليات عمل لتسريع الإنجاز:
لضمان أن لا يكون هذا التعديل مجرد تغيير شكلي، يمكن اقتراح حزمة من الأدوات العملية:
1. دعم وتعزيز عمل وحدات المتابعة في رئاسة الوزراء والديوان الملكي
للحفاظ على اتساق السياسات العامة، خاصة الاقتصادية منها، ولضمان الاستمرارية والربط بين الرؤى الوطنية (مثل رؤية التحديث الاقتصادي) والموازنات السنوية، يجب الاستمرار في دعم هذه الوحدات.
وقد نجحت فنلندا وأيرلندا في اعتماد نموذج مماثل، مما ضمن توافقًا طويل الأجل في السياسات رغم تغير الحكومات ورغم اجراء تعديلات حكومية داخل الحكومة الواحدة.
2. تحويل 5 محافظات أردنية إلى "مناطق تجريبية للابتكار التنموي'
في مواجهة التفاوت التنموي بين المحافظات وتركز الفرص في العاصمة، يمكن للأردن تبني سياسة "التنمية المختبرية' (Development Sandboxes)، حيث تُمنح بعض المحافظات مثل معان أو الطفيلة أو الكرك صلاحيات موسعة في التنظيم والاستثمار، وتُعفى من بعض الإجراءات البيروقراطية المركزية، مع إشراف مباشر من لجنة وزارية.
تُستخدم هذه المناطق لاختبار نماذج جديدة في التوظيف، التعليم المهني، الشراكة مع الجامعات، وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وقد اعتمدت الصين هذا النموذج في "مناطق السياسات الخاصة' منذ الثمانينات، لتجريب أفكار غير تقليدية قبل تعميمها.
3. إطلاق بورصة وطنية للمشروعات الحكومية القابلة للاستثمار (Gov Market Exchange)
من خارج المألوف التفكير بتأسيس منصة الكترونية تشبه البورصة تعرض فيها الحكومة مشروعات صغيرة ومتوسطة قابلة للاستثمار المشترك مع القطاع الخاص أو المواطنين، مثل إنشاء مدرسة أو محطة طاقة شمسية أو مركز خدمات.
يمكن للمواطنين، المغتربين، أو الصناديق التقاعدية، المشاركة في هذه المشاريع مقابل عوائد طويلة الأمد، مما يخلق اقتصادًا مجتمعيًا تشاركيًا ويقلل من الضغط على الموازنة العامة.
هذا النموذج قريب من تجربة "التمويل الجزئي للمشاريع العامة' التي استخدمتها كوريا الجنوبية وهولندا في تطوير البنية التحتية.
4. استحداث وزارة أو مفوضية عليا لـ "الاقتصاد التحويلي'
بدلاً من الاكتفاء بوزارات تقليدية، يمكن تأسيس كيان خاص بمسمى "وزارة الاقتصاد التحويلي' أو "المفوضية الوطنية للتحول الإنتاجي' تُعنى بإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية غير المنتجة نحو قطاعات ذات قيمة مضافة أعلى (كالاقتصاد الرقمي، الطاقة المتجددة، والصناعات الذكية).
تكون مهمتها تنسيق برامج التدريب، إعادة التخصص، وتوجيه الاستثمار نحو الفرص الجديدة.
الهدف أن تنتقل العمالة من قطاعات مشبعة ومنخفضة الإنتاجية إلى قطاعات قادرة على توليد النمو الحقيقي. وقد نفذت بولندا وإستونيا سياسات مماثلة ضمن خطط تحولها الاقتصادي بعد الأزمات.
5. زيادة منح القطاع الخاص "رخص إصلاح' لإدارة مرافق حكومية غير فاعلة
يمكن للحكومة أن تزيد من منح "رخص إصلاح' محددة الأجل للقطاع الخاص، لإدارة بعض الخدمات أو المرافق العامة التي تعاني من ضعف في الكفاءة، مثل صيانة المدارس، خدمات المستشفيات الطرفية، أو مراكز تدريب مهني.
6. إنشاء "صندوق السيادة المجتمعي' بتمويل من المغتربين والقطاع التعاوني
المغتربون الأردنيون يمتلكون إمكانيات مالية هائلة، لكن لم تُترجم بعد إلى أدوات استثمارية منتظمة داخل البلاد.
يمكن إنشاء صندوق سيادي مجتمعي بالشراكة بين وزارة الاستثمار، وصندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي، لتمويل مشروعات تنموية مربحة في المحافظات، على أن يُفتح الاكتتاب فيه أمام الأردنيين في الخارج بشروط ميسرة.
يمكن تمويل مشاريع مثل السدود، الطرق الريفية، الطاقة الشمسية، والمشاريع الزراعية الصناعية.
استلهمت الهند وفيتنام تجارب مماثلة لاستقطاب مدخرات المغتربين في صناديق موجهة.
7. إنشاء "مرصد وطني للمشاريع المغادرة' لفهم أسباب الخروج وتحفيز العودة
في ظل تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخروج بعض الشركات والمشاريع من الأردن خلال السنوات الأخيرة، يُقترح إنشاء كيان متخصص تحت مسمى: "المرصد الوطني للمشاريع المغادرة'، وهو وحدة تحليلية واستقصائية دائمة تُعنى بتتبع وفهم وتحليل المشاريع التي أوقفت نشاطها في الأردن أو نقلته إلى دول أخرى، بهدف استخلاص الدروس ووضع سياسات استباقية لإصلاح بيئة الأعمال وإعادة استقطاب تلك المشاريع أو ما يشابهها.
الأهداف الرئيسية للمقترح:
1. تحليل الأسباب الجذرية (Root Causes) لمغادرة المشاريع سواء كانت:
• تشريعية أو إجرائية
• متعلقة بكلفة الإنتاج أو العمالة
• مشاكل في التحكيم والنزاعات
• غياب الحوافز أو بطء الاستجابة الحكومية
2. تحديد الأنماط القطاعية والجغرافية للمغادرة (مثلاً: هل المشاريع الصناعية تغادر أكثر من التكنولوجية؟ وهل المغادرة تتركز في مناطق معينة؟)
3. تقديم توصيات عملية مخصصة لإصلاح المناخ الاستثماري بناءً على أدلة حقيقية من السوق.
4. إطلاق برنامج "عودة المستثمرين' بالتعاون مع وزارة الاستثمار والقطاع المصرفي والمناطق التنموية.
آلية التنفيذ:
• تأسيس وحدة مشتركة بين وزارة الاستثمار وغرفة صناعة الأردن وجمعية رجال الأعمال.
• جمع بيانات من ضريبة الدخل، الجمارك، وزارة الصناعة، هيئة الاستثمار، وسجلات الشركات المحلولة أو المنقولة.
• إجراء مقابلات سرية ومنهجية مع ممثلي المشاريع المغادرة أو المنسحبة.
• تحليل البيانات كمياً ونوعياً وإصدار تقرير سنوي يُرفع إلى مجلس الوزراء ويُنشر للرأي العام.
• إنشاء لجنة تسوية سريعة لحل النزاعات القديمة مع المستثمرين المغادرين الراغبين بالعودة.
• تنظيم منتدى سنوي بعنوان "فرص العودة' لدعوة المستثمرين السابقين للعودة أو إعادة استثمار أموالهم في مشاريع جديدة محمية ومحفزة.
الفوائد المتوقعة:
• إغلاق فجوة معلوماتية حساسة لطالما غابت عن صانع القرار.
• تحسين فعّال وسريع في بيئة الأعمال بناءً على أدلة واقعية لا على افتراضات.
• إرسال رسالة ثقة للأسواق والمستثمرين المحليين والدوليين بأن الأردن يعالج أوجه القصور بشفافية.
• تحويل تجربة الإخفاق السابقة إلى فرصة إصلاح جذري قابل للقياس.
نموذج مرجعي:
دولة ماليزيا أنشأت وحدة مشابهة داخل هيئة الاستثمار الوطني، ونجحت خلال 3 سنوات في إعادة 12 مشروعاً كبيراً إلى البلاد بعد إصلاحات مخصصة لكل حالة.
8. توظيف الذكاء الاصطناعي لمحاربة الفساد المؤسسي الصامت
الفساد الإداري الصامت المتمثل في الهدر، سوء التخصيص، وتأخير الإنجاز لا يُعالج فقط بتشريعات، بل يتطلب أدوات تكنولوجية رقابية فاعلة.
يقترح إنشاء منصة ذكاء اصطناعي وطنية لمراقبة الأداء الحكومي (AI for Good Governance)، تربط أنظمة المشتريات، الأداء المؤسسي، وتنفيذ المشاريع، وتصدر تقارير لحظية للرقابة المالية والبرلمان والمواطنين.
نجحت أوغندا والهند في استخدام أدوات مماثلة خفّضت الإنفاق غير المنتج بنسبة وصلت إلى 20%.
كلمة أخيرة: خفض التوقعات لا يعني غياب الأمل
إن دعوة خفض التوقعات ليست دعوة للتشاؤم، بل للتعامل بواقعية مسؤولة تستند إلى قراءة دقيقة للواقع، وتفاؤل قائم على التحليل لا العاطفة. التغيير في الأردن ممكن، لا سيما إذا توفرت الإرادة السياسية والرؤية الشمولية وآليات التنفيذ الفعالة. فكما أظهرت تجارب عديدة في دول خرجت من أزمات اقتصادية حادة، فإن النجاح لا يرتبط بالموارد فقط، بل بكيفية إدارتها وتوجيهها نحو أهداف وطنية مشتركة.
إن التعديل الوزاري المقبل هو فرصة لإعادة هيكلة التوقعات، وتصحيح المسار، والانطلاق مجددًا بخطى مدروسة نحو تحقيق طموحات الأردنيين في مستقبل أكثر استقرارًا ونموًا وعدالة.
تابعو الأردن 24 على
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإنفاق الرأسمالي في الأردن: هل يقود رؤية التحديث الاقتصادي؟*د. رعد محمود التل
الإنفاق الرأسمالي في الأردن: هل يقود رؤية التحديث الاقتصادي؟*د. رعد محمود التل

Amman Xchange

timeمنذ 3 ساعات

  • Amman Xchange

الإنفاق الرأسمالي في الأردن: هل يقود رؤية التحديث الاقتصادي؟*د. رعد محمود التل

الراي رغم المكانة المركزية التي يحتلها الإنفاق الرأسمالي في تحفيز النمو الاقتصادي وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، تكشف ورقة السياسات الصادرة عن المنتدى الاقتصادي الأردني عن وجود فجوة بين الطموح المعلن والواقع الفعلي للإنفاق، ما يعكس اختلالًا في البنية، ويثير تساؤلات حول مدى قدرة الموازنة العامة على قيادة التحول المطلوب نحو اقتصاد منتج ومرسوم بحسب رؤية التحديث الاقتصادي. الورقة الصادرة عن المنتدى تُظهر أن حجم الإنفاق الرأسمالي ظل يتراوح بين 1.1 و1.5 مليار دينار خلال الأعوام الأخيرة، دون مسار تصاعدي واضح، ما يشير إلى غياب إطار استراتيجي متوسط أو طويل المدى لتخطيط النفقات التنموية. فبينما بلغت ذروتها في عام 2022 عند 1.512 مليار دينار، عادت للتراجع في مشروع موازنة 2025 إلى 1.468 مليار دينار، مما يعكس تباطؤا في زيادة هذا الانفاق الاقتصادي المهم. هذه التباطؤات تؤثر وبلاشك على تنفيذ المشاريع الكبرى، وتحد من فعالية الإنفاق في تحفيز النمو، خاصة إذا لم يُرافقها نظام مؤسسي قوي للتخطيط والتقييم. من منظور المقارنة الدولية، يُلاحظ أن نسبة الإنفاق الرأسمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن تراوحت بين 2.7% و4.6% خلال العقد الماضي، وهي أقل من المعدل المستهدف للدول النامية الذي يتراوح بين 5% و7%. وهذا يعني أن الأردن يستثمر أقل مما يجب في البنية التحتية والمشاريع الإنتاجية، ما يضعف مساهمة الإنفاق العام في النمو وخلق الوظائف، ويزيد من الاعتماد على الطلب الاستهلاكي والإنفاق الجاري، وهو ما لا ينسجم تمامًا مع أهداف التحديث الاقتصادي. عند تحليل هيكل الإنفاق، تكشف الورقة عن تركز الإنفاق الرأسمالي في قطاعات مختلفة مثل الشؤون الاقتصادية والبنية التحتية والخدمات العامة، في حين أن الإنفاق على قطاعات كالحماية الاجتماعية والاستدامة البيئية لا يزال محدودًا للغاية، إذ لم تتجاوز حصتهما 2.4% من إجمالي الإنفاق الرأسمالي لعام 2025. تتباين الفجوة بين الإنفاق الفعلي ومحاور رؤية التحديث الاقتصادي. فبحسب الورقة، فإن حوالي 19.2% من النفقات الرأسمالية موجهة لقطاعات غير مرتبطة بأولويات الرؤية. كما أن مشاريع مرتبطة بمحاور 'ريادة الأعمال' و'الموارد المستدامة' تكاد تكون غير حاضرة أو ممثلة بشكل محدود في بنود الموازنة. هذه الفجوة النسبية بين السياسات المعلنة والمخصصات الفعلية قد يعكس إلى حد ما إشكالية في التنسيق المؤسسي الحكومية، ويضعف جدوى الخطة التنفيذية للرؤية. التوزيع الجغرافي للإنفاق الرأسمالي يمثل تحديًا آخر. إذ تظهر الأرقام أن نحو 90% من الإنفاق يذهب إلى مشاريع مركزية، بينما تحصل المحافظات مجتمعة على حوالي 9.2% من الإجمالي. هذا التركيز يكرّس الفجوة التنموية بين العاصمة وبقية المناطق، ويُضعف فرص تحقيق تنمية متوازنة وشاملة، كما يحد من قدرة المجتمعات المحلية على الاستفادة من مشاريع التنمية وخلق فرص العمل. الورقة تقترح جملة من التوصيات، أبرزها تطوير إطار متوسط المدى لتخطيط الإنفاق الرأسمالي، وزيادة تدريجية في نسبته إلى الناتج المحلي ليصل إلى ٦٪؜، وإعادة هيكلة توزيع النفقات بما يتماشى مع أولويات الرؤية، وإنشاء صندوق استثماري مستقل للمشاريع الاستراتيجية الكبرى، وزيادة حصة المحافظات إلى 25%. هذه التوصيات، إن نُفذت بجدية، يمكن أن تسهم في تعزيز كفاءة وفعالية الإنفاق، وتمنح الرؤية الاقتصادية زخمًا حقيقيًا على الأرض. من الواضح أن المشكلة لا تكمن فقط في حجم الإنفاق الرأسمالي، بل في نوعية وكيفية تخصيصه وتنفيذه. ومع ضعف الإصلاح الهيكلي في أدوات الإنفاق العام ومحدودية الشراكة بين القطاع العام والخاص، ستبقى فجوة الطموح والتنفيذ قائمة في برامج التحديث، مما قد يُضعف القدرة على عكسها بعضها كمشاريع على ارض الواقع.

ارباح الشركات وضرورة تعزيز الاستثمار في البورصة*فايق حجازين
ارباح الشركات وضرورة تعزيز الاستثمار في البورصة*فايق حجازين

Amman Xchange

timeمنذ 3 ساعات

  • Amman Xchange

ارباح الشركات وضرورة تعزيز الاستثمار في البورصة*فايق حجازين

الراي تثبت البيانات المالية للشركات المدرجة في بورصة عمان أن الاستثمار في الأسهم يعد فرصة مواتية للعودة للسوق المالية، حيث ان الأرباح نمت بنسبة 9.4 بالمئة للنصف الأول من العام الحالي، وهي تشكل عائدا استثماريا أوليا مناسبا، إذا ما أخذنا عامل المخاطرة من ناحية والمقارنة مع أدوات استثمارية أخرى متاحة في السوق من ناحية أخرى. الأرباح بعد الضريبة ارتفعت إلى مليار و60 مليون دينار للعام الحالي مقابل 968.3 مليون دينار للفترة ذاتها من 2024، كما ارتفعت الأرباح قبل الضريبة إلى مليار و519 مليون دينار مقارنة مع مليار و419 مليون دينار لفترة المقارنة. في بعض القطاعات ترتفع هذه النسبة، وخصوصا القطاع المالي، وهو ما ينعكس على التوزيعات النقدية في نهاية السنة المالية، ما يجعل قرار الاستثمار الرشيد الذي يراعي الأداء التاريخي والتطورات الحالية والنظرة المستقبلية، إيجابيا في العديد من الشركات المدرجة في السوق. أداء الاقتصاد الوطني على المستوى الكلي إيجابي بكل المقاييس، مقارنة بالظروف والتطورات الجيوسياسية والأمنية في المنطقة، والتي أثرت على مجمل النشاطات الاقتصادية في المملكة، ما نحتاجه هو أن تنعكس هذه النتائج على استدامة النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة تستوعب الداخلين سنويا إلى سوق العمل. الاستثمار في البورصة يحتاج إلى حملة محلية وخارجية، لنظهر حقيقة البورصة وما تمثله من فرص استثمارية، واليوم، ومع تحول البورصة إلى شركة، تستطيع ان تنشط في عمليات الترويج من ناحية ودراسة التحديات التي تواجه النشاط الاستثماري في الأسهم. شركة بورصة عمان، تهدف إلى ممارسة جميع أعمال أسواق الاوراق المالية والسلع والمشتقات وتشغيلها وإدارتها وتطويرها داخل المملكة وخارجها، وتوفير المناخ المناسب لضمان تفاعل قوى العرض والطلب على الأوراق المالية المتداولة وفق أسس التداول السليم والواضح والعادل، ونشر ثقافة الاستثمار في الاسواق المالية وتنمية المعرفة المتعلقة بالأسواق المالية والخدمات التي تقدمها الشركة. المطلوب، للبناء على النتائج المتحققة، واستثمارها لترويج الفرص المتاحة في السوق المالية، إعادة النظر في البيئة التشريعية من أنظمة وتعليمات لضمان أن تستعيد بورصة عمان ألقها في جذب الاستثمارات العربية والأجنبية وتعزيز الاستثمارات المحلية، وتشجيع سوق الإصدارات الأولية، وفتح الباب أمام الاستثمار في المشتقات المالية وخصوصا التعامل بالأصول الافتراضية، خصوصا بعد إقرار قانون تنظيم بيئة التعامل بالأصول الافتراضية رقم 14 لسنة 2025.

واردات النفط العراقي إلى الأردن ترتفع %39
واردات النفط العراقي إلى الأردن ترتفع %39

Amman Xchange

timeمنذ 3 ساعات

  • Amman Xchange

واردات النفط العراقي إلى الأردن ترتفع %39

الغد-رهام زيدان ارتفعت واردات الأردن من النفط العراقي خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 39 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق أحدث البيانات الصادرة عن وزارة النفط العراقية. وبلغ مجموع هذه الواردات نحو 1.8 مليون برميل مقابل 1.3 مليون برميل، خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وعلى المستوى الشهري، استورد الأردن في شهر حزيران (يونيو) الماضي نحو 216.8 ألف برميل، في وقت لم تسجل فيه أي واردات خلال الشهر نفسه من العام الماضي، إذ كان التوريد متوقفا لفترات متقطعة العام الماضي نتيجة انتهاء سريان الاتفاقية بين البلدين إلى حين تمديد التعامل بها حتى العام الحالي. ويستورد الأردن النفط العراقي بشكل منتظم في إطار مذكرة تفاهم وُقعت بين البلدين للمرة الأولى في شباط (فبراير) 2019 ويتم تجديدها بشكل سنوي. وبموجب هذه المذكرة، يواصل الأردن استيراد كميات من النفط الخام تتراوح بين 10 و15 ألف برميل يوميا، وبسعر تفضيلي يقل بنحو 16 دولارا عن السعر العالمي، إذ تنقل هذه الكميات يوميا بواسطة 70 إلى 80 صهريجا، مناصفة بين صهاريج أردنية وعراقية. وتشكل الواردات العراقية ما نسبته بين 7 % و10 % من إجمالي احتياجات المملكة اليومية من النفط الخام، فيما تتم تغطية النسبة المتبقية بالاستيراد من خلال شركة "أرامكو" عبر عقود دورية، إضافة إلى كميات يتم تكريرها في مصفاة البترول إلى مشتقات نفطية، بما يعادل 45 % من حاجة المملكة. وتبلغ أيام كفاية مخزون النفط الخام في المملكة نحو 45 يوما، في حين تصل نسبة تأمين التزود بالنفط الخام والمشتقات النفطية إلى 100 %، بحسب أرقام وزارة الطاقة والثروة المعدنية. ويذكر أن آخر بيانات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة أظهرت أن إجمالي قيمة مستوردات المملكة من النفط الخام خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بلغ نحو 332.7 مليون دينار، مقارنة مع 333.2 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store