
من بينهم هتلر وموسوليني: شخصيات مثيرة للجدل رُشحت لجائزة نوبل للسلام
كان من بين الأسماء التي أثارت الدهشة، أدولف هتلر، وبنيتو موسوليني، وشخصيات أخرى تركت بصمات حالكة في تاريخ البشرية، وعلى الرغم من عدم فوز أي منهم بالجائزة، فإن مجرد إدراج أسمائهم ضمن قائمة المرشحين فتح باباً للنقاش بشأن "التسييس" المحتمل للجائزة وتوظيفها في بعض الفترات لأهداف لا تمت بالضرورة إلى السلام بصلة.
ونستعرض هنا، على أساس تسلسل زمني، أبرز الشخصيات السياسية، والخلفيات والسياقات التاريخية التي قادت إلى ترشيحهم لجائزة نوبل للسلام، مع تعريف موجز في البداية لطبيعة الجائزة.
ما هي جائزة نوبل للسلام؟
في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الأول عام 1895، وقّع المهندس والكيميائي السويدي، ألفريد نوبل (1833-1896)، مخترع الديناميت، وصيته الأخيرة، مُخصّصاً الجزء الأكبر من ثروته لسلسلة من الجوائز تُعرف بجوائز نوبل، تمنح في مجالات : الطب والفيزياء والكيمياء والآداب والسلام.
ووفقًا لما ورد في وصيته، فقد خُصّص جزء منها "للشخص الذي قدّم أفضل أو أعظم إنجاز في سبيل تعزيز الأخوّة بين الأمم، وإلغاء أو تقليص الجيوش الدائمة، وتنظيم مؤتمرات السلام ودعمها".
وتُمنح جائزة نوبل للسلام سنوياً منذ عام 1901، ولم تُمنح في تسع عشرة مناسبة فقط، والسبب وراء عدم منحها في تلك الأعوام أن اللوائح الخاصة بمؤسسة نوبل تنص على ما يلي: "إذا تبيّن أن أياً من الأعمال الخاضعة للنظر لا يتمتع بالأهمية المشار إليها في الفقرة الأولى، يُحتفظ بأموال الجائزة إلى العام التالي. وإذا تعذّر منح الجائزة حتى في ذلك الوقت، يُضاف المبلغ إلى الصندوق المخصص للمؤسسة".
كما تجدر الإشارة إلى أنه خلال فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية، مُنحت جوائز نوبل عموماً بأعداد أقل من المعتاد.
ونرصد على مدار تاريخ نوبل للسلام، منح الجائزة لفائز واحد 71 مرة، وتقسيمها 31 مرة بين فائزَين اثنين، وتقسيم الجائزة على ثلاثة أشخاص في ثلاث مناسبات مختلفة: في عام 1994 عندما ذهبت لياسر عرفات، شيمون بيريز، وإسحاق رابين، وفي عام 2011 عندما مُنحت لإلين جونسون سيرليف، ولايمه غبوي، وتوكل كرمان، وفي عام 2022 عندما مُنحت لأليس بيالياتسكي، ومنظمة "ميموريال" الروسية، ومركز الحريات المدنية الأوكراني.
وتنص اللوائح الخاصة لمؤسسة نوبل على: "يجوز تقسيم مبلغ الجائزة بالتساوي بين عملَين إذا رأى القائمون أن كلاً منهما يستحق الجائزة. وإذا كان العمل الفائز قد أُنجز من جانب شخصين أو ثلاثة، تُمنح الجائزة لهم مجتمعين. ولا يجوز إطلاقاً تقسيم الجائزة على أكثر من ثلاثة أشخاص".
ويحق لأي شخص يستوفي شروط الأهلية أن يقدّم ترشيحاً لجائزة نوبل للسلام، وقد يتجاوز عدد المرشحين للجائزة ثلاثمائة شخص، بعدها يجري تقليص القائمة إلى ما بين عشرين وثلاثين مرشحاً، وهذه القوائم لا تُنشر للعامة، بل تُحفظ بسرية تامة. وفيما يلي أبرز المرشحين للجائزة الأكثر إثارة للجدل سياسياً في تاريخ الجائزة.
بينيتو موسوليني
رُشح الزعيم الفاشي الإيطالي، بينيتو موسوليني (1883-1945)، للجائزة في عام 1935، وهو نفس العام الذي غزا فيه إثيوبيا، وجاء ترشيحه أيضاً بعد أن أخضع نحو ثلاثة أرباع الشركات الإيطالية لسيطرة الدولة، واعتقاد البعض أنه جلب الاستقرار والنظام لإيطاليا بعد فترة من الفوضى.
وعلى الرغم من أن الترشيح لم يُثمر عن فوزه، فإن تقديم "ديكتاتور" معروف باضطهاده للمعارضين كمرشح للسلام لا يزال يُعتبر من أكثر مناسبات الجائزة إثارة للجدل.
ومع أن موسوليني نال ترشيحاً للجائزة، إلا أنه لم يُدرَج ضمن القائمة المختصرة التي أعدّتها لجنة نوبل، ومع ذلك، أُفيد بأن اللجنة شهدت خلافاً بشأن منح الجائزة في ذلك العام من عدمه.
وفي نهاية المطاف، مُنحت الجائزة لكارل فون أوزيتسكي، وهو ألماني قاد حملة معارضة لإعادة تسليح ألمانيا.
أدولف هتلر
رُشح أدولف هتلر، زعيم ألمانيا النازية، للجائزة في عام 1939 من قِبل عضو في البرلمان السويدي، وهو ترشيح انطوى على "السخرية" احتجاجاً على ترشيح شخصية أخرى.
رُشِّح هتلر مرة واحدة فقط للجائزة، وقدّم ترشيحه إي. جي. سي. برانت، البرلماني وعضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بيد أن برانت، المعروف بمناهضته للفاشية، لم يقصد أن يُؤخذ هذا الترشيح على محمل الجد، بقدر ما كان بمثابة نقد ساخر للنقاش السياسي الدائر آنذاك في السويد.
تبدأ قصة ترشيح هتلر في الرابع والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 1939، عندما قدّم اثنا عشر نائباً في البرلمان السويدي ترشيحاً يدعم رئيس الوزراء البريطاني، نيفيل تشامبرلين، لنيل جائزة نوبل للسلام، واستندوا في ذلك إلى اعتقادهم بأن تشامبرلين أنقذ السلام العالمي عبر توقيعه على اتفاق ميونيخ مع هتلر في سبتمبر/أيلول عام 1938، وهو اتفاق قضى بتسليم منطقة السوديت التابعة لتشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا.
وجاء في خطاب ترشيح تشامبرلين أنه "الرجل الذي أنقذ، خلال هذه الحقبة العصيبة، منطقتنا من العالم من كارثة رهيبة".
وبعد مرور ثلاثة أيام فقط على ترشيح تشامبرلين، أرسل برانت خطاباً إلى اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، رشّح فيه أدولف هتلر لنيل الجائزة، وأثار هذا الترشيح لهتلر موجة من الاحتجاجات من قِبل الشيوعيين والاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين المناهضين للفاشية في السويد.
كما وُصف برانت بأنه "مجنون وأخرق وخائن" لمبادئ الطبقة العاملة. وبناء عليه أُلغيت جميع محاضراته في مختلف الجمعيات والنوادي، وقد أعرب برانت عن دهشته إزاء ردود الفعل العنيفة، بيد أنه فسر موقفه من هذا الترشيح لاحقاً.
في مقابلة مع صحيفة "سفينسكا مورغونبوستن" السويدية، أوضح برانت أن ترشيحه لهتلر كان ذا طابع ساخر، بعد أن دفعه ترشيح تشامبرلين إلى القيام بترشيح مضاد لهتلر، تعبيراً عن رفضه للنازية، ورأى أن اتفاق ميونيخ شكّل طعنة في ظهر تشيكوسلوفاكيا من قبل القوى الغربية، التي سلّمت منطقة السوديت إلى ألمانيا تحت ذريعة الحفاظ على السلام.
ومع اشتداد ردود الفعل العنيفة تجاه الترشيح، وظهور دلائل واضحة على أن الغالبية في السويد لم تدرك البعد الساخر وراء ترشيح هتلر، سحب برانت الترشيح من خلال رسالة وجّهها إلى اللجنة النرويجية لجائزة نوبل بعد بضعة أيام، وتحديداً في الأول من فبراير/شباط، وهو التاريخ النهائي لتقديم الترشيحات لجائزة عام 1939.
جوزيف ستالين
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ظهرت ترشيحات أخرى مثيرة للجدل، وكان أكثرها إرباكاً ترشيحان لزعيم الاتحاد السوفيتي السابق، جوزيف ستالين (1879-1953)، الذي رشح أولاً في عام 1945، ثم مرة أخرى في عام 1948، بيد أن ترشيحه كان جدلياً جداً بسبب مسؤوليته عن "مجازر" و"اضطهادات" في الاتحاد السوفيتي.
صدر ترشيح عام 1945 مباشرة بعد نهاية الحرب، وقدمّه هالفدان كوت، وهو مؤرخ بارز وكان يشغل سابقاً منصب وزير الخارجية النرويجي، وقد ضمّ كوت ستالين إلى قائمة تضم سبعة مرشحين آخرين، ورغم تعذر معرفة الدوافع الحقيقية وراء هذا الترشيح، يُرجّح أنه كان مدفوعاً باعتبارات سياسية.
فعند كتابة رسالة الترشيح، كانت النرويج متحالفة مع الاتحاد السوفيتي لعدة سنوات، وكان الجيش الأحمر قد حرّر جزءاً من أراضيها من الاحتلال الألماني، وروّجت وسائل الإعلام في الدول المتحالفة صورة إيجابية لستالين آنذاك، نظراً لدور السوفييت خلال الحرب.
وثمة احتمال، بحسب مؤرخين، أن كوت اعتبر ستالين أحد المساهمين الرئيسيين في تحقيق النصر للحلفاء، فقام بترشيحه على هذا الأساس، إلا أن ستالين لم يُمنح الجائزة، إذ ذهبت بدلاً من ذلك إلى السياسي الأمريكي، كورديل هل.
وثمة احتمال أن يكون الترشيح الثاني لستالين في عام 1948 قد انطلق هو الآخر من دوافع سياسية، وقد جاء هذا الترشيح من أستاذ جامعي تشيكوسلوفاكي يُدعى فلاديسلاف رييجر.
خلال تلك الفترة، كانت مساهمة الاتحاد السوفيتي في المجهود الحربي لا تزال محل تقدير واسع، كما أن تنامي نفوذ السوفييت في دول أوروبا الشرقية، مثل تشيكوسلوفاكيا، جعل من الضروري إبداء قدر من الاحترام اللائق للزعيم السوفيتي، ستالين.
قد يكون هذا هو الدافع وراء ترشيح ستالين، إلا أن ذلك لم يُفضِ إلى منحه الجائزة، فكما في المرة السابقة، لم يتم اختيار ستالين، ولم تُمنح الجائزة لأي شخص في تلك السنة، وقد أُعلن وقتها أن السبب هو عدم وجود مرشحين أحياء يستحقونها، فيما اعتُبر بمثابة تكريم رمزي للمهاتما غاندي الذي كان اغتيل مؤخراً.
مهاتما غاندي
رُشح غاندي خمس مرات دون أن يُمنح الجائزة على الإطلاق، وهو أمر مثير للدهشة، خصوصاً أنه رمز عالمي للسلام والمقاومة السلمية، ويعتقد كثيرون أن عدم منحه الجائزة يُعد خطأ تاريخياً فادحاً، إذ أغتيل في عام 1948 دون أن يحصل على التكريم الذي يراه البعض مستحقًا بامتياز.
وفي عام 2006، صرّح المؤرخ النرويجي، غير لونديستاد، والذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس لجنة نوبل للسلام، بأن عدم تكريم غاندي "أعظم سهو" في تاريخ الجائزة.
هنري كيسنجر
في عام 1973، مُنحت جائزة نوبل للسلام لوزير الخارجية الأمريكي آنذاك، هنري كيسنجر، وقد أثار هذا القرار موجة من الجدل، نظراً لدور كيسينغر في بعض أكثر الملفات إثارة للجدل في السياسة الخارجية الأمريكية، مثل حملات القصف السرّية في كمبوديا، ودعمه للأنظمة العسكرية القمعية في أمريكا الجنوبية.
وحصل كيسنغر على الجائزة مناصفةً مع الزعيم الفيتنامي الشمالي، لو دوك ثو، وذلك لدورهما في التوصل إلى وقف إطلاق النار في حرب فيتنام.
وفي أعقاب ذلك، قدّم عضوان من لجنة نوبل استقالتيهما احتجاجاً، بينما وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الجائزة بـ "جائزة نوبل للحرب".
أونغ سان سو تشي
فازت السياسية البورمية، أونغ سان سو تشي بجائزة نوبل للسلام عام 1991، وذلك تقديراً لـ"كفاحها السلمي" ضد الحكم العسكري في ميانمار.
غير أنه، وبعد مرور ما يزيد على 20 عاماً، وُجهت إليها انتقادات حادة بسبب تقاعسها عن التنديد بعمليات قتل جماعي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتُكبت بحق مسلمي الروهينجا في بلادها، والتي وصفتها الأمم المتحدة بـ "الإبادة الجماعية".
كما تعالت بعض الدعوات لسحب الجائزة منها، إلا أن اللوائح التي تحكم جوائز نوبل تمنع ذلك.
ياسر عرفات
في عام 1994، مُنحت جائزة نوبل للسلام شراكاً للزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحاق رابين، ووزير الخارجية، شمعون بيريز، تقديراً لجهودهم في اتفاقيات أوسلو للسلام، التي مثّلت في تسعينيات القرن الماضي أملاً في تسوية النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي.
أثار منح الجائزة لياسر عرفات، الذي ارتبط اسمه في السابق بأنشطة شبه عسكرية، موجة من الانتقادات في إسرائيل وخارجها، بل إن ترشيحه أثار جدلاً داخل لجنة نوبل ذاتها.
كما استقال أحد أعضائها وهو السياسي النرويجي، كاري كريستيانسن، احتجاجاً على هذا القرار.
باراك أوباما
أثار منح الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، جائزة نوبل للسلام عام 2009 دهشة واسعة، حتى لدى الفائز نفسه، فقد ذكر أوباما في مذكراته الصادرة عام 2020 أن أول رد فعل له على الإعلان عن الجائزة كان تساؤله: "مقابل ماذا؟"
لم يكن قد مضى على تولي أوباما الرئاسة سوى تسعة أشهر، واعتبر معارضون أن منح الجائزة له كان قراراً متسرعاً، لا سيما أن موعد إغلاق باب الترشيحات كان بعد 12 يوماً فقط من توليه المنصب.
وفي عام 2015، صرّح المدير السابق لمعهد نوبل، غير لونديستاد، لبي بي سي أن اللجنة المانحة للجائزة ربما ندمت على هذا القرار.
وقد شهدت فترتا رئاسة أوباما استمرار مشاركة القوات الأمريكية في العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق وسوريا.
آبي أحمد
في عام 2019، مُنِح رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، جائزة نوبل للسلام تقديراً لجهوده في تسوية نزاع حدودي طويل الأمد مع إريتريا المجاورة.
بيد أنه بعد مرور عام واحد فقط، طُرحت تساؤلات بشأن مدى صواب قرار منحه الجائزة، إذ واجه آبي أحمد انتقادات واسعة من المجتمع الدولي عقب قراره بنشر قوات في إقليم تيغراي شمال البلاد.
وأدى هذا التدخل العسكري إلى نشوب حرب أهلية حُرم فيها الملايين من الحصول على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، ويُقدّر أن مئات الآلاف لقوا حتفهم خلالها.
ويتبيّن من استعراضنا السابق أن ترشيحات جائزة نوبل للسلام، التي ضمّت شخصيات سياسية مثيرة للجدل، أبرزت تداخلاً معقداً بين السياسة والمبادئ الإنسانية، فعلى الرغم من أن الجائزة تهدف إلى "تكريم" كل من يسهم في ترسيخ وإحلال السلام في العالم، إلا أن بعض الترشيحات، سواء كانت بدوافع رمزية أو احتجاجية أو حتى سياسية، أثارت تساؤلات بشأن معايير الاختيار وأبعادها الأخلاقية، لتبقى بمثابة تذكير بأن السعي إلى السلام ليس مساراً خالياً دوماً من التناقضات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
ما مدى جدية الدعوات الغربية بالاعتراف بدولة فلسطينية؟
مع تجدد الحديث مرة أخرى، عن استعداد دول غربية، للاعتراف بدولة فلسطينية، تُثار تساؤلات حول مدى جدية تلك الدعوات، وهل يمكن أن تتمخض عن واقع حقيقي؟ ولماذا لا يتم إيقاف الحرب الدائرة في غزة أولا؟، ثم الشروع في التحركات الدبلوماسية، ومنها الاعتراف بدولة فلسطينية. ويقود تلك الحملة ويروج لها حاليا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان قد دعا خلال زيارة أخيرة له للمملكة المتحدة، إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطينية، من جانب فرنسا والمملكة المتحدة، معتبرا أنه الطريق "الوحيد الذي يؤدي الى أفق للسلام" بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك، مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس 10 تموز/يوليو : "اؤمن بمستقبل حل الدولتين الذي سيتيح لإسرائيل العيش بسلام وأمن مع جيرانها. اؤمن بضرورة توحيد أصواتنا في باريس ولندن وكل مكان، للاعتراف بدولة فلسطين وإطلاق هذه الدينامية السياسية التي تؤدي وحدها الى أفق للسلام". وفي نفس اليوم الذي أدلى فيه ماكرون بتصريحاته تلك، كان 60 نائبا من حزب العمال البريطاني، يطالبون في رسالة وجهوها لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بالاعتراف الفوري بدولة فلسطينية وحذر النواب الذين يشملون نوابا، من الوسط واليسارفي الرسالة، التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، من أن غزة تتعرض لـ "تطهير عرقي". مشيرين إلى أن "أن عدم الاعتراف بفلسطين كدولة، يعني أننا نتراجع عن سياستنا الخاصة بحل الدولتين ونضع توقعات بأن الوضع الراهن يمكن أن يستمر، مما يؤدي إلى محو وضم الأراضي الفلسطينية". ماكرون والصوت الأوربي وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد قال في مقابلة له مع قناة "فرانس 5" في نيسان إبريل الماضي : "علينا أن نمضي نحو اعتراف، وسنقوم بذلك في الأشهر المقبلة"، مضيفا أن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو الطريق الوحيد، نحو سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويأمل الفرنسيون في أن تحصل دعوة ماكرون، للاعتراف بدولة فلسطينية، على مزيد من الزخم، خلال المؤتمر الأممي للنظر في " حل الدولتين"، الذي ستستضيفه الأمم المتحدة، والذي أُعلن عن موعد جديد لانعقاده، يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين، من تموز/يوليو 2025، وكان الموعد الأصلي لانعقاد هذا المؤتمر هو حزيران/ يونيو الماضي، إلا أن الحرب بين إيران وإسرائيل أدت إلى تأجيله. ورغم الاستعداد الأوروبي، الذي يتحدث عنه المراقبون للمضي قدما، وراء الخطوة الفرنسية، في حالة الاعتراف بدولة فلسطينية، إلا أن الأمر على مايبدو مايزال مرهونا، بموافقة ومباركة أمريكيتين، إذ حذرت واشنطن الدول من أي اعتراف أحادي بدولة فلسطينية، وهددت بعواقب دبلوماسية لأي اعتراف من هذا القبيل. وتمثل فرنسا دولة ذات ثقل كبير في السياسية الدولية بجانب أنها تضم أكبر جاليتين من اليهود والمسلمين وهو مايجعله لاعترافها تداعيات على المستوى الأوروبي ، وكان وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي قد صرح لوكالة رويترز للأنباء بأنه "إذا اتخذت فرنسا الخطوة، ستلحق بها العديد من الدول". ويرى مراقبون أن اعتراف فرنسيا من هذا القبيل يحتاج إلى دراسة متأنية وإلى قراءة مواقف الأطراف الأوروبية خشية أن يؤدي إلى مزيد من الانقسام الأوروبي في ظل انقسام موجود بالفعل تجاه العديد من القضايا لكن الخلاف الأكبر ربما يكون مع الولايات المتحدة والتي تعد الحليف الأقوى والأكبر لإسرائيل. فرنسا تبدو غير عابئة ورغم المحاولات الإسرائيلية، لمنع اعتراف فرنسي من هذا القبيل، ورغم التحذيرات الأمريكية، فإن مسؤولين فرنسيين يرون أن فرنسا لن تتأثر بتلك الانتقادات، والضغوط الإسرائيلية والأمريكية. وكانت رويترز قد نقلت عن مسؤول فرنسي كبير قوله: "إذا كانت هناك لحظة (ملائمة) في التاريخ للاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى لو كان ذلك رمزيا فقط، فأنا أقول إن تلك اللحظة قد حانت على الأرجح"، مضيفا أن ماكرون قد يرغب أيضا في ترك إرث له في التاريخ قبل انتهاء ولايته الرئاسية في عام 2027. ويذكر أن كلا من فرنسا وبريطانيا وكندا ،كانت قد قالت في بيان مشترك في نيسان/إبريل الماضي، إنها ملتزمة بالاعتراف بدولة فلسطينية، في وقت يشير فيه مراقبون إلى أن كلا من كندا وبريطانيا، ليستا متحمستين بشدة في الوقت الراهن لمثل هذا الاعتراف. بقي القول إن هناك من المراقبين، من يرون أن حل الدولتين يجب أن يُربط على المستوى العربي، بأي عملية تطبيع مستقبلية بين إسرائيل ودول عربية، بمعنى أن يكون قيام دولة فلسطينية، شرطا لإتمام تطبيع كامل بين الدول العربية، التي تنتظر قطار التطبيع وإسرائيل. سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 14 تموز/يوليو. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب


القدس العربي
منذ 7 ساعات
- القدس العربي
إسرائيل على مفترق طرق تاريخي.. جنرال إسرائيلي بارز: حان وقت اتخاذ قرار والعمل الدبلوماسي بدلًا من الغرق في وحل غزة
الناصرة- 'القدس العربي': يرى جنرال إسرائيلي في الاحتياط أن خطة إقامة حكم عسكري مباشر في غزة وهمٌ سيتبدد، لافتًا إلى أن ذلك يُذكّر بالأوهام التي أحاطت بإقامة واقع جديد ونظام مناسب لإسرائيل في لبنان عام 1982. في مقال تنشره صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، اليوم الأحد، يمضي الجنرال عاموس غلعاد، القائد الأسبق لغرفة العمليات في جيش الاحتلال، في المقارنة: 'آنذاك، تبدّدت هذه الأوهام على مدى 18 عامًا دموية، وانتهت بانسحاب أحادي الجانب. غلعاد: قد يبدو الحكم العسكري المباشر سحريًا، إذ يُفترض أنه سيسمح بهزيمة 'حماس'، لكنه في الواقع قد يُضعف إسرائيل، سيكلف مليارات الدولارات قد يبدو الحكم العسكري المباشر سحريًا، إذ يُفترض أنه سيسمح بهزيمة 'حماس'. لكنه في الواقع قد يُضعف إسرائيل، إذ إن الحفاظ على الحكم المباشر يكلف مليارات الدولارات، وستلزم عشرات المليارات لإعادة إعمار غزة المُدمرة. علاوة على ذلك، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فوري لإنهاء الوجود الإسرائيلي في غزة، فقد يُحسم مصير الرهائن، الأحياء منهم والأموات'. 7 أكتوبر جديد ويقول، ضمن رؤيته النقدية، إن الادعاء بأنه إذا لم نهزم 'حماس' حتى آخر رمق من إرهابييها، فسنحصل على 7 أكتوبر آخر، هو ادعاءٌ لا أساس له من الصحة. ويعلل ذلك بالقول: 'لأن جيش الدفاع الإسرائيلي فكّكَ الهياكل العسكرية، وألحق أضرارًا بالغة بالقيادات العسكرية العليا والدنيا، على جميع مستويات المنظمة. لم يبقَ أحدٌ يُنفى من هناك تقريبًا. يجب الآن تحقيق هذه الإنجازات العسكرية من خلال تسوية سياسية، برعاية الولايات المتحدة، تبدأ بالأمر الأهم على الإطلاق: إطلاق سراح الرهائن، ونأمل أن يتم ذلك فورًا. بعد ذلك، سيكون من الممكن توسيع التحالفات الإقليمية لتشمل الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وكذلك الدول الإسلامية غير العربية مثل إندونيسيا'. 'مدينة إنسانية' ويقول إن تطبيق خطة تجميع الفلسطينيين في 'مدينة إنسانية' سيجلب لإسرائيل كارثة سياسية كبرى. عن نتيجة هذه الخطة الإسرائيلية، التي دعت صحيفة 'هآرتس' العبرية لتسميتها باسمها الحقيقي الذي يبعث على تداعيات نازية (معسكر تركيز)، يضيف غلعاد: 'ستبتعد الدول العربية عن إسرائيل، وستستمر مكانتنا الدولية في التآكل، وفي النهاية، سيُدير ترامب ظهره لنا'. من ناحية أخرى، فإن تطبيق خطة تجميع الفلسطينيين في 'مدينة إنسانية' جنوب قطاع غزة سيجلب لنا كارثة سياسية كبرى. ستبتعد الدول العربية عن إسرائيل، وستستمر مكانتنا الدولية في التآكل، بل ويمكن حتى تقدير أن الرئيس الأمريكي ترامب سيتخلى عنها في نهاية المطاف، بعد أن يتعذر التوصل إلى اتفاقات مع دول المنطقة، وبالتالي سيتم إلغاء خطته للفوز بجائزة نوبل للسلام'. وطبقًا لغلعاد، فقد أثبتت قيمة التحالف الإستراتيجي تحت راية الولايات المتحدة، المتمثل في القيادة المركزية الأمريكية، بما لا يدع مجالًا للشك، في الصراعات مع إيران، والتي تُوّجت بنجاح عملياتي نادر واستثنائي للجيش الإسرائيلي، والقوات الجوية، وجهاز المخابرات، والموساد. وفي المقابل، يقول غلعاد: 'لكن ما دام النظام الإيراني القاتل قائمًا، فسيواصل سعيه لتدمير إسرائيل، بصفته قيادة دينية عليا، ولذلك يجب عزل إيران وإضعافها ومنعها من امتلاك أسلحة نووية. وسيساعد التحالف الإقليمي في هذا بشكل كبير'. وهم خطير علاوة على ذلك، يرى غلعاد أن افتراض إمكانية تحقيق خطة المدينة الإنسانية في رفح على أساس النفي الطوعي للفلسطينيين هو وهم خطير. وعن تبعات محتملة للفكرة الإجرامية، يقول غلعاد إن دولًا عربية رائدة، وعلى رأسها مصر والسعودية والأردن، لن تقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين، لأن ذلك يُعد خيانةً في رأيها العام. ويضيف: 'قد يجد مؤيدو الفكرة منطقًا فنيًا في ذلك، لكن هذا لا يعني أنها قابلة للتنفيذ. يستمع العالم العربي – بل العالم أجمع – إلى شخصيات مثل سموتريتش وبن غفير تهدد بطرد الفلسطينيين من غزة والضفة، أو الاستيلاء على الحرم القدسي الشريف، ويرى في ذلك تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المنطقة'. غلعاد: ستبتعد الدول العربية عن إسرائيل، وستستمر مكانتنا الدولية في التآكل، وفي النهاية، سيُدير ترامب ظهره لنا ويقول إنه من المهم التذكير بأن منع إقامة تحالفات إقليمية مع دول عربية معتدلة كان أحد دوافع يحيى السنوار لتنفيذ 7 أكتوبر، وهذا من أقوى الأدلة على ضرورتها. ويزعم غلعاد أن الإنجازات العسكرية تحديدًا هي ما يكتسب أهمية، ومن المهم، برأيه، خلق واقع جديد في المنطقة، ويجب ألا تطغى الاعتبارات السياسية الداخلية على المصالح السياسية والعسكرية لإسرائيل. الساحة الداخلية يُضاف إلى ذلك ما يحدث على الساحة الداخلية، وعنها يقول غلعاد إنه يجب عدم قبول قانون التهرب من الخدمة العسكرية (الحريديم)، الذي يُسمى بسخرية 'قانون التجنيد'، وفقًا للمخطط الذي عُرض في وسائل الإعلام. ويحذر بالقول إن هذا الطموح إلى إعفاء اليهود المتشددين جماعيًا من الخدمة العسكرية، إلى جانب العبء الواقع على الجنود النظاميين والاحتياط، وتقويض أسس الديمقراطية الليبرالية التي تقوم عليها الرؤية الصهيونية، يُشكّل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل الدولة، مثل مبادرات الحكم العسكري في غزة والحكم العسكري في الضفة. مفترق طرق ويعتبر غلعاد أن إسرائيل على مفترق طرق تاريخي، وأن هذا التعبير لم يكن يومًا أصدق من الآن. ويمضي في هذا الاتجاه: 'نحن بحاجة إلى قرار شجاع. إن وهم وقوف الولايات المتحدة إلى جانبنا دائمًا قد يُورّطنا ويثبت زيفه. لقد حان وقت اتخاذ قرار: عمل دبلوماسي بدلًا من الغرق في وحل غزة، كما غرقنا في وحل لبنان'.


العربي الجديد
منذ 20 ساعات
- العربي الجديد
نفاق نتنياهو في الذروة
من بين أمور مثيرة للاستفزاز، في المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرسالة الرسمية التي وجهها إلى أوسلو يطالب فيها بمنح جائزة نوبل للسلام إلى الرئيس الأميركي، لـ"دوره الكبير في ترسيخ مساعي السلام وتوسيع اتفاقات أبراهام". هنا وصلت وقاحة نتنياهو السياسية إلى الذروة. ما شاهدناه حول مائدة العشاء في البيت الأبيض سلوك مريب ومثير للاشمئزاز، مزيج من النفاق والسعي الفاضح إلى التودّد إلى رئيس أميركي معروف بنرجسيته المفرطة، وإعجابه ببطولة صديقه "بيبي". ومن جهة أخرى، لم يترك نتنياهو، الذي يريد ضمان الحصول على رضى ترامب، ويتخوّف من تقلبات مزاجه، وسيلةً إلا واستخدمها من أجل دغدغة مشاعر الأنا لدى ترامب، وجنون العظمة لديه. حتى نتنياهو يتخيّل نفسه يلعب أدواراً تاريخية، "تشرشل" الجديد، ومنقذ الشعب اليهودي من "محرقة" ثانية من خلال حرب الـ12 يوماً التي شنّها على إيران لتدمير برنامجها النووي، بمساعدة حثيثة من صديقة ترامب. هذه الأجواء البطولية الزائفة، وحفلة تبادل الثناء المبالغ فيها بين الرجلين، تبدو منقطعةً تماماً عن الواقع الفعلي للأحداث عموماً، وبصورة خاصّة عما يجري في قطاع غزّة، منذ مارس/ آذار الماضي، تاريخ انتهاء هدنة، واستنئاف الجيش الإسرائيلي عمليات القتل والإبادة الجماعية للغزّيين الأبرياء. "البطولات" التي يدّعي نتنياهو وترامب أنهما حقّقاها في هجماتهما على إيران، رغم تداعياتها الكبيرة والخطيرة، ليس على إيران، بل على "محور الممانعة" كلّه، لم تتجسّد واقعاً سياسياً مختلفاً، فما زال الجيش الإسرائيلي عاجزاً عن حسم الصراع مع حركة حماس، ولا يزال يتلقّى الضربات والخسائر البشرية. وعلى الرغم من مرور قرابة تسعة أشهر على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، وبعد أقلّ من شهر على حرب الـ12 يوماً ضدّ إيران، ورغم الضعف الذي اعترى حزب الله، لم نشهد تحوّلاً جذرياً في لبنان بشأن مطلب نزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني وشماله. ينطبق هذا على استمرار إطلاق الحوثيين الصواريخ على إسرائيل. أمّا العلاقة مع سورية، فلا يزال يلفّها الغموض على الرغم من كلّ التسريبات بشأن المحادثات التي تجريها إسرائيل مع الإدارة الجديدة في سورية. ولم تؤدِّ نتائج الحرب على إيران إلى عودة هذه الأخيرة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي. يسعى نتنياهو إلى إقناع دول العالم بأنه صانع للسلام، وليس أكبر مرتكب لجرائم حرب وإبادة جماعية في زمننا الحالي وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة، يحاول نتنياهو في واشنطن أن يسوّق لنفسه صورة من يرسم مستقبلاً واعداً للمنطقة، ويتحدّث عن ولادة "شرق أوسط جديد"، ومن خلال كلامه هذا يسعى إلى إقناع دول العالم بأنه صانع للسلام، وليس أكبر مرتكب لجرائم حرب وإبادة جماعية في زمننا الحالي. وهو، في الوقت عينه، يسعى إلى تلميع صورته وسط الجمهور الإسرائيلي، ويستغلّ موقف هذا الجمهور الداعم للحرب على إيران، كي يستعيد ثقته التي خسرها بعد هجوم "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ويتساءل الجميع: ما الذي يجري فعلاً في واشنطن؟ هل سيجري التوصّل إلى هدنةٍ تؤدّي إلى وقف الحرب في غزّة، وإلى إعلان ترامب خطته الكبرى لمنطقة الشرق الأوسط، أم أن ما يحدث مناورة أخرى من نتنياهو للتوصّل إلى صفقة جزئية ووقف إطلاق نار مؤقّت؟... تشير الدلائل كلّها إلى أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، بل يريد صفقةً جزئيةً لن تؤدّي، لا إلى إنهاء الحرب كما تطالب "حماس"، ولن تحقّق الإفراج عن كلّ المحتجزين الإسرائيليين لدى "حماس"، كما يطالب معظم الإسرائيليين. وهو بحسب ما يُنقل عنه، لا يزال بحاجة إلى أشهر أخرى من القتال للقضاء على "حماس" قضاء مبرماً، وحينها يمكنه إعلان "النصر المطلق". والأخطر أنه يريد استغلال التوصّل إلى وقف مؤقّت لإطلاق النار في القطاع من أجل تحقيق مخطّط لا يقلّ أهميةً، تهجير أكثر من 600 ألف غزّي إلى رفح، وإسكانهم في "مدينة إنسانية" ستبنيها إسرائيل. وفي حال حدوث ذلك، ستتحوّل (بحسب رأي أكثر من معلّق إسرائيلي) إلى أكبر معسكر اعتقال جديد في العالم. المشهد في اجتماعات البيت الأبيض بين نتنياهو وترامب أشبه بمسرحية احتفالية زائفة، تخفي في طيّاتها التعامي الذي تتعامل من خلاله إدارة ترامب مع مأساة الشعب الفلسطيني في غزّة، وانحيازها الأعمى للسردية التي يقدّمها نتنياهو لهذه الحرب العبثية، والأهم من هذا كلّه كيف يساهم ترامب وإدارته في تبييض صفحة نتنياهو باعتباره بطلاً، بينما هو مجرم حرب.