
الاستثمار السكني في العراق.. احتياجات المواطن تصطدم بالبيروقراطية وتحديات الواقع
وفي المقابل، تؤكد الحكومة أن التوجه نحو المستثمرين والمطورين يُعد من الحلول الناجحة لمعالجة أزمة السكن، عبر تطبيق رؤية مختلفة عن السابق تحقق التوازن بين دعم مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود وتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين على المشاركة فيها، مقرّة بوجود تحديات كثيرة أبرزها التجاوزات الحاصلة على الأراضي المستهدفة للاستثمار.
وبهذا السياق، يشخّص الخبير الاقتصادي، مصطفى الفرج، "وجود أزمة ثقة حقيقية بين المواطن والمستثمر، وهذه الأزمة تفاقمت بفعل المشاريع التي لم تُنجز، والوعود التي لم تُنفذ، وانعدام الضوابط التي تحمي حق المواطن في السكن الكريم".
ويوضح الفرج لوكالة شفق نيوز، أن "المواطن العراقي أصبح يشعر بأن الاستثمار السكني لا يُراعي احتياجاته، بل يُدار بمنطق تجاري بحت داخل بيئة تفتقر إلى الشفافية والعدالة".
وما يزيد من حجم الفجوة، وفق الفرج، أن "نحو 70 إلى 80% من المجمعات السكنية الحالية أُقيمت على أراضٍ خضراء أو زراعية، رغم أن العقود تتحدث عن مساحات خضراء ومتنزهات، لكن الواقع يكشف استغلال أغلب هذه المساحات في البناء، في ظل غياب رقابة حقيقية من الجهات المعنية".
والأخطر من ذلك، بحسب المختص، أن الوحدات السكنية "لا تُبنى للفقراء أو أصحاب الدخل المحدود، بل تذهب لمتنفذين من السياسيين والتجار والفاسدين".
ويضيف الفرج، أنه "حتى في ظل حصول المستثمر على أراضٍ مجانية، وإعفاءات جمركية ومالية ضخمة على المواد الأولية، نجد أن أسعار الوحدات تصل إلى أرقام خيالية – لا تقل عن ألف دولار للمتر الواحد في بغداد – وهو ما يُقصي شريحة الموظفين والطبقات المتوسطة من إمكانية التملك".
ويرى الفرج، أن ما يجري اليوم هو "خلل هيكلي في فلسفة الاستثمار السكني، حيث لا تُوجّه المشاريع لحل أزمة السكن الفعلي، بل لتحقيق أرباح سريعة على حساب العدالة الاجتماعية".
ونتيجة لذلك، يدعو الخبير الاقتصادي، الحكومة والجهات المختصة إلى إعادة النظر في سياسات توزيع الأراضي والتخطيط الحضري، وضمان توجيه المشاريع السكنية نحو الشريحة الأهم في المجتمع، "وهم أصحاب الدخل المحدود والموظفين، فهم الأولى بالحصول على سكنٍ كريم في وطنهم".
من جانبه، يرى نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية، حسين السعبري، أن "الثقة بالمجمعات السكنية ارتفعت وزاد الإقبال على الشراء فيها خلال السنوات الثلاث الماضية، وبالتالي بدأت الأزمة تتجه إلى الحل تدريجياً، لكن هذا لا ينفي وجود الكثير من المشاكل التي تواجه المستثمرين وأبرزها العقبات الحكومية".
ويشرح السعبري لوكالة شفق نيوز، أن "المستثمر عندما يحصل على الإجازة والموافقات كاملة يصطدم بعمليات الابتزاز وعدم إيصال الخدمات من الكهرباء والمياه والمجاري، وبالتالي يظل المستثمر في هذه الدوامة".
وعن دور قانون الاستثمار في ضبط المشاريع الاستثمارية، يؤكد النائب، أن "قانون الاستثمار يشدد على الرقابة والمحاسبة ويحدد آليات سحب الإجازة والغرامات التأخيرية، لكن المشكلة الحقيقية ليست من طرف المستثمر".
ويوضح، أن "أغلب المعوقات والمشاكل هي من الدوائر المعنية، من وزارة المالية وعقارات الدولة والبلديات والمياه والمجاري، ومؤخراً تمت إضافة الدفاع المدني بتوفير شروط السلامة المدنية بعد حريق (الهايبر ماركت) في محافظة واسط".
من جهته، يعتبر المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، أن "التوجه نحو المستثمرين والمطورين لمعالجة أزمة السكن، تجربة واعدة في البلاد وحديثة العهد، من خلال استثمار مساحات واسعة لإنشاء مدن كبرى وليس مجرد مجمعات سكنية".
ويؤكد الصفار لوكالة شفق نيوز، أن "هذه المدن ستوفر آلاف الوحدات السكنية بالإضافة إلى صيغ شراكة جديدة تم إبرامها مع المطورين والمستثمرين تمثلت باعطاء الدولة نسبة من هذه الوحدات السكنية سواء أراضٍ مخدومة أو وحدات سكنية تستطيع من خلالها الدولة دعم الفئات الفقيرة وذوي الدخول المحدودة في حصولهم على السكن الملائم".
ويوضح الصفار أن "هذا لم يكن معمولاً به سابقاً، إذ كانت تُمنح الإجازات الاستثمارية لبناء مجمعات سكنية داخل المدن بصورة عشوائية ودون اعطاء أي حصة للدولة فيها، وساهمت هذه المجمعات في الضغط الكبير على خدمات البنى التحتية".
لذا، بحسب الصفار، "كان من الضروري إيجاد رؤية مختلفة في استثمار مساحات الأراضي الموجودة والتي لم تخلُ من وجود تحديات كثيرة فيها، تمثلت في التجاوزات الحاصلة على تلك الأراضي، مما تطلب جهداً مضاعفاً لإزالتها وتهيئتها لإعلانها كفرص استثمارية".
ويؤكد أن "هذا ما تعمل عليه الحكومة الحالية حيث تم تكليف وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة من خلال هيئة تنفيذ المدن السكنية (وهي إحدى الهيئات التي تم استحداثها مؤخراً) وبالتعاون مع الهيئة الوطنية للاستثمار والمحافظات كافة، لتهيئة متطلبات إنشاء المدن في المحافظات كافة، ووضع مواصفات للمدن الجديدة وفق المعايير البيئية والحضرية".
ويشير إلى أن "هيئة تنفيذ المدن السكنية استطاعت جذب عدد من المطورين والمستثمرين من العراقيين والعرب والأجانب ممن لديهم تجارب سابقة داخل وخارج العراق".
كما يلفت الصفار إلى "تأليف فريق إنشاء المدن السكنية الجديدة بموجب قرار مجلس الوزراء المرقم (123121) لسنة 2023، ويتولى هذا الفريق التخطيط والعمل والإشراف على تأسيس المدن الجديدة، وإيجاد بيئة حيوية لإنجاحها، بما في ذلك الأراضي المحيطة بمطار بغداد أو الأراضي المميزة في المحافظات".
ويهدف الفريق، وفق الصفار، إلى "تحقيق التوازن بين دعم مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود وتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين على المشاركة في إنشاء المدن الجديدة وتوفير الخدمات ورفع جودتها".
وينوّه إلى أن "إنشاء هذه المدن يراعى فيها ذوي الدخل المحدود بإنشاء دور واطئة الكلفة ضمنها، لمعالجة مشكلة السكن والتخفيف من حدتها وتوفير قطع أراضي سكنية للمواطنين".
وبالإضافة إلى ما سبق، أعلن الصفار، عن "إحالة ست من هذه المدن للتنفيذ، ثلاث منها في بغداد وواحدة في كل من نينوى وكربلاء وبابل، وهناك ثلاث مدن أخرى قيد الإحالة، والعمل مستمر بتهيئة أراضٍ جديدة في كل المحافظات لغرض بناء مدن أخرى".
حيث تقوم اللجان المشكلة برئاسة ممثلي دوائر عقارات الدولة في المحافظات ودوائر البلديات ودوائر التسجيل العقاري ودوائر الزراعة، بالعمل على إكمال إجراءات نقل ملكية قطع الأراضي التي تقع ضمن حدود المدن الجديدة، بحسب ما قاله الصفار في ختام حديثه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 5 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
بسبب القيود الامريكية..'سامسونغ' تخسر نصف أرباحها الفصلية
المستقلة/-أعلنت شركة 'سامسونغ إلكترونيكس'، الخميس، أن صافي أرباحها في الربع الثاني من العام تراجع إلى النصف تقريبا على أساس سنوي، وذلك بسبب القيود الأميركية على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين والخسائر في وحدة تصنيع الرقائق. وانخفض صافي الدخل خلال الفترة من أبريل إلى يونيو إلى 5.1 تريليون وون (3.7 مليار دولار)، أي بتراجع نسبته 48 بالمئة مقارنة بـ 9.8 تريليون وون في الفترة نفسها من العام الماضي. كما انخفض الربح التشغيلي بشكل حاد ليصل إلى 4.7 تريليون وون، مقارنة بـ 10.4 تريليون وون في الفترة ذاتها من العام السابق. وجاءت هذه الأرقام أقل من توقعات السوق، إذ توقع محللون صافي ربح يبلغ نحو 7.3 تريليون وون، وفقا لوكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء. وكانت سامسونغ توقعت في وقت سابق من شهر تموز انخفاضًا حادًا في الأرباح، وعزت ذلك إلى القيود التي فرضتها الحكومة الأميركية على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين، التي تُعد من أهم الأسواق بالنسبة لسامسونغ. ويشمل الحظر الأميركي أيضًا المنتجات القادمة من شركات غير أميركية إذا كانت تحتوي على تكنولوجيا أميركية.


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
الدولار يغلق مرتفعاً أمام الدينار في بغداد وأربيل بنهاية الأسبوع
شفق نيوز - بغداد / أربيل ارتفعت أسعار الدولار في أسواق بغداد و في اربيل عاصمة اقليم كوردستان، يوم الخميس، مع اغلاق البورصة في نهاية الأسبوع. وقال مراسل شفق نيوز ان اسعار الدولار ارتفعت مع إغلاق بورصتي الكفاح و الحارثية لتسجل 140000 دينار عراقي مقابل 100 دولار، فيما سجلت صباح هذا اليوم 139800 دينار مقابل 100 دولار. وأشار مراسلنا إلى أن اسعار البيع في مجال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد ارتفعت حيث بلغ سعر البيع 141000 عراقي مقابل 100 دولار، بينما بلغ الشراء 139000 دينار مقابل 100 دولار. اما في اربيل فقد سجل الدولار ارتفاعا ايضا حيث بلغ سعر البيع 139700 دينار لكل 100 دولار، وسعر الشراء 139675 دينارا مقابل 100 دولار أمريكي.


وكالة أنباء براثا
منذ 9 ساعات
- وكالة أنباء براثا
تركيا تعرض على العراق اتفاقية نفط جديدة: 40 مليار دولار عائدات وهذا هو هدفنا
أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، أن مسودة اتفاقية جديدة بشأن خط أنابيب النفط الخام بين العراق وتركيا تم إرسالها إلى الجانب العراقي، مضيفا أن الخط لديه إمكانات تجارية تصل إلى 40 مليار دولار إذا تم تشغيله بكامل طاقته بواقع 1.5 مليون برميل يوميا. وأشار بيرقدار إلى أن الاتفاق بشأن خط أنابيب النفط الخام بين العراق وتركيا تم في عام 1973، مضيفا أن بناء الخط اكتمل في عام 1976، لكن الأنبوب الذي تبلغ طاقته اليومية 1.5 مليون برميل يوميا لم يتم استخدامه بكامل طاقته منذ ما يقرب من 50 عاما. وأكد بيرقدار على أهمية خطوط أنابيب النفط الخام في الإمدادات العالمية، قائلا: "نقول للعراق: تصدرون 4 ملايين برميل نفط يوميًا. يمر كل هذا عبر البصرة. أما هنا، فهناك طريق مختلف لمليون ونصف برميل. يمكنكم بسهولة إيصال ما يقرب من 40 بالمئة من نفطكم إلى العالم عبر طريق مختلف. بل يمكنكم الوصول إلى أسواق ومناطق جغرافية مختلفة مثل أوروبا والبحر المتوسط". وأوضح الوزير التركي أن الخطوة القانونية اللازمة تم اتخاذها، مشيرا إلى أن اتفاقية خط الأنابيب التي تنتهي في يوليو/تموز 2026 يتم تمديدها تلقائيا ما لم يقدم أحد الطرفين إشعارا قبل عام واحد. وأردف: "نعم، كان بإمكاننا تمديده، ولكن أي نوع من الاتفاقيات كنا سنمددها؟ كنا سنمدد اتفاقية لم تصل إلى سعة الخط. للأسف، كنا سنمدد اتفاقية وضعتنا في مأزق قانوني منذ عام 2014، وكنا سنمدد اتفاقية من شأنها أن تسبب نزاعًا قانونيًا بيننا". وتابع: "لذلك، قلنا هذه الاتفاقية ليست مفيدة تجاريًا أو قانونيًا. دعونا لا نطيل هذا الأمر. ولكن بعد ذلك مباشرةً، أرسلتُ رسالة إلى نظيري العراقي، وزير النفط العراقي، مرفقة بمسودة اتفاقنا الجديد". وبيّن: "قلنا نريد الآن العمل على هذا الأمر من خلال اتفاقية بشأن خط أنابيب العراق-تركيا. إن جوهر تلك الاتفاقية هو: دعونا نستغل كامل طاقة هذا الخط، متجنبين أي نزاعات قانونية بيننا. لنسمح بتدفق 1.5 مليون برميل من النفط عبره. هذا هو هدفنا. علاوة على ذلك، ناقشنا مشروع طريق التنمية، ومن الممكن تحويله إلى طريق الطاقة. اليوم، يمثل 1.5 مليون برميل استثمارًا سنويًا يقارب 40 مليار دولار". ورداً على سؤال عن تمديد خط الأنابيب إلى جنوب العراق، قال بيرقدار: "للوصول إلى سعة 1.5 مليون برميل (يوميا)، يجب أن يمتد هذا الخط جنوبًا. لأنه لا يمكن ملؤه، بل لغاية منتصفه بالإنتاج في الشمال، بما في ذلك كركوك". وكانت مصادر تركية قد أفادت، الأسبوع الفائت، أن أنقرة وبغداد بدأتا مفاوضات للتوصل إلى اتفاقية أشمل لنقل النفط العراقي. وفي هذا السياق، نُشر مرسوم رئاسي تركي في الجريدة الرسمية، الاثنين 21 يوليو/ تموز الجاري، معلنا أن اتفاقية خط أنابيب النفط الخام بين تركيا والعراق، السارية منذ عام 1973، ستنتهي في 27 يوليو/ تموز 2026. يذكر أن خط أنابيب النفط الخام بين العراق وتركيا تم تشغيله وفقا للاتفاقية والبروتوكولات ذات الصلة المبرمة في 1973، والمجددة عام 2010. وبات هذا الخط رمزا للروابط في مجال الطاقة بين البلدين، لكن الظروف الإقليمية المتغيرة، وأسواق الطاقة المتطورة، وتوقعات البلدين المتزايدة، حدَّت من قدرة الاتفاقية على تلبية الاحتياجات الحالية، واستلزمت أيضا ترتيبات تجارية وقانونية وهيكلية جديدة. وردا على سؤال حول عودة سفينة التنقيب التركية "أوروتش رئيس" إلى تركيا بعد اتمام مهامها في المياه الإقليمية للصومال، قال بيرقدار: "أجرينا مسحًا زلزاليًا ثلاثي الأبعاد في الصومال. أجرينا فحوصات بالرنين المغناطيسي لثلاثة حقول بحرية هناك، وقد اكتملت هذه الأنشطة. وصلت سفينتنا "أوروتش ريس" إلى تركيا. وأوضح: "فنحن الآن نقيّم الصور والبيانات التي حصلنا عليها من هذا التصوير. يُجري فريقنا دراسة بالغة الأهمية ودقيقة ومفصلة. سنُنهي هذا العمل بحلول نهاية العام الجاري، حوالي شهر ديسمبر. بعد ذلك، بناءً على نتائج الدراسات التي نجريها، سنتخذ قرار الحفر. بمعنى آخر، سنتخذ قرارًا بأخذ خزعة بناءً على التصوير بالرنين المغناطيسي، ونُجري أعمال الحفر البحري".