logo
حين تآكلت ذاكرتي!

حين تآكلت ذاكرتي!

الجزيرةمنذ 2 أيام

في الماضي كنت أتذكّر، ولكني ما عدت أذكر أكان ذلك في صغري أم قبل طوفان تدفّق معلومات الإنترنت الذي يغرقنا بمجرد أن نفتح أعيننا كل صباح.
كنت أتذكّر تفاصيل الكتب التي أقرؤها، أصغر حبكات الأفلام وقصصها التفصيلية، أرقام الإحصائيات، تسلسل الحجج في النقاشات، دقائق التقارير، وأحيانًا حتى صفحة وجود معلومة بعينها. لم أكن فقط أستهلك المعرفة، بل كنت أعيشها، أحتفظ بها على مرمى حجر في ذاكرتي، وأستحضرها كما يستحضر الإنسان اسمه الأول.
لكن شيئًا ما تغير! اليوم، بمجرد أن أنتهي من قراءة كتاب أكاد أنساه، وعند فراغي من مشاهدة فيلم تتبخر القصة من رأسي، أصوغ نصًّا طويلًا على مدى أشهر، وبعد أسابيع بالكاد أستطيع تذكّر خطوطه العريضة، ناهيك عن تفاصيله؛ وكأن عقلي يصبح كسطح أملس تتساقط عليه المعلومات دون أن تترك أثرًا، وكأنها قطرات مطر أول نيسان التي انزلقت على زجاج نافذة سيارتي قبل بضعة ليالٍ.
لا يعد مصطلح "الإرهاق المعلوماتي" شيئًا جديدًا، لكنه اليوم بات كمرضٍ عصري، يصيبنا نتيجة تعرضنا لكمٍّ هائل من المعلومات دفعة واحدة، بحيث يصعب علينا معالجته، ويؤثر على تركيزنا وجودة قراراتنا، وهذا يقود إلى الإجهاد المعرفي
هذه ليست مبالغة عاطفية، بل نتاج مجموعة ظواهر تدعمها مجموعة من الأبحاث التي تناقش آثار ظواهر مثل ما بات يسمى تأثير جوجل (Google Effect)، وهي ظاهرة تشير إلى أن أدمغتنا في عصر الإنترنت أصبحت أقل اهتمامًا بحفظ المعلومات، وأكثر اعتمادًا على قدرتنا على البحث عنها لاحقًا. نحن لم نعد نثق في ذاكرتنا، بل في قدرة جوجل على أن يحل مكانها، ما دمنا قادرين على إيجاد المعلومة عبره في أي وقت نشاء.
المخيف هو اعتقاد البعض أن تأثير جوجل قد يكون علامة على تطور المهارات التقنية وتسخير التكنولوجيا، على الرغم من عدم وجود دليل على أن قدراتنا البحثية في تحسن، بل -على العكس- يبدو أن قدراتنا في التفكير النقدي في تراجع، حيث إن غالبيتنا فقد القدرة على تقييم المعلومات التي تقذفها الإنترنت الغارقة في المعلومات المضللة في وجوهنا.
بالإضافة إلى ذلك، خلف هذا التراجع في القدرة على التذكر يكمن ما هو أعمق وأكثر إنهاكًا.. الإرهاق المعلوماتي. نحن -ببساطة- نتعرّض يوميًّا إلى كمٍّ هائل من البيانات والأخبار والإحصائيات والرسائل والتنبيهات والعناوين المتدفقة من كل اتجاه. وشخصيًّا، وجدت نفسي أُسحق تحت وطأة كثافة معرفية لا يمكنني استيعابها، ناهيك عن تذكّرها أو توظيفها في بعض الأيام، حين يعلو تسونامي المعلومات لدرجة أننا نقرأ فقط لأننا مجبورون على لذلك، لا لأننا نتمعن أو نفهم بتعمق، أو نستمتع بما نقرأ، ونستمر في التنقل من مجموعة معلومات لأخرى دون أن نستطيع تذوّق أيٍّ منها.
لا يعد مصطلح "الإرهاق المعلوماتي" شيئًا جديدًا، لكنه اليوم بات كمرضٍ عصري، يصيبنا نتيجة تعرضنا لكمٍّ هائل من المعلومات دفعة واحدة، بحيث يصعب علينا معالجته، ويؤثر على تركيزنا وجودة قراراتنا، وهذا يقود إلى الإجهاد المعرفي، وانخفاض القدرة على التحليل والتأمل، وحتى إلى القلق وصعوبة اتخاذ القرار؛ فلقد بتنا نستهلك كمًّا من المعلومات يتجاوز قدرتنا على هضمها.. نقرأ كثيرًا، لكن يتسلل إلى أعماقنا الفتات، ونعرف عن كل شيء القليل، ولكن لا ندرك شيئًا بعمق.
وقد نكأ نيكولاس كار جرح فقداننا القدرة على التركيز العميق باكرًا في كتابه "السطحيون: ما تفعله الإنترنت بأدمغتنا" (The Shallows: What the Internet Is Doing to Our Brains)، حين تناول كيف تعيد الإنترنت تشكيل أدمغتنا، وحذر من أن التحول إلى العوالم الرقمية قد يجعلنا أكثر سطحية في تفكيرنا، مع فقداننا بشكل تدريجي لمهارات القراءة العميقة والتحليل النقدي، وكيف أن اعتمادنا على الإنترنت كـذاكرة خارجية يضعف قدرتنا على التذكر والربط بين المفاهيم، ويدعو نيكولاس كار إلى إدراك خطورة هذه التغييرات وموازنة استخدام التكنولوجيا للحفاظ على قدراتنا الذهنية.
وسط كل هذه الفوضى الرقمية، هل يمكن لإنسانٍ مثلي أمضى طفولته بين الكتب غير الدراسية، وغرق خلال سنين عمله في تحليل السياسات والوثائق الطويلة، وتذكر الأرقام وربط الإستراتيجيات بالوقائع، أن يبقى على حاله؟ لا أظن ذلك… لقد تغيّرتُ؛ تغيّرت طريقتي في التعلّم، في الحفظ، في التركيز. وأكاد أجزم أن هذه التغيّرات لم تأتِ من داخلي وحدي، بل فرضها السياق الرقمي الذي نعيش فيه جميعًا، وعليَّ الاعتراف بأن ذاكرتي الحديدية لم تعد كما كانت.
ربما، ما نحتاجه الآن ليس فقط الحديث عن ضعف الذاكرة، بل عن حقّنا في التركيز، وفي التروي أحيانًا، وفي الاستيعاب العميق، وفي امتلاك معرفة متجذّرة وليست آنيةً فقط. ربما آن أوان أن نعيد النظر في علاقتنا مع المعرفة، وأن نتعلّم من جديد كيف نقرأ ونتابع ونتعلّم.
لربما لا يمكنني استعادة ذاكرتي بشكلها القديم، ولا استرجاع ذلك القارئ النهم الذي كان يتذكّر المعلومة كما يتذكّر رائحة كتاب قديم في مكتبته، وعلى الرغم من ذلك فإن الباحثين لا ينكرون قدرة الدماغ على التكيّف الإيجابي، بل يؤكدون ما يُعرف بـالمرونة العصبية (Neuroplasticity)، أي قدرة الدماغ على إعادة تشكيل نفسه بالتدريب والممارسة، فمثلما تُقوّي التمارينُ العضلات، فإن التدريبَ الذهني يُحفّز الدماغَ على تكوين مساراتٍ عصبية جديدة.
وهنا تظهر طرق تنشيط الذاكرة وتحسين التركيز مثل القراءة المتروية والعميقة بدل التصفح السريع، والكتابة باليد التي تعزز الحفظ، والتأمل وتمارين التنفس لتحسين الانتباه وتصفية التشويش الذهني، وبالتأكيد تقليل التشتت الرقمي عبر إطفاء التنبيهات وتخصيص وقت بلا شاشات، ولا بأس ببعض التمارين العقلية المنتظمة كالحفظ، أو حل الألغاز، أو تعلم لغة جديدة. لكن، حتى مع هذه الأدوات التي بدأتُ بممارسة بعضها فعلًا، تبقى الحقيقة أن ذاكرتي لن تعود كما كانت تمامًا، لأن السياق تغيّر؛ فنحن نعيش في عالم لم يُصمَّم لحفظ المعرفة، بل لتداولها السريع.
من هنا، ربما ليس من الحكمة الاستبسال في استعادة ما كان، بل في التكيّف الواعي من خلال إدراكي أنني أعيش في عصر رقمي سريع، لا يمكنني فيه مراكمة المعرفة بنفس طريقة الأمس، ولكن يمكنني أن أُعيد تنظيم علاقتي بها… أن أقرأ بوعي، وأتذكّر ما هو جوهري، وأبني نظمًا داعمة للذاكرة بدلًا من أن أعتمد عليها وحدها.
لربما ليس من الممكن استعادة ذاكرتي القديمة، لكن استعادة معنى المعرفة في حياتي هو التحدي الحقيقي، ولربما الرحلة القادمة هي الأكثر إثارة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يوم في حياة 3 غزيين.. همسات الصمود في ظل الجوع
يوم في حياة 3 غزيين.. همسات الصمود في ظل الجوع

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

يوم في حياة 3 غزيين.. همسات الصمود في ظل الجوع

"ما زلنا على قيد الحياة من خلال تبادلات صغيرة، فبالأمس، ناضلنا من أجل السكر، وغدا سنقايضه بالخبز، فلا شيء يدوم"، هكذا تصف خلود، وهي زوج أحد الغزيين الثلاثة، جزءا من المعاناة الناجمة عن هذه الحرب. بكلماتهم الجريئة والمؤثرة، يقدّم ظاهر وإسراء وسارة لمحة عن معاناة البقاء اليومية في غزة في ظل حصار خانق للمساعدات، وترسم يومياتهم صورة نابضة بالحياة للصمود الذي يختبر بالجوع والنزوح وظلال الصراع المستمر، ويكشفون عن التدابير الاستثنائية التي يتخذها الناس العاديون عندما تصبح أبسط مقومات الحياة ترفا بعيد المنال. هذا ما يمكن أن يمثل مقدمة لتقرير أعدته صحيفة هآرتس الإسرائيلية حول حياة 3 غزيين في ظل الحصار والحرب والجوع: أولا ظاهر (33 عاما) نازح إلى خان يونس جنوب غزة: حياة ظاهر عبارة عن بحث شاقّ عن القوت وسط ارتفاع حادّ في الأسعار وندرة في المواد الغذائية، فبعد أن كان قادرا على إعالة أسرته بكرامة، يقضي الآن ساعات في المساومة حتى على الخضروات الفاسدة. ويشعر بالعجز الشديد وهو يرى التحليق المستمر للمسيرات الإسرائيلية في السماء، ويحمل في نفسه حزنا عميقا لفقدان جنينه، ولمشهد إصابة زوجته الحامل خلود أثناء قصف بعد فرارهما من منزلهما في الشمال بحثا عن الأمان. ولا تزال خلود منهكة نفسيا وجسديا، وتشكّل نحافة ابنهم يوسف، البالغ من العمر 4 سنوات، مصدر قلق دائم، فالضروريات البسيطة، مثل استخدام حمام مشترك، تتطلب انتظارا طويلا وتولد شعورا بالذنب. ويعتمد البقاء على تبادلات صغيرة ومقايضة بين أشياء أساسية كالملح والسكر ويظل يتابع أخبار خلود بالهاتف، وتنتهي أيامه وهو في هم وغم من استمرار أزيز المسيرات والبحث اليائس عن أي شيء لتأمين وجبة اليوم التالي، مما يبرز هشاشة الوضع المعيشي، فحتى الحصول على الطعام الفاسد يعتبر الآن انتصارا في كفاحه اليومي للحفاظ على حياة عائلته. ثانيا إسراء (33 عاما) نازحة في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة: تتميز حياة إسراء بصراع لا هوادة فيه من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل ظروف النزوح القاسية، إنها لاجئة فلسطينية قدمت من مصر إلى غزة عام 2005 فاستمتعت بالشعور بالانتماء لأرض الأجداد، لكن ها هي الآن تعاني من صدمة الغارات الجوية المستمرة، في تناقض صارخ مع أحلامها السابقة بدراسة تكنولوجيا المعلومات. تقضي سارة أيامها في مهام شاقة كجلب الماء المالح للتنظيف والانتظار في طوابير طويلة للحصول على مياه الشرب الشحيحة، يعتصر الحزن قلبها وهي تتحدث عن فقدان زوجها لوظيفته وما كانت توفره لهم من كريم العيش. يعدّ الطبخ تحديا يوميا، حيث تعتمد على الحطب المتناثر، وغالبا ما تكون الوجبات هزيلة من المعكرونة المسلوقة أو العدس لها ولأطفالها الثلاثة. وتتحمل إسراء عبء إعالة أطفالها، وتطاردها ذكريات حروب الماضي والحرمان الحالي، ورغم جهودها لطلب المساعدة عبر الإنترنت، إلا أنها تشعر أن العالم قد سئم من محنتهم. وتكشف ذكرياتها عن حبها العميق لأطفالها وخوفها الشديد من مستقبل لا يبدو أنه يقدم سوى المزيد من المعاناة اليائسة، وتبرز أن أملها في أبسط وسائل الراحة، كوجبة كاملة، يبرز مدى صعوبة وضعهم. ثالثا، سارة (27 عاما) نازحة إلى جنوب غزة: تعيش سارة في مدرسة مكتظة تابعة للأونروا مع عائلتها الكبيرة، بمن فيهم أبناء إخوتها الأيتام الذين ترعاهم، لقد انقلبت حياتها رأسا على عقب بعد تدمير منزل عائلتها في شمال غزة، مما أجبرها على النزوح مرات عديدة. يدور كفاحها اليومي للبقاء على قيد الحياة حول تأمين الطعام من مطبخ مشترك، وهي مهمة غالبا ما يقوم بها إخوتها الأصغر سنا الذين يواجهون منافسة شديدة ويعودون أحيانا خالي الوفاض. والد سارة، الذي غمره الحزن في البداية بعد فقدان ابنه الأكبر، استأنف مهمة البحث عن الطعام الصعبة، فالطبخ عمل أساسي يتطلب مهارة، مثل إشعال قطع من خراطيم المياه لإشعال النار، كما أن جلب الماء مهمة شاقة هي الأخرى. ومع تناقص الإمدادات غدت النظافة الأساسية أمرا صعبا، وما يزيد قلق سارة هو التهديد المستمر بالضربات الإسرائيلية، أما ألمها فيتجلى في عجزها عن مواساة أبناء أخيها الصغار الأيتام. لقد أصبح مفهوم شراء الطعام غريبا عليها، وحل محله استهلاك يائس لمواد دون المستوى المطلوب، ويكمن أملها في الحصول على مساعدات لتخفيف جوعهم. ورغم المشقة الهائلة، تجد سارة إحساسا غير متوقع بالقدرة على أداء مهام لم تتخيلها يوما، في تناقض صارخ مع حياتها السابقة كمصففة شعر. والواقع أن هذه الروايات الثلاث من غزة تقدم شهادة قوية ومؤلمة حول التكلفة الإنسانية والحرمان الناجم عن استمرار الحرب، وتشكّل مذكرات هذه المجموعة نداء صارخا بالحاجة الملحّة إلى وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإيجاد حّ دائم لتخفيف معاناة الناس العاديين العالقين في براثن الأزمة.

إلى متى يظل العالم ينظر لغزة وهي تموت دون أن يحرك ساكنا؟
إلى متى يظل العالم ينظر لغزة وهي تموت دون أن يحرك ساكنا؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

إلى متى يظل العالم ينظر لغزة وهي تموت دون أن يحرك ساكنا؟

كتبت الصحفية والشاعرة نور العاصي أول عمود لها من مسقط رأسها في قطاع غزة ، وقالت إنها تحلم بالرحيل بعد أن أنهكتها الأحزان و المجاعة والنفي القسري، ولكنها قبل ذلك تدعو العالم إلى مد يد المساعدة لأهل غزة. وفي مقال لها بموقع ميديا بارت، كتبت الصحفية التي عرفت نفسها بأنها عاملة في المجال الإنساني ونازحة داخل بلدها، أن غزة الآن ليست محاصرة بالقنابل والرصاص فقط، بل بالجوع أيضا، وبالتالي فإن أملها الضئيل في البقاء على قيد الحياة بدأ يتلاشى تدريجيا منذ أن منعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. هنا -كما تقول الكاتبة- ينام الناس بين القمامة دون مياه نظيفة ودون نظام صرف صحي مناسب ودون نظافة أساسية، ولذلك تتفشى الأمراض، ويموت الأطفال الذين أنهكهم الجوع بسبب الإسهال والتهاب الكبد الوبائي (أ) والتهابات الجلد. ومنذ انهيار وقف إطلاق النار الأخير، تقول نور العاصي "أصبحت أعمل بجهد أكبر، وكرست نفسي لإعداد التقارير حتى أثناء امتحاني الأخير، وفي كثير من الأحيان، أقف ساعات في الشارع تحت أشعة الشمس الحارقة والرياح الباردة لجمع شهادات من العائلات التي انهار عالمها". وتبرز الصحفية التي تعاني مشاكل في الجهاز الهضمي بسبب تناول الأطعمة المعلبة المنتهية الصلاحية أحيانا، أن الطبيب الذي استشارته شخّص آلام ساقيها الشديدة بأنها "تعود إلى ارتفاع معدل الترسيب الذي تفاقم بسبب الوقوف وسوء التغذية وانعدام العلاج"، وذلك في ظل انعدام الأدوية والفيتامينات، أي "استحالة الشفاء هنا". وذكّرت نور العاصي بحالة المصابين من ذوي الحروق الشديدة والجروح المفتوحة ومبتوري الأطراف، وقالت إنهم لا يحصلون على نصف الاحتياجات الغذائية اليومية الدنيا للبقاء على قيد الحياة، إذ يقول يحيى الذي لم تتلق إصابة ساقه العلاج "قيل لنا أن نتحلى بالصبر، ولكن كيف تطلب من رجل جائع أن يتحلى بالصبر؟". وقالت أم أحمد وهي تبكي "انظري إلى بشرة طفلي، التقطي له صورة حتى يرى العالم ما فعلت بنا لامبالاته"، وعلقت الصحفية بالقول "هذه ليست مجاعة طبيعية، بل هي أداة تستخدمها إسرائيل لكسر غزة، لكسر روحنا وإرادتنا في العيش على هذه الأرض. وهي تحقق ذلك". فـ"في كل يوم تجعل إسرائيل فكرة الرحيل النهائي أكثر جاذبية، وهي تريد منا أن نتخلى عن غزة، تريد إجبارنا على نسيان جذورنا وأحلامنا وتضحياتنا، حتى أصبح الكثير منا عندما يفكر في فلسطين يتذكر معاناتنا التي لا تنتهي من الجوع والجنائز والإذلال، ولن أكذب، أنا واحدة منهم. سأكون كاذبة لو قلت إنني لم أحلم بالمغادرة". وأشارت الكاتبة إلى أن الحرب تقترب من عامها الثاني بما فيها من دمار لا يمكن تصوره، ومع ذلك لم يتم إحراز أي تحرك حقيقي نحو إيجاد حل، موضحة أن ما يعيشه أهل غزة ليس مجرد كارثة إنسانية، بل هو مجاعة من صنع الإنسان في القرن الحادي والعشرين، ومجازر في وضح النهار، والعالم لا يحرك ساكنا. وختمت نور العاصي بالقول "أكتب هذا لا كصحفية، بل أيضا كناجية، جريمتها الوحيدة أنها ولدت في غزة. أكتب لأن أصوات شعبي تغرق في هدير الظلم، ولأننا حتى في مواجهة الجوع والنزوح والموت، لا نزال متمسكين بإنسانيتنا".

عشرات الشهداء بغزة والاحتلال ينفذ "خطة ممنهجة" لتدمير القطاع الصحي
عشرات الشهداء بغزة والاحتلال ينفذ "خطة ممنهجة" لتدمير القطاع الصحي

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

عشرات الشهداء بغزة والاحتلال ينفذ "خطة ممنهجة" لتدمير القطاع الصحي

أفادت مصادر طبية باستشهاد 53 فلسطينيا منذ فجر اليوم الثلاثاء في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استهدف مواقع نازحين وطال عددا من المراكز الصحية في "خطة ممنهجة لتدمير القطاع الصحي"، وفقا لمدير المستشفيات المدنية بغزة مروان الهمص. وأفاد مراسل الجزيرة في غزة بسقوط 12 شهيدا في قصف للطائرات الحربية لمدرسة موسى بن نصير التي تؤوي نازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة. كما أفاد المراسل بارتفاع عدد الشهداء إلى 15 إثر قصف إسرائيلي استهدف محطة راضي للبترول المكتظة بالنازحين غرب مخيم النصيرات وسط القطاع. وارتفع عدد الشهداء إلى 13 إثر قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة أبو سمرة في شرق مدينة دير البلح وسط القطاع. وأفاد المراسل بسقوط 9 شهداء بينهم نساء وأطفال من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة المقيد في معسكر جباليا شمالي القطاع. واستشهد فلسطيني في قصف إسرائيلي على شارع السكة في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة. كما استشهد فلسطينيان وأصيب آخرون في قصف مسيرة إسرائيلية منطقة المنارة شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة. في غضون ذلك، تمكنت طواقم الدفاع المدني في شمال قطاع غزة من إخماد حريق اندلع في مولدات الكهرباء داخل المستشفى الإندونيسي، عقب استهداف مباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. إعلان وكانت قوات الاحتلال قد حرمت فرق الدفاع المدني من الوصول إلى المستشفى الإندونيسي، بعد قصف استهدف منطقة المولدات وأدى إلى اشتعال النيران فيها لساعات، وسط حالة من الذعر بين المرضى والأطقم الطبية. بدوره، قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة مروان الهمص إن الاحتلال يعمل وفق خطة ممنهجة لتدمير القطاع الصحي. وأضاف، في حديثه للجزيرة، أن استمرار حملة جيش الاحتلال على المنظومة الصحية يهدد حياة سكان القطاع. واستهدفت الغارات الإسرائيلية أمس مخزن الأدوية الرئيسي في مستشفى ناصر. وقالت وزارة الصحة في غزة إن القصف تسبب في حرق كميات كبيرة من الأدوية القليلة المتبقية في المخزن. وشنت قوات الاحتلال غارات على مستشفى غزة الأوروبي شرقي مدينة خان يونس. وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تدمير أو تضرر 92% من منازل غزة، في وقت تواجه فيه العائلات "دمارا لا يصدق" جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع. وأكدت الوكالة أن عددا لا يحصى من أهالي القطاع نزحوا عدة مرات في ظروف نقص في المأوى. وحسب أحدث بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في الثامن من مايو/أيار الجاري، فإن 38 مستشفى و81 مركزا صحيا و164 مؤسسة صحية تعرضت للتدمير أو الحرق أو الإخراج عن الخدمة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية. وتواصل إسرائيل حرب إبادة جماعية واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store